تواجه مصر قضية النظام التعليمي منذ أكثر من عقد , وتعيش مصر إرهاصات هذه القضية.وسط زخم عالمي متسارع ومتزايد نحو إنتاج المعرفة المتغيرة بكل أبعادها .وكثير من الباحثين والتربويين وحتى من في نطاق المسئولية الوظيفية , تناولوا قضية التعليم من زوايا مختلفة , لكل عناصر العملية التعليمية .
ومنهم من حمل الوزارة مسئولية هذا التدهور الكبير والسقوط المدوي , لترتيب مصر تعليميا وسط دول العالم, ومنهم من حمل المعلم مسئولية ذلك . ومنهم من حمل المجتمع المسئولية لبعض عاداته وتقاليده .والحقيقة أن كل عناصر العملية التعليمية ، وبنسب ما تتحمل مسئولية ما في هذه القضية .وإن كانت وزارة التربية والتعليم عليها العبء الأكبر , باعتبارها الجهة االإعتبارية الوحيدة المسئولة عنهذه القضية ..نعم اتسمت السياسة التعليمية في الماضي بعدم االإستقرار. لم تتبن وزارة التربية والتعليم طوال ماضيها نظرية تربوية واضحة المعالم يقوم عليها النظام التعليمي .و لم تعرف وزارة التربية والتعليم ربما حتي الآن التحول إلى الإدارة الإستراتيجية التي من مظاهرها قبول المساءلة، ومنهجية الإدارة بالداء.
و لم يكن في مصر عبر العقود الفائتة رؤية إستراتيجية طويلة الأجل ترسم صورة النجاح في المستقبل نعم الوزارة هي المسئولة عن عدم التخطيط الجيد للمستقبل في الاستعداد لامتصاص الزيادة السكانية الرهيبة التي غيرت تركيبة السكان في مصر في العقود الأخيرة , والتي أدت إلي زيادة الطلب علي التعليم ؛ مما أدى إلى اتجاه الدولة للتوسع الكمي على حساب عناصر الجودة التعليمية، وقد انعكس ذلك في ارتفاع كثافة الفصول، وتعدد الفترات الدراسية، وضعف التجهيزات المدرسية، والمناهج، والبرامج،وطرائق التدريس، والوسائل، وكفايات المعلمين، والمدراء، وأنظمة وأساليب وأدوات التقييم وغير ذلك من المشكلات التعليمية المتفاقمة , والتي أصبح الآن حلها يحتاج إلي حلول غير تقليدية .
لكن الحقيقة أنه من الظلم أن نحمل وزارة التربية والتعليم وحدها هذه المسئولية الكبيرة .ومن الظلم أن نترك وزارة التربية والتعليم وحدها في مواجهة كل هذه التحديات .لأن التعليم قضية مجتمعية لا تحل إلا بالمشاركة الجماعية ,وإصلاح التعليم مسئولية الجميع.
وهنا أتساءل هل يمكن فصل نظام التعليم عن باقي أنظمة الدولة ؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده بمعزل عما يجرى داخليا وخارجيا ؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده دون الإستناد إلي أهداف الدولة وإستراتيجيتها ؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده بعيدا عن حاجات الناس ومصالح المجتمع ؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده بعيدا عن احلام المصريين وطموحاتهم وأحلامهم ؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده بعيدا عن الأزهر والكنيسة؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده بعيدا عن حضارتنا العتيدة التي تقف شامخة بشرف؟
هل يمكننا أن نطور التعليم ونصلحه ونجوده بعيدا عن هويتنا المصرية والعربية والإفريقية .
والإجابة أنه لا يمكن أن نتعامل مع قضية التعليم بمعزل عن المجتمع وأفراده ومصالحه ,ولا بمعزل عنالدولة ومؤسساتها وأنظمتها السياسية والاقتصادية والإجتماعية والفكرية ,ولا بمعزل عن مكانة مصر في المنطقة والعالم ,ولا بمعزل عن حضارتنا العريقة وتاريخنا المشرف .
**كاتب المقال
مدير مرحلة رياض الأطفال
إدارة شرق المنصورة التعليمية
الدراسات العليا في الإدارة المدرسية
الدراسات العليا في الإدارة التعليمية