الدكتور عادل عامر يكتب عن : البورصة الزراعية ودورها في ضبط الاسعار

 

ان البدء في إنشاء بورصات سلعية، خطوة جيدة، لإنهاء عصر احتكار السلع من جانب التجار الجشعين، لأنها ستساهم في خفض أسعار الخضراوات والفاكهة، وزيادة الرقابة على الأسعار، والحد من مخاطر المنتجين والمستهلكين، من خلال إبرام المنتجين عقودا مستقبلية لمواد الإنتاج بما يساهم في تثبيت التكلفة، وتحديد نسبة هامش ربح مبيعات السلع من خلال تحديد أسعار السلع قبل وبعد البيع.

البورصة السلعية للخضر والفاكهة بمركز بدر بمحافظة البحيرة، هي أول بورصة سلعية في مصر على مساحة 45 فدانا وبتكلفة مليار جنيه ويرجع اختيار تلك المنطقة باعتبارها تنتج ما يقرب من 70% من الخضر والفاكهة على مستوى الجمهورية.

ان البورصة تهدف إلى توفير فرص العمل وتشغيل الشباب، حيث يستوعب أكثر من خمسة آلاف عامل كما يهدف إلى الحد من التجارة العشوائية وذلك بتوفير 680 وكالة متفاوتة المساحات لاستيعاب التجار العشوائيين علاوة على إنشاء 120 محلا لتداول الأنشطة التابعة لأنشطة المشروع والمدخلات الزراعية و130 ثلاجة مختلفة المساحات.

وكما يهدف المشروع إلى زيادة الصادرات الزراعية من خلال إقامة 54 محطة تصدير، بالإضافة إلى تقليل الفاقد الزراعي والحد من المخزون الراكد وتكاليف النقل من خلال إقامة منطقة صناعية على مساحة 6 أفدنة يقام بها الصناعات الزراعية التي تعتمد على الإنتاج الزراعي مثل صناعة المركزات والعصائر والمربات وغيرها لتقليل الفاقد الزراعي.

إن “إنشاء بورصة سلعية سيضبط أسعار السلع الزراعية إلى جانب تقليل حلقات التداول على السلعة الواحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض كبير في الأسعار خلال الفترة المقبلة فور تفعيل القرار”. والبورصة السلعية هي عبارة عن سوق تباع فيها المنتجات الأساسية بالجملة، بالإضافة إلى تخزين الخضراوات والفاكهة بدلًا من الأسواق التي تتعرض فيها البضائع للفساد فهي مشروع متكامل به جزء صناعي وآخر تجاري.

وتهدف البورصات إلى تنظيم تجارة الخضراوات والسلع وتساعد على ضبط الأسعار تلقائيًا، وفي وقت قصير، لأن أسعارها ستجبر الجميع على العمل من خلالها، كما أنها ستحفز التجار على ضخ الأموال وشراء الخضراوات والفاكهة لأن البورصات السلعية مجهزة من حيث النقل والعرض والتخزين.

تُجيز تعديلات قانون سوق المال التي وافق عليها البرلمان، في فبراير الماضي، للبورصة المصرية إنشاء بورصة للعقود الآجلة والسلع.والعقود الآجلة هي اتفاقية قانونية، لشراء أو بيع سلعة معينة أو أداة مالية بسعر محدد مسبقا في وقت محدد في المستقبل. وتسمح البورصات السلعية للمستثمر بالتعاقد على شراء محصول معين قبل زراعته لعدد من السنوات، ثم يتم تسجيل هذا العقد في بورصة العقود، ويتداول بيعا وشراء من خلال حركة التداول في البورصة. ومن أهم السلع الغذائية التي تتداول في بورصات العقود العالمية القمح والذرة والأرز وفول الصويا والبن والبرتقال والسكر. أنه سيتم تنفيذ ثقافة جديدة بأن المواطن يأكل غذاء آمن، حيث سيتم فحص جميع الخضراوات والفاكهة في معامل بالبورصة قبل نزولها الأسواق مشيرا إلى أنه  يسهم في تخفيض أسعار جميع الخضراوات والفاكهة.

شروط إنشاء بورصة للعقود

أولا: الا يقل رأسمال بورصة العقود الآجلة المدفوع نقدًا عن عشرين مليون جنيه مصري، ولا تنشأ إلا بموافقة من مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، كبورصة خاصة لها الشخصية المعنوية الخاصة في شكل شركة مساهمة يقتصر التداول فيها على نوع أو أكثر من الأوراق المالية، ويصدر مجلس إدارة الهيئة الشروط المطلوب توافرها في شركة المساهمة التي يجوز الترخيص لها بنشاط البورصة.

ويجوز للبورصة تأسيس شركة مساهمة، لمزاولة نشاط بورصات العقود، ولها أن تزاول نشاط تداول العقود المشتقة من الأوراق المالية المقيدة بها دون الحاجة لتأسيس شركة.

ثانيا: أن تلتزم شركات الوساطة في بورصات العقود بالاشتراك في صندوق حماية المستثمر، وذلك لتغطية المخاطر غير التجارية الناشئة عن أنشطة الشركات العاملة في بورصات العقود. ويصدر رئيس مجلس الوزراء، قراراً بقواعد تحديد اشتراك الشركات العاملة في بورصات العقود في عضوية مجلس إدارة الصندوق المشار إليه، ونسبة مساهمة كل شركة في موارده، ومقابل التأخير في الوفاء

 بهذه المساهمة وأية مبالغ تستحق للصندوق عن المواعيد المحددة للوفاء بها. يمكن من خلالها أن يحمى العميل استثماراته ضد التقلبات السعرية خلال مدة التعاقد. و زيادة الرقابة على الأسعار من خلال نشر أسعار السلع بشفافية. و القدرة على تحديد نسبة هامش ربح مبيعات السلع من خلال تحديد أسعار السلع قبل وبعد البيع. و دعم تحويل مصر لمركز لوجيستي لتجارة السلع.

ويسعى جهاز تنمية التجارة الداخلية، بوزارة التموين، الى التوسع في إقامة مثل هذه البورصات وتعظيم الاستفادة، خاصة وانها تعمل علي تنظيم حركة تداول السلع ووضع الأسعار وفقًا للتكلفة الحقيقية، فضلًا عن تقليل الفاقد والهادر في المحاصيل والذي يحدث اثناء عملية النقل والتخزين وهي تمثل خطو كبيرة نحو تنظيم حركة التجارة الداخلية.

أنه يتم حاليًا تنفيذ برنامج الحكومة الخاص بتحويل التجارة الغير منظمة إلى التجارة المنظمة، والذي يستهدف زيادة التجارة المنظمة بواقع 5% سنويا على مدار 4 سنوات من خلال التوسع في إنشاء الأسواق التجارية والمناطق اللوجستية والسلاسل التجارية.

ليس لدي شك في أن الدولة المصرية ما بعد 30 يونيو تدرك أن مساحات الرضا لدي مواطنيها تعد من أهم المقومات لاستمرار تماسك الجبهة الداخلية وزيادة صلابتها والتي كانت سببا في استعادة مصر من الاحتلال الإخواني وحمايتها من السقوط والانهيار.

أن الدولة تعلم أن مؤشرات الرضا ترتبط بمدي قدرتها علي توفير حياة أكرم لمواطنيها وتقليص مساحات المعاناة في حياتهم اليومية وحتي لا نتجاوز الواقع فإن وباء الغلاء الذي استشري في الأسواق قلص بعضا من مساحات الرضا في صدور المصريين ورفع مؤشر الغضب من انفلات الأسعار بصورة غير مسبوقة.

يتبقى لدي يقين بأن الدولة تعي أن ضبط ملف الأسعار الحائرة يعد أهم أسلحتها في معركته الشرسة لبناء دولة متماسكة عصية علي المؤامرات. دولة 30 يونيو بكل ما تبذله من جهود جبارة لزرع الأمل في نفوس المصريين بمشروعات قومية عملاقة لا يمكن أن تترك مؤشرات رضا أو سخط المواطنين في أيدي بعض التجار المحتكرين اصحاب الضمائر الميتة!

يبقي السؤال: من أين نبدأ وما هو السبيل لترويض وحش الأسعار الجامح وحماية المستهلكين دون المساس بآليات السوق؟ في ظني أن الطريق يبدأ من مركز بدر بمحافظة البحيرة حيث تنشئ الغرف التجارية أول بورصة سلعية علي مساحة 57 فدانا وبتكلفة مليار جنيه ووقع الاختيار علي هذه المنطقة لأنها تنتج 70٪ من الخضراوات والفاكهة علي مستوي مصر.

الدولة التي حققت نجاحات هائلة في محو العشوائيات قادرة أن تقضي علي عشوائية الأسعار عن طريق البورصة السلعية التي ستضمن بيع السلع بأسعار واقعية وتقدم معلومات دقيقة عن حجم إنتاج مصر وتتصدي للممارسات الاحتكارية وتجار الأزمات. العملية بكل بساطة ان الشركات وعندما تحتاج للتمويل تقوم بطرح اكتتاب على اسهمها، وهناك اكتتاب عام واخر خاص، وبموجب الاكتتاب تقوم ببيع اسهم من الشركة مقابل النقد، هذا العائد المالي لا تحتسب عليه فوائد كما هو الحال في الاقتراض من البنوك، وان كان وبذات الوقت هو تنازل عن جزء من الملكية لصالح الغير .

الدكتور عادل عامر يكتب عن :الإعلام البيئي والتنمية

 

ان  دور الإعلام البيئي  لا يقتصر على نقل الأخبار البيئية والتعريف بها، او بسرد المعلومات والتوجيهات البيئية للحفاظ  على المجال البيئي، ولا يختزل ذاته في إيصال الحقائق والآراء والقضايا البيئية للجماهير.

بل إن الإعلام البيئي كما يجمع الباحثون هو ممارسة نقدية فعالة وبناءة لأصحاب القرار ودفعهم إلى إدراج البعد البيئي في  جميع المخططات التنموية . وهكذا فالإعلام البيئي بمفهومه الحديث، إعلام تنموي وهو شريك أساسي في تحقيق التنمية من خلال مساهمته في وضع وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية في مجال التنمية المستدامة.

إن الإعلام البيئي التنموي أي الإعلام المرتبط بالبيئة والتنمية المستدامة،  نلمس حضوره أكثر  في الدول الديمقراطية الغربية،  بينما يغيب في العالم العربي، نظرا  لغياب شروط تحقيق التنمية المستدامة فأغلب دوله غارقة في الحروب والصراعات حول السلطة، في حين تنعدم الديمقراطية في دول عربية أخرى، مما  يجعل الإعلام برمته في العالم العربي  يعاني  من مشاكل عديدة على رأسها غياب  الحرية .

يعاني من غياب استراتيجية إعلامية بيئية، وما زال اعلام مناسبات يبرز عند ظهور المشاكل والأزمات البيئية وخلال المناسبات كالاحتفال باليوم الوطني او اليوم العالمي للبيئة ثم يختفي لأجل غير مسمى.

 في ظل هذا الزخم من المشاكل نلاحظ كذلك عدم تحديد أولويات مجالات الرسالة الإعلامية البيئية، كالتركيز على المستوطنات البشرية والتصحر والبيئة البحرية والصناعة العشوائية ومصادر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الملائمة وصيانة الطبيعة وندرة المياه. والسبب في هذا الخلل يعود بالدرجة الأولى إلى وجود فجوة كبيرة بين الإعلاميين والقائمين بالاتصال من جهة والمؤسسات البيئية من جهة أخرى.

 الإعلام البيئي يعاني كذلك من نقص في الميزانية وضعف الامكانيات والوسائل المادية والبشرية على حد سواء، وهذا راجع بالدرجة الاولى إلى غياب الوعي البيئي في المجتمع انطلاقاً من رجل الشارع إلى صانع القرار.

 من المشاكل التي يعاني منها الاعلام البيئي كذلك غياب منهاج اعلامي واضح للتعامل مع القضايا البيئية وتفشي ظاهرة اللامبالاة وعدم الاهتمام بالقضايا البيئية في المجتمع، سواء على المستوى الفردي او العائلي او المؤسساتي او ما يتعلق بالمجتمع المدني او المجتمع السياسي او تعلق الامر بالمدرسة او الاسرة او المسجد. وكثيرون هم اولئك الذين يظنون ان القضايا البيئية هي من اختصاص وسائل الاعلام والمؤسسة الحكومية التي تشرف على قضايا البيئية فقط لا غير،

 وهذا التوجه خاطئ لأن البيئة هي مسئولية الجميع. دور الاعلام البيئي ما هي الادوار وما هي المهام التي تلقى على عاتق الاعلام البيئي والتي يجب ان يجسدها في ارض الواقع حتى نحقق ثقافة بيئية ووعياً بيئياً من شأنهما ترشيد السلوك البيئي في المجتمع ومن ثم العيش في بيئة نظيفة وسليمة؟ فمهمة الاعلام البيئي تتحدد بالدرجة الاولى في نشر التوعية والثقافة البيئية بأسلوب وبلغة وبتقنيات تكون سلسة بسيطة ومفهومة وجذابة للمستقبل، بعيدة عن المصطلحات الفنية واللغة العلمية التي تنفر القارئ وتجعله يهرب من كل شيء له علاقة بالبيئة، من مهام الإعلام البيئي كذلك الاهتمام بقضايا البيئة وحمايتها بصفة دورية ومستمرة وعلى مدار السنة، اي ليس بطريقة موسمية او مناسباتية.

 فالهدف اذا هو ترشيد السلوك البيئي عن طريق الوعي والثقافة والادراك البيئي. وهذا لا يتحقق بطبيعة الحال الا عن طريق توفير المعلومات والبيانات والمعطيات والاحصائيات المتعلقة بالبيئة. فالبيئة جزء من الانسان لأنها هي المحيط الذي يحتضن الكائن البشري بإبعاده المادية والفكرية والمعنوية والروحية، والامن البيئي لا يقل اهمية عن الامن الغذائي وعن الامن الاستراتيجي. ومن هنا تتحدد مهام الاعلام البيئي في تشجيع السلوك البيئي الايجابي عند الافراد والجماعات والمؤسسات

وكذلك العمل على تبني ووضع وتطوير برامج تعليمية وتربوية على مستوى المؤسسات التعليمية لحماية البيئة ونشر الثقافة البيئية والسلوك البيئي الناضج والواعي. فإذا تربى النشء منذ نعومة اظافره على معرفة البيئة واصولها واهميتها فإنه لا محالة سينمو ويترعرع ويكبر على احترام البيئة وحبها والعمل على المحافظة عليها وصيانتها وهذا هو السلوك الحضاري الذي تتمناه اية دولة وتعمل على تحقيقه.

 فإذا دخلت اجندة البيئة المناهج التربوية والاسرة والجمعية والمؤسسة ومختلف مكونات ومؤسسات المجتمع فإنها بذلك تدخل ادراك الفرد وسلوكه. فالمسئولية اذا هنا هي مسئولية الجميع وليست مسئولية الاعلام فقط. الاعلام البيئي له دور كذلك على مستوى التشريع والقوانين سواء محليا او دوليا في اطار المنظمات المختصة لمعالجة القضايا البيئية التي تتطلب مسئولية ومهمة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية

 وكذلك مهمة ومسئولية المنظومة الدولية فالمشاكل البيئية الكبيرة والخطيرة في ايامنا هذه تأتي من الدول المتقدمة والدول الصناعية التي ضربت وتضرب عرض الحائط الاعراف والقوانين الدولية في مجال البيئة، كدفن النفايات النووية والقيام بالتجارب النووية وكذلك الاخطار والمشاكل التي ترتبت على غرق حاملات البترول العملاقة وتفجير آبار البترول وحادثة تشرنوبيل وحادثة بوبال وغيرها من الكوارث التي كانت انعكاساتها وخيمة، ليس فقط على الدول التي وقعت فيها وانما على البشرية جمعاء.

هدف الإعلام البيئي إلى تنمية القدرات البيئية وحمايتها بما يتحقق معه تكيف وظيفي سليم اجتماعياً وحيوياً للمواطنين، ينتج عنه ترشيد السلوك البيئي في تعامل الإنسان مع محيطه وتحضيره للمشاركة بمشروعات حماية البيئة والمحافظة على الموارد البيئية. كما يهدف الإعلام البيئي إلى تنمية الوعي والمسؤولية البيئية لدى الجمهور والمسؤولين وتوجيه سلوكهم وأنشطتهم للوصول إلى حال من الوعي الكامل بالقضايا البيئية، ما يؤدي إلى تغيير في نمط حياة المجتمع وسلوكياته الضارة بالبيئة والطبيعة، ومن ثم التعامل بتلقائية وعفوية وإحساس معهما. وكذلك إعطاء الأهمية الكافية لدور الإعلام البيئي في الإنذار المبكر، ورصد حدوث أي خلل بيئي، وتحريكه للرأي العام، وإسهامه في إصدار التشريعات الإيجابية التي تخص البيئة.‏

إن تبني القضية البيئية التنموية في المؤسسات الإعلامية تأتي في العادة من قناعات صانعي ومتخذي القرار، المبنية أساساً على التوعية البيئية السليمة وبعد النظر والإدراك بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية، حيث تأتي قضية تبني المؤسسات الإعلامية للقضية البيئية، ومتطلبات التنمية المستدامة كرسالة إعلامية واجبة تقتضيها المصلحة العامة، كأحد أهم ركائز الإعلام البيئي التنموي.‏

يتوجب على الإعلامي البيئي حمل آلة تصوير بشكل دائم، وعليه التقاط الصور لعناصر الطبيعة الحية وغير الحية والظواهر الطبيعية والأخطاء البشرية بحق الطبيعة والبيئة وأرشفة هذه الصور، فسيأتي يوم يحتاج إليها. متابعة البرامج الوثائقية التلفزيونية المتعلقة بالطبيعة والبيئة، والقيام بزيارات للمحميات الطبيعية، ومتاحف التاريخ الطبيعي، والمواقع المهمة للحياة الفطرية، والمصانع والمزارع، والتحدث مع الناس عن الموضوعات المتعلقة بالبيئة والطبيعة وعلاقتهم بها قديماً وحديثاً.

على الصحافي أو الإعلامي البيئي، أن يعرف كثيراً من الأسماء المحلية للنباتات والحيوانات، وكذلك أسماء أجناس أنواع مميزة أو أسماء فصائلها على الأقل. من الضروري رفع مستوى اللغة الإنجليزية عند الصحافي، لأن معظم التقارير والمقالات التي تتعلق بالبيئة والطبيعة تُنشر باللغة الإنجليزية.

التدرب على صياغة الأسئلة المتعلقة بالبيئة والطبيعة وعلى كيفية توجيهها، والتمرس على إدارة اللقاءات الصحافية المرئية بطريقة ذكية لا تخلو من الطرافة والجدية معاً. تداول أبرز جوانب الموضوع المزمع طرحه قبل بث اللقاء على الهواء، وإعطاء الفرصة الكافية للضيف للإجابة عن السؤال والتعبير عن رأيه بوضوح.

الدكتور عادل عامر يكتب عن : دور نساء مصر في حماية الامن القومي

 

 

ان المرأة المصرية لديها الحس الصادق الذي يستشعر خطورة الوضع الجسيم الذي تمر به مصر في الوقت الحالي، حيث إنها لها دور حاسم في الأمن القومي، لكونها الراعي الأول للأسرة وتنمية النشء. أن رسالة المرأة صانعة السلام ترجمت لأكثر من لغة وتم الانتهاء من إصدار رسالة حب وسلام إلى العالم. وإذا كنا نتحدث عن المرأة ودورها في تنمية المجتمع وأنها لا تشكل فقط نصف المجتمع بل هي تربى النصف الآخر، لا بد أن يكون للمرأة دور في دحر هذا الإرهاب؛ لأنها خط الدفاع الأول للأمن القومي، لأنها مدرسة الأجيال، الضمان لحمايتهم من الفكر المتطرف.

إن دور المرأة في أي مجتمع دور أساس في نمو المجتمعات ونهضتها، فهي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنات الأساسية في المجتمع، لكونها المربية الأولى للأجيال، وتمتلك سلاح التأثير القوي وهو غريزة الأمومة، وتأكيدًا لدورها وفضائلها فقد حفظ الإسلام للمرأة كل حقوقها، وكان لها دورها الفعال في عهد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين• فأخرجت أجيالاً من العلماء وساهمت في بناء حضارتنا الإسلامية•

 يمتد خطر الارهاب  ليصل إلى مصر حيث تواجه الإرهاب في سيناء المتمثل فى تنظيم “بيت المقدس”- الذي أعلن مبايعته لأبي بكر البغدادي– والذي يقوم باستهداف الشرطة والجيش المصري، كما قامت القوات المسلحة المصرية بتوجيه ضربة جوية لمعاقل داعش في ليبيا رداً على قيام التنظيم بقتل حوالي 21 مصري مسيحي بأبشع الطرق، وذلك دفاعاً عن الأمن القومي المصري وأمن مواطنيها ضد أي تهديدات تواجهما،

 لقد لعبت العولمة دور كبير في التأثير على تلك الحروب حيث ساعدت في انتشار الجماعات الارهابية على نطاق واسع واستخدامهم للأساليب غير التقليدية لمواجهة الأمن والسلم الدوليين، وقامت بالاستفادة من توظيف الأدوات التي نتجت عن العولمة وخاصة في مجال التقدم التكنولوجي حيث عملت على توفير شبكات الانترنت لتسهل عملية التواصل فيما بينها ، كما تقوم باستخدام وسائل الاعلام المختلفة للترويج إلى أفكارها وتستخدم بهدف شن حروب نفسية على سكان المناطق المستهدفة مثل نشر فيديوهات على موقع يوتيوب أو مواقع التواصل الاجتماعي أو موقع خاص بالجماعات الارهابية على الانترنت.

الإرهاب كلمة لم تعد تقع على مسافة بعيدة من أي مواطن في هذه الدولة.. لم تعد تستهدف فقط ضباط الشرطة أو الجيش، بل أصبح كل منا معرضًا للموت في أي لحظة، حيث يكون مستهدفًا وهو في طريقه إلى عمله أو منزله..

 وخلال الأربع سنوات الماضية شهدت الدولة المصرية حالة شديدة من العنف والانفلات الأمني بل والأخلاقي. زاد الأمر سوءًا هذه الجماعة الإرهابية التي حكمت مصر خلال عام وبثها لخطاب طائفي كاد أن يفتت المجتمع المصري ووحدته وهويته التي تميزه منذ 7 آلاف عام. لقد اعترف المجتمع الدولي بقوة ودور المرأة في الحفاظ على السلام والأمن، ممثلاً في قرار مجلس الأمن رقم 1325 لسنة 2000 ، والذي أكد دور المرأة في منع الصراعات والنزاعات المسلحة وحسمها ، وحث الدول على تضمين المرأة في كافة عمليات صنع القرار. إن المرأة المصرية عانت طوال حكم الإخوان من هذا النوع من الإرهاب تحت شعار الدين لتتحول عدة مناطق في البلاد إلى بؤر إرهابية تهدد أمن واستقرار الوطن . لان تنمية الوعي الأمني لدى المجتمع واجب أساسي للمرأة والرجل معاً لكنه يتعاظم بالنسبة للمرأة بشكل خاص إذا ما تم تمكينها سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، مما يزيد من قدرتها على المشاركة بقوة في التنمية ودحر الإرهاب.

 أن الجهد الأكبر يقع على عاتق الأم؛ لأن التنشئة السليمة هي تنشئة الفكر بالدرجة الأولى، حيث إن المرأة دائماً ما تكون في صدارة ضحايا الإرهاب بفقدانها أحد أفراد أسرتها “الزوج أو الابن أو الأخ أو القريب” أو فقدانها لمصدر رزقها أو فقدانها الأمن والأمان لها ولأسرتها، بل وصلت الأمور إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث يتم استقطابها لتنفيذ مخططات إرهابية.     أن مكافحة الإرهاب مسئولية الجميع في المجتمع رجالاً ونساءً،

وإذا كانت هذه هي مسئولية المرأة فإنها في نفس الوقت لها مطالب عدة من الدولة والمجتمع لاستكمال الهدف المنشود لدحر الإرهاب، منها مطالبة نساء مصر باتحاد جميع القوى الوطنية والأحزاب والاتحادات والنقابات بالتوافق بما يخدم الصالح العام؛ لأن قوة المجتمع من الداخل هي الداعم للاستقرار، بالإضافة إلى مطالبتها الأزهر الشريف بتوضيح دور المرأة ومكانتها في الإسلام وحث الدعاة على ذلك في خطبهم بدور العبادة.

أن نساء مصر يطالبن بالقضاء على الفقر والأمية والقضاء على الموروثات الاجتماعية والثقافية الضارة التي تقف حائلاً أمام تقدمها وتطورها. إنها الوتد، فهي من تحرك الأسرة وتوجهها، مسترشدًا بدور المرأة في الحروب والغزوات منذ أيام الرسول “ص”، واستعانة الرسول بمشورتهن. ويأتي  دور الإعلام في توجيه المرأة والأسرة لحماية أبنائها وتوجيههم لبناء المجتمع، مطالباً المجلس بتبني حمله توعية بالتعاون مع الجهات المعنية لمواجهة الإرهاب. ولا سيما دورها الكبير في النهوض بمجتمع حضاري مميز ذي قيم إنسانية وأخلاقية تمتلك أدوات النهوض والتقدم• كما أن المرأة المتعلمة تؤدي دورًا كبيرًا في محو الأمية الثقافية وذلك عبر استغلال المناسبات الاجتماعية وإيصال مفاهيم سليمة لقضايا مهمة إنسانية ودينية وأخلاقية إلى أخواتها من غير المتعلمات•

 أن الإرهاب يأكل من يدعمه والصامتين عنه والمتوجسين منه والمترددين في مواجهته. مدى تقدير الدولة للمرأة التي قدمت أبناءها شهداء للوطن، كما أكد على دور الأم في متابعة أبنائها خاصة في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي لحمايتهم من الخلل الأخلاقي والانجراف عكس الأخلاق الحميدة وبناء الوطن.

 من هنا يأتي دور المؤسسات الدينية وأن لها دورًا فعالاً لتوصيل رسالة لحماية الأجيال، ولا يجب أن تتقاعس المؤسسات المعنية مع المجتمع المدني لتصحيح المفاهيم ورفع روح الانتماء للوطن. إن للمرأة دورًا قوميًّا في مواجهة الإرهاب، مع أهمية التربية الوطنية المنزلية، حيث إن المدارس تهتم بالمواد التعليمية للنجاح، لكن التربية الوطنية حاليًّا غير موجودة، فهي ضرورة لزرع حب الوطن، كذلك يجب زرع حب الوطن في نفوس الأبناء.     و أهمية احترام القوانين والقضاء؛ لأنه الحامي لحقوق الجميع دون تمييز، كذلك يجب الاهتمام بالأمن الوقائي الأسري، حيث حماية الأولاد في التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، فلابد من الإشراف والرقابة والمتابعة من الأم لأبنائها وحمايتهم وتوعيتهم بمخاطر المخدرات، حيث أصبحت أداة سهل استخدامها، ومن يدمنها يصبح أداة في يد غيره، وبالفعل هناك هجوم من الخارج لتدمير شبابنا ومن الوسائل المستخدمة هي المخدرات، مع أهمية التوعية الدينية الوسطية دون مغالاة. نتناول المرأة في واقعنا وتأثيرها في المجتمع سلبًا وإيجابًا، وبالأخص تأثير المرأة المتعلمة وغير المتعلمة، وعن مفهوم التعليم لديها والعوائق التي تواجهها وذلك في مجتمعاتنا القروية والريفية على وجه الخصوص•

إن درجات التعليم لدى المرأة في مجتمعنا قد تتوقف في المراحل الأولية أو المتوسطة والقلة تكمل المرحلة الثانوية وتلك هي قمة الهرم لدى كثيرات منهن، وذلك للمفهوم السائد بأنها لا تحتاج لأكثر من ذلك، أو للاعتقاد الخاطئ أنها لا تستحق، لأن دورها محدد وثابت، والتعليم في ظن هؤلاء شيء ثانوي يرتبط بمرحلة سنية محددة للمرأة، وذلك حتي تستطيع تحمل مسؤولياتها وعندئذ تتوقف عن التعليم، وقد يكون ذلك جهلاً منها أو أنها قد تكون ضحية لأسباب متعددة•

كما تساهم المرأة بشكل أساسيّ في الأنشطة الزراعيّة والاقتصاديّة الريفيّة في البلدان النامية، ويختلف دورها اختلافاً كبيراً بين منطقة وأخرى نتيجة التغيّرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي تحدث في قطاع الزراعة. وكثيراً ما تتكفل المرأة بإعالة أسرتها، وتتبع طرقاً وأساليب معينة لكسب العيش، فهي تعمل كمزارعة في مزرعتها الخاصة، أو دون مقابل في مزرعة أسرتها، أو بأجر أو دون أجر في مزارع المؤسسات الريفيّة، ويتمثل دورها في إنتاج المحاصيل الزراعيّة، وتجهيز الطعام، والعناية بالحيوانات، وجلب الماء، والعمل بالتجارة والتسويق. ولعلنا إذا تحدثنا عن دور المرأة المتعلمة في نهضة المجتمع أبدأ بأخذ مثال بسيط، بشجرة فاكهة تم الاعتناء بها فكانت قوية مخضرة سليمة من الآفات فسوف تعطى ثمارًا غنية ناضجة بعكس الشجرة غير السليمة، وكذلك المرأة إن تم الاعتناء بها في جميع مراحل حياتها فإنها سوف تكون ناضجة فكريًا، وتحمل في حياتها مفاهيم تربوية سليمة وعقلاً راجحًا تدرك به أهمية العلم، وتعمل دائمًا جاهدة علي أن يصل أبناؤها إلى درجات أعلى منها وأفضل·

أما إذا وضعناها في مقارنة مع المرأة غير المتعلمة فنجدها بعكس ما ذكر آنفا فهي إن لم تدرك أهمية التعليم فإن مفهومها يبقى متخلفًا، ولن تستطيع أن تقوم بواجباتها تجاه مجتمعها، بل يمكن إن تؤدي دورًا عكسيًا لضيق فكرها وتقيدها بعادات ناتجة عن جهلها الدور الحقيقي للمرأة ولكن الواقع أن حقوق المرأة مهضومة في مجتمعنا، فهي تفتقد الاهتمام ولا تمنح الفرصة لترتقي بنفسها وبفكرها، وتكون الضحية في المقام الأول الأجيال المتلاحقة، ولذا نناشد الآباء بإعطاء الفرصة التعليمية الكاملة لهن، والاهتمام بهن ليس من أجل الحاضر، بل من أجل المستقبل والأجيال القادمة·

الدكتورة أحلام الحسن تواصل كتابة سلسلة مقالاتها عن فن الإدارة ..الجزء الثاني الحلقة 30..” التمويل الذاتي الإحتياطي للمؤسسة “

” التمويل الذاتي الإحتياطي للمؤسسة “

بعد أن تطرقي لعمليات التمويل المالي للمؤسسة في حلقات الجزء الأول أورد اليوم بعض الإشارات المختصرة والمضغوطة لعملية التمويل الذاتي وما هو المقصود من وراء هذا المصطلح ..
يقصد بالتمويل الذاتي هو تمويل المؤسسة من ذاتها لذاتها ودون اللجوء للتمويل الخارجي لسد احتياجاتها وضروراتها الطارئة فقط .. وعادةً وفي الغالب لا يعمل بالتمويل الذاتي في بداية إنشاء المؤسسة إلاّ نادرًا جدًا .. إذن فالتمويل الذاتي عمليةٌ تأتي بعد نجاحات المؤسسة في طرح منتجاتها واستثماراتها وعدم توقفها عن العمل .. وهي عمليةٌ قد تكون طارئة للأسباب التالية :
1/ سدّ بعض احتياجات المؤسسة الطارئة والمهمة .

2/ سداد مديونيةٍ فوريةٍ على المؤسسة .. وعلى المؤسسة المبادرة والإسراع بسدادها قبل لجوء الدائن للقضاء والتفاهم مع الدائن .

3/ تعرض المؤسسة لخسارةٍ ماليةٍ بسببٍ أو بآخرٍ كحريقٍ أتلف المعدات أو لخللٍ في المبيعات تسبب في خسارتها خسارة كبيرة أو لأيّة خسارةٍ أخرى تستدعي إلى التمويل الذاتي والفوري لمواصلة مسيرة الإنتاج والعمل والحيلولة دون توقّف عملية الإنتاج وعملية التسويق ..وتحاشيًا لعدم الإلتزام بالإتفاقات المبرمة مع زبائن الجملة والتصدير .

أهم الإنطلاقات لتطبيق التمويل الذاتي للمؤسسة :
وتشمل عدّة مهامٍ أساسية هي :

1/ من أولويات المهام الأولى وقبل المبادرة بتطبيق عمليات التمويل الذاتي البحث عن جوانب القصور التي أدّت إلى الحاجة للتمويل الذاتي و ودراستها جيدا معالجتها سريعًا قبل تفاقم المشكلة ومن ثمّ الحاجة للمزيد من التمويل الذاتي وقد يصل الأمر إلى خساراتٍ ماليةٍ كبيرة للمؤسسة .

2/ السعي إلى زيادة عمليات التسويق من خلال بيع المخزون وبسعرٍ تنافسيٍ وهذا بدوره سيساهم في نجاح عملية التمويل الذاتي .

3/ تحصيل المديونية التي للمؤسسة على العملاء والمتأخرة التسديد سيساهم كثيرًا في وضع الحلول لعملية التمويل الذاتي .

4/ زيادة السيولة المالية من خلال طرح الأسهم .

5/ الإستفادة من الأرباح المرحّلة السابقة التي حققتها المؤسسة سابقًا بدلًا من الإقتراض البنكي والذي سيؤدي بدوره لدفع فوائد بنكية تزيد العبء على المؤسسة .

*كاتبة سلسلة المقالات

استشارية إدارة موارد بشرية 
وإدارة أعمال 

المصدر : كتاب فنّ الإدارة د. أحلام الحسن

الأديب والكاتب المصرى عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن : قرابين ليست للرب

 أصاب القحط وادي المكسيك في القرن الثاني بعد الميلاد، وشقق الجفاف حلوق خمس سنوات عجاف، قضتها قبائل الأزتيك في هم وكرب ودعاء. واعتقد أهل الوادي الجديب أن الإله غاضب عليهم، وأنه يحتاج لاسترضاء من نوع ما. فأشار الجنرال تلاكال على أخيه الملك مونتيزوما بفكرة لا تخطر لشيطان على بال. اقترح تلاكال أن يسترضى الملك الرب بدماء بشرية، ولا أدري إن كان الرجل أول من شرع هذا الفساد في الأرض، أم أنه كان يتبع سنة غبية توارثها أبناء هابيل (ورثة الدم والخطيئة) عبر الأجيال.

الغريب أن الملك السفيه لم بجد غضاضة في الإنصات إلى ترهات أخيه، واتفق معه على شن حرب استعراضية على قبيلة مجاورة يعاني أهلها مثل الذي يعانون. وبعد اجتماع قصير، اتفق زعيما الأزتيك وتلاكسكالا على إشعال حرب مقدسة لا تسفك فيها الدماء في الميادين، بل تحفظ في قواريرها الآدمية حتى تهراق بين يدي إله دموي لا يرضي إلا بنخب حار من دماء عبيده. وفي حربهم ضروس اختلطت الأنفاس ورائحة العرق، وتدافع المتقاتلون باسم الحمق ليأسر بعضهم بعضا. وبعد كر وفر، تكومت القرابين على الجانبين، وشحذ عرابو القتل سيوفهم، ليجزوا بها الرؤوس التي ارتفعت عاليا قبل السقوط الأخير في مشهد مخجل في محراب نتن. وكعادة الرواة، الذين يكتبون التاريخ ليسبحوا باسم ملوكهم وينالوا الرضا والعطايا، نسي رواة الأزتيك أن يخبرونا بنتيجة فعلة كبرائهم المنكرة، وإن كان ربهم قد من عليهم من بعد الذبح بالعطاء، أم جزاهم بما يستحقون من ويل وثبور. لم يذكر لنا رواة الأزتيك كيف تحول الأحمر القاني في أرض الرب إلى سنابل خضراء وماء فرات. ومات رواة الأزتيك، ولم يتركوا لنا شاهدا واحدا ممن بقي من الجند، أو رسالة خطها أحد المأسوف على دمائهم وهو يتقدم حثيثا نحو محرابه الدموي ليروي عطش الإله. لم يطفئ غلاة المؤرخين نهمنا برواية المشهد الأخير من حكاية كتب علينا أن نشهد دوما فصولها الأولى. ليتركوا لنا سنة غبية تكرس لدورنا الهمجي فوق أرض لا تكاد تجف من الدماء. 

يذكرني ما فعله الأزتيك ذات حمق، بما يفعله الغلاة من المتدينين في كل عصر، والذين يجمعون القرابين البشرية في صفوف منكسرة، لتقدمها عقولهم المريضة وأفكارهم المغلوطة، عن آلة جهنمية تسمى الإله لا تدور إلا بزيت آدمي فائر. ولو عدنا بالذاكرة للوراء قليلا أو كثيرا، وأدرنا عدسة الحقيقة فوق زوايا التاريخ المهملة، لوجدنا أن أكثر من سعر للحروب الدينية أناس لم يريدوا وجه الإله، وإنما حاولوا توطيد عروشهم وإشغال شعوبهم بأفكار لا ناقة للرب فيها ولا جمل. لم تكن حرب الأزتيك دينية أيها السادة، ولا الحروب الصليبية ولا الحرب الضروس التي استمرت عقودا بين الكاثوليك والبروتستانت ولا حروبنا المذهبية المقدسة بين السنة والشيعة. فالإله الذي يتحدث باسمه الجميع ويتقاتل باسمه الكل، إله رحيم ودود لطيف بالعباد في كل الشرائع والملل والأديان. مات تلاكال منذ تسعة عشر قرنا أو يزيد، لكنه لا زال حيا بيننا، يؤلب الجند ويشحذ السكاكين ويكتب تاريخا مؤسفا عن أقوام تركوا حرث الأرض واستنباتها، وتفرغوا لقتال بئيس يهلك الحرث والنسل، بحجة الدفاع عن إله لا يشرب نخبه إلا في أوان عظمية فارغة.

Shaer129@me.com