مجدى وجيه حلمى يكتب عن : مكر الأنثى

الليل.. عالم زاخر بالمتناقضات والأسرار التى لا تبدأ إلا بعد أن يرخى الظلام سدوله .. وتعلق الأبواب وتوصد النوافذ وتسدل الستائر .. ساعتها تموج العتمة بالحياة التى يحكمها قانون خاص لا يعرفه إلا أهل الليل

قبل المساء تسرع الفتيات للعودة لمنازلهن لكن بسمة تسير عكس الطبيعة فهى ممنوعة بامر القانون من قضاء الليل فى البيت

فى صدر شبابها كانت أحلامها اكبر من جداؤلها الصغيرة لكن الاحلام تحطمت بوفاة ابيها المفاجئة كانت هى أكبر أشقائها الثلاثة وكانت لابد أن تضحى تركت المدرسة ونزلت إلى سوق العمل مع أمها لتجلب الطعام للافواه الصغيرة

كانت تنظر من وراء زجاج المحل التى تعمل فيه فتشاهد البنات فى مثل سنها يذهبن إلى المدرسة التى تركتها فتزداد حزنا وتركبها الهموم وهى على هذا الحال التقطتها ايد قذرة كانت زميلتها فى العمل تراقبها بعينين خبيرتين ورأت أن الوقت قد حان لتقع السمكة فى السنارة

كانت تصرفات هذه الفتاة مريبة فراتبها يمكن أن تنفقه فى يوم لكن العمل غطاء لابد منه لتقول لمن حولها من أين تأتى بالمال قالتها لصديقتها الحزينة اليوم ساريك كيف يعيش الناس الرايقة هو يعنى الشهادة كانت هتعمل لك إيه اصطحبت الفتاة المريبة صديقتها الخام إلى مكان فخم تجمدت قدم بسمة أمام الباب كانت تخشى أن يطردها الأمن فملابسها المبهدلة تؤكد أنها ليست من أهل المكان جذبتها صديقتها من ذراعها قالت لها احنا داخلين

انبهار

انبهرت الفتاة المسكينة بالمكان وكانت بحس الأنثى تخمن لماذا تأتى صديقتها هنا ومن أين تأتى بالمال لكنها لم تكن لتقول ذلك صراحة والفتاة الأخرى بدورها لم تحدثها فى شىء غير طبيعى كانت بسمة فى ذلك اليوم كغيره من الأيام التى سبقتها فقد تفتحت عينيها على الحياة كانت تتحرك شوقا لدعوة جديدة من زميلتها ولم يطل انتظارها فقد تحققت أمنيتها سارت مع صديقتها مسلوبة الإرادة لم تقل مثلا لماذا انا هنا عندما تركتها صديقتها فى حجرة سائح ثرى فقد كانت تتوقع هذا السيناريو لكنها عندما أنهت مهمتها وافاقت من ذهولها كانت تحتكم على رزمة فلوس

الغلطة الاولى

بعد الغلطة الاولى لم يعد هنالك ما تبكى عليه فسارت فى الطريق حتى ألقت شرطة الاداب القبض عليها وقضت المحكمة بحبسها 3 سنوات و3 سنوات أخرى مراقبة تقضيها الأن فى قسم الشرطة بعد انتهاء فترة الحبس ومع أن بسمة تجاوزت العشرين بسنوات قليلة فقط إلا تجاربها الحزينة تركتها كسيرة النفس وجعلت بهجة الشباب تختفى من عينيها ولم يتبق فيهما سوى مكر الأنثى

يقول الحكماء :الوحدة خير من جليس السوء

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.