الدكتور معراج أحمد معراج الندوي يكتب عن :القانون الأسود في الهند

إن موجة الاحتجاجات الشديدة والتظاهرات والوسعة التي تشهدها اليوم الهند في كل ناحية من أنحائها بسبب القانون الجديد الأسود الذي أراد به الحزب الهندوسي العنصري الحاكم نزع الجنسية من مسلمي الهند وتحويلهم إلى مهاجرين سيرا على خطة بورما مع الروهنجيا.
لقد أقرت الحكومة الهندية التعديلات في قانون المواطنة، وسط معارضة قوية من الأحزاب السياسية المعارضة التي وصفت القانون بأنه “غير دستوري”. إن مشروع هذا القانون في ظاهِره موجّهٌ للاجئين من الأجانب، ولكنه يستهدف بالأساس نزع الهوية الدينية عن مواطَنة المسلمين.
سيمنح القانون الجديد حق المواطَنة للمهاجرين إلا المسلمين من ثلاث دول ذات أغلبية مسلمة إذا كانوا يواجهون اضطهادا دينيا، وبموجب هذا التعديل، سيكون هناك استثناء لأفراد من ست أقليات دينية هي الهندوسية والسيخ والبوذية والجينية والزرادشتية فضلا عن المسيحية، إذا تمكن هؤلاء من إثبات أنهم من باكستان أو أفغانستان أو بنغلاديش.
يستهدف هذا القانون الجديد على القضاء المبادئ العلمانية المكفولة بالدستور، يحظر الدستور الهندي التمييز الديني ضد المواطنين، ويضمن المساواة للجميع أمام القانون الذي يوفر الحماية للجميع بالتساوي. فإن القانون الجديد سيقوم بترسيخ التمييز الديني في القانون ويعمل ضد مبادئ دستور الهند العلماني.
يتعارض هذا القانون الجديد مع الدستور والتقاليد العلمانية في الهند، وسيتم منح حقوق المواطنة إلى أي شخص ينتمي إلى الهندوسية، أو السيخ، أو البوذية، أو الجاينية، أو البارسية، أو المسيحية الذين هاجروا إلى الهند قبل31 من ديسمبر 2014م ولن يتم التعامل معهم كمهاجرين غير شرعيين طبقاً لمقاصد هذا القانون.
الهند هي دولة تتطلع إلى التعامل بمساواة مع جميع المواطنين باختلاف أديانهم، رغم ذلك، فإن هذا القانون الجديد الأسود يعدّ انفصالاً جذرياً عن هذا التاريخ، وسوف يمزق نسيج البلاد القائم على التعددية. إن هذا القانون ليس إلا ممارسة قبيحة تستهدف الإثبات للمسلمين الهنود أن يست لديهم مساحة في الركب السياسي والاقتصادي وأن ليست لهم فرصة في الوظيفة والحياة الكريمة في الهند الجديدة.
لطالما كانت للهند مكانة متميزة في جنوب آسيا نظراً لكونها الجمهورية الوحيدة التي تتسم بالتعددية دستورياً، حيث لا مكان للدين في دستورها الجديد. إن هذا القانون الجديد للمواطنة يميز ضد المسلمين ويقوض الدستور العلماني الهند وينتهك المادة الدستور الهندي التي تكفل الحقوق المتساوية لكافة المواطنين والأفراد دونما تمييز.
تعتزم حكومة الهند بتنفيذ قانون جديد باسم “السجل الوطني الجديد للمواطنين” (National Register of Citizen) وحسب هذا القانون، يجب على كل مواطن الهند إثبات جنسيته من خلال التقديم البعض الوثائق المطلوبة. ومن لا يستطيع إثبات جنسيته أو يفقد أن يقدم الوثائق المطلوبة أمام المسؤولين، سيتم التعامل معه كمهاجر ولو أنه موطن حقيقي لهذا البلد، ولو كان آبائه وأجداده من سكان الأصلي من الهند.
يتعارض هذا القانون الجديد في جوهره مع فكرة الدولة الهندية العلمانية. أراد الحزب الهندوسي العنصري الحاكم أن يتحول الهند إلى دولة هندوسية تعمل لصالح الأغلبية، ولا تحظى فيها الأقليات بحقوق الإنسان الأساسية، ويتم تسخير آلة الدولة إما لقمع أو لتهميش المسلمين وإقصائهم.

*كاتب المقال

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية ،كولكاتا – الهند
merajjnu@gmail.com

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.