بي بي سي: دراسة تكشف لماذا لا تظهر أعراض كورونا على كل المصابين بالفيروس ؟.. جينات تحمل الإجابة

قال موقع شبكات تلفزيونات بي بي سي إن السبب في عدم ظهور أعراض على بعض المصابين بفيروس كورونا مقابل إصابة آخرين بإعياء شديد، يعد واحداً من أكبر الألغاز المرتبطة بالوباء.

وقد حددت دراسة نشرتها دورية نيتشر العلمية – شملت أكثر من 2200 مريض تلقوا العلاج في وحدة العناية المكثفة – جينات بعينها ربما تحمل الإجابة عن ذلك.

وتجعل هذه الجينات بعض الأشخاص أكثر عرضة لأعراض كوفيد-19 الشديدة.

وتسلط هذه النتائج الضوء على مواطن الخلل في جهاز المناعة، مما قد يساعد في تحديد علاجات جديدة، وهو الأمر الذي ستظل لدينا حاجة إليه رغم تطوير لقاحات، كما يقول الدكتور كينيث بيلي الطبيب الاستشاري في المستشفى الملكي بأدنبرة، والذي قاد مشروع “جينوميك”.

ويضيف “من شأن اللقاحات أن تقلل حالات الإصابة بكوفيد إلى حد كبير، لكن من المرجح أن يظل الأطباء يعالجون مصابين بالمرض داخل وحدة العناية المكثفة لسنوات قادمة في مختلف أنحاء العالم، لذا فإن هناك حاجة ماسة لإيجاد علاجات جديدة”.

وفحص العلماء الحمض النووي للمرضى في أكثر من 200 وحدة عناية مكثفة في مستشفيات المملكة المتحدة.

وقاموا بمسح لجينات كل شخص والتي تحمل التعليمات لكل عملية بيولوجية، بما في ذلك كيفية مقاومة الفيروس، ثم قارنوا جينوم (مجمل المادة الوراثية أو الشريط الوراثي للشخص) هؤلاء بالحمض النووي لأشخاص أصحاء لتحديد أي فروقات جينية، وقد عُثر على عدد منها بالفعل، كان أولها داخل جين يسمى TYK2.

ويشرح الدكتور بيلي قائلا “إنه جزء من النظام يجعل الخلايا المناعية أكثر غضباً وتسبباً في حدوث التهاب”.

لكن إذا كان الجين معيبا، يمكن لهذه الاستجابة المناعية أن تكون زائدة، ما يُعرض المرضى لخطر التهاب مدمر في الرئة.

وتوجد فئة من العقاقير المضادة للالتهابات – والتي تستخدم بالفعل لحالات كالتهاب المفاصل الروماتويدي- تستهدف هذه الآلية البيولوجية، ومن بينها عقار يسمى باريسيتينب.

“هذا يجعله مرشحاً لأن يكون علاجاً جديدا”، كما يقول الدكتور بيلي.

ويضيف: “لكن بالتأكيد، نحتاج لإجراء تجارب سريرية واسعة النطاق لمعرفة ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا”.

وعُثر على فروقات جينية كذلك في جين يسمى DPP9 وهو يلعب دوراً في الالتهاب، وجين آخر يسمى OAS الذي يساعد في منع الفيروس من استنساخ نفسه.

كما وُجدت تباينات في جين يسمى IFNAR2 لدى مرضى العناية المكثفة.

ويتصل IFNAR2 بجزيء قوي مضاد للفيروسات يسمى إنترفيرون، والذي يساعد في تشغيل جهاز المناعة بمجرد اكتشاف وجود عدوى.

ويُعتقد أن نقص الإنترفيرون المُنتج يمكن أن يعطي الفيروس ميزة مبكرة، إذ يسمح له باستنساخ نفسه سريعاً مما يزيد شدة المرض.

وأشارت دراستان حديثتان أُخريان نشرتا في دورية العلوم إلى وجود صلة بين الإنترفيرون وحالات الإصابة بكوفيد، من خلال كل من الطفرات الجينية وخلل المناعة الذاتية الذي يؤثر على إنتاجه.

ويقول البروفيسور جان لوران كازانوفا الأستاذ بجامعة روكفلر في نيويورك والذي أجرى البحث “الإنترفيرون مسؤول عن نحو 15% من حالات كوفيد 19 الحرجة المسجلة دولياً لدى دراستنا”.

ويمكن إعطاء الإنترفيون في صورة علاج، لكن تجربة سريرية لمنظمة الصحة العالمية خلصت إلى أنه لم يساعد المرضى المصابين بإعياء شديد.

غير أن البروفيسور كازانوفا قال إن التوقيت مهم للغاية.

ويشرح قائلا “آمل أن يعمل الإنترفيرون إذا تم إعطاؤه خلال اليوم الثاني أو الثالث أو الرابع لحدوث العدوى، لأنه سيوفر الجزيء الذي لا ينتجه المريض بنفسه”.

تقول الدكتورة فانيسا سانشو-شيميزو خبيرة الوراثة في جامعة إمبريال كوليدج بلندن إن الاكتشافات الجينية تقدم نظرة ثاقبة غير مسبوقة لبيولوجيا المرض.

وأضافت متحدثة لبي بي سي نيوز: “إنه حقاً مثال للطب الدقيق، حيث يمكننا تحديد اللحظة التي تسوء فيها الأمور لدى شخص بعينه”.

وتضيف: “نتائج هذه الدراسات الجينية ستساعدنا في تحديد مسارات جزيئية معينة يمكن أن تكون أهدافاً لتدخل علاجي”.

لكن الجينوم لا يزال يحمل بعض الألغاز.

وكشفت دراسة “جينوميك” ودراسات عدة أخرى عن أن عنقود جينات في كروموسوم 3 على صلة قوية بالأعراض الشديدة. غير أن الآلية البيولوجية التي يقوم عليها هذا الأمر لم تُفهم بعد.

وسُيطلب الآن من المزيد من المرضى التطوع للمشاركة في هذا البحث.

ويقول الدكتور بيلي “نحتاج للجميع، لكننا حريصون بشكل خاص على مشاركة أفراد من الأقليات العرقية التي تزيد نسبتها بين المرضى ذوي الحالات الخطرة”.

وأضاف “مازالت لدينا حاجة ماسة لإيجاد علاجات جديدة لهذا المرض، ويتعين علينا القيام بالاختيارات الصحيحة بشأن العلاجات التالية، لأنه ليس لدينا وقت لارتكاب أخطاء”.

المصدر: بي بي سي

بيان النيابة حول واقعة التحرش_الجماعي بفتاة ميت غمر: حبس 7 متهمين.. وسنتخذ الإجراءات القانونية بشأن التهديدات ضدها على مواقع التواصل

أصدرت النيابة العامة في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس بيانا بشأن تداعيات التحرش بفتاة ميت غمر، مؤكدة أنها رصدت تهديدات للفتاة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنشورات تنال منها المجني عليها وتتضمن تهديدًا لها، مؤكدةً اتخاذها ما يلزم من إجراءات قِبَل ما قد تشكله هذه المنشورات من جرائم معاقب عليها قانونًا.

وأكدت النيابة العامة أنها استمعت إلى الشهود وحصلت على مقاطع مصورة لحادث التحرش ولجوء الفتاة إلى معرض سيارات خوفا من الجناة، مشيرة إلى حبس 7 فتيان 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وكانت النيابة العامة بميت غمر، قد قررت يوم الاثنين الماضي، حبس 7 شباب 15 يومًا على ذمة التحقيقات في واقعة التحرش بفتاة بميت غمر يوم الخميس الماضي.

وقالت النيابة العامة في بيان، اليوم الخميس، إنها تلقت إخطارا يوم الثاني عشر من شهر ديسمبر الحالي بشكوى فتاة استمعت إلى شهادتها حول ملاحقة سبعة فتيان لها خلال سيرها بطريق عام بمنطقة (ميت غمر)، وملامستهم جسدها ومواطن عفتها وإثارة المارَّة ضدها حالَ استقلال خمسة منهم سيارة واثنين دراجة آلية.

دلفت الفتاة إلى مقهى لتفاديهم، ثم لما خرجت منه ظانَّةً انصرافهم فُوجِئَت باستمرار تتبعهم لها وموالاة التعدي عليها فتوارت بمعرض للسيارات ساعدها مالكه بتدبير وسيلة لنقلها إلى محل إقامتها.

وأكدت الفتاة تلقيها تهديدات من صفحة خاصة بأحد أقارب متهم ومحامٍ موكَّل للدفاع عن بعض المتهمين بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تضمنت التشهير بها للتأثير عليها وإكراهها على التنازل عن شكواها.

وتمكنت الشرطة من خلال التحري وفحص كاميرات مراقبة مطلة على موقع الحادث من تحديد المتهمين السبعة ورقمي السيارة والدراجة اللتين استقلوهما، فاستجوبتهم «النيابة العامة» بعد إلقاء القبض عليهم وقد اعتصموا بالإنكار.

بينما تلقت «النيابة العامة» من الشرطة مقطعَين مصوَّرَين استُخرجا من آلات مراقبة مطلة على موقع الحادث، ثبت من مشاهدة أحدهما ظهور المجني عليها فيه وعدد كبير من الناس متلف حولها، وظهورها في المقطع الآخر خلال سيرها بالطريق العام والمتهمون يلاحقونها بالسيارة والدراجة الآلية المشار إليهما، والذين بمواجهتهم بالمقطعين لم ينكروا ظهورهم فيهما، كما تعرفت المجني عليها على المتهمين حالَ عرضهم عليها عرضًا قانونيًّا بالتحقيقات.

وحصلت «النيابة العامة» على مقطعيْن مصوَّرين آخرين مستخرجين من آلة مراقبة أخرى ظهر في أحدهما سير المجني عليها بالطريق العام في صحبة فتاة -من الشهود- باتجاه معرض السيارات الذي توارت فيه، وتتبع عدد من الناس لها من بينهم السيارة التي استقلها بعض المتهمين.

واستمعت «النيابة العامة» إلى ستة شهود على الواقعة من بينهم صاحبا المعرض والمقهى اللذان توارت المجني عليها فيهما وثلاث فتيات وآخر شاهدوا المجني عليها خلال ملاحقتها، دون مشاهدتهم لحظة التعدي عليها.

وكانت تحريات الشرطة قد أسفرت عن صحة تعدي المتهمين على المجني عليها خلال سيرها بالطريق العام بالقول والملامسة، ثم لما استغاثت تجمع عدد من المارين بالطريق من حولها في محاولة لإنقاذها، ولكن المتهمون استغلوا هذا التجمع بموالاة التعدي عليها.

وأمرت «النيابة العامة» بحبس المتهمين احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وطلبت من إدارة المرور المختصة بيان مالكي السيارة والدراجة اللتين استقلهما المتهمون، وجارٍ استكمال التحقيقات.

وتشير «النيابة العامة» إلى رصدها ما يثار بمواقع التواصل الاجتماعي من منشورات تنال من المجني عليها وتتضمن تهديدًا لها، وأخرى تتناول تفصيلات غير دقيقة عن الواقعة، مؤكدةً اتخاذها ما يلزم من إجراءات قِبَل ما قد تشكله هذه المنشورات من جرائم معاقب عليها قانونًا، وتهيب بالكافة إلى عدم تداول المنشورات التي تتضمن معلومات غير دقيقة عن الواقعة، والالتزام بما تصرح به «النيابة العامة» في بياناتها الرسمية حرصًا على سلامة التحقيقات.

كانت “بسنت” الشهيرة بفتاة ميت غمر نشرت تغريدة قالت فيها: “‏أنا بطلب من أي حد عنده رأفة أو إنسانية يساعدني، أنا تعرضت لتحرش جماعي ولما فكرت أعمل بلاغ هددوني بالقتل والحرق بمايه النار، دلوقتي خدوا صوري الشخصية على اكاونت انستجرام اللي بالمناسبة برايڤت و قدموا بيها بلاغ و هتحبس، أنا ضحية ليه اتحبس”.

وتفاعل مستخدمو تويتر مع تغريدة بسنت ، بوسم #ادعم_بسنت بشكل كبير.. حيث تصدر قائمة أكثر الوسوم انتشارا في مصر حاصدا أكثر من 16  ألف تغريدة، وطالب من خلالها المستخدمون السلطات المختصة بالتدخل لحماية بسنت ومحاسبة المرتكبين، وفي المقابل هاجم كثيرون بسنت، واعتبروها مسؤولة عن ما حصل بسبب “لبسها الفاضح” على حد قولهم، فيما وقف آخرون على الحياد.

المصدر: درب

الدكتور عادل عامر يكتب عن :إسرائيل والعرب سلام أم تطبيع أم مصالح مشتركة

تُولي إسرائيل إقامةَ علاقات طبيعية مع الدول العربية أهميةً قصوى. فإلى جانب رغبتها الدفينة في الحصول على شرعية لسطوها المسلح على فلسطين، ما انفكت إسرائيل تسعى، ولا سيما تحت قيادة نتنياهو، الذي يقود واحدة من أكثر الحكومات يمينية وفاشية في تاريخ إسرائيل، إلى تطبيع علاقاتها وتعزيزها مع الدول العربية، وإلى التوصل إلى اتفاقيات سلام معها، وذلك في وقت تستمر فيه إسرائيل في تعزيز الاستيطان والتهويد،
تمهيدًا لضم أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويواصل نتنياهو رفضه مبدأ “الأرض مقابل السلام”، الذي نادت به مبادرة السلام العربية لعام 2002، واستعاض عنه بمبدأ “السلام مقابل السلام”.
ويدرك نتنياهو أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وعقد اتفاقيات سلام معها، قبل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، ينزع أحد أهم عناصر القوة من الفلسطينيين، ويعزلهم عن عُمقهم العربي، ويسهّل على إسرائيل تهميش قضيتهم، والتفرُّد بهم، وكسر إرادتهم، وفرض الاستسلام عليهم.
وتستمر إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو، في إنكار أن القضية الفلسطينية هي لبُّ الصراع العربي – الإسرائيلي، وتسعى إلى إيجاد مصالح مشتركة بينها وبين العديد من نُظم الحكم العربية من دون حل القضية الفلسطينية (مثلًا: ضد ما تعدّه العدو المشترك المتمثل بـ “الخطر الإيراني”، وقوى التغيير الديمقراطي في المنطقة العربية، والحركات الإسلامية على أنواعها).
لقد أقدمت بعض الدول العربية على التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل بعد الاعتراف الأميركي بضم القدس، وفي مرحلة توسيع الاستيطان على نحو غير مسبوق. إنها تدرك جيدًا أن سياسات نتنياهو هي الأسوأ؛ في كل ما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، ورفض قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وقرارات جامعة الدول العربية، ومبادرة السلام العربية، وهو ما يتناقض حتى مع مواقف بعض الدول العربية السابقة المعلنة من القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي.
تتمسك السلطة الفلسطينية بمطلب إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، وأظهرت خلال السنوات الماضية مرونة كبيرة تجاه قضايا الصراع الأساسية، ومع ذلك رفضت إسرائيل جميع مقترحات السلام المقدمة، وعملت بشكل واضح على تقويض أركان السلطة ومؤسساتها، وخاصة في مدينة القدس التي صعَّدت إسرائيل مؤخراً من حربها على وجود السلطة فيها.
يفترض هذ السيناريو إقدام بعض القيادات العربية على التطبيع، امتثالاً للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، في ظل تصاعد التوترات المحلية والتهديدات الإيرانية، وقد تدفع هذه القيادات في اتجاه تعديل المبادرة العربية للسلام ومقاربتها مع المبادرة الأمريكية التي لا تحقق المطالب الفلسطينية. وهذا السيناريو وإن كان هو المرجح فإن إقدام بعض القيادات العربية على خطوة كهذه معناه تسليم قيادة المنطقة لإسرائيل، فالتطبيع مع إسرائيل سيتعدى القضية الفلسطينية إلى السيطرة الإسرائيلية سياسياً على المنطقة على حساب الدول العربية.
يتوقع هذا السيناريو أن تُفشل الشعوب العربية التطبيع؛ لكونها ترى في إسرائيل العدو الأول وفي القضية الفلسطينية القضية الأولى، كما هو خيار حركة حماس التي ترفض التطبيع بكل أشكاله، وما يضعف هذا السيناريو انشغال الشعوب العربية بقضاياها الداخلية، وإصرار بعض القيادات العربية على التطبيع. مع كل هذا فإن خيار التطبيع، بأي صيغة كان، إن تم فإنه سيظل بعيداً عن الشرعية الشعبية، وستظل مظاهره معزولة عن الاعتراف الشعبي، ورغم كل الأحداث التي تشهدها المنطقة فإن المزاج الشعبي العربي سيبقى رافضاً للتطبيع، وحتى بعض القيادات العربية ستظل في حالة من عدم الثقة في الإقدام على خطوة كهذه، وسيلقى هذا الخيار تأييداً إسلامياً كبيراً، على مستوى كثير من القيادات والشعوب الإسلامية.
في المرحلة الماضية كانت هناك رغبة لدى بعض القيادات العربية في التطبيع، ولم يحد من هذه الرغبة إلا رفض الشعوب العربية لها والرفض الإسرائيلي للبنود العربية المقترحة، أما الآن فقد تهرول القيادات العربية نحو التطبيع، مستغلة انشغال الشعوب بقضاياها الداخلية، ومتذرعه بطول الصراع والانقسامات الفلسطينية، حيث يتوقع أن تدفع هذه القيادات إلى إقرار التطبيع عبر الجامعة العربية، أو توفير مظلة تلزم الدول بالتطبيع.
وفي المقابل، وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لإسرائيل، وعرقلة إسرائيل لكل المبادرات العربية، فيبدو أن الإدارة الأمريكية ترغب في فرض الصيغة الأمريكية للسلام إرضاء لإسرائيل، وهي الخطوة التي كان من المفترض الإعلان عنها منذ وقت مبكر، لكن نتيجة انشغال دول عربية تعول عليها أمريكا كثيراً في التعاطي الإيجابي مع المبادرة بقضايا داخلية، أُخِّر إعلانها، ومع هذا فإن خيار التطبيع من كل الدول العربية يبدو مستحيلاً.
يُضعف هذا السيناريو طبيعة الصراع وصيرورته التاريخية، ووجود فاعلين آخرين متمثلين بحركات المقاومة، والتي أصبحت أكثر قدرة وخبرة على إدارة الصراع، بالإضافة إلى غياب المصالح الاستراتيجية للدول المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعاظم مخاطر الهيمنة الإسرائيلية على دول المنطقة العربية
وإسرائيل هي ديمقراطية تشارك مصالح واشنطن في الاستقرار الإقليمي، وفي التحولات الديمقراطية الناجحة في الأنظمة الاستبدادية سابقاً، وفي مواجهة التطرف الإسلامي العنيف، وفي منع انتشار أسلحة نووية إضافية في الشرق الأوسط. وقد سلطت الانتفاضات العربية الأضواء على الأسس غير المستقرة لبعض حلفاء واشنطن العرب التقليديين.
وفي زمن من عدم اليقين إلى حد كبير وتزايد التوترات مع إيران من المرجح أن تكون الولايات المتحدة أكثر اعتماداً على حلفائها غير الديمقراطيين الأكثر استقراراً مثل المملكة العربية السعودية، وحلفائها الديمقراطيين المستقرين مثل إسرائيل وتركيا، لتأمين مصالحها في المنطقة.
عد استعادة الحيوية والقدرة التنافسية لاقتصاد الولايات المتحدة أمراً حاسماً للحفاظ على الريادة الأمريكية العالمية. ويشكل الابتكار التكنولوجي مفتاح تحقيق هذا الهدف. وبالرغم من أن إسرائيل هي دولة صغيرة إلا أنها تُعد من بين أفضل الدول الست في جميع أنحاء العالم في مختلف مؤشرات الابتكار. إن الاستثمار الأمريكي الإسرائيلي وبرامج البحث والتطوير والمشاريع المشتركة تسهم جميعها في خلق عشرات الآلاف من فرص العمل للعمال الأمريكيين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير الطبي والدفاع.
وتعتبر إسرائيل من بين أهم عشرين مستثمراً دولياً مباشراً في الولايات المتحدة، كما أن التجارة البينية بين أمريكا وإسرائيل تتصدر قائمة تضم عدد من البلدان هي أكبر بكثير من الدولة اليهودية، كإسبانيا والمملكة العربية السعودية.
وعلاوة على ذلك، ففي مجالات متخصصة معيّنة (مثل تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، والتكنولوجيا النظيفة ومصادر الطاقة المتجددة، والأجهزة والأدوات الطبية الحيوية، والدفاع) تلعب إسرائيل دوراً كبيراً جداً.
فقد أقام العديد من أكبر شركات التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة حاضنات كنولوجية في إسرائيل (بما في ذلك “مايكروسوفت”، و”آپل”، و”سيسكو”، و”مختبرات أبوت”، و”آي بي إم”، و”غوغل”، و”جنرال إلكتريك”، و”جنرال موتورز”). وبالإضافة إلى ذلك أقامت الولايات المتحدة وإسرائيل عدة مؤسسات ثنائية ناجحة جداً لتحفيز برامج البحث والتطوير المشترك والمشاريع الجديدة في مجال التكنولوجيات الناشئة، مما در عائدات إضافية بلغت مليارات الدولارات على مدى ربع القرن الماضي.
إن الإدراك بأن إسرائيل تتحمل قدراً من المسؤولية عن المأزق الحالي مع السلطة الفلسطينية قد اكتسب زخماً في مختلف الدوائر في الولايات المتحدة، بما في ذلك في أجزاء من واشنطن الرسمية، ويمكن أن يهدد ذلك يوماً ما العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وهذا هو إلى حد كبير جرح ذاتي؛
ومن شأن ممارسة المزيد من ضبط النفس – فيما يتعلق بمصادرة الأراضي وتدمير المساكن الفلسطينية غير المشروعة وبناء المستوطنات – المساعدة على تجنب التوترات غير الضرورية بين إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الذي يتم فيه الحفاظ على التركيز على المصالح المشتركة الكثيرة التي يشاطرها هذان الحليفان.
إسرائيل هي بلد صغير، ولكنها تساهم بشكل كبير في عدد من المجالات الهامة لأمن الولايات المتحدة. فالابتكارات الإسرائيلية في عدد من النطاقات المدنية – مثل تكنولوجيا الإنترنت، وصيانة المياه وإدارتها، والزراعة ذات التكنولوجيا الفائقة، وبرامج البحث والتطوير في مجال الطب، وطاقة التكنولوجيا النظيفة/المتجددة، والمرونة المجتمعية – لديها القدرة على مساعدة الولايات المتحدة على تحقيق العديد من قضايا الأمن “اللينة” والقدرة التنافسية الاقتصادية العالمية في المستقبل.
ولكي يمكن تحقيق هذه الإمكانات بصورة كاملة، هناك حاجة إلى مزيد من الاعتراف بأن إسرائيل لا تجني فوائد جمة من دعم الولايات المتحدة فحسب، بل تساهم أيضاً بشكل كبير في دعم مصالح الولايات المتحدة. فقوة إسرائيل واستقرارها، إلى جانب انجازاتها العسكرية والتكنولوجية والعلمية، تعزز من قدرة الولايات المتحدة على تلبية المتطلبات الأمنية والاقتصادية ومتطلبات التنمية (في الداخل والخارج) التي لا غنى عنها بشكل متزايد للحفاظ على الازدهار والريادة الأمريكية.
بالطبع، إذا نجح العرب، بمساعدة الأميركيين، في حمل إسرائيل على إلغاء خطط الضم بشكل نهائي، وليس تأجيل تنفيذها مؤقتاً، فإنَّ الوضع سيبدو أفضل بكثير إن إدارة ترامب اقترحت خطة واقعية للسلام الفلسطيني الإسرائيلي، وهي أول خطة تأخذ بجدية مصالح إسرائيل الوطنية والأمنية لهذا السبب أعتقد أنها ستكون الخطة الوحيدة التي سيتم تنفيذها.
ليس من قبيل المبالغة القول إن طهران مستعدة، إلى حدٍّ كبير، للتفاوض بشروط واشنطن، ولو ادعى قادتها غير ذلك. فنظامها، الذي لا يستطيع تثبيت عملته أو حماية شعبه من ويلات جائحة كورونا، يحتاج إلى رفع العقوبات عن كاهله ولو جزئياً، ويدرك أن الطريق إلى الاقتصاد والنظام المالي العالميين يمر عبر واشنطن لا محالة. أي سياسة أميركية تبدد ما حققه نهج الضغط الأقصى على إيران تعد استهتاراً، وتمكيناً لنظامها، وبالتالي إجحافاً بحق العرب الذين تهددهم وبحق الشعب الإيراني ذاته.
أما الملف الثاني الذي ينتظر بايدن في منطقتنا فهو عملية السلام العربي الإسرائيلي التي شهدت تطورات متسارعة زمن ترمب، وانقسمت الآراء حولها بين محبّذة ومتحفظة. لكن أياً كان الموقف من هذه القفزات النوعية، من الأكيد أنها تمت بوتيرة غير مسبوقة منذ عقود، إذ مضى نحو ربع قرن على آخر اتفاق سلام بين العرب وإسرائيل. والحق أن حال الفلسطينيين لم تتبدل في هذه المدة ولم يقتربوا من تحقيق هدفهم في بناء الدولة، بل جرى استخدام قضيتهم مراراً لتبرير تدخلات القوى الإقليمية (كإيران وتركيا) الطامعة في الهيمنة على كل الأجزاء التي تقع في قبضتها من بلاد العرب.
من الضروري الإشارة هنا إلى أن بايدن يعترض على أساليب ترمب في التعاطي مع القضية الإسرائيلية الفلسطينية، ولكن ليس على نتائج هذا التعاطي. فقد رحب بايدن باتفاقيات التطبيع وقال إنه سيدفع المزيد من دول المنطقة للمضي نحو إبرام صفقات مماثلة. بيد أنه أعرب عن معارضته “الأحادية” التي اتسم بها نهج ترمب تجاه إسرائيل والفلسطينيين.
هكذا قد يلغي الرئيس الجديد الحظر الذي فرضه سلفه على الدعم الاقتصادي والإنساني للفلسطينيين، ويعيد فتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. إلا أنه في الغالب لن يحاول عكس قرارات ترمب بشأن بعض النقاط المفصلية في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، مثل القدس والمستوطنات، وذلك لسببين رئيسين على الأقل: الأول يتمثل في أن إسرائيل تحظى تاريخياً بمعاملة تميزية من قبل أميركا أياً كان رئيسها، أما الثاني فهو أن إلغاء تلك القرارات سيضع الرئيس في مسار تصادمي مع مؤيدي إسرائيل النافذين للغاية في واشنطن.

المحكمة الإقتصادية وجرائم مواقع التواصل الإجتماعى

كتب: أحمد سمير

المحكمة الاقتصادية أنشئت بموجب القانون ١٢٠ لسنة ٢٠٠٨، الذي حدد في المادة الرابعة منه الاختصاصات الجنائية لهذه المحاكم، وفي سبتمبر ٢٠١٩ صدر القانون رقم ١٤٦ لسنة ٢٠١٩ بتعديل بعض أحكام هذا القانون ومنه المادة الرابعة، وأضاف المشرع إلى اختصاصات المحكمة الجنائية الاقتصادية بعض الجرائم الواردة في تشريعات خاصة ومنها الجرائم الواردة بالقانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات وكذلك الجرائم الواردة بقانون غسل الأموال رقم ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ وتعديلاته.

 

واستهدف المشرع بإصداره لهذا القانون، حماية المقومات الاقتصادية للدولة بإنشاء محكمة متخصصة في المنازعات التي تؤثر في الحركة التجارية، فاهتم أصلا بالمنازعات ذات الطابع التجاري والفني، خاصة ما يتعلق بحماية سياسات الدولة النقدية، وقد يثور الخلط بين ما تختص به هذه المحاكم من جرائم وبين اختصاص المحاكم الجنائية العادية، فكانت المادة الرابعة هي المعيار الذي علي أساسه تتم الإحالة إلى المحكمة الاقتصادية، فحددت عدة تشريعات خاصة من ناحية الجرائم الواردة بها تختص بنظرها دون غيرها.

 

انتشر استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمع المصري بشكل رهيب، فأصبحت منصات للتعبير عن الرأي بصورة قد تخالف الدستور والقانون بل والقيم الاجتماعية، فضلا عن الدينين الإسلامي والمسيحي، بل واليهودي، فما قد يظهر علي تلك المواقع من فيديوهات وخطابات تُحرض على الفسق والفجور والأعمال المنافية للآداب والسباب والعنصرية وما يتم ترويجه من شائعات ومعلومات مغلوطة تؤثر سلبا في المجتمع وقد تخلق حالة عامة من السخط دون داع لها، وهي أمور قد تؤدي إلى عواقب لا تحمد أبدًا، فكان لزاما على المشرع التدخل لحماية الحريات الخاصة والعامة، بتنظيم استعمال تقنية المعلومات بما لا يمس الآخر بسوء، وانعقد الاختصاص بالجرائم الواردة بهذا القانون للمحكمة الاقتصادية دون غيرها .

ظاهرية الترميز والدلالة المضمرة في القصيدة..أحمد رافع أنموذجاً ..بقلم: الناقد العراقى سعد الساعدي

يمتاز بعض الشعراء بشجاعة كتابية فنية لغوية متميزة؛ وشجاعتهم من نوع خاص يمتلكونها بتطويع كلماتها ورموز صورها فيما يكتبون رغم صعوبة الفهم للبعض أحياناً، ويلقونها للمتلقي بالتدريج، وإن كانت للوهلة الأولى تبدو بعض منها سريالية اللهجة واللون، وبعض يأتي بلغة مفعمة بنقاء الواقع المنبسط بشتى الصور، مع نَحْتٍ تشكيلي في الجملة، لكنها تفسح المجال لاحقاً على أقل تقدير لمتوسطي الثقافة بفكِّ الرموز، والتأمّل بتلك اللوحات الشعرية والاستشعار بالمتعة، وهذا سرّ من أسرار نجاح العمل الفني مهما كان شكله وجنسه، وكما سنلاحظ في نص للشاعر العراقي أحمد رافع الذي تتسم نصوصه بالتجديدية الكتابية بين العمودي والنثري.
يقترب الشاعر ويقرّب أسيجة قصائده الخارجية والداخلية ويبدأ بتفسير صورة لحكاية هي في الحقيقة قصيدة تحكي معاناة متعددة الأوجه تارة، ومن منّا ليست له معاناة ، وتارة أخرى تصف هواجس شتى؛ عشق امرأة يحاورها أو حب الوطن الجريح والحنين والعزف المنفرد لأوجاع وآمال وذكريات متنوعة تدل على أصالة في عشقه لكل شيء جميل خلّفه الماضي، أو تترقبه ساعات التصوُّر امتداداً لمستقبل لا يعرف بواطنه الحقيقية.
النص:
(أغني من ثقل الجوى)
ولففتُ عمداً في الليالي ضحيتي.. كيما ترقرق في الهجير مطولا
وتـراخت الاوتـاد من ثقلِ الجوى.. حتى تهشَّم كـل حاوٍ مفصلا
فالدربُ يمشي للمياه بواكيا.. ما همتُ في عرض الممات مثقّلا
علَّلت نفسي في المسالك والقذى.. فبدا الزمان الى الوجوه ليجهلا!
قـــالت: أتنشد للمنافي مولولا؟.. فالروح تطوي ذا الفراغ المقبلا
سيعود إذ ذاك التصابي والصبا.. أنْ يستحيلَ الحقلُ حقلاً أجملا
فعنيتُ أردفُ للغيوم نوائحي.. ردَّتْ على رجعِ النشيج المَقتلا
لما تداركت الوقوف مع اللقا.. فرأيت عمري في الدروب مغزّلا
ويموت في كفّ الهواءِ كشمعةٍ.. ويطيح من خفِ السعادة مذبلا
رافع لو كتب بطريقة مغايرة في تعقيد رمزي محبوك بدقة بالغة، فلن يخلو النص من صعوبة فهم واستدراك يلاقيه المتلقي وهو يستعرضه بتلك الصور المحملة بمعانٍ متشابكة، وأنَّ قرّاءه سيتنحون عنه بعيداً ربماً، وهذا ما لم يفعله، فكتب بلغة شفافة تفصح عن نفسها ليفسرها القارئ بما يشاء، و هذا هو مفتاح الغاز القصائد والنصوص التجديدية بكل ألوانها.
النخبة تقرأ وتفسر، والقارئ البسيط يقرأ ويفسر، والناقد الايجابي الموضوعي ما عليه إلاّ تحليل النص، والكشف عن مكنوناته البلاغية والموسيقية والدلالية، وايصال ما يمكن ايصاله للمتلقي أيضاً، وبيان الجمالية، أو الركاكة والضعف، وما خفي من رموز إن استطاع الوصول اليها بدقة البحث وليس التخمين؛ من أجل التصويب والتقويم ليس إلاّ، وهذا ما يؤكّده الكثيرون ونحن نؤيدهم، ونقف معهم على طول الخط. في هذا النص وفي غيره هناك متعة خفية وارهاصات تبرز في مواضع شتى وتختفي أحياناً، يعلن بها ويكشف الشاعر قدرته الوصفية ممسكاً خيوط عمله من كل الجوانب.
بالنسبة لنا كقرّاء ونقاد لمثل هكذا نص ومحاولة تحليله وبنائه ادراكياً بقدر؛ يمكننا القول أنه جاء بموسيقا حزينة حالمة في آن واحد معاً اكتسى نصه منذ البداية بمسحة الصورة المؤلمة. الى ماذا يشير ذلك؟
يشير الى عمق الثقافة ومقدرة السباحة عكس التيار بالنسبة للشاعر، وحتى لو كانت امرأة شاعرة أيضاً، فهي مهما تكن انثى مرهفة الحس كزميلها؛ نبيلة المشاعر، عزيزة بقوة ثقتها بنفسها. في الساحة الأدبية هناك الكثيرات من الشاعرات برزن من خلال ابداعهن الجميل، وثقافتهن العالية وجمال ما يرسمنه في قصائدهن كل يوم. هذا الطور البنائي الجديد بحد ذاته خروج عن المألوف، ودخول فضاء العالم الجديد، عالم القصيدة التجديدية رغم غلبة القصيدة النثرية بشكل واضح جداً في كثير من الاتجاهات لأنها طغت على الساحة بشكل مبهر، في حين نحن بصد دراسة جوانب من قصيدة عمودية.
أمّا الاشكالية الرمزية فغالباّ هي غير موجودة بالمعنى الشمولي لعمق وتعقيد الرمز، إلاّ في قصائد من يكتب بلغة غامقة يمكن تسميتها اللغة الفوقية، أو العبثية المتلاشية في فضاء الوهم، والأقرب لها قد تكون السوريالية السوداء الغارقة بالتعقيد الحالم، كلوحات الرسم غير المفهومة، بعيداً عن صور الجمال الغارقة بنشوة الامتاع، وهنا على الناقد الواعي معرفة ما يلتزم به ويقوم بعملية تحليلية شمولية إن أراد التقدم نحو تلك الاعمال. لا ننسى أيضاً أن أحمد رافع يكتب بلغة تتموج في كثير منها المعاني الغامقة أحياناً لكنها ليست عصية التحليل والتفسير، وليست نخبوية فقط، والسبب جمالية اشتغالاته كي يبرز حالة ابداعية في كل نص، وبذا يسير ضمناً مع المرتكزات الحقيقية الجامعة للغة والمعنى والجمال التي تراها نظرية التحليل والارتقاء أنها الأساس الفاعل في خلق انبعاث تجديدي تتضح صورته أكثر مع بقية نصوص الشاعر النثرية.
لكون القصيدة التجديدية تمتاز بلغة عالية البناء فلا يعني ذلك استغراقها بالعتمة، بل بما اتاحته العربية من سعة الاشتقاق اللامحدود، اضافة الى الوصفية الدلالية والجمالية التي تمتاز بها القصيدة، والمعاني المتنوعة بكل ما يريده الشاعر ويكتب في أغراضه الشعرية، وهذا ما لاحظناه في هذا النص. حتى التناص الانطباعي مع الغير وباقي الموجودات يمكن اضافته كصفة للقصيدة التجديدية كتب بها الشاعر بغير هذا النص بوضوح، اضافة لتوظيف الرمز الأسطوري كحالة بنائية جديدة في القصيدة، وكثيرون اليوم ممن يكتبون قصائدهم المليئة بإشارات جمّة عن مجموعات ورموز اسطورية محلية وعالمية كلونٍ يتميزون به.
ليس فقط أحمد رافع، من تفرّد وغرد بطريقة خاصة باستخدام رمزية خاصة به، أو تناص منفرد يتضمن انزياحات اغنت النص، تاركاً المساحة مفتوحة، والأرض مكشوفة للجميع يتبارون بما يشاؤون مع أفكاره؛ وما يريده ويبطنه لا يعرفه غيره قطعاً. الاشارات التي أطلقها هنا الشاعر كثيرة متنوعة في نصه المفعم بحكائية شعرية إدهاشها ينعش المتلقي بلا ملل طالما كان من المتابعين والمهتمين بمثل هكذا نصوص جديدة.