اختتام مؤتمر السلام والإنسانية العالمي بتوصيات أهمها رفع الحصار عن سوريا الشقيقة

الأردن –عمان –الزمان المصرى :  د. رسالة الحسن

اختتمت منذ قليل  بقاعة فندق اوربال أعمال مؤتمر السلام والإنسانية العالمي وتم توديع الوفود المشاركة بعد إجراء جلساته بنجاح والخروج منها بمقترحات ناضجة باتفاق كافة أعضاء المؤتمر .

جاء ذلك خلال تصريح للدكتورة بسمة الهباهبة رئيسة المؤتمر ورئيسة جمعية سيدات الشوبك الخيرية للسلام بين الشعوب فأكدت على نشر رسائل السلام بين الشعوب لأنها أساس بناء الأوطان والحضارات.وخروج المؤتمر بتوصيات منها:

١.  إدارة المخاطر في ظل الأزمات خاصة والظروف الراهنة والتأكيد على التعاون

٢.تمكين المرأة لدورها الريادي في نشر ثقافة السلام كذلك تمت الموافقة على إطلاق مبادرة السلام والإنسانية تحت عنوان الطريق إلى السلام وذلك من خلال تشكيل لجنة من القيادات النسائية من كافة الدول ليكون لها الدور الفعال في عملية نشر السلام

٣.أكد المؤتمر على وجوب الحفاظ على إستقلالية منظمات المجتمع المدني دون تدخل مظلات تحد من عملها، والتركيز على إطلاق المبادرات الإيجابية من خلال التنشئة الاجتماعية وتعزيز دور الأسرة والمدرسة والجامعة وتفعيل الدور الاذاعي وتفعيل كافة الفنون والآداب لترجمة الإنسانية والتعايش السلمي.

٤.. تفعيل الدور الإذاعي وكافة الفنون والآداب لترجمة مبادئ الإنسانية والتعايش السلمي.

٥.أطلق المؤتمر نداء إنساني من أرض الاردن تحت عنوان إرفعوا الحصار عن سوريا الشقيقة وأن تكون انطلاقة المطلب الإنساني الإغاثى

٦. وأكد  على القضايا الإنسانية العربية المصيرية مثل قضية عروبة القدس الشريف، وحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم في العيش على أرضه بأمن وسلام وإنهاء ملفات العنف في المنطقة منطلقاً من مبدأ إنساني بعيداً عن إنعكاسات الصراع حول مناطق النفوذ من أجل أن تنعم الشعوب بالاستقرار والأمن الاقتصادي والاجتماعي والسلام المستدام

وأكد العين فاضل الحمود مندوب راعي المؤتمر رئيس مجلس الأعيان دولة فيصل الفايز، أن ” أهمية نبذ التحريض على الكراهية، وترسيخِ ثقافة المحبة والرحمة و السلام النابعة من تعاليم وأبجديات الدين الإسلامي الحنيف للتصدي لمعوّقات السلام في العالم المعاصر، بسبب الأوضاعِ الراهنة التي تتعرض لها المنطقة” .

كما وصرح الاستاذ علي جميل رئيس مؤسسة مظلة لبناء السلام والتنمية المستدامة والعلاقات IQ Umbrella و وكالة مرصد الإعلام الدولي IMOIQ الداعمتين للمؤتمر، ” بالإقبال الكبير على تبني ثقافة السلام من قبل المنظمات والشخصيات الحاضرة الأمر الذي يبشر بالخير ويسهل مهمة نشر رسائل السلام بكل قوة إلى جميع شعوب العالم ..و تم توديع الوفود المشاركة بسلام .

الإتحاد المصرى لطلاب الصيدلة والمؤتمر الصحفي الثاني بجامعة الأهرام المصرية الكندية

كتبت: منى فتحي حامد

في الأول من شھر مارس لعام ٢٠٢٣عقد الاتحاد المصري لطلاب الصیدلة مؤتمرهم الصحفي الثاني بجامعة الأھرام الكندیة المصریة..وضم الحضور عمداء وممثلي كلیات الصیدلة وطلاب الصیدلة من ٣٤ كلیة من جمیع أنحاء مصر، وبحضور ممثلین من ھیئة الدواء المصریة وشركات الأدویة المختلفة وممثلینمن نقابات الصیادلة الفرعیة..

وقد حضر المؤتمر العدید من المؤثرین على منصات التواصل مثل الدكتور حاتم ستین، وعمر عطا الله والدكتور حازم طارق والشاعر محمد عنتر.

حیث ناقش المؤتمر أھم القضایا المتعلقة بالصحة العامة وتطویر المنظمة الصحّیة ككل، وتحدیدًا تطویر مھنةالصیدلة.عرض السید أحمد الطاھر مسؤول التسویق بالاتحاد المصري لطلاب الصیدلة خلال المؤتمر أھداف وأھم

انجازات الاتحاد خلال الأعوام الماضیة في تطویر المجتمع وتنمیة البیئة من خلال عرضھ لإنجازات الاتحاد في حملاته التوعویة مثل حملة التبرع بالدم والتي جمع فیھا الاتحاد أكثر ٣٥ الف كیس وأكثر من ٥٠٠ ألف توعیة خلال السبع سنوات الماضیة ویمثل ھذا زیادة سنویة بنسبة ٢٠ ٪بھدف الوصول للاكتفاء الذاتي ٢٠٣٠ وذلك وفقالرؤیة مصر ٢٠٣٠ وأھداف التنمیة المستدامة..

كما عرضت نتائج حملات توعویة أخرى مثل حملات التوعیة ضدمرض السكر والتي سجل فیھا الاتحاد رقم قیاسي في موسوعة جینیس لأكثر عدد من اختبارات السكر في یوم واحد برقم ٨٤٠٠ اختبار، والتوعیة بالتبرع بالبلازما بالتعاون مع وزارة الصحة والتي حقق فیھا الاتحاد أكثر من ١٠٠

ألف توعیة وأكثر ١٧٠٠ متبرع والعدید من الأنشطة والمشاریع التي یقوم بھا الاتحاد لحل مشاكل الصحة في مصر وتنمیة المجتمع والبیئة، وتندرج ھذه المشاریع تحت اسم واحد، “غیث” وھو مشروع ستراتیجي یقوم بھ الاتحاد، وأھم أھدافھ ھو الوصول ل ١٠٠ قریة صحیة.

كما عرض أیضا إسھامات الاتحاد في تطویر مھنة الصیدلة، وذلك من خلال العمل أولاً على تطویر طالب الصیدلةحیث وفر الاتحاد من خلال مؤتمراته أكثر من ٢٧ ألف فرصة تعلیمیة، وثانیاً من خلال العمل على حل مشاكلالمھنة مثل مشكلة الروشتات المكتوبة، حیث عرضت السیدة ریم اسامة مسؤول التعلیم الصیدلي بالاتحاد بحثاً علمیاكاملاً أجراه الاتحاد على أكثر من ١٦ ألف روشتة مكتوبة، وقدمت خلاله حلاً من خلال تطبیق الروشتات١٣ ألف صیدلي. المطبوعة..

وقد أجرى الاتحاد بحثا مفصلا عن أھم المشاكل التي تواجه المھنة من خلال استمارات ملأھا أكثر من

كما استكملت فعالیات المؤتمر بمناقشة عن مستقبل مھنة الصیدلة في مصر ضمت الدكتور ھدیر رستم

والدكتور ایمان زكریا والدكتور ایھاب البنداري عضو نقابة الصیادلة والدكتور إسلامرمضان ممثل عن شركة MUP والدكتور محمد شعبان رئیس الاتحاد المصري لطلاب الصیدلة والسیدة ریم اسامة مسؤول التعلیم الصیدلي بالاتحاد.

الجدير بالذكر أن الإتحاد المصري لطلاب الصیدلة ھو منظمة طلابیة غیر ربحیة غیر سیاسیة، موجودة في أكثرمن ٣٤ كلیة مصریة وتضم أكثر ٤٠٠٠ طالب صیدلي، ویمثل الاتحاد جزءا من الاتحاد الدولي لطلاب الصیدلة والموجود في أكثر من ٩٠ دولة.

مِن عِشقُها الكادي..بقلم : منى فتحى حامد

ما أمنت كلمة مرت سابقا

                      إلا و صدقتها بِمشاعر وجداني

ما أدركت مقاصد الجوّى

                    إن مست بالسياط صفاء أقلامي

لكني أبحرت عنهم هاربة

                     مسافرة إلى حبيب أنار سمائي

فحاربوا ترنيمات غرامنا

                     بين روايات سنديان الإحساس

كم من حكايات صادفتها

                     حصدت سنابل الآه من جلبابي

فتمايلت على أغصان الربا

                   أرتشف البكاء من علقم  مسائي

قالوا من تكونين يا فاتنة

                      مَنْ أنتِ مِن بينهن تلك النساءِ

قُلت:أنا الربيع أميرةالندى

                      بين الورود ياسمينة المحراب

آتاني بالغرام والفرح مهللا

                      هي السندريلا اكسيرة  الفؤادِ

من عيني يستنشق الغزل

                      من ضحكاتي  بساتين  الكادي

حينما يلمس هوّى أشعاري

                   نظراته بالشوق تزلزل الإحساس

أتربع زهرة فوق أنامل كفيٌٓه

                   يعانقني بالحنان ودفء اللمسات

مد يديه كي يقطف وردة

                     إلى وجنتي مُعطرها بالأشواق

فابتسمت ابتسامة ندية

                     مكللة  بعنفوان أريج  الخصال

حتى تبختر المساء بيننا

                    ما بين النجوم وأغصان لبلاب

يتراقص الجوري من حولنا

                     بقبلاتِ قصائد  شغف همساتي

أحلام صارت بليلتنا المُنى

                     نبيذ الرجاءِ  بكؤوس أحضاني

يمامة أتراقص بين كفيه

                    بهمساتِ الفل وشغف الأقحوان

حتى أشعلنا جمر الغرام

                     نسمات عانقَتهُ  بِشذى البلسانِ

حقيقة لست مثلهن جميعا

                     بل الوردة من دون كلهن سواء

أميرى لن أغار عليه بينهن

                    لانني حبيبة روحه بِعسل اللسانِ

ليتني قابلته من قبلِ غيوم

                     رحيل ميلادي وقسوة نخلاتي

من ذاك أدركت شهب الورى

                  ظلم الصحاري  بِسندس رضابِي

ما إهتممت بأشواك الصمت

                   سوى ما مسني من يقظة أيامي

عشق تملك من جسدي

                   بل بالروح  عنبر و مِسك  جناتي

مسرودة قصصية.. شفاه تنحدر!!..بقلم الأديب / شوقي كريم حسن

 (كعادتي المملة  التي، اسعى  لان اجعل  من افكاري الملاحقة. للواقع المليء بالاثام وثيقة مهمتها التعريف بما حدث في الربع الاول من القرن الاول بعد العشرين).

الاحلام التافهة وحدها التي تثير الجدل لانها تشغل حيزاً في فراغ الباحثين عن الامال الكاذبة ،والرفاهية الملطخة بوحول الفضائح،أمكنة تلك الاحلام  اقبية معتمة، وتوسلات لاطائل من وراءها ،تنشدها حناجر تلاميذ الشيطان،الممجد والمتباهي لكل افعال الرعونة والحقارة واشاعة الملذات اللينة مثل طين صلصال،عند الابواب نصف المواربة ،تقف الاجساد بفرح منتظرة نداءات الاسياد واصحاب النفوذ،وقوادات الدرجة الممتازة من اللواتي تم اختيارهن بدقة ،ليتعلمن  تطبيق ارشادات الكهنة الباذخين بعبوديتهم(لا ارى ..لا اسمع..لا اتكلم)

تفيض الحناجر بلهاث ماكر، يتعمد حدف حرف الراء،وقتل ضاد الضمير بسيوف مقدسة،تغتسل ما ان يجيء الليل بمعازفة،باجود انواع الخمور المصنوعة خصيصاً لمناسبات مبجلة ،تكاثرت مثل اسراب جراد، عند طرف القاعة المليء باضوية براقة زاهية تجلس سيدة العرش،الشبيهة بدمية ارستقراطية لونتهافرشاة فنان سريالي، يعابث بياض لوحته بشواذ من الوجوه والخطوط والاشارات المبهمة التفسير،تدخن سيجاراً داكن السمرة،تهف من بين جوانبة روائح تمنح الارواح خدراًيقيدالخطوات بسلاسل ثقيلة،تبطأ السير ، وتذيب صدأ الحناجر،لتهذي بالمسكوت عنه من الفضائح والاسرار، مثل ربةكلدانية شبقة تكابد قحط انوثتها ،ترفع رايات المنح،والمتوهجة.تمتلأ القاعة بالمريدين البررة القافزين مثل قردة فوق اكتاف بعضهم محاولين لثم البياض الاتي من مدن البرد والثلوج والدهشة، تشعر بالتقززو الكراهية،لكنها تجد نفسها مجبرة على ممارسة الطقوس الرعناءالخالية من الرقة والسمو، وجوه مهرجين لوثتها متاعب

الجوع،والخوف،والانكسارات،وهزائم النفوس،مدعية التقوى والتقرب من معابد الالهة العاطلة عن اعلان وجودها الفعلي،وجوه رتبت غاياتها وتمنت،

تمنت لسنوات طوال لو انها امسكت بصولجان العرش، قال الاقرب اليها بعد ان قبل الكف الابيض من حليب الجاموس بصوت مغناج مشبع بعذوبة صوت انثى

—-صاحبة الامر ونهي كل ما امرت صار حقيقة..رضاك غاية افعالنا المتباهية باعلان غاياتك دون سواها..بك تستقيم الحياة ومن أجلك تزدهر وتنمو..معانيك صكوك تدفعنا الى اكتشاف عوالم اللذة المجهولة!!

القيت اليه بشفيف ابتسامة ماكره،

مداعبة شفتيه الحمراوين بطرف صولجانها المنقوع بمزيج من الوان الخمور غير المعروفة،ارتجت القاعة بتصفيق المستحسنين لفعلها الملكي غير المسبوق،والدال على الرضا

والابتهاج،صاح الكاهن المتفاخر بكرشه

الانيق بشكل مبالغ فيه.الناعم مثل خرز النمنم المنطفئة البريق والالوان.

—  طوع ماتأمر به السيدة ..الارض وما عليها رهن اشارتك..صاحبة القول انت وفعل الطاعة مسؤولية نجاهر بها اينما كنا او نكون..!!

اشارت بطرف سبابتها محذرة،تراصت الاجساد ملظومة بخيط واه من الريبة و  المكر،بتؤدة عدلت من هيأتها دافعة نهديها الى امام بحركة لولبية جعلتهما تخرجان من جحريهما مثل عينين جاحظتين شديدتا الورم، تضاحكت الحناجرماطقة حلاوة الاشتهاء،صاح الواهن العظم الطويل مثل جذع نخلة مقطوعة الشعفة،بصوت أجش تعلم نبرات التوسل واطلاق الاكاذيب—-هي الجنة التي وعدنا بها وهن حور حين كرمنا الاله الاكبر بهن..طوبى لمن اجاد الاختيار وفعل الحسنى وابتعد عن القول الذي يضعف الايمان ويهز شجرة البهجة.. لا تطفوا مصابيح احتفالاتكم لانكم الاعلون!!

هاجت النفوس لترتمي بين احضان الرذيلة التي يمجدها الارباب والكهنة خلسة،توقفت شفاه الملكة عن الابتسام،شاعرة برضا ما تفعل،تعرف مسار النذلات ورخص الافعال التي تديرها بسهولة ماكانت تصدقها ،تمنت لو كشفت السر، لتزيح مدفن القاذورات من امام عينيها،كائن قصبي يلعب من وراء ستارلعبة الاستحواذوالسيطرة،

مالذي يحدث ان هي نضت عنها ثياب الانوثة الملكية،كاشفة عن ذكورتها المخفية بين طيات روح متحدية،جريئة،

لاتتردد بالوصول الى غاياتها المتلاحقة مثل سلسلة تمتد باتجاه مخابيء خاصة،وغرف حمر تثير هيجان اللذة وعنفوانها،الصبا المتعثرعند بارات الدرجة العاشرة المكتظة بالقتلة والعاهرات،الهمها فكرة التحول،لم تستطع الذكورة استيعاب قواعد اللعبة

وفنونها،تمنت،بعد ان عرفت ان اصعب الاماني يمكن تحقيقها باغماضة عين،توقفت امام المرآةمبصرة الانثى التي صارتها وهي تتلوى رافعة جسدها المغزلي على اطراف اصابعها الى علو شاهق، لكنه مستقر بين يديها الماهرتين بتحريك الدمى الخاشعة لما تطلب وتريد، فطنت القاعة لاصفرار وجهها وتكركمه، فساد الصمت،وتوقفت لهاثات الغرف السرية،وضحكات التبريك والاستحسان،قال المتكرش بعذوبة

 طافحة،— لاحق لسوانا..ولا امر غداً ومضة سنوات نعيشها كما نشتهي.. لنعوض حرمان السنوات وزحمة العيش!!تعاود الملكةالشديدةالحذر، رسم ملامح القادم من الانتهاكات،والفوضى الموثقة لفضائح تريدها علامات ادانة وابتزاز،الفتى المخفي بين طيات انوثتها المفتعلة ،يشاكس فحولته مطالباًبالانطلاق والتحرر،تشير

أليه بالقبول والاختباء،يذعن مخذولاً منهاراً،يلملم خيبات عمره المبعثرة بين حدائق المدن الغريبة ونواديها الليلية،

والغرف الميتة جوار الموانيءالوقحة،

مبصراً الفروقات بين الولد الذي كانه والبنت المولعة بالاتجار بكل ما تطاله  من رذائل الكهنة واتباعهم والراغبين بالوصول الى جنان تحوي انهار خمر وحور عين وولدان مخلدون،تصنع اللحظات بحرفية كاهنة ملكة معلنة.

—-تلك مملكتي ..وايامكم زوال من اراد البقاء ..يعلن نعمه اويرحل قبل ان يطاله غضبي!!

الولد المروض المستكين،لعق شفاه عبوديته،بعد ان شاف الملكةتتخطى فوق الرؤوس المطأطأة،شديدة

الانحدار!!

الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن  :ما بعد “باخموت”

     حرب أوكرانيا كلها جرى اختصارها فى “باخموت” ،  التى اكتسبت اسمها حديثا فى عام 2016 ، وكان اسمها السابق “أرتيموفسك” الذى تتمسك به روسيا ، ومنذ ستة شهور وأكثر ، تلاحقت صدامات على جبهة المدينة الشهيرة بمناجم الملح ، زادت حدتها فى الشهرين الأخيرين ، بعد لجوء القوات الروسية بأوكرانيا إلى إعادة تنظيم شاملة ، وإعادة رسم خطوط الجبهة بانسحاب منظم من غرب “خيرسون” على نهر “دنيبرو” ، والتركيز على إكمال السيطرة على مقاطعة “دونيتسك” ، مع جوارها فى مقاطعة “لوجانسك” ، والمقاطعتان معا تشكلان إقليم “الدونباس” الأغنى بثرواته ومعادنه وصناعاته ، ودارت فيه الحروب الأهلية سجالا منذ عام 2014 ، الذى شهد انقلابا مدعوما من الغرب على الرئيس الأوكرانى المنتخب وقتها “فيكتور يانوكوفيتش” ، وقد بدأ سيرته السياسية كحاكم لمقاطعة “دونيتسك” عام 1997 ، وشغل منصب رئيس وزراء أوكرانيا لمرتين ، وكان حزبه “الأقاليم” أكبر الأحزاب الأوكرانية ، وفى ذروة مظاهرات تحولت إلى صدام دموى فى “كييف” ، أنقذته روسيا من القتل ، ونقلته من قصره الرئاسى فى “كييف” إلى موسكو يوم 22 فبراير 2014 ، ثم ضمت “شبه جزيرة القرم” فى هجوم خاطف سبقه استفتاء ، ثم تطورت الحوادث إلى ما تسميه روسيا بالعملية العسكرية الخاصة التى بدأت فى 24 فبراير 2022 ، وإلى تموجاتها بين صعود وهبوط ، وإلى افتتاح عامها الثانى بالعودة إلى “دونيتسك” مسقط رأس حليفها “يانوكوفيتش” ، الذى تصدر عنه أحيانا تصريحات تطالب باتفاق سلام .

  وعلى خط صدام عسكرى ممتد إلى ما يزيد على ألف كيلومتر ، بدا كأن الحرب جرى اختزال أخبارها  فيما يجرى بمدينة “باخموت” ، وكأن المصائر كلها معلقة بمصيرها ، برغم أن “باخموت” ليست مدينة كبرى ، لكن التقدم الروسى فيها ، وفى بلدات أصغر إلى جوارها ، سقطت أغلبها بيد الروس ، ولم يعد سوى تتويج القتال ، وإعلان السيطرة الكاملة على “باخموت” ، المطوقة من كل جهاتها ، مع ترك منفذ وحيد مفتوح إلى الجنوب الغربى لانسحاب القوات الأوكرانية ، التى جرى إنهاكها فى المصيدة ، ولم يعد واردا عندها ، أن تستعيد السيطرة على ما فقدته فى الأحياء الشمالية والشرقية ، وبات وسط “باخموت” على بعد مئات الأمتار فقط من قوات المشاة الروسية ومقاتلى جماعة “فاجنر” ، والمشهد الختامى على مقربة أيام ، يعلن بعدها سقوط المدينة ، التى صورها الجانب الأوكرانى وحلفاؤه الغربيون ، كأنها قلعة حصينة يستحيل اقتحامها ، وكأنها رمز للمقاومة الأوكرانية التى لا تهزم ، لكن مصيرها لن يختلف غالبا عن مصير مدينة “ماريوبول” جنوب مقاطعة “دونيتسك” نفسها ، التى سقطت بيد الروس قبل شهور ، وبتكتيك الحصار والاعتصار والاقتحام المتمهل ، وإنهاء أسطورة كتائب “آزوف” القومية الأوكرانية ، وسيطرة موسكو على كامل “بحر آزوف” ، وحرمان ما تبقى من أوكرانيا من أى إطلالة عليه ، وهو المآل نفسه الذى تنتظره أوكرانيا فى الشرق ، بإنهاء أسطورة ورمزية “باخموت” ، التى يعد الاستيلاء عليها مفتاحا للتقدم الروسى إلى “سلافيانسك”و”كراماتورسك” ، وهما أهم  ما تبقى بيد الأوكران من مقاطعة “دونيتسك” ، وقد لا يكون استيلاء الروس عليهما متاحا بتكنيك الاعتماد على جماعة “فاجنر” وحدها .

  وفى المحصلة إلى اليوم ، يبدو سقوط “باخموت” كأنه موعد ومحطة انتقال ، إما إلى الهجوم الروسى الواسع المنتظر ، أو إلى هجوم أوكرانى مضاد ، يعده حلفاء أوكرانيا الغربيون وتخطط له واشنطن ، ويروج له الرئيس الأوكرانى “فلوديمير زيلينسكى” ، الذى يتصور بالوهم غالبا ، أن دبابات الغرب وطائراته وصواريخه بعيدة المدى ، قد تقلب له الموازين ، وتمكنه من تكرار هجوم الشرق الخاطف فى سبتمبر وأكتوبر الماضيين ، الذى أفقد روسيا مواقع سيطرة سابقة فى مقاطعة “خاركيف” ، وفى “كراسنى ليمان” بمقاطعة “دونيتسك” ، وقد جرى ذلك فى ظروف سابقة مختلفة ، كان عدد القوات الروسية فيها محدودا بأوكرانيا ، وكان التعويل الروسى فيها ظاهرا على الحلفاء الأوكران المحليين ، ولم تكن قد أثمرت بعد قرارات التعبئة الجزئية ، التى أضافت نحو 350 ألفا من الاحتياطى العسكرى الروسى ، جرى تدريبهم على مدى شهور ، وزاد بهم عديد القوات الروسية العاملة فى أوكرانيا لثلاث مرات ، إضافة لتغييرات فى قيادة وإدارة العملية العسكرية الخاصة ، انتهت إلى جعل مسئولية القيادة الميدانية بيد الجنرال “جيراسيموف” رئيس أركان الجيش الروسى نفسه ، والدفع بأسلحة روسية أحدث ، وبخطط مدروسة ، تتلافى الأخطاء والاستهانات التى وقعت فى العام الأول للحرب ، واعترف بها الرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” شخصيا ، وكلها وجوه تصحيح مؤثرة ، قد لا تمكن التحالف الغربى من تكرار اختراقات سبقت ، أساءت لسمعة الجيش الروسى ولهيبة روسيا ، وأغرت الدوائر الغربية بتصديق إمكانية دحر روسيا فى الميدان الأوكرانى ، وكسر قرارات موسكو بالضم النهائى للمقاطعات الأوكرانية الأربع فى الشرق والجنوب ، التى تضيف أغلب أراضى “زاباروجيا” و”خيرسون” لمقاطعتى “الدونباس” ، وإقليم شبه جزيرة “القرم” ومدينة “سيفاستوبول” ، وكلها تمثل الحد الأدنى لأهداف روسيا فى الحرب الجارية ، ولا تضع موسكو سقفا زمنيا للمعارك ، ولا تبدى تململا من طول الوقت ، وإن كانت أوهامها حول سقف التدخل الغربى قد سقطت ، وتلاشت الخطوط الحمراء كلها ، وتداعت كل فرص اللجوء إلى تفاوض ، وبدت ردود فعل واشنطن وخمسين دولة حليفة على “المبادرة الصينية” موحية كاشفة ، فقد بدأت بالتحفظ عليها ، وانتهت إلى رفضها والتشكيك فى نوايا بكين ، وهو ما يعنى بوضوح ، أنه لا فرصة حتى لوقف إطلاق نار ، ولا لهدنة موقوتة ، وبات المشهد حديا وصفريا ، لا فرصة فيه لكسب سلام بدون كسب الحرب نفسها ، وهو ما قد يصوغ خطوة الروس المقبلة فى الحرب الجارية ، ولا أحد يعرف طبعا ما يدور فى رأس “بوتين” ، ولا حدود نواياه فى الهجوم الواسع ، الذى يعد له بنصف مليون جندى ، وقد يبدأ تنفيذه عقب إسقاط “باخموت” ، فأولوية موسكو معلنة فى استكمال السيطرة على “دونيتسك” وإجمالى المقاطعات الأربع حتى ضفاف نهر “دنيبرو” ، وجعل النهرخط حدود مانع طبيعي جديد لروسيا ، لكن ذلك قد لا يكون كافيا ، ما لم يكن مصحوبا باستسلام “كييف”ويأس الغرب ، وهو أمر لا يبدو مرجحا ، وقد يستلزم ضم روسيا لمناطق جديدة ، تساوم بها الغرب فى تفاوض لاحق ، كأن تكون هناك دائرة ثانية أوسع للعمل العسكرى الروسى ، تتقدم بها موسكو إلى الاستيلاء على ميناء “أوديسا” فى الجنوب ، وتغلق إطلالة الأراضى الأوكرانية على البحر الأسود ، وتستكمل الطوق إلى إقليم “تراتسنيستريا” بمولدوفا غرب أوكرانيا ، وهو سيناريو يتردد فى أوساط روسية مقربة من قصر “الكرملين” ، فيما يلوح الكرملين نفسه بسيناريو ثالث أوسع بكثير ، ويعرب عن استعداده لمواصلة الحرب إلى حدود “بولندا” ، على نحو ما قاله “ديمترى ميدفيديف” الرئيس الروسى السابق المقرب جدا من “بوتين” ، وهو المكلف على ما يبدو بتصريحات التلويح بالعصا النووية ، التى يبقى “بوتين” نوافذها مواربة ، بإجراءات الاستنفار النووى ، وبتعليق مشاركة موسكو فى معاهدة “نيوستارت” ، وبإعلان العزم على العودة إلى تجارب التفجير النووى ، ونصب صواريخ الدمار الشامل ، ربما لنشر الرعب فى قلوب الدوائر الغربية ، التى تعلن رسميا دعمها لأوكرانيا حتى آخر “سنت” ، وتقدم مئات المليارات من الدولارات وأحدث الأسلحة إلى “كييف” ، وعلى ظن مخاتل بأنه يمكن هزيمة روسيا ، وإن تواترت أمارات أمريكية وأوروبية على تراجع الثقة بانتصار أوكرانيا ، أو حتى ببلوغ هدف استنزاف روسيا ، التى تبدو مواردها كافية لتحمل تكاليف حرب طويلة ، ولم تتأثر كثيرا بآثار 15 ألف عقوبة فرضت على الاقتصاد الروسى ، الذى وجد مددا آخر لإدامة حيويته ، بالتحول إلى الشرق ، وبكسب أسواق الصين والهند وغيرهما ، وبتعميق تحالفات اقتصادية وعسكرية مؤثرة فى آسيا وإيران والمنطقة العربية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وبمرونة سياسية ناضجة ، لا تتوقف كثيرا عند تصويت بعضهم ضد روسيا فى جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وبنسج شبكات مصالح مع أطراف واقعة كرها تحت ضغوط واشنطن ، ومن دون رغبات أصلية منها فى إغضاب روسيا ومقاطعتها ، وهو ما جعل حلم واشنطن بعزل روسيا دوليا ، يبدو كسحابة صيف عابرة ، لا تمطر ولا تبقى ، لا عند صغار النظام الدولى ولا عند الكبار ، وبدليل فشل واشنطن الظاهر فى دفع اجتماع وزراء مالية مجموعة “العشرين” الأخير بالهند للتصديق على بيان لإدانة روسيا ، ومطالبتها بالسحب الفورى لقواتها من أوكرانيا ، أضف ما يجرى فى دول غرب أوربا الكبرى ، وتواتر مظاهرات شعبية فى لندن وباريس وبرلين وغيرها ، تطالب بوقف سيل الدعم المالى والعسكرى لأوكرانيا ، الذى يضاعف أزمات الاقتصاد الأوروبى ، ومن دون أن يردع روسيا .