أعمار الشعوب تقاس بقوة عزيمتها والقدرة علي قهر المصاعب والتغلب عليها وفي كل الملمات التي مرت بها مصر قديما وحديثا ضرب المصريون اروع الأمثلة في الإيثار والتفاني والتضحية وفي العصر الحديث لن ننسي التضحيات التي قدموها ابان حرب يونيو 67 وما تبعها في حرب الاستنزاف والعاشر من رمضان.
فقد تكاتف الجميع وكانوا جميعا علي قلب رجل واحد وكان من ثمار ذلك أن أعيد بناء الجيش ولا يمكن اغفال الدور الذي قام به المجهود الحربي فقد كان عوضا وزادا وكان السباق علي أشدة بين كل فئات المجتمع العامل والفلاح الغني والفقير الخ كنا ندرك يومها أن للوطن منزلة في قلوب المخلصين وكنا ندرك أيضا أن الآلام واحدة والآمال مشتركة ما الذي حدث للمصريين وماذا دهانا؟ هل فقدنا بوصلة حب الوطن أم أن سنوات التهييف استطاعت خلق جيل جديد شارد وتافه لقد سمعت احدي المذيعات وهي تقول البلاد لاتبني بالتبرعات وهي مقولة ظاهرها الرحمة ومن خلفها العذاب انا وانت ماذا قدمنا لمصر؟ لقد سمعت احدي المذيعيات وهي تقول البلاد لا تبني بالتبرعات وهذا افتئات علي الواقع فقد انهارت كوريا الجنوبية عام 97 يومها كانت النفرة فقد تبرعت النساء بما يمتلكن من حلي وتسابقن للوقوف في طوابير البنك المركزي ليتبرعن بقطع الذهب ومازلن يتباهين بالايصالات التي حصلن عليها وقد دون بها حجم وقدر التبرع وتبرع الأطفال بما ادخروه من مصروف وكذا الشباب والشيوخ والثمرة أن كوريا قامت من كبوتها واعادت للشعب التبرعات ولن ننسي عام 67 عندما تخلي المصريون عن الكثير من السلع الرئيسية كالسكر والشاي والأرز ووجهت التبرعات العينية إلي الجبهة .
ورحم الله قيثارة الشرق الفنانة أم كلثوم والتي صالت وجالت في رحلاتها لتقيم الحفلات ولتجمع التبرعات لصالح المجهود الحربي وامتد العطاء ولعلنا نذكر المواقف النبيلة للمصريين عندما ضرب الزلزال اركان البلاد فنانو اليوم أين هم من العظماء والافذاذ الذين كان لهم دور رائد في الوقوف إلي جانب الشعب عندما كانت تنزل به النوائب للأسف في غياب إلا من رحم ربي هؤلاء وغيرهم من رجال الأعمال ماذا قدموا لمصر وقد أكلوا وشربوا من خيراتها ومازالوا مصر يا سادة هي الرائدة وان تقهقرت الموجودة وان غابت عن كل المحافل والمراسم هي المسيطرة وان ظن المغيبون انها تلاشت وذهبت إدراج الرياح هي الظهير والظهر لمن اراد الحماية هي الملاذ والملجأ عندما تتوه العقول وتضطرب الموازين وتختل العقول وتشتد الكروب وتنزل النوائب هي المقصد عندما نفتقد البوصلة وهي رمانة الميزان هي الملهم للشعراء عندما تغيب الخواطر وهي الأم التي لا ينقطع حنانها والأرض التي لا ينضب معينها وهي القريحة للكتاب والمفكرين والمبدعين .
هي الحضن الدافئ لنا جميعا رجالا ونساء شبابا وشيوخا وإن اختلفت المشارب وتعددت الأفكار هي من ارتوينا من نيلها وتنسمنا من هوائها هي بلد الأزهر الشريف بعصورة الوارفة وانكساراته المتعددة هي من عرفت بفلاحيها وعمالها وقد كانت تضحياتهم علي مر الزمان والمكان هي الجواد الذي ينكب ثم سرعان ما ينهض هي المريض الذي يشرف علي الموت ثم يعود إلي سيرته الأولي صبيا فتيا هي المكان والمكانة والتاريخ الممتد لآلاف السنين هي من عبرها نبي الله عيسي وتولي امرها عمرو بن العاص وهي من تجلي الله علي أرضها هي من عاش فيها كل الأديان السماوية انها النموذج والمثال ويبقي السؤال ماذا قدمنا لمصر وهل تغير المصريون .