العلاقات الثقافية العراقية الأمريكية في مئة عام ” بعثات التنقيب الآثارية إنموذجاً “.

بغداد-الزمان المصرى : ساهرة رشيد

    أنجزت الباحثة الدكتورة فاتن سعد عوده كتابها الموسوم (العلاقات الثقافية العراقية الأمريكية في مئة عام” بعثات التنقيب الآثارية إنموذجاً” ضمن فعاليات وزارة الثقافة والسياحة والآثار للاحتفال بالذكرى المئوية لتاسيس الدولة العراقية.

فقد اوضحت د. فاتن ان هذا الكتاب محاولة جادة لفهم أعمق للمنجز العلمي الذي خلفته بعثات التنقيب الأمريكية في العراق ، ودور تلك البعثات في إبراز الجانب الحضاري والثقافي للعراق، لاسيما اذا ماعرفنا ان البعثات الآثارية عُدت اليوم وجهاً مهماً من وجوه تعزيز العلاقات الثقافية بين الدول.

وأكدت د. فاتن أن الدراسة استمدت مادتها من مجموعة من المصادر المتنوعة تتراوح بين الوثائق الغير منشورة والدراسات الوثائقية باللغة الانكليزية، وتشكل الوثائق الغير منشورة المصدر الاهم للكتاب، إذْ كانت خير معين لرفدها بمعلومات قيمة خصت سير عمل البعثات الآثارية في المدن العراقية.

وقد أشارت الدكتورة إلى ان هذه الدراسة  التوثيقية تغطي سير عمل بعثات التنقيب للجامعات الأمريكية في المواقع الأثرية في العراق لمدة زمنية تبلغ في حدود المئة عام.

وقد اشتمل الكتاب على ثلاثة فصول مع الملاحق التي وثقت المعلومات الواردة في ثنايا الدراسة.

شرح الفصل الأول من الكتاب  (البواكير الأولى للنشاط الآثاري الأمريكي في العراق منذ قدوم أول بعثة تنقيب في مدينة نفّر في المدة الواقعة بين عامي (1888-1898 )، وإلى نشاط بعثات التنقيب الأثارية بعد تأسيس الدولة الحديثة في العراق في العام 1921. وإلى تأسيس دائرة الآثار القديمة وإنشاء المتحف العراقي. وعرج الفصل على أثر قوانين الآثار العراقية على قدوم البعثات الآثارية.

وبحث الفصل الثاني النشاط الآثاري للبعثات الأمريكية في المدة الواقعة بين عامي 1958-2003 ، واختتم الفصل بدراسة تبادل الخبرات الثقافية وأثرها في تطور الجانب الآثاري في العراق.

في حين بين الفصل الثالث النشاط الآثاري للبعثات الأمريكية في العراق بعد العام 2003 ولغاية قدوم آخر بعثة لمدينة نفّر في المدة الواقعة بين عامي 2019-2020.  واشتملت الملاحق على مجموعة من الوثائق المهمة ، فضلاً عن صور من عمليات التنقيب واللقى الأثرية في المواقع التي نقبت بها البعثات.

ويذكر أن مركز الدراسات والبحوث في وزارة الثقافة والسياحة والآثار كلف باحثيه بالكتابة عن اهم المنجزات الثقافية والمؤسسات والدوائر العاملة في مجال الثقافة خلال المئة عام السابقة بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الدولة العراقية.

ليلى … حكاية الألف ليلة ..بقلم الكاتب عبدالباري المالكي ..الجزء الخامس

وذات ليلة من ليالي أعياد رأس السنة الميلادية كانت ليلى تستعد للاحتفال مع زوجها أحمد وأطفالها الأربعة …

كانت تبحث عن ثوب يلائم هذه المناسبة ، وهي إذ تفتش في دولاب ملابسها الخاص  وجدت ذلك الزي الخاص ببابا نوئيل  … كان قميصاً  وسروالاً وقبعة وحزاماً بنفس لون ملابس  بابا نوئيل  الحمراء ، ذلك الرجل  الذي يأتي كل ليلة ميلاد من كل عام حسب الأسطورة .

وحين وقع نظرها عليه ، تذكرت  ان هذه الملابس قد اشتريتها لها أنا ذات يوم .

تذكرت هي كيف كنا نسير في احدى الليالي التي سبقت ليلة ميلادٍ ما  ، وكيف كنا نتجول بين المحلات وفي شوارع بغداد الجميلة ، إذ وجدتُ ملابس بابا نوئيل الجميلة فتوقفتُ وقلتُ لها …

:- مارأيكِ لو اشتريتُ  لك هذا الزيّ ؟ إنه جميل جداً عليكِ ، فهو يناسب قوامك كثيراً ، يعجبني أن اراكِ فيه .

ضحكت ليلى وقالت لي :- وكيف تراني به ؟ هل أرتديه وأسير معكَ هنا في الشارع ؟

قلت لها :- لا … بل اريدكِ أن ترتديه في غرفتكِ وتميسي به أمام المرآة ياليلى وتخيلي أني امامكِ ، صدقيني سيراكِ قلبي وانت هناك في غرفتكِ الخاصة .

اشتريته لها ، وحينما حانت ليلة الميلاد  ارتدت ملابس بابا نوئيل   .

وقفت ليلى أمام المرآة وهي تتمايل يمنة ويسرة ، فتارة تضع القبعة وتارة ترفعها ،وتارة تفتح الحزام وتارة تشده ، وتارة تمشي به وتارة تتغنج بأقدامها ، وتارة تشعر بالفرح وتارة تشعر بالحياء ، وتارة تروم خلعه وتارة تودّ لو أنها نامت به ، وتارة تتمنى أن يراها العالم كله وتارة تخجل من والديها … وهكذا كانت ليلى تشعر بكل لحظات السعادة وهي تلبس تلك الملابس اللطيفة في ليلة عيد الميلاد .

كانت امام المرآة أشبه بعروسة البحر …

في تلك الساعة كنت اقف ايضاً أمام المرآة التي في غرفتي ، حيث اتفقنا على ساعة معينة للوقوف أمام مرآتينا ، كنت أنظر الى ليلى  في مرآتي وابتسم لها ، لم أكن أراها حواء أبداً ، بل كنتُ أجدها حوراء  …

:-  ما أجملكِ ياليلى !

في تلك اللحظات جاءني الإلهام الشعري وأنا انظر اليها وهي تداعب خصلات شعرها الذهبي بأصابعها الصغيرة الناعمة ، وتبتسم لي كما لو كانت أمامي فعلاً …

لم تكن ليلى آدمية في تلك الساعة ، بل كانت عروسة البحر .

كتبتُ فيها ماخالج وجداني تلك الساعة وهاج شعوري وأطلق لساني وقلمي …فكتبتُ عنها قصيدة عروسة البحر …

(وتسالني

:-  أ كان عليك َ ان تعشق ْ ؟

فأخبرها :- أقول الحق ثم الحق ْ ؟

نعم … يااجمل النسوان في عيني

وياأغلى من الأحداق والجفنِ

لزاماً كان أن أعشق ْ

وأحتسي خمرة العشاق ِ

من كفيك ِ

كي أُغدَق ْ

بذات الخمرة الحمراء مسكرة شراييني

فلا أصدَق ْ

من السُكران بين يديك ِ

من شفتيك ِ تسقيني

نداً لقصائدي ياحلوة الحلوات ْ

كنت ُ أراك في المرآة ْ

مثل عروسة البحر ِ

تغازلني ، تغني لي 

تناجيني

وتغفو دونما إذنٍ على صدري 

وآهٍ منك حين  رأيت ُ فيك ِ رضابك السحري يحويني

فلا ألحق ْ

سوى بسفينكِ الموعود في حلمي الى منجاي في البَر ِ

وكنت ِ تصففين الشَعر في كفيك ، استمع ُ

الى صوت الهديل يبوحه سري

ويجتمع ُ

بك نهرا بلادي ، يموج في عينيك مثل غياهب الظلماء ،

تنسرح ُ

على كتفيك تلك جدائل التيه ِ

وتلتمع ُ

مثل سنابل القمح ِ

على جرحي )

نعم … حينها كنتُ أراها بقلبي لا بعينيَّ … أراها ببصيرتي لا ببصري … أسمعها بوجداني لا بأذنيّ … كنتُ أتحسسها بفؤادي لا بيديّ … كنتُ أشم عطرها   بإحساسي لا بأنفي ، ذلك العطر   الذي تضعه أغلب الأوقات  .

وهكذا كنتُ أعيش بها وتعيش معي في كل ساعة من ساعات يومي … لا لذة لي إلا بها ، ولا سعادة لي إلا معها .

لم تكن المرآة حينها مجرد زجاجة ارى بها نفسي ، بل كانت آلة للانتقال الى عالم ليلى ، ذلك العالم الفسيح المليء بقهقهتها ، والمشحون بدفء ابتسامتها …

قد لايصدقني الكثير حين اقول أن تلك المشاهدة في المرآة كأنما كانت مشاهدة عينية ، فقد رأيتها من أم رأسها إلى أخمص قدميها أمامي ماثلة …

كيف رأيتها ؟ ومتى ؟ وأين ؟ لا أعرف ايها السادة ، غير أن كل ما أعرفه أني رأيتها حقيقة .

لم ينتهِ الأمر الى ذلك الحد ، بل وصل الى حد اني ابتسمتُ لها فابتسمت هي لي ، و كلمتها فكلمتني …

نعم حدث ذلك لي معها ساعة وقوفي امام المرآة … وقد تعجبتُ جداً من ذلك ، إذ كيف حدث ذلك ؟ ومن ذلك المجنون الذي سيصدقني ؟ لاأدري . 

عرضتُ ماحدث لي  على أحد أصدقائي ، وأخبرته أني وقفتُ أمام المرآة ورأيتُ حبيبتي رأيَ العين والقلب ، وبعد همسٍ وإيحاء ، ابتسمتُ لها فابتسمت هي لي ، وكلّمتها فكلمتني . فما تفسيركَ ياصديقي لتلك الحالة التي مررت بها وأظنها لن تفارقني ماحييتُ …إذ منذ تلك الساعة وأنا أراها تبتسم لي وتكلمني كلما أخرجتُ صورتها من أوراقي ، أحياناً أهمس في أذنيها همس العاشق ، وأحياناً أعاتبها عتاب المشتاق ، وأحياناً أرمي بنفسي بين يديها كالهائم المغرَم.

أخبرتُ صديقي بذلك كله ، فأجابني بكل هدوء وروية وهو يتحسر عليّ بشدة وقد بان ذلك على محيّاه …

:- مبارك لكَ ياصديقي … فقد جُنِنت َ  .

ربما كان صديقي على حق … لقد جننت ُ  انا بها ، فقد رأيتها إذ وقعت عيناي عليها أول مرة … وبعد ذلك أعجبت بها ، ثم أحببتها ، ثم عشقتها حد الجنون ..

إن ليلى ليست كالنساء ففيها مايميزها عن غيرها ، فلها قلب لايستوعب العالم كله ولكنه يستوعبني أنا ، ولها طهر مارأيت مثيلاً له ، ورأيت فيها من العفة ماتنافس النبلاء لأجله عليها ، ولها من الجمال ماتزاحم الرجال عليها ، فلها من كل حسنٍ نصيب وجوهر ، ولها من كل طيب مسك وعنبر .

تذكرت ليلى كل ذلك وهي تضع ملابس بابا نوئيل بين يديها ، وقد قررت ان ترتديه هذه الليلة …

إن مقاسه مازال يناسبها ، فهي رشيقة الجسم ، إذ لم يتغير جسمها ، ولم يزدد وزنها ، فهي تحافظ على رشاقتها مااستطاعت .

أنا متيقن أنه لو صار عمرها مئة سنة فهي ستبقى رشيقة ، لأنها تهتم كثيراً بمظهرها ، ومازلتُ أذكر أنها أخبرتني ذات يوم أنها اشترت ميزاناً لتتبّعِ وزنها خشية أن يزداد ، ولا أخفيكم كم ضحكتُ  حين أخبرتني أنها تزن نفسها كل يوم…

قلت لها :- حقاً !  كل يوم  تزِنينَ جسمكِ !

ضحكت هي الأخرى وقالت :- بل كل يوم وكل ليلة .

قلت لها :- لذلك انتِ لاتسمنين ، وتبقين محافظة على رشاقتكِ الجميلة  ، ما أوفرَ حظي بكِ ياليلى ! وما أسعدني بمعيّتكِ .

فعلاً … لم أكن أشعر بطعم يومي إلا معها ، ولم أكن أعدّ ساعاته الا وهي معي ، فلا يوم أنتظره دونها ، ولا ساعة أهتم بها من غيرها .

نعم… مازالت ليلى تتذكر كل ماحدث بيننا ، كل صغيرة وكبيرة ،

ارتدت ليلى هذا السروال والقميص والقبعة والحزام في تلك الليلة ، وخرجت على أولادها وقد تفاجأوا بجمالها الساحر بهذه الهيئة …ضحك الجميع والتفوا حولها … وقضوا جميعهم  ليلتهم سعداء مستبشرين وهم يغنون ويرقصون ويتضاحكون … إلا ليلى .

أ.د. أحلام عبد الله الحسن تكتب عن : مقدمةٌ في كتاب ( الأطفالُ مرآةُ المستقبل ) للأستاذ المربي الفاضل محمود محمد زيتون من جمهورية مصر العربية .

في انطلاقةٍ فكريةٍ وتربويةٍ لاستاذٍ ومُعلمٍ لأجيال كان همّه الأكبر تنشئة أجيالٍ نافعةٍ للعلم وللوطن صدر كتاب ” الأطفال مرآة المستقبل ” للإداري التربوي الأستاذ محمود محمد زيتون والذي له خبرته الطويلة في تعليم وتربية الأطفال في مراحلهم الدراسية الأولى وفي أعدادهم نفسيًا قبل دخولهم المدرسة، أدعو كلّ مربّي ومعلّم للإطلاع على الكتاب لما له من أهميّةٍ في تنشئة الطفل ما قبل المدرسة، وفي خلق الاستعداد النفسي والفكري للسنوات الدراسية الأولى للطفل .

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه المنتجبين .

في عمليةٍ تمهيديةٍ للكتاب يفتتح المؤلف كتابَه بهذا العنوان الجانبي ” الطفلُ يردد لغة أمه ” في إشارةٍ منه إلى الأم، المدرسة اﻷولى للطفل لما في ذلك من أهميةٍ في صناعة شخصية الطفل المستقبلية، كما يستدل الكاتب ببعض التعريفات المهمة لتهيئة القارئ فكريًا لاستيعاب محتوى الكتاب، وما لأساليب التربية من دورٍ فعّالٍ في سلوك الطفل، فالطفل يحمل معه للمدرسة ما تعوّد عليه من الخلق والعادات، وقد لجأ الكاتب المربي وبصورةٍ ذكيةٍ إلى عدة عناوينَ جانبيةٍ توجّه  القارئَ لمحتويات فصول الكتاب كا ” الأطفال صورة المستقبل” و “اﻷطفال مرآة المجتمع” وغيرها.

 وقد أشار الكاتب في الفصل اﻷول إلى أساسيات تكوين شخصية الطفل وعملية تقويم سلوكه، وإلى أسباب هشاشة سلوكه أيضا، وما لهذا من دورٍ إيجابيّ ٍ أو سلبيّ في صناعة السلوك الفردي الشخصي بعد أن يكبر.

كما احتوى الفصلُ اﻷول على ظواهر مرحلة سن الطفل قبل المدرسة من محاولات الاستقلالية الطفولية وقدرته على اللعب والحركة ولم يعد يحتاج للحمل على اليدين كالسابق، ومن الجدير بالذكر أن الكاتب وبخبرته التربوية الطويلة يشير إلى المعاملة والتربية المطلوبة من الوالدين في تخليق أخلاق الطفل وإبراز مواهبه، وعدم جرح مشاعره، وتحت فقرة “النمو المعرفي لطفل ما قبل المدرسة” أشار الكاتب إلى ما لعملية الانماء الإجتماعي من دورٍ لا يستهان به، وما للأبوين من دورٍ فعّالٍ في تثبيت تلك الدعائم .

وتحت عنوان ” نحن وأطفالنا”  نوّهَ الكاتبُ إلى بعض السلوكيات الخاطئة من الوالدين والمربّين والتي تستوجب التوقف عندها ومعالجتها بكل حكمةٍ وعقلانية، والسعي على تحاشي صناعة العقد النفسية لدى الطفل .

ويطرح الكاتب سؤالًا على الأباء فيقول :

” هل الأبناء صناعة الأباء ؟

في محاولةٍ ذكيةٍ من الكاتب في إثارة العصف الذهني لدى اﻷباء والقارئ ومن خلال إجابة الطرف الآخر يتبين مدى تأثير العمق التربوي في الطفل.

ثمْ يعرج الكاتب المربي إلى عرض  بعض اﻷخطاء التربوية ولأهمية معالجة هذه  اﻷخطاء لدى الكوادر التربوية، وقد ذكر الكاتب عدة نماذجَ من تلك اﻷخطاء التربوية.

ثم يطرح الكاتب بعض الإشكالات أوالمعاملات التي تؤثّر سلبًا على الصحة النفسية للطفلل، والتي تترك أثرها السّيء في بناء شخصيته، كما لم ينس الكاتب ذكر أهم طرق احتضان الطفل الموهوب وما لذلك من مردودٍ ايجابيّ ٍ على المجتمع، كما لم يغفل الكاتب عن أهمية الدور الترفيهي في حياة الطفل ومدى أحقّية الطفل في ممارسة هذا الحق .

وبما أن الكاتبَ استاذٌ في التربية وله خبرته الفائقة في أسباب تأخر الطفل دراسيًّا وتعثره فقد عمد الكاتب إلى وضع الخطوط العريضة لطرق معالجة هذه الظاهرة السلبية من خلال كتابه القيم هذا ؛ والذي بالفعل يستحقّ القراءة والاستفادة منه.

وهكذا يختتم الكاتب كتابه التربويّ القيّم هذا ،والذي تميّز بالاسلوب الشيق الخفيف، ودون الحشو المملّ تاركًا وراءَه كتابًا ثريًّا في طرق تربية طفل ما قبل المدرسة .

وبالفعل لقد أجاد الكاتب في طرح أطروحته التربوية هذه وبكل براعةٍ فجزاه الله عن جيلنا وعن أطفالنا كل الخير ونسأل الله العلي القدير بأن يسدّده للمزيد من هذا العطاء الفكري والتّربوي .

الدكتور عادل عامر يكتب عن : الذكاء العاطفي

حظيَ الذكاء العاطفي باهتمام واسع في سوق العمل، وأقدم بعض أرباب العمل إلى تضمين الذكاء العاطفي في اختبارات التقديم للتوظيف من منطلق أن الإنسان الذي يتمتع بدرجة عالية من الذكاء العاطفي قادر على القيادة والتعاون مع الزملاء على نحو فعال. بالنسبة للقادة والرؤساء التنفيذيين، فتميزهم بالذكاء العاطفي عامل مهم وحاسم للنجاح في مهنتهم، ووفقاً للمؤلف وعالم النفس الأميركي دانييل غولمان، يتكون الذكاء العاطفي من أربع قدرات أساسية هي: الوعي بالذات، وإدارة الذات، والوعي الاجتماعي، والمهارات الاجتماعية، وكلما زادت قدرة القائد على إدارة جميع هذه القدرات، زادت مستويات ذكائه العاطفي. 

القائد الذكي عاطفياً يتقن فن التأثير في الأفراد من خلال حسن إدارته لعواطفهم، وبذلك يجعلهم أفضل من غيرهم فيما يتعلق بتحقيق الأهداف، والفرد الذكي عاطفياً يدرك تماماً نوعية الحالة العاطفية التي تعتريه، حتى السلبية منها، ويستطيع إداراتها وضبطها بحيث لا تؤثر سلباً في أدائه وسلوكه، وهو قادر أيضاً على فعل ذلك مع الآخرين، ويمكن ملاحظة كيف يمكن لحساسية بعض الأفراد للإشارات العاطفية التي تبدو على الآخرين أن تجعل منهم مدراء محنكين وزملاء جيدين. 

قد تعتقد أنك ذكي إلى حد ما.. لكن هل أنت ذكي عاطفياً؟ إنه الذكاء العاطفي الذي يمنحنا القدرة على قراءة مشاعرنا الغريزية، ومشاعر الآخرين. كما يسمح لنا بفهم وتمييز العواطف وكذلك التعبير عنها وتنظيمها، وفقاً لما ذكره مارك براكيت من جامعة ييل الأمريكية. 

وقد يرغب غالبيتنا في الاعتقاد بأنه يمكننا القيام بكل ما سبق. نحن نكتشف، ونفهم عواطفنا وعواطف الآخرين، ونصنفها بدقة من أجل توجيه أفكارنا وأفعالنا. لكن العديد منا يميلون إلى المبالغة في تقدير ذكائنا العاطفي، وفقاً لبراكيت، الأستاذ في مركز دراسات الطفل في جامعة ييل، والمدير المؤسس لمركز ييل للذكاء العاطفي. 

هذا أمر مهم لأن الخبراء يقولون إن القدرة على قراءة عواطفنا وعواطف الأشخاص الآخرين، وفهمها والاستجابة لها، هي عامل حاسم للتنبؤ بصحتنا وسعادتنا ونجاحنا الشخصي والمهني. 

لذا، ربما نحتاج جميعاً إلى التقاط أنفاسنا، واستثمار المزيد من الوقت في تعليم أنفسنا على معنى أن نكون أذكياء. 

ما هو الذكاء العاطفي؟ 

نشأت نظرية الذكاء العاطفي – والمصطلح نفسه – في جامعة ييل وجامعة نيو هامبشاير. وقال براكيت إن بيتر سالوفي، الرئيس الثالث والعشرين لجامعة ييل، وجون “جاك” ماير، أستاذ علم النفس بجامعة نيو هامبشاير، كتبا النظرية في عام 1990. 

وقالت روبن ستيرن، المديرة المساعدة لمركز ييل للذكاء العاطفي، إن عملهم أظهر كيف كان للعواطف تأثيراً ملحوظاً على تفكير الفرد وسلوكه. 

وواصل الخبراء العمل على صقل تعريفات ما هو بالضبط الذكاء العاطفي. وتقول ستيرن: “الذكاء العاطفي هو أن تتسم بالذكاء تجاه مشاعرك. وهو عبارة عن كيفية استخدام عواطفك لتوجيه تفكيرك، واستخدام تفكيرك لتوجيه عواطفك.” 

وتضيف: “يفكر بعض الناس في الذكاء العاطفي كمهارة ناعمة حتى يتحلوا باللطف. الأمر يتعلق بفهم ما يجري لك في الوقت الحالي حتى تتمكن من اتخاذ خيارات واعية بشأن الطريقة التي تريد استخدام عواطفك بها.” 

وقال براكيت: “الأشخاص الذين لديهم المزيد من الذكاء العاطفي، أكثر صحة، وأكثر سعادة، وأكثر فاعلية.” 

لماذا الذكاء العاطفي أمر مهم؟ 

يعتبر البعض بأن الذكاء العاطفي مؤشّر أفضل للنجاح الوظيفي من السيرة الذاتية المثيرة للإعجاب، أو درجة الذكاء العالية. 

وتقول سارة كاناداي، وهي متحدثة حول مهارات القيادة ومؤلفة: “قد يتم توظيفنا بسبب مواهب تقنية، لكننا غالباً ما يتم طردنا لأننا نفتقر إلى الذكاء العاطفي.” وتضيف بأن “الأفراد الذين لديهم مستوى منخفض من الذكاء العاطفي يمكن أن يكونوا ناجحين، لكنها تؤكد بأن هؤلاء الأفراد قد يكونوا أكثر نجاحاً إذا كان لديهم مستوى أعلى من الذكاء العاطفي.” 

اختبارات الذكاء العاطفي 

ابتكر العلماء السلوكيون عدداً من التقييمات الذاتية للذكاء العاطفي، ولكن براكيت يحذر من أن “القياس موضوع صعب.” 

ففي بحثه المبكر، وجد أن الناس يميلون إلى المبالغة في تقدير ذكائهم العاطفي، ولهذا السبب يعتقد أنه يجب عليهم قياسه من خلال تقييمات الأداء، بحيث يتعين عليهم حل المشكلات، وفك رموز تعبيرات الوجه، أو وضع استراتيجيات في موقف متوتر عاطفياً. وبهذه الطريقة، يمكنهم اختبار المعرفة والمهارات لديهم. 

و”تقييم 360″، هو شكل آخر من أشكال اختبار الذكاء العاطفي، إذ في بيئة العمل، يعد “تقييم 360” عملية تتضمن تعليقات من الزملاء والمشرفين، الذين يقومون بتقييم ذكاء الشخص العاطفي. 

وتعتقد كاناداي أننا غالباً ما “نرى أنفسنا بشكل مختلف عن الآخرين.” 

هل يمكنني تحسين ذكائي العاطفي؟ 

وتقول ستيرن إنه يجب تعليم الأطفال منذ الصغر كيفية التعرف على عواطفهم، وفهم ما تعنيه تلك العواطف، وتمييزها بدقة للتعبير عن أنفسهم. 

وبالنسبة للبالغين الذين لم يتلقوا تعليماً جيداً بشأن الذكاء العاطفي، سيتطلب التحسين بعض العمل الشاق. 

وعلى سبيل المثال، إذا كنت تحاول السيطرة بشكل أفضل على غضبك، فقد تجد متنفساً صحياً لذلك، سواء باليوغا، أو التأمل، أو الملاكمة. 

وتقترح كاناداي أيضاً البحث عن وجهات نظر من أولئك الذين قد لا يتفقوا معك. وتضيف: “إذا كنت تحيط نفسك دائما بأشخاص يؤمنون مثلك تماماً، فأنت تسمع المحادثات ذاتها، ولا تنمو، ولا تتعلم أن تكون منفتحاً على وجهات النظر.” 

وينصح براكيت بالبحث عن استراتيجيات فعالة لإدارة العواطف. مارسها، ثم قم بتقييم هذه الاستراتيجيات بالنسبة لك. ومن المهم أن “تقضي بعض الوقت في التفكير في نفوذك، وكيفية استجابة الناس لعواطفك.” 

وتقترح ستيرن إطالة الفترة الزمنية بين الوقت الذي تُثار فيه بسبب شيء ما، والرد عليه. توقف، خذ نفساً عميقاً، وتخيل ما هو الأفضل بالنسبة لك. فهذا الأمر قد يساعدك على تجنب تحكم عواطفك بك. 

وتقول ستيرن إن “الطريقة التي نتحدث بها مع أنفسنا قد تؤثر بشكل كبير على عواطفنا وصحتنا، إذا كان هذا الحديث عن النفس غير إيجابي”. وتضيف أننا لن نتحدث مع فرد آخر بالطريقة التي غالباً ما نتحدث بها مع أنفسنا. هل يحتاج فريق العمل لديك إلى شخص هادئ يستطيع حل المشاكل أم إلى شخص يستمع إليهم بتعاطف؟ سيُساعدك فهم كيفية تقييم مستوى الذكاء العقلي والذكاء العاطفي على اتخاذ القرارات السليمة – ومن ثم جني الأرباح. 

يستفيد الرؤساء التنفيذيون الأكثر فاعلية من مستوى ذكائهم العقلي والعاطفي بالشكل الأمثل. وتُمثل الفصاحة وقوة الذاكرة والقدرة على التعلم التي يُشار إليها بالذكاء العقلي المرتفع السمات التي يتوقع أن يتمتع بها أي رجل أعمال ناجح. ولكن يتمتع الذكاء العاطفي بنفس القدر من الأهمية؛ فقد تؤدي قدرة المدير التنفيذي على قراءة لغة الجسد بدقة وتفهُّم الحالة المزاجية للآخرين على إحداث الفارق بين ربح صفقة أو خسارتها. وبالتالي فما الأسلوب الأمثل الذي يمكن من خلاله استغلال نقاط القوة الخاصة بهذين النوعين من الذكاء؟ 

لا بد أن يتمتع القائد الناجح بالقدرة على المواءمة بين القرارات التي تُحركها العواطف وتلك التي تتميز بكونها قرارات عقلية بحتة. كما ينبغي إجراء الأعمال التحليلية، مثل وضع نموذج للربح والخسارة، دون تحيز أو تفضيل شخصي. ولكن عندما تحاول نيل ثقة أحد العملاء الجُدد، تكون بحاجة إلى تنحية هذا الجانب المنهجي والانتباه إلى تقييم حالتهم العاطفية والتعرف على أهم ما يشغلهم. ولا يمكن تحديد نجاحك في الاضطلاع بدورك من خلال الذكاء العقلي والعاطفي فقط، وإنما من خلال الانتباه إلى أن كل عامل من هذه العوامل يُسهم في فهم أجزاء مُختلفة من كل موقف تتعرض له. 

يتميز أصحاب الذكاء العقلي المرتفع بقدرتهم على حل المشاكل بطرق إبداعية حيث يمكنهم التفكير بسرعة وبشكل بنَّاء لتحديد أفضل مسار للتعامل مع موقف معين- وهي السمات الهامة للعاملين بالإدارة العليا في أي شركة. كما أنهم يتمتعون بالقدرة على الموازنة بدقة بين مزايا وعيوب المواقف المعقدة واتخاذ قرارات دقيقة، ومن ثم يمكنهم قيادة الفرق إلى تجاوز الأهداف المرجوة وأن تُصبح أكثر إنتاجية. 

يُشير كتاب Emotional Intelligence 2.0 إلى أنه مع كل زيادة في مُعدل الذكاء العاطفي بمقدار نقطة واحدة يزيد العائد السنوي بمقدار 1300 دولار أمريكي، وذلك في جميع المجالات والأسواق والأدوار الوظيفية. وإذا تمتع موظفو خدمة العملاء والمبيعات والمستشارون المهنيون بمُعدل عال من الذكاء العاطفي، فسيتمكنون من أداء أعمالهم بشكل أفضل. ومع ذلك، تُشير الأبحاث الواردة في صحيفة علم النفس التطبيقي (Journal of Applied Psychology) إلى أن الذكاء العاطفي المُرتفع يُنتج أداءً أقل كفاءة في مجالات مثل المُحاسبة والتكنولوجيا، حيث تنطوي هذه المجالات على مهام تعتمد بشكل أساسي على الحسابات وليست المحادثات. وفي هذا النوع من الوظائف، يتمتع العاملون الذين يستطيعون الابتعاد عن التوتر العاطفي بقدر أكبر من الكفاءة والنجاح. 

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

حملات رقابية مكثفة للتفتيش على الصيدليات والمراكز والمنشآت الطبية بالبحيرة

كتبت : مني الحديدي

حرصا علي مصلحة المواطنين وضبط سوق الدواء والتأكد من عدم وجود أي أدوية مغشوشة أو مهربة والغلق الإداري للمؤسسة الصيدلية المخالفة بالبحيرة

قامت إدارة الرقابة والمتابعة الميدانية بالدیوان العام بالتنسيق مع إدارة التفتيش الصيدلي والعلاج الحر والوحدات المحلية لمركزي الرحمانية والمحمودية بالمرور على ١٢ صيدلية .

وشدد اللواء/ هشام آمنة  محافظ البحيرة على تكثيف الحملات الدورية للتفتيش على المؤسسات الصيدلية المرخصة

وأسفرت حملة المرور على بعض المراكز والمنشآت الطبية الخاصة عل تحرير ٥ محاضر لمنشآت طبية ما بين معمل وعيادة ومركز غسيل الكلى أحدهم بدون ترخيص والبعض الآخر به ملاحظات وتم إتخاذ الإجراءات اللازمة .

هذا ويشدد اللواء/ هشام آمنة على إستمرار تلك الحملات حفاظاً على صحة وسلامة المواطنين وإتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين .