الدكتور سامي محمود إبراهيم يكتب عن : حضورنا المبهم وظواهر تستفز الأذهان

رمزت سورة العصر الى الواقع الإنساني في علاقته بالزمن وسياقات الوجود والقيم ، فحددت الوقوع في الخسر بالاشارة الى شروط الاستثناء منه بصورة قرانية قصيرة.. فاثنان فرديان، الايمان والعمل الصالح ، واخران جماعيان لا يقع اي منهما دون المشاركة كما في التواصي بالحق والتواصي بالصبر. وهناك شرط اخر يعد بمثابة الاصل لهذه الشروط وهو الفناء والتماهي في الوجود الثابت الازلي السرمدي. هذا الشرط يرفض تأليه الإنسان وجوديا وقيميا.. فوجود الانسان مشروط بالخسر ان لم يلتزم بشروط القيم والبقاءالوجودي.. صاحب القسم هو الله تعالى ، والمقسوم به هو العصر. وهو في المنظور الاسلامي الوقت، او وقت الصلاة المفضلة « العصر»، او الصلاة الوسطى التي تسبقها صلاتان وتتبعها اثنتان. وعند بعض العقليين السور تتحدث عن مستقبل الانسان وانه مقبل على الوقوع في الخسر بسبب تناقص عنصر الزمن سر الوجود . هذا السر الذي يسقط في ساحله جبروت المتجبرين وعناد الملحدين وطغيان البغاة والسلاطين… انها الحقيقة التي تغذي صفحة وجودنا الزائل بمقومات البقاء ، حقيقة تصبغ الحياة بصبغة العبودية لبديع السموات والارض، فهو الذي  لا مرد لقضاءه ولا حدود لسلطانه.. فالايمان الحق هو الضمان الوجودي الذي يقي الانسان خطورة الفناء.. وهكذا يبقى الإنسان كائن واقعي له خصائصه له فاعليته وتاثيراته.. لا معنى مجرد لا رصيد له من الواقع . ومن ثم ينطلق الانسان بكل طاقاته يعمر في هذه الارض ويبني وينمي موجوداتها ويطور. وان يحقق من الابداع المادي فيها وفاق ما ينشئه من الصلاح الاخلاقي .. وهذا هو ضمان الحياة الطويلة المدى المتناسقة التصميم.. وبعد هذا لا نحتاج الى الحيطة ضد التجمد في قالب الحضارة، ونحن نستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.

*كاتب المقال

رئيس قسم الفلسفة/ كلية الآداب

جامعة الموصل/ العراق

 

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.