الدكتور عادل عامر يكتب عن :الثروة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية

يمكن اعتبار الثروة الاجتماعية مجموعة محدّدة من المعايير والقِيَم الثقافية والمذهبية، من قبيل: الثقة المتبادلة، والصدق، والوفاء بالعهد، وحفظ الوعود في المعاملات الاجتماعية والاقتصادية التي يقوم عليها المجتمع. ويمكن الوقوف على مفهوم الثروة الاجتماعية في الكثير من أعمال علماء الاجتماع، ضمن أمور من قبيل: الثقة المتبادلة والمعايير والقِيَم.

أن الدراسات التي أجريت حتّى هذه اللحظة قد ركَّزت على الثروة الاجتماعية في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، فإننا نسعى في هذا المقال إلى دراسة «الثروة الاجتماعية المتمثّلة بالثقة المتبادلة والصدق في التنمية الاقتصادية من وجهة نظر الإسلام»، معتمدين في هذه الدراسة على المصادر المعتبرة والمتوفّرة في هذا الشأن. وفي البداية ستكون لنا جولةٌ على مفهوم الثروة الاجتماعية في الفكر المتعارف، لننتقل بعد ذلك إلى الموقع البارز لعناصر الثقة والصدق، وتأثيرهما على التنمية الاقتصادية في هذا المجال.

إن الثروة الاجتماعية، كسائر الأشكال الأخرى، ثروةٌ منتجة، وتجعل من تحصيل الأهداف المعيّنة والمحدّدة ـ التي لا يمكن الوصول إليها في غياب هذه الثروة الاجتماعية ـ أمراً ممكناً. إن المشاركة في القِيَم والمعايير لا يؤدِّي في حدّ ذاته إلى إنتاج الثروة الاجتماعية؛ إذ ربما كانت القِيَم سلبية. إن المعايير التي يمكن لها أن تنتج الثروة الاجتماعية يجب أن تشمل في الأساس سجايا من قبيل: الصدق، والوفاء بالعهد، والعلاقات القائمة على الثقة المتبادلة.

 إن الثروة الاجتماعية ذخيرةٌ ورصيد من الشعور بالثقة والاعتماد المتبادل والتعاون والمشاركة بين أفراد جماعة أو مجتمع؛ بغية تسهيل علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية.

 إن الثروة الاجتماعية إلى جانب ـ الثروة الإنسانية والثروة الاقتصادية ـ تعمل بوصفها واحدةً من العناصر المؤثِّرة في التقليل من نفقات الإنتاجهناك الكثير من الأدوات المتنوّعة في الاقتصاد، والتي تستعمل لغرض التخفيف من مستوى عدم المساواة في مختلف العناصر الاقتصادية، من قبيل: الضرائب والدفوعات المتنقّلة التي توضع تحت تصرُّف الدولة والمؤسسات الخيرية ومؤسسات التكافل الاجتماعي (من قبيل: الزكاة والخمس والإنفاق في الإسلام).

 بَيْدَ أنّ الأهمّ من هذه الموارد ـ والذي ينسجم إلى حدٍّ ما مع الأدوات المذكورة، والتي هي بمتناول الناس ـ تشكيل الثروة الاجتماعية بين الناس. لقد عمد الإسلام ـ من خلال إيجاد آلية الزكاة والخمس والإنفاق المباشر ـ إلى بناء خصائص ومقوّمات الثروة الاجتماعية. إن الثروة الاجتماعية تقلِّل من مستوى الفقر، وتعمل على إصلاح عدم المساواة في توزيع الثروات والأرباح، وتقيم المصرف العالمي، وتجعل من تكديس الثروة الاجتماعية بوصفها استراتيجية أصلية وهامّة لخفض مستوى الفقر بين أفراد المجتمع.

وكما تقدَّم فإن الدراسات المتنوّعة بشأن الثروة الاجتماعية تثبت أن للثروة الاجتماعية دائرة بحث وتطبيق واسعة بالقوّة. وبعد التأكيد على الآراء ونتائج التحقيقات سوف نخوض في دراسة بعض نظريّات العلماء والمفكِّرين بشأن الثروة الاجتماعية.

إن الثروة الاجتماعية هي ـ مثل الثروة الفيزيائية والثروة الإنسانية ـ غير قابلة للتعويض أبداً. إلاّ أن بالإمكان تعويضها في ما يتعلَّق ببعض الأنشطة الخاصة. هناك أشكالٌ معيَّنة من الثروة الاجتماعية القيّمة في تسهيل الأفعال المعينة قد لا تكون نافعةً بالنسبة إلى الأفعال الأخرى، بل وقد تكون ضارّةً بالنسبة لها. إن الثروة الاجتماعية لا تكون في الأفراد، ولا في الأدوات الفيزيائية. 1ـ المسؤوليات والتوقُّعات: إن من أهمّ خصائص الثروة الاجتماعية من وجهة نظر كولمن هو نظام المسؤوليات والتوقُّعات، بمعنى أن زيداً من الناس إذا أراد أن يقدِّم خدمةً لعمرو فإنما يكون ذلك منه اعتماداً على أن عمرو في المقابل سيقدِّم له خدمة مماثلة في المستقبل. وهذا الأمر يخلق توقُّعاً لدى زيد، ومسؤولية لدى عمرو، والغاية من ذلك هي الحفاظ على عنصر الثقة المتبادلة بينهما. إنّ هذا التعهُّد والثقة بمثابة ورقة الضمان بيد زيد.

 فإذا كانت لدى زيد الكثير من هذه الأوراق في ما يتعلَّق بتعامله مع غير عمرو من الأشخاص الآخرين يمكن القول: إنه يملك رصيداً مالياً كبيراً من السندات، التي تخلق رصيداً اعتبارياً، يمكنه الاستفادة منه عند الضرورة.

2ـ الظرفيّة الكامنة بالقوّة في المعلومات: إن الحصول على المعلومات أمرٌ مكلف. من هنا يعمل الكثير من الأفراد على الحصول على معلومات بشأن الأعضاء الآخرين في الشبكة من خلال الاستفادة من شبكة العلاقات الاجتماعية، وبذلك يقتصدون في النفقات إلى حدٍّ كبير.

3ـ المعايير والضمانات التنفيذية المؤثِّرة والفاعلة: إن للمعايير أشكالاً متفاوتة. وإن بعضها يعتبر في غاية الأهمّية بالنسبة إلى التنمية، ولا سيَّما منها ما كان إرشادياً، ويحثّ الفرد ـ على سبيل المثال ـ على التنكُّر لمصالحه الشخصية، والتفاني من أجل مصالح الجماعة. إن معايير من هذا القبيل تحظى بدعمٍ اجتماعي وما إلى ذلك من ألوان التكريم والتقييم الأخرى، وبذلك تمثِّل ثروةً اجتماعية تعمل على بناء الأمم.

4ـ العلاقات المتينة: إذا قام الفاعلون الكثيرون بإعطاء حقوق السيطرة على الأنشطة إلى فردٍ فإنّ هذا النوع من الثروة الاجتماعية سيؤدّي إلى قيادة شخصٍ لبيب في المجتمع. وهذا يعني تماماً الميل إلى بناء ثروةٍ اجتماعية ضرورية لحلّ المشاكل المشتركة التي تحشر الأفراد في ظروفٍ خاصة، وتضطرّهم إلى التنازل عن سلطاتهم لصالح زعيم فهيم ومقتدر.

5ـ المنظومة الاجتماعية المَرِنة: تتبلور المنظمات التطوُّعية من أجل الوصول إلى الغايات والمقاصد التي ينشدها الذين أوجدوها. وهي في مواصلة حياتها تغدو مرنة لتلبية المقاصد الأخرى. وبالتالي تعمل على بلورة الثروة الاجتماعية التي يمكن توظيفها في الوقت المناسب. فعلى سبيل المثال: إن أعضاء تعاونية المطابع في ولاية نيويورك الأمريكية، والذين كانوا من عمّال صفّ الحروف، شكَّلوا لأنفسهم نادياً باسم (نادي صفّ الحروف).

 وفيما بعد، حيث كان أرباب الصناعات يبحثون عن عمّال في صفّ الحروف من ناحيةٍ، وكان عمّال صفّ الحروف يبحثون عن فرصٍ للعمل من ناحيةٍ أخرى، كان وجود كلا هاتين المنظّمتين مؤثِّراً في توفير فرص العمل لبعضهما.

اما التنمية الاقتصادية واهدفها تتمثل في تسعى التّنمية الاقتصاديّة إلى تحقيق العديد من الأهداف، وهي كما يأتي: زيادة الدّخل القوميّ: هذا هو الهدف الرئيسيّ والأوّل من الأهداف الخاصة بالتّنمية الاقتصاديّة، حيث تساهم في تطوير مستوى معيشة الأفراد، وتعزّز التركيبة الهيكليّة للتجارة والصّناعة، ممّا يساعد على علاج المشكلات الناتجة عن ضعف الاقتصاد المحليّ. استثمار الموارد الطبيعيّة: يسعى هذا الهدف إلى تعزيز وجود الاستثمارات المحليّة والدوليّة للموارد الطبيعيّة الموجودة على أراضي الدّول؛ عن طريق دعم البنية التحتيّة العامة، وتوفير الوسائل المناسبة التي تُقَدِّمُ الدّعم للإنتاج، والخدمات العامّة. دعم رؤوس الأموال: يهتمّ هذا الهدف بتوفير الدعم الكافي لرؤوس الأموال العامّة، التي تعاني ضعفاً وعجزاً؛ بسبب قلة الادّخار المرتبط بالاحتياطات الماليّة في البنك المركزيّ، والبنوك التجاريّة المشتملة على المال بصفته العاديّة، أو الأوراق الماليّة المتنوّعة، مثل: السّندات.

الاهتمام بالتبادل التجاريّ: هذا الهدف خاصّ بتنمية التجارة، ويهتمّ بمتابعة الصّادرات، والواردات التجاريّة المعتمدة على تعزيز التجارة بين الدول النّامية، والدول الأخرى؛ وخصوصاً تلك التي تشتري الصّادرات بأسعار مقبولة، تساعد على توفير الدّعم للحاجات الأساسيّة للسكّان.

معالجة الفساد الإداريّ: وذلك بالاهتمام بوضع قوانين وتشريعاتٍ، تحدّ من انتشار الفساد الإداريّ الذي يؤثر على استقرار القطاع الاقتصاديّ، ويستغلّ موارده، وتساهم هذه المعالجة في تطوير الاقتصاد المحليّ، وتعزيز نموّه وازدهاره في المجالات كافّةً. إدارة الدّيون الخارجيّة: يرتبط هذا الهدف بضرورة متابعة المبالغ الماليّة المدينة على حكومات الدول النامية، والحرص على إيجاد الوسائل والطّرق المناسبة لسداد هذه الديون، ممّا يساهم في تعزيز النموّ الاقتصاديّ، وزيادة النّفقات الخاصّة بالإنتاج.

 

الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن :الانقسامُ المؤبدُ والمصالحةُ المستحيلةُ

 

 

لم يعد الفلسطينيون عامةً يثقون أن المصالحة الوطنية ستتم، وأن المسامحة المجتمعية ستقع، وأن الاتفاق السياسي سينجز، وأن الشروط المشتركة لمختلف الأطراف ستحفظ، وأنهم سيعودون لممارسة حياتهم الطبيعية، وسيستعيدون علاقاتهم البينية الطيبة، وستعود الألفة إلى البيوت الفلسطينية، والدفء إلى العلاقات الفصائلية، وسينتهي الانقسام البغيض المزمن وستطوى صفحاته السوداء إلى الأبد، وسيلتزم طرفا الانقسام بتعهداتهما، ولن ينكصا على أعقابهما أو ينقلبا على اتفاقهما، إذ سيحفظان كلمتهما، وسيعود الفلسطينيون كما كانوا جبهةً واحدةً وأرضاً موحدة وعدواً مشتركاً، لا شيء يفرقهم، ولا عدو يقوى على زرع الخلافات بينهم، ولا من يشتت جمعهم ويفرق صفهم ويهدد وجودهم، ويستهدف وطنهم أرضاً وشعباً ومقدساتٍ.

لا يضحك الفلسطينيون على أنفسهم، ولا يخدعون بعضهم البعض، ولا يصدقون الكذبة التي يروجها المستفيدون ويدعيها المسؤولون، ولا يحاولون تزيين واقعهم أو تلميع صورتهم، فهم يدركون حقاً أن قيادتهم مريضة فاشلةٌ، وأنها عييةٌ عاجزة عن الفعل الجاد والالتزام الصادق، وأنها تفتقر إلى النوايا السليمة، وتعوزها الثقة والمصداقية، فهي لا تسعى إلى المصالحة ولا تريدها، ولا تخطط لها ولا تذلل العقبات من أمامها، بل إنها تسعى بطرفيها لتكريس الانقسام وتأبيد الانفصال، وتأكيد الخصوصية، وادعاء الاستقلالية، وفرض الهيمنة وبسط النفوذ، بمساعي واهمةٍ وأحلامٍ بائسةٍ بالسيطرة والتمكين، أو الاستحواذ المنفرد والسيطرة الأحادية.

لقد ملَّ الفلسطينيون ويأسوا من اسطوانة الحوار المشروخة وخطابات الوحدة الممجوجة، وأصابهم القنوط من أمل المصالحة المنشود، ولم يعد لديهم أي أملٍ بانتهاء هذه الحقبة، وطي هذه الصفحة من التاريخ، والبراءة من سنوات الفرقة والخصام، والخلاص من الضيق والمعاناة، والنجاة من قوانين الحصار وأشكال العقوبات، وأدركوا أن الانقسام قدرهم، والانفصال مصيرهم، والمصالح تحكمهم، والأهواء توجههم، والمنافع تحركهم، والعدو وحلفاؤه فرحٌ بواقعهم، وراضي عن حالتهم، ويسعده بقاؤهم على ما هم فيه من انقسامٍ سياسي وانفصالٍ جغرافي، وعداوةٍ مستحكمةٍ، وممارساتٍ كيديةٍ، وإجراءاتٍ استفزازيةٍ، واعتقالاتٍ تبادليةٍ، تذهب بريحهم، وتضعف صفهم، وتفرق جمعهم، وتجعل بأسهم بينهم شديداً، ولقاءهم معاً محرماً ومستحيلاً.

لا ينكر المواطنون الفلسطينيون أن هناك اختلافاً في النهج السياسي بين طرفي الانقسام، وأنهما يتناقضان في سبل المقاومة واستراتيجية التحرير، وأن أحدهما يؤمن بالتنسيق الأمني والآخر يجرمه ويخون فاعله، وأن أحدهما يصر على استعادة الأرض كلها من بحرها إلى نهرها، وتحرير الوطن كله واستعادة السيادة الكاملة عليه، بينما يقبل الآخر ببعضٍ من الوطن صغيرٍ، وبقطعةٍ من الأرض محدودة، وبسيادةٍ منقوصةٍ، وعاصمةٍ مقسمةٍ وسلاحٍ منزوعٍ، وحدودٍ رخوةٍ مستباحةٍ، وحريةٍ لجيشِ العدو بالاقتحام والاجتياح مصانة.

وبينما يرفض طرفٌ الاعتراف بالعدو والجلوس إليه والتفاوض معه، يعترف الآخر به ويجلس معه ويفاوضه، ويثق به ويتعاون معه، ولا يقبل الأول ضمان أمنه وسلامة جنوده ومستوطنيه، في حينٍ يلتزم الآخر بأمنه ويقلق على حياة مستوطنيه، ويسلم التائه منهم ويعيد المعتدي على أهله، ولا يرضى بانتقام شعبه وثورة أبنائه، بل يحاسب من يفكر بالانتقام ويعتقل من يخطط للثأر، ويعاقب بقسوةٍ من ينفذ ويعمل جاداً ضد العدو وجيشه، بينما يستعد الطرف الأول ويتهيأ، ويتدرب ويتهيأ ويعد العدة، ويطور الصواريخ ويزيد في ترسانة السلاح.

لكن كلاهما بات يؤمن بالمقاومة الشعبية والنضال السلمي، ويعتمد المظاهرات والاعتصامات، والمسيرات والاتفاقيات، ولا يستثني حركات التضامن ومواقف الدول، وإن كان أحدهما يصر على تمسكه بالمقاومة المسلحة وعدم تخليه عنها، إلى جانب تجربته الجديدة في المقاومة السلمية والنضال الشعبي.

بينما الطرف الآخر الذي يحترم الاتفاقيات ويلتزم المعاهدات الدولية، يرى المقاومة المسلحة عملاً تخريبياً، بل عملاً عبثياً يضر بالقضية الفلسطينية ويعيدها سنين طويلة إلى الوراء، ويفقدها الأنصار والمؤيدين، ويدفع بالعدو الإسرائيلي للقيام بخطواتٍ وإجراءاتٍ أحادية الجانب، قاسية الأثر وعنيفة الشكل، يصعب تجاوزها ولا يسهل تراجعه عنها.

وكلاهما يعتقد أنه لا يستطيع وحده مواجهة العدو الإسرائيلي وهزيمته، ولا يقوى على التصدي له ولجمه، أو منعه من الاعتداء على شعبهم وقضم أرضهم وقتل واعتقال أبنائهم، وأنه لا بد من وحدة قوى الشعب واتفاق فصائله، والتئام شمل الجميع، ليشكلوا معاً قوةً كبيرةً وجبهةً مشتركة، تملك القدرة على ردع العدو وقهره، وإجباره على الانكفاء والتراجع بدل الاعتداء والتغول، والعدو قادرٌ على قواهم وفصائلهم متفرقين، وزعيمٌ بهزيمتهم أجمعين، فهو منهم فرادى أقوى، وعليهم متنازعين أقدر.

وكلاهما يرى أن الشعب يعاني ويقاسي، ويتألم ويتوجع، ويضعف ويخسر، ويفقد أبناؤه الأمل وأجيالهم الهدف، ويضيع مستقبلهم ويتبدد غدهم، إذ ذهب شبابهم وتشابهت أيامهم، وتعطلت حياتهم وجمدت أحوالهم، وباتت أسرهم تتفتت وعائلاتهم تتمزق، وساءت الأحوال بينهم، وانتشرت الأدواء وعمت البطالة فيهم، وسادت أمراضٌ وظهرت فيهم جرائم غريبة ومسلكياتٌ شاذةٌ غير محمودة، سببها الفقر وباعثها الحصار والقهر، وقد كانوا قادرين أن يكونوا صفوة الأمم وشامة الشعوب، وهم كذلك كانوا وإلى مكانتهم القديمة يتطلعون، ولكن الانقسام قهرهم، وقيادتهم قتلت الأمل فيهم وزرعت اليأس والقنوط مكانه في قلوبهم.

يدركُ الشعب الفلسطيني الذي دفع وحده ثمن الانقسام، وعانى دون غيره نتائجه وقاسى آثاره، وهو الذي ابتكر مختلف الوسائل للمواجهة والتحدي، وابتدع أغرب السبل وخاض أصعب المسالك ليستعيد حقوقه، ويرفع الحصار عن نفسه، أن المشكلة ليست في رواتب موظفين، ولا في تمكين حكومة وصلاحيات سلطة، وهي ليست في جبايةِ ضرائب واستيفاء رسومٍ وتحصيل جمارك، ولا هي ازدواجية سلطة وتفوق سلاحٍ.

إنما هي رغبةٌ متأصلة في بقاء الانقسام واستدامة الحال، وحاجةٌ ملحةٌ تفرضها القوى وتنفذها الأدوات، وهي محاولاتٌ للاستقواء ومساعي للبقاء، وهي منافعُ مستحكمةٌ ومصالحُ مقدمةٌ، وإلا فما الذي يعميهم عن حاجة الشعب ويصر آذانهم عن صراخه، وما الذي يمنعهم من الاتفاق والمصالحة، وجلب النفع ومنع الضرر، اللهم إلا أن يكونوا هم طهاة طبخة الحصى، وأعلم الناس أنه لا خير منها أبداً يرتجى، وأن بقاءهم رهنُ الانقسام وانتهاءه آذانٌ برحيلهم وبلاغٌ بزوالهم.

بيروت في 10/11/2018

المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : خاطرة بصوت عال …

= نظرت إليه فوجدته( لامعا ) الكل يريده
زاد لمعانا
فابتعدت عنه بعض الوقت ..!
لتناول ( لقمة) حددتها لعم( رضا ).!
وقت الراحة
فى البداية استغربنى لكن سرعان ما وافقنى!
رغيف بلدى وطعمية ..!
وأحيانا ( دقة ) ..!
وأحيانا اخرى ( عسل ابيض ).!
(زاد ) وعلا بالحب والإخلاص … بعد أن تأملت الرسالة
ناشدت الصحبة ( انا خادم لكم )
معكم وبين يديكم
انطلقوا على طهارة وإيمان فالعمل عبادة
جلست مع(( الزبائن ))اسمع لهم دون أن يعرفوننى !
حتى نظرنى الحارس الأمين ( وائل ) متعجبا !
فقلت له : اكتم وكأنك لاتعرفنى..!
خرجت للجوار ابحث عن الحقوق
وفى المناسبات أتمنى أن أشارك خاصة البسطاء؛
حتى وصلنا للكنيسة مهنئين
(فهم جوار ولهم توصية خاصة من حبيبنا سيدنا رسول الله)
زاد لمعانا .. !
خفت .. قلت لها ماذا تريدين أيتها النفس وقد نظرت إليها بعد أن بات الكرسى رائعا والمكان مطيبا …؟ ؟ ؟!
قلت لها : والله لن امكنك من مجرد إحساس التيه حتى ولو كان النجاح مشهود فأنا ضعيف والوقت ضيق
فاصررت على الرحيل.اختبارا لها….. .!؟
تعجب الجميع ..!!!!!!
..
ولأن المشهد غير معهود…
فتقول(( البعض )) وهذا طبيعة فى الانسان
خاصة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال :
( الناس معادن )
معقول…غير معقول …!!!
النهاية…
اعتذرت ((بشدة)) (( وإصرار )) عن المواصلة خوفا أن أفقد البصلة الخاصة. …نعم لى بوصلة خاصة …!
قوامها : (( مراعاة الله فى الناس )) فيما ربط فى عنقى. ..
وأردت أن اختبر مركب البوصلة وهى الطامحة ( لمزيد لمعانا ) بحكم الجبلة و اعرف أن مقاومتها فرض وسنة
ولها تلبيس خفى لهذا كان ياسادة اهمية
(( شيخ التربية )) و كنت التقيه ذهابا وعودة
من حسن حظى … بل وأمى وأبى فى دار الحق
وانا الضعيف المحتاج ((لنظر)) فاصررت وكان المنال
ولكن تظل النفس متربصة
وردعها وتقويمها استقامة يلزم أن تكون قائمة
ومحل اجتهاد فذاك بحق هو (( الاجتهاد الأكبر))
فانتبه أيها المسكين ولاتغفل عن
جادة الطريق وضرورياته
فقد أسماك (( حامد ))
وأسأل الله تعالى فى كل وقت السلامة
وقد زادت الفتن والمباهج الكاذبة
نعم ابتغى سادتى بحق : الفراق بسلام وحسن ختام
وشوقا لمجاورة النبى العدنان
( صلى الله عليه وسلم ) .
( مجرد خاطرة بصوت عال)

الدكتور عادل عامر يكتب عن :الاسلام وحماية القبطي

إن القرآن الكريم دستورنا وشريعتنا والإسلام دين التسامح، والإسلام يحمي الأقباط»، ويجب على الجميع لتكاتف يدًا واحدة للنهوض بالبلاد لتتبوأ مصر مكانتها التي تستحقها.

أما الإسلام الصحيح فهو ما تواترت به الآثار الصحيحة التي وردت في تحريم إيذاء أهل الذمة وعدم أكل حقوقهم أو انتهاك حرماتهم وحسن معاملتهم ظلت فخرا للمسلمين على مدى التاريخ وسندا راسخا يجلى صورة هذا الدين وعظمته واحترامه لمخالفيه.

هذا هو الإسلام الذي يفيض تسامحا ورقيا مع مخالفيه، ومع أهل الكتاب بالخصوص، أما ما تعرضه القاعدة من شدة وغلظة وعنف موجه لمن هم في ذمة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-والمسلمين من بعده إلى يوم القيامة، وما يترتب على ذلك من أخطاء في حق الإسلام والمسلمين فأمر السفهاء الذين لم يعرفوا جوهر هذا الدين، ولا يستنون بسنته ولكن يعرفون فقط فكر الغيلة والغدر وعدم الأمان الذي عرفته القبائل الهمجية على مدار التاريخ!

ولو كان الرسول يريد نشر الإسلام بحد السيف أو يريد الغنائم كما يدعي بعض المستشرقين لكان ترك تبوك وتوجه إلى قوات قيصر الروم المتحصنة داخل الحصون في بلاد الشام وحاصرها من الخارج وقطع عنهم الطعام والمؤن، ومن المؤكد أنها كانت سوف تستجيب لمطالبه إذا طال الحصار عليهم، ولكنه لم يفعل ذلك لا مع أهل تبوك ولا مع ثقيف قبلهم في غزوة حنين، لأن غرضه الأساسي الدفاع عن النفس والدفاع عن الدعوة الإسلامية، وإن كان هذا لا يمنع البدء بالهجوم إذا علم أنه سيهاجم باعتبار أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم. وأنه شعب متدين بالفطرة، وأن جماعات الظلام والتكفير والشر والإرهاب لن تفلح في شق الصف الوطني ونسيج هذه الأمة المتماسكة منذ 1400 عام.

أن حماية الأقباط فرض عين على كل مسلم كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما كان يرسل أي سرية لفتح أي بلد من البلاد فكانت وصيته الدائمة والثابتة في كل كتب السير: «اغزوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ولا كبيرًا فانيًا ولا منعزلًا بصومعة، ولا تقربوا نخلًا ولا تقطعوا شجرًا ولا تهدموا بناءً». وعندما أرسل أبوبكر الصديق جيشه لفتح بلاد الشام سطر لهم أول أخطر وثيقة لحقوق الإنسان قبل أن تعرف البشرية معنى هذه الكلمة، قائلًا: «لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلًا صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلًا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكله، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له».

أن الاعتداء على الأقباط أو منازلهم أو كنائسهم حرام بإجماع الفقهاء، وأن الجماعات الإرهابية التي تستبيح دماء الأقباط باسم الدين ما هم إلا مرتزقة مأجورون لتشويه صورة الإسلام وشق الصف المصري، بتمويل من بعض الدول والمنظمات الداعمة والراعية للإرهاب في العالم.     إن الاعتداء على الكنائس عمل إجرامي لا علاقة له بالشريعة الإسلامية، لأن الإسلام حرّم الاعتداء على أي ذمي بشكل عام والأقباط بشكل خاص، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرًا فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا»، وقال في حديث آخر: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً ورحما”. وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من التعرض للأقباط بأي أذى، حيث قال: «اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ، فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عِدَّةً، وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللهِ».

إن الجماعات التكفيرية التي تستبيح دماء وكنائس الأقباط باسم الدين ما هي إلا جماعات تكفيرية خارجة عن حدود الدين، وإنهم بالفعل يحاربون الله ورسوله كما جاء في قوله تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».

أن هؤلاء التكفيريين ينبغي مواجهتهم بكل الطرق لحماية المجتمع من شرورهم، ولا بد وأن يكون سلاح الفكر في المقدمة، ومواجهتهم بالمنهج الإسلامي الوسطي، لتجفيف منابع الأفكار الإرهابية التي تغذي الأجيال الجديدة، التي يقومون بخداعها وتجنيدها باسم الدين.

ولا بد من توجيه الأجيال الشابة وحمايتهم من الغزو الفكري التكفيري، وأن يعلموا أن ما تقوم به الجماعات الإرهابية «إرهاب» وليس «جهادًا»، لأن الجهاد لا يجوز إلا إذا شُرع من قبل ولي الأمر، وليس الأفراد الذين تحكمهم الأهواء الشخصية، والأغراض الدنيوية مثل الوصول إلى السلطة، وتحقيق بعض المكاسب السياسية، أو إجبار الدولة على الاستجابة لمطالب إيديولوجية تخص الجماعة التي ينتمون إليها. أن التعليم والإعلام والثقافة يشكلون الذهنية المصرية العامة، وأنه لابد من الاهتمام بهم نظراً لخطورة الدور الذي يقومون به.

إن النصوص الشرعية أكدت على حماية غير المسلمين، وأنه يجب رد أي اعتداء يقع عليهم وتوفير الحرية الشخصية لهم، فقد روى عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » وأوصى عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأهل الذمة قائلًا: “وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُوَفِّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِم”.

وقد أقر الإسلام بوضوحٍ تام حرية الاعتقاد لقوله تعالى: {لا إكراه في ٱلدِّينِۖ}، لا إجبار ولا إكراه لأحد على الدخول فى دين الإسلام، والدعوة واجبة من غير إكراه، وأمر بها ربنا تبارك وتعالى، لقول الله تعالى: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وجدلهم بِٱلَّتِى هِى أحسن}، أي ادع يا محمد -صلى الله عليه وسلم- الناس إلى دين الله وشريعته القدسية بالأسلوب الحكيم واللطيف واللين بما يؤثر فيهم، وينجح لا الزجر والتأنيب والقسوة والشدة، وجادل المخالفين بالطريقة التي هى أحسن من طرق المناظرة والمجادلة بالحجج والبراهين. و

 لقد ربَّى الإسلام أتباعه على التسامح وعلى رعاية حقوق الآخرين وعلى الرحمة بالناس جميعًا بغض النظر عن عقائدهم وأجناسهم، فها هو عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يقول: حدثنا مجاهد قال: “كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغُلامُهُ يَسْلُخُ شَاةً، فَقَالَ: يَا غُلامُ، إِذَا سَلَخْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالُوا لَهُ: كَمْ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يُوصِينَا بِالْجَارِ حَتَّى خَشِينَا أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ”. ويجب على المجتمع الإسلامي أن يؤمِّن لهم كل وسائل الحماية، يقول ابن حزم الأندلسي: “إن من كان فى الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نَخرُج لقتالهم، حتى نموت دون ذلك صونًا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم”. لأن تسليمه بدون إذنه إهمال لعقد الذمة

لقد ضَمِن الإسلام الحرية الشخصية لغير المسلمين بناء على القاعدة التي قررها فقهاء المسلمين: “لهم ما لنا وعليهم ما علينا”، وقد ظفر غير المسلمين بقِسطٍ كبيرٍ جدًّا من الرعاية والحماية في الشريعة الإسلامية ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ آذَى ذِمِّيًّا فَأَنَا خَصْمُهُ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

 لقد أجاز الإسلام حرية العقيدة والعبادة لقوله تعالى: {لَآ إِكۡرَاهَ فِى ٱلدِّينِۖ} [البقرة: 256]، فلا يكره أحد على اعتناقه وإن كان يدعوه إلى ذلك فالدعوة إلى الإسلام شيء والإكراه عليه شيء آخر فالأول جائز والثانى ممنوع. قال الله تعالى فى الدعوة إلى الإسلام: {ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وجدلهم بِٱلَّتِى هِى أَحۡسَنُۚ}.

 أن جميع المواطنين فى الإسلام سواسية كأسنان المشط لا فرق بين فرد وفرد ولا بين مسلم وغيره فالكل يظفرون بعدالة القضاء والمساواة أمامه،ولقد ضرب القضاء أمثلة عديدة على المساواة أمام القانون: ففى زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه لطم ابن عمرو بن العاص والى مصر قبطيا لأنه سابقه فسبقه، فاشتكاه عند الخليفة عمر، فأرسل الخليفة إلى عمرو ابن العاص وابنه فلما حضرا أحضر الخليفةُ القبطى المشتكِى وقال له: أهذا الذى ضربك؟ قال: نعم، قال: اضربه، فأخذ يضربه حتى اشتفى ثم قال له عمر: زد ابن الأكرمين، ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال له: منذ كم يا عمرو تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!

الكاتبة والداعية وفاء التلاوي تكتب عن :فقط أروها بالحب

وكما أن الأرض قد  تروي بالدماء الغالية  علينا  جميعا  لتحيا وتبقي الأوطان , فقد تروي أيضا بالحب لتعيش وتبقي  وتنمو  وتزدهر وتبنى  فيعم خيرها علي الجميع  , فما هو الحب ؟ وهل افتقدناه مع الزمن الذين نحياه الآن ؟ وما أنواعه؟  وما أعظمه ؟ وهل من الممكن المحافظة عليه ليبقي ويستمر بيننا ؟ الحب شيء هام في حياتنا جميعا فلا يوجد أسرة سليمة مستقرة  بدون حب ولا يوجد وطن متكامل دون شعب واع لكلمة حب والشبع العاطفي المنتظر من هذا الحب دون انتظار أي مقابل أخر غير ذلك , فلو أحببنا بعضنا البعض واجتمعنا جميعا علي نشر هذا الحب بيننا   لقهرنا عدونا  وكدنا له كما يكيد لنا , فهو يسير علي مبدأ فرق  تسد .

وأري إن عدونا قد استطاع  فعلا أن يفقدنا الكثير من حب بعضنا  البعض بكل الوسائل والطرق  والأنواع المتمثلة في التكنولوجيا الحديثة التي صدرها لنا و لم نأخذ منها إلا ما يضرنا فقط ويبعدنا عن بعضنا البعض  ,  فقد يحدث الزوج زوجته بالهاتف وهي بالغرفة المجاورة له فما زادتنا هذه الأدوات إلا بعدا ونفورا وتقيدا  ,  وقد يحدثها أيضا وهي بجواره بالكتابة على الهاتف.. فالصمت يحيط بالمكان وبين الأخوة والأخوات وهم في مكان واحد كل منهم مشغول بالهاتف الذي بيده  وقد لا يرد أحدهم علي الأخر حتى و لو كان في حاجة شديدة إليه  , فلم تعد هذه الصلة والرابطة موجودة لديهم وهذا كل ما يريده العدو منا التفكك الأسري والانهيار للعائلة ونحن بكل طيبة نعطيهم مبتغاهم ونحقق لهم ما يريدوه منا , وبدل ما تزداد الروابط والصلات الاجتماعية  بيننا  أصبحنا بعيدين كل البعد عن بعضنا البعض .

وأنا لست ضد التكنولوجيا في حد ذاتها  في شيء , فانا أدرك تماما مدي أهميتها لنا  جميعا  لكي نواكب التقدم السريع في العالم من حولنا  وتزداد العلاقات  والصلات الطيبة  وتقوي بين كل أفراد العالم , ولكني  أري إننا لم نأخذ  منها إلا ما أضرنا فقط وقطع صلة الأرحام بيننا وقد أوصانا الرسول الكريم بها في قوله  : ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلْيَصلْ رَحِمَه  ,,فأين هذه الصلة وقد فقد الكثير منا الحب فالحب ليس هو حب الحبيب الرومانسي والعاطفي وحده  فقط  فأكثرنا يعرفه , وقد يستعمله خطأ في الضحك علي بناتنا باسم الحب وينسي ربه  , ولكن لتعلم ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) .

و هناك العديد من أنواع الحب  الأخرى كثيرة فلنتعرف علي البعض منها ,, وأعظم وأقوي  أنواع هذا الحب هو حب الله عز وجل ثم حب الرسول عليه الصلاة والسلام  وأن يكون الله ورسوله أحب إليك من نفسك ومن ولدك  ومن والديك  قال الرسول الكريم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ,, ويتبع هذا  حب الوالدان فقد أوصي بهما الله في قوله تعالي :وبالوالدين إحسانا …. وفي قوله تعالي :  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) النساء 59, ونجد أيضا أنواع أخري من الحب أراه  قد قل  في هذا الزمان وهو حب الأخوة  وهذا الحب من أعظم وأقوي أنواع الحب الإنساني وتتسم هذه العلاقة بين الأخ أو أخته بالعطف والألفة والمساندة وعدم الاستغناء عن بعضهم البعض  سواء في الطفولة وذكرياتها الجميلة من دراسة وغيره من لعب ولهو وضحك واجتماع العائلة علي مائدة الغذاء معا  او في مراحل العمر المتعددة والمتقدمة , وقد ذكر الله لنا قيمة الأخ في المساندة وشد الأذر في قوله تعالي 😦 وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35 طه .

وهناك أيضا حب الأطفال فهم أحباب الله ونحبهم ونتمناهم من الله عز وجل كي يرزقنا بهم فينبغي أن نحافظ عليهم ونراعي الله فيهم ولا نؤذيهم بحجة تعليمهم فالضرب لا يكون للأذية وإحداث الألم ولكن للتعليم والتهذيب فقط بما لا يضرهم فأجد أن كثير من الأمهات  أصبحن عصبيات لا يطيقون ضجيج أطفالهم فكيف يتعلمون الكلام  إذا  ما لم يتكلموا ؟   فهم هدية من الرحمن وينبغي الحفاظ عليهم  بالصبر والتحلي به  كما صبر آبائنا علي تعليمنا  ونهدأ كي يتعلمون منا الهدوء وعدم العصبية .

وهناك العديد من أنواع الحب الأخرى  لن أستطيع أن أحصيها كلها  كحب الأهل والأقارب والتودد لهم بالحب  والسؤال عنهم , وأيضا هناك حب الأزواج لبعضهم البعض : و كيفية التعامل بحب و احترام فيما بينهم و كيف يتعلم أطفالهم منهم الحب و العطاء بغير حساب    و هناك حب الأصدقاء والوفاء بهم , وحب الذات فمن لا يحب ذاته لا يستطيع حب الآخرين  وحب الأوطان وما أغلاه من حب يضحي الإنسان  من اجله بروحه ودمه  وبكل نفيس أو غالي , ولكن هل من الممكن الحفاظ علي هذا الحب ؟ نعم  ولكن الحب يحتاج منا  الكثير كي نتعلمه  وان نعمل جميعا  بقول الرسول الكريم : حب لأخيك ما تحب لنفسك و أن نتعلم  كيف نحب الآخرين بقلب صاف دافئ  و عامر بالإيمان  وحب للحياة  وأن نصبر علي من نحب فبالصبر تتحقق الأماني وبالحب تبني الأوطان .