الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن :يا رسولَ اللهِ أدركنا فحالُنا بئيسٌ وَواقعُنا تعيسٌ 

ليس مثلك يا رسول الله أحدٌ من الخلق، فأنت سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، والمبعوث رحمةً للعالمين، والشاهد على العباد يوم الدين، سادن البيت الحرام، وآمر الحوض الأكبر وصاحب الكوثر، أول من ينشق عليه قبره، ويبعث من موته، له أبواب الجنة تفتح والسماوات السبع بعروجه تسعد، قد اجتباك الله وانتقاك، وتكفل بك ورعاك، وحفظك من كل سوءٍ وأعطاك، وأنزل عليك الكتاب وعلمك، وأيدك بالقرآن وأدبك، ورفع بالإسلام قدرك وشرح به صدرك، فكنت الرسول الأكرم والنبي الأشرف، صليت بالأنبياء والمرسلين في الأقصى إماماً، وتجاوزت الأمين جبريل إلى سدرة المنتهى قدراً ومقاماً، وتشرفت برب العزة إذ خاطبك، فكنت صاحب الحظوة والمكانة والدرجة العالية الرفيعة، التي لا يحلم بمثلها ملكٌ مقربٌ ولا نبيٌ مرسل، فأعظم بك يا حبيب الله رسولاً ونبياً، بك نتشرف وإليك ننتسب، ولدينك نتبع، ونشهد ألا إله إلا الله وحده، وأنك رسوله الأكرم، ونبيه الأمجد، خير من سكن الأرض وأشرف من طلعت عليه الشمس.

بأبي أنت وأمي يا رسول الله وحبيبه، وصفيه من خلقه وخليله، ما أحوجنا إليك، وما أشد حاجتنا إلى سنتك، وما أعظم حنيننا إلى نهجك، وما أسمى أمانينا معك، وما أجمل أيامنا وأفضل زماننا بصحبتك، وما أسوأ حالنا بدونك، وما أشقانا من غيرك، وما أضلنا بعيداً عن دينك، وما أضعفنا بغير كتابك، وما أهوننا على الناس من بعدك، وما أتعسنا إذا انتسبنا لغيرك، وما أضلنا إذا اهتدينا بسواك، فقد سدنا يوم كنا معك، وتقدمنا عندما اتبعنا سنتك، وأصبحنا سادة الأمم عندما حملنا رسالتك، وآمن بنا الناس وصدقتنا الأمم يوم أن روينا أحاديثك، ونقلنا سيرتك، واقتفينا أثرك وعملنا بسنتك.

لكننا اليوم يا رسول الله في حالٍ سيئٍ وواقعٍ تعيسٍ، وحياةٍ مذلةٍ وظرفٍ بئيسٍ، تداعت علينا الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، اجتمعت علينا واتحدت ضدنا، وتآمرت علينا ونالت منا، ونهشتنا وألقت بنا، وفرقت بيننا وتغلبت علينا، وأشعلت بيننا الحروب وجلست تتفرج علينا، وساعدها كثيرٌ من بني جلدتنا ومن أهل ملتنا، ممن خانوا أماناتهم وانقلبوا على عهودهم، وتآمروا على أمتهم ولم يحفظوا دينهم، فكانوا أداةً للتخريب ومعولاً للدمار، وسبباً فيما نحن فيه من تيهٍ وضياعٍ، وفرقةٍ وتشرذم، وضعفٍ وقلة حيلةٍ، إذ اشتركوا في الجريمة على أمتهم فكانوا للعدو شريكاً وسنداً، فخسروا أنفسهم وأهليهم، وفقدوا أملاكهم وبلادهم، وضيعوا حياتهم وأوطانهم، وبددوا ثرواتهم وخيراتهم.

لا يسرك يا رسول الله ما نحن فيه ولا يرضيك، فما كنت تظن يوماً أن يحل بأمتك ما أصابها، أو ينزل بها ما أهمَّها، فقد أصابنا السقم وحل بنا السأم، وفقدنا الطريق وأضعنا الهدف، وَحِدْنَا عن الصراط المستقيم الذي رسمته لنا، وابتعدنا عن الغاية التي حددتها لنا، فأصبحنا في آخر الركب وفي أذيال الأمم، نلهث ولا نلحق، ونجري ولا ندرك، فاستعبدتنا القوى واستعمرتنا الدول، وسرق خيراتنا الأقوياء الظالمون، واعتدى علينا الفاسدون المجرمون، ولم يعد لنا حولٌ فنمنعهم ولا قوة فنصدهم، إذ عرفوا كيف يبعدوننا عنك يا رسول الله، وكيف يجعلوننا عن دينك غرباء، وللدنيا عبيدٌ وأجراءٌ، بعد أن زينوا لنا الضلالة وجملوا لنا الفسق، وصدروا لنا كل غريبٍ لا ينفعنا، وكل ضارٍ يفتك بنا، فضللنا إذ صدقناهم، وانحرفنا عن الحق وجادة الصواب إذ اتبعناهم.

يا رسول الله لم نعد من بعدك على خلقٍ عظيمٍ، ولم تعد أخلاقنا القرآن كما كانت أخلاقك وشهدت بذلك أم المؤمنين عائشة وصحابتك الكرام، فقد ساءت أخلاقنا، وتردت قيمنا، وتبدلت مفاهيمنا، وانحرفت سبلنا، وانحطت هممنا، وفقدنا النبل والشهامة، والصدق والشرف والأمانة، وأصبحنا نكذب ونسرق، ونخون ونغدر، ونعتدي ونظلم، ونفتك ونقتل، ولم تعد بيننا أواصرٌ ووشائجٌ، ولا محبة ولا تراحم، ولا أخوة رحمٍ ولا صلات قربى، إذ حكمتنا المنافع والمصالح، وسيطرت علينا الدنيا والمطامع، وتحكمت بنا الأهواء والفواحش، فَعَمّتَ بيننا الحروب، وسكنت بلادنا المطاحن، حتى غدت الدماء سيولاً، وصارت البيوت أطلالاً، وأصبحت المباني والمساكن ركاماً وخراباً.

يا رسول الله لم نعد نحن كما كنت فينا رحيماً بأمتك، محباً لها شفوقاً عليها، تحزن لأجلها وتبكي خوفاً عليها، ويضطرب قلبك حباً لها وشفقةً بها، بل أصبحنا قساةً عتاةً جفاةً غلاظ القلب، لا نرحم بعضنا ولا نحب أنفسنا، ونفضل العدو على أبناء ديننا وأهل ملتنا، حتى غدا الأعداء في بلادنا كرماء أعزاء، وأصبحنا نحن فيها غرباء أذلاء، وصرنا أشداء على بعضنا رحماء على غيرنا، نهرب من بلادنا، ونفر من أوطاننا، ونستجير بالعدو خوفاً من حكامنا، وطلباً للعدل والأمان من جور أنظمتنا، ونحن الذين نتبع النبي العربي الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق رحمةً للأمم ورسولاً إلى العالمين، هادياً ومبشراً ونذيراً، إلا أن بعضاً من أمتك يا رسول الله قد بدلوا وغيروا بعدك، وإني لأكاد أسمعك يا رسول الله تقول “سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي”.  

يا رسول الله نحن لم نعد الأمة الوسط التي أرادها لنا أن تكون خير أمةٍ أخرجت للناس، والتي تباهي بها الأمم يوم القيامة، وتفتخر بها بين يدي الله عز وجل في حضرة الأنبياء والمرسلين، فنحن لم نعد الأفضل ولا الأمثل، ولم نعد النموذج ولا المثال، بل صرنا مضرب المثل في الفسق والضلال، وفي الانحراف والفساد، وفي البغي والظلم، وفي الاعتداء والخيانة، وفي الكذب وفقدان الأمانة، وصارت صورتنا أمام الآخرين سوداء مظلمة، حالكة معتمة، لا قيمة للإنسان فينا، ولا قدر للمواطن بيننا، ولا قداسة للقيم ولا حرمة للحقوق والدم، ولا ضمانة للحريات والممتلكات، ولا صدق في الكلام ولا أمانة في التعامل.

محمدٌ يا رسول الله يا نبي الرحمة ورسول السلام، يا خير من وطئت الأرض قدماه، في يوم مولدك الأغر، وفي يوم ميلادك العظيم، نسأل الله الرحمة بأمتك، والرفق بأتباعك، والنجاة لأصحابك وإخوانك، ونرفع بعالي الصوت إلى الله بالدعاء ونجأر، أن أعدنا إلى نهج نبيك، وحصنَّا بكتاب رسولك، وأعدنا إلى المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها، لنعيد مجد المسلمين وعزة الأولين، ونستعيد وسطية الأمة، ونكون فيها الأقوى والأفضل، والأكثر خيريةً ونفعاً، وصلى الله عليك يا رسول الله في الملأ الأعلى وفي أعلى عليين إلى يوم الدين، وعلى آلك الأبرار، وصحبك الكرام وأهل بيتك الطيبين الأطهار، ومن تبعك بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

بيروت في 22/11/2018

الدكتور عادل عامر يكتب عن : الإجراءات الوقائية من الفساد الاقتصادي

          إن وجود الفساد الاقتصادي وتحوله من ظاهرة عادية إلى مشكلة خطيرة مرتبط بالعوامل البيئية التي تسمح بانتشاره ولذا فإن الاقتصار على علاجه بعد ظهوره واكتشافه لن يؤدى إلى الحد منه وتحجيمه، بل لابد من الاهتمام بالعوامل البيئية التي تعمل على الحد منه وتقليل فرص ارتكابه، وهذا ما يتفق مع نظام الإسلام في المحافظة على الأموال الذي يقوم على الوقاية أو الحماية أولاً ثم علاج ما يظهر من الاعتداء عليها بصور الفساد المختلفة ثانياً، علاجاً بمثل جبراً لما ضاع وردعاً لمن يفكر في ارتكاب أي صورة من صور الفساد.

          وإذا كان الفساد الاقتصادي يتمثل في قيام شخص بالاعتداء على المال بالخروج على القواعد الشرعية تهرباً من أجهزة الرقابة واستهانة بالعقوبات في حالة كشفه، فإن العوامل البيئية المرتبطة بجرائم الفساد الاقتصادي تتمثل في كل من:

          مرتكب الفساد -القواعد المنظمة للمعاملات -أجهزة الرقابة -نظام العقوبات.

          وبالعمل على أن تكون هذه العوامل في حالة جيدة تقل فرصة ارتكاب الفساد وتصبح البيئة مواتيه للوقاية منه، وسوف نحاول في الفقرات التالية بيان موقف الإسلام من هذه العوامل وذلك على النحو التالي:

أولاً: بالنسبة للعاملين: سواء كانوا من كبار المسئولين أو صغارهم فإن من الإجراءات الوقائية ضد ارتكابهم الفساد ما يلي:

1-حسن اختيار العاملين، من ذوي الدين والصلاح والعفاف والأمانة والصدق والعدل، وهذا ما يظهر في كثير من الآيات القرآنية التي تناولت العاملين مثل قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عليم وقوله تعالى في قصة موسى عليه السلام        ﴿ يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ﴾.

ويلاحظ في كل آية منها أنه ذكر صفتين إحداهما متعلقة بالكفاءة المطلوبة للعمل، وهي الحفظ في الآية الأولى، والقوة في الآية الثانية، ثم التمسك بالقيم الأخلاقية ومن أهمها الأمانة والتي عبر عنها بالحفظ في الآية الأولى، وبأمين في الآية الثانية، وعلى هذا الهدى الرباني سار الرسول في اختيار العاملين في الدولة الإسلامية الأولى حيث كان يتخير عماله من صالحي أهله.

          كما أنه صلى اللَّه عليه وسلم صور سوء اختيار العاملين على أنه نهاية الدنيا في قوله: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة -قال: كيف اضاعتها يارسول اللَّه -قال: إذا أوسد الأمر إلى غير أهله». ولذا فإن إسناد الوظائف لمن ليس هو أهلاً لها محاباة للأبناء والأقارب والمعارف أو نظير رشوة يأخذها المسئول يعد من خيانة الأمانة التي قال فيها اللَّه سبحانه وتعالى ﴿يأيها الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تعلمون ثم يعقب سبحانه في كلمة بالغة بقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عظيم فإن الرجل لحبه لولده أو أحد من أهله قد يؤثره في بعض الأعمال محاباة وهو يجد من خير منه لذلك العمل، وبالتالي يكون ولده فتنه له خان به الأمانة.

          ومع هذا الهدى القرآني والتوجيه النبوي جاء الفكر والتطبيق الإسلامي حيث تحدد مواصفات العاملين في صفتين جامعتين هما: الكفاءة في العمل، والأمانة، وفي ذلك يقول الماوردي في الشروط المطلوب توافرها في العاملين بداووين الدولة «والفصل الثاني من يصح أن يتقلد العمالة وهو: من استقل بكفايته، ووثق بأمانته» وهو ما يتأكد لدى عالم آخر هو أبو يوسف في تقريره الذى رفعه إلى هارون الرشيد لإصلاح حال الدولة حيث يقول: «ورأيت أن تتخذ قوماً من أهل الصلاح والدين والأمانة توليهم الخراج» ويؤكد على ذلك أيضاً بقوله «فإن لم يكن عدلاً ثقة أميناً فلا يؤتمن على المال».

          وإذا كان ما سبق من نصوص يتعلق بكل من صغار وكبار الموظفين والمسئولين، فإنه توجد نصوص أخرى توجه نحو حسن اختيار الولاة من كبار الموظفين ومنها قول الرسول «من ولى من أمر المسلمين شيئاً فولى عليهم رجلاً وهو يجد فيهم أصلح للمسلمين منه فقد خان اللَّه ورسوله وجماعة المؤمنين».

2-وضع نظام للأجور: يراعى فيه كفاية الأجر لاحتياجات الموظف حسب حاله، ذلك أنه من أهم الأسباب التي يرصدها الكتاب المعاصرون لانتشار الفساد الصغير الذي ينخرط فيه صغار الموظفين، هو عدم كفاية ما يحصلون عليه من أجور ومكافآت لاحتياجاتهم ومن ثم بقائهم في حالة الفقر وهم يتعاملون في أموال كثيرة أو خدمات للجماهير مما يدفعهم إلى قبول الرشاوى واختلاس ما بعهدتهم من أموال، ولذا يوصى الجميع بتحسين ظروف العاملين كأحدي سياسات علاج الفساد.

 ولقد سبق الإسلام ذلك فالقاعدة الأساسية أن يحدد الأجر للعامل بأجر المثل والذي يتحدد بالنظر إلى شخص مماثل للأجير في ذلك العمل وإلى زمان الأجارة ومكانها لأن الأجرة تختلف باختلاف الأعمال والأزمنة والأماكن.

وإذا كان الأجر العادل لا يكفيه فإن في نظام الإسلام ما يوفر له كفايته من خلال مصادر أخرى منها الزكاة، وعلى مستوى الوظائف العامة فإن المعتبر هو نظرية الكفاية في تحديد الأجور استناداً إلى ما ورد عن الرسول

 ((من ولى لنا عملاً وليس له منزل فليتخذ منزلا، أو ليست له زوجة فليتزوج، أو ليس له خادم فليتخذ خادما، أو ليس له دابة فليتخذ دابة” بل إن من الآثار ما يربط بين تحديد الأجر بشكل يمنع من خيانة الموظف لوظيفته -أي يرتكب الفساد -فلقد ورد أن أبا عبيدة بن الجراح قال لعمر بن الخطاب: دنست أصحاب رسول اللَّه

 -لأنه أسند إليهم وظائف في الدولة-فقال له عمر: يا أبا عبيدة، إذا لم استعن بأهل الدين على سلامة ديني فبمن استعين؟ قال: أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة. يقول: إذا استعملتهم على شيء فأجزل لهم العطاء والرزق لا يحتاجون” على أن جزل العطاء له حدود ولا يجوز أن يزاد عن سد حاجة الموظف كبيراً كان أم صغيراً فها هو عمر بن الخطاب رأس الدولة الإسلامية في أزهى عصورها وأكثرها مالا يقول: “وإنما أنا ومالكم كولي اليتيم، إن استغنيت أعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف”.

ثانيا: القواعد المنظمة للعمل في الأموال: إن من أسباب الفساد كما سبق ذكره ضعف القواعد المنظمة للعمل سواء من حيث عدم وضوحها أو وجود ثغرات بها يتمكن المفسدون من خلالها التحايل عليها كما ورد في تقرير البنك الدولي عن أسباب الفساد أن من بينها الاستهانة بالقوانين والنظم والقواعد، أما في النظام الإسلامي فإن كون القواعد والقوانين المنظمة للمعاملات مستمدة من الشريعة الإسلامية التي شرعها اللَّه لعباده فإنها تتسم بالثبات في أصولها والوضوح في دلالتها كما أن عقيدة المسلم تجعله يحترمها وتقل فرصة الخروج عليها لأنه يعلم أنه بذلك يعصى اللَّه سبحانه، والنظام الإسلامي في شموله يحتوي على القواعد الإيجابية للمعاملات ببيان الطرق الصحيحة للتصرف في الأموال، كما يحتوي على القواعد التي تحدد الصورة السلبية بدقة والتي تمثل صوراً للفساد أو ضياع الأموال وفي هذه الفقرة سوف نحاول أن نعدد هذه الصور وحكمها الشرعي وهي:

أ‌-السرقة: والتي تعرف بأنها أخذ مال الغير مستترا من غير أن يؤتمن عليه، وهي من الصور الواضحة للفساد إذ تمثل جريمة الاعتداء على مال الغير بواسطة محترفين هم اللصوص. والحكم الشرعي على السرقة أنها حرام لقوله تعالى﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾كما أن الرسول ينفي صفة الإيمان عن السارق في قوله «لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن».

ولما كان السارق في العادة يبيع ما يسرق للغير لذلك فإن الرسول من أجل سد منافذ تصريفها وبالتالي الحد من وقوعها يقول «من اشترى سرقة وهو يعلم أنها سرقة فقد اشترك في إثمها وعارها».

 وبناء على ذلك فإن من مسئولية صاحب كل مال حفظه في حرز مثله وواجب الحاكم العمل على اتخاذ كافة الإجراءات لحماية أموال الناس وفي ذلك يقول الإمام الماوردي فيما يلزم الخليفة «والثالث حماية البيضة والذب عن الحريم ليتصرف الناس في المعايش وينتشروا في الأسفار آمنين من تغرير بنفس أو مال».

جـ-خيانة الأمانة: وهي ما يعبر عنه في الفكر القانوني المعاصر بجريمة الاختلاس والتي تقتصر على استيلاء الموظف العام على مال عام سلم إليه بسبب وظيفته أما استيلاء الموظف في القطاع الخاص على أموال الوحدات التي يعملون بها فهي تعد في نظر القانون سرقة مشددة.

 والأمر في النظام الإسلامي أشمل وأدق من ذلك، فكل من أؤتمن على مال أو عمل وتصرف فيه بغير ما تقضي به القواعد المشروعة والمصلحة والحق، فهو خائن للأمانة، ولذا تعرف خيانة الأمانة من هذا المنظور بأنها “منع الحق الذي ضمن سلامته وأداءه على وجه فاسد ببطلان أو نقصان” ويندرج تحت ذلك كل من:

1-استيلاء الموظفين على الأموال المسلمة إليهم والتصرف فيها لصالحهم، سواء في القطاع الحكومي أو غيره.

2-الاستيلاء على منافع الأموال دون أعيانها كاستخدام سيارات المصلحة في أغراض خاصة، مثل توصيل الأولاد للمدارس.

3-استخدام عمال المصلحة أو الشركة في أعمال خاصة.

4-التقصير في المحافظة على الأموال وتركها معرضة للضياع أو التلف مثل ما نرى في الأجهزة والأدوات والمستلزمات الملقاة عرضة للسرقة، أو التلف بواسطة العوامل الجوية.

5-التربح عن طريق الحصول على أموال ومنافع من الوحدة التي يعمل بها بدون ثمن أو بثمن بخس أو الحصول على هدايا ومنح من الغير بسبب الوظيفة وهي صورة منتشرة بين كبار المسئولين في جميع الدول كما سبق القول، ولقد حكم الرسول على هذا الفعل بأنه غلول أي خيانة للأمانة وذلك في قصة عامله على الصدقات ابن اللتيبيه حينما سأله الرسول عن بعض الأموال التي حضر بها ولم يسلمها وقال هذا أهدي إلى: وهنا أصدر الرسول حكمه على هذا التربح بقوله «من استعملناه على عمل فرزقنا رزقا، فما أخذه بعد ذلك فهو غلول» أي خيانة.

6-إساءة استعمال الأموال والسلطة مثل البيع أو الشراء بثمن غير مناسب وهو يجد خيرا منه أو المحاباة في إرساء العمليات على الأقارب والمعارف والمحسوبية في التعيينات في الوظائف. وفي ذلك يقول ابن تيمية “ثم الولي والوكيل متي استناب في أموره رجلا وترك من هو أصلح منه للتجارة أو العفارفة، أو باع السلعة بثمن وهو يجد من يشتريها بخير من ذلك الثمن فقد خان صاحبه”

ويقول في موضع آخر “فإن الرجل لحبه لولده قد يؤثره في بعض الأموال أو يعطيه مالا يستحقه فقد خان الأمانة، كذلك قد يؤثر زيادة مالية أو حفظه بأخذ مالا يستحقه فيكون قد خان أمانته”. وخيانة الأمانة محرمة شرعا للنهي عنها في قوله تعالى﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ولاستحقاق الخائن عدم حب اللَّه عز وجل في قوله تعالى﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾ولقول الرسول «أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك»

جـ-تلوث البيئة: وهي من صور الفساد الاقتصادي الظاهرة بشكل واضح حيث أنها تنطوي على اعتداء على الأموال الحرة التي يستفيد منها الجميع على قدم المساواة مثل الهواء والماء، كما يمتد هذا التلوث إلى استنزاف الموارد الحرة بالإسراف والتبذير، وينتج عنها آثار ضارة على مجمل الحياة وهو ما ينطبق عليها التعريف الفقهي “بأن إتلاف الشيء إخراجه عن أن يكون منتفعا به منفعة مطلوبة منه عادة”.

          والنظام الإسلامي يعتبر تلوث البيئة وما ينتج عنه من إتلاف الموارد فسادا صريحا محرما كما في قوله تعالى﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾كما أن هذا التلوث يعتبر صورة واضحة من صور الضرر التي نهى الرسول عنها في قوله «لا ضرر ولا ضرار» والتي استند إليه الفقهاء في تحريم كل أنواع وصور تلوث البيئة. د-الإسراف والتبذير والتقتير: ويعرف الإسراف بأنه صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي، أي التجاوز في قدر الإنفاق، أما التبذير فيعبر عنه بالتجاوز في الكيفية بما يمثل سوء تخصيص للموارد حيث جاء فيه، التبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي، وأما التقتير وهو ضد الإسراف فيعرف بأنه صرف الشيء فيما ينبغي ناقصا على ما ينبغي.

وكل تلك الصور محرمة شرعا سواء كانت من مال الشخص الخاص أو في مال غيره الذي يعمل فيه عاما أم خاصا فهو يتضمن سوء استخدام للأموال وإفساد لها ولذا نهى الإسلام عنه في قوله تعالى ﴿وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المسرفين وقوله سبحانه ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشياطين وقوله عز وجل ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قواما ) ويقول الرسول «رحم اللَّه امرءاً اكتسب طيبا وانفق قصدا وقدم فضلا ليوم حاجته» وأنفق قصدا أي بتدبير من غير إفراط ولا تفريط

هـ الغش والتدليس: وهو يمثل كل التصرفات التي تنطوي على الكذب والاحتيال والتزوير وتقديم المعلومات المضللة التي يقصد الشخص بواسطتها أخذ مالا يستحقه أو زيادة على مالا يستحقه أو لأعقائه من التزامات عليه، وتتعدد صور الغش التي حرمها الإسلام ويرتكبها الكثيرون في الوقت المعاصر مثل: ذكر مواصفات للسلعة ليست فيها من حيث المكونات والآثار الجانبية وتاريخ الصلاحية وكتم العيوب فيها، وفي ذلك يقول الرسول «لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينَّه له» ومن صور الغش التلاعب في المقدار كيلا أو وزنا خاصة في الوقت الحاضر الذي تباع فيه أغلب السلعة معلبة أو مغلفة، واللَّه سبحانه وتعالى توعد المطففين في قوله تعالى ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾.

ومن الصور أيضا تقديم المعلومات المضللة بأي صورة وشكل، وهذا أمر محرم قياسا على تحريم النجش وهو البيع الصوري لإيهام الآخرين بأن السلعة مطلوبة وبالسعر الذي يتواطأ عليه مع المشترى الصوري، وتلقي الركبان، وبيع الحاضر للبادي، وكلها تنطوي على تقديم معلومات مضللة عن حالة السلعة أو السوق، ومن صور الغش أيضا كتم المعلومات وإخفائها وفي ذلك يقول الرسول البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما”.

وفي الحكم على الغش عامة بكل صوره السابقة وغيرها مثل تقديم طالب الائتمان معلومات مضللة عن حالته المالية، وإعداد قوائم مالية غير سليمة لتقديمها للضرائب أو غيرها، والاعلانات الكاذبة عن السلعة والاستفادة من المعلومات المتاحة لدى المسئول للحصول على نفع خاص، في كل ذلك يقول الرسول من غشنا فليس منا”.

و-الرشوة: وهي من الصور الأكثر انتشاراً في الوقت المعاصر خاصة بين كبار المسئولين فيما يعرف بالفساد الكبير ويطلق عليها أحياناً العمولة، أو بين صغار الموظفين فيما يعرف بالفساد الصغير ويطلق عليها أحياناً الاكرامية، وتعرف الرشوة من منظور إسلامي بأنها أخذ الشخص مالاً من غيره استغلالا للمنصب أو الجاه

وكما يقول الإمام الغزالي فإن باذل المال لا يبذله إلا لغرض كالحصول على مال مقابله كما في البيع، أو الإعانة على عمل كما في الإجارة، أو للمحبة والثواب كالهبة والصدقة والقرض، وغرض الراشي لن يكون المحبة أو الثواب بل للحصول على مال أو الاعانة على فعل، فإن كان له حق فيه فأخذ المرتشي ظلم وخيانة أمانه وأكل للمال بالباطل، وأن لم يكن له فيه حق فهو من جانبه وجانب المشترى كذلك.

والرشوة محرمة شرعاً لقوله تعالى ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ويقول الرسول «لعن اللَّه الراشي والمرتشي والرائش» وإذا كان تقرير التنمية في العالم 1997م قد أكد في أكثر من مرة على ضرورة معاقبة الراشي مع المرتشي من أجل القضاء على الفساد، فإن هذا الحديث سبقه بل وزاد عليه، فلعنة اللَّه وبالتالي تحريم فعل الرشوة تصيب كل من الراشي الذى يدفع الرشوة، والمرتشي الذى يأخذها، كما تصيب الرائش أي الذى يتوسط بينهما لتسهيل الرشوة.

ز-الاحتكار وما في حكمه: وهي كل التصرفات المؤدية إلى زيادة الأسعار والاضرار بالمنافسين والمستهليكن، فالاحتكار هو حبس السلع التي يحتاجها الناس حتى ترتفع أسعارها وذلك استناداً إلى قول الرسول (من احتكر حكرة يريد أن يغلِّى بها على المسلمين فهو خاطئ) كما أن التواطؤ هو اتفاق مجموعة من التجار على التحكم في سوق سلعة ما ليغلو سعرها.

 والحصر، هو الاتفاق بين التجار على استيلاء كل مجموعة منهم على سوق سلعة معنية وعدم تدخل أخرين معهم ليتمكنوا من فرض الأسعار التي يرونها، ثم هناك ما يعرف في الوقت الحاضر بالإغراق، وهو بيع السلع بأقل من تكلفتها أو من سعر المثل بغرض الاضرار بالمنافسين له في السوق وهو ممنوع شرعاً استناداً إلى قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» ولما ورد أن عمر بن الخطاب «مر بحاطب بن أبى بلتعه وهو يبيع زبيباً له بالسوق -بسعر أقل من سعر السوق-فقال له عمر: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا».

 فكل هذه الصور فيها فساد يتمثل في أكل أموال الناس بالباطل وإضرار بالآخرين مما يؤثر على الاقتصاد القومي بشكل عام.

ولذا فإن الاحتكار وما في حكمه محرم شرعاً لقول الرسول «لا يحتكر إلا خاطئ» «والمحتكر ملعون» «ولا يلحق … إلا بمباشرة المحرم».

حـ-الربا: ولسنا في حاجة هنا إلى بيان مفهوم الربا أو حرمته أو بيان أضراره الاقتصادية إذ يكفي فيه أن المرابى في حرب مع اللَّه ورسوله، واللَّه سبحانه وتعالى ورسوله هم المنتصرون على المرابى بمحق الربا، كما أن الربا في صورته المعاصرة ممثلة في فوائد القروض والصرف الأجنبي الآجل منتشر ومع زيادة الموارد وتنوع الإنتاج وزيادة الاستثمارات وزيادة الوفرة فإنها خالية من البهجة، ويقابلها فقر يتسع نطاقه وتزداد فجوته مع زيادة الديون الربوية وعجز المدينين عن دفع الديون وفوائدها، وكل ذلك يدل على مساوئ الربا.

ط-الاستيلاء على أراضي الغير بدون وجه حق: عن طريق التحايل والتزوير خاصة أراضي الدولة وهو أمر محرم في الإسلام لقول الرسول «من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق» والعرق الظالم أن يأتي ملك غيره غصبا، ومن ذلك أيضاً ما يعرف الآن بتسقيع الأرض أي الحصول عليها بطريق مشروع مثل شراء أرض من ممتلكات الدولة وبقائها معطلة لا تزرع أو تعمر انتظاراً لارتفاع أسعار ويبيعها ثانية وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بالتحجير وفي ذلك يَقُولُ عمر بن الخطاب «من أحيا أرضاً ميته فهي له وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين». ى -التهرب من الواجبات المالية، مثل التهرب من الزكاة والضرائب التي تمثل أهم مصادر الموارد المالية العامة، والامتناع عن أداء الزكاة جحداً خارج عن الملة، وإهمالاً وتهرباً يوجب على المجتمع عقاب اللَّه، وعلى مانع الزكاة تضعيف الزكاة عليه أن وبعض العلماء يقول: مانع الزكاة ليس بمسلم.

ك -ظلم المسئولين الحكوميين للرعية: ذلك أن الفساد لا يقتصر على استيلاء المسئولين على الأموال العامة، وإنما أيضاً يمتد لاستيلائهم على أموال الرعية بدون وجه حق وبدون رضائهم وهو ما يحرمه الإسلام وحذر منه خلفاء وعلماء المسلمين في أوج حضارة الدولة الإسلامية.   ل-المماطلة في سداد الديون: ذلك أن الدين في الإسلام من بيع آجل أو قرض يعد تبرعاً من الدائن وإرفاقاً للمدين يثاب عليه المقرض من الله عزوجل، ولذا يجب على المدين عند اقتراضه عدم تقديم معلومات مضللة عن قدرته على السداد

وهو غير ذلك حيث يقول الفقهاء «ولا يحل له -أي المدين -أن يظهر الغنى ويخفى الفاقه -الفقر -عند القرض».

وأنه يجب عليه العزم على السداد وإلا كان سارقاً لقول الرسول «أيما رجل ادّان ديناً وهو مجمع على أن لا يوفيه لقى اللَّه سارقاً».

          وأنه عند حلول أجل الدين يجب عليه المبادرة إلى سداد الدين وإذا ماطل وهو غنى فهو ظالم كما قال الرسول «مطل الغنى ظلم» والظلم من أنواع الفساد لأنه أكل لأموال الناس بالباطل.

أجهزة الرقابة:

عملاً بهدى الدين الإسلامي في المحافظة على الأموال وفي خلال مسيرة الحضارة الإسلامية بدءاً من نشأة الدولة الإسلامية في عهد الرسولأنشئت أجهزة رقابية عديدة لحماية المال العام والممتلكات الخاصة وأدت دورها بكفاءة، ولم يستطع الفكر والتطبيق المعاصر أن يزيد عليها سواء في عددها أو اختصاصاتها، أما كيفية قيامها بدورها في مكافحة الفساد فسوف نتناوله في المبحث الثالث من هذه الدراسة ويمكن تحديد هذه الأجهزة فيما يلي:

أ -أجهزة الرقابة الداخلية: ومنها ما يلي:

          1-وظيفة المستوفى وهي: «وظيفة رئيسية وعلى متوليها مدار أمور الدولة في الضبط والتحرير ومعرفة أصول الأموال ووجوه صرفها».

          2 – وظيفة التحقيق: ودورها المقابلة أي المراجعة على الدوايين.

ب – أجهزة الرقابة الخارجية: ومنها:

          1 – ديوان زمام الأزمة: وهو يمثل الجهاز المركزي للرقابة على حسابات أموال الدولة، ويوجد له في كل ديوان مندوب يتبع وظيفياً والى ديوان زمام الأزمة وليس الديوان الذي يراجع حساباته، ويتولى رئاسة ديوان الزمام أحد كبار موظفي الدولة ورتبته تعادل الوزير أو أعظم منها

          2 – ديوان البريد: ولم تقتصر وظيفة البريد في الدولة الإسلامية على توصيل الرسائل، وإنما كانت له وظيفة رقابية أخرى وهي موافاة الخليفة بكافة الأخبار والحوادث التي تصل إليه من أعوانه المنتشرين في أنحاء الدولة.

          3 – ديوان المظالم: ومهمته الرقابية النظر في تعدى الولاة على الرعية، وجور العمال فيما يجبونه من الأموال من الرعية بالزيادة عن المستحق عليهم إما لأنفسهم أو لبيت المال، والرقابة على كتاب الدواوين فيما يستوفون ويوفون به،

والنظر في تظلم العاملين من نقص أجورهم أو تأخرها عنهم، ثم رد العضوب والإشراف على الأوقاف ومراعاة العبادات الظاهرة، وأخيراً النظر فيما عجز عنه ولاة الحسبة في المصالح العامة وتنفيذ أحكام القضاء لضعف القضاة عن التنفيذ، وبالجملة فدوره الرقابي هو الرقابة على أعمال الإدارة العامة بجميع مستوياتها وكانت له السلطة والمهابة لتنفيذ أحكامه فوراً ودون تأخير.

          4 – القضاء: ومن اختصاصاته الرقابية على الأموال، استيفاء الحقوق ممن مطل بها وايصالها إلى مستحقيها، وإقامة الحدود (العقوبات) على مستحقيها، والرقابة على المرافق العامة لضمان عدم الاعتداء عليها.

          6 – جهاز الحسبة: وعمل المحتسب قام به رسول اللَّه بإشرافه على الأسواق واكتشاف الغش، ثم تطور بعد ذلك بإنشاء جهاز مستقل للحسبة ودوره الرقابي يتسع ليشمل كل النواحي الدينية والاقتصادية فهو يقوم بالرقابة الاجتماعية

لكل ما يتصل بمصالح المجتمع سواء الأسواق وما يتم فيها، أو المصانع ووحدات الإنتاج، أو مراقبة البيئة وكذا مراقبة المال العام، إذ أن أساس عمله الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في المجتمع.

رابعاً: نظام العقوبات:

          تأخذ فكرة العقوبات في النظام الإسلامي معنى رائعاً سواء فيما تحدثه في النفوس من أثر رادع أو ما تقرره من جزاء عادل يتكافأة مع حجم وطبيعة الجريمة، وتتعدد صور العقاب في النظام الإسلامي في مراحل ثلاث متكاملة هي:

          أ – الجزاء الذاتي: والذي يتمثل في الألم النفسي النابع من الضمير الديني السليم للمسلم وما يحدثه من ندم وقلق يدفعه للكف عن الذنب كما يقول الرسول «من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن».

          ب – الجزاء الشرعي: أو الإداري أو القانوني ويتمثل في الحدود الشرعية والتعازير إلى جانب تضمين المفسد ما أخذه من مال.

          جـ-الجزاء الإلهي: فإن كان المفسد بدون ضمير ديني يردعه ويتوب، أو استطاع الافلات من رقابة البشر، فإنه لا ولن يستطيع الافلات من رقابة اللَّه عزوجل الذي﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ والذى يحاسبه على كل تصرفاته ويجزيه الجزاء الأوفى دنيا وأخرى لقول اللَّه تعالى﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى﴾.

كارين نوالى ضيفة برنامج ” طريقى “..السبت

كتبت : انجى محمد

يستضيف برنامج ” طريقى ” فى الخامسة مساء السبت القادم على الهواء مباشرة النجمة ” كارين نوالى ” فى حوار خاص عن أسرار بدايتها الفنية ، وأهم الصعوبات التى واجهتها فى البداية ، وسر اختفائها لفترة عن الساحة الغنائية بعد زواجها من المصور الصحفى الشهير سيد شعراوى ، كما تتحدث كارين عن مشاريعها الفنية القادمة . وتقدم المطربة ” كارين نوالى ” عددا من أغانيها التى قدمتها لجمهورها مثل ” ألف وعد ” و”خسارة فيك ” و” راح وغاب ” . برنامج ” طريقى ” يذاع السبت من كل أسبوع فى تمام الخامسة مساءا على قناة مصر الزراعية “mac” ، تردد11227 رأسى على النايل سات ، وهو من إشراف الإعلامى محمد صلاح وتقديم طه اليوسفى ، ورئيس التحرير الكاتب الصحفى مدحت محى الدين .

عالم الأمواج للشاعر قصيدة للشاعر : زيد الطهراوي

رقت الأرض لأحلام الفتى تسمو مع الأفق الرحيب

إنه يحلم يغفو ثم يصحو و يغيب

في اشتياق القلب قبل الغيث للدرب الخصيب

خبأ الرحالة العينين فالواقع أعمى

و مضى نحو مداد الصبر كي يكتب حلما

ذلك المبصر كالشلال يستجلب نجما

حرقة في الوردة امتدت بذكرى

فإذا بالحب يستنفر آلاما و عطرا

لا تلم جرح الفتى إن فاض جمرا

حرس الحدود يسحق المصرى بالثلاثة

كتب : أحمد سمير

فجر حرس الحدود مفاجأة قوية امس الأربعاء بعدما تغلب على منافسه المصري بثلاثة أهداف مقابل لا شيء في المباراة التي جمعت بينهما بملعب المكس. وافتتح إبراهيم عبد الخالق أهداف المباراة لحرس الحدود في الدقيقة 48. و عقب دقيقتين فقط استطاع وليد عطية احراز الهدف الثاني وعاد إبراهيم عبد الخالق وسجل هدفه الشخصي الثاني وأتم ثلاثية الحدود في الدقيقة 79. تلك الهزيمة هي الأولى للمصري مع مدربه الجديد ميمي عبد الرازق الذي تولى المسؤولية خلفا لحسام حسن. وتعادل المصري في اللقاء الأول لعبد الرازق مع الإسماعيلي سلبيا بدون أهداف ثم تعادل إيجابيا بهدف لمثله مع وادي دجلة. أما حرس الحدود فهذا هو انتصاره الثاني على التوالي بعدما فاز على الإسماعيلي في الجولة السابقة بهدف دون رد. ورفع حرس الحدود رصيده إلى 15 نقطة يحتل بهم المركز الـ13 في جدول الترتيب. أما المصري فتجمد رصيده عند 12 نقطة يحتل بهم المركز الـ17 وقبل الأخير في جدول الترتيب وله خمس مباريات مؤجلة.