ملحمةٌ روائيَّةٌ لسيرةِ مدينةٍ عبر 150 عاماً..رام الله”.. للفلسطيني عبَّاد يحيى”

 

كتب: حافظ الشاعر

صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، الرواية الجديدة للكاتب والروائي الفلسطيني عبَّاد يحيى، بعنوان: “رام الله”، وهي خامس إصدارات الكاتب الرِّوائية والتي من بينها “جريمة في رام الله” الصادرة عن المتوسّط سنة 2017.

 

تحكي هذه الرواية مدينةَ رام الله، في مدىً زمنيّ يقارب مائة وخمسين عاماً. فهي تُقدّم ما يبدو سياقاً لتحوُّل قرية صغيرة في ظلِّ الحكم العثمانيّ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، إلى مدينة تتداخل فيها الأزمنة وتنقطع فيها المصائر، وصولاً إلى الزّمن الحاضر. ما يجعل الرواية تقترح إجابة سرديّة على سؤال: كيف آلت المدينة إلى ما آلت إليه؟

 

بين الأحداث التاريخيّة الكبرى التي مرّت بها مدينة رام الله، وبمستويات سرد متباينة في اللغة والبناء، يكتب الروائيّ الفلسطينيّ عبَّاد يحيى، سيرةً للمدينة، للمكانِ وناسه. ينفذ إلى طبقات المدينة ووجدانها، وإلى شِعاب المشاعر الجمعيّة والفرديّة لمن عاشوا فيها في أطوارها المختلفة، ومثلما يفعل مُنقّب الآثار، يسير الكاتبُ بأناةٍ في تاريخ ووجدان ولاوعي مدينة رام الله، ليبنيها حجراً حجراً، وحكايةً حكايةً، من خلال سيرة دار آل النجّار التي ستُصبح كلمة سرّ المكان، ويصبح بيتُ العائلةِ في مآلهِ عبر التاريخ حجرَ أساسِ الحكاية، وذاكرةً ترويها حجارةٌ قديمةٌ، وقصَّةً متشعِّبة تُركِّبُ في مستوياتٍ أخرى، أعمق وأبعد، وجهَ رام الله، المدينة.

 

بنفَسٍ ملحميٍّ طويل، تتداور في فصول الرواية الحقبُ الزمنيّة وتتداخل، مكوّنةً صورةً للمدينة وتطوّرها، ولنمضي بعد الإمساك بخيط السَّرد الأوَّل في تتبِّع مصائر الشخصيات، وحيواتها المليئةِ بالدراما والموت والحب والجنون. أبطالٌ يعيشونَ تحوُّلاتِ المدينة ويتجوَّلون بين مدنٍ أخرى من القدس إلى يافا إلى بيروت إلى العالم، وعلى تخومٍ بين الواقعيّ والمُتخيّل، يواجه الأستاذ الجامعيّ عماد العايش تاريخاً لرام الله أثناء بحثه عن إجابة لسؤال حياته الأهم، كما سيكتشف القارئُ شخصياتٍ لن ينساها؛ بطرس النجار، الأم هيلانة، المستر مل، خليل، نعمة، سالم، ماري وكمال وجميل وغيرهم، ويرى معهم أحوال فئات اجتماعية متباينة، من النخبة السياسية والثقافية إلى المهاجرين واللاجئين، إلى أهل المدينة الذين عاشوا تحولها من حكم إلى حكم، عثماني فانتدابي بريطاني فأردني فاحتلال إسرائيلي ثم زمن السلطة الفلسطينية.

 

“رام الله”… قصةُ مدينة. وتنحو لتكونَ روايةَ أُمَّة، لارتباط الفردي فيها بالجماعي والوطني والدِّيني، وبالطبيعةِ التي استنطقَ الكاتبُ أشياءَها لتروي حكاية أصحابها. حروب وهجرات، غربة وألفة، غراميّات وخيانات، سجون ومنافٍ وحنين. قصصٌ مدفونةٌ تُفضي إليها عتبات في دارٍ عمرها أكثر من قرن، تريدُ أن تقول لنا إنها الدِّيارُ كلُّها.

 

عبّاد يحيى وفي روايتهِ الجديدة، كتبَ السِّيرة الذاتيَّةَ الروائيَّةَ لمدينةِ رام الله.

 

أخيراً جاء الكتابُ في 736 صفحة من القطع الوسط، بصورة غلاف هي اشتغال على مقطع من خريطة لرام الله في إحصاء فلسطين 1930، وضمَّ رسومات داخلية لـ زاهر بشارات.

 

من الكتاب:

“إلى أين ينظر التمثال هو أهم شيء فيه بعد موقعه”، يقول في نفسه. ينظرون صوب رام الله القديمة، ظهورهم للـشرق، بل للشرق مع انحناء جنوبيّ، هـل فكـر واضعـو التمثـال أن يسـتدبر الكرك التي جاء منها ويستقبل رام الله؟ حتى إن لم يفكروا فالوقفة مناسبة.

تبحث المدن عـن تاريخها أو تصنعه، تنبـش الأرض وتنظـف الحجارة وتقرأ ما حفـر السابقون وخطّوا. أو تختصر الأمر وتصمّمه، تنحته من الحكاية فيصير النحت جزءًا مــن حكاية لاحقة. التاريخ يصنعه اللاحقون، أما السابقون فيعيشون وحسب. والدكتور عماد شاهد على الاثنين.

فكر لو أنه صاحب أمر، لنحت عائلة الحدادين جالسين لا واقفـين، هـذا أدعم لتاريخ رام الله المصمَّم. أما روح رام الله، فيناسـبها الوقوف المتوتر، الوصول حديثًا أو الغربة التي تجعل كل وقوف كأنه وصول للتو.

وهـو يركب سيارته رمـق التماثيل، فاستقر على رأي أخير ولّدته الرؤية الشاملة عن بعد وبزاوية واسعة. توحي التماثيل أن الواقفين في الساحة وعابريها هم أصحاب المكان، وأن راشد الحدادين وعائلته ضيوف عليهم، لا العكس.

“التماثيل في مدن العالم توحي بتملّك التمثال للمكان وإن كان غريبًا عنه كل الغربة، أما هذا فلا يوحي”. قـال في دخيلته، وتابع: “هذا ليس تمثالًا لعائلة الحدادين بل تمثالًا لمشهد وصولهم لرام الله. لو أنهم كتبوا ذلك في اللوح التعريفيّ قربه”.

 

عن المؤلِّف:

عبَّاد يحيى؛ روائي وباحث وصحفي فلسطيني، حاصل على شهادة الماجستير في علم الاجتماع من جامعة بير زيت. صدرت له روايات “رام الله الشقراء”، و”القسم ١٤”، و”هاتف عمومي”، و”جريمة في رام الله” عن المتوسط 2017، عمل صحفياً في عدة وسائل إعلام عربية وفلسطينية. كما وله العديد من الدراسات والأبحاث المنشورة في مجلات علمية محكمة.

أطلال سامر أبو هوّاش..احدى اصدارات منشورات المتوسط

 

كتب: حافظ الشاعر

صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، المجموعة الشعرية الجديدة للمترجم والشاعر الفلسطيني سامر أبو هوّاش، وحملت عنوان “أطلال”، والإصدار الجديد هو الكتاب الثاني للشاعر ضمن سلسلة براءات التي تُصدرها المتوسّط، بعد “ليس هكذا تصنع البيتزا” سنة 2017.

 

تتكشَّفُ قصائد سامر أبو هوّاش، في هذه التجربة الجديدة، المُنفصِلة والمُكمِّلة في آنٍ واحدٍ لمشروعه الشعري، من خلالِ عتبةِ العنوان الذي جاء بخلافِ جلّ عناوين أبو هوّاش السابقة، هكذا بكلمةٍ تجمعُ في مفردتها تاريخاً من انهيار المُشيَّد في الحياة، وتآكلِ جوانبهِ، وتحوُّله إلى: أطلال. ولتكون للشاعر أطلالهُ، بكتابةٍ داخلية مكثفَّة، تنزعُ إلى مجازاتٍ مقتصدةٍ ولغةٍ تميلُ إلى استنطاقِ الصمت، حيثُ مع كلِّ سطرٍ تشعر بالمرارة وأنت تسخر من هذا العالم.

 

“البحيرةَ التي انتظرْنَاها طَويلاً جِداً لَمْ تَعدْ أكثرَ مِنْ ضَبابٍ يَتمدّدُ، كرَقصةٍ بَطيئةٍ، على جَانِبَيْ حَياةٍ،/ لَمْ تَعُدْ هنا”. كلُّ شيء غادرَ، أو على أهبةِ الذَّهاب، لا شيء يأمنُ في بقائه لشيء، حتى المُدن والجدران والأشياء كما الأشخاص تغادر، وتترك مساحةً يحتلُّها الفراغ، يصعبُ تجاوزها وقد تحوَّلت إلى ذكرياتٍ تحملُها على ظهركَ فتُقوِّسه، وأنت تمشي في طريق الحياة، غير آبهٍ، كمن يجمعُ الهواء.

 

لكن الكتابة عند سامر أبو هوَّاش هي فعل استمرارٍ وجدالٍ وإلحاح “كضوءٍ سيَّارةٍ،/ يَظلُّ يَعبرُ/ تَحتَ قمَرٍ مُكتَمِلِ اليباسْ”.

 

“أطلال” مجموعة شعرية جديدة للشاعر الفلسطيني سامر أبو هوّاش، صدرت في 112 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة “براءات” التي تصدرها الدار منتصرةً فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.

 

من الكتاب:

أَفَقتُ على سَرَابِ دَمعَةٍ،

وَكَانَت الأَرضُ مَنهوبَةً

بأشبَاحِ ذكرَيَاتٍ

تَتَلألأُ بَاهتَةً،

كَشَمسٍ قَديمَةٍ مُلقَاةٍ كمِعطَفٍ

أتلفَهُ الأسَى

على كُرْسيّ مَهجورْ.

 

وَكَانتْ صَبّارةٌ يَتيمَةٌ

على عَتَبةٍ مُتوَهّمَة؛

حَيثُ ظلالٌ تَعبرُ خِلسَةً

بَيْنَ جِدَارَينِ

أو بَيْنَ حَياتَينِ مُعَارَتَينِ،

وحيثُ لَمَسَاتٌ تَتَبَخّرُ كَلمَاتٍ

وشُرفاتٍ هَشّةً وفقاعات:

حتى تَصيرَ خِفّةً خَالصَةً

في ميزَانِ الهَوَاءْ.

 

سامر أبو هواش: شاعر وكاتب وصحفي فلسطيني، ولدَ في لبنان عام 1972، عملَ طويلاً في الصحافة الثقافية وترأس تحرير ملاحق ثقافية عديدة في جريدة السفير، والمستقبل، والنهار، وزهرة الخليج، ونداء الوطن، كما عملَ مديرَ تحرير موقع الإمارات 24، (2012 – 2017). لهُ مجموعة كبيرة من المؤلفات تجاوزت 30 عنواناً في كل من الرواية والشعر والتراجم. منها: “سوف أقتلك أيها الموت”. “سيلفي أخيرة مع عالم يحتضر”، “السعادة أو سلسلة انفجارات هزت العاصمة”، “ليس هكذا تصنع البيتزا”. حصل على مجموعة من التكريمات وجوائز التقدير، منها تكريم وزارة الإعلام اللبنانية عام 2000.

الدكتور عادل عامر  يكتب عن :تحديات الهوية الثقافية العربية

  

تتعرض ثقافتنا وخصوصيتنا إلى خطر كبير من جراء ظاهرة العولمة إذ تمثل العولمة الثقافية أخطر التحديات المعاصرة للهوية العربية وهذه الخطورة لا تأتي على الهيمنة الثقافية التي تنطوي عليها العولمة فحسب وإنما على الآليات والأدوات التي تستخدمها لفرضها وأهم التحديات نجد:  

– الهيمنة الإعلامية، فقد أصبحت وسائل الإعلام وسيلة للسيطرة الثقافية الغربية كم تعد وسيلة للاحتراف الثقافي وتهديم الخصوصيات الثقافية، فالهيمنة الإعلامية اليوم ليست مشكلة إعلامية فحسب بل مشكلة ثقافية حضارية تؤدي إلى التشكيك في الثقافة العربية والهوية القومية.  

– إثارة الشبهات حول الهوية العربية الإسلامية من خلال التشكيك في الثقافة العربية ومحاولة طمس حقيقة وهوية مجتمعاتنا من خلال جرد الموطن العربي بواقعه الثقافي.  

– الترويج لقوى عولمة الثقافة والتركيز على نشر الثقافة الغربية وجعلها النمط الثقافي السائد بنشر مبادئه وقيمه من أجل النيل من خصوصية ثقافتنا العربية الإسلامية وتدمير هويتها.  

– الترويج للقيم والثقافات والسلوكيات التي ذوبت خصوصيتنا الثقافية وهويتنا فكيف يمكن أن نصنع الجيل والنشء القادم وتأكيد هويته في عالم اليوم.  

– تذويب الثقافة العربية الإسلامية من خلال نقل الثقافة الغربية وخاصة الأمريكية من خلال الصراع بين الاستيعاب والإذابة من جانب الثقافة العالمية والخصوصية والاستقلال من جانب الثقافة العربية.  

– فرض التبعية على الثقافة العربية الإسلامية من خلال عملية التذويب الثقافي وفرض التبعية على الثقافات الأخرى في إطار المكون الثقافي المعولم المتمثل في الثقافة الغربية، وإزاء إشكالية العلاقة بين النموذج الثقافي المعولم والخصوصية الثقافية للأمة العربية الإسلامية نجد أن الغرب اتبع عدة أساليب لإلحاق ثقافة العربي إلى ثقافته التي لا تتلاءم والبيئة التي نشأتها، ونجد أن ماصبه الاستعمار من بطش وتنكيل وتدمير واحتلال كل هذا الأعمال لا تساوي أمام ما وضعيته في الأنظمة التربوية الحديثة الغربية محاولة منها أن تنشئ أجيالا تتنكر لشخصيها وهويتها العربية باعتبارها لا تجاري تطورات الحياة وهذا تذويب للهوية الثقافة العربية. (1)  

استراتيجية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل العولمة:  

في الحديث عن إستراتيجية الحفاظ على الهوية الثقافية في ظل العولمة يمكن أن نقول كيفية التعامل مع العولمة الثقافية وتنبع ضرورات التعامل والمواجهة العربية لظاهرة العولمة بالأساس من الحاجة إلى حماية الهوية العربية الإسلامية وصيانة خصوصيتها الذاتية ويتم ذلك من خلال التوجه إلى التطور الحضاري الإنساني ودعم التفاعل الحضاري الثقافي بين الأمم والشعوب ولا بد لهذه الاستراتيجيات أن تكون ممكنة يمكن تطبيقها في ضوء الفرص المتاحة وان تتسم بالنظرة الشاملة وذلك بتحليل مختلف المتغيرات ومدى تأثيرها بعضا ببعض ويتم الحفاظ على الهوية من خلال مستويين يتمثلان في:  

على المستوى الدولي:  

لعل أهم نقطة للبدء في المحافظة على الهوية الثقافية أمام الآخر يمكن إطار التعامل مع قوى العولمة الثقافية وبناء النموذج الثقافي الوطني في المجتمعات العربية من خلال إجراء حوار عام يسفر عن إجماع وطني حول المشروع الثقافي الوطني والدعوة إلى الاندماج في الهوية الوطنية العربية مع الحفاظ على خصوصياتها وهي النقط المحورية التي تسعى من خلالها إلى قوى العولمة إلى تحطيم وحدة البلدان العربية.  

إلى جانب ذلك لا بد من إجراء حوار في إطار مفهوم “التقريب” في الوقت الذي يصعب الحديث عن تعامل فعال مع العولمة الثقافية لأنه لا زالت هناك الكثير من التضاربات الثقافية في الوطن العربي إضافة إلى هذا لا بد من التوصل إلى إستراتيجية ثقافية مشتركة بين البلدان العربية والغربية ويمكن ذلك من خلال حوار الحضارات العالمية، فالعوامة تدفع في اتجاه فرض القيم الغربية ومواجهة القيم غير الغربية.  

على المستوى المحلي:  

إذا تحدثنا عن الإستراتيجية على المستوى المحلي فتعتبر الإستراتيجية النواة لفرض وجودنا الثقافي في المتعترك الحياتي واثبات خصوصيتنا الثقافية والهوية الوطنية القومية داخل مجتمعاتنا ورفع هذه الهوية أمام الآخر وتكمن محاور ونقاط هذه الإستراتيجية في:  

– محاولة المزاوجة بين المجتمع الحديث والحياة الشعبية التي خلفها الأجداد ويقصد هنا بالمزاوجة هو عدم الانفصام بين النواحي الحياتية والتجارب الموروثة التي لا بد أن تحضر وتحلل وتقدم في ثوب جديد مع الحفاظ على الإبداعية  فلكل ثقافة محلية خصوصية، ولكن تجتمع كلها في صفات مشتركة تكون السمة الغالبة للهوية الثقافية.  

– تحديث ثقافتنا وتطويرها من خلال تبيان وضعية المتحول من الثابت فيها وذلك بإثبات هويتنا في وجه تيارات العولمة الثقافية حتى نتمكن من المحافظة على قوميتنا العربية.  

– إيجاد رؤية تصور العالم على أنه مجموعة واحدة نتبادل المنافع دون إسقاط الخصوصية التي تميز كل جماعة في موروثها الثقافي.  

– رفض العزلة والهيمنة في الوقت نفسه ومحاولة وضع وجودنا الثقافي في المعترك الحياتي من خلال تطويع الثقافة الجديدة مع ثقافتنا حتى تصبح مزيجا من الأصالة والمعاصرة وهنا يمكن المحافظة على هويتنا ومواكبة الآخر.  

إذن فتبني العولمة يؤدي إلى تحطيم القيم والهويات التقليدية للثقافات الوطنية والترويج للقيم الاستهلاكية ويمكن تلخيص ما سبق من آثار الثقافة المعولمة على هويتنا الثقافية العربية فيما يلي:  

1- التبادل اللامتكافئ بين العناصر الثقافية إذ يكون التبادل أحادي الاتجاه مما يخلق مشكل الخصوصية في ظل شمولية الاتصال.  

2- الغزو الثقافي والذي يظهر استمرار آليات التي تحقق السيطرة وامتداد فعاليتها في شكل قوة تغلغل في مجتمعاتنا التي تقف موقف الجمود أمام التغيرات التي تحدث داخلها، الأمر الذي ينمي الإحساس بالتهميش والاستلاب من الثقافة الأصلية وتنامي الإحساس بفقدان هويتنا الوطنية القومية.  

3- التبعية الثقافية من خلال اعتماد ثقافاتنا على ثقافات الأخرى في إنتاج وتطوير ثقافاتها وتتمثل هذه التبعية في عدة مظاهر منها إحلال قيم وعادات وأنماط سلوكية محل القيم السائدة في هذه المجتمعات حيث تظهر التبعية في المجتمع التابع كمجتمع مهشم ومتناقض يسوده التفكك وعدم الأصالة.  

4- الإمبريالية الثقافية والتي تشير إلى الثقافة المسيطرة من خلال ما تمارسه الثقافة المتقدمة من هيمن على الثقافات المتخلفة والتابعة فتحتل هذه الهيمنة كانت إعلامية أم تكنولوجية مواقع أساسية في ثقافتنا من خلال فرض قيمها وأنماطها السلوكية.  

5- التسمم الثقافي ويتم من خلال نفي الدور العربي ومحو الشخصية الثقافية للأمة العربية عن طريق التشكيك بقيمة الثقافة العربية وإبراز وجهها السلبي وإحياء الثقافات الغربية لكسر وجودنا الثقافي وإبراز أزمة الهوية الثقافية 

– من خلال لكل هذه الآثار التي تفرزها العولمة الثقافية على ثقافتنا وخصوصيتنا يتنامى الإحساس يوما بعد يوم بفقدان الهوية في مجتمعاتنا فالفرد المعاصر أصبح يخسر قنوات الاتصال بجذوره وعاداته وهويته في عالم أصبحت وسائل الإعلام إن لم نقل الهيمنة الإعلامية تنقل إلينا يوميا عادات دخيلة على مجتمعاتنا تهدد بتهميش ثقافاتنا المحلية ومحو وجودنا الثقافي في المعترك الحياتي.  

إن الانتماء هو قِيم ومبادئ، وإحساس ونصيحة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعزة وموالاة، وتضحية وإيثار، والتزام أخلاقي للفرد والأمة.  

الانتماء للوطن هو مؤشر لقوة الشعوب وتماسُكها، والقاعدة التي يرتكز عليها بناء وتنمية المجتمعات، وهناك عوامل تؤثر على الانتماء، عدة عوامل تؤثر أو تتأثر بالانتماء للوطن، ومن أهم عوامل تعزيز الانتماء هي التربية بمفهومها الواسع؛ حيث هي مصدر أساسي في النمو الفكري والشخصي، والاجتماعي والسياسي، والروحي والبدني، والتربية المقصودة – (المدرسة) – هي الممثل الرئيسي للقيام بمثل هذه المهمة من خلال المعلم والمنهج المدرسي، وبيئة المدرسة والنشاطات الصيفية التي تقوم بأدوار مهمة جدًّا في تعزيز الولاء والمواطنة الحقة، والتي تشرك من خلالها الطلاب في النشاطات والأعمال المختلفة.  

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن : اتفاقيةُ أبراهام التاريخيةُ تصححُ الخطأَ النبويِ في خيبرَ  

                 

إنه عنوانٌ حقيقيٌ مقصود، ليس فيه افتراءٌ ولا افتئاتٌ، ولا كذبٌ ولا بهتانٌ، ولا ظلمٌ ولا اعتداءٌ، بل هو تعبيرٌ أمينٌ ومسؤولٌ عن محاولاتٍ عربيةٍ مأفونةٍ، ضالةٍ مشبوهةٍ، وجادةٍ مقصودةٍ، يقوم بها مدَّعو الثقافة والمعرفة، ومتسلقو المناصب والمراكز، وأصحاب المنافع والمصالح، من مجموعات المثقفين الجدد، وجماعات السلطة والإعلام، وأصحاب الرأي والفكر، الذين يحملون الأفكار الصهيونية ويؤمنون بها ويروجون لها، ويعتقدون أنها الحق والصواب، وغيرها الباطل والضلال، فآمنوا بها وأخذوا ينشرونها، وزينوها وأضافوا إليها، اعتقاداً منهم أنهم يخدمون أنظمتهم، ويسهلون مهمتهم، ويساعدونهم في تمرير ما يريدون وقبول ما يملى عليهم.

 

لا تستغربوا هذا العنوان ولا تستبعدوه، ولا تنكروه وترفضوه، ولكن استعيذوا بالله السميع العليم من شرور أصحابه وفساد رجاله، الضالين المفسدين، الزنادقة الملاعين، الذين قالوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخطأ يوم خيبر، وأن عامله يومذاك علي بن أبي طالب قد أساء وأجرم، يوم أن حاصر حصن خيبر على من فيه، وضيق عليهم وجوعهم، حتى أكرههم على الاستسلام والخضوع، قبل أن يجبرهم نزولاً عند رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم على مغادرة المدينة المنورة، وتحريم زيارتهم لها أو مرورهم فيها أو عودتهم إليها، فلم يعد لهم في جزيرة العرب مكانٌ بعد أن سقط حصنهم الكبير ومعقلهم الأخير، وانتهى وجودهم في خيبر التي أبكت عيونهم وأدمت قلوبهم، وتناقلتها أجيالهم ثأراً وانتقاماً.

 

بلغت الوقاحة بهؤلاء الجهلة السفهاء، المغمورين الأجراء، الذين يظنون أنهم يحسنون صنعاً ويسدون نصحاً، ويصححون خطأً ويسوون عِوَجَاً، أن يتطاولوا في وسائل الإعلام العربية الرسمية والخاصة، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، وعلى مرأى ومسمعٍ من ولاة الأمر وعلماء السلاطين، دون خوفٍ منهم أو خشية من الله، وبغير ورعٍ وتقوى، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتهمونه بأنه أخطأ وصحابته الكرام، وتجنى على يهود المدينة وظلمهم، وجار عليهم وحرمهم، وأجلاهم من أرضهم واقتلعهم من ديارهم، وجردهم من أموالهم وانتزعهم من دورهم، ولهذا فإنهم اليوم ينوون تصحيح الخطأ التاريخي، والاعتذار الرسمي عن المظلمة اليهودية الأولى وإعادة الحق لهم، وتعويضهم عما لحق بهم ونزل فيهم.

 

أخذ هؤلاء العبيد المأجورون، الجهلة المأمورون، الذين يحملون شهاداتٍ عليا ويتباهون بالإنجازات الكبرى، ولكنهم في الحقيقة يشبهون الحمير التي تحمل على ظهورها أسفاراً وعلوماً، وتعلو أصواتهم كما الأنعام صخباً وضجيجاً، على عاتقهم التأطير لهذه المسألة والدعوة لها، والتشجيع عليها، فدعوا حكومات الدول العربية والإسلامية إلى إعادة النظر فيما لحق باليهود في صدر الإسلام الأول، والاعتراف بأنهم تعرضوا إلى ظلمٍ فادحٍ واعتداءٍ غير مبررٍ، وأنه قد آن الأوان لتصحيح هذا الخطأ والعدول عنه، وليس في هذا عيبٌ أو منقصة، ولا حطٌ من القدر أو إهانةٌ للنفس، إذ الاعتراف بالخطأ فضيلة، والإقرار به مكرمة، لكن الإصرار عليه والعناد فيه عنادٌ، والاستمرار فيه وعدم التراجع عنه رذيلةٌ.

 

إنه اتفاق أبراهام اللعين الذي مهد لهؤلاء المارقين الطريق، وسَهَّلَ لهم الإساءة والانتقاد، وأعطاهم الفرصة للطعن في الدين والإساءة إلى رسوله الأمين، ولولاه لما تشدق هؤلاء المفسدون، ولما استطاعوا المجاهرة بآرائهم الغريبة ومعتقداتهم الفاسدة، التي فرح بها الإسرائيليون واستبشروا، وتغنوا بها وسعدوا، فهذا هو حلمهم القديم وأملهم الكبير، الذي عبر عنه قادتهم وتمناه زعماؤهم، وقد حلموا أن يعودوا إلى حصن خيبر، ويستعيدوا أملاكهم القديمة، ويتمكنوا من مُلْكِهمُ الأول، ولعلهم قد قالوا يوم أن احتلوا فلسطين وسقطت بأيديهم مدينة القدس “هذا يومٌ بيوم خيبر”، إلى أن جاء اليوم الذي نادى به بعض أهل الجزيرة العربية بضرورة عودتهم، ووجوب الاعتذار منهم والتعويض عليهم.

 

أتساءل بحرقةٍ وألمٍ وغيرةٍ وغضبٍ، عن علماء الأمة وأحبارها، وفقهائها وشيوخها، أين هم من هذه الجريمة النكراء بل والكفر البواح، ولماذا يصمتون لا يثورون، ويسكتون ولا يعترضون، أليس ما يفعلونه إساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يأتيه الوحي بأمر السماء، ويؤيده ربه عز وجل من فوق سبع سماوات، أم أنهم يشاطرون دعاة العدل الجدد جريمتهم، ويوافقونهم على رأيهم، ويعتقدون بصوابهم وبضرورة الأخذ بقولهم، رغم علمهم أنهم على باطلٍ ويأتون بالباطل، أما علموا أنهم أمناء على هذه الأمة، وأنهم سيقفون بين يدي الله عز وجل يوم القيامة يسألهم عن دورهم، ويحاسبهم على صمتهم، ويعاقبهم على عجزهم، ولن يغفر لهم خوفهم، أو يقبل منهم عذرهم.

 

تأتي هذه الجريمة البشعة التي يقترفها بعض أبناء هذه الأمة، بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ذكرى مولده الشريف عليه السلام، وفي الأيام المباركات التي يحتفي بها المسلمون في كل مكانٍ، وبدل أن نحتفل بهذه المناسبة العطرة، ونحيي الذكرى العظيمة، ونصلي عليه ونسلم استجابةً لأمر الله عز وجل، فإنهم يقومون بالتضامن مع الذين يتطاولون عليه صلى الله عليه وسلم، ويأتون بأفعالٍ أبشع من الرسوم، وأشد قبحاً من الصور، وأسوأ من التعليقات الساخرة، إرضاءً لمن حارب الله ورسوله، فإنهم بهذا يشتركون من كل من أساء إليه واعتدى على مكانته الشريفة، فاستحقوا وإياهم اللعنة، ونزل بهم السخط وعليهم البلاء، وأذاقهم الله لباس البؤس والشقاء، فبأبي وأمي أنت يا رسول الله، فدتك القلوب والأرواح، ودافعت عنك المهجُ والنفوس، وسلام الله عليك من قدس الأقداس، وصلَّى عليك وملائكته وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

 

بيروت في 22/10/2020

المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الانسحاب الطبيعى…!؟


مع تقدم العمر واقتراب النهاية ،اما ان تستفيد بما مضى فى تجويد ما تبقى او تكون فى غفلة وطول الأمل الذى لا ينتهى ..ولكلاهما امارات ،
ولما كانت المحاسبة الذاتية فى حقبة نهاية الطريق ضرورة لمن تبصر المآل والحساب ، فإن من أعظم دلالتها الحرص على الحلال والابتعاد عن الظلم ، ولعل ملاك هذا فيما يعرف( بالورع )
وصدق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل :
(( ملاك دينكم الورع ))
ولهذا حتما تجليات وسلوك وأعمال ونتائج تبرز على صاحبها أولا ومحيطه القريب والبعيد….
#والبعض يعتقد أن بلوغ هذا سهل وميسر ودون ان يعرف ان هناك( نفس إمارة بالسوء) وأعداء كثر يتربصون به لايبغون له الاستقامة ،
ولعل أبرز مؤشرات فلاح الصنف المدرك الورع انه ((يسابق إلى الخيرات)) …
ولعل العزلة عن مواطن المعصية ، والنأى عن الناس أبرز ملامحه وتلك احسبها (غيرة إلهية) لمن صدق العهد مع الله وذاك هو ( العارف ) والذى بات ((عبد ……فبان ))
واللسان يقول :
تراني كالآلات وهو محركى ..انا قلم والاقتدار اصابع…
نعم..
فإن ساعد اامقدور او ساقك القضا () إلى شيخ حق فى الحقيقة بارع
فقم فى رضاه واتبع لمراده
() ودع كل مامن قبل كنت تصانع
وكن عنده كالميت عند مغسل () يقلبه ماشاء وهو مطاوع
باعتبار ان الأتباع للترقى والدخول فى معية أصحاب (القلوب السماوية…
ولا اعرف ما كنه حالة الانسحاب تلك ….!؟
سوى اننى فقط بت اؤثرها
. …
خوفا اوخشية او أملا فى نجاة او ترقية كلنا ناملها تعين على الجهر بالحق بعد مذاكرته كما ينبغي …
فهل ذاك هو الانسحاب الطبيعى……..!؟