الدكتور عادل عامر يكتب عن : الأهمية الاقتصادية للعملة البلاستيكية

أن هذا الخيار يتسق مع اتجاه الدولة إلى تنفيذ خطة التحول إلى المجتمع الرقمي وتقليل التعامل بالكاش، الذي يمثل نحو 15 في المئة من حجم العملة المتداولة في مصر. 

أن العملات الورقية ستختفي بشكل تدريجي بعد إصدار العملات البلاستيكية وسيكون تأثيرها إيجابي على الاقتصاد المصري، ويتمثل هذا التأثير في انخفاض تكلفة طباعة العملات على البنك المركزي، بالإضافة إلى عمرها الافتراضي الأعلى من العملات الورقية. 

لان  فكرة العملات البلاستيكية قد طُرحت على البنك المركزي المصري في عام 2013 وتم رفضها وقتها ولكن الآن البنك المركزي يفكر جديا بداية من العام 2020 في إصدار أول عملة بلاستيكية مصرية لفئة العشرة جنيهات، 

 لعدة أسباب أولها القضاء تدريجيا على الاقتصاد الموازي، ومحاربة تزييف العملة، والسيطرة على السوق النقدي، خاصة بعد ارتفاع الإصدار النقدي في مصر منذ تعويم الجنيه المصري، نتيجة التضخم المرتفع خلال الأعوام القليلة السابقة وبالرغم من أن التكلفة مرتفعة لإصدار هذه العملات وتغير أنظمة الصرف الآلي ولكن عمرها الافتراضي أكبر بكثير من العمر الافتراضي للعملات الورقية . 

أن مصر تأخرت في طرح هذا النوع من العملات فهناك دول كثيرة تستخدم النقود البلاستيكية من سنوات عديدة و تسعى مصر لمواكبة التطورات العالمية ويحاول البنك المركزي الوصول إلى الاستفادة الكاملة من مزايا النقود البلاستيكية التي وصلت إليها الدول الأوروبية. 

 أنها تتضمن مستويات فائقة، ويستطيع حاملها كشف تزويرها بالنظر إليها، و أنها تحوي علامة مائية غائرة وشرائط معدنية، و سهولة استخدامها في ماكينات الصراف الآلي علاوة على سهولة طيها في المحافظ النقدية، كما يسهل استخدامها في الأجهزة الآلية المخصصة لعد النقود. إن العملات البلاستيكية الجديدة سيكون دورها كبيراً في السيطرة على حجم المعروض من السيولة في جسد الجهاز المصرفي، 

أن حجم النقد المتداول خارج القطاع المصرفي المصري، بلغ نحو 650 مليار جنيه (حوالى 41 مليار دولار أميركي) في نهاية مايو الماضي، بينما بلغ معدل السيولة نحو 77.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. 

 و أنها ستكون آلية جديدة للقضاء على الاقتصاد غير الرسمي (الموازي)، بالإضافة إلى الحد من الفساد. إن توجه البنك المركزي المصري لطرح عملات بلاستيكية يعتبر خطوة جيدة، خصوصا وأنها ستقلل إهدار أوراق البنكنوت أن الجنيه الورقي يتمتع بقوة إبراء كاملة، ويستحق الوفاء بكامل قيمته مقابل السلع والخدمات، كما يحق للمواطنين استخدامه بشكل طبيعي في جميع المعاملات المالية. 

أن تقرير صندوق النقد الدولي توقع أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي لمصر إلي 2% في 2020 ، و2.8% في 2021 مقارنة بـ5.6% في  2019 علماً بأن مصر تعتبر الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الوسط و شمال أفريقيا التي سيظل بها معدل النمو موجب ، و حسب تقديرات الصندوق بالنسبة للدول المستوردة للنفط تشير الأرقام إلي تراجع كبير للدول المنتجة والمصدرة للنفط مثل دول الخليج العربي بنسب تتفاوت ما بين -4% إلي -4.7% في 2020. 

أن معدلات البطالة في مصر في الحدود المتوقعة ما بين 8.6% في عام 2019 الي 10.3% في عام 2020 و من المتوقع أن تصل الي  11.6% للعام المالي المقبل 2021 ، ما يستوجب إجراءات سريعة لدعم المشروعات كثيفة العمالة وتحفيز أكبر لنمو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والإستثمار في المجالات الجديدة علي مستوي كافة المحافظات لتوفير فرص عمل. أن التقارير الإقتصادية لمؤسسة “موديز” للتصنيف الائتماني و”ستاندرد آند بورز” 

 أشادت بقدرة الإقتصاد المصري في الوفاء بإلتزاماته المالية والإبقاء علي نظرة مستقبلية مستقرة ، إلا أنه في الوقت نفسه فإن التعامل مع جائحة كورونا وتبعاتها علي المدي البعيد يتطلب تعاون دولي أكبر بجانب إعادة النظر في بعض القوانين لحماية الثروات الصناعية والعقارية والزراعية. 

أن للأزمة الراهنة آثار إيجابية علي مصر في الأجل المتوسط وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة التي تم توجيها في مجالات البنية التحتية والصحة ، بالإضافة إلي تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتطبيق الجزئي لمنظومة التأمين الصحي الشامل. 

التعجيل من نظام التأمين إلي الشامل علي مستوي كل محافظة بالمشاركة مع القطاع الخاص. أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لديها فرصة كبيرة في جذب الاستثمارات المباشرة لموقعها المتميزة وقدرتها علي إنشاء تجمعات صناعية ولوجيستية، 

بإعادة تقيم المحافظات حسب أنشتطها والتوجه نحو المناطق الصناعية الصغيرة في كافة المحافظات مثل قويسنا وميت غمر و الصف و بنها وإنشاء العديد منها في المحافظات المختلفة لتوفير فرص العمل. 

أن قطاع تكنولوجيا المعلومات من القطاعات الواعدة التي تمتلك فرص كبيرة في الدخول للمشروعات المالية بالتعاون مع البنك المركزي في مشروعات الشمول المالي والربط الإلكتروني وتسوية المدفوعات ونظم التمويل. 

أن مواجهة الدول للتبعات المختلفة لأزمة كورونا تستلزم إعطاء الأولوية للاستثمار في 3 قطاعات أساسية أهمها الاستثمار في البشر، ومجالات الصحة والبنية التحتية والتكنولوجيا. 

أن الوضع في مصر أفضل من دول عديدة تعاني من أزمات سكانية وارتفاع معدلات الفقر وأوضاع اقتصادية صعب قد تخلق حرب عالمية ثالثة وهي حرب تغير أسعار الغذاء وانهيار القطاع الصحي. 

أن مصر لديها منظومة صحية وبنية تحتية “جيدة” قادرة علي مواجهة المخاطر الصحية المستقبلية بجانب امتلاكها خبرات للأطقم الطبية والممرضين ونجحت في التعامل مع العديد من الأوبئة و الأمراض المتوطنة مثل تجربتها في القضاء علي فيروس الكبد الوبائي والملاريا. 

لا شك أنه بفضل المتابعة المستمرة لتنفيذ المشروعات ذات الأولوية لخطط الدولة اختصرت مشروعات واعدة في مصر في زمن قياسي يتطلب انجازها سنوات منها مشروعات في مجالات الصحة والتنمية العمرانية والبنية التحتية ومشروع نظام التأمين الصحي الشامل. 

أن أولويات الدول لمواجهة التحديات المستقبلية تشمل 10 مقترحات وهي تمثل”1+9″ و على رأسها القدرة علي الإستثمار في المجال الصحي و الطبي  والانفاق علي البنية الأساسية  الصحية كما يجب العمل علي زيادة القدرات الإنتاجية والصناعية المختلفة وإستغلال الطاقات المعطلة وإعادة توجيها لتصنيع الملابس الوقائية، والتعاون الدولي في توفير اللقاحات والمستلزمات الطبية والملابس الواقية والإحتياجات الإستهلاكية. 

بالإضافة إلي التنوع في الإستثمارات في المجالات الأساسية المتعلقة بالإستثمار في التعليم والبشر والرعاية الصحية والبنية التحتية والتكنولوجية والتحول الرقمي و المنصات الإلكترونية وقواعد البيانات، ومجالات الذكاء الإصطناعي والإستثمار في مواجهة التغيرات المناخية والتوقي من المخاطر 

كما يجب أيضا وضع أولويات جديدة في الإنفاق العام في مجالات الصحة والضمان الإجتماعي ودعم مشاريع الشباب، 

بإسراع الدولة في دعم العمالة غير المنتظمة وضرورة إستكمالها بنظام الدخل الأساسي والتأمين الصحي الشامل. أن العديد من الفئات تستوجب دعم مادي واجتماعي لمساعدتهم في تجاوز الأزمة بجانب معالجة للفجوة في الإستيراد والإنتاج لتشجيع الإقتصاد الي الإنطلاق وتصنيع السلع التي تستوردها مصر من الخارج لدعم النشاط الاقتصادي. 

أن العمل علي توطين الصناعات الهامة والإستراتيجية لمصر من الأمور الإيجابية لأزمة كورونا، وإستغلال مزايا المناطق الإقتصادية كالمنطقة الإقتصادية لقناة السويس في جذب المستثمرين وإقامة صناعات ذات أولوية للدولة وأهمها المشروعات التكنولوجية لرفع قدرات التصنيع و زيادة الصادرات. 

أن مصر من الأسواق الواعدة الكبيرة لنحو 100 مليون مستهلك بجانب ارتباطها الوثيق وعلاقاتها المتميزة مع افريقيا والصين. 

أنه بالرغم من التأثير المتوقع والكبير لقطاع السياحة والسفر في مصر والعالم إلي ما بعد أزمة كورونا ، إلا أن السياحة الداخلية قد تمثل فرصة جيدة في ظل الأزمة، مشيداً بالقرارات الاقتصادية للدولة في تخفيف الأعباء علي القطاع السياحي في تأجيل أقساط الديون وإسقاط الضريبة العقارية. 

أهمية الإستمرار في دعم القطاع السياحي للحفاظ علي الإنجازات التي حققها القطاع في التعافي وعودة النشاط وإرتفاع الإنفاق السياحي والحفاظ علي العمالة. بجانب أهمية إعادة النظر في منظومة الضرائب خاصة في القطاعات الأكثر تضرراً، والتعامل مع الموازنة العامة للدولة ببعد اقتصادي يعيد رسم خريطة الإستثمار في بعض القطاعات ذات الأولوية لأنها وسيلة لتخاطب المستثمرين، والأفضل هو التعامل معها ببعد تنموي يعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة  والإستثمار في أولوويات التنمية مثل التعليم، الرعاية الصحية، القضاء على الفقر، المساندة المجتمعية، تحسين الأجور وتحقيق الأمن 

أن الدولار في مرحلة إختبار وسيتم وضع تصور جديد بالوزن النسبي له ما بعد الأزمة، وبالنسبة لتسوية التجارة بالعملات المحلية فقد طبقت مصر هذا مع الصين من خلال آلية تبادل العملات (Currency Swap)، 

 إلا أنه من الصعب القيام بذاك حيث أن عدد من العملات المحلية لا تتمتع بالاستقرار في بعض الدول، كما أنه يتم حالياً التعامل من خلال سلة العملات والتي تتضمن اليورو واليوان الصيني وغيرها من العملات. أنه يمكن تدعيم قدرة العملة الوطنية بمجوعة من السياسات النقدية من خلال تقوية التصدير والاستثمار والقدرة التنافسية . وفي هذا الصدد يمكن الرجوع للتقرير الصادر عن منظمة تعاون شنغهاي والخاص بتجمع يورو آسيا. 

أن الشمول المالي من الخطوات الأكثر أهمية للإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الأعمال عن التحول النقدي باستبدال العملات الورقية بالعملة البلاستيكية وهي تحدث نتيجة لاختلاف أسعار هالك البنكنوت ولن يشعر به القطاع الخاص عند تطبيق تلك العملية إلا أن الأهم فيما يتعلق بالعملات هو الشمول المالي. 

أن الخريطة العالمية للإصابات تشير إلي تسطح منحني الإصابات ما يعني سيطرة عدد من الدول علي تزايد الإصابات، ولكن علي العكس تماماً فإن الاقتصاد العالمي دخل مرحلة الركود وبلغت معدلات تراجع النمو -3% وهو أكبر ركود منذ مرحلة الكساد الكبير. 

أن العالم أمام حربين الأولي تحتم علينا التباعد الاجتماعي والالتزام بالإجراءات الوقائية والأخرى العودة إلي النشاط الاقتصادي لمعدلات ما قبل الأزمة. 

أن صندوق النقد الدولي في أخر تقرير له أشار إلي أن الاقتصاد العالمي سيتعافى ويحقق نمو 5.8% واختلفت نظريات الخبراء حول شكل المنحى الذي يحقق النمو المتوقع ما بين(V،L،U). أثر تلك الأزمة على الأسواق الناشئة خاصةً بالنسبة لآليات الاقتراض من العالم الخارجي سواء في شكل سندات أو غيرها من أدوات الدين الأخرى والتغيرات المستقبلية المتوقعة في سوق الإقراض العالمي 

أن تبعات أزمة كورونا أثرت علي كافة مناحي الحياة والاقتصاد في العالم وتسببت في حدوث أزمة في المديونيات العالمية ما جعل مجموعة العشرين تسعي إلي خفض مديونات الدول الأقل دخلاً و الأكثر فقراً والأولي بالرعاية من خلال تأجيل سداد أقساط الديون لعدة شهور في بعض الحالات، 

أن الاتحاد الأفريقي سيوفر من تلك الخطوة نحو 44 مليار دولار توجه للإنفاق علي الاحتياجات الأساسية للتعامل مع الجائحة. علماً بأن الدول المتوسطة الدخل و منها مصر تمثل 45% من إجمالي الإنتاج العالمي إذا تم إدخال الصين والهند من ضمنها، وهي تحتاج إلي بعض التسهيلات أيضاً فيما يخص المديونيات. كما أشار إلي أهمية التعاون مع المؤسسات الدولية والقطاع الخاص 

أن البورصات العالمية تأثرت وشهدت أسعار الأسهم انهيار فيما ارتفعت أسعار السندات وتراجعت اسعار البترول إلي أدني مستويات لها فسجل خام غرب تكساس أرقام سلبية كما تراجع خام برنت إلي 19 دولار مقارنة بـ60 دولار بداية العام. 

 وماحدث من هبوط للأسعار مرتبط بالقدرة التخزينية، لذا فقد وجهت الرئاسة الأمريكية بالتخزين في المخازن الاستراتيجية. أن الوضع الحالي لأسعار البترول في العالم لها أثار سلبية للدول المصدرة للنفط، في حين ستسفيد بعض الدول ومنها الدول المستوردة وكذلك الدول ذات الإقتصاد المتنوع مثل مصر. 

انه بعد تعطل سلاسل الإمداد عالمياً، فيجب العمل على توطين الصناعات الاستراتيجية والحيوية والتصنيع بالمشاركة مع دول أخرى  والعمل على اجتذاب الإستثمارات الأجنبية. كما أضاف أنه لا يوجد أزمة في الإنتاج العالمي الخاص بالغذاء والزراعة ولكن المشكلة الأساسية في سلاسل الإمداد لذا فقد إقترح سيادته فتح قنوات خضراء تحرك الصادرات من السلع الزراعية علي غرار المستلزمات الطبية 

بأن المستقبل هو في التحول الرقمي وتطبيق الشمول المالي وتطوير الخدمات المالية بالتنسيق مع البنك المركزي المصري وإجتذاب الإستثمارات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وخاصة في ظل إرتفاع تكلفة الإنتاج في الصين. 

أما بالنسبة لنقص المياه بسبب إنشاء سد النهضة بأثيوبيا فقد أشار سيادته إلي أهمية العمل علي كفاءة إستخدام المياه وإستخدام الري الحديث والصرف المغطى وتحلية المياه، واكد علي أهمية وجود بنية أساسية مالية مساندة من خلال إئتمان يمنح لهذا الغرض من البنك الزراعي المصري. 

أن مصر نجحت في تحقيق التوازن بين التحديات الإقتصادية والإجتماعية والصحية فيما يتعلق بحماية العمال والمواطنين من خلال الإجراءات الإحترازية والوقائية لمنع إنتشار الفيروس بجانب إستمرار العمل والإنتاج. 

أن النظرة إيجابية لمصر في تحقيق معدلات نمو في عام 2020 إلا أن القطاع الخاص يطمح في المزيد من الخطوات الداعمة لإستعادة الإقتصاد عافيته والحفاظ علي صحة الإنسان وتعزيز القدرة المالية للشركات للوفاء بإلتزماتهم المختلفة. 

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.