لا تعتذر .. بقلم / عايد الطائي

                                         

رغم قسوتك علي بقصد او دونه لن أحمل ضغينة ، أنك نفسي ، فكيف باللبيب أن يحمل على نفسه الحقد او يحمل الضغينة ؟ .                                                               

 لا أرجو منك ان تعتذر ، ولكن ارجو ان تراجع نفسك التي قست واستعجلت ، راجعها مرة عند الشروق وأخرى عند الغروب ، حاورها وقل ، لم تعجلت حينها وجرحته جرحا يصعب إلتئامه ؟. فهل كان مخطيء أم كان مصيب ؟. راجع دفتر ذكرياتك هل ستجد عذرا لأن تجرحني ؟ ، وهل استحق أنا ذلك ؟ .                              

   إن كنت ترى في جرحي راحة لك ، فأستمر حتى تهنأ ، وان كنت تراه عذابا لك ، لماذا العناد إذن ؟ .                                                          هل تتلعثم الكلمات في لسانك كي لا تعترف ، أم تنوي جرحا آخر أشد إيلاما وأكثر قسوة ؟ .                                      (ما أنا فحمة ولا أنت فرقد) ، وأعلم أن الجمع كل الجمع حتما سينتهي ونلتقي عند المليك الباقي ، ولا تكن كالذين ( قست قلوبهم حتى زين لهم الشيطان بما كانوا يعملون ) ، حينها لاعذر لك ولا ينفع إعتذارك . و لا تصد بوجهك عني وتخلق الأعذار دوما ، فأنا لا زلت بإنتظارك .

المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :عملك يكذبك…!؟

قال لصاحبه : أنه ختم( القرآن الكريم) حتى الآن ثلاث مرات واوشك على الانتهاء من (الخاتمة الرابعة)…!

فنظر إليه متعجبا …!

وقال  :

 ماشاء الله…..

وانالازلت فى (الأولى )…!

واستطرد قائلا له  :

 ماذا عملت بما قرأت. …؟!

 وكأنه يستنكر شيئا ما ..!

فقال : كما ترانى… وكأنه فخور بما أتى………!

فقال له  :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ؛

إنا لله وانا إليه راجعون..!؟

ووضح ان صاحبنا لديه اعتراض ولكن أدبه يحول…!

 # فسلوكك يا هذا……….

 دون تعاليم القرآن الكريم ، ومعاملاتك تنافى ما جاء فى هذا الكتاب العظيم

وخلقك ليس خلق القرآن الكريم

وكأنك لم تسمع ام المؤمنين السيدة عائشة( رضى الله عنها )حين سئلت عن خلق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )

 فقالت :

(كان قرآنا يمشى على الارض)

##ووضح بالفعل ان لدينا ازمة التزام بخلق الإسلام فيما يباشره البعض من عبادات ،

حتى بات سلوك كثرتنا فعلا يناقض تماما خلق إسلامنا العظيم…

فأنظر مثلا حالنا مع ((شهر رمضان ))….

كيف حولنا (العبادة) إلى (عادات )تدور حول الطعام والشراب وجديد المسلسلات والفوازير بدلا من مزيد عمل وتحصيل (تقوى ) باعتبار الغاية…!!!

نعم لدينا اشكالية تتمحور حول ظاهرة يمكن ان نطلق عليها  :

         (التدين الشكلى)

 وهذا أعتقد انه ينسجم مع مخطط :

     (طمس الهوية)

المحددة لمعالم شخصيتنا الإسلامية

 ، وحتما ليس هذاالأمر عبثى او عشوائى ، واحسب انه (مدبر) من أعداء هذا الدين وذاك الوطن  ؛

 ليسهل من ثم التغريب الاخلاقى بمفردات ليست منا

ويضحى غرس مايبتغون سهل يسير….

 فضلا عن شيطنة متعمدة بإبراز الشاذ والمنحرف لدينا بل وتبنى هؤلاء من بنى جلدتنا ليكونوا خنجر فى ظهر أمتنا وهو ما رأيناه من  صورجماعات الضلال من القاعدة

وداعش

والإخوان

والنصرة

و..و..الخ

وجميعها ترفع  ((شعارات الإسلام ))

وهى للاسف دون تعاليمه وأخلاقه…؟!

وأصبحنا نرى (محمد) يقتل (أحمد )  (بشعاروراية الإسلام )…!

وهو البرئ من هؤلاء المنحرفين الضالين

 القتلة الاشرار

حتى ولو تزيوا بزينا وتحدثنا بلغتنا  ؛

فالعمل يكذب هؤلاء وهؤلاء

فأين نحن من حديث قدوتنا صلى الله عليه وسلم القائل :

(( والذى نفس محمد بيده لئن شئتم لاقسمن لكم :

 إن احب عباد الله إلى الله

 الذين يحببون الله إلى عباده

  ويحببون عباد الله إلى الله ،

 ويمشون فى الأرض بالنصيحة   ))

يقينى أننا فى حاجة إلى أخلاق إسلامنا العظيم  ،

وأرى أن هذا هو التحدى

فى ظل عولمة شرسة وتواصل عابر للحدود…..!

 فنحن نحتاج إلى ((أعمال)) باعتبار ان ((الحساب ))يكون على ذلك كما يجب ان تكون تلك الاعمال مخلصة لله تعالى ..

وعندها ستراها فى أبهى صورة وإتقان…

فثمرة كل العبادات وكل تزكى هو ( الخلق الكريم  )

 قولا وعملا  ،

 باطنا وظاهرا  ،

### فلاتحزن اذن ان قيل لك

 ان عملك يكذبك

طالما الثمرة الطيبة غير موجودة. .!؟

حسن بخيت يكتب عن : «هي الفلوس دي حلال؟ اصل أنا ماشقتش بيها – أنا بربي يتامى»

كلمات تكتب بماء الذهب نطقت بها سيدة مصرية بسيطة ، قد تكون لا تجيد القراءة ولا الكتابة ،، أثناء لقائها بأحد المذيعين في الشارع ” أحمد رأفت ” والذي يقدم فيديوهات بأداء وأسلوب وطريقة خفيفة وجميلة  لمساعدته للفقراء والمحتاجين عن طريق عمل مسابقات سهلة ،، يمكن لأى فرد حلها للفوز بمبلغ مالى لمساعدة أصحاب الحاجة .

لكن : هل يدرك هؤلاء اللصوص وأكلي المال العام مدى قيمة هذه الكلمات القليلة التي لخصت الكثير؟!  فهي تحمل في طياتها معاني كثيرة ، وأهداف عظيمة ،، فهي تبرز أصالة وشهامة الأمهات المصريات العفيفات والمكافحات ، وضرورة التحري في الحصول على الأموال .

هل يدرك هذه الرسالة ؟  أصحاب الأيادي القذرة الملطخة بعرق الكادحين من الفقراء والمساكين من أبناء هذا الوطن الغالي ، الذين قلبوا سلم القيم ، وأفرغوا البلاد من كل خير وجمال بقبح أطماعكم الشريرة والغير متناهية ،، وكأنهم يتعاملون مع البشر كما يتعامل الزناة مع العاهرات المرخصة الرخيصة ، يطؤنها ما دامت ذات حليب صدر فيمصونها ، ويتركونها عارية دون احترام .

هل يدرك هذه الرسالة ؟  هؤلاء الفاسدين والمرتشين ،، الذين جعلوا الرشوة وصور الفساد ضمن سياق حياتنا الطبيعة، فأية خدمة يراد إنجازها لن تتم سوى بالرشوة (الإكرامية .. حتي شهر رمضان الكريم لم يرحمه هؤلاء من اكرامية الافطار والسحور )

لعلها رسالة إلى الجميع :

إلى كل محامي أصبح يحتال على الموكل ويتفنن في استنزاف جيب موكله تحت عناوين (الرشوة والاكراميات والمنح والرسوم وغيرها) ليحتال علي القانون ليبريء المجرم ويدين البريء ، ونسي ان المحاماة هي الرحمة والخبرة ورسالة العدل والتضحية بأسمى معانيها.

إلى كل مهندس أصبح يغش في عمله ويزوِّر التقارير باستلام مشروع اما أنه لم ينفَّذ أصلاً، أم نفذه بطريقة عشوائية وغير مطابقة للمواصفات ليسرق من وراءه تروة هائلة .

إلى كل طبيب يتاجر بأعضاء المرضي بلا رحمة إما بسرقه الاعضاء ، أو بإجراء عملية جراحية من أجل المادة فقط وليس لحاجة المريض اليها ، أو مص دم وجيوب الفقراء وصفقات البزنس بينه وبين معامل التحاليل والأشعة .

إلى كل صيدلي بات يغش في دواءه ويتفق مع الطبيب بطريقة خرجت عن كل الاعتبارات الإنسانية والمهنية والأخلاقية .

إلى كل  متسول يتسول في الشوارع او امام أبواب الجوامع فهو يتفنن في إظهار مظاهر الحاجة وإختلاق الأكاذيب لدفع المواطن ان يضع يده في جيبه ليدفع له مبلغ من المال رغم أنفه .

إلى كل مواطن يقوم بربط انابيب المياه أو أسلاك للكهرباء من خارج العدادات، وأحياناً بمساعدة مهندسين وفنيين من دوائر الكهرباء والمياه، فيستهلكون ما استطاعوا مجاناً ودون حساب .

إلى كل تلميذ وطالب يمارس الغش  في الامتحانات ، وبمساعدة معلمه وأستاذه “الفاسد” بتزويده بأسئلة الامتحان ،، او بالسماح له بالغش داخل اللجان .

إلى كل موظف أوكلت له مهمة متابعة الفاسدين وهو نفسه غارق في الفساد، ويتأخر عن عمله ويسرق ساعات عمله ويسيء معاملة المواطن .

إلى كل طماع جشاع يتفق مع التجار لزيادة أسعار سلعة ما . وبائع الخضروات الذي يغش في بضاعته ، وتاجر الجملة الذي يحتكر السلعة لمص جيوب الفقراء والمحتاجين .

إلى كل صحفي واعلامي يقوم بكل صور وتزييف الحقائق ، ويكون ذلك عندما تنعدم الضوابط والأخلاقيات ولا يكون هناك ميثاق شرف إعلامي، فتتوه الحقيقة وسط إعلام جذاب ينقل الزيف للناس على أنه حقيقة، فالرشوة مقابل حصولك على المعلومة، والمال من أجل تشويه الحقائق الثابتة وتغير قناعات الناس

إلى كل من يرتدي ثوب الاصلاح ويعوم في الفساد ، ويتحدث عن الاديان  قولا لا فعلا ، يتحدث عن الأمانة وقلبه أقرب الى الخيانة، يتحدث عن الفضيلة والقيم والمثل والاخلاق وهو منهم براء.

وأخيرا : أقول لهذه السيدة العظيمة ..  شكرا ‏سيدتي الجميلة  ، لقد ضربت للجمبع أروع الأمثلة العملية في الحرص علي العيش الحلال رغم الاحتياج الشديد للمال ..لقد إختزلت في شخصيتك كل المعاني الجميلة و القيم الإنسانية النبيلة في موقف بسيط سيبقي مؤثرا في القلوب و مخجلا للنفوس..هنيئا لك أيتها السيدة المصرية العظيمة ،، وهنيئا لكل سيدة مصرية تضرب لنا من الحين للأخر أروع الأمثلة في الأخلاق الحميدة والنفوس الطيبة المطمئنة التي تتحلى بكنز القناعة والرضا .

مكناس..تأجيل المزاد العلني لسينما الأطلس التاريخية إلى أجل غير مسمى

مكناس –المغرب-الزمان المصرى : أنس الدكالي

تم تأجيل المزاد العلني الذي كان من المقرر إجرائه صباح اليوم الخميس 22 أبريل

2021  بالمحكمة التجارية لمكناس من أجل البيع القضائي الجبري لسينما

الأطلس الكائنة بشارع روامزين بالمدينة العتيقة لمكناس ، وذكرت المصادر

أن المزاد مني بالفشل حيث لم يشارك أي شخص، الأمر الذي دفع المحكمة إلى

تأجيله لوقت لاحق لم يتم الكشف عنه

ولم تستبعد بعض المصادر المقربة من حملة ” ما تقيش مدينتي ” أن تكون

الحملة التي أطلقتها لمواجهة قرار عرض سينما الأطلس التاريخية في المزاد

العلني بدل تصنيفها من طرف وزارة الثقافة باعتباره المعني المباشر بصيانة

وحفظ المعالم الثقافية التاريخية الأثر الكبير في فشل المزاد.

ويرتقب أن تتواصل حملة ” ما تقيش مدينتي ” والتي يقودها مجموعة من

المثقفين والفنانين والإعلاميين، من أجل المطالبة بتصنيف المواقع

التاريخية وخاصة الصالات السينمائية المغلقة، وتحويلها إلى مركبات ثقافية

تحت إشراف وزارة الثقافة والشباب والرياضة، وهي الحملة التي خلفت أصداء

واسعة على الصعيد الوطني والدولي، وعرفت مشاركة وازنة لمثقفين وفنانين

وإعلاميين وأكاديميين وباحثين ومهتمين بحفظ الذاكرة والتراث على المستوى

الوطني والدولي، حيث فاقت التوقيعات لغاية الخميس  الماضى 22 أبريل 2021،

400 توقيع.

ويطالب الموقعون على نداء مكناس لحماية المواقع الثقافية بالحفاظ على

المعالم الثقافية للمدينة، باعتبارها جزء من الموروث الثقافي والعمراني

للمدينة، واقتناء القاعات السينمائية التاريخية المغلقة من طرف الدولة

ممثلة في وزارة الثقافة والشباب والرياضة أو المبادرة الوطنية للتنمية

البشرية أو من طرف جماعة مكناس، والتي ستكون كلفتها جد منخفضة، اذا تم

استحضار الكلفة الباهضة لبناء وتجهيز المركبات الثقافية، فالقاعات

السينمائية المغلقة ( الأطلس، أبولو، مونديال، الملكي ) لاتتطلب أكثر من

مصاريف الترميم والصيانة، كما إن إعادة فتحها على شكل مركبات ثقافية

سيسهم في تحقيق التنمية الثقافية بالمدينة، والتي ستكون لها آثار ايجابية

في تحقيق الرواج التجاري وإنعاش القطاع السياحي، خصوصا بالمدينة العتيقة

لمكناس.

الدكتور عادل عامر عن : الحرب الباردة الجديدة

نظراً لأن الحرب الباردة كانت تعكس المنافسات الأيديولوجية الشرسة بشأن شكل ونوع النظام الذي يمكن أن يلبي تطلعات الجنس البشري على وجهها الأفضل، خلق ذلك الصراع المحتدم حتمية ضرورية للولايات المتحدة لأن ترقى إلى مستوى تلك الصورة الراقية التي صورها لها العالم. كذلك، ولأن المنافسة الشديدة كانت تستلزم من الولايات المتحدة التعبئة والاحتشاد على جميع المستويات من أجل مواكبة الصراع طويل الأمد، فلقد دفعت البلاد دفعا إلى الاستثمار في تحسين وتطوير الذات.  

وبإمعان النظر في حركة الحقوق المدنية الأميركية، شكلت بعض النجاحات الكبرى ضد التمييز الذي ترعاه الدولة، وحالات الإقصاء السياسية، ومظاهر العنف العنصري، قدراً من أهم المنجزات المحلية في الولايات المتحدة لا سيما في فترة ما بعد حقبة تلك الحرب الباردة، وكانت ذات ارتباط وصلة وثيقة بهذه الحرب.  

يقال إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا هزليا. شيء من الهزل السياسي شاب استدعاء الحرب الباردة رغم غياب حقائقها منذ أكثر من ثلاثة عقود. من علامات الهزل السياسي أن تبدأ الأزمة بسؤال فى حديث تلفزيوني عما إذا كان الرئيس الأمريكي يعتقد أن نظيره الروسي «قاتل».. ثم يجد معاونو «بايدن» أنه لابد عليهم أن يوضحوا للرأي العام أن ما قاله الرئيس لم تكن فلتة لسان، وأنه كان يقصد ما قاله تماما وغير نادم عليه حتى لا يطعن في قدرته الذهنية على إدارة مصالح بلاده. ومن علامات الهزل السياسي بحث كل طرف في الأزمة المستجدة عن مسوغات تبرر موقفه، شرعية أو غير شرعية، صحيحة أو منتحلة، داخل الموضوع أو خارجه.  

الأمريكيون ينعون على الروس إهدار حقوق الإنسان واضطهاد المعارضين السياسيين، مثل «إليكسى نافالنى»، الذى تعرض للتسميم ثم المحاكمة والسجن، والتدخل العسكرى فى أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، فيما الروس يعتبرون التعريض بـ«بوتين» بهذه الطريقة إهانة جماعية. الملاسنات تمددت إلى التاريخ بإشارة «بوتين» إلى طبيعة نشأة الولايات المتحدة، حين ارتكب المستعمرون الأوروبيون الذين وفدوا إلى الأراضى الجديدة مذابح جماعية بحق السكان الأصليين فى أمريكا وإلى أن الولايات المتحدة كانت الدولة الوحيدة التى استخدمت سلاحا نوويا ضد دولة أخرى.  

إذا دخل العرب فى صياغة لائحة اتهامات القتل فإنها سوف تتمدد إلى ما لا يمكن حصره. ثم وصل الهزل السياسى إلى حد اقتراح «بوتين» إجراء مناظرة مع «بايدن» عبر وسائل التواصل الحديثة يشهدها ويحكم عليها العالم بأسره! بمنطق أو بغير منطق استبيح كل شىء، ما هو تاريخى وما يعوزه الدليل، ما هو شخصى وما يتعلق بمصالح الدول العليا، غير أن طرفى الأزمة المستجدة يدركان أن اللعبة لا تتجاوز التوظيف السياسى، كل لأسبابه الداخلية!  

لا «بايدن» سوف يمضى فى التصعيد إلى أكثر من العقوبات واستثارة ذكريات الحرب الباردة حين كانت لأمريكا الكلمة الأولى فى المعادلات الدولية. ولا «بوتين» بوارد قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد أكد جازما على رغبة بلاده فى «الإبقاء على العلاقات على النحو الذى تراه».الملاسنات فى جوهرها تعبير عن أوضاع قلق وتأزم يستبق نظام دولى جديد يوشك أن يولد من تحت ضربات جائحة «كورونا».«بايدن» يستدعى شبح «ترامب» لإكساب رئاسته ما تحتاجه من شعبية الاقتناع العام بجدارته بالحكم بعيدا عن إرث سلفه الذى نال بفداحة من صورة الولايات المتحدة. و«بوتين» يوظف ما تورط فيه نظيره الأمريكى من تفلت لفظى لإكساب نفسه شرعية جديدة تبرر طول البقاء فى الحكم.  

يقف وراء هذه الأنماط والحملات الجديدة- التي يمكن أن تتم بمعرفة دول أو منظمات خارجية خفية تعمل لصالح مرشحين بعينهم عبر نشر تقارير مضللة- قراصنة محترفون مهمتهم التلاعب بتوجهات وعواطف الرأي العام، ما يؤدي في المحصلة النهائية إلى التحكم في إرادة الناخبين لمصلحة جهات بعينها عبر التلاعب وتزييف المعلومات والبيانات. والأمثلة حول ذلك كثيرة، منها الممارسات المشبوهة لحملات رئاسية أفريقية جرت أخيراً، بما في ذلك إعادة انتخاب فوري غناسينجبي، رئيس جمهورية توغو، في فبراير (شباط) 2020، وكذلك الجدل المستمر حول التلاعب في حملة الانتخابات الأميركية الأخيرة التي أوصلت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ولا يفوتنا في هذا المقام التقرير الذي أصدرته أخيراً “لجنة الاستخبارات والأمن” لدى البرلمان البريطاني، الذي أشار بوضوح إلى هجمات إلكترونية نفذها قراصنة روس هدفها توجيه الرأي العام إلى اتخاذ قرارات بعينها أثناء استفتاء اسكتلندا عام 2014، وكذلك خلال حملة بريكست.  

يحاول القراصنة السيبرانيون، الذي يتخفون وراء شاشات حواسيبهم عبر سلسلة من الهويات المزيفة والمجموعات المشبوهة والصور الخادعة، إثارة تغيير واسع النطاق. ويمكن للقرصان أن يكون أي شخص تقريباً: منظمة متطرفة أو عميل استخبارات أو حملة حزبية أو حتى فرد ذو قدرات سيبرانية رفيعة المستوى. يقوم هؤلاء باستحداث حسابات مزيفة يتنكرون عبرها بوصفهم من مواطني البلد المستهدف، ثم يقومون بدفع الجمهور إلى صفحات خارج منصات التواصل الاجتماعي، حيث تنخرط هذه الصفحات في تكتيكات مهمتها تغيير تركيز الجمهور من المواضيع غير السياسية إلى المواضيع السياسية عن طريق ضخ رسائل تصب في مصلحة طرف سياسي معين. وتعد منصة “فيسبوك” تحديداً، وشقيقاتها “تويتر” و”إنستاغرام” و”واتساب”، أشهر ميادين عمل القراصنة الجدد. إذ تحوّلت هذه المنصات إلى ساحة تُخاض فيها الحروب الباردة بحيث يكون فيها الفاعل مجهولاً، وباتت فضاءً استراتيجياً لتطبيق نظريات التأثير في الحشود والإقناع والتسويق السياسي عن طريق المحتوى المموّل. ولطالما وصلت تحقيقات أجهزة الاستخبارات التي طالت المنصة لتحديد الجهات التي تقف وراء هذه الحملات المشبوهة إلى حائط مسدود.  

وكما ظهر من الحرب الباردة السابقة، فإن هذه المخاطر ليست متوهمة، حيث صار الطعم الشيوعي الأحمر من الاستراتيجيات الانتخابية الناجعة. ويستغل أنصار الانتهازية السياسية شعارات معاداة الشيوعية بصورة جد ساخرة كسلاح ماض في المناقشات والجدالات الداخلية بشأن حقوق العمل وغيرها من القضايا المهمة الأخرى. ونجحت النزعة الماكارثية في تضفير كل تلك الخيوط معا كي تميط اللثام عن أسوأ ما تمخضت عنه سياسات الحرب الباردة.  

وتركزت هذه الظاهرة حول شخصية سياسية رعناء برزت من خلف الكواليس إلى بقعة الضوء من خلال المزاعم الفاضحة حول الخيانة الوطنية والتخريب الداخلي. ولكنها ما حازت الزخم الكبير الذي عايشته إلا لأنها استغلت الحركة الشعبية الموازية لها أيما استغلال. وكانت تلك الحركة قد استجابت راغمة للمخاوف الحقيقية من انتشار جواسيس الشيوعية، وتداعيات ذلك من ملاحقات الحملة العقابية التي وأدت الحياة، وعصفت بالحريات المدنية، ودفعت العديد من حلفاء الولايات المتحدة آنذاك إلى التساؤل عما إذا كانت واشنطن تؤمن حقاً بالقيم والمبادئ التي تزعم الدفاع عنها ومناصرتها.  

ومن حسن الحظ، أن هذا الخط لا يمثل سوى جزء يسير من مجمل تاريخ الولايات المتحدة إبان حقبة الحرب الباردة. وكانت حمى المكارثية قد نشطت في البلاد بحلول منتصف خمسينات القرن الماضي، وبرهنت المؤسسات الوطنية الأميركية على رسوخها وثبات أركانها وأنها كانت أقوى من التحديات التي فرضتها عليها تلك الحركة. وإجمالاً للقول، كان صراع القوى العظمى وقتذاك بمثابة القوة الدافعة من أجل التغيير البنّاء في الداخل الوطني الأميركي.  

أجل، استغل أنصار الفصل العنصري ومكتب التحقيقات الفيدرالية ثيمة معاداة الشيوعية في شن الهجمات الضارية على مارتن لوثر كينغ الابن وعلى غيره من دعاة وزعماء الحقوق والحريات المدنية. لكن وبصفة عامة، كانت الحرب الباردة تمثل قوة من قوى المساواة نظراً لواقع العلاقات العرقية داخل المجتمع الأميركي وغير المتوافقة مع جهود الحكومة الأميركية في كسب تأييد ومناصرة القلوب والعقول في بلدان العالم الثالث.  

وصرح الرئيس الأسبق هاري ترومان في عام 1947 قائلا: «لا بد من كسب مناصرة وتأييد شعوب البلدان البائسة التي مزقتها الحروب من أجل أسلوب الحياة الحرة. ولم يعد بإمكاننا تحمل رفاهية شن الهجمات الفارغة ضد التحيز والتمييز العنصري».  

وأقرت وزارة العدل الأميركية، في عهد الرئيس الأسبق دوايت آيزنهاور في عام 1954 أن التمييز العنصري يغذي نهم الدعاية الشيوعية في البلاد. وصرح وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك جون فوستر دالاس في عام 1957 قائلا بلهجة واضحة وقاسية: «إن التمييز العنصري المؤسسي في البلاد يهدد سياساتنا الخارجية تهديدا شديدا».  

ومن واقع قرار الرئيس ترومان بإلغاء الفصل العنصري داخل القوات المسلحة الأميركية، إلى التدخل الفيدرالي لوقف الفصل العنصري في المدارس منذ خمسينات القرن الماضي، وحتى تمرير قوانين الحقوق المدنية التاريخية، والتشريعات التي تضمن حقوق الناخبين في الستينات، كانت ضرورة الدفاع عن النظام الأميركي العام في الخارج تشكل قوة دفع قوية للعمل على تحسين هذا النظام ومجرياته في الداخل الأميركي.  

ولنطرح على أنفسنا سؤالاً مهماً: لماذا تملك الولايات المتحدة أفضل وأحسن نظم التعليم العالي على مستوى العالم؟ لقد أسفرت تداعيات الحرب الباردة السابقة عن توفير دعم غير مسبوق للجامعات الأميركية في وقت السلم، ولا سيما في أعقاب مفاجأة الاتحاد السوفياتي للعالم بإطلاقه للقمر الصناعي «سبوتنيك» في عام 1957، الأمر الذي دفع الحكومة الفيدرالية الأميركية إلى ضخ المزيد من الأموال فيما نطلق عليه اليوم اسم تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتي كانت ذات ضرورة كبيرة في المنافسات العلمية في عصر صواريخ الفضاء.  

ومن بين الأمور التي كانت أقل معرفة وإنما أكثر حيوية وحسما كانت رعاية الحكومة الفيدرالية لبرامج التدريب اللغوي وبرامج الدراسات المتخصصة، والعلوم الاجتماعية، وسواها من التخصصات التي تعد ضرورية في بسط التأثير والنفوذ على الصعيد العالمي. وبحلول عام 1961 كان 77 قسماً من أصل 90 قسماً أكاديمياً في جامعة ويسكونسن منخرطة ضمن برامج مسددة التكاليف من جانب الحكومة الفيدرالية. وصارت جامعة هارفارد المرموقة، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وبعض المؤسسات الأكاديمية الخاصة الأخرى، من بين أفضل المؤسسات التعليمية والجامعية على مستوى العالم. وكانت حقبة الحرب الباردة بمثابة العصر الذهبي للجامعات الأميركية، نظرا لأنها نجحت في إقناع قادة البلاد بحتمية أن تظل البلاد قوة عظمى على الصعيد الفكري والعلمي والتعليمي حتى تبقى قوة عظمى كذلك على الصعيدين العسكري والاقتصادي.  

وباتت العديد من الجوانب الأخرى للازدهار في الولايات المتحدة تدين بالفضل الواضح والكبير لحقبة الحرب الباردة. فلقد أقيمت مشاريع كثيرة للبنية التحتية في البلاد، فضلا عن نظم الطرق السريعة بين الولايات الأميركية، كانت لها أسبابها وتداعياتها الجيوسياسية الواضحة. كما ضمنت النفقات الفيدرالية السخية على جهود البحث والتطوير في ظهور أشباه الموصلات، وشبكة الإنترنت، والتقانات الأخرى الكثيرة التي نجحت في نقل الولايات المتحدة إلى عصر المعلومات. ومن دون الحرب الباردة لم نكن لنعرف معنى «وادي السليكون» في ولاية كاليفورنيا.  

وعلى نطاق أكبر، وفر الإنفاق العسكري الهائل إبان حقبة الحرب الباردة محفزات شبه دائمة فضلا عن ملايين الوظائف الجيدة للأفراد في مختلف أفرع القوات المسلحة وقطاع الصناعات الدفاعية في البلاد. وفي خاتمة المطاف، انتصرت الولايات المتحدة في الحرب الباردة؛ نظراً لأن نظامها المعتمد برهن على أنه أكثر ثباتاً وجاذبية من نظام الاتحاد السوفياتي. ومن بين أبرز أسباب جاذبية النظام الأميركي أن الحرب الباردة استمرت في دفع الولايات المتحدة لمواصلة الاستثمار في ديناميات حياتها ونظامها الخاص.  

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان