الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن :  طلاقُ العصرِ يفوقُ صفقةَ العصرِ      

 

               

تزامنت ورشة المنامة الاقتصادية التي سبقت الإعلان الرسمي عن صفقة القرن، ومهدت الطريق لها، مع خبرٍ اجتماعي صاخبٍ أخذ صفةً رأسمالية، وتقدم في بورصات المال على أرصدة ورشة المنامة، وقد يبقى لأيامٍ طويلة يتصدر نشرات الأخبار الاقتصادية والاجتماعية في آنٍ، فقد كان الخبر ولا زال لافتاً للأنظار ومسترعياً للانتباه، وذلك بالنظر إلى القيمة المالية التي صاحبته، إذ قضت محكمة أمريكية بإلزام صاحب شركة أمازون الشهيرة بتعويض طليقته مبلغ 68 مليار دولارٍ، وتمكنت طليقته بالحكم الذي صدر لصالحها من استعادة حريتها، وحفظ كرامتها، وتعويض نفسها، إذ نالت حكماً مبرماً غير قابلٍ للطعنِ بالحصول على التعويض المالي فوراً ودفعةً واحدةً، دون أن تقدم لزوجها السابق أدنى تنازلاتٍ على مستوى كرامتها أو سمعتها، ودون أن تخضع لشروطٍ مذلةٍ والتزاماتٍ قاهرةٍ.

 

بالمقابل وفي اليوم نفسه، فقد ساقت الإدارة الأمريكية عدداً من الأنظمة العربية إلى المنامة، للمشاركة في الورشة الاقتصادية التي وصفتها بورشة الازدهار والتقدم، والرخاء والتطور، وهي التي غاب عنها الفلسطينيون بقرارٍ موحدٍ مشهودٍ له، حيث رصد مصممو الصفقة مبلغ خمسين مليار دولارٍ فقط، لتمويل الدول العربية المحيطة بفلسطين وغيرها، فيما يشبه الإغراء والتوريط، إلا أنهم قرروا صرف هذه المبالغ على مدى عشرة سنواتٍ، أي أنها لن تدفع لهم دفعةً واحدة، بل سيتم تقسطيها ضمن برنامجٍ معدٍ بدقةٍ، يعج بالشروط والالتزامات، وفيه ضوابط وأحكام، وعلى الدول المستفيدة من هذه المبالغ أن تلتزم الشروط، وأن تخضع للبرامج، وأن تنفذ ما عليها، فالعطاء ليس جوداً أو كرماً، إنما هو مقابل خدمات وأجرة مهامٍ.

 

وقد قبلت الدول العربية طائعةً أو مجبرةً بشروط الصفقة، مقابل وعودٍ قد لا تتحقق فعلياً أو كلياً، وفي أحسن الأحوال فإنها ستدفع من الخزائن العربية الغنية، السعودية والخليجية، إلى خزائن الدول العربية الفقيرة، ولن يكون هناك ضامنٌ لها، أو متعهدٌ بالوفاء بها، اللهم إلا إذا قدمت الدول العربية تنازلاتٍ أكثر، وقبلت بما يعرض عليها ويقدم إليها، حيث أن المطلوب منها لم يعد خفياً أو سرياً، إذ يلزمها الاعتراف بالكيان الصهيوني، وتطبيع العلاقات معه، والتنازل عن الحقوق الفلسطينية المشروعة، والكف عن المطالبة باستعادة أرضهم وإعلان دولتهم، والامتناع عن دعم المطالبين بحقوقهم أو المناضلين من أجل وطنهم، والتضييق عليهم ومحاربتهم ليقبلوا بما يتفقون عليه مع الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي.

 

رغم أننا لا نقايض وطننا بثمن، ولا نبيع أرضنا بكنوز الدنيا، ولا نفرط بحقوقنا مهما بلغت حجم التعويضات البديلة، ونرفض أن نجلس على طاولة التفاوض أو المساومة، ولدينا الاستعداد للتضحية من أجل الحفاظ على حقوقنا ومقدساتنا، وتحرير أرضنا واستعادة وطننا، إلا أننا نسأل المشاركين في ورشة البؤس وندوة العار، ألا تشعرون أن هذه المرأة أكثر احتراماً وأكثر حرصاً على كرامتها منكم، فقد نالت بمفردها أكثر من مجموعكم، وأخذت لنفسها دفعةً واحدةً مبلغاً يفوق مبلغكم، وتمتعت وحدها بحرية التصرف بأموالها، ورفضت الخضوع لأيٍ من الشروط التي تنتقص من كرامتها وتحط من قدرها.

 

فهل أن حرية هذه المرأة الأمريكية تستحق قرابة سبعين مليار دولار، بينما حقوقنا العربية والإسلامية في فلسطين الوطن والأرض والتاريخ والمقدسات، وحاضرها وماضيها ومستقبلها، يساوي لدى الإدارة الأمريكية هذه المبالغ المعدودة التي يقتطعونها من مال العرب ليردوها عليهم، وهم الذين أخذوا منهم عنوةً أو بالتوافق معهم أضعاف هذه المبالغ، وما زالوا يبتزونهم ليأخذوا منهم أكثر، وسيستمرون في ابتزازهم والضغط عليهم، وتخويفهم وترهيبهم، حتى يأخذوا منهم كل شئ، ويتنازلوا لهم عما قد يبقى عندهم أو بين أيديهم.

 

إنها ليست شطارة الأمريكيين فحسب، ولا هو خبث الإسرائيليين فقط، أو مهارة وحذاقة الصهاينة عموماً، إنما هي الأخلاق الوضيعة والقيم الرخيصة والمفاهيم البالية، فلو أن الدول العربية أظهرت عزةً وكرامةً، وأبت الخضوع والاستسلام، وأصرت على الحقوق والثوابت، وتمسكت بالأرض والمقدسات، ورفضت أي مساومات أو صفقات، وبقيت كشمس الأصيل لا تخضع، حينها ما كان للصبي الأمريكي ولا لرئيسه المقاوم أن يتطاول عليهم ويتمادى، ويفرض عليهم شروطه ويبيعهم حقوقهم بأموالهم، إذ علم أننا هُنَّا على أنفسنا فأصبح قبولنا بالهوان سهلاً، وتجرعنا للإهانة بسيطاً، وعيشنا في ظل المهانة ممكناً، وتعريفنا للذل مختلفاً، حتى غدت حرية المرأة الأمريكية وطلاقها أغلى ثمناً من الكرامة العربية وقيمها.

 

بيروت في 27/6/2019

 مصطفى منيغ يكتب عن : ُل الأحيان الثالثة أضمن

التفكير في الهجرة لم ينطلق عندي كرغبة في الفرار من التملص عن اتخاذ أي قرار سياسي رأيتُهُ ساعتها حَلاً مقْنِعاً لشباب جيلي ، يُعيدُ لهم الحق في التمتع داخل شمال المغرب كما يتمتع به (ولو جزئيا) رفاقهم في الجنوب ، وإنما كان لضرورة تحصيل علم  الحياة الاجتماعية على الطبيعة ، حيثُ الإنسان ، انطلاقاً من النقطة الحدودية الشهيرة “هَنْدَايَهْ”، الكائنة بين شمال اسبانيا وجنوب فرنسا يحيا كإنسان ، في مدينة كل مسؤوليها أكفاء ، أو داخل قرية منظمة بسكانها النجباء ، وليس في مدينة يتيمة تئن من تصرفات مَن هم على التدبير المنصف  دخلاء ، أو قرية أهلها (جورا) كلهم بسطاء ، التحصيل وبالتفصيل المُمِلِّ ، للخروج بدرجة علمية ممنوحة في الهواء الطلق من طرف ذاك المجتمع الإنساني المتكامل الأخذ و العطاء ، لترسيخ أسلوب النماء ، التلقائي القائم على التضامن كقاعدة عامة أفرزتها التربية العلمية المُحِقَّة في برامجها الهادفة إلى تأسيس مجتمع يتحمل مسؤولية تطوير نفسه بنفسه نحو الأفضل ثم الأفضل من الأفضل ، وفق استفادة عميقة مما عايشه جيل سابق كادت ويلات الحروب تقضي على وجوده . 

توجَّهتُ (إتماما للمقال السابق المخصَّص لنفس الموضوع) إلى مكتب الدكتور “بَاوْسْ” المحامي المستشار في وزارة العدل الهولندية آنذاك ، طارحاً عليه فكرة تأسيس جمعية تُعني بشؤون المهاجرين المغاربة ، مقترحا ًعليه في نفس الوقت أن تحمل اسم جمعية الصداقة المغربية الهولندية للمهاجرين المغاربة في أُطْرِيخْتْ. لم يستحسن الفكرة فحسب بل هيأ لها (من تلك اللحظة) كل أسباب النجاح بجعل نفسه مشاركاً مباشراً في تسيير شؤونها الإدارية بالدرجة الأولى وبهذا لم يمر أسبوعا واحدا إلا والجمعية قد أصبحت واقعا ملموسا ، وملجأً آمناً للإخوة المغاربة الوافدين على تلك المدينة الجميلة، القاصدين خدماتها ، المدينة التي أكن لها شخصيا المحبة والتقدير لأسباب سأصل إلى شرحها مستقبلا . قانون الجمعية حررته بنفسي جاعلا منه مواكبا على تشخيص ما نود الوصول إليه كمغاربة بقَالَبٍ مغربي صرف يضمن لنا استقلالية القرار والسير وفق ثوابت لا يمكن تجاوزها تُبِقي على الصداقة المغربية الهولندية وتنميها بما هو كفيل بخلق تعاون ايجابي ثنائي حقيقي في كل المجالات ، حتى يكون دور الجمعية مكملا لكل رغبة مماثلة للجانب الهولندي وغير معاكس لها. الدكتور باوس وهو رجل قانون أدركَ أن الفكرة بتطبيقها كما يجب ستُعَدُّ لبنة أولى تتأسَّسُ عليها ما يفتح المجال لتقارب الحضارتين الهولندية والعربية عموماً ، وما يسد حاليا الخصاص بهذا الأسلوب الراقي المشجع لمبادرة عقد حوار صريح ونزيه بين ثقافتين تهدفان (لدى أصحاب النيات الحسنة) الاقتباس المتبادل مما تتفقان أنه الحل الأمثل للتعمق في معرفة كل طرف للطرف الثاني معرفة تضمن نشر التسامح والإخاء والأمن والسلام ، لذا لم يُعَيِّب مصارحتي بوجود آنسة هولندية تتقن اللغة الإسبانية (مثلي) من الأفضل ضمها إلى الجمعية حتى لا أجد أية صعوبة في طرح ما أود طرحه مُترجَماً (الترجمة الجيدة) إلى اللغة ” الندرلندية”، لم تمر سوي لحظات على موافقتي كرئيس للجمعية ، إذ بعد دقيقتين من مهاتفته المعنية بالأمر، أطلت علينا الآنسة ” ليدوين ” ، التي لا زال محياها يداعب ذكرياتي بأدق التفاصيل حتى الحين، نحيفة بعض الشيء لكن في تناغم مع قدها المتوسط الطول ، شقراء الشعر ، بيضاء البشرة ، خضراء العينين ، بثغر لا يكف عن الابتسام ، أنثى بمعنى الكلمة ، لا أقولها بعقلية شاب أعزب وافد من شمال إفريقيا العربي الأمازيغي ، يحيا تقاليد ، المرأة داخلها ، عالم مغلق لا يَلِجُهُ إلا الراغب في إتمام نصف دينه ، وإنما بعقل إنسان احترم المرأة في كل مكان وزمان ، ومع هذا الاحترام يود العثور على إنسانة تشاركه مطامح مسير على درب الحياة بهدوء وسكينةوراحة بال، وانسجام لا يعكر صفوه  أي عارض في أي لحظة من لحظات البقاء على قيد الحياة . وبالرغم من المقام المهيأ كان لمثل الشروع في تخطيط ترابط لا يترك للصدفة سبيلا للانصراف دون استغلالها الاستغلال الشريف ، ظل الاهتمام بإنجاح أعمال الجمعية والخروج بها للوجود ، المسيطر الأكبر . وللتاريخ أقول : “لدوين” كان لها الفضل بعد الصديق الدكتور ” باوس ” في وقوف الجمعية على قدمين قويتين ، حتى الأصدقاء الذين سعيتُ ليتم ضمهم للجمعية المذكورة : ومنهم محمد التطواني ، ومحمد الزوين ، والصغير السلاوي ، ومحمد منيصر ، ومصطفى البرابش ، والعناية ، وعشرات آخرين ، وعلى رأسهم الصديق العزيز محمي سليمان . حتى هؤلاء في مقدور الذين لا زال منهم حي يُرزق ، التأكيد على ذلك .
… تعلمت اللغة الهولندية بقدر حاجتي لاستعمالها ، بواسطة رفيقتي في  أطريخت ” لدوين ” ، بل ازدادت خبرتي في التعامل مع عقلية أهالي البلد النظيف الجميل  المنظم الساحر المحترم لأقصى الحدود بمصاحبةنفس الإنسانة الشريفة “ لدوين ” ، وكلما مرت الأيام أدركتُ كم دور المرأة الهولندية أساسي في المجتمع من حيث تنظيم الأسرة ، ذاك التنظيم الرائع المختلف ساعتها ونفس التنظيم عندنا اختلاف الليل عن النهار ، فهي القائدة المطلقة لكل الترتيبات الحياتية ، والمخططة الأهم للوصول بالسفينة الأسرية إلى شط النجاة المفعم بالراحة  و الطيبوبة والنبل  والسعادة فالتقاعد المريح آخر المطاف بعد قطع المحطات المحسوبة بأربع أو خمس عقود بطول عمر شاءه الله سبحانه وتعالى لكل إنسان من خلقه . كانت ” لدوين ” شابة رائعة من أسرة محافظة عريقة ، والدها اشتغل بسلك الدبلوماسية ، حيث عينته مملكته الهولندية قنصلا لها بإحدى دول أمريكا اللاتينية ، وهناك تعلمت الصغيرة اللغة الإسبانية تحدثا وكتابة . مرة دعتني ضيفا على بيتها ، لبَّيت بكل سرور ، فكانت المرة الأولى التي دخلتً فيها بيتا هولنديا لأشاهد عن كثب ذاك التنسيق الشامل كل محتوياته مُقرِّباً تناغم الألوان والأشكال في صورة تبرز ذوق صاحبة البيت وأسلوب حياتها في التعامل مع المرئي الباعث في النفس راحة الانزواء التام يومي السبت والأحد لتجديد خلايا الإقبال على مستلزمات ضرورية للإبقاء على نفس المستوى من العيش الطيب ، و اجتهادات في العمل منالاثنين إلى الجمعة على امتداد قد يصل أحيانا 16 ساعة في اليوم. تذوقت من أطباق تفنَّنت المضيفة في تحضيرها على الطريقة الهولندية الفريدة المميزة الممتعة ، مهيأة وفق جو يومين قضيتهما هناك ، حيث ثلج ” ديسمبر” يغطي  كما تظهره شرفة البيت الرئيسية ذات الزجاج السميك المُغَطَّى “بالدنتيل” الأخضر الشفاف  جنيات الطرقات وسطوح الأبنية المشيدة وفق هندسة معمارية سائدة في شمال أوربا،  قادرة على تحمل البرد القارص من جهة ، وثقل الثلج المتساقط عليها بكثافة ، أثناء مراحل معينة من فصل الشتاء من جهة ثانية ، أطباق تعلوها دهون خفيفة تفرزها شرائح لحم البقر المصاحبة بخضر متنوعة الأشكال مرصعة بقطع الجبن الهولندي الأصيل القادم من مدينة “أَلْكْمَار” ، وما زاد من شاعرية المقام انبعاثصدى خافت من آلة تسجيل تعيد ما تصدح به أغاني جنوب أمركا من معاني الرقة في طرب بريء تطبع المساحة برومانسية لم تكن مألوفة بالمباشر عند شاب في العشرينات من عمره وافد من شمال إفريقيا العربي الأمازيغي تربى التربية المحافظة ، ومع ذلك حافظ هذا الشاب على كيانه ليرقى مع ضميره بالتصرف المتحضر إلى منصب يشغله عن جدارة واستحقاق كرئيس لجمعية أصلها مغربي صرف ومقامها المملكة الهولندية الموقرة ، الداعية إلى تعميق التعارف بين الطرفين تعارفا يبني لمستقبل تعاون أساسه المودة والأمن والسلام . حقيقة فاتحتني العزيزة ” لدوين” في شأن الارتباط الرسمي بيننا ، لكنني تهربت في نبل وبأدب جم حتى لا اجرح عواطفها الرقيقة ، إذ قلبي وعقلي كانا مرتبطان مع طموح يؤخر الاهتمام بمثل الاستقرار الناتج عنه مسؤوليات لستُ مؤهلاً لتحملها على الوجه الأكمل في تلك الظروف بالذات التي اعتبرتها الخطوة ما قبل البداية ليس إلا ، الحقيقة إنها المرة الثانية التي تشرفتُ فيها بامرأة تطالب عن طيب خاطر مرافقتي سنة التمازج الطبيعي لتكوين أسرة والاستقرار في مكان معين ، ولطالما رددت لنفسي مع نفسي : في جل الأحيان، الثالثة ستكون لما أرغب فيه أضمن .

لم يكن المغرب قادرا كما سبق الذكر لاستيعاب وتوظيف حماس الشباب مثلي في تحقيق نماء مطلوبوالمرحلة مرحلة بناء حقيقي لدولة عصرية بكل ما ترمز إليه الكلمة ، لأولويات فرضت نفسها عليه ، تعلقت بترتيب النظام احتياجاته الأساسية لضمان استمرارية مريحة وإن اختلف العصرين (للراحلين محمد الخامس والحسن الثاني) ونمط الحكم فيهما ، المسألة لم تكن سهلة، خاصة والأطماع (كما سُمِّيَت آنذاك) تكبر يوميا لنزع مكسب يضاف لمطالبة حزب كبير معارض (منذ نشأته) للمشاركة المباشرة في تدبير الشأن العمومي تحت شعار التقليل من دكتاتورية النظام ، وما تبع ذلك من اضطرابات وقلاقل ، حقيقةيصعب حصرها لكثرتها بما سببته من مآسي لأسر لازالت تعاني من ويلاتها . لا يمكن حجب الحقائق عنا إلى الأبد ، كان المفروض أن يعلم الشعب المغربي في يوم لاحق (لم يصل بعد للأسف الشديد) من أخَّرَ مسيرته صوب التقدم ، ومَن تعمد أن يأتي الاستقلال خدمة لمصالح ضيقة لا أقل ولا أكثر، حينما رُبِط هذاالاستقلال بنقص فادح في بسط السيادة على مجموع التراب الوطني الموحد تعلق الأمر بالشمال أو الجنوب أو الشرق ، ليظل المغرب يعاني والمغاربة حتى الساعة وهما يحاولان استرداد ما يكاد يضيع ، القضية لا تحتاج لذكاء حاد حتى نصل إلى الإجابة المقنعة . ومتى اتضحت الأمور إلى منوال لا يترك حتى الجزئيات دون شرح ومستفيض ، علمنا ما الهدف لتركنا دوما في الصف الثالث بدل الثاني ، ولما لا  مع الأوائل؟؟؟.

كنت في شمال المغرب ساعتها وتحديدا في مدينة تطوان انهي تعليمي في المدرسة بوليتكنيكا (جابر بن حيان حاليا) دراستي الثانوية في قسم الباكلوريا حينما كان مديرها الأستاذ محمد الخطيب يساعده كحارس عام الجزائري السي قدور ، والأستاذ الجحرة ككاتب ، ومحمد المرابط ، والفقيه الصوردو كأستاذين فريدين وسط جماعة من الأساتذة الإسبان، إذ باستثناء الفلسفة التي كان يدرسنا إياها المرابط ( لا زال في نفس المدينة يشغل الكاتب العام المحلى لإحدى النقابات العمالية) بعد قدومه من مصر والتحاقه بنفس المؤسسة التعليمية ، واللغة العربية التي كان يلقنها لنا الأستاذ المرحوم محمد الصوردو ، كل الموادالعلمية الأخرى يتم تحصيلها باللغة الإسبانية . بعد اجتيازي المرحلة التحقت بالمدرسة المحمدية للمهندسين لأسبوع واحد فقط ، صراحة لم أتمكن من استيعاب المحاضرات الملقاة علينا باللغة الفرنسية التي كنا نجهل حتى الميسور من مفرداتها ، خاصة ونحن القادمون من الشمال الذين قضينا عمرناالدراسي فيه باللغة الإسبانية لا غير ، اللهم ما تعلق ببدايتنا في الكُتَّاب ثم مدرستي ” الأهلية الحسنية ” و ” سيدي بو أحمد” ، و”ثانوية القصر الكبير” ، و”المعهد المحمدي” بذات المدينة ، حيث كانت العربية جزءا أساسيا في البرامج التعليمية المطبقة علينا ، ما عدا ذلك كانت الإسبانية هي العمود الفقري في تكويننا العلمي ، فاتفقت وستة من رفاقي الاتصال بوزير التعليم وكان آنذاك السيد يوسف بلعباس الذي استقبلنا مُكرَها ، بعدها حصلت واقعة كان لها الأثر البليغ في مسرى حياتي السياسية خاصة ، إذ أدركتُ أن المغرب الرسمي، وخاصة في هذه المرحلة الانتقالية (كما كانت السياسة الرسمية تريد إقناعنا بذلك لنمتص ما يُرتكب في حقنا من أخطاء وجسيمة) لن يعبأ بالشمال ، ومشاكل الشمال، وطموحات أبناء الشمال ،لانشغاله بجهة أخرى، التي كان عليَّ شخصيا الانتظار أربعين سنة حتى أتمكن من معرفة مَن تكون ، وطبعا سأبين الأمر حالما أصل إليه بمشيئة الرحمن الحي القيوم لا إله إلا هو عليه توكلتُ وإليه المصير.(للمقال صلة)

الدكتور عادل عامر يكتب عن : استراتيجية الدولة للحماية الاجتماعية

مع استمرار مصر في أجندتها الطموحة لتحقيق الإصلاح وتعويم سعر صرف الجنيه المصري، لحقت آثار سلبية كبرى بالشرائح المحرومة والمستضعفة والأولى بالرعاية في المجتمع لا سيما وقد تجاوزت معدلات التضخم 30% منذ يناير 2017. واتخذت الحكومة خطوات مهمة لحماية الشرائح المحرومة والمستضعفة والأولى بالرعاية في المجتمع، وضمان استدامة هذه الإصلاحات.

وبوجه عام، تنتقل استراتيجية الحماية الاجتماعية حاليًا من الدعم الشامل الذي يتسم بعدم الكفاءة وعدم الوصول إلى المستحقين إلى البرامج الاجتماعية المشروطة وشبه المشروطة التي تتضمن آليات استهداف أفضل تعمل على الوصول إلى المستحقين والتي ثبت على المستوى العالمي أن لها تأثيرا أكبر من حيث تقليص الفقر. وبالنسبة لدعم المواد الغذائية، تحسنت كفاءة الاستهداف

والوصول إلى المستحقين إذ تم حذف 10 ملايين شخص (13% من الإجمالي) من قائمة المستفيدين. وبالنسبة للتحويلات النقدية، تم تحديث معادلة الاستهداف لتحسين معدلات تصاعد التحويلات. وعمل هذا البرنامج أيضًا على إنشاء سجل قومي موحد لتحديد الشرائح الأشد فقرًا، ومن المتوقع استكماله في منتصف 2018، وسيعمل ذلك على تحقيق منافع إضافية مهمة ومشتركة للبرامج الاجتماعية الأخرى.

وتمت زيادة التحويلات الخاصة بهذه البرامج أيضًا للتخفيف من معدلات خسائر الرفاهة التي تتكبدها الأسر المعيشية. وزاد نصيب الفرد من مخصص دعم المواد الغذائية من 21 جنيهًا في الشهر إلى 50 جنيهًا في السنة المالية 2017/2018 (بحد أقصى 4 أفراد للأسرة المعيشية، وسيحصل أي فرد إضافي على نصف الدعم المقرر). وعلى ضوء التغطية واسعة النطاق للبرنامج الذي تستفيد منه حوالي 90% من الأسر المصرية، و95% من شريحة الأربعين في المائة الأدنى دخلًا، من المتوقع أن تعمل الزيادة في المنافع المقدمة على التعويض شبه التام للخسائر التي تكبدتها الأسر المعيشية في شريحة الأربعين في المائة الأدنى دخلًا بسبب الزيادة في أسعار الطاقة في 2017. وسيستمر التوسع في برنامج تكافل وكرامة، وقد زادت المنافع المقدمة للأسرة المعيشية المستفيدة بواقع 100 جنيه.

 وبداية من 160 ألف أسرة معيشية في المحافظات الأشد فقرًا، توسع نطاق البرنامج ليصل إلى 1.7 مليون أسرة معيشية في منتصف 2017، ومن المتوقع أن يصل إلى مليوني أسرة معيشية في منتصف 2018.

وفضلًا عن هذا، تم التوسع في نطاق الحماية الاجتماعية كي يشمل الطبقة المتوسطة من خلال برامج لتعزيز المهارات، وتأهيل الشباب كي يكون جاهزًا للعمل والتوظيف، وتحسين تقديم الخدمات. وتم الشروع في برنامج جديد اسمه فرصة في 2016 لاستكمال برنامج تكافل وكرامة، وربط الشباب في الأسر المعيشية المستفيدة بفرص العمل حتى يتسنى للأسر الإفلات من براثن الفقر. وتم التوسع في البرامج التي تحقق منافع للطبقة المتوسطة، لا سيما لهؤلاء الذين على حافة السقوط في غيابات الفقر. وتمت زيادة معاشات التأمينات الاجتماعية التي تغطي حوالي 10 ملايين شخص تقريبًا نصفهم يعيشون تحت خط الفقر الوطني بنسبة 15%. وتمت زيادة حد الإعفاء من ضريبة الدخل لدافعي الضرائب من أصحاب الدخول المنخفضة. وعلاوة على ذلك، تم منح موظفي الدولة علاوة استثنائية بواقع 7 -10% للتخفيف جزئيًا من تآكل الدخول بسبب ارتفاع معدلات التضخم. وسمحت الوفورات في الموازنة العامة للدولة بالتوسع على نطاق أصغر في تقديم دعم للخدمات الاجتماعية، مثل برامج وجبات المدارس، والتأمين الصحي للشرائح المستضعفة والمحرومة (الفئات الأولى بالرعاية)، وبرامج التدريب لتعزيز المهارات.

. فقد تم إدراج إجراءات لتشجيع المساءلة والإدارة الرشيدة من خلال الشفافية في جميع جوانب برنامج الإصلاح، بدءا من موازنة المواطن إلى آليات تسوية نزاعات المستثمرين وجلسات الاستماع العامة حول تنظيم قطاع الكهرباء. والاحتواء أيضا يمثل مبدأ محوريا في هذا البرنامج، حيث تجسّد في تحويل الإنفاق العام من دعم يتسم بعدم الكفاءة إلى الإنفاق الاجتماعي، وكذلك التشديد على خلق فرص عمل بتنمية القطاع الخاص.

 وللمرة الأولى في عام 2015، تجاوزت موازنة الصحة والتعليم المبلغ المخصص لدعم الطاقة، وارتفعت ميزانية الحماية الاجتماعية 60% في السنة المالية 2017/2016 لحماية الفقراء والمهمشين من أثر ارتفاع معدل التضخم وزيادة أسعار الكهرباء. ومن المتوقع لهذه العملية، عن طريق تركيزها على تحسين بيئة الأعمال، أن تولّد فرصا للشركات الصغيرة والمتوسطة مع احتمال تحسين ريادة الأعمال للنساء وتوفير فرص العمل لهن.

ويستند العقد الاجتماعي الجديد إلى تعزيز ثقة المواطن؛ وزيادة فاعلية حماية الفقراء والمحرومين؛ وتقديم الخدمات بشكل يتسم بالشفافية ويخضع للمساءلة بما يساعد على الاحتواء الاجتماعي؛ وتدعيم القطاع الخاص بحيث يكون قادرا على خلق فرص العمل. وتتفق هذه الأهداف تماما مع إطار شراكة مجموعة البنك الدولي لمصر، الذي يسعى إلى تحقيق هدفي المجموعة المتمثلين في إنهاء الفقر وتعزيز الرخاء المشترك بشكل مستدام.

الالتزام المستمر بإصلاح دعم منتجات الطاقة على الموارد العامة نحو 5% من إجمالي الناتج المحلي، مما سمح بإعادة التوازن في الإنفاق العام لصالح المجالات الاجتماعية. وفي الوقت نفسه، تحركت الدولة بحسم للقضاء على نقص ضخم في إمدادات الطاقة وتحويله إلى احتياطي كافٍ خلال ثلاث سنوات فحسب، واجتذبت قدرا ملموسا من الاستثمارات الخاصة في قطاعي الغاز وتوليد الطاقة المتجددة. 

وفيما يتعلق بتنمية القطاع الخاص، تعالج تشريعات جديدة رئيسية قيودا هيكلية قديمة أمام الشركات، تتراوح من إصلاح نظام التراخيص الصناعية وتبسيط الإجراءات الخاصة بأنشطة الأعمال إلى خفض الإجراءات البيروقراطية. ويتزايد حجم الاستثمارات الخاصة بأكثر من 17% كل عام. ويحتفظ برنامج قروض سياسات التنمية بعوامل التفعيل الخاصة به منذ عام 2015 في جميع مجالات التحرك تقريبا دون تعديل النتائج الرئيسية المتوقعة، مما يدل على استمرار التقدم في الإصلاحات. وفي المستقبل، ستتطلب هذه التغييرات الهيكلية قيادة سياسية مستمرة ومشاركة من المواطنين لضمان التنفيذ الفعال للتشريعات الجديدة، وبناء القدرات المؤسسية، وتعزيز المساءلة والحوكمة داخل الإدارات الحكومية. 11.          ويعتبر الضمان الذي ستقدمه المملكة المتحدة للبنك الدولي للإنشاء والتعمير عنصرا هاما في القرض الثالث من قروض سياسات التنمية. ويتوقف مبلغ القرض الذي يقدمه البنك الدولي للإنشاء والتعمير والبالغ 1.15 مليار دولار على 150 مليون دولار لتغطية الضمان المتوقع تقديمه إلى البنك في إطار الدعم الدولي الشامل لمصر.  وقد التزمت المملكة المتحدة من حيث المبدأ بتنفيذ اتفاق ضمان لصالح البنك الدولي للإنشاء والتعمير، تضمن بموجبه أجزاء من سداد القرض من قِبل مصر وذلك على أساس نسبي.

 ويلتزم الضامن بالدفع للبنك الدولي للإنشاء والتعمير في حالة تخلف مصر عن السداد، واستمرار هذا التخلف لمدة 6 شهور على الأقل. في حالة قيام الضامن بدفع الضمان للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، يكون للضامن الحق في استرداد ذلك المبلغ من مصر بشكل ثنائي. ومن المتوقع أن يتم تنفيذ هذا الضمان وتقديمه قبل مناقشة مجلس المديرين التنفيذيين بالبنك الدولي للإنشاء والتعمير المقترح إجراؤها يوم 5 ديسمبر 2017.

          وتساعد التحسينات الكبيرة التي أدخلت على نظام الحماية الاجتماعية على تحسين مستوى الاحتواء في العقد الاجتماعي في مصر. إذ أتاح كل من إصلاح دعم الطاقة، وضبط الأجور، وضريبة القيمة المضافة الجديدة مساحة لزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية في السنة المالية 2018/2017 كتدبير مقصود لموازنة الآثار الاجتماعية الناجمة عن تخفيض قيمة العملة وارتفاع أسعار الطاقة (انظر الإطار 2 في القسم 5). وتتولى اللجنة الوزارية المشتركة المعنية بالعدالة الاجتماعية قيادة الجهود الرامية إلى ضمان توجيه هذا الإنفاق من خلال شبكات أمان اجتماعي أكثر كفاءة وأفضل استهدافا، بدلا من إعانات الدعم العامة كما كان الحال في الماضي. وتشمل هذه الجهود ما يلي:

(1) إصلاح برنامج دعم الأغذية الذي طال أمده مع تحسين الكفاءة الإدارية وحدود الدخل لتحسين استهداف الفقراء؛

(2) توسيع نطاق التحويلات النقدية (برنامج تكافل وكرامة)، الذي يعود بالفائدة على الأسر الأكثر فقرا في مصر، وأكثر من 90% منها تعولها المرأة، ويكملها بالبرنامج الجديد (فرصة)، المكرس لتوفير فرص عمل للشباب؛

 (3) حماية الطبقة الوسطى من خلال التركيز على تعزيز المهارات وتعميم الخدمات المالية وتحسين الخدمات.

كاتب المقال

دكتور القانون العام

ونائب رئيس اتحاد الاكاديميين العرب

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

الدكتور عادل عامر يكتب عن : الاقتصاد ودورة في تنمية الانتماء الوطني

الاقتصاد الذي يؤسس ويقوي الانتماء ويصب في مصلحة الامن الاقتصادي قوة للفرد العادي ورجل الاعمال والدولة، هو قانون حديث يطبق على الجميع سواسية، يساوي الفرص ويعلي من شأن الكفاءة والقيمة والإبداع وتنمية بمنهج علمي ونظم إدارة للموارد الثلاثة بشرية ومالية ومادية.

يؤثّر الانتماء في حياة الإنسان بدرجة كبيرة، تحديداً في العلاقات الشخصية والمهنية منها، وتكْمن تلك الأهمية فيما يستطيع الإنسانُ التعلم منه واكتسابه تهتم الدولة بالاقتصاد ليس لأنه أرقام أو بيع وشراء وسد حاجات، فليس الاقتصاد سوق عملة وسوقا للتجارة، ولكنه تعبير عن حركة العمل، ومدي نجاحه في الإنتاج والتصدير والتنافس في الأسواق العالمية، والاكتفاء الذاتي والتقدم العلمي، وهذا هو أعلي اقتصاد دائما.

 فالشعور بالانتماء للوطن من أهم دعائمه، والتي تحافظ على استقراره ونموه، وهو يشير إلى مدى شعور الأفراد بالانتماء إلى وطنهم، ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع، الدفاع عن مصالح الوطن، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن، المحافظة على ممتلكاته، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويُستدل عليها. فأساس الانتماء هو المشاركة، وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات، ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.

الانتماء يبدأ تصاعديًّا بانتماء الإنسان لنفسه، من خلال سعيه لأن يكون الأفضل؛ بتنمية مهاراته وقدراته، وإثبات نجاحه وتفوُّقه، باعتبار أن هذا النجاح والتفوق وسيلة مثلى للتواصل مع غيره، وإذكاء روح المنافسة الإيجابية….، ثم بالانتماء إلى أسرته (وطنه الصغير)، من خلال الترابط العائلي وتنمية روح المشاركة بودٍّ وحب وتآلُفٍ وتناغم، وبداية الإحساس بالمسؤولية الجماعية،…

 ثم بالانتماء إلى المجتمع الصغير وهو المدرسة والجامعة للطالب، والوظيفة والعمل إلى من تخطَّى تلك المرحلة، ويظهر ملمح هذا الانتماء جليًّا في الإحساس بالفخر لانتمائك إلى مدرسة كذا أو جامعة كذا، أو العمل في شركة ما، والدفاع عن هذا الكِيان الذي ينتسب إليه، وعدم قَبول أي مساسٍ به، فأي انتقاص من قدره يعده انتقاصًا لقدره وقيمته الذاتية…، ثم بالانتماء للوطن الكبير، وهو الذي يفرز حبًّا فيَّاضًا للوطن، يعده الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – (شُعبة من شُعَب الإيمان).

إن الانتماء للوطن وصيانته والحفاظ عليه، هو قيمة إسلامية؛ فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام، وأهله جزء من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها، أما عدم الانتماء، فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، ومِن ثَمَّ فالشعور بالانتماء يبدأ من مرحلة الطفولة التي هي أهم المراحل لغرْس المفاهيم والمعارف والقيم

إن العلاقة بين المواطن ووطنه علاقة جدلية حميمة، تجد جذورها في الوِجدان والعاطفة، كلاهما بحاجة إلى الآخر؛ المواطن بحاجة إلى وطن يقدم له الحماية، ويصون له حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية، والوطن بحاجة إلى مواطنين يدافعون عنه ويحمونه ممن يريدون به سوءًا، هذه العلاقة الجدلية إذا أخذت مسارها الصحيح، تجعل المواطن مهما كانت مشاربه وتوجُّهاته الفكرية والثقافية والسياسية، مستعدًّا بالفطرة للدفاع عن وطنه.

إذا كان حب الوطن عاطفة تَجيش في النفوس – شأنها في ذلك شأن سائر العواطف الأخرى – فإن الشرع الإسلامي جاء ضابطًا للعواطف؛ ليحدد مسارها، ويُحسِّن توجيهها؛ لتعمل في ميدانها السليم دون تقصير أو زيادة. الاستقرار الإيجابي هو الاستقرار المبني على شعور عميق بالرضا والأمن والعدالة، وتكافؤ الفرص، والاستقرار السلبي هو الاستقرار المبني على الخوف والرعب من سلطة غاشمة، أو الخوف والرعب من فتنة عمياء تأكل الأخضر واليابس.

ويمكن أن يُوصَف الاستقرار الوطني بأنه الحالة التي يكون فيها البلد مستقرًّا اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وبيئيًّا واجتماعيًّا، فإذا تحقق الإسلام والإيمان توفرت أسباب الأمن، لكن قد يكون هناك شُذَّاذ لم يتمكن الإسلام والإيمان من قلوبهم، فتحصل منهم نزوات تُخل بالأمن، وهنا وضع الله – سبحانه – زواجر وروادع لهؤلاء، تَكُف عدوانهم، وتصون الأمن من عبَثهم، فلا خلاف في أن تعزيز قِيَم الانتماء للوطن بالضوابط الشرعية للعقيدة الإسلامية، تعود علينا بالأمن على الوطن.

إن الأمن الركيزة الأساس التي يستمد منها المجتمع استقراره وتقدُّمه وحضارته وازدهاره، وكما أن الانتماء إلى الوطن صمام أمان لحماية البلاد من الفتن والأهواء والأفكار المنحرفة والضالة التي تعود بالدمار على البلاد والعباد على حد سواء، فإن الاستقرار مرتبط ارتباطًا كاملاً بالأمن؛ حيث لا استقرار بدون أمن، فاستقرار المجتمع يعتمد على استقرار الفرد، واستقرار الدولة يعتمد على أمنها واستقرار مجتمعاتها، وأدنى مستوى للاستقرار هو استقرار الفرد ذاته. يجب على الشباب وافراد المجتمع ان يعوا جيدا اهمية الوطن، ويجب ان يتربى الاطفال على حب الوطن وغرس قيم الولاء والانتماء للوطن، خاصة واننا نعاني في هذه الفترة من قلة الانتماء للوطن، حيث يحلم كل شاب ان يسافر خارج وطنه، حتى انهم يلقون حتفهم في وسط البحار هروبا من وطنهم، املاً في ايجاد وطن افضل، لهذا يجب علينا ان ندعم اسس الولاء والانتماء للشباب ونعززها، حتى لا يهربون من هذا الوطن للبحث عن وطن جديد لهم.

الانتماء الحقيقي :يكون فيه لدى الفرد وعي حقيقي لأبعاد الموقف، والظروف المحيطة بوطنه داخلياً وخارجياً، ويكون مدركاً لمشكلات وقضايا وطنه، وقادراً على معرفة أسبابها الحقيقية وطبيعة هذه المشكلات، وموقفه منها، والاكتراث بآرائها ونتائجها، ويكون المنتمي هنا مع الأغلبية ويعمل لصالحها، ويؤمن بأن مصلحة الأغلبية والعمل من أجل الصالح العام وسلامة المجتمع ونموه وتطوره، هو الهدف الذي يجب أن يسمو على الفردية والأنانية . الانتماء الزائف :هو ذاك الانتماء المبني على وعي زائف، بفعل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي قد تشوه حقيقة الواقع في عقول المواطنين، وبالتالي قد تصبح رؤيتهم للأمور والمواقف غير حقيقية وغير معبرة عن الواقع الفعلي، ومن ثم يصبح الوعي والإدراك لهذا الواقع وعياً مشوهاً وبالتالي ينبثق عنه انتماء زائف ضعيف .

 الانتماء لفئة بعينها :وهنا يعمل الفرد على مصالح الفئة التي ينتمي إليها دون سواها من الفئات داخل المجتمع الواحد، وبالرغم من أن وعيه بها وعي حقيقي وانتماءه لها انتماء حقيقي، إلا أنه قياساً على انتمائه للمجتمع ككل فهو وعي غير حقيقي وانتماء غير حقيقي، لأنه يعمل وينتمي لجزء من الكل فقط، فلا يعي ولا يدرك ولا يعمل إلا لصالح هذا الجزء، ويترتب على ذلك آثار وخيمة من تفتيت لبنية المجتمع وربما كان سببا لوجود الصراع بين فئاته، ويزداد حدةً كلما ازدادت الهوة بين هذه الفئات والمحصلة النهائية تدهور المجتمع وتفككه ،

إذ ستعمل كل فئة في الغالب الأعم لصالحها هي فقط، ولو على حساب غيرها من الفئات . في حين أن الانتماء يلعب الدور الأساس في تشكيله العديد من القوى الأيديولوجية والثقافية والاجتماعية التي قد لا يمكن السيطرة عليها، إذ يتم ذلك في الأسر والقبائل والعشائر، و من خلال الدوائر الفكرية والدينية التي ربما تفضي أحيانا إلى ممارسات مناوئة لمبدأ المواطنة ذاته الانتماء للوطن :هو اتجاه إيجابي مدعم بالحب يستشعره الفرد تجاه وطنه ، مؤكداً وجود ارتباط وانتساب نحو هذا الوطن – باعتباره عضواً فيه – ويشعر نحوه بالفخر والولاء ، ويعتز بهويته وتوحده معه ، ويكون منشغلاً ومهموماً بقضاياه ، وعلى وعي وإدراك بمشكلاته ، وملتزماً بالمعايير والقوانين والقيم الموجبة التي تعلي من شأنه وتنهض به ، محافظاً على مصالحه وثرواته

**كاتب المقال

دكتور القانون العام

ونائب رئيس اتحاد الاكاديميين العرب

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

الناقد أحمد المالح يكتب عن : …لقاء الجمعة … وفكر موجز .

فى كل جمعة ندعو الله أن يعم الأمن والأمان والسخاء والرخاء على سائر بلادنا العربية والإسلامية ومصرنا الحبيبة وأن يبدل الله العسر يسرا ..واليوم نلتقى معكم ومع الفكر والإبداع ومقالكم الذى ينال الإعجاب والاحترام من الكثير من المتابعين وينشر فى عديد المواقع وأحيانا يناقش فى بعض الفضائيات العربية والمصرية ….ونبدأ يالخبر الأول..وهو فتح باب التحويل من التعليمين الأزهر والتربية والتعليم من 1 أغسطس للتحويل من الجانبين على أن يستمر فتح باب التحويل لمدة شهركامل .وهو ما يمنح الفرصة للطالب فى التعليم العام أو الأزهرى بإيجاد فرص جديدة إن كانت له ميول نحو أحد التعليمين ..وأيضا لأولياء الأمور ممن يريدون تحويل وجهة طلابهم لأحد التعليمين ..والخبر الثانى ..وهو عودة وردة أو عمرو وردة للمنتخب .وبعد مشاكله المعروفة وهى ليست أول مشكله وسوابقه كتيرة سواء أثناء احترافه فى أوروبا أو حتى هنا ..وجاءالعفو عن عمرو وردة بعد توسط كل من كابتن المنتخب أحمد المحمدى و..ونجم نجوم العرب وأفريقيا محمد صلاح ….ولكن من وجهة نظرى الشخصية كان يجب أن تنتصر الأخلاق والمبادئ ..وكان يجب ايقاف عمرو وردة عن اللعب الدولى وفى النهاية هى وجهات نظر ..والخبر الطريف أن مشجعة أيرلندية فى خبر انتشر عبر وسائل الإعلام تقول أنها أتت من أيرلندا مخصوص عشان تحضن محمد صلاح ..من أجل حضن واحد ..بختك يا أبو صلاح ..وأخيرا شرطة بريطانيا تعتقل سيدة طالبت زوجها القيام بأعمال المنزل ..وطبعا عندهم حق يعنى الرجل هو الرجل ممكن يساعد أحيانا على خفيف كده يعنى ..لكن الرجل هو (سى السيد) الذى يجب أن تحترمه المرأة وتقدره …وحسنا فعلت الشرطة البريطانية لأن بعض السيدات مفتريات ..ولكن أغلب السيدات ….تصنعن من الرجال قيمة وقامة …ووراء كل رجل عظيم امرأة ..عظيمة أيضا ….والنجاح فى تربية الأبناء تفوق وأداء الرسالة والأمانة تفوق ..وترية الأبناء على الخلق والسلوك القويم تفوق ..ونلتقى معكم ودوما كل جمعة إن شاء الله ..ولقاء الجمعة ..وفكر موجز …الناقد السياسى أحمد المالح ..والزمان المصرى …ولقاء ..جديد…