الدكتور معراج أحمد معراج الندوي يكتب عن : الحراك الشعبي في الهند… لن يتوقف

تستمر الاحتجاجات الشديدة في الهند منذ نحو أسبوعين على خلفية قانون منح الجنسية الجديد الذي يميّز المسلمين عن غيرهم من أتباع باقي الديانات. بهذا القانون الأسود أراد الحزب الهندوسي العنصري الحاكم نزع الجنسية من مسلمي الهند وتحويلهم إلى درجة ثانية من مواطنين الهند.

اندلعت المظاهرات ضد هذا القانون الأسود الذي هوجزء من برنامج الحزب الشعب الهندوسي المتطرف لإعادة تشكيل الهند كأمة هندوسية، وإنه يتعارض مع الدستور الهندي العلماني بجعل الدين أساسا لمنح الجنسية.

إن هذه المظاهرات الحالية وهي أكثر سلمية بشكل واضح ، تعد من أكبر حركات الاحتجاج التي شهدتها الهند منذ عقود عدة ، وذلك على الرغم من أن الحكومة لجأت إلى إغلاق شبكات الإنترنت إلا أنها لم تتمكن من احتواء النطاق الهائل للاحتجاجات. قد تقود هذه الاحتجاجات البلاد إلى منعرج خطير، وذلك إثر اتخاذ الحكومة الهندوسية جملة من التدابير القمعية لاحتواء هذه الاحتجاجات المشروعة.

بدأت الشرارة الأولى للاحتجاجات في دلهي عاصمة الهند من الجامعة الملية الإسلامية بأيدي الطلاب إذ رفعوا أصواتهم ضد هذا القانون الأسود، والجامعة الملية الإسلامية لها تاريخ مشرق في النضال والمكافحة ضد الحكومة الاستعمارية البريطانية في الهند، وهي جامعة جاءت من حيز التفكير إلى حقيقة الوجود ضمن الحركات الوطنية التي شرعها أبو الهند “المهاتما غاندي” وأنه قد سماها هذه الجامعة، (Muslim National University) الجامعة الملية الإسلامية، وهي ترمز وحدة التكامل بين الشعب الهندي.

إن الاحتجاجات المستمرة منذ أيام في كل أنحاء الهند لا يشترك فيها المسلمون فقط، بل هناك أعداد متزايدة من غير المسلمين ينضمون إليها وخصوصا في الجامعات الهندية؛ حيث تقوم المظاهرات كل يوم في مئات من الجامعات والكليات الهندية بكل أنحاء البلاد. إن المظاهرات السلمية تجبر السلطة على الرجوع بتحقيق العدالة وإصلاح الأحوال وارجاع الحجقوق ورفع الظلم والاستبداد.

واليوم بدأ المسلمون والهندوس يتحدون في هذه الاحتجاجات ويقفون جنبا إلى جنب كما قاموا في حركة التحرير الوطني وهم يرددون أغانيَ وطنية وأجزاء من دستور الهند،حاملين علم الهند ويرفعون صوراً لزعيم الاستقلال المهاتما غاندي، وبي.آر. أمبيدكار الذي قاد عملية صياغة الدستور ويهتفون بأعلى صوتهم (NO CAB) (NO NRC) ويقولون أن العلمانية هي أحد أعمدة دستور الهند وكذلك التعددية هي رمز والوطن، ولن نقبل أي شيء وهو ضد دستور الهند.

وإن الاحتجاجات التي اندلعت في عشرات الجامعات في جميع أنحاء الهند أدت إلى شن الحكومة حملة قمع عنيفة أسفرت عن اعتقال الآلاف غير أنها ظلت مستمرة. لقد أصبحت هذه التظاهرات اليوم حراك شعبي في الهند لا يهدف إلى القضاء على القانون الأسود فحسب، وإنما يعتزم تعزيز الانسجام القومي وبناء المجتمع الهندي الذي يتساوى فيه الأفراد تحت مظلة جماعية واحدة وهي مظلة القومية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية.

لن تتوقف هذه التظاهرات إلا بعد الحصول مطالبها وأهدافها، ولدعمها وتمكينها من الخلاص من هذا القانون الأسود الذي هو ضد دستور الهند. وسوف تجبر هذه التظاهرات السلمية الحكومة أن تتغير مواقفها في إسقاط القانون الأسود الذي هو ضد روح الوطن.

*كاتب المقال

كاتب صحفى  من دولة الهند

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية ،كولكاتا – الهند

merajjnu@gmail.com

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.