كأس. ….بقلم : هاشم عباس الرفاعى

افرغتي كأسي .

وانتظرتها

لاقبل النحر ..نحرها

هي الحبيبه ..وحنانها

فاض وتبدا

هي العزيزه وعزتها

بين الحنيا مكمنها

هي من لفتني بحضنها

وانا  طفل صغير .

على ما تجود به عليه

اتغذى …لك

كل ود بصدق موقف

وجليل عبارة .

وانا لحظنك ارنو ..

وبحضنك الشقاء

هو ما اهوى

عطش ..بقلم : صالح الجبري

 ذبلت النبتة المغروسة في القلب  ،

الامطار و إرتفاع منسوب الشوق ،

لا تروي عطشا  ،

قالت لي كلمات جوفاء لا تغني من فقر

ربتت علي كتفي مرتين  ،

لا بأس عليك  ، 

عبارة الكلمة الطيبة تكسر العود اليابس  ،

لا تشفي الروح  ،  شبيت على الطوق 

اصبحت واقعي،  أكره المجاملات

و دغدغة العواطف  ، 

أؤمن بالمحسوس و الملموس  ، 

لست ديكارت ولا أفلاطون

 بين المثالية و الشك  ،

عربي أهتم بالأرقام

{ معك قرش تسوى قرش  } .

سادس أيام البغل!! ..(مسرودة ممسرحه) ..بقلم : شوقي كريم حسن

(غضبك لايفيد بشيء،مادمت لاتعرف السر،،البغال

الكائنات الوحيدة التي لاتمتلك اولاداً،وترى في الاحفاد سلع زائدة عن الحاجة يتوجب ابعادها،،

الوحيدة التي تسهم في ايقاد نيران الحروب بجدية

واتقان تحسد عليهما،، خدمات متقنة دونما ثمن،،))محنتي تزايدت ،حين امرني امر سريتي  الموشوم الاكتاف بنجوم صفر ثلاث والذي لايطيق النظر اليَّ  بأن اكون بغالاًنبهاً  لمجموعة من البغال الاتية  من بلاد ما وصلها بشر غير السندباد الذي جلب عينةاثارت دهشة واستغراب الفقراء الذين ماشاهدوا من قبل مثل هذا الهجين الذي لايشبه تلك الحيوات التي تقاسمهم العيش باريحية تبعث بين ثناياهم سعادة وارتياح،اوقف السندباد ثروته طويلاً عند اسواق البيع فلا احد اقترب منها،ظلت مهجورةتشبه فزاعات عتيقة،تراقبها العيون بخيفة وحذر  شديدين،ثمة انكسار عاشته الايام حين اعلن متولي الجامع بصوته الحزين المليء بالمليءبالحسرات والاسترجاعات،ان هاتيك المسوخ اقوام من البشر  عاقبهم الاله لانهم ما اطاعوا اولي الامر منهم،،وما اكترثوا لوصايا من اراد لهم العزة والنجاة،النظر الى عيون المسوخ والاقتراب منها رجس من عمل الشيطان فاحذروا الرجس حتى لاينالكم ما نالهم من اثم لابراء منه!!ضحت الباحة بالعويل المشوب بالاستنكار والرفض،قال السندباد بهدوء جذب الانظار اليه—ماهي الا حيونات من خلق الرب لاتقربها الشياطين وما قاتل من على ظهورها باغ ودنيء،،!!صاح المتولي بعدحوقلة اعادها بسرعة  لمرات لاتعد اثارت الفزع داخل النفوس المراقبة،فتراجعت الى وراء لائذة باذيال صمتها المريب— تكذب ياانت هي من بلاد الجن والا لكان اجدادنا عرفوها ماهي بحمير ولا خيول ،،دلنا على اصلها ان قدرت؟!!

ارتدى الرجل غير العارف ثياب الصمت التي اعتاد لبسها في مواقف شبيهة باللحظة التي يعيشها،  هيمن الوجل على الوجوه الغارقة في برك مصائبها،

اشعل المتولي قلب غليونه بحركة انتصار تعمدها بطيئة مثيرة العيون غير المستقرة عند شيء،،نافثاً

سوادات الليل المنبثقة من جوفه مثل غيوم صغيرة

مصحوبة برائحة تشبه رائحة الروث الممطور، لم تبق لحظة يمكن الامساك بها،بعد ان اغلق المتولي

ابواب قبوله امام الوجوه التي جرها الرعب الى مدافن تخاذلها المتصاعد مثل دخان كوانين المطال ظل السندباد يلاعب  اصابع اساه،حاسباً لورطته التي لايعرف كيفية الخلاص منها الف خلاص،صاح امر سريتي ضاحكاً.—- صرت تشبه بغالك دومك صافن تهذر بما لايعرفه غيرك!

بوجل مرتبك رأيت اليه،محاولاً تبديد اشعاع سلطته

الماكرة الشديدة القسوة،قلت بصوت تعمدته متلعثماً مصحوباً بمسحة خبال— سيدي اتعرف اصل تلك المخلوقات الرقيقة الروح؟!

—- مجنون بدل معرفة اصولها دعنا نعرف اصولنا التي اضاعها مجانين ادعوا العلم والدراية!!

— اللعبة واضحة وجلية،،لكننا نخاف الاعتراف!!

—الاعتراف عن ماذا،،،وسامتي  وسلطاني تنتمي الى

جد قرد ،.مهزلة لايتحملها عقل!!

—— العقول سهلت مهمة الاكتشاف..سيدي مالذي

يضر ان كان جدك قرداً او ديناصور المهم انك ثابت الاصل،، ماذا لو قلت لك اني اقر بأن جدي الاول كان بغلاً هائماً في براري لايعرف مداها!!

(اوقف امر سريتي الوسيم مثل وردة تصارع جفافها،نظرات الاستحسان التي تفيض مثل سيول حين ندخل معركة جنون توضح مديات سخف الكون المهوس بقلب المعارف واشهار مستورها

غير المرضي عنه،، تأمل علبة سجائره الرخيصة،

مطلقاً وابل من التنهدات المتوجعة، مشيراً بطرف سبابته بأن اشعل له سيجارة،لم اره يدخن بعصبية،

وما رايته يوماً طوال السنوات التي عشناها سوية.

يداهم اوكار الفوضى والارتباك،مثلما هو عليه الان،

اغمض عينيه،حاملاً روحه الملتاعة الى امكنة خفيه

محاولاً سبر اغوارها دون معرفة السبب الذي يدعوه

لما يرغب،تشغله المدن ومكوناتها،متمنياً لو انه اختصر الكون ليضعه بين يديه،متأملاً المقهور من اسالته التي تسيح لاهثة كاشفة عن غاياتها،القرد

المطمور في جوانيات وجوده كان يبحث عن غابة

تأوي خرافاته المزدادة خنوعاً وتلعثماً، لكن سدود

اثامه منعته عن الاستمرار وسط تجولاته الخرقاء المثيرة للاشمئزاز،قلت مماحكاً بعد ان ارثت سيجارته الثانية وقدمتها اليه—- الى ماذا تريد الوصول ؟!!

بيسر اطلق لواعج اعماقة المحاولة دونما جدوى اصطياد سؤالي المرفرف مثل عصفور محاصر،

—- كثيرة هي الاشياء التي اريد الوصول اليها،،  لكن العجز اقعدني دون فائدة في وسط هذا الحطام من الاجدوى،،هل تصورت نفسك بغلاً وانت تراقب هذه البغال وتهتم بها،،تحرص على وجودها اكثر من حرصك على نفسك،،مالذي يفيد وجودنا فوق هذه

قمة النسيان هذه،،؟!!

— وجودي اقرب اليها،،اشعر  انها بضع مني لا اتصوراني قادراً على العيش من دونها،،، عشرة سنوات لاتوثر الا باولاد العواهر،،احلم بهن واحدة واحدة ما ان توسد وجعي لانام،،

—هذا ما اشعر به،،اضعت وجودي الادمي وما عدت اهتم به،،،ماذا ان انتهت الحرب..السؤال يخترق اوردتي مثل مسامير صدئة!!

—— لا اظنها تنتهي..ابتكار الحروب لعبتنا المفضلة

من دون هذا الابتكار صعب مواجهة الحياة!!

—- البغال علمتك الحكمة الحسنة!!

— تود معرفة السر وكشف مستوره؟!!

—-الاسرار لعبة اصابها خرس الانتظار ،،محنتها عبور

باتجاه الافتضاح!!

—- العبور مهمة صعبة التحقيق،،باهضة الثمن!!

—مالنا لا نقتحم اسوار التجربة..لنتوغل في المسارب التي توصلنا الى ميادين خلاصنا!!

— الاقتحام ليس حلاً،،يمكنه توكيد وجودنا داخل هذا المنفى المقفل الاتجاهات!!

— اسعى اليه جهد معرفتي ومرامي،،دون اقتحام عارف الاتستقيم طرقات الاختيار!!

—- معرفتك عنوان ابصارك،،ودرب تأخذه الى ماترغب دون ان يأخذك!!

( العالم باشكال ضجيجه وفوضاه تكونه الاسرار وخفاياها، للاسرار وجوه عدة،كلما امعنت التحديق في وجه برزت امام عينيك الكثير منها مشوبة بالغرابة  التي لاتستطيع تفكيك طلاسمها،،الاسرار لعبة تدفع الى نبش مواضي منسية،تصيب الارواح بالريبة والكدر. اتفحص بدقة معرفتي ،الحركات الماجنة البادية من اقرب البغال،واشدها توحشاً، ثمة مايوقفني عند منفذ السر الذي لا اعرف كنهه مهما حاولت تجاوزحدود علاقاتي الجريئة مع بغالي العائشة داخل دوارق الاضطراب، بهمس يرافقه شذوذ حركات نبهتني اليه،همس امر سريتي بعد ان رمى بنجوم كتفيه الى زاويا الاهمال المليئة بالغرائب المنفية.

—- احتاجها الليلة،، بي شوق الى هتك شرف القيم واهانة المباديء!

— ما تهتك سوى عتمة الفراغ..ليلتك قاسية تهين وجودك المتمرد!!

—مالذي تبقى لنخاف منه وعليه،،مللت الايام وماعادت مخاوفها تعنيني،، اشعر بتحولي البطيء،،

اعماقي بدأت تدافع عن بغوليتها واريد لها الاكتمال!

— اساك يدفعك الى وحشة اشد قسوة مما نحن فيه!!

—- اعتقدتك اكثر ضجراً مني،،يوم يليه اخر وانت تراقب بغالك،،تودع المنتحر دون اكتراث وتستقبل الاتي بصمت،،اينك اوما سألت نفسك هذا السؤال؟

— ماعاد الامر مهماً،،،تساوت الرؤيا والرائي حتى تشوهت الملامح وغدا الاختيار صعباً!!

— جهزها اللية لابد من هتك لعرض الحرب وبغالها.. مدافن روحي ما عادت تتحمل،،!!

(تنحدر المسافات مخترقة قيعان غرابتها متأملة قوافل الخراب التي بدأت تجثم فوق الصدور المنتظرة خلاصها دون مقدرة على الرفض او الاحتجاج،،المسافات تشغل خطانا بالترقب والحذر الدافعين الى البكاء الصامت الذي ماعرفناه من قبل،والدي حين يراني ابكي دون سبب معقول،يأمرني ناهراً بلعق جراحاتي والسكوت لان دموع الرجال غالية لايمكن التفريط بها وهدرها بسهولة،دموع بغلاوة المرجان الذي لم يره والدي او اغلى بكثير، لم افقه قولته لكني حفظتها على ظهر قلب،رغم سهولة اندلاق مدامعي المتابعة لقوافل الانتحارات التي تمارسها البغال تحدياً ،رأيت اليه يداعب جنيات مخيلته المرافقات منذ جيء به امراً لسرية البغال تطويه كدرة الاستخفاف بما يراه حادث امام عينيه كل ليلة مداعباً ما بين فخذيه بحركة خفيفة ناعمة،تذهب وانفاسه المتصاعدة رويداً التي الامكنة التي يراها تشير اليه جيوش من اثاث يلوحن اليه بمناديل حمر وهن يطلقن ضحكات الترحيب المائعة مثل جكليت هرسته شمس تموزية،  لم يكترث لوجودي الذي بات زائداً لا اهمية له،،لم اره وقحاً خال من طيبته المعهودة كما رايته عارياً يتلمس مواجع ذكورته الخائبة،،القي ناحيتي نظرة استنكار ملفوفة بخرق انكسار ظاهر للعيان،طالباً مني بصمت ان اتركه وحيداً،يتابع خطو فحولته الايلة الى الاندغام ولحظات مفاسده الاخذة بالركض وراء غرابة الاشتهاء، اصابتني الحيرة بشلل اقعدني عند حافة

الوادي المدوم بضجيج يشبه نواح امرأة ثكلي،ما تلبث ان تختلط بضحكات امر سريتي،المحتفي بمهرجان امانيه الشديدة الوقاحة والانهزام،بغنة

وجدت ورده، نسيت اخباركم باسمها،تقفز بخطوات

عجلة متحدية الانحناءات الصخرية التي حاولت منعها،لحظة انطلاق صرختها الاحتجاجية الاولى تبعتها خطوات امر السريه مجتازة رواعف نفسه،

ليسقطا معاً الى العمق المغسول بظلام دخاني مائل الى الاحمرار!!

الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن:فلسطين التى ننتظرها

   بينما أكتب هذه السطور ، وعلى مرمى أيام من حلول الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة احتلال فلسطين ، يعيش كيان الاحتلال الإسرائيلى فى حيرة شاملة ، وأمر قادته بفتح الملاجئ وغلق الطرق الرئيسية فى مستوطنات غلاف “غزة” ، وبإجلاء آلاف “الإسرائيليين” من المدن القريبة حتى “عسقلان” ، بعد أن ارتكب جيش الاحتلال جريمة جديدة ، وعاد لسياسة اغتيالات قادة المقاومة الفلسطينية ، وكانت الضربة موجهة هذه المرة لقادة فصيل “الجهاد الإسلامى” ، وتباهى “بنيامين نتنياهو” رئيس وزراء العدو بنجاح العملية ، وبقتل ثلاثة من قادة “الجهاد” العسكريين فى منازلهم مع زوجاتهم وأطفالهم ، فيما راحت أربعون طائرة مقاتلة إسرائيلية تواصل دك شريط “غزة” ، وتقتل المزارعين والمدنيين الأبرياء ، وبعد فترة صمت مقصود ، جاوزت عشرات الساعات ، ردت فصائل المقاومة بغارات صاروخية مكثفة ، وبرشقات بالمئات ، وصل مدى بعضها إلى “تل أبيب” وقاعدة عسكرية بجوارها ، وبالقرب من مطار “بن جوريون” الذى تقلصت حركته ، ومن دون أن تعلن المقاومة أنها اكتفت ، بل احتفظت بحق المزيد من الرد فى المكان والزمان المناسبين ، وهو ما زاد من قلق العدو ، وأطفأ فرحته المفتعلة ، وتوهمه أنه استطاع استعادة قوة الردع وزمام المبادرة .

  وكما تقف قوات الاحتلال على أصابعها متأهبة ، وتنرقب المزيد من الرد الفلسطينى ، فنحن أيضا ننتظر ، ونثق أن المقاومة الجسورة ، لن تخذل أهلها ، وستخيب ظن العدو فى المكان والزمان الذى تختاره ، وعلى جبهات تتعدد ، فى شمال فلسطين المحتلة ، أو فى القدس والضفة الغربية ، أو فى قلب الداخل الفلسطينى المحتل منذ نكبة 1948 ، فلم تعد جبهات المقاومة النشطة مقصورة على “غزة” البطلة وحدها ، وقد خاض العدو ضدها حروبا خمسة مطولة فاشلة ، بل انتقلت عدوى مقاومة “غزة” إلى كل جهات فلسطين ، وصارت “وحدة الساحات” أمرا واقعا مرئيا ، وهذا هو التحول النوعى الأبرز فى تاريخ الكفاح الفلسطينى ، الذى تعمد ببركة صمود القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة ، ودشنته بسالة وفدائية أجيال الفلسطينيين الجديدة ، وشقت مجراه معركة “سيف القدس” فى مايو 2021 ، وواصل تطوره إلى ما جرى فى “رمضان” العام الجارى ، حين وجد كيان الاحتلال النيران والصواريخ تحاصره من الشمال والجنوب ، وعجز عن رد رادع ، لم يتجاوز وقتها شن ضربات وغارات فى مناطق خالية بالجنوب اللبنانى وقطاع “غزة” ، لم تقتل فيها نملة ، وقلنا وقتها  أن ما أبداه العدو من عجز ووهن ، خشية تطور الحوادث إلى حرب شاملة ، تأتيه من الشمال والجنوب ، وأنه ربما يحاول فى “إشعار آخر” ، جاء هذه المرة باتجاه “غزة” ، وبمحاولة فصم عرى كل توحد فلسطينى ، بتحييد حركة “حماس” ، ووضعها تحت تهديد ضاغط باغتيال قادتها الميدانيين ، وبدعوى التركيز على مطاردة حركة “الجهاد” وحدها ، عبر سلسلة متصلة من الاغتيالات لقادتها ، كانت حلقتها قبل الأخيرة قبل شهور ، وتحديدا فى أغسطس 2022 ، حين جرى اغتيال “تيسير الجعبرى” القائد العسكرى لحركة “الجهاد” ، برشقات الصواريخ قصيرة المدى ، وامتد الصدام لثلاثة أيام ، لم تشارك فيه وقتها حركة “حماس” ، ولا جناحها العسكرى “كتائب عز الدين القسام” ، وبدا ذلك مغريا بتكرار لعبة التقسيم والاستفراد الإسرائيلية ، وما من رد ملائم عليها ، إلا بتأكيد وحدة الساحات ووحدة الفصائل المقاومة ، وإعادة تصدير الفشل لكيان الاحتلال ، وبإحباط خطة “فرق تسد” ، وربما يكون الرد أكثر تأثيرا ، إن امتد لخارج نطاق “غزة” ، وفى ساحات متعددة بذات الوقت ، فقد تكون حركة “الجهاد” أصغر حجما وأقل تسليحا بمراحل من حركة “حماس” ، لكنها تمتاز بجرأة عملياتها ، وربما باستقامتها الظاهرة ، فقد رفضت على الدوام كل مسيرة “أوسلو” ، ولم تشارك فى سباق على كراسى سلطة ، ولا فى انقساماتها ومساوماتها وتصادماتها ، واحتفظت بصلات ثقة مع الجميع ، ساعدتها على القيام بدور ريادى فى الضفة الغربية ، من خلال خلاياها فى “جنين” و”وطولكرم” و”نابلس” وغيرها ، وتفاعلت بصورة أوسع مع بقايا تنظيم “كتائب شهداء الأقصى” التابع نظريا لحركة “فتح” ، ومع مبادرات الشباب المقاوم خارج التنظيمات ، وقدمت مثالا عابرا للفصائل والساحات ، ونسجت بدأب شبكات للمقاومة المسلحة بالقدس والضفة والداخل المحتل منذ 1948 ، وسبقت لإنشاء ورش لتصنيع السلاح والطائرات المسيرة ذاتية المنشأ ، وربما تكون صلاتها الأوثق مع “حزب الله” ومع “إيران” ، قد لعبت دورا بدعم مبادرات حركة “الجهاد” ، التى نقلت تجربة “غزة” إلى نطاق أوسع جغرافيا بكثير ، وإلى حيث مناطق التداخل والاشتباك المباشر اليومى مع قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين ، وبدء صيغة جديدة للمقاومة ، التحقت بها حركة “حماس” ، واجتهدت فى تنظيم إطار جامع للمقاومة فى القدس والضفة ، من “رام الله” وجوارها إلى منطقة “الأغوار” ، وتواصلت أكثر مع كتائب “نابلس” و”طولكرم” و”الخليل” ، من نوع حركة “عرين الأسود” وأخواتها ، ومع خطوط التماس الواصل إلى الداخل الفلسطينى المحتل منذ 1948 ، وهذه هى خرائط شبكات المقاومة الجديدة ، الأكثر إفزاعا لإسرائيل ، وهو ما يدفعها إلى الاستخدام المكثف لقدراتها العسكرية ، والنفاذ من ثغرات ظاهرة فى الواقع الفلسطينى المعقد ، والعودة لسياسة اغتيالات قادة المقاومة ، وعلى ظن أنهم يطفئون النار ، وفاتهم أن عمليات الاغتيال السابقة لقادة “فتح” و”حماس” و”الجبهة الشعبية” و”الجهاد” وغيرها ، لم تؤد أبدا إلى إضعاف المقاومة ، بل زادتها لهيبا وانتشارا ، ودفعت أجيال الفلسطينيين الجديدة إلى الالتحاق بقطار المقاومة والاستشهاد المقدس ، أضف ما يجرى اليوم ، فقد وصلت أوهام السلام والتطبيع والتسويات إلى الحائط المسدود ، ولم ينفع “إسرائيل” كسبها لولاء حكومات عربية ، ولا توالى اتفاقاتها “الإبراهيمية” سيئة الصيت ، ولا تحولاتها الداخلية إلى اليمين الدينى الأكثر شراسة ، بل بدا ذلك كله مفيدا لقضية فلسطين من زوايا أخرى ، فقد زالت كل المناطق الرمادية ، وتحددت الفنادق ، ويدور الصراع سجالا ، على نحو ما يتجدد عفيا فى السنوات الأخيرة بالذات ، بعد فترات تراجع وموات ، عاد بعدها الربيع الفلسطينى على ايقاع “الدم الذى يهزم السيف” ، وحروب المقاومة الطويلة ، التى يخشاها كيان الاحتلال ، الذى يفضل شن حروب خاطفة ، لم تعد تجدى مع الميادين الجديدة واتساعها ، ومع حروب الاستنزاف التى تخوضها فصائل المقاومة الجديدة ، حروب استنزاف الخوف من العدو ، والاستعداد اللانهائى لبذل التضحيات ، والثقة بعون الله ونصره العزيز لعباده المخلصين ، وحرق مراكب التعويل على نجدة للفلسطينيين تأتى من خارجهم ، فقد استعاد الشعب الفلسطينى قضيته إلى يديه ، وأثبت مقدرته على إنهاك العدو المحتل ، وكما فى كل تجارب التحرير ، لا يلزم للمقاومة أن تملك مثل ما يحوزه العدو من سلاح ، بل تقترب ساعة التحرير ، ويضعف الاحتلال بالإنهاك المتدرج المتصاعد ، ويرحل الاحتلال ، حين تصبح تكلفة بقائه فوق عوائده ومزاياه ، وهو ما عاينه الشعب الفلسطينى بنفسه فى تجارب الجوار المقاوم ، كما جرى فى الجنوب اللبنانى ، وكما جرى بإجبار “إسرائيل” على الجلاء من جانب واحد عن “غزة” ، وتحويلها برغم الحصار إلى قاعدة مقاومة متطورة ، واليوم ، تتحول فلسطين المحتلة كلها إلى “غزة” كبرى ، وتتنوع الوسائل والأساليب ، وتتعزز قدرات المقاومة بحضور فلسطينى كثيف فى الوطن المحتل ، يزيد فى موارده البشرية على موارد اليهود المحتلين المجلوبين ، وتميل الموازين السكانية فى إطراد إلى الكفة الفلسطينية ، وإلى وحدة ميدانية جامعة للشعب الفلسطينى ، برغم انقسامات السطح بين الفصائل والسلطات الوهمية المعيقة ، فلم يعد الهدف إقامة دويلة فلسطينية على الورق ، ولا تحرير الضفة وغزة وحدهما ، بل العودة إلى المدار الأصلى للصراع ، وتحرير فلسطين كلها من النهر إلى البحر ، وإقامة دولة ديمقراطية شاملة لكل السكان باختلاف مشاربهم ، تقوم على أنقاض المشروع الصهيونى العنصرى الاستيطانى الإحلالى ، وقد يبدو ذلك حلما محلقا ، أو استغراقا ممعنا فى الخيال ، وإن كنا نراه ممكنا وقريبا ، وقد يصبح حلا واقعيا بلا بديل ، فبعد عشرين سنة من اليوم ، يصير الفلسطينيون غالبية سكانية فوق الثلثين على أراضى فلسطين بكاملها ، فوق الحيوية المضافة للشعب الفلسطينى ، الذى يخلق خلقا جديدا ، وتنقشع عنه سحابات الأوهام ، ولا يعود ينتظر منقذا من خارج الحدود ، بل يوسع من دوائر التعاطف والإعجاب بصموده ومقاومته لدى الرأى العام ، فى عالم يتغير بسرعة ، وتفقد فيه واشنطن مكانتها المتحكمة ، ويتراجع تأثير الغرب عالميا ، وما كيان الاحتلال إلا بضعة من إرث الغرب ، تضعف بضعفه ، وتذوى بتداعى أثره ، وتنتظر نكبتها الأخيرة ، ربما قبل أو مع حلول الذكرى المئة للنكبة الفلسطينية الأولى .

Kandel2002@hotmail.com