الدكتور عادل عامر  يكتب عن :الاهمية الاقتصادية للقطار السريع بمصر

  

يأتي الاتفاق علي انشاء هذه المنظومة المتكاملة للقطار الكهربائي السريع في مصر، بمسافة حوالي ألف كلم على مستوى الجمهورية، بتكلفة إجمالية قدرها 360 مليار جنيه، مع البدء الفوري لتنفيذ الخط الذي سيربط مدينة العين السخنة بـمدينة العلمين الجديدة، مرورا بـالعاصمة الإدارية الجديدة”.  

ويبلغ طول مشروع القطار الكهربائي السريع (العين السخنة – العلمين)، 1000 كلم، ويشمل 15 محطة، فيما تصل السرعة التصميمية للقطار إلى 250 كلم في الساعة.  

وسيساهم القطار السريع في ربط العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة بشبكة السكك الحديدية لنقل الركاب والبضائع، من خلال وسيلة نقل سريعة وعصرية وآمنة، حيث سيبدأ من مدينة العين السخنة على ساحل البحر الأحمر، حتى مدينة العلمين الجديدة، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر، ومحطة سكك حديد الإسكندرية الحالية، ومدينة برج العرب.  

أنه من المخطط الانتهاء من أعمال تنفيذ المشروع بالكامل خلال عامين من تاريخ تفعيل التعاقد الموقع مع شركة “سيمنز”، فقد “روعي عند تشغيل القطار الكهربائي أن يخدم المدن الجديدة؛ لتلافي حدوث ما تم من نقص في ربط المدن العمرانية الجديدة بخطوط سكك حديدية”. سيمثل إضافة كبيرة لمنظومة شبكة النقل في مصر، سواء لحركة الأفراد أو تسهيل التجارة، نظراً لأنه سيربط ساحلي البحر الأحمر والمتوسط مروراً بالعاصمة الإدارية الجديدة وعدد آخر من المدن الرئيسية، الأمر الذي سيعزز من جهود التنمية في مصر  

وتأتي الاهمية الاقتصادية لهذا القطار في أنه  سيساعد في تنشيط السياحة البينية ويعمل على إحياء المناطق التي يمر بها خط سير القطار والمحطات التي يتوقف فيها، مما سيساعد في إحداث تنمية حضرية وسياحية وتجارية تستفيد منها شرائح واسعة. ويستهدف المشروع الضخم تحقيق فوائد اقتصادية جمة على جانب زيادة مستخدمي النقل الجماعي، وتقليل نسبة الازدحام على الطرقات وتقليل التلوث الناجم عن استخدام المركبات، وتطوير المناطق المحيطة بالمحطات وعلى مسار القطارات وإنجاح الأعمال التجارية. وتعمير وتسكين هذه المدن وتحريك الكتل البشرية للإقامة بها  

إنما يسهم في تنمية محور وادي النطرون ومحور الضبعة وتنمية الساحل الغربي على البحر المتوسط، ومدينتي برج العرب، ومدينة العلمين الجديدة، كما سيسهم في نقل البضائع من ميناء السخنة على البحر الأحمر إلى ميناء الإسكندرية على البحر المتوسط، مرورًا بالميناء الجاف والمنطقة اللوجستية بـ٦ أكتوبر. وتمتاز القطارات بأنها صممت للعمل في درجات حرارة عالية، كما أنها تمنع دخول حبات الرمل داخلها.  

في ضوء سياسات تعديل أسعار الطاقة الحالية وارتفاع تكاليف النقل الخاصة في الدولة ، تعد القطارات خيارا لتنقل الشرائح السكانية متوسطة الدخل والفقيرة والأقل دخلا، لانخفاض تكاليفها.  

ولهذا تدعم الدولة السكك الحديدية لتوفير فرص التنقل للشرائح السكانية الأقل حظا. قد حققت الدولة قفزات كبيرة في قطاعات النقل البرية والبحرية والجوية، إن وجود شبكة حديدية – متكاملة مع شبكات النقل العام الأخرى – في بلد واسع المساحة مطلب أساسي من مطالب التنمية، وربط الأواصر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين مناطق الدولة المختلفة. وستتيح تغطيتها مناطق الدولة بدائل اقتصادية لنقل السكان والمنتجات والمدخلات، وتدعم النمو الاقتصادي وترفع الكفاءة وتزيد من تنافس وسائل النقل.  

تزيد القطارات من الحيوية والتقارب الاجتماعي والمنافسة في البلدان التي تكثر فيها. كما تلعب السكك الحديدة أدوارا اقتصادية وسياسية واستراتيجية، حيث يمكن استخدامها في أغراض التعبئة العسكرية ونقل المعدات والأفراد.  

وترتفع أهميتها مع اتساع البلدان وتباعد أطرافها. وعموما تساعد القطارات في تسريع النهضة الصناعية لإتاحتها نقل المواد الأولية والمدخلات بسرعة وبتكاليف منخفضة، كما تساعد على تسريع نقل المواد والأغذية والإعانات والبشر في حالات الكوارث والظروف الطارئة. تيسر القطارات من تنقل العمالة وهو ما يمكن العمالة من العمل على مسافات طويلة ويخفض من تكاليف الوصول إلى الوظائف.  

بجانب أنه يساعد في إيجاد تجمعات سكانية جديدة من خلال حركة الذهاب والإياب لشبكات السكك الحديدية التي تمر بها، بجانب أن مثل هذا المشروع يعمل على تعزيز الحركة الصناعية بجانب توفير فرص حركة النقل وتطوير الموانئ البرية والبحرية، وتأثيره الإيجابي في توفير فرص عمل كبيرة في مختلف التخصصات التي تحتاج إليها.  

وقد يكون أسرع من السفر بالسيارة إذا كانت القطارات سريعة ونقاط توقفها محدودة. والسفر بالقطار أقل إجهادا لأن بإمكانك الحركة والتجوال وحتى النوم دون تحمل مسؤوليات القيادة.  

ونظرا لانخفاض معامل احتكاك القطارات وكونها من وسائل السفر الجماعية، فهي أقل تلويثا للبيئة، حيث تستهلك كميات وقود أقل بالنسبة لكل راكب من السيارات أو الطائرات. ولهذا ينتج من استخدامها انبعاثات كربون وغازات دفيئة أقل ضررا.  

كما أن استخدام القطارات المسيرة بالكهرباء يحسن البيئة المحلية في المدن، ويساعد استخدام القطارات على تخفيف زحام الطرق ويوفر الوقت لسكان المدن التي تعاني الاختناقات المرورية، والقاهرة  مثال حي للاختناقات المرورية.  

تتفوق القطارات على الطائرات من ناحية المرونة وتعدد المحطات، حيث يمكن الصعود والنزول من القطارات في أماكن متقاربة. كما قد تتوافر في القطارات أماكن للجلوس أوسع وأكثر راحة للمسافرين. وقد تتوافر كبائن خاصة في بعض القطارات التي تسافر مسافات طويلة، حيث يمكن أن ينام المسافر أثناء الرحلات.  

كما يمكن الصعود إلى القطارات والنزول منها بسرعة، ولهذا ليس هناك حاجة إلى الحضور قبل وقت طويل من السفر، كما لا يضيع المسافر وقتا طويلا في مغادرتها.  

أما القطارات الكهربائية فهي اقتصادية أكثر، وأهدأ، وأكثر راحة، وأحدث، وأقل تسببا في التلوث، وأوفر من الناحية الاقتصادية. يمكن للقطارات نقل أعداد كبيرة من البشر وكميات ضخمة من السلع. ولكنها أقل مرونة من السيارات في استخدام الطرق، كما أن تكاليف إنشاء شبكاتها أعلى إذا كان عدد المسافرين منخفضا.  

أن قطاع السكك الحديدية من أهم القطاعات التي يتم استثمار مبالغ ضخمة بها، وذلك في ضوء استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، والتي كان من نتائجها ارتفاع تصنيف مصر وفقًا لمؤشر التنافسية الدولية في مجال جودة الطرق والبنية التحتية أن توطين صناعة الوحدات المتحركة للسكك الحديدية في مصر يعود إيجابيًا على الخدمة المقدمة للمواطنين، حيث أصبح توطين تلك الصناعة ضرورة مُلحة لاستدامة الخدمة المقدمة في هذا القطاع وخاصة مع التزايد السكاني والتوسع العمراني كما أن له قيمة مضافة تتمثل في المكون التكنولوجي العالي الذى يعود ايجابيًا على النمو في مصر.  

أن إنشاء السكك الحديدية يبدو أنه صمام أمان تتجه إليه الدولة  لحمايتها من الركود الاقتصادي، وذلك لأن بناء هذه السكك ومنح امتياز إنشائها للقطاع الخاص يضمن تحقيق عوائد للشركات المنشأة، ويساعدها في تحقيق ربح وبالتالي تحرك لعجلة الاقتصاد في الدولة، كما تسهم هذه السكك في تحريك التجارة وزيادة النمو وبالتالي ضمان عدم إصابة الدولة بركود اقتصادي.  

لكن سرعة انتشار هذه التكنولوجيات ستتوقف على عدد من المتغيرات: كم ستستغرق هذه الابتكارات حتى تصبح مجدية تقنياً، بل وأيضاً آمنة وقابلة للتوسع للقبول الجماعي؟ وما السرعة التي سيقبل بها المستهلكون والجهات التنظيمية هذه التغيرات ويتكيفون معها؟ ولكن على أي حال، من الآمن أن نفترض أن التغيير سوف يحدث بشكل أسرع مما نتوقعه.  

وستؤدي التكنولوجيا الخلاقة إلى تغير كامل في الانتقال، وستفعل ذلك بشكل أسرع مما نتوقع. وبطبيعة الحال، لا يمكننا التنبؤ بدقة بالغة ما سيعنيه الابتكار لمجال النقل. لكننا نستطيع أن نكون على أهبة الاستعداد، وأن نخطط للمستقبل للتأكد من تحقيق أقصى استفادة من أي شيء يخبئه المستقبل.  

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :داوم قرع الباب..!

لاتستصغر معروف تقدمه..
ولاتستنكف عن خير تفعله قل او كثر..
فالميزان الإلهى ليس كميزاننا ..أنه يكافئ بالفضل…
فافهم ايها الإنسان الضعيف ،
فقط أخلص الوجهة..وأصدق النية… واجتهد فى الأخذ بالأسباب …أما النتائج فليست شأنك. ….!؟
فإلى أين انت ذاهب ؟!
وماذا تريد ممافعلت ؟!
حتما الأمر يحتاج نظر وتفكر…!
فأبحث عن (خلوة) تقف فيها محاسبا نفسك قبل ان تحاسب..!؟
فما أصعب اللقاء إذا ظللت هكذا تسوف وتأخر وتأمل دون عمل واجتهاد قوى بمرآة الشريعة
ولك أعداء انتبه إليهم : نفس و هوى و دنيا و شياطين أنس وجن…!
#لابد من السير فى طريق الله
بكل جد …
تخطئ وتتوب. ..
تقع وتقوم…
تقوى وتضعف..
المهم ان تعمل بكل اجتهاد وتتقن ما فى يدك بعنوان ( الخوف من الله )…
ولاتنسى ان حياتك فى هذه الدنيا فانية والآخرة هى الباقية؟!
وصدق الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) معلمنا وقدوتنا إلى كل خلق كريم القائل :
(( اغتنم خمسا قبل خمس :
حياتك قبل موتك
وفراغك قبل شغلك
وغناك قبل فقرك
وشبابك قبل هرمك
وصحتك قبل سقمك ))
#نعم بتنا نعيش الغفلة ونرى الفتن تتوالى فإلى متى الغفلة…!؟
###ما اروعك يا أباذر
(الصحابى المتفكر )
تأمل…! وقف فى جوف الكعبة قائلا :
يا أيها الناس
انا جندب الغفاري
هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق ،
فاكتنفه الناس فقال :
أرأيتم لو ان أحدكم أراد سفرا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه ؟
قالوا : بلى !
قال :
فسفر طريق القيامة أبعد ما تريدون فخذوا منه ما يصلحكم.
قالوا : وما يصلحنا ؟
قال :
# حجوا حجة لعظام الأمور ،
#وصوموا يوما شديدا حره لطول النشور ،
# وكلمة خير تقولها او كلمة سوء تسكت عنها لوقوف يوم عظيم ،
#وتصدق بمالك لعلك تنجو من عسيرها ،
#اجعل الدنيا مجلسين
مجلسا فى طلب الآخرة
ومجلسا فى طلب
الحلال ،
والثالث لايضرك
ولاينفعك لاتريده ،
# واجعل المال درهمين
درهما على عيالك من حله ودرهما تقدمه لآخرتك والثالث يضرك و لاينفعك
########## ثم نادى باعلى صوته :
يا أيها الناس قد
قتلكم حرص لاتدركونه ابدا
نعم ..
داوم قرع الباب
فبإذن الله سيفتح .

أحمد الخالصي يكتب من العراق عن : إشكالية المشاركة الانتخابية

 

 

عندما يتم تصدير أي جملٍ على أنها أفكار لمجرد تنسيقها اللغوي، يؤدي هذا بطبيعة الحال لشيوع الشكليات على الأصالة، أي التنميق الكلمي على صحة الفكرة، وهذه طامة سفسطائية معاصرة.

 

بدأ جليًا ومع اقتراب موعد الانتخابات الوهمي (وأقصد الوصف حرفيًا)، تزايد المغالطات المنتشرة هنا وهناك فيما يتعلق باستخدام الأطراف المتجاذبة لعبة التلاعب بالمزاجيات العامة للشعب من خلال شد وجذب المفاهيم قدر الأمكان وتنمطيها فيما يخدم مصالحهم  ومن جملة هذه المغالطات هي تلك التي تتحدث عن الانتخابات من خلال ربط المشاركة فيها بجملة من المفاهيم الأخرى  كالمطالبة والمحاسبة والخ ….، وهي طروحات أقل ما يقال عنها بأنها ساذجة لحد لايحتمل وتفتقر لأي دقة سوى كانت قانونية أو سياسية، بل أن التحدث بهكذا طريقة يسلب من المشاركة صفة الحق ويجعلها في مضامين أخرى بعيدة عن سياقها الصحيح، وبالعودة لدستور 2005 الذي نص في المادة (20) منه (للمواطنين، رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح)

وقبل الخوض في غمار هذا النص أن حق الانتخاب مختلف فيه على صعيد التنظير القانوني فمنهم من يراه حق شخصي وبالتالي حرية المشاركة من عدمها أي يترك لتقدير المواطن ومنهم من يراه حق وظيفي أي يؤدى لا على أساس تعلق الحق بفردانية الشخص  بقدر مايكون الأمر متعلقًا بكونه جزءً من الأمة ككيان وبالتالي هنا يترتب عليه شروط، ومنهم من يرى كلاهما ومن هم من يراه حق قانوني يترك للسلطة تنظيمه، أن الطروحات التي شاهدتها  تجعل المشاركة حق وظيفي دون أن يعلم مطلقوها  أن القول بذلك ينطوي على عقوبة على الممتنع، كما أنها  تربط حق الاعتراض والتظاهر وجملة من الحقوق الأخرى بالمشاركة، وهو أخطر ماينطوي عليه هذا الطرح ، فهذه الحقوق  هي أساسية بحد ذاتها  لاترتبط بأي شكلٍ من الاشكال بالمشاركة، وأن التنظير من هذا الباب يجعلها حقوق ثانوية مرتبطة ارتباط وجود بها  فكيف لايتم الإلتفات لهكذا مغالطة خطيرة .

وبالعودة لنص الدستور العراقي فقد أورد كلمة الحق بصفتها المطلقة دون إلحاقها بأي وصف آخر، وقد دأب فقهاء القانون على عدم المساس بالنص الدستوري مادام اللفظ مطلق وواضح، وكذلك استبعدوا مسألة اعتبار المشاركة حقًا وظيفيًا لأن من شأن ذلك أن يرتب آثار على الامتناع، وكذلك يحرم المواطن من حق عدم المشاركة به أي التعبير  السلبي عن هذا الحق ،  بالختام فأن معنى حق المشاركة الوارد في النص الدستوري هو حق شخصي، يُترك للمواطن فيه الحرية، ولايعتبر امتناعه لاغيًا لحقوقه الأخرى كالاعتراض على السلطة وغيره.

الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن : تطعيمُ الأسرى الفلسطينيين مناقبيةٌ إسرائيليةٌ أم مخاوفٌ صحيةٌ   

شهدت الأروقة السياسية والأمنية والقضائية الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية، جدلاً كبيراً ونقاشاً واسعاً بين العديد من المسؤولين الإسرائيليين الكبار، حول مسألة تطعيم الأسرى الفلسطينيين باللقاح المضاد لكورونا، وذلك عشية وصول أكثر من أربعة ملايين لقاحٍ أمريكي إلى الكيان الصهيوني، وسط مظاهر الفرح والابتهاج التي أبداها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر وصول اللقاح بمثابة انتصارٍ شخصيٍ له، ونجاحٍ للجنة كورونا التي يرأسها، وتحدي ساخرٍ من كثيرٍ من خصومه ومنافسيه الذين شككوا في جهوده واتهموه، واستخفوا بإجراءاته وعارضوه.

 

لكنه وأغلب مستشاريه وأعضاء حكومته، كانوا فرحين بوصول اللقاح لصالح مستوطنيهم فقط، الذي دب فيهم الوباء واستفحل، وأصاب منهم ما يزيد عن 544 ألف مستوطنٍ، وتسبب منذ بداية الجائحة في وفاة أكثر من 3960 مصاباً، وما زال عداد الموتى والمصابين في ازديادٍ مستمرٍ، في ظل تسجيل أكثر من خمسة آلاف إصابة يومية.

 

ذكرت تقاريرٌ طبيةٌ إسرائيلية أن المستشفيات الإسرائيلية تشهد حالةً تشبه تلك التي عاشتها في حرب “يوم الغفران”، حيث اكتظت المستشفيات بالجرحى والمصابين، وباتت كل أسرتها مشغولة، ولم يعد بإمكانها استيعاب المزيد من المصابين، مما دفعها إلى فتح عشرات المستشفيات الميدانية، ونصب أسرةٍ في مداخل وممرات المستشفيات، لتلبية الحاجة الملحة من المصابين بالمرض أو خوفاً وهلعاً، ودعوا حكومتهم ولجنة الكورونا المختصة، إلى إغلاق كل الأبواب التي ينفذ منها الوباء، ومنها الرحلات الوافدة من الدول المصابة، والاختلاط الواسع غير المنضبط، وعدم الالتزام بإرشادات وتعاليم الوقاية العامة.

 

اعتبرت اللجنة العلمية أن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يشكلون بؤرةً للوباء ومرتعاً خصباً للفيروس، الذي إذا أصابهم فإنه سيصيب حتماً قطاع السجون كله، وسينتقل إلى رجال الشرطة والحراس وجنود الجيش، والموظفين الإداريين فيها، وغيرهم من الاسرائيليين الذين يحتكون بالمعتقلين الفلسطينيين ويتعاملون معهم يومياً، الأمر الذي من شأنه أن يرفع من درجة الخطورة، ويزيد من نسبة الإصابة بين المستوطنين الإسرائيليين، ما لم يتم سد هذه الثغرة، وإغلاق هذا المنفذ الشديد الخطورة، وإلا فإن المعتقلين الأمنيين لن يصابوا وحدهم، بل سيصيبون بالعدوى “شعب إسرائيل”.

 

احتدم النقاش بقوةٍ على خلفية هذه المسألة بين المسؤولين الإسرائيليين، بين معارضٍ بقوةٍ لتطعيمهم وداعٍ للمباشرة بهم لأسبابٍ مختلفةٍ، ففي الوقت الذي أصر فيه وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا على عدم تطعيم الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وألا تكون لهم الأولوية في اللقاح حتى يتم تطعيم جميع الإسرائيليين، وليس فقط أصحاب الأولوية والحاجة من المرضى وكبار السن، والعاملين في المجال الطبي من الأطباء والممرضين وموظفي الخدمة العامة.

 

وبعد الانتهاء من حاجة “شعب إسرائيل” كله، يمكن حينها الالتفات إلى المعتقلين الفلسطينيين خاصةً، وإلى مناطق السلطة الفلسطينية عامةً، بل إن من مستشاري وزير الأمن الداخلي من اعتبر أن تطعيم الأسرى الفلسطينيين هو من اختصاص ومسؤولية السلطة الفلسطينية، وليس من اختصاص ومسؤولية وزارة الصحة الإسرائيلية.

 

إلا أن وزير الصحة الليكودي يولي أدلشتاين، العالم ببواطن الأمور، والخبير بأبعاد الأزمة ومخاطر الوباء، خاصةً بعد ظهور أجيالٍ جديدةٍ من الفيروس، والذي ترد إلى مكتبه مساء كل يومٍ أعداد المصابين والموتى جراء الإصابة بكورونا، فقد أصر على ضرورة تطعيم الأسرى الفلسطينيين ضمن الأولويات الأولى للوزارة، كونهم الأكثر عرضةً للإصابة، والأقل إمكانية للالتزام بضوابط التباعد الاجتماعي وتعليمات وزارة الصحة الصارمة بوضع الكمامات، ولزوم التعقيم المستمر وغير ذلك مما لا يمكن توفره أو الالتزام به في السجون، الأمر الذي يعني أن حراس السجون وجميع العاملين فيه، وأسرهم وذويهم، وكل من يختلط بهم ويجتمع معهم، سيكون عرضةً للإصابة بالفيروس، لهذا فقد كان قراره بضرورة المباشرة بتطعيم الأسرى أولاً، حمايةً للمجتمع الإسرائيلي لا حرصاً عليهم أو خوفاً على حياتهم.

 

أما المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي منديليت الخبير بالقانون الدولي، والعالم في الشؤون القضائية، الذي يدرك مسؤولية كيانه عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وسكان الأرض المحتلة الذين يخضعون لسلطة قوة الاحتلال، فقد رأى أن حكومة كيانه ملزمة وفقاً للقانون الدولي، وقوانين جنيف المتعلقة بإدارة المعتقلين وقت الحرب، بتطعيم الأسرى الفلسطينيين والحفاظ على حياتهم، وضمان سلامتهم وتوفير الشروط الأساسية للصحة العامة، وإلا فإنها ستكون مسؤولة أمام المجتمع الدولي عما سيصيبهم في حال تفشي الإصابة بينهم، خاصةً أن الفيروس سريع الانتشار، والعدوى في السجون سهلة نتيجة الاكتظاظ في العدد والاختلاط الدائم بين المعتقلين.

 

أمام هذا الجدل الذي التحق به إعلاميون كبار، وشارك فيه مسؤولون أمنيون وعسكريون وسياسيون إسرائيليون، فضلاً عن خبراء في وزارة الصحة، وتدخل فيه العامة والمستوطنون، بعد أخذ رأي لجنة الكورونا، فقد اتضح السبب وراء التعجيل في تطعيم الأسرى الفلسطينيين، إذ رأوا جميعاً أن تطعيمهم هو من باب درأ الأخطار، وإغلاق الأبواب أمام فيروس كورونا.

 

وهو مسألة صحية إسرائيلية بامتيازٍ، يلزم القيام بها لحماية “شعب إسرائيل” فقط، وليس من باب الالتزام بالقانون الدولي، أو الخوف من المساءلة الدولية، أو حرصاً على حياة “قتلة ومجرمين”، “أيديهم ملطخة بدماء الأبرياء الإسرائيليين”، أو هو من باب الرأفة بهم والخوف عليهم، الأمر الذي يؤكد بوضوحٍ تامٍ أن قرارهم ليس خلقاً قويماً ولا مناقبية عالية، ولا التزاماً دولياً وحرصاً قانونياً، إنما هو منفعة خاصة ومصالح ذاتية، تخلو من القيم والأخلاق، وتفتقر إلى القانون والأعراف.

 

بيروت في 18/1/2021

  مصطفى منيغ يكتب عن :أبيروت ببطء تموت ؟؟؟

الكلمة سَهم قوسها الجُملَة ، مهما كان اتجاه انطلاقها تصيب كما أشارت بَوْصَلَة ، حدَّدت الموقع بدقة عن موقف به عالِمة ، مصدره الدراية بخلاصة فكرٍ مُقنعٍ بمقومات تأثيرات مُتكاملة ، في أوساط سعت ولا تزال حالمة ، بمقدم يوم يكون للتغيير عقولا بالملايين قابلة ، أصحابها ورثة حضارة ووعي بمسؤولية جسيمة في  الغد  لها مُتحمّلة ، باندفاع منطقيّ وقوة مُدركة أن العِبرةَ ليست في التفوّق وإنما أن تكون الأخطاء كالخسائر جد قليلة ، إذ الحكمة تُفتِّت التهوّر شبيهة تكون بقنبلة ، إن قُذِفت بنية تحذير أي قافلة ، تنأى عن الحد المرسوم للتوقُّف قصد تفريغ حمولتها الفاقدة (من زمان) صلاحية تداولها  في أسواق سياسة تتطلب سِلعاً جديدة مهما كانت في البداية قليلة ، ما دام المطلوب َ(مرحلياً) ليس الكم بل كفاءات مُفعمة بحبّ وطن على تقنيات التنفيذ بالعِلْمِ حاصلة . الجل في بيروت يتألَّم مُظهراً ذلك بكل الطرق الممكنة آخرها “بأضعف الإيمان” ، بوجود من يفكرون في الانسحاب بما خَفَّ وزنه وثقل إثمه تاركين وراءهم مَن كانت لأمثالهم سوى خليلة ، مُنعّمين بحُسْنِ مقامها ونسماتها العليلة ، كعاصمة لسويسرا الشرق الفارحة ليل نهار منعشة ومنتعشة في غير حاجة لاستراحة قَيْلُولَة ، جامعين أيام رخائها المُكدّس في أمكنة يستعجلون الفرص لتطير بهم على بِساطها حاملة ، متناسين أن نهاية المغامرة ستكون حيث انتشرت “كرونا” بمخاطرها الثلاث مرحبة بلغة انجليزية قائلة ، لا تفرحوا بما غنمتموه بالدهاء والحيلة ، فكلّه يبقى مهما بلغت قيمته دون الحصول على جُرعة تنفّس واحدة تنجيكم ممَّن لكم قاتلة .

بيروت دموعها رسائل استغاثة لمن تذكَّروا ارتباطهم بها حيث احتضنتهم معزّزين مكرَّمين ، ما دامت لهم من الإمكانات المادية ما يوفر ولو الطاقة الكهربائية في المستشفيات على الأقل ، فما فائدة واردات النفط إن حُجِب الجزء الضئيل منها على إنقاذ ألاف المسلمين من الضياع والتشرد ؟؟؟ ، ما قيمة التضامن الإنساني إن ابتعدت بابوية الفاتكان عن تلبية حاجيات مسيحيي هذا البلد ورئيسه منهم ؟؟؟ ، حتى اليهود ولو لمرة واحدة عليهم التدخّل بخير قائم على تقديم العون بروح راعية لمن يستحق المساعدة التلقائية دون الرجوع لمواقف قائمة على صراعات بلغت الذروة ، بل  على ضمائر إن كانت لهم تعمل لصالح جار بالحسنى .

بيروت مريضة ، بحكومة أو دونها ، الحل في شفائها انتقل الآن للمحسنين وما أكثرهم ، الناشرين حب السلام في تلك الربوع بين معتنقي تعايش الاديان السماوية الثلاث ، المقدرين لجلال التسامح والإخاء ، العاملين لفائدة الإنسانية وقد أصبحت مهددّة بخطورة أوبئة لا تفرّق في فتكِها الشديد بين هؤلاء وهؤلاء ، المتشبثين بقيم الرَّحمة كفرصة من فرص النجاة ، من ضَراوة مستقبل لا يبشر إلا بمزيد القلاقل والتوترات مهما كان المجال ، وكيفما كانت قدرات الدول ، إن بقيت الأحوال السيّئة المسيطرة الآن ، على الاتجاهات الأربع من المعمور، وفي المقدمة ما يقع في الشرق الأوسط من حروب لا معنى لها سوى الهروب بنقائص ألْبَاب عن التخلّص من تلك الأسباب ، إذ الإنسان هو الإنسان أكان في تل أبيب أو سيدني أو عَمّان أو عُمان أو العزيزة تطوان ، ومَن يدري قد تكون بيروت ذاتها بما تعيشه من محن ، قادرة على تحريك مشاعر البشر لما هو أحسن ، التخلّي عن الحقد الدفين بهدم أساسه المنتشر في أي مكان ، من سوريا إلى العراق إلى اليمن ، إلى أخريات يصعب تحديد مواقعها عبر العالم في مثل الأوان .