الدكتور عادل عامر يكتب عن: كيف ساهمت المبادرات الرئاسية  في توطين مفهوم العدالة الاجتماعية 

عانت مصر لسنوات طويلة من غياب العدالة في توزيع الثروة واتساع الفجوات بين الأغنياء

والفقراء وهو ما ألقى على الدولة عبء إعادة التوازن لتحقيق العدالة الاجتماعية وبالفعل أولى

السيسي، عقب توليه السلطة، اهتماما خاصا بملف العشوائيات، الذي أهملته الحكومات السابقة

على مدار 30 عاما.

 وتعد مؤشرات التنمية البشرية من المؤشرات الأساسية التي تستخدم في قياس وضعية العدالة

الاجتماعية وعلى رأسها مخرجات النظم الصحية هي المؤشرات الأهم (مثل معدلات وفيات

الأمهات والحوامل، معدلات وفيات الرضع والأطفال ومعدلات سنوات العمر المعاشة) في

مؤشرات التنمية البشرية إلى جانب مؤشرات إتاحة مياه الشرب وغيرها مما يجعل الصحة مقياسًا

حيويًّا لضمان الحق في التنمية والعدالة الاجتماعية.

 ويعد الضمان الاجتماعي، أحد الأركان الأساسية للعدالة الاجتماعية، ويشمل “الحق في الحصول

على استحقاقات أو ضمانات” مادية وغير ذلك، وفلسفة ذلك هو محاولة ربط نسيج الشعب وتقليل

الفجوات بينهم دون تمييز، كما يتضمن عدة أمور من أمثلة، تقديم مساعدات مالية إلى الأفراد

الأكثر احتياجاً في المجتمع، وتقديم رعاية صحية جيدة لكل طبقات المجتمع، كفالة الأفراد الذين

وُلدوا في طبقات فقيرة بتقديم لهم تعليم فعال وعمل لائق 

وأطلق السيسي عدة مبادرات لتطبيق مفاهيم الضمان الاجتماعي وبرامج الحماية الصحية

المختلفة، وكانت البداية بمشروع تكافل وكرامة و هـو برنامـج للتحويـلات النقديــة المشروطـة

تحـت مظـلة تطويــر شــبكات الأمـان الاجتماعي،

 ثم أطلق مبادرة حياة كريمة التي تتعاون فيها الدولة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والتي جاءت لتحقق ما جاء في نصوص العهد ‏الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كحق الإنسان في المسكن الملائم وحقه في الحصول على خدمات جيدة وتعامل ناجز مع “الفقر ‏والبطالة”.   ‏

ومع ظهور مشروع التظامين الصحي الشامل بدأت الدولة في مد المظلة الصحية إلى كافة مواطنيها على حد سواء، وسبقها عده مبادرات أطلقها الرئيس السيسي مثل مبادرة 100 مليون صحة وعلاج فيروس “سي” مجانا وإنهاء قوائم الانتظار في المستشفيات ثم التعامل بجدية مع جائحة كورونا وفق الإمكانيات المتاحة.

وفق هذه الرؤية يمكن أن نرصد تقدما كبيرا استجابت فيه الدولة المصرية لمطالبات الشعب بالعدالة الاجتماعية وبدأت تطبيقها وفق مفهومها الحديث الذي رسخته الأمم المتحدة وحددته المعايير الحقوقية الدولية لجودة الحياة للمواطن.

وساهمت تلك المبادرات في توطين مفهوم العدالة الاجتماعية وحولته من “شعار مطلبي” إلى واقع معاش تمثل في مبادرات “تكافل وكرامة” ، “حياة كريمة” و”100 مليون صحة” وإنهاء قوائم الجراحات الحرجة في المستشفيات والاقتراب الرئاسي من المواطنين في الجولات الميدانية واستجابة الرئيس لطلباتهم المباشرة.

ويمكن اعتبار الاهتمام الرئاسي بقضية العدالة الاجتماعية إشارات إلى “شكل الجمهورية الجديدة” وانطلاقها من نقطة تحويل الدولة لمنظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها في العهد الدولي الصادر عام 1966 إلى برامج تصل بتلك الحقوق إلى كل المواطنين دون تمييز.

وانعكس ذلك الفكر أيضا في مجموعة من التشريعات الصادرة عن مجلس النواب والتي تحقق مفهوم العدالة الاجتماعية ، كان من بينها قانون رقم 104 لسنة 2015 الخاص بتحقيق العدالة الضريبية، وقانون رقم 242 لسنة 2011 بشأن الحد الأقصى للدخول وربطه بالحد الأدنى، وقوانين 67 لسنة 2016 وصدور قانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، وقانون 60 الصادر في العام ذاته،

والخاص بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعي بالإضافة إلى قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018 والذي جاء في نصوصه أنه نظام إلزامي، يقوم على التكافل الاجتماعي وتغطي مظلته جميع المواطنين المشتركين به وتتحمل الدولة أعباءه عن غير القادرين بناء على قرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء بتحديد ضوابط الإعفاء .

يغيّر الاقتصاد الرقمي عالم العمل. فعلى مدى العقد الماضي، أدى التوسع في استخدام الإنترنت والحوسبة السحابية والبيانات إلى انتشار المنصات الرقمية، التي اخترقت بدورها عديد القطاعات في الاقتصادات والمجتمعات. ومنذ أوائل عام 2020، أدت عواقب جائحة كوفيد – 19 إلى اعتماد ترتيبات العمل عن بُعد، مما سمح بمواصلة عديد الأنشطة التجارية، وهو ما عزز بدوره نمو الاقتصاد الرقمي وتأثيره. كما كشفت الأزمة الفجوة الرقمية المتزايدة داخل البلدان المتقدمة والنامية وفيما بينها وفاقمت من تلك الأزمة، ولا سيما فيما يتعلق بإتاحة المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقدرة على تحمل كلفتها والحصول على خدمة الوصول إلى الإنترنت، مما أدى إلى تعميق أوجه التفاوت القائمة.

وبينما تتيح منصات العمل الرقمية للعمال — بما في ذلك النساء والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والعمال المهاجرين — فرصًا مدرة للدخل والاستفادة من ترتيبات العمل المرنة، فإنها تمثل كذلك بعض التحديات. فمن منظور العمال، تتعلق هذه الأمور بانتظام العمل والدخل، وحقوقهم في ظروف عمل عادلة، والحماية الاجتماعية ومستوى معيشي لائق، واستخدام المهارات، والحق في تشكيل النقابات أو الانضمام إليها.

ولذا فخوارزميات المراقبة تزيد في بعض الحالات عن ممارسات المراقبة الشخصية في مكان العمل، وهو ما يمثل كذلك مصدر قلق متزايد. وتكشف عواقب جائحة كوفيد – 19 عن مخاطر وأوجه تفاوت في ما يتصل العمال في المنصات التي ترتكز على الموقع الجغرافي لمكان العمل. فالشركات التقليدية، تواجه تحديات أحدها المنافسة غير العادلة من المنصات الإلكترونية، التي لا تخضع بعضها للضرائب التقليدية وغيرها من الالتزامات التي تُفرض غالبا على الأعمال التجارية، بما في ذلك ما يتعلق بالقوى العاملة لديها. والتحدي الآخر الذي تواجهه الشركات التقليدية هو مقدار التمويل المطلوب للتكيف باستمرار مع التحولات الرقمية، وبخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وغياب الهياكل الأساسية الرقمية الموثوقة بشكل كاف، وبخاصة في جنوب الكرة الأرضية.

وبدأت الاستجابات التنظيمية من عديد البلدان في معالجة بعض القضايا المتعلقة بظروف العمل على منصات العمل الرقمية. ومع ذلك، فهناك حاجة إلى حوار وتنسيق دولي بشأن السياسات لأن منصات العمل الرقمية تعمل عبر ولايات قضائية متعددة. ولذا فإن تعزيز الحوار والتنسيق بين أصحاب المصلحة المتعددين على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية أمرًا حيويًا كذلك لضمان اليقين التنظيمي وإمكانية تطبيق معايير العمل العالمية، نظرًا لتنوع استجابات الدول والمنصة.

ويدعم احتفال هذا العام الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للبحث عن حلول لتحقيق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر، وتعزيز العمالة الكاملة والعمل اللائق، وإتاحة الحماية الاجتماعية الشاملة، والمساواة بين الجنسين، والوصول إلى الرفاه الاجتماعي والعدالة للجميع. وبالتالي، فإن هذه المناسبة تهدف إلى تعزيز الحوار مع الدول الأعضاء ومؤسسات الأمم المتحدة ذات الصلة وأصحاب المصلحة الآخرين بشأن الإجراءات اللازمة للتغلب على الفجوة الرقمية، وإتاحة فرص العمل اللائق، وحماية العمل وحقوق الإنسان في العصر الحديث للتقنيات الرقمية.

لذلك نجحت المبادرات الرئاسية المتتالية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحسين جودة الحياة وبناء الإنسان في إحداث تغييرات كبيرة في الواقع المصري، كما عملت على توطين مفهوم العدالة الاجتماعية وحولته من “شعار مطلبي” إلى واقع معاش تمثل في مبادرات “تكافل وكرامة”، “حياة كريمة” و”100 مليون صحة”، وإنهاء قوائم الجراحات الحرجة في المستشفيات والاقتراب الرئاسي من المواطنين في الجولات الميدانية واستجابة الرئيس لطلباتهم المباشرة. 

*كاتب المقال

دكتور القانون العام والاقتصاد

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

ؤعضو منظمة التجارة الأوروبية

  مصطفى منيغ يكتب من بروكسل عن : حكومة من الديمقراطية محرومة

الإحتكام إلى المستقبل ، ضرب من أوهام خيال ، إن كان المقصود رفع دعوى ضد حالٍ لا يتبدَّل ، كأنَّ الزمان عند بلوغ المنتظرين ذلك غَضَّ الطرف عن المآل ، فينتشر البَدْء من جديد لِمَا مَلّ منه في المغرب النساء قبل الرجال ، كأنَّ الكِتابَ نفسه مُزيَّن هذه المرَّة بغلاف مزركشٍ بثلاثة ألوان عنوانه “البقاء للأقوَى وليس لضُعَّاف الإحتمال” ، مضمونه محفوظ على ظهر قلبٍ لمَن للنجاة مال ، إذ ثمّة لكل مسلكٍ حارس مهمَّته أخذ البال ، مِن كُلِّ مارٍ يُكِّلمُ نفسه بما لا يستطيع البوح به جهراً عن احتلال ، عقول الواعين الساخطين على تغلُّبِ الحرام على الحلال ، وتفوُّق المنكر لدى بعض دكاكين السياسة الجامعين الفوائد في أضخم سِلال ، كلَّما انتهت الانتخابات أغلقت أبوابها لتتفرَّغ بترديد أغنية أم كلثوم “الاطلال” .

… ما وقع في الجماعات المحلية يُندَى له جبين تلك الأغلبية الحزبية المكونة للحكومة بالتمام والكمال ، وايضا الطريقة نفسها المكررة في مجالس جهات المملكة المغربية برمتها دون تردُّد أو كَلَل ، كأنه عيد ميلاد اقتصر عنده الاحتفال ، بتوزيع كعكة “الرؤساء” بالتراضي فيما بينها دون اعتبار لتباين برامجها   أو تمييز بين قبح بدعة وما للقيم الحميدة من جمال ، بل اعمال تقلِّل من أهمية فحواها أفعال ، لا تمنح لصوت المُنتَخِب أي قيمة لاختياره بل تقطع عنه مستقبلاً أي اتصال ، لذا ما جري در رماد شبه النزاهة على المآقي للتأكيد عن سوء أحوال ، تلف الخمس سنوات بما يؤخر الجواب على السؤال ، أبمثل البداية تبدأ بداية تكرار البدايات لتندرج المرحلة الآنية في خانة ما سبق من اضمحلال ، لربح المزيد من التراكمات مهما كان المجال ، خدمة لنفس الطبقة التي لا يهمها ممَّا يُزرع إلا بما ستحصده من أموال ، تسافر معظمها حيث الصناديق السريّة في بلد لا تفارق الثلوج ما بها من قمم جبال ، شهيرة بالتزحلق لمن يغتنموها فرصة لتعليل كثرة الترحال ، لضم حصيلة قطق غنائم الغلال ، لما يغطِّي احلامهم بالعيش داخل قصص ألف ليلة وليلة لتفريغ ما بهم من عِلل، والشعب مُكتفي بالتفرُّج على فصول المسرحية  وسماع ما يتردد على السنة ممثليها  من معسول الأقوال. 

… المغرب الرسمي ليس أمامه عقبات ما دامت الدولة فيه مُتحكّمة في كل المنافذ بما يؤهل قمَّتها الأنفراد بما ان طُُرِِحَ على المغاربة حصل الإقبال ، فلا معارضة قادرة على الصمود إلا ريثما تعاود الفهم أنها ومُهِمَّة حروف الجرِّ سواء فتنزوي بارادة الإقلال  ، من الصراخ الخافت مهما كان المكان القادرة منه وبترخيص مُسبق الإعلان فيه عن نصف رأيها بكلمات محسوبة على الإمتثال ، لمن سنَّ الحدَّين الأدنى والأقصى وما زاد عنهما مصيره الاعتقال ، طبعاً لمن عاشوا التجربة يجعلون من الانتخابات ولو كانت نزيهة مجرد تغطية شمس الحقائق بالغربال ، فالثابت ثابت بما وُجِد راضياً أو ساخطاً او من موقف آخر لا يخطر على بال ، والسَّعي لاظهار ما جرى من صنع الديمقراطية قد كَلَّفَ  الخزينة المليارات الموزعة على أصحاب الحال ، من بعض مطبِّلين  كتابةً  أو بعض مزمِّرين على الأثير صوتاً  أو بعض المدفوعين بأمرٍ لمواجهة كامرات الهوائيات المحليَّة في تحاليل تميِّزها الثرثرة التي لا تربطها حِبال ، ما دام الضوء الأخضر ممنوح لأصحابها يتكلمون بما لا يفهمون أو يفهمون بما لا يتكلمون كالمطلوب منهم من لدن بعض المتطفِّلين الرَّسميين على حرمة الإتِّصال ، ليس هذا وحده مَن ساهم في هشاشة الاطمئنان في مغرب السبع طبقات المشكَّلة على السلّم الموسيقي نزولاً وصعوداً المكتوب على قياسه العلمي لحناً معزوفا بغير حق العازفين في الخروج عن المقيَّدين به من نغمات ومقامات تتحرَّك على ضوئهما أياديهم وفق ما تقرؤه عيونهم بموافقة عقولهم في انسجام دون حدوث أقل خَلَل . والمايسترو يلوّح بأوامره محافظاً على الايقاع مرخّصاً للمغني البدء بمخاطبة كل الحاضرين في القاعة مهما اختلفت درجات تذوقهم لتلك القصيدة المغناة وما ترمز اليه من خِصال ، أجل طبقات سبعة ، أخرها اغلبية الشعب المسحوق بما يفرزه بكيفية أو أخرى كنقابات عمالبة وأحزاب سياسية ، وما فوق ذلك من مؤسسات ادارية تنفيذية رسمية عمومية ، وما يعلوها من قوات عسكرية وأمنية ، وأخيرا تأتي أسمى الطبقات على الاطلاق مكونة من أربعة فروع قد يؤدي شرحها بالتفصيل لما لا يُحمد عقباه ، لأنه المغرب كلما ارتقى فهمك للحقائق بالمعلومات الدقيقة الصحيحة الصادقة ، تُقابَل بما يعيدك للتربية في قسم الحضانة تحت اشراف مدرِّسين لا شأن لهم بحقوق الانسان ولا هم يحزنون .

… ولينظر مَن شاء في تركيبة الحكومة الحالية المُعلن عنها برئاسة “أخنوش” ، وليجيب نفسه عما يسأل ، أهناك ديمقراطية في تشكيل مثل الحكومات ؟؟؟.

منشورات المتوسط بإيطاليا تطلق سلسلةً أدبيةً بعنوان “حكايات المافيا”

كتب : حافظ الشاعر

تُطلق منشورات المتوسط – إيطاليا سلسلةً أدبيةً بعنوان “حكايات المافيا”، في سياق عملها على تعريف القارئ العربي بالثقافة والتقاليد والظواهر التي أثّرت في بناء وتطور المجتمع الإيطالي.

تقوم السلسلة على ترجمة أعمال روائية وسيرية تناولت ظاهرة المافيا وحاولت فهمها عن قرب، لما لها من أثر كبير في الحياة الاجتماعية، ليس في إيطاليا وحسب، بل في دول كثيرة من العالم مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وتركيا وغيرها من الأمم التي تأسّست فيها مافيات على النمط الإيطالي، لكن بأسماء وبُنيات مختلفة.

السلسلة التي تعِد قراءها بجرعات دسمة من الأدب الرفيع والحبكات المشوّقة سيكون إعلان ميلادها عبر إصدار ثلاث روايات للكاتب ليوناردو شاشا، وسيُعلن عن التفاصيل الكاملة لكلٍّ منها في حينه.

يشرف الكاتب السوري – الإيطالي يوسف وقّاص على “حكايات المافيا”، نظراً لإقامته الطويلة في إيطاليا، ولاحتكاكه وتقاطع تجربته الحياتية مع عالم المافيا في إيطاليا.

لطالما استرعى أدب المافيا دائماً اهتمام القرّاء منذ القرن التاسع عشر، بفضل مساهمات كتّاب إيطاليين كبار مثل جوفانّي فيرغا، لويجي بيرانديللو، ليوناردو شاشا وجوزيبِّهْ توماسي لامبيدوزا. وهذا النوع الأدبي لم يتطور في الجنوب فقط، كما هو الاعتقاد السائد، حيث مهد المافيا، ولكن في الوسط والشمال أيضاً. ويكفي في هذا الصدد ذكر إيتالو كالفينو، وبازوليني، ولويجي ماليربا. ويمكن العثور على بدايات أدب المافيا في العمل المسرحي “رجال المافيا في فيكارا” (1893) لمؤلفيه جوزيبِّهْ ريتزوتّو وغاسبارِهْ موسكا، الذي اُستخدم فيه لأول مرة مصطلح “مافيا”.

تعرضت أعمال هؤلاء الكتّاب لنقد عنيف أحياناً، على اعتبار أن هذه الكتابات، بالأخص روايات الكاتب ليوناردو شاشا، جعلت من المافيا أسطورة، بل أوصلتها إلى مصاف الظواهر التي لا تقهر، نظراً لتجذرها في مجتمعات الجنوب ووصول أذرعها الأخطبوطية، بطرق ملتوية إلى الدوائر الاقتصادية والسياسية في البلاد. فلا يمرّ أسبوع دون كشف رئيس بلدية أو عضو تجمع بلدي أو قاض أو عناصر من الشرطة، يعملون مع المافيا، أو يساعدونها في الحصول على تعهدات عامة وملفات تتعلق بأوضاعهم القضائية.

ستكون أعمال هؤلاء الكتاب ضمن إصدارنا بالطبع، لكن سيتخللها إصدارات أكثر حداثة لأهم الشخصيات التي حاربت المافيا في إيطاليا وفي العالم، مثل القاضي المحقّق جوفاني فالكوني الذي اغتالته المافيا الصقلّية مع زوجته فرانشيسكا مورفيللو وثلاثة من عناصر المرافقة في الثالث والعشرين من أيار/ مايو عام 1992. بالإضافة إلى القاضي المحقق باولو بورسيللينو، زميل وصديق فالكوني، الذي جرى اغتياله في التاسع عشر من تموز/ يوليو عام 1992 (أي بعد شهرين فقط من اغتيال جوفانّي فالكوني)، والجنرال كارلو ألبرتو دالّا كييزا، الذي اغتالته المافيا أيضاً في الثالث من أيلول/ سبتمبر عام 1982.

لعبت هذه الأعمال الأدبية، إلى جانب المسرح والسينما والمسلسلات التلفزيونية الجادّة، دوراً كبيراً في تراجع هذه الظاهرة، وما التهديادات التي تلقاها الكثير من الصحفيين والكتّاب، مثل روبرتو سافيانو الذي يعيش في مكان مجهول وتحت الحراسة المشددة، ليست سوى دليل على أن المافيا تخشى الكلمة أكثر من القانون وقوة السلاح.

قسم المافيا

تقوم المافيا على شكل تنظيمي صارم. فهي منظمات بكل معنى الكلمة. لها هرميتها وطقوسها وأعرافها. ولها قسم أيضاً!

ولأداء قسم المافيا، يُصطحب الشخص الذي يريد الانتساب إلى “المنظمة” إلى غرفة بحضور جميع أفراد العائلة التي تسيطر على تلك البلدة أو القرية. اللحظة الحاسمة التي يستمد منها الحفل اسمه، هي وخز إصبع السبابة “للمبتدئ” بشوكة من شجرة النارنج أو، حسب تقاليد العائلة المافوية، بدبوس من الذهب. ثم يُستخدم الدم المراق لتلطيخ صورة مقدّسة، تُحرق فيما بعد، ليحملها المنتسب الجديد بين يديه أثناء ترديده القسم: “أقسم أن أكون مخلصاً ﻠ”كوزا نوسترا” (أي المافيا)، وليحترق جسدي مثل هذه الصورة المقدّسة إن لم أحافظ على قسمي”.

في تفكيك مافياتنا

على ما في سلسلة “حكايات المافيا” من وعودٍ بنصوص رفيعة المستوى من حيث منظورها الاجتماعي والأخلاقي، ومن حيث حبكاتها الحافلة بالتشويق والترقب والغموض؛ فإنها تتطلع إلى أن تساهم في تشكيل أرضية فكرية لمعرفة آليات تفكير المافيا، وبالتالي المساهمة في تفكيك العقلية الإجرامية التي تقوم عليها، الأمر الذي يدفع إلى تمكين القارئ من الإحاطة بكل مافيا تنشط في محيطه المحلي، سياسية أو دينية أو اقتصادية، مهدّدةً حياته ومغلقةً دروب مستقبله.

لوغو السلسلة ومقاصد المتوسط

القارئات والقرّاء الأعزاء.. عُرف عن بعض عصابات المافيا أنها إذا قرّرت تصفية أحد ما تُرسل إليه رسالة تحتوي على صورة كفٍّ أسود. ومن يتلقى ذلك البريد يدرك على الفور أن أيامه أوشكت على نهايتها. اعتمدنا الكف السوداء كشعار لهذه السلسلة، فإذا استلم أحدكم أي كتاب من كتب هذه السلسة فلا داعي للقلق أبداً، فيكفي أن يقرأ الكتاب كاملاً ثم يسارع إلى اقتناء كتاب آخر من كتب السلسة أو غيرها، فالقراءة وحدها القادرة على أن تبطل مفعول الكف الأسود للمافيا.

الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن :العودة إلى سوريا

 

ربما لا يوجد منطق مقبول وراء وضع العربة أمام الحصان فى قصة سوريا ، ففرص تغيير النظام السورى لا تبدو واردة فى المدى المنظور ، والثورة السورية المطالبة بالحرية  قمعت بعنف همجى ، واختفت ملامحها السلمية الشعبية فى صبوتها الأولى ، التى لم تستمر سوى لتسعة شهور بدءا بصيحة “درعا” ، ثم كان الخطأ القاتل بعسكرة الثورة واستدعاء التدخل الأجنبى ، وهو ما صادف هوى غريزيا عند النظام ، تحولت به الثورة فى سوريا إلى ثورة على سوريا ، وحروب دمار شامل بالوكالة وبالأصالة ، قادت إلى خراب شامل لأغلب مدن وقرى سوريا ، وانتهت بنصف أهلها إلى مآسى النزوح واللجوء ، وإلى تقسيم فعلى للخرائط على جبهات السلاح ، وإلى خسائر كلية قد تصل لنحو 800 مليار دولار، فوق المقتلة المفزعة التى جرت وتجرى ، وراح ضحيتها نحو المليون سورى .

  ومن زاوية أخلاقية ، فقد تورطت كل الأطراف فى إهدار الدم السورى ، صحيح أن النظام أو ما تبقى منه ، وهو استبدادى وطائفى بلا شبهة ، يتحمل النصيب الأكبر فى المأساة ، ومن دون تهوين ولا إغفال لجرائم أطراف أخرى ، تدعى الانتساب لمعنى الثورة ، وهى براء منها ، وشكلت أغلب مايسمى فصائل المعارضة المسلحة ، وكثير منها جماعات يمين دينى وسلفية “جهادية” ، وإرهابية صريحة ، بادلت جماعة النظام طائفية بطائفية ، وولغت فى دم السوريين كما فعل النظام ، ومن دون اكتراث بسعى إلى “ديمقراطية” ولا إلى “وطنية سورية” ، لاتؤمن بها أصلا ، واستعانت كما استعان النظام عسكريا بالأجانب ، وبخطوط تمويل تدفقت بمليارات الدولارات ، وبفضائح فساد طافح ، اللهم إلا من استثناءات متناثرة فى المعارضة ، قد يعتد بنقاء أصواتها ، ورفضها “العسكرة” والتدخل الأجنبى ، برزت بينها “هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطنى الديمقراطى” ، إضافة لمجموعات أخرى وطيف واسع من الشخصيات الوطنية المستقلة ، بدت كلها حريصة على ابتعاد عن جماعات اليمين الدينى و”داعش” و”جبهة النصرة” وأخواتها ، خصوصا مع تغير شامل تزايد أخيرا فى المزاج الشعبى العربى عموما ، وفى المزاج السورى ضمنا ، لم يعد يرى فى الجماعات الدينية بديلا سياسيا يؤتمن أو يوثق به ، بقدر ما هى عنوان للدمار والتفتيت المرعب للأوطان ، صار مكشوفا للعيان من مشارق الأمة حتى مغاربها .

  والمعنى ببساطة ، أن البيئة تبدلت ، وأن الوضع فى 2021 لم يعد كما كان أواخر عام 2011 ، حين قرر اجتماع عربى رسمى طارئ بالقاهرة ، تعليق عضوية سوريا فى جامعة الدول العربية ، ثم إحلال جماعة “معارضة” فى المقعد الشاغر ، ثم إجلاء هذه الجماعة عن المقعد فى قمة عربية لاحقة بشرم الشيخ عام 2015 ، ثم السعى الذى نراه اليوم لإعادة النظام السورى إلى مقعده ، عملا بقاعدة الاعتراف بأمر واقع آلت إليه الأمور فى سوريا ، وكون الجامعة لحكومات لا لشعوب ، ومبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية ، وترك مصير النظام السورى للشعب السورى ، فمن حقه وحده ، وبغير وصاية من أحد ، كما من حق كل شعب عربى أو غير عربى ، أن يبقى على نظامه أو أن يغيره ، وقد لا يقدح فى مطلب عودة سوريا إلى مقعدها ، أن النظام السورى يسيطر على الوضع بمعونة الأجانب الإيرانيين والروس ، وهذه حقيقة ملموسة ، نرى مثلها فى حالات لنظم عربية كاملة العضوية ، لا تسيطر على كامل أراضيها فعليا ، أو تستعين بقواعد وقوات أجنبية ، وتلك حقائق مؤسفة ، لاتبرر استثناء النظام السورى بالذات ، فوق أن الحديث عن القمع والدموية والديكتاتورية لا محل له فى كيان كجامعة الدول العربية ، فقد يكون النظام السورى هو الأكثر دموية ، لكن أغلب الحكومات العربية “فى الهم شرق” ، ثم نأتى إلى الأمر الأهم فيما نظن ، وهو أن القطيعة الرسمية العربية مع نظام دمشق ، قد أخلت الساحة السورية عموما من أى حضور أو نفوذ عربى ، هذا إذا استثنينا مقاولات تمويل بعض الجهات لجماعات الإرهاب ، وقد جرت كل هذه التمويلات فى خدمة الأجانب الأمريكيين بالذات ، وانتهينا إلى خرائط نفوذ على الأرض السورية ، كلها للأجانب القريبين والبعيدين بلا نفس عربى خالص ، فالقوات التركية موجودة فى الشمال والشمال الغربى ، والقوات الأمريكية تحمى “قسد” والوحدات الكردية فى الشمال الشرقى ، والقوات الروسية مع الإيرانيين مسيطرة فى الغرب والجنوب والوسط وبعض الشرق السورى ، والنظام حاضر فى ظل الحماية الروسية الإيرانية المزدوجة المتشاكسة أحيانا ، ويسيطر صوريا على أكثر من سبعين بالمئة من مساحة سوريا الكلية ، ولا تبدو من إمكانية قريبة لتغيير درامى فى القسمة الأمنية الأجنبية ، إلا إذا قررت أمريكا الانسحاب مثلا ، كما فعلتها فى أفغانستان كليا ، أو جزئيا فى العراق المجاور ، بينما لا يبدو الصدام فى “إدلب” بالشمال مستبعدا ، بحسب علاقات التفاهم الرجراج الحرج بين روسيا وتركيا ، أو بحسب تغيرات واردة إلى حد ما فى الوضع التركى ، وكلها سيناريوهات عسكرية محتملة ، لا تبدو الأطراف العربية مؤثرة فيها ، خصوصا مع استدامة أحوال القطيعة الرسمية ، تماما كما لا تبدو الأطراف العربية ذات وزن فى حساب تطورات السياسة ، والبحث عن حل سياسى لأزمة سوريا ، عبر صيغ القرار الدولى رقم 2254 أو غيره ، فقد توارت اجتماعات التفاوض فى “جنيف” و “الأستانة” وغيرها ، وانتهت مفاوضات الاتفاق على دستور سورى جامع إلى التجميد ، ومن دون أى دور عربى فعال ، برغم أن جماعات من المعارضين المتفاوضين تقيم فى عواصم عربية ، وقد يحتمل أن عودة سوريا إلى مقعدها الرسمى ، ربما تلعب دورا أكبر فى انسياب العلاقات العربية مع دمشق ، فوق ما توفره من فرص تواصل اقتصادى وتجارى وثقافى ، قد تعيد للصوت العربى بعض إغراء الاستماع إليه فى دمشق ، وتزاحم الأصوات الأجنبية الروسية والإيرانية الحاكمة هناك ، ويمكن لعمل عربى مشترك ، إن صحت النوايا ، أن يلعب دورا لا تقدر عليه موسكو وطهران فى إعادة إعمار سوريا ، وفتح الطريق لعودة آمنة لملايين من اللاجئين السوريين ، خصوصا مع عدم الممانعة الأمريكية الضمنية البادية فى عبور خط الغاز والربط الكهربى ، وبما قد يؤدى إلى تغيير تدريجى تراكمى فى الصورة ، يوفر على سوريا والسوريين خرابا مضافا فوق طاقة احتمال البشر .

   تبقى إشارة فى محلها إلى الدور المصرى الظاهر فيما يجرى ، وقيادته لحلف عمل عربى لإعادة سوريا ، والعودة إلى سوريا ، فلم يحدث أبدا ، أن تورطت مصر فى جريرة إسالة دم سورى واحد ، وكان الموقف المصرى الرسمى غالبا ، هو البحث عن حل سياسى ، وحفظ ما تبقى من هياكل الدولة السورية ، والحرص على استقرار وسيادة سوريا ، ووحدة أراضيها وشعبها ، ولم تنقطع العلاقات الرسمية بين القاهرة ودمشق فى أى وقت ، حتى فى فترة حكم الإخوان قصيرة العمر ، وكانت أسباب التواصل دائما “فوق سياسية”  لو صح التعبير ، فقد كانت مصر وسوريا “دولة واحدة” لأكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة أواخر خمسينيات القرن العشرين وأوائل ستينياته الفوارة ، ولم تكن هذه الوحدة هى الأولى فى بابها التاريخى ، فما قد لا يعرفه الكثيرون ، أن مصر و”سوريا الكبرى” كانتا ولاية واحدة زمن تقلبات وتداعى الخلافة العباسية ، ولمئات السنين الممتدة من حكم أحمد بن طولون لمصر حتى الغزو العثمانى ، وقتها كانت “سوريا الكبرى” تضم سوريا الحالية ولبنان وفلسطين والأردن ، وكانت وحدة مصر وسوريا المتصلة طويلا ، هى سند الأمة وسلاحها فى دفع وهزيمة حملات التتار والصليبيين ، تماما كما كانت وحدة عمل جيوش مصر وسوريا فى حرب أكتوبر  المجيدة 1973 ، وتماما كما كانت مصر موئلا تلقائيا مفضلا لهجرات الشوام ، وهروبهم من الجور العثمانى ، وعلى موجات تتابعت أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، ولعب كثير من المهاجرين الشوام أدوارا تأسيسية كبرى فى الثقافة والصحافة والفن المصرى ، وتزايد الاندماج الشعبى مع تجربة الوحدة زمن عبد الناصر ، وصولا إلى لجوء مئات الآلاف من السوريين إلى مصر فى العشر سنوات الأخيرة ، وحيث لا يقيم السوريون فى ملاجئ ولا فى مخيمات لا تعرفها مصر ، ويندمجون بسلاسة مدهشة فى الحياة المصرية ، ويحظون بمحبة لا مثيل لها ، وبتقدير مستحق من أغلب المصريين لنشاطهم وكفاءتهم التجارية بالذات ، فقد ترسخت فكرة “الشعب الواحد” فى أعماق ووجدان المصريين والسوريين ، ولم تمنع انقلابات السياسة من اتصال الشعور الفريد ، وأثره المباشر حتى على السياسة الرسمية المصرية ، التى تسعى بدأب لإعادة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة العربية ، ولإعادة العرب إلى سوريا الحبيبة ، بقطع النظر عن اختلافات السياسة ومآسيها .

*كاتب المقال

كاتب صحفى مصرى

رئيس تحرير جريدة

صوت الأمة

Kandel2002@hotmail.com

رئيس تحرير طريقي مع النجم طارق الدسوقى

كتب: أحمد سمير

نشر الكاتب الصحفى مدحت محي الدين رئيس تحرير برنامج طريقي على صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعى صورة له مع النجم الفنان ” طارق الدسوقى ” ونشر تعليقا عليها ” مع الفنان الكبير العملاق فى أدائه والممتع فى آرائه النجم طارق الدسوقى ضيفى فى طريقي”