أحدث قصائد الشاعرة الدكتورة أحلام الحسن : أصدقُ الصّدق ..

**أحدث قصائدي للتو انتهيت منها ..أتمنى أن تنال على اعجاب صديقاتي وأصدقائي الأعزاء أصحاب الذوق الأدبي الرفيع

أصدقُ الصّدق ..

قبل هجرانكَ لي قُل واعترف لي
فلقد أودعتُ
روحي عند أطرافِ ضلوعكْ
قم وسلها حينما تغفو عيونكْ
قد تراها داخلَ الغرفةِ تهذي هذيانًا
لا تقل إمضي
دعيني خلفَ أنّاتي وَعَودي
إنّني طفلٌ صغيرٌ حينما يبكي أنيني
وأنا الشّيخ الذي هِمتُ كسيرًا في وقاري
زادَ ضعفي
قلّةُ الصّبرِ وخوفي من هواكِ

حيلتي ضاعت وأبديتُ افتقاري
فدعيني فيلسوفًا مثل قيسٍ
أنا ما زلتُ وجيعًا داوي جُرحي تعالي
لا تلومي
في الهوَى صمتي وانفعال جنوني
لوعةٌ بي داهمتني عذّبتني
في فؤادي
سوفَ أخفي عنكِ ناري واشتياقي

أينَ أنتِ الٱن عنّي ؟!
يا خيالًا قد أتاني ورماني في جراحي
كم لهُ أشدو رهيفًا
رغم سُقمي رغم بُعدي
في ليالٍ عاندتني أرهقتني
كم وكم قد أوجعتني
تلك عيناكِ بها قد عاتبتني
أنا لا أملكُ ذاتي فافهميني
رغم أنّي قد وضعتُ القيدَ حولي
وبنفسي قَهَرَتني سنواتي
وبذاتي لستُ أهوَى البُعدَ عنكِ

نبضاتي أنتِ فيها .. همساتي أنتِ فيها
ألفُ آهٍ زاحمتني حول قلبي
أنتِ لحنٌ لم يزل بي
أنتِ قيدٌ لا أُطيقُ الفكَّ عنهُ
هاتفًا بي أنتِ لي لا لن تكوني
نجمةً في ليلِ غيري
سامحيني إن بدت منّي انتفاضهْ
إن أصابَت وجدَ قلبي

لا تَقُدّي لي قميصًا يا حياتي
إنّني من دونَ قدّ ٍ أتمزّقْ
فارتقيني وخُذي منّي وريدًا
قبل موتي كي يُغذّي بعد موتي
دمُهُ لونَ شفاكِ

واذكريني عند قبري
أنتِ من فجّرتِ ذاتي بعد صمتٍ
فأجيبي بوضوحٍ
فلماذا يا زفيري وشهيقي
قد رميتِ السّهمَ تنوَينَ قتالي
رغم أنّي قد رضيتُ اليومَ موتي واغتيالي

*بحر الرمل

ديفيد مالباس يكتب عن :البنك الدولي: فيروس كورونا يُسلِّط الضوء على ضرورة تقوية الأنظمة الصحية

 

لقد تفشَّي فيروس كورونا سريع التطور حتى وصل الآن إلى أكثر من 60 بلدا، وهو ما يتطلب إجراءات عاجلة لمساعدتها على منع انتقال العدوى والحد من الخسائر في الأرواح . وستكون الاستجابة أكثر فعاليةً لو أن الحكومات والقطاع الخاص اتخذوا إجراءات مُنسَّقة وسريعة.

لقد تعلَّمنا من خبراتنا في أزمات الإيبولا وسارز وزيكا أنه بالتدابير الصحيحة التي تُتخذ على وجه السرعة تستطيع البلدان وقف انتشار أمراض مثل هذا المرض وحماية الأرواح. ونعلم أيضا أن البلدان الأفقر التي تعاني ضعف أنظمتها الصحية هي في الغالب الأكثر تضررا من مثل هذه الأوبئة التي تؤثر بشكل غير متناسب على أكثر فئات السكان ضعفا وقابلية للتأثر، وهي الأقل استعدادا للحد من انتشار مسببات الأمراض.

إن أهدافنا المشتركة واضحة جلية. إذ يجب أن نحد من انتقال المرض بين البشر، ونقوم بتحديد المرضى في مرحلة مبكرة وعزلهم ورعايتهم، وتقليل انتقال العدوى في المجتمعات المحلية، وتقديم الدعم لإشراك المجتمعات المحلية وتقليص الآثار الاجتماعية والاقتصادية إلى أدنى حد.

وفي هذا الجهد، تواجه البلدان مستويات مختلفة من الخطر وقابلية التأثر في مواجهة هذا الفيروس، وسوف تحتاج إلى أشكال مختلفة من المساعدة، ومستويات مختلفة من الدعم المالي، ومن ثمَّ ستكون للمرونة وسرعة الاستجابة أهمية بالغة.

ويتحرك البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية الآن بسرعة لمساعدة البلدان على تقوية الأنظمة الصحية المحلية والرعاية الصحية الأولية لحماية شعوبها من هذا الوباء ، والتأكُّد من تمكينهم من الحصول على معلومات مراقبة الأمراض والاستفادة من تدخلات الصحة العامة. وأعلنا هذا الأسبوع عن حزمة تمويل أولية تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار للبلدان التي تحتاج إلى تمويل لمواجهة هذه الأزمة كي تتمكن من تلبية احتياجاتها الفورية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا. ويتضمن أحد المكونات الرئيسية لهذه الحزمة تقديم تمويل تجاري لتيسير واردات القطاع الخاص.

لكن معالجة الاثار الصحية والاقتصادية الطارئة الناجمة عن هذا التفشِّي يجب أن تعقبها استثمارات أطول أجلا لبناء أنظمة صحية أقوى وأكثر صمودا في وجه الصدمات.

وهذا أمر منطقي من منظور الصحة والاقتصاد على السواء. فإنفاق مزيد من الموارد في خطوط الدفاع الأولى لاكتشاف حالات الإصابة ومعالجتها في مرحلة مبكرة قبل أن تستفحل ينقذ الأرواح ويؤدي إلى تحسين النواتج الصحية وتقليص تكاليف الرعاية الصحية وتقوية التأهُّب والاستعداد للمواجهة حينما يتفشى أحد الأمراض.

إذا استمر المسار الحالي لانتشار الفيروس، فإن الآثار من الدرجة الثانية سرعان ما تتحول إلى أزمة اقتصادية تهوي بالعالم في خضم كسادٍ ستكون له تأثيرات شديدة على أكثر البلدان والسكان فقرا.

وفي ضوء قلة الموارد وضعف القدرات الحكومية، لا يمتلك الكثير من البلدان الأشد فقرا البنية التحتية الصحية أو الموارد الكافية للتأهب للمواجهة عند تفشي المرض.  ولكن سرعة رصد تفشِّي المرض والاستجابة الطارئة السريعة قد تساعد على الحد من الأمراض والوفيات التي يمكن تفاديها، وتقليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

ويجب أن تعمل كل الحكومات لتعزيز الأمن الصحي لبلدانها. وأكثر الطرق فعالية لتحقيق هذا الهدف هو توفير أنظمة قوية للرعاية الصحية الأولية.  ولا تبدو الأعذار الشائعة عن الأولويات المتعارضة، والنواتج غير المنظورة، ونقص التمويل المخصص للمنافع العامة الآن منطقية على الإطلاق.

إن تكاليف تطوير تدابير الوقاية من المخاطر على الأمن الصحي ليست سوى جزء ضئيل من التكاليف الناجمة عن الأوبئة.  وتظهر التقديرات الأخيرة أن معظم البلدان ستحتاج في المتوسط إلى إنفاق 1.69 دولار لكل فرد سنويا لتحقيق مستوى مقبول من التأهب لمواجهة الأوبئة. وبالنسبة لمعظم البلدان، فإن ذلك أقل من 2% مما تنفقه على الرعاية الصحية.

وأثناء تفشي وباء سارز وميرز، شهدنا كيف أن ضعف أنظمة الرعاية الصحية وإدارة المستشفيات أدَّى إلى ارتفاع معدلات الاعتلال والوفيات. ولوقف انتشار فيروس كورونا في المستشفيات، ستحتاج البلدان إلى توفير منشآت للحجر الصحي، والفرز، والوقاية من العدوى، ومكافحتها. ويتضح من عدد الإصابة بالعدوى بين مقدمي الخدمات الطبية في المنشآت الصحية أننا نحتاج أيضا إلى بناء قدرات العاملين في مجال الرعاية الصحية والتأكُّد من توفر المعدات الواقية على المستوى المحلي.

وإذا استمر المسار الحالي لانتشار الفيروس، فإن الآثار من الدرجة الثانية سرعان ما تتحول إلى أزمة اقتصادية تهوي بالعالم في خضم كسادٍ ستكون له تأثيرات شديدة على أكثر البلدان والسكان فقرا.  وتعمل مجموعة البنك الدولي مع صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات في هذا الصدد. ونحن على استعداد لاستخدام كل الأدوات المتاحة لنا إلى أقصى حد ممكن. ولدينا تسهيلات للتمويل السريع يُمكِن -مجتمعة – أن تساعد البلدان على تلبية مجموعة واسعة من الاحتياجات، بما في ذلك مساندة أشد السكان فقرا أثناء الاضطرابات الاقتصادية.

ويمكن احتواء تفشي هذا الوباء، وقد تساعد الإجراءات التي تتخذها الآن البلدان والمجتمع الدولي على إنقاذ الأرواح. وسيكون نطاق هذه الاستجابة حاسما في تحديد فعاليتها ونجاحها. ويجب على البلدان أيضا تقوية أنظمتها لمراقبة الأوضاع الصحية والصحة الأولية، لأنها ذات أهمية بالغة في إيقاف انتشار هذا المرض وأي أمراض أخرى في المستقبل.

*كاتب المقال

رئيس مجموعة البنك الدولي

سييلا بازارباسيولو تكتب عن :سرعة التحرك يمكن أن تساعد البلدان النامية على الحد من الأضرار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا

 لقد أودى تفشي فيروس كورونا المستجد (COVID-19) بالفعل بحياة العديد من البشر وفرض نفسه كواقع جديد وحالة طوارئ صحية عالمية. ومع انتشار الفيروس في شتى أنحاء العالم، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح الآن هو: هل يمكن حماية أرواح البشر واحتواء الأضرار الاقتصادية؟

نعلم من التاريخ أنه عندما يواجه الاقتصاد العالمي تهديدا مشتركا، فإن الإجراءات السريعة والمنسقة والحاسمة تحدث فارقا كبيرا. وهذا هو الذي بدأ يحدث بالفعل. فقد أعلنت الكثير من البلدان تطبيق برامج تحفيزية، فخفضت العديد منها أسعار الفائدة، وكشفت كل من مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن حزم هائلة للمساندة المالية لمساعدة البلدان على التغلب على الأزمة الصحية والحد من الخسائر الاقتصادية.

في الأسابيع القادمة، سيتعين على جميع البلدان- حتى تلك التي لم تسجل حالة إصابة واحدة بالفيروس- اتخاذ خطوات ملموسة على صعيد السياسات لحماية مواطنيها والحد من الأضرار على اقتصاداتها.

إلا أن ما يلي ذلك هو المهم: ففي الأسابيع القادمة، سيتعين على جميع البلدان- حتى تلك التي لم تسجل حالة إصابة واحدة بالفيروس- اتخاذ خطوات ملموسة على صعيد السياسات لحماية مواطنيها والحد من الأضرار على اقتصاداتها.

لا أحد يستطيع التنبؤ عن يقين بالأثر الاقتصادي الكامل لتفشي الفيروس. فالكثير منه يعتمد على معرفة ماهو مجهول- إلى متى ستستمر العدوى، وكم عدد البلدان التي ستبتلى بها، وما مدى استدامة وتضافر سياسات المواجهة المنسقة والسريعة التي يتم تبنيها. بيد أن ما نعلمه هو أن تفشي العدوى حدث مع مرور الاقتصاد العالمي بنقطة ضعف تزامنت مع بدء نهوضه من أدنى معدل شهده منذ الأزمة المالية التي حدثت عام 2009.

ولهذا تداعياته المثيرة للقلق على الاقتصادات النامية من حيث: تشديد الشروط الائتمانية، وضعف معدلات النمو، وتشتيت لموارد الحكومات بتوجيهها لمكافحة العدوى مما يحد من التمويل المتاح للأولويات الإنمائية الرئيسية. ومن شأن حدوث ركود اقتصادي أيضا أن يعطل جهود مكافحة الفقر المدقع. ومن ثم، يتحتم على واضعي السياسات في كل مكان أن يدركوا أن الأضرار الاقتصادية يمكن أن تنتقل من بلد إلى آخر- وأن يسرعوا الخطى نحو منع انتشار الفيروس.

إن انتقال الأضرار يحدث على الأرجح من خلال قنوات عديدة. أولها التجارة: فسلاسل القيمة العالمية، التي تستحوذ على نصف التجارة العالمية تقريبا، تتعطل نتيجة توقف المصانع وتأخر استئناف التشغيل. وثانيها، تدفق رأس المال الأجنبي الذي قد يعزف عن البلدان المتضررة من تفشي الفيروس. وثالثها رأس المال المحلي- البشري والمالي- الذي بات غير مستغل بعد إغلاق المصانع ومكوث العمال في منازلهم. والرابع، هو النقل والسياحة اللذان يشكلان رافدا رئيسيا للإيرادات في العديد من البلدان النامية واللذان ينكمشان مع تراجع الطلب وزيادة القيود على السفر. وأخيرا، سيؤدي الهبوط الحاد في أسعار السلع الأولية إلى الإضرار بالبلدان النامية التي تعتمد عليها من أجل تأمين الإيرادات التي تحتاج إليها بشدة.

على الحكومات تجنب اللجوء إلى السياسات الحمائية التي يمكن أن تفاقم الأزمات التي تواجه سلاسل القيمة العالمية وتزيد مستويات عدم اليقين المرتفعة بالفعل. بل والأكثر أهمية، أنه ينبغي على الحكومات أن تتجنب فرض قيود على الصادرات من الأغذية والمنتجات الطبية الضرورية، والعمل بدلا من ذلك معا لمساندة زيادة الإنتاج وضمان تدفق الموارد إلى حيث تشتد الحاجة إليها.

وستتطلب مواجهة هذه التحديات تعاونا عالميا. وعلى الحكومات تجنب اللجوء إلى السياسات الحمائية التي يمكن أن تفاقم الأزمات التي تواجه سلاسل القيمة العالمية وتزيد مستويات عدم اليقين المرتفعة بالفعل. بل والأكثر أهمية، أنه ينبغي على الحكومات أن تتجنب فرض قيود على الصادرات من الأغذية والمنتجات الطبية الضرورية، والعمل بدلا من ذلك معا لمساندة زيادة الإنتاج وضمان تدفق الموارد إلى حيث تشتد الحاجة إليها. وعلى المدى المتوسط، ومع تحسن الظروف الاقتصادية، فإن الدرس الذي يجب أن يعيه واضعو السياسات هو ليس الانطواء على الذات، بل تشجيع منشآت الأعمال على الحفاظ على مستويات أعلى من المخزون وتنويع الموردين من أجل إدارة المخاطر على أفضل ما يكون.

وبغض النظر عن التعاون، ستكون المساعدات الدولية ضرورية، خاصة لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء التي تعاني من نقص مرافق البنية التحتية الصحية الضرورية لاحتواء الوباء.  وعلى كافة البلدان العمل على زيادة شفافية المعلومات المتصلة بتفشي العدوى- فالخوف والمعلومات المشوهة يمكن أن تفاقم آثاره الاقتصادية.

من جانبها، يجب أن تنتقل البلدان النامية سريعا إلى:

  • زيادة الإنفاق على الصحة: في العديد من البلدان النامية، مازالت أنظمة الصحة العامة ضعيفة، مما يعرض مواطنيها لتفشي العدوى سريعا بينهم. وعلى الحكومات أن تعزز الاستثمارات التي تدعم هذه الأنظمة لتمكينها من تسريع جهود العلاج والاحتواء.
  • تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي: التحويلات النقدية والخدمات الطبية المجانية للفئات الأشد احتياجا يمكن أن تساعد في تطويق تفشي المرض والحد من أضراره المالية.
  • مساندة القطاع الخاص: حيث إن من المرجح تعرض كافة منشآت الأعمال للضرر، فإنها ستستفيد من الائتمان قصير الأجل، والإعفاءات الضريبية المؤقتة أو الدعومات.
  • الأزمات المناوئة لأسواق المال: البنوك المركزية في البلدان النامية- لاسيما شديدة التأثر بموجات العزوف عن المخاطرة- يجب أن تقف على أهبة الاستعداد للتحرك إزاء اضطراب حركة الأسواق المالية. وقد تحتاج هذه البنوك إلى تخفيض أسعار الفائدة وضخ السيولة لاستعادة الاستقرار المالي وتعزيز النمو.

تعد هذه فترة اختبار لواضعي السياسات: فعليهم الارتقاء إلى مستوى الحدث بالتعاون والتحرك سريعا معا وبشكل حاسم.

تلعب مجموعة البنك الدولي دورا رئيسيا في مساعدة البلدان النامية على اتخاذ الخطوات الضرورية في هذه المجالات. وستساند حزمة التحفيز الاقتصادي الأولية سريعة الصرف التي أقررناها بقيمة 12 مليار دولار على الفور جهود البلدان النامية في تقوية الأنظمة الصحية وتقليص الأضرار على المواطنين وعلى الاقتصاد. وتبعا لمدة تفشي الوباء وحدته، سنكون على استعداد لطرح مرحلة ثانية من المساندة، مع التركيز الأكبر على الآثار الاقتصادية والاجتماعية.

وتستخدم الحزمة كامل إمكانياتنا – من البنك، والمؤسسة الدولية للتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، لتقليص الأضرار بأقصى سرعة ممكنة. وتعمل مؤسسة التمويل الدولية، على سبيل المثال، مع البنوك التجارية لزيادة التمويل التجاري وتقديم رأس المال العامل لمنشآت الأعمال. وستساند بشكل مباشر الشركات المتعاملة معها- مع التأكيد على القطاعات الاستراتيجية، كالتجهيزات الطبية والأدوية- من أجل استمرار سلاسل التوريد والحد من مخاطر الهبوط.

ورغم الاضطرابات التي تعتري أسواق المال، يحتاج واضعو السياسات إلى رباطة الجأش. وعليهم أن يوظفوا ترسانتهم الكاملة من أدوات السياسات، التي تشمل السياسات النقدية والمالية والتجارية والاستثمارية لتحسين مستوى الثقة. لقد كانت سياسات الاستجابة المتزامنة والمنسقة غير المسبوقة أثناء الأزمة المالية العالمية مهمة لاحتوائها. ومرة أخرى، تعد هذه فترة اختبار لواضعي السياسات: فعليهم الارتقاء إلى مستوى الحدث بالتعاون والتحرك سريعا معا وبشكل حاسم

*كاتبة المقال

نائبة الرئيس، النمو المتكافئ والمالية والمؤسسات.

الباحث والأكاديمى الدكتور عادل عامر يكتب عن :الأمان الاجتماعي للمرأة

إنَّ كثيرًا من الزَّوجات أنعم الله عليهنَّ بالحياة الرغدة، والبيوت الفخمة، والسَّيارات الفارهة، والأموال الكثيرة، لكنَّ بعضهنَّ للأسف حرمن هذه النِّعمة، نعمة الرِّضا والقناعة، فلم يذقن طعم السَّعادة على حقيقتها، وأصبحت الواحدة منهنَّ أسيرةً للمظاهر والشّكليات، تطلعاتها لا تتوقف عند حدٍّ، طلباتها لا تنتهي أبدًا، فعاشت في فقرٍ وعناءٍ، وحرمانٍ وشقاءٍ، مع ما لديها من مالٍ كثيرٍ! في ظاهرها أنَّها منعَّمةٌ مترفةٌ، وحقيقة أمرها أنَّها مكتئبةٌ تعيسةٌ

أمَّا الزَّوجة القنوعة فإنَّها تعيش غنيَّة النَّفس، هانئة الحال، هادئة البال، سواءً قلَّ من الدُّنيا نصيبها أو كثر، لا تتطَّلع إلى ما عند الآخرين، ولا تشتهي ما ليس عندها، محبوبة عند الله، وهي كذلك محبوبة عند النَّاس

القناعة… سرٌّ من أهم أسرار السَّعادة الزَّوجيَّة؛ إنَّه الكنز الَّذي يمنح صاحبه عزًّا بغير مالٍ وقوَّةٍ بغير سلطانٍ؛ إنَّه الدَّعامة الأقوى والرَّكيزة الكبرى لضمان السَّكن الزَّوجي والاستقرار الأسري الَّذي تنعم فيه العائلة بالغنى والرِّضا والسَّعادة والأمان إذا ما كنت ذا قلبٍ قنوعٍ فأنت ومالك الدُّنيا سواء

الزَّوجة القنوعة تنظر إلى داخل بيتها لا إلى خارجه تهيئ فيه أسباب الرَّاحة وتفجر ينابيع الحنان وتفتش عن سبل السَّعادة فتجعل من بيتها مملكة ينعم فيها أميرها ومليك عمرها بيتها في عينها أثاثه فاخر، ومقعده وثير، حتَّى ولو كان متواضعًا في نظر غيرها أولادها هم ذهبها وجواهرها الثَّمينة؛

بل هم أغلى من كنوز الدُّنيا بأكملها إنَّها تحبُّ حياتها بكلِّ ما فيها ولا يملأ أحد عينها غير فارسها وتوأم روحها و كيف تنظر إلى أحدٍ غيره؟! وليس في العالم كلّه من يصلح زوجًا لها أفضل منه! أليست هذه المرأة سعيدة بحقٍّ؟!

محبوبتي

إني اهواكي يا امرأة وإليكي أُهدي أشعاري يا أجمل عشق في الدنيا عيناكي وَلهي وخِياري نوّارة روحي فاتنتي كم يحلو معكي مشواري اهواكي أدري سيدتي واراكي أجمل أسراري سأراكي أغنيتي الكبرى وهواكي لحني قيثاري

يعدّ الأمان من الأمور الأساسية التي يجب أن تتوفر وهي من حقوق الإنسان الأساسية والحاجة الثانية بعد الحاجات الفسيولوجية في هرم ماسلو، وهي حالة يشعر فيها الإنسان بأنّه قادر على تحقيق أهدافه والسعي إليها بطريقة آمنة وعدم الإحساس بالتقيّد في مراحل القيام بها،

وهو شعور ينتج من داخل الفرد لممارسة النشاطات الحياتية بمعزل عن الخوف أو القلق أو التوتر، ولكي يتحقق هذا الشعور الداخلي فلا بدّ من القيام بإجراءات الأمن والسلامة من قبل الدولة للمواطنين وتسوية النزاعات وتحقيق العدالة الاجتماعية، وسوف يتم ذكر علامات تدل على عدم الشعور بالأمان وتأثيرها

يمر كل إنسان بمرحلة معينة في حياته يفقد فيها الإحساس بالأمان وتسوّده مشاعر غير مريحة أو غير مقبولة نفسيًا، مما تزعزع الصحة النفسية للإنسان وتجعله غير قادر على تسوية مشاكله أو إكمال سير نمط حياته في الصورة الطبيعية، وهذه علامات تدل على عدم الشعور بالأمان

( ﻣَّﺎ ﺟَﻌَﻞَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟِﺮَﺟُﻞٍ ﻣِّﻦ ﻗَﻠْﺒَﻴْﻦِ ﻓِﻲ ﺟَﻮْﻓِﻪِ )) ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺭﺟﻞ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﺸﺮ ؟؟ ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻻ‌ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ إﻻ‌ ﻗﻠﺒﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍً بجوﻓﻬﻢ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺭﺟﺎﻻً‌ ﺃﻭ ﻧﺴﺎﺀ ﻻ‌ ﻳﻮﺟﺪ في ﺠﻮﻓﻨﺎ ﺇﻻ‌ ﻗﻠﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺎﺀ ﺃﻭ ﺭﺟﺎﻻ‌ .. ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ عز وجل لرجل .!!؟؟

ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺇﻋﺠﺎﺯاً ودقة .. ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴها ﺇﻻ‌ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ  ﻧﻌﻢ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻠﺒﻴﻦﻓﻲ ﺟﻮﻓﻪ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻗﺪ ﺗﺤﻤﻞ ﻗﻠﺒﻴﻦ ﺑﺠﻮﻓﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺣﻤﻠﺖ ..

 ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺑﺠﻮﻓﻬﺎ ﻗﻠﺒﻬﺎ ﻭﻗﻠﺐ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﺍﻧﻈﺮﻭﺍﺇﻟﻰ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻷ‌ﺭﺽ !!ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺑﻜﻞ ﻛﻠمه .. بكل آية فيه . ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻻ‌ ﻳﻀﻊ ﻛﻠمه ﻓﻲ ﺁﻳﺔ .. ﺇﻻ‌ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺭﺑﺎﻧيه ﻭﻟﻮ ﺍﺳﺘﺒﺪﻟﺖ ﻛﻠمه ﻣﻜﺎﻥ ﻛﻠمه ﻻ‌ﺧﺘﻠﺖ ﺍﻵ‌ﻳﺔ .

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻨﺎ ﺃﻣﻨﺎﺑﻚ ﻭﺑﻜﺘﺎﺑﻚ ﻭﺑﺴﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻚ ﺍﻟﻜﺮﻳم لماذا يختار الميت “الصدقة” لو رجع للدنيا ؟ كما قال تعالى : ( ﺭﺏ ﻟﻮﻻ ﺃﺧﺮﺗﻨﻲ إلى أﺟﻞ ﻗﺮﻳﺐ ﻓﺄﺻﺪّﻕ ) ؟ ،ولم يقل : لأعتمر .. أو لأصلي أو لأصوم ؟:ﻣﺎ ﺫﻛﺮالميت ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ إلا ﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ أثرها بعد موته ..

 فأكثروا من الصدقة فإن المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته .. وتصدقوا عن موتاكم فإن موتاكم يتمنون الرجوع للدنيا ليتصدقوا ويعملوا صالحاً ، فحققوا لهم أمنيتهم ، وعودوا أبناءكم على ذلك عبارة (افكر أن أذهب لبيت أهلي وأترك زوجي)

 أسمعها كثيرًا من الزوجات أثناء الاستشارات، وقد أحصيت الأسباب التي تدفع الزوجة للتفكير في الخروج من بيت زوجها إلى بيت أهلها وهي تسعة أسباب، وقبل الدخول في تفاصيل الأسباب لابد أن نتفق على أن قرار الزوجة بالذهاب لبيت أبيها وترك بيتها لابد أن يكون لسبب كبير ومتكرر،

 أما لو كان الخطأ الذي ارتكبه الزوج قد ارتكبه لمرة واحدة وبعده اعتذر ووعد بألا يعيد هذا الخطأ فإنه في مثل هذه الحالات يكون خروجها لبيت أهلها خطأ، وأول هذه الأسباب وأكثرها تدخل أم الزوج في حياة ابنها وزوجته، ويكون تدخلها في تفاصيل حياته وبيته وخصوصياته، وقد مرت علي قصص كثيرة تتدخل فيها أم الزوج بسبب غيرتها من زوجة ابنها أو بسبب حبها للتسلط والسيطرة على ابنها،

والزوجة في مثل هذه الحالات تفكر في الذهاب لبيت أبيها في حالة لو كانت شخصية زوجها ضعيفة أو أنه لا يعرف كيف يتعامل مع أمه، والسبب الثاني عدم توفر مسكن يليق بالزوجة، كأن لا يكون للمسكن مدخل مستقل في حالة السكن في بيت أهل الزوج أو يكون المسكن ضيقًا في غرفة واحدة والأسرة تكبر يومًا بعد يوم، والسبب الثالث وهو سبب صحي يحدث لبعض حالات النساء وقت التوحم أو الدورة الشهرية، فإنها تتصرف بطريقة لا تشعر بنفسها وتطلب من زوجها الذهاب لبيت أهلها،

 وأذكر أن زوجًا دخل علي وهو رافض أن يستجيب لطلب زوجته فأخبرته بأنها تتوحم بذلك فاستجاب لطلبها وأخذها لبيت أهلها، وبعد الولادة عادت لبيته وكان مستغربًا من هذا التصرف؛ لأنه لم يخطئ في حقها، والسبب الرابع العنف أو الضرب الذي تتعرض له المرأة من زوجها، فإذا تكرر منه مثل هذا الفعل وأهان كرامتها ففي مثل هذه الحالات لا تصبر المرأة على زوجها بسبب وحشيته واعتدائه عليها، والسبب الخامس أن تتحمل المرأة مصاريف البيت كاملًا بسبب إهمال زوجها أو بخله،

وفي بعض الحالات تتحمل مع مصاريف البيت مسؤولية البيت كاملًا مما يدعوها للتفكير في الخروج من المنزل والعودة لبيت أهلها، والسبب السادس غياب الرجل عن البيت تمامًا إما بالسهر الدائم مع أصحابه أو كثرة سفراته وكأنه يريد أن تستمر حياته التي كان يعيشها قبل الزواج، والسبب السابع أن يسيطر الزوج على راتب زوجته وأموالها

 وقد مرت علي قضايا كثيرة لا يعطي الزوج فرصة لزوجته لتدير مالها ويأمرها بأن تسلم راتبها له مباشرة، والسبب الثامن وهو سبب غريب كأن تعتقد المرأة أنها صارت ليست جذابة لزوجها ولا مغرية له فتأتيها الخواطر بترك بيت الزوجية، وأخيرًا فإن أكبر سبب يدفع المرأة للتفكير بترك بيتها هو السبب التاسع في حالة لو اكتشفت أن لزوجها علاقة أخرى مع النساء خارج إطار الزواج، فهذه هي الحالات التاسعة.

ومن يدقق في أكثر هذه الحالات يجد أن أغلبها يدور على محور واحد وهو عدم شعور المرأة بالأمان بالعيش مع زوجها سواء أكان هذا الأمان ماليًا أو سكنيًا أو اجتماعيًا أو نفسيًا، ولهذا وصف الله تعالى الزواج بأن يكون (سكن)

 فقال تعالى (ومن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فالله تعالى خلق حواء من آدم حتى يسكن إليها، والمرأة عندما يسكن إليها الرجل تشعر بالراحة والسعادة حتى لو كانت تعاني من صعوبة العيش مع هذا الرجل بسبب قلة المادة أو سوء الطباع،

 فشعورها بأنها سكن ومكان للراحة يجعلها تعيش عيشة الملكات، وإذا لم تشعر بأنها سكن ففي هذه الحالة تفكر بترك بيت الزوجية؛ لأنها تشعر بأنها لا قيمة لها، وختامًا نقول قبل أن تقرر الذهاب لبيت أهلها لابد أن تدرس ايجابيات وسلبيات هذا القرار على نفسها ومستقبل أسرتها.

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

الباحث والأكاديمي أ.م مجيد كامل الشمري يكتب عن : أهمية دول الشمال الإفريقي للولايات المتحدة الأمريكية

 

ظهر الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشمال الافريقي (المغرب العربي) منذ نيل هذه الدول استقلالها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي, والتنافس بين موسكو وواشنطن في فترة الحرب الباردة لاستمالة العواصم المغاربية لأحد المحورين الشرقي الشيوعي أو الغربي الرأسمالي, وتوجت هذه السياسة بنجاح واشنطن في استمالة المملكة المغربية وتونس في مقابل ميل ليبيا والجزائر نحو الاتحاد السوفييتي. ثم تطور هذا الاهتمام بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي, وكانت السياسة الأمريكية واضحة في دعوة الدول المغاربية إلى الانفتاح السياسي والاقتصادي, والانخراط في حركة الاقتصاد العالمي. فالتصورات الأمريكية تخضع ومنذ عقد السبعينيات من القرن العشرين حول منطقة المغرب العربي بشكل مرجعي لرؤية وزير الخارجية الامريكي السابق(هنري كيسنجر), الذي وضع تقسيما إداريا لمناطق العالم, الحق بموجبه المنطقة المغاربية بمنطقة الشرق الأوسط, وبقيت على أثره نفس درجة الاهتمام بالمنطقة إلى يومنا هذا. ويتأكد هذا التقسيم من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تقدمت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كونداليزا رايس) في إطار سياسة الرئيس الاسبق (جورج بوش الابن) لفرض الإصلاح السياسي على دول العالم الإسلامي, إذ شملت تلك الخطة دول شمال أفريقيا, والتي انخرطت فعليا في الحرب على الإرهاب, واستغلال التعاون الأمني لتحسين مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة.

أن إلحاق منطقة المغرب العربي بمنطقة الشرق الأوسط يهدف بالأساس إلى جعل التحولات السياسية والاستراتيجية الحادثة في منطقة الشرق الأوسط سببا مباشرا في التأثير على المنطقة المغاربية, التي تشترك في الكثير مع الدول العربية الشرق أوسطية, إذ تتأثر الشعوب المغاربية بالسياسات الأمريكية حيال دول الشرق الاوسط العربية. وقد سعت الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن العشرين إلى ملء الفراغ السياسي الذي خلفه تراجع الوجود الأوربي (البريطاني والفرنسي) في المنطقة العربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية, واقامت علاقات اقتصادي وعسكري الى جانب بناء القواعد وعقد الأحلاف والمعاهدات في علاقات متشابكة ومتداخلة مع دول المنطقة. فدول الشمال الإفريقي في المدرك الأمريكي هي ذات موقع جيوستراتيجية, تجعلها مؤهلة لجذب الأطراف الدولية الفاعلة, وتمكنها من أن تكون في موقع مؤثر في العلاقات مع القوى الكبرى. فالأمن الأمريكي طالما ارتبط بأمن إقليمي وعالمي والدول الإفريقية المطلة على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي تعد ذات إمكانيات استراتيجية عظيمة ومنطقة المغرب العربي بالأخص تمثل لصانعي القرار في واشنطن من الناحية الجيوسياسية الجناح الغربي للشرق الأوسط الكبير والمنفذ الرئيس للقارة الإفريقية. وقربها من أوربا جعل المنطقة محل تنافس دولي وعالمي كبير للسيطرة على موارد هذه الدول, التي تعتبر من جهة أخرى بوابة على القارة الإفريقية الغنية بالموارد, ومعبرا هاما لهذه الموارد التي تحتاجها الدول الصناعية الكبرى, وبما ان الحفاظ على المصالح الأمريكية يستوجب منع القوى الدولية المنافسة وعلى رأسها الصين وروسيا والاتحاد الأوربي, فقد دخلت موارد الدول المغاربية ضمن دائرة النفوذ الأمريكي, التي تستوجب تواجدا أمريكيا كبيرا لحمايتها والمحافظة عليها.

ومع ذلك فالولايات المتحدة تدرك جيدا أن التواجد الأوربي في الشمال الافريقي له جذور تاريخية عميقة, وان تخطيها أو منافستها أمر لا يخلو من صعوبة ألا أن الولايات المتحدة وجدت أن فرصة تفردها بالمنطقة المغاربية ومسابقة الصين ومنعها من الاستئثار بها, أصبحت مواتية مع توافر مجموعة من المعطيات في إطار رهانها على منافسة أوربا والصين على المنطقة المغاربية منها: اولا: التناقضات التي تحملها السياسة الأوربية تجاه دول المغرب العربي, وذلك لتعدد مراكز القوى الأوربية, الأمر الذي أدى إلى عرقلة إمكانية ترسيخ الفضاء الاقتصادي الأوربي الواسع. وثانيا: طغيان الهاجس الأمني على العلاقات الأوربية المغاربية, المتمحور حول الهجرة غير الشرعية, التطرف والارهاب والمخدرات, الأمر الذي أدى إلى إن تسود ضفتي المتوسط حالات من الشد والتوتر إلى درجة تصبح فيها اتفاقية الشراكة مجرد نصوص ميتة, وثالثا: الخلافات المغاربية البينية, لاسيما بين المملكة المغربية والجزائر.

ان منطقة شمال أفريقيا بمجملها تعد نقطة الارتكاز الجغرافي التي تضم مصادر الطاقة لذا تلقى اهتماما متزايدا من جانب الولايات المتحدة التي تسعى إلى تعزيز وجودها. طارحتا فكرة إقامة قواعد عسكرية في كل من المغرب وتونس والجزائر تكون أداتها للتدخل السريع في القارة الإفريقية في إطار الإستراتيجية الأمريكية الخاصة بالحرب الاستباقية ومحاربة الإرهاب. لذا فان منطقة الشمال الافريقي يجب التحكم فيها, بحكم أنها الوجهة الاستثمارية للرأسمال الأمريكي في القرن المقبل. بالإضافة إلى أبعاد المنطقة اللوجستية نظرا للحدود البحرية وطرق المواصلات وطرق التجارة, وهكذا يبرز البحر المتوسط ودول الشمال الافريقي ككيان إستراتيجية مركب يشمل تركيا ومصر والمغرب.

*كاتب المقال

أستاذ العلوم السياسية

والدراسات الإستراتيجية والمستقبلية