رئيس عبد الفتاح السيسي :  ثورة الثلاثين من يونيو كانت أرقى صيحات التعبير عن أقوى الثوابت المصرية وأشدها رسوخا وأكثرها نبلاً، وهي الانتماء للوطن والولاء للأرض

كتب: حافظ الشاعر

لم تكن ثورة الثلاثين من يونيو مجرد لحظة عابرة عبر فيها المصريون عن غضب أو سخط أو امتعاض، بل كانت أرقى صيحات التعبير عن أقوى الثوابت المصرية وأشدها رسوخا وأكثرها نبلاً، وهي الانتماء للوطن والولاء للأرض. إننا وإذ نحتفل اليوم بالذكرى الثامنة لثورتنا المجيدة، أتوجه برسالة غالية إلى كل من ضحى وقدم روحه ثمنًا لرفض التطرف والإرهاب، وأقول لهم: لن ننساكم.. أنتم في قلوبنا، نفخر بكم وننحني إجلالًا لأرواحكم الطاهرة.

كما أتوجه بتحية تقدير وإجلال لشعب مصر العظيم الذي أثبت للعالم كله أنه الشعب الأكثر صبرا والأصدق عزما والأشد يقيئًا بدولته ومؤسساته الوطنية.. وها هو يثبت للعالم كله صحة اختياراته مقدما على إعلان الجمهورية الجديدة بتحمله وصبره وقدرته على صنع المستحيل وهزيمة التحدى. حفظ الله مصر وشعبها إلى يوم الدين.

المصدر: الصفحة الرسمية لرئيس الجمهورية

الدكتور عادل عامر يكتب عن : 30 يونيو ثورة تصحيح شعب

أثرت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بشكل كبير، فضلاً عن تخفيض قيمة الجنيه، علي التعامل داخل البورصة المصرية، فزادت خسائر حائزي الأوراق المالية، وهرب أغلب المستثمرين الأجانب، وانخفض تصنيف مصر الائتماني لعدة مرات، الأمر الذي عكس خشية المستثمرين علي استثماراتهم في مصر.

أن ثورة 30 يونيو، لم تكن لإسقاط نظام حكم الإخوان في عام 2013 فقط، بل كانت ثورة لتصحيح مسار دولة، طالب بها شعب وحماها الجيش، لاستعادة الدولة المصرية بعد اختطافها، وبالفعل تمكن الشعب المصري من إزاحة الجماعة من الحكم،

وإنهاء حكمها الذي استمر لمدة عام فقط، من خلال توحد مختلف لأطياف المجتمع، حيث تخلى الجميع عن الخلاف والاختلاف، لأجل أسمى وهو إنقاذ مصر من براثن العنف والتطرف والإرهاب، والحفاظ على هويتها وحضارتها.

رسخ حكم مرسي علي مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامي الذي يمثله الرئيس وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف في أغلب الأحيان بــ “العلماني”. وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج، اتجه إلي التناحر والعراك بين التأييد والرفض.

عمل حكم مرسي وبسرعة كبيرة علي ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامي الشعور المعادي له من يوم لآخر.

كثيراً ما تحدث حكم مرسي عن أمر وفعل نقيضه في الحال، وابرز مثال علي ذلك الحديث عن حماية الأقباط، واستهداف دور عبادتهم في ذات الوقت.

شهدت مصر خلال عام من حكم مرسي أعمالاً فوضوية وهمجية غير مسبوقة بعضها كان بتحريض من الرئيس وجماعته كحادث قتل الشيعة بالجيزة. الهدف الأساسي لحكم مرسي كان الاقتراض من الخارج، سواء من قبل دول سايرت مشروع قدوم الإخوان للحكم كقطر، وتركيا،

أو من خلال السعي للسير في ركب التوجهات الغربية عبر إيلاء قرض صندوق النقد الدولي الأهمية باعتباره شهادة حسن أداء للاقتصاد.

 ومع تراجع الناتج القومي جراء عدم الاستقرار السياسي والأمني، ارتفع حجم العجز بالموازنة، ومن ثم ارتفاع حجم الدين المحلي الذي شكلت خدمة الدين بسببه عنصراً ضاغطاً إضافيا علي الموازنة. فضلاً عن استهلاك رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي، وارتفاع قيمة الدين الخارجي بنسبة 30%.

ارتبك الحكم في مواجهة كافة المشكلات الاقتصادية، فارتفع عدد المصانع المتعثرة، وازداد معدل البطالة بين فئات قطاعات التشغيل كافة، وتراجعت معدلات السياحة إلي مستوي متدن، وجاءت المعالجة السلبية لسعر صرف الجنيه لتزيد من الضغوط الحياتية علي المواطنين. وفشل الحكم في تحديد معدل نمو خلال عام الحكم يمكن الاسترشاد به محلياً ودولياً.

أثرت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة بشكل كبير، فضلاً عن تخفيض قيمة الجنيه، علي التعامل داخل البورصة المصرية، فزادت خسائر حائزي الأوراق المالية، وهرب أغلب المستثمرين الأجانب، وانخفض تصنيف مصر الائتماني لعدة مرات، الأمر الذي عكس خشية المستثمرين علي استثماراتهم في مصر.

جاءت ثورة (30 يونيو) استجابة لمطالب الشارع المصري في مواجهة نظام لم يحقق آمال وتطلعات الشعب، حيث تميزت عن غيرها من الثورات باصطفاف مختلف أطياف الشعب، بمختلف فئاته الاجتماعية والسياسية والثقافية، والتي توافقت ضمنيًا فيما بينها على ضرورة الإطاحة بسلطة هذه الجماعة الإرهابية، التي وضعت المجتمع المصري أمام خطر اندلاع الصراعات الطائفية والمذهبية.

فمنذ وصول جماعة الإخوان إلى الحكم في يونيو 2012 برئاسة محمد مرسي، عملت على خلق حالة من الاحتقان والاستقطاب الحاد داخل المجتمع، وتبنت سياسات تخدم مصالحها وأجندتها الخاصة دون النظر لمصالح الدولة والشعب، حيث سعت إلى بناء دولة دينية ترسخ مفهوم “الأخونة” ويتم فيها إقصاء وتهميش الأقباط، وزرع بذور الشقاق بين أبناء الوطن الواحد.

وجاءت ثورة (يونيو) لتثبت أن هذه الجماعة الإرهابية لم تكن أهلا لحكم البلاد، وتعبر عن رفض الشعب المصري تفكيك وحدة الوطن والتفرقة بين نسيج الأمة الواحدة.

وصنع شعب مصر، بثورة (30 يونيو) فصلا في دستور الثورات محفورا في التاريخ الإنساني، حيث ولدت تلك الثورة من قوة الشعب، ونبعت من إيمانه بوحدته وتكتله، فبرهنت على أن الإيمان والوحدة قادران على التصدي لقوى الحكم التي خدعت الشعب باسم الدين، فالثورة هي إحدى وسائل الإصلاح، وأداة من أدوات التغيير، وحين تسد منافذه السلمية تضطر الشعوب إلى ركوب موجة الثورة العالية ودفع مستحقاتها المرتفعة.

وتابع العالم بدهشة الانفجار الانشطاري للشعب المصري، الذي جاء نتيجة حتمية ومتوقعة للظروف الموضوعية المشتركة التي عانى منها المصريون على مدى عام كامل، أذ لم يتحقق فيه التغيير الحاسم المكتمل والإصلاح الحقيقي الشامل الذي حلموا به في ثورة 25 يناير، حيث كان هدفهم الثوري الذي تجمعوا حوله هو (عيش حرية عدالة اجتماعية).

وانطلقت الثورة لما تهيأت لها الظروف المواتية، وامتلكت شروط النجاح، شيء ما عظيم استطاع أن يلم هذه الحشود الغفيرة من المصريين من مختلف الأعمار، وحركها في إرادة واعية لطلب التغيير، تجميع الشعب في كتلة بشرية واحدة، تحولت إلى قوة ضرب حاسمة غير قابلة للتردد ولا للانشقاق أو التفتيت، فلم يكن لأحد أن يحرك الشعب ما لم تتحرك فيه دوافع تستجيب لحاجاتها وقناعاتها، وتجسد آمالها وتطلعاتها.

تولدت إرادة التغيير لدى الشعب من الإيمان بهدف واضح بلغ في النفوس درجة اليقين، وكان الهدف هو المطالبة بالرحيل، وجاءت قوة التغيير من اتفاق أكثر من 30 مليون مصري على هذا الهدف، وحدة الهدف ووضوحه هما ما منحا الشعب التماسك والتكتل المطلوب لنجاح ثورته.

واستطاعت الثورة أن تركز هذه الحاجات في جملة واحدة هي (أرحل) وتجمعت غايات المواطنين المتفرقة، ومطالبهم المختلفة حولها، فقد برهنت لهم خبرتهم العميقة وتاريخ المعاناة الطويل أن “النظام” هو المسئول الحقيقي عن المعاناة التي يعيشوها، وعن الانتهاكات الصارخة للحقوق والمقدسات، وعن تهديد المواطنين في أمنهم وقوت أولادهم وعقائدهم.

وبلغت الثورة أقصى ثقلها الواقعي عندما تجسدت في شخص الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، الذي تبنى الثورة، وبادر إلى التضحية والبذل في سبيلها، وجسد هدفها في صور واقعية حركت حزب الكنبة، واستطاع الشباب أن يقدموا النموذج الجدير بالاحتذاء إلى شعوبهم، فكان التكتل والتمرد، وبدأت الإرهاصات من القمة وتبنته القاعدة الشعبية العريضة، فحظى مبدأ الثورة في لحظة انفجرت فيها إرادة المصريين.

التضحيات بالنفس والآلام التي شعر بها الأغلبية من المصريين كانت قوة إيجابية تعادلت مع قوة اليقين بالنصر والأمل بالمستقبل، والاعتقاد الراسخ بالقدرة على تحقيق الإنجازات، حيث تكفلت إنجازات الثورة ومكاسبها على الطريق بمدها على مدى سنواتها السبع بالوقود والطاقة اللازمين لامتداد مساحتها سنوات وسنوات وجذب أنصار جدد لها. إن 30 يونيو 2013 أسقطت احتلال الإخوان لمصر، وكشفت عن الوجه القبيح للجماعة الإرهابية أمام العالم.

وللإطاحة بالتحديات السابقة؛ جاءت ثورة 30 يونيو 2013، مطالبة بسقوط حكم الإخوان، واستعادة الدولة المصرية بعد اختطافاها من أيادي الشر، وبالفعل نجحت إرادة المصريين في إزاحة ستار الظلام والعنف التي وُصمت بها الدولة المصرية بعد أن ارتكبت جماعة الإخوان الكثير من الخطايا والجرائم للإضرار بأمن الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.

ونجحت ثورة 30 يونيو في إفشال المؤامرات الدولية التي كانت تحاك لتقسيم مصر ومحاولة تفكيك الجيش وخلق فوضى خلاقة في البلاد، وانتصرت الثورة لإرادة المصريين في 3 من يوليو 2013 بعد فترة حكم عصيبة للجماعة الإرهابية، واستطاع الشعب المصري ومعه قيادة مخلصة أدركت خطورة ما يحاك للوطن أن يكتبوا ” الخلاص” للوطن من حكم الإخوان الذين مارسوا كل السياسات القمعية، وأضروا بمصلحة البلاد.

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

محكم دولي معتمد

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

كذبة الماء..بقلم : كريم السلطانى

كَذَّبَه الْمَاء

لاتبحر

الْأَرْضِ فِي النَّهْرِ

تَغْتَسِل بِرَائِحَة الْأَكْفَان

لاعودة لِلطَّرِيق وَالْمَطَر

يَرْسُم وَجْه غَيْمُه

عَلَى غُصْنٍ مِنْ الْأَغْصَانِ

أَمْواج فِي عُقْرِ النَّار

وَصَلَوَاتٌ فِي آخِرِ النَّهَارِ

وصهيل خُيُول

فِي طَرَفِ الْأُفُق

تُصْبَغ أَطْرَافِهَا بِلَوْن الخُضَّار

بَيْن مُوَجَّهٌ وَأُخْرَى

بُقْعَة دَمٌ بِلَا اِحْمِرَار

صَفٌّ مِنْ الْأَمْوَاتِ

يتنظرون مالذي يَسْقُطُ مِنْ السَّمَاءِ

رُبَّمَا رِيشَة كَانَت

تتسلى فِي الْأَعْصَارِ

أَوْ ثَمَرِهِ حَان قِطَافِهَا

رُمْتهَا المالائكة

لتلهو بِهَا الصِّغَار

الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن : قلبُ ريفلين على الكيانِ وقلبُ أحزابِه على حجرٍ

يقوم رئيس الكيان الصهيوني المنتهية ولايته رؤوفين ريفلين بزيارةٍ أخيرةٍ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مصطحباً معه عدداً من الشخصيات والفعاليات وممثلي الجماعات والهيئات الإسرائيلية، بالإضافة إلى ليئا غولدن والدة الجندي الإسرائيلي هدار غولدن المفقود في قطاع غزة، وذلك بالتنسيق مع المنظمات اليهودية الأمريكية، ومنظمة إيباك الصهيونية، وغيرهم من الهيئات الصهيو أمريكية التي تعتبر مساندةً للكيان الصهيوني وداعمةً له، وحريصةً على مصالحه وخائفة على مستقبله، في ظل تغطية إعلامية أمريكية لافتةٍ وغير مسبوقةٍ، ذلك أن الرئيس الإسرائيلي وفقاً للقانون الإسرائيلي لا يتمتع بصلاحياتٍ سياسية، وليس من مهامه إجراء محادثات وتوقيع اتفاقيات، ورسم سياسات وتحديد مساراتٍ.

يدرك الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الذي خاض كيانه أربعة انتخاباتٍ برلمانيةٍ فاشلةٍ، وإن أفضت آخرها إلى تشكيل حكومةٍ ائتلافيةٍ من اليمين واليسار والعرب، إلا أنها توصف بأنها حكومةٌ ضعيفةٌ هشةٌ، لا تستند إلى كتلةٍ برلمانيةٍ كبيرةٍ، الأمر الذي يجعلها عرضةً للسقوط والانهيار عند أي منعطفٍ سياسي أو تحدي اقتصادي، أن كيانه في خطرٍ شديدٍ، وأنه يواجه تحدياتٍ كبيرةٍ ومتغيراتٍ غير مسبوقةٍ، وأن بنيته السياسية مهزوزة، وتركيبته الاجتماعية قلقلة، وجبهته الداخلية متصدعة، وأحزابه منقسمة، وهو يواجه منعطفاً تاريخياً في سياساته الخارجية وتحالفاته التاريخية، خاصةً بعد الحرب الأخيرة ضد قطاع غزة، وسياسات حكومة كيانه في القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية.

حاول الرئيس الإسرائيلي الذي ينتمي إلى حزب الليكود تاريخياً، أن يصوب البوصلة الإسرائيلية، وأن يواجه الأحزاب السياسية، وأن يرأب الصدع بين قادتها، ويوحد صفوفها في مواجهة التحديات المستجدة على كيانه، إلا أن جهوده باءت بالفشل نتيجة تعنت صديقه القديم الذي فقد منصبه في رئاسة الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وبسبب حقد قادة الأحزاب الأخرى عليه، وإصرارها على التخلص منه وتغييره، غير عابئين بالتحديات التي يواجهها كيانهم، والمرحلة العصيبة التي يمر بها شعبهم، نتيجة وباء كورونا وانكماش الاقتصاد وتوقف عجلته العامة، وتراجع الميزانيات الخاصة بالجيش والأمن والصحة، وعدم القدرة على المصادقة على جديدها وصرف المستحقات منها.

لهذا تأني زيارة ريفلين إلى الولايات المتحدة الأمريكية على رأس وفدٍ كبيرٍ، للقاء مسؤولين كبارٍ فيها، لحثهم على عدم تغيير سياستهم تجاه كيانه، والاستمرار في دعمه ومساندته، والوقوف إلى جانب الحكومة الحالية برئاسة نفتالي بينت لضبط مسارها وتحسين أدائها وتثبيت سياساتها، وإلا فإن كيانه في حال سقطت الحكومة أو فشلت، أو تورطت في مواجهاتٍ غير محسوبةٍ، فإنه سيذهب نحو مزيدٍ من التمزق والتشتت، وسيضطر إلى خوض انتخاباتٍ جديدةٍ لن تغير من الواقع شيئاً.

كما يخطط رفلين للقاء عددٍ كبيرٍ من سفراء الدول وممثليها في الأمم المتحدة، ليستعرض أمامهم التحديات الجديدة التي يواجهها كيانه، والتهديدات التي تسببها “الفصائل الفلسطينية” في قطاع غزة، والأضرار الكبيرة التي لحقت بهم نتيجة الصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على مدنهم وبلداتهم، وليحثهم على الطلب من حكومات بلادهم عدم تغيير سياستهم تجاه كيانه، وعدم المساس بالأسس التاريخية التي قامت عليها العلاقات معهم، فبلاده التي لا تستغني عن الدعم الأمريكي والغربي لهم، وهي التي قامت ونشأت نتيجة دعمهم وتأييدهم للحق اليهودي في الدولة والحياة، ما زالت تواجه تحديات البقاء والاستمرار في المنطقة.

يحرص الرئيس الإسرائيلي خلال زيارته ولقائه المسؤولين الأمريكيين وسفراء ممثلي دول العالم، إثارة قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى والمفقودين في قطاع غزة، إذ اصطحب معه والدة هدار غولدن، لبيان حجم معاناتها وشديد ألمها، نتيجة غياب ابنها، وعدم قدرتها على معرفة مصيره، وقد شاركته اللقاء مع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وطلب منه ممارسه دوره وصلاحياته في الضغط على الفلسطينيين للإفراج عن المفقودين الإسرائيليين، وأكد له أنه لا مباشرة لأعمال إعمار قطاع غزة قبل استعادة جنودهم.

ودعاه إلى الكف عن تبني قرارات إدانة كيانه، واصفاً إياها بأنها قرارات عنصرية تثير الكراهية، وأنها تصنف ضد السامية، ورفض سياسة تشكيل لجان تحقيق دولية ضد السياسات الإسرائيلية، واعتبر أنها تهدد مستقبل بلاده، وتقوض أركانه، وطالبه بالكف عن سياسة التحيز ضد إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة، واصفاً إياها بأنها سياسة خاطئة، تهدد مساعي بناء الثقة ومشاريع العيش المشترك في منطقة الشرق الأوسط.

لا يخفي الرئيس الإسرائيلي تأييده لوجهة النظر الأمريكية القائمة على حل الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية، ويري أنه الحل الأنسب والأفضل، والقابل للحياة والاستمرار، والذي من شأنه أن يخلق الاستقرار في المنطقة، وأن يجعل كيانه كياناً مشروعاً في المنطقة ومعترفاً به، ورغم أنه لا يؤثر في السياسة الإسرائيلية التي ترسمها الحكومة ورئيسها، إلا أنه يحاول نشر أفكاره وتعميم رؤيته، إحساساً منه بأن السياسة التي تتبعها حكومات كيانه تعجل في نهاية وجودهم وتفكيك كيانهم، أو دفعه لمواصلة العيش في ظل الحروب والقتل، وفقدان السلام والأمن، وشيوع الكراهية والعنصرية، فهل يدركه الزمن ويسعفه القدر، أم تعجل بنهايته عنصرية حكومته وعدوانية مجتمعه.

بيروت في 30/6/2021

مصطفى منيغ يكتب من بروكسل عن : ظِلُّ مِظَلَّة مُظَلِّلَة

ما وقع بين المغرب واسبانيا ، ومُتواصِل وقوعه لم يتجاوز بعد مرحلته الأولي  ، سببه الأعمق والأكبر والأخطر ، لا علاقة له برئيس البوليساريو ولا الجزائر نفسها ، وإنمَّا بحماقة فكرّت فيها حكومة الجارة الإيبيرية ، وبغباوة شديدة بدأت تنفيذها ، دون أن تدرك أن تحركاتها في ذاك المجال ، مسجَّل خطوة تلاحق خطة لدَى مغاربة أوفياء ، الأمر متعلّق بإقبال اسبانيا على معاقبة النظام الملكي المغربي ، بل أكثر دقة الملك محمد السادس ، لاعتبارات رأتْها (بنظرتها الضيقة) أنها اقرب للمنطق ، وممكن الاعتماد عليها لتمرير رغبتها اللامنطقية لدى العقلاء خارجها ، مستصغرة ردّ الفعل المغربي لدرجة قلّلت من حجمه لأنها (كما تخيّلت نفسها) العُظمى والمغرب لا زال دولة تمسك  بحبال جهات هناك لتستمر لأجل محدود طبعاً ، وحينما نقول اسبانيا نقصد بها الحكومة وليس الملك الاسباني ، الذي لا يملك من أمره الا إتباع ما تُقََرِّرُ في شأنه تلك الأخيرة، مُحتَفَظ به كرمزٍ أثناء مناسبات احتفالية أكانت فنية أو ثقافية أو تاريخية ، لا يحكم ولا يتحكَّم مجرد موظف يمثّل الدولة ويأخذ أجرة مالية عن ذلك ، وكما سمعتُ من أصدقاء محللين سياسيين كبار ، وأنا مقيم في العاصمة الكتلونية “برشلونة” أن الملكيَّة في اسبانيا آيلة لنهاية قريبة . حينما نقول اسبانيا لا نعني أغلبية الشعب الاسباني ، ولا أحزاباً سياسية اسبانية ، تعي ما تفعل ولها مع المغرب ما يجعلها أهلا لممارسة السياسة ، المدركة مصالح الشعب الاسباني المقامة على التعاون الايجابي والتضامن الإنساني والرابط التاريخي في شقه لعادل مع المملكة المغربية الشريفة . بالتأكيد الحكومة الحالية لها السّبق في تفجير الرمانة ، لتظهر حبَّاتها المتعفّنة الرامية لنبش حصانة الملك المغربي وهي علي يقين أنها قادرة على ذلك  لغرور أصابها ، ذاك الممزوج بقلّة الخبرة ، والأهمّ جهلها لما يمثل الملك محمد السادس بالنسبة للمغرب نظاماً ودولةً وحكومةً وشعباً ، مغيّبة عن ذهنها أنه كل شيء في الجسد المغربي العقل والقلب والضمير ، مَن تقرّب إليه بالحسنى الثابتة استفاد من الثلاثة ، ومَن حاول التفكير مجرّد التفكير في المسّ به ولو عن بعد ، استُبعِدَ كما يستحقّ وبما يستحقّ من الثلاثة أيضا . نسيت الحكومة الاسبانية عن قصد أن الملك محمد السادس حاصل من جامعة نيس سوفيا أنتيبوليس، على الدكتوراه في القانون بميزة مشرّف جداً مع تهاني لجنة المناقشة ، وكانت أطروحته موضوعها “التعاون بين السوق الأوربية المشتركة والمغرب العربي” كما  قضى أشهراً من سنة 1988 في “بروكسيل” للتدريب لدى رئيس لجنة المجموعات الأوربية ، وكان وقتها السيد جاك دوور . زد على تلك الدرجة العلمية الرفيعة إتقانه اللغة الاسبانية قراءة وتحريرا وتحدُّثا على أعلى مستوى ، ليحضّرّ نفسه للمواجهة الكبرى بينه واسبانيا حالما تحكمها جماعة مثل المتحركة سياسيا بلا محرك دبلوماسي جيّد ، المقبلة على مواجهة غير قانونية مع الأقدر منها معرفة للقانون ، المحاولة السيطرة خارج مقاييس السيطرة نفسها لحلم عنكبوتي السمات تعايش السراب لتعود متدليا في النهار كالخفاش .

… لم تكن الحكومة الاسبانية الحالية في مستوى التخطيط الجيّد لما تحدّت بباطلها حق المملكة المغربية في تكريس أي سياسة إنمائية على مجموع ترابها من طنجة إلى “الكورية”  لم تكلّف نفسها دراسة تاريخ ملوك المغرب وانجازاتهم الملتحمة مع عصر حكمهم ، وحتى تفهمَ المعنى المفصود ، أن الملك الراحل الحسن الُثاني كرّسَ جهده على امتداد حكمه لترتبط الصحراء المغربية المُحرَّرة باسمه ، لذا الشمال كان عليه الانتظار لأجل مُسمى ، فحسبت اسبانيا “المعششة” بين أطرافه بأراضي مغربية لا زالت محتلة من طرفها حتى الآن كمدينتي “سبتة” و”مليلية” ، أن المنطقة بما فيها مدن الفنيدق ، والمضيق ، ومرتيل ، ووزان ، والشاوون ، والناظور ، والحسيمة ، وتطوان ، وطنجة ، وأصيلة ، والعرائش ، والقصر الكبير ، متروكة للأزل لتصول اسبانيا وتجول فيها ، تجارياً واقتصادياً كما يحلو لها ، لمَّا اعتلى الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين ، لم تكن تظن أن اسمه سيرتبط بنهضة الشمال ، وإنقاذه من أنياب اسبانية تخصصت على امتداد عقود في امتصاص خيراته والاستيلاء بشكل أو آخر على مجمل ثرواته.

كان على الملك محمد السادس ، وهو الخبير بالشؤون الأوربية عامة والاسبانية خاصة ، أن يضعَ برنامجاً لا يشاركه فيه أحد لينجحَ في تنفيذه ، على غرار ما طبَّقه والده الراحل الملك الحسن الثاني ، وهو يخطّط لمسيرة خضراء لتحرير الصحراء  في سرِّية مُطلقة ، لأنه يعلم أن المسألةَ متعلّقة بدولة تُظهر أنها المِظلّة السياسية  للمغرب ، تقيه غزارة ما قد يهطل عليه من أطماع شمال المتوسِّط شتاءا ، ومِن قََيْظِ  رغبة غرب الأطلسي في مقاسمته ما يملك  صيفاً ، وما كان المغرب ليستظلّ بمظَّلَة مُضلِّلَة وهناك مِن الدلائل ما يجعل تلك الدولة الاسبانية بما تفكِّر فيه اتجاه المغرب من قديم جد متأخّرة . كان على الملك محمد السادس أن يضبطَ الأمور بمحرِّكٍ بطيء يعتمدُ على طاقة ذاتية ، لا يُحدِث صوتاً ولا ينفث دُخاناً ولا يَقف عند حدٍ معيَّن ، ملتزماً بضبط النّفس عن ممارسة دبلوماسية هادئة لا تُبرز عصبية معيّنة ، ولا تُلمَِّح لتسرُّع ما ، ولا تساعد أي طرف في فهم سمة مرحلة قادمة ، كانت اسبانيا تستشعر دنوِّها على عكس ما تَرْضَى ، لكنها لم تمسك أي خيط ترتاح به لتستعدّ  مًسبقاً  حتى لا تُصطدَم بمفاجأة ثانية من عيار المسيرة الخضراء .

… لو كانت المخابرات الاسبانية متعمّقة في فهم عقلية النّظام المغربي كما ادّعَى أحدهم التَقَطْتُ كلامه خلال تواجدي بإحدى المقرات الرّسمية في مدينة “سبتة” المُحتلة لأمرٍ سأعود لشرحه مُّستقبلاً ، لو كانت كذلك لانتبهت لحادث  جد مهم ، حينما التجأت السلطات المغربية لتغيير مقرات استغلَّتها البعثة الدبلوماسية الاسبانية ، المهمَّة العدد والعُدَّة لمزاولة نشاطها ، لتعوِّضها ببنايات أخرى مناسبة ، حتى إذا استثبّ الأمر ، استيقظت “تطوان” ذات صباح على تشييد قصر ملكي جديد فوق مساحة غاب عنها ، منذ تلك اللحظة  ما كان يُعرَف ب “الفَدَّان”، كان من بين المُشرفين على عملية التشييد تلك ، الوالي والعامل “مُحْسِن الترّاب” الذي صرّح لي : أن القصر بابه سيكون أكبر أبواب جميع القصور الملكية الموجودة عبر المملكة المغربية ، فلمّا رآني أضحك سألني  مستعرباً عن السَّبب قلتُ له : أتخيَّلُ موقف اسبانيا في يوم يُؤرِّخ لنهاية نفوذها داخل هذا الشمال ، طلبََ منّي أن أوضِّح أكثر فالتزمتُ الصمت ، وكان عليه أن يعي من تلقاء نفسه ، أن أموراً جذرية ستتغيَّر في هذا الشمال ، وما القصر المشيَّد إلا بادرة خير لإقامة ملك قادم عهده متَّسم سيكون ، بإعادة هذا الجزء من المغرب إلى موقعه المشرِّف بما سيتضمنه من انتصارات أولها وضع حدٍ لاحتكار اسبانيا موارده حتى البشرية .

… جزء كبير من جنوب اسبانيا ازدهر في مراحل معينة على حساب ما كانت الأخيرة تحصل عليه من منافع مصدرها الشمال المغربي ، عن طريق “مْلِيلِيَّة” أولاً و”سبتة” ثانياً ، ممَّا شكَّل ازدهار لم تتنازل تلك الدولة الجارة ولو على جزء بسيط منه لوليّ نعمتها المغرب ، بل عمدَت إلى المزيد لتحيا مدن مثل “تطوان” و”العرائش” و”شفشاون” و”القصر الكبير” أزمات اقتصادية خانقة ، ما فجَّر بين الحين والآخر احتجاجات شعبيَّة تُقابَل عادة بقمع السلطات  الأمنية المحلية تارة ، وأخرى بدرّ الرماد في العيون لبسط هدنة اجتماعية هشّة لا فائدة من اتخاذها قاعدة لاستقرار دائم ، ممّا ساهم في إنعاش المعارضة بشكل غير مسبوق ، مَثَّلَ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طليعة طالت جماهير القرى قبل الحواضر ،  لجعل الشمال يغلي على حافة بركان مرشح للانفجار في أي لحظة من لحظات تلك المرحلة المُحزنة ، والسبب اسبانيا المنتهي لأمرها غنائم أبعد ما تكون عن حقها ، لكن ما باليد حيلة إلا الرضّوخ لمسلك التعاطي مع التهريب ، وفق شروط المهيمنين على مجاله ، التي تجعل منهم حكاماً غير شرعيين ، لهم أعوان وعيون وعصابات تفنَّنت في تعذيب وتشريد أبرياء واغتصاب نساء بالعشرات يومياً ، وكَأنَّ الشمال من الناظور فالحُسَيْمَة إلى تطوان ، مجرَّد مواقع استوطن الفساد فيها على يد مفسدين جسدهم في المغرب وعقلهم في اسبانيا . لم تكن حكاية سمعتها من الاغير بل عايشتها ومن كان مثلي في تلك المرحلة المؤلمة لحظة بلحظة ، لأكتبَ عنها عشرات المقالات في العديد من الصحف ، كلما عدت إليها أشعر بالافتخار لأنني تنبَّأت بما حصل ، وأمسك الملك محمد السادس عند توليه حكم للبلاد بزمام الشمال ليشرع في تنفيذ ما خططه في صمت معتمدا على إرادته الملتحمة أشدّ ما يكون الالتحام بمثل المنطقة التي ميزت عهده بما تحياه الآن من كرامة واستقلال حقيقي ضامن لها الانطلاقة الحميدة لتحقيق ما تطمح إليه في ظل سلم اجتماعي واستقرار يُضرب به المثل على الصعيد الدولي . أما اسبانيا فما عليها إلا الرجوع لأصلها لأيامٍ ، ما كان عليها أن تحذف أحداثها المؤسفة من ذاكرة هذا الجيل ، ليعلم أن المغرب ضَحَّى من أجل إنقاذها أكثر من مرة ، لتقفَ على رجليها ، قبل وبعد الحرب الأهلية التي مزقت بها نفسها بنفسها ، وبدل أن تجاوره على صدق وإعادة ما نهبته منه من أراضى ومدن ، تتورَّط في اعداد مؤامرات للتضييق والضغط على ملكٍ أحبّ شعبة وكرّس كل حياته لتخطيط وتنفيذ ما يجعله وطناً حراً كريماً كامل السيادة على حقوقه مهما كانت وكيفما كانت .