الدكتور عادل عامر يكتب عن :الاخلاق ودورها في حماية الشعوب

إنّ السعي الحثيث لبلوغ الكمال، واحدٌ من مزايا إنسانيتنا الفريدة، ولكن حين يعضّ الجوع والفقر انتباهها فإنّها ستنظر إلى المكان الخاطئ، وغالباً فإنَّ عماءً ما سيجعل من الحاجة العصا الوحيدة التي تتكئ عليها؛ حيث ستنجح في أن تؤبّد وجودنا داخل حقل الضرورة، ثم ستصبح الحياة مرهونة فقط

بما تسمح به وتبيحه، فكل ما ليس ضرورياً ويمكن الاستغناء عنه، يصبح كماليات فارغة، ولن يضير الحياة شيئاً لو لم تتوفر عليه؛ يبدو أننا وقعنا من جديدٍ في مصيدة التناقض، فإذا كان بإمكاننا أن نستغني، تحت ظرفٍ ما، عن ما هو كمالي، فإنّ سعينا لبلوغ الكمال ونشدانه سعياً مُضللاً بالأوهام التي أنتجها الفقر والحاجة.

ففي مجتمعاتنا التي تُنتِج أنظمتها الفقرَ والجوعَ أو الوفرة المزيّفة، تنغلق الكماليات على مضامين ضيّقة، تساعد في تشتيت الانتباه عن المعنى الحقيقي لها، فتبتعد عن أنّها ما يجب أن يكمل الوجود الإنساني ويرتقي به، إلى مجرّد صياغات عارضة،

تنحصر في جملة أشياء ماديّة ذات طبيعة استهلاكية، لا يشكّل غيابها أي تهديد لحياة الفرد التي تُراوح عند حدود الحاجات الأساسية، ومن البديهيّ أن تسقط من معجم كمالياتنا الفنون بأنواعها، فهي لا وزن لها أمام الرغيف، فثقافة الحاجة تُغلق الطريق على ثقافة الحياة، والتي للأسف قد لا يدعمها في مجتمعاتنا سوى الموت.

إنّ قيمة الشيء لا تتعلق بمقدار الحاجة إليه والاستغناء عنه، بل بمقدار ما نكون عليه إذا حصلناه. فنحن إذا حصلنا الرغيف فأقصى ما نبلغه في تحصيله أن نتساوى وسائر الأحياء في إشباع الجسد وصيانة الوظائف الحيوانية، ونحن إذا حصلنا الفنون الجميلة فما نحن بأحياء وحسب ولا بأناسيّ وحسب ولا بأفراد وحسب،

بل نحن أناسيّ ممتازون نعيش في أمة ممتازة تحسّ ما حولها وتحسن التعبير عن إحساسها”. لكي نتمكّن من فهم هذا، علينا فقط أن ننظر إلى واقع حصتي الموسيقى والرسم في مدارسنا، فالهامشيّة التي تحظيان بها تشير ـــ إذا ما فهمنا العقّاد ــــ إلى فقرٍ أشدّ من الحاجة إلى الشيء، إنها تشير إلى فقرٍ مدقعٍ في الروح الإنسانية، وإلى الكيفية التي تتربى من خلالها الحواس.

فأغلبية مجتمعاتنا لا ترى في مادتي الرسم والموسيقى سوى (كماليات) المنهاج الدراسيّ، وهنا تأخذ مفردة الكماليات معنىً خاصاً، فالوعي العام لا يجد في غيابها أي تأثير على التحصيل العلمي للطفل، فمثلاً يمكننا الاستغناء عن حصة الموسيقى،

ولكن لا يمكن أن نستغني عن حصة رياضيات واحدة، أو أيّة حصة تتعلق بما يُطلَق عليه المواد الأساسية، وهذا الوعي العام هو وعينا الاجتماعي نفسه، والذي ينتج عن تربية سياسية ودينية واقتصادية، هذه التربية التي تعمّدت محاربة الفنون الإنسانية وتهميشها، كي لا تقف في مواجهة إنسان حر يدرك ما له من حقوق وما عليه من واجبات،

 والسؤال الذي شغل الكثيرين، هل الفنون الإنسانية ضروريات أم كماليات؟ تم حسمه عبر رغيف الخبز الذي يركض ويركض جميع المقهورين وراءه.

قد لا يكون هناك اكتراث في مجتمعاتنا لجملة النواتج المترتبة على غياب الحس الجمالي، طالما لا تستطيع أن تربط بينه وبين الكماليات؛ أي بين النتائج ومقدماتها؛ إذ إنّ انحدار القيم الجمالية التي ندرجها في باب الكماليات، والحرص على بقائها ثانوية وهامشيّة في مجتمعاتنا، قد تكون أحد أهم مولدات العنف الذي بإمكان الفنون أن تجففه فيما لو  أوليناها اهتماماً حقيقياً، لهذا اعتقد كثيرون لو أنّ هتلر أُتيحت له فرصة أن يكون فناناً،

 كنا سنرى يديه ملطختين بالألوان بدل كل الدم الذي لطخ به الإنسانية، فالكماليات التي يُراد لنا فهمها ليست سوى الوجه الآخر لعبودية نُجبر عليها، إنها تعزز منظومة الاستبداد وتجعلنا

إنّ العلاقة الجدلية التي تربط الجوهر بالمظهر، قد تذهب مباشرةً لما أرمي إليه، فالمجتمعات التي يطفو العنف والخوف على وجهها، هي المحصلّة المنطقية للقبح الذي تحرسه وتتغذى عليه، وهي بذلك المحصّلة المنطقية لمساهماتنا المتعمّدة وغير المتعمدة في إنتاج الخوف والفقر والجهل؛ أي الوجه الآخر للقبح،

 لقد أصاب العقّاد مجدداً في قوله: “إنّ الضروريات توكلنا بالأدنى فالأدنى من مراتب الحياة، أما الذي يرفعنا إلى الأوج من طبقات الإنسان فهو ما نسميه النوافل والكماليات، فإذا كنا لا نبغي إلا أن نعيش كما تعيش الأحياء كافةً، فحسبنا الضروريات المزعومة، وإن كنا نبغي أن نعيش (أكمل) العيش فلا غنى إذن عن اعتبار الكماليات من ألزم الضروريات”.

ولهذا كانت الفنون بأنواعها حاضرة بقوة في ثورات العالم المعاصرة، إنها تشكّل دليلاً إضافيّاً على أهميّة الكماليات وتأثيرها العميق، تقول الأديبة والقاصة اليمنيّة هدى العطاس: “إنّ الفن من أهم العوامل الداعمة للثورات وهو غالباً ما يكون وعاءها والمعبّر عن روحها وجوهرها”، فالفنون تعكس بحسب العطاس،

 ميل الفرد الأصيل للانعتاق والحرية، من حيث كونها الأداة الأكثر جذرية في التعبير الحرّ عن إنسانية الإنسان، وعن الرغبة الملحّة في حياة تتخارج عن البُنى الثقافية المتكلّسة، والمحكومة بنمطية العقائد وقسرها، فالأنهار لا تولد من ماء المستنقعات، والحياة سوف تجفّ إذا خمدت جذوة ينابيعها.

يقول ألبير كامو؛ “لسنا ننشد عالماً لا يُقتل فيه أحد، بل ننشد عالماً لا يمكن فيه تبرير القتل”، فلا يمكن استئصال الشر من العالم بصورة نهائية، ولكن من الممكن السيطرة عليه وتقليص آثاره والتخفيف من ويلاته، ونستطيع القول اليوم بأنّنا لسنا ننشد عالماً خالياً من الأوبئة أو الحرائق خلوّاً تاماً، ولكننا ننشد عالماً لا يشمت فيه الناس بمن تحلّ بهم الأوبئة أو بمن تلتهم النار بيوتهم وحقولهم وغاباتهم، ولا تغلق فيه الأبواب في وجوه المنكوبين.

تمكّنت أستراليا من احتواء الحرائق التي التهمت غاباتها وحماية السكان، ثم التفتت إلى حماية الحيوانات النازحة عن مواطنها، والتي قضى الحريق على مصادر عيشها، وبنت الصين مشفيين ضخمين على مساحة 25 ألف متر مربع، خلال 10 أيام فقط، لعلاج المصابين بفيروس كورونا في مدينة ووهان؛ حيث أنفقت 200 مليار دولار حتى الآن،

 وخسرت بورصتها 500 مليار، في معركتها مع هذا الفيروس، لكنّ المارد الصيني سوف ينتصر على هذه البعوضة التي قرصت ركبتيه، وجعلته موضع “شفقة” أمام العالم، وذكرت تقارير مختلفة أنّ الصينيين المحجور عليهم والمحاصرين في منازلهم، بعد أن داهمتهم الكارثة في “عيد الربيع”، اشتروا في أسبوع فقط مليار مرة بالبطاقات الائتمانية، وسددوا 100 مليار دولار، وفي حين وصف أحد المراسلين الأجانب مدينة ووهان، التي كانت الأكثر ابتلاءً، بأنّ لها مشهداً يشبه نهاية العالم لشدة ما هي مقفرة، نشرت الحكومة صوراً للمدينة الصينية، تُظهر تحفها المعمارية، مضاءة وهي في أبهى حلة، لتقول إنّ الحياة مستمرة رغم الألم.

“كل شيء يُذكّر برواية ألبير كامو (الطاعون)، التي وصفت كفاح مدينة وهران الجزائرية في أربعينيات القرن الماضي، وقد فتك بهم المرض، وعانوا من الحجر سنة كاملة، لا معين لهم من الخارج، الذي أغلق أبوابه عليهم وتركهم لمصيرهم،

 ولا خلاص لهم إلا بتعاضدهم، الذي ينتشل من يتبقى منهم على قيد الحياة، وهي اللحظة التي اكتشف فيها الأهالي فولاذية عزائمهم، وقدرتهم على التصدي لأبشع ما يمكن أن تتعرض له مجموعة بشرية من تهديد”.

لم يكن الطاعون الذي وصفه كامو، إلاّ وباءً بشرياً حقنته الحرب بمصل مضاد للحياة الإنسانية والوجود الإنساني، كان ذلك بعد الحرب العالمية الثانية التي جعلت معدّل الموت أكبر من معدل الحياة، ولا يزال هذا الطاعون البشري يفتك ببلدان الشرق الأوسط؛ من طهران إلى وهران، ومن طرابلس إلى صنعاء ودمشق.

كل شيء يسمح بالمقارنة، ويسمح بالمفاضلة أيضاً، بين الأحداث الجارية في الواقع الراهن هنا وهناك؛ أي بين حكومات تقوم بواجباتها القانونية والسياسية والأخلاقية، فتحمي مجتمعاتها وتصون ثرواتها، وبين حكومات تنصلت من جميع الواجبات، بين ثقافة العمل والإنجاز والعناية، وثقافة الولاء والولاية.

إنّ ما تحظى به حيوانات أستراليا الآن من رعاية غذائية وصحية، بات حلماً يحلم به الإنسان السوري؛ الذي أصبحت النسبة العظمى منه تعيش تحت خط الفقر، وليس بوسعنا أن ننسى الأطفال السوريين الذين يعيشون في المخيمات وبيوت الإيواء تحت وطأة البرد والجوع والتشرد.

وما نراه في الصين وأستراليا اليوم، هو ثقافة إنجاز بامتياز، وتحديد واضح للهوية والمكانة الثقافية والإنسانية، فلا تنهض أمة من الأمم إلّا بما ينجزه أفرادها.

في ثقافة الإنجاز التي تشكل قاعدة كل نماء وبناء، لا يرى المرء من مفهوم لذاته أو تصوره إلّا باعتباره كائناً منجِزاً، يحسن تنمية طاقاته وتوظيفها”؛ إذ ينطلق تحديد المكانة من الكفاءة والجدارة، فالحكومة التي بنت مستشفى ضخماً وجهّزته

ووضعته في الخدمة في غضون أيام قليلة، جديرة بالمكانة التي تحتلها بين دول العالم، ويبدأ تحديد المستقبل والإبداع في العطاء؛ حيث تتعاون الدولة أو الحكومة مع أفراد المجتمع، وتقدّر إنجازاتهم ، فمن يعتاد على البناء لا يستطيع أن يهدم، إلّا إذا كان في الهدم بناء جديد. ولم تخرج الصين من دائرة الدول النامية أو دول العالم الثالث المتخلفة بـ “تحرير الاقتصاد” و”الانفتاح على السوق العالمية”، أو باعتماد “نظام السوق الاجتماعي”،

 كما روج الإصلاحيون في بلادنا، بل باستدراك ما فاتها من الثورة العلمية التكنولوجية، والثورة الصناعية، حتى غدت منافسة قوية للولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، ولعل الصينيين سيتعلمون من درس الطبيب الشاب؛ لي وينليانغ (34 عاماً)، الذي اكتشف فيروس كورونا باكراً وبعث برسائل إلى زملائه ينبههم فيها من خطورته،

ويحذر السلطات المعنية من مغبة التكتم عليه، فاستدعته الشرطة للتحقيق بتهمة “نشر الشائعات والأخبار الكاذبة”، ثم أصابه الفيروس في مقتل، وأكّد مستشفى ووهان المركزي في مقاطعة هوبي، حيث عمل لي، وفاته في بيان مقتضب نشر على موقع “ويبو” الصيني.

بعد انتهاء الحروب الصليبية، حدث أمر مهم تمثل في احتلال نابوليون مصر فعادت منذ ذلك التاريخ العلاقة المتوترة بين الشرق والغرب، وهيمنت عليها من جديد روح الصراع والعداء المتبادل رغم مظاهر الاستقرار والتعاون.

 الإسلاميون طرف في هذا الصراع المفتوح رغم كونهم ليسوا الوحيدين في هذا المجال؛ إذ تشترك معهم أطراف أيديولوجية عديدة مثل؛ القوميين وفصائل من اليسار الماركسي، غير أنّه لكل تيار منطلقاته وزاويته الخاصة المتأثرة بالعقيدة التي يستند إليها؛

 فالعروبيون يستندون إلى الخلفية القومية التي كانت تدفعهم نحو ما يعتبرونه معركة وجود في الصراع الدائر مع الغرب. أما الشيوعيون العرب والفصائل التي انبثقت عنهم يميزون بين الغرب الرأسمالي الذي دعوا إلى مواجهته وبين الغرب الاشتراكي الذي اعتبروه صديقاً وحليفاً يجب دعمه والوقوف إلى جانبه. أما الإسلاميون فلا يزال موقفهم من الغرب غامضاً، يتأرجح بين العداء المطلق والانفتاح الحذر.

 هذا الصراع من وجهة نظره جزء لا يتجزأ من معركة الحضارة التي يجب أن يستعيد المسلمون من خلالها حقهم في استعادة المبادرة الحضارية وبناء عالم يتولون هم قيادته وفق أفكارهم وقناعتهم المستمدة من الإسلام.

وهي قيادة لا تحتمل الشراكة مع أي حضارة أخرى. بأنّ الغرب يواجه أزمة شاملة وهيكلية. دليله في ذلك المشكلات التي تواجهها الحضارة الغربية. وللتدليل على ذلك قام باستعراض هذه المشكلات التي عاين بعضها مؤشراتها عند زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، أو قرأ عنها في مؤلفات بعض المفكرين الغربيين.

لا شك في أنّ المرحلة التاريخية الراهنة تشكو من أزمة قيمية مخيفة، وذلك على جميع الأصعدة الأخلاقية والسياسية والاقتصادية. كما أنّ التداول على قيادة الحضارة الإنسانية سنّة من سنن الله في خلقه.

 إذ لا يمكن لأي أمة أو شعب ادعاء احتكار القيادة الحضارية إلى يوم الدين، بمن في ذلك المسلمون الذين تصدروا المشهد الحضاري لمدة لا تقل عن 12 قرناً، ثم تراجعوا كغيرهم، وسقطوا سقوطاً مدوياً لأسباب موضوعية يطول شرحها.

• وصف الحضارة القائمة بكونها “جاهلية”، وهو ما من شأنه إعادة العلاقة بين الحضارات إلى المجال الديني بمعناه الضيق، وبالتالي دفع الإنسانية من جديد نحو أجواء الحروب الدينية. فصاحب “المعالم” يستند في أطروحته إلى البعد العقائدي،

 الذي تنبثق منه منظومة القيم، والذي يجب توظيفه ليصبح المغذي الرئيسي للصراع الدائم ضد الغرب.

• اختزاله أزمة الحضارة في البعد الأخلاقي والقيمي، وهي مسألة فيها نظر. لا شك في أنّ للأخلاق دوراً أساسياً في حماية الشعوب من التحلل والاندثار، لكن الحضارات لا تستند فقط إلى قيمها الأخلاقية، وإنما توجد روافد أخرى تتدخل لتحقن الجسم الجماعي، وتحميه من الموت الفجائي. يعتبر تطور العلوم والصناعات المختلفة

وفي مقدمتها الصناعة العسكرية والتكنولوجيات الحديثة رافداً مهماً لتحقيق التماسك الداخلي وضمان التفوق على الصعيد العالمي. كما أنّ ازدهار التجارة يشكل مدخلاً حيوياً آخر للتمديد في فترات الهيمنة والوصاية.

 يضاف إلى ذلك أنّ القول بأزمة القيم في الغرب لا يعني أنّ المجتمعات الغربية أصبحت بدون أخلاق وفقدت كلياً مرجعيتها القيمية. هذا انطباع سطحي عن شعوب لا تزال تتمتع بالحد الأدنى من التضامن بين مكوناتها المحلية والإقليمية.

 كما أنّ الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية ودور الدين لا تزال قائمة وفاعلة رغم ضعفها في بعض المجتمعات، وهو ما جعل المجتمعات المدنية الغربية تتمتع بالقوة والقدرة على المقاومة والحماية، في حين أنّ تلك الضوابط ضعيفة ومفككة داخل المجتمعات الإسلامية التي أراد سيد قطب ترشيحها لقيادة العالم بعد سقوط الغرب.  بأنّ القيادة الجديدة التي ستخلف الغرب يجب أن تتمتع بقدر من الذكاء والقدرة على الريادة،

 لهذا السبب ذكر أنّه “لابد للقيادة الجديدة أن تملك إبقاء وتنمية الحضارة المادية التي وصلت إليها البشرية عن طريق العبقرية الأوروبية في الإبداع المادي”. وهي مسألة على غاية من الأهمية.

 ولكن كيف يستطيع المسلمون الجدد التمتع بهذه المؤهلات العليا دون التوجه نحو المجتمعات الغربية، وتوجيه أبنائهم نحو الدراسة في أهم جامعاتها، والاتصال بكبار علمائها ومخترعيها، والتقاط الحبة دون الوقوع في شباك الصياد

 

الدكتور صلاح هارون يكتب عن : الاستديو التحليلى لمباراة الاهلى والزمالك

الاهلى يتكون من ١١ لاعب غير الاحتياطى والمدرب ومساعديه ومجلس ادارة
والزمالك كذلك
وكل هؤلاء يركلون جلدة بأرجلهم لها مواصفات محددة وفى ملعب محدد وقد تسببت هذه الجلدة بقتل مئات من الناس فى بيرو والارجنتين والجزائر ومصر وتقريبا فى معظم البلاد شهدت حوادث قتل بسبب السباب والشتائم بين جماهير الفرق دون ان يعلموا خطورة الكلمة …
وكل هؤلاء الذين يتنافسون على هذه الجلدة يتقاضون رواتب بالملايين وانا استاذ جامعى وغيرى من الاساتذة والمتخصصين فى المجالات المختلفة نسعى وفقط للحياة الكريمة على الاقل فرواتبنا
لا تكفينا
اذن ….اللاعبون يحصلون على مال
الحكام يتقاضون المال
القنوات القضائية تكسب من الجلدة مالا كثيرا
المحللون يحصلون على اموال وجوائز عديدة
ورجال الامن فى الملاعب يحصلون على مكافآت
والمدربون طبعا يأخذون ملايين من الدولارات
والله يبارك فى اموالهم .
المشكلة الوحيدة
ان الجماهير المطحونة هى التى تدفع كل هذه الاموال !!!!!!!!!!!
انت الوحيد الخاسر
انت الوحيد الخاسر
انت الوحيد الذى تعطى من مالك وصحتك وهم يأخذون هذه الاموال
انتبهوا
انتبهوا
وللاسف مع المال يشتمون ويسبون ويقتل بعضهم بعضا من اجل هذه الجلدة ……….افلا تعقلون
الرياضة اخلاق وتهذيب للنفس فلماذا جعلناها حربا وتلاسنا وقتلا …
كفانا ما رأيناه من دماء سالت فى كل ملاعب العالم …..
…. لو ان الكل ذهب للاستمتاع وفقط والتعارف والتآلف لخرجنا اخوة واصدقاء بدلا من ان يخرج الناس من الملاعب فى صناديق
اللهم انا نسألك صلاح احوال المسلمين

مواجهة حاسمة بين اتحاد الكرة المصرى وقطبى الكرة الأهلى والزمالك

 

تواجه الكرة المصرية احتمال الدخول في أزمة مع عقد كل من قطبيها، الأهلي والزمالك اجتماعا للرد على عقوبات فرضت عليهما على خلفية أحداث مباراة كأس السوبر، وذلك عشية مواجهة ثانية بينهما.

 

وحسم الزمالك لقب كأس السوبر المصري، على حساب غريمه التاريخي الأهلي، في أبوظبي، الخميس الماضي، بالفوز بركلات الترجيح 4-3 بعد التعادل السلبي، لكن المباراة شهدت مناوشات بين لاعبي الطرفين بلغت أوجها في نهايتها، مع تبادل اللاعبين التدافع والألفاظ المسيئة.

 

ومساء أمس السبت، أصدرت لجنة الانضباط في الاتحاد المصري لكرة القدم، عقوبات صارمة، على خلفية هذه الأحداث، شملت على وجه الخصوص إيقاف لاعبَين حتى نهاية الموسم، هما محمود عبد المنعم “كهربا” لاعب الأهلي حاليا والزمالك سابقا، وإمام عاشور لاعب فريق “القلعة البيضاء”.

 

 

كما شمل القرار غرامات مالية وعقوبات إيقاف طالت قائد الزمالك، محمود عبد الرازق (شيكابالا) لثماني مباريات، وزميله عبد الله جمعة (3 مباريات)، إضافة إلى ياسر إبراهيم والنيجيري جونيور أغايي في الأهلي (إيقاف مباراتين لكل منهما).

 

كما أوقفت اللجنة رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور عن المشاركة في نشاطات اللعبة لثلاث مباريات، رغم أن الأخير لم يكن حاضرا في أبوظبي خلال المباراة.

 

ودعا كل ناد من جهته إلى اجتماع “طارئ” لمجلس الإدارة اليوم الأحد، بهدف الرد على العقوبات، وأكد الأهلي نيته “حفظ حقوق النادي ولاعبيه كاملة”، في حين أوضح الزمالك أنه “سيناقش” ما تقرر بهدف الرد عليه.

 

ويأتي اجتماع مجلسَي إدارة الزمالك والأهلي، عشية القمة المرتقبة بينهما غدا الاثنين على ملعب القاهرة الدولي، وهي مباراة مؤجلة من المرحلة الرابعة من الدوري المصري.

 

ويتصدر الأهلي ترتيب الدوري بالعلامة الكاملة (45 نقطة)، بعدما حقق 15 فوزا في المباريات الـ15 التي خاضها حتى الآن، بينما يحتل الزمالك المركز الثالث برصيد 31 نقطة.

 

المصدر: وكالات

الأديب العراقيّ عباس داخل حسن فى حواره مع” الزمان المصرى”: الرّواية العراقيّة والعربيّة تعاني من  استسهال الكتّاب  في الكتابة وفوضى النّشر وعدم وجود خبراء للتّقييم

 

 

  • المشهد الرّوائيّ في العراق أصبح لافتاً للنظر كمّاً وكيفاً
  • الرّواية العراقيّة حصلت على  العديد من  الجوائز وتُرجمتْ إلى لغات عديدة
  • في ظلّ غياب المجلّات المتخصّصة والمجاملات الإخوانيّة والشّلليّة بات المشهد النّقديّ رماديّاً
  • الأدب مرآة صادقة لبيئته ونلاحظ فى الرّواية العراقيّة صعود الهويات الفرعية وتراجع الهويّة الوطنيّة
  • باتت القصّة القصيرة جدّاً طاغية الحضور
  • البشريّة اليوم مصابة بمرض “النوستاليجيا” الشّوق أو الحنين للماضي
  • الصّراع الدّامي في العراق على السّلطة أفسد علينا العودة إليها ثانية
  • الحنين للوطن ليس مجرد الحنين للمكان بل هو انتماء وهوية
  • انطلاقاً من معايشتي وتجربتي الشّخصيّة في أوروبا لم أجد تراجعاً للكتاب الورقيّ
  • وضع حقوق الملكيّة في الوطن العربيّ وضع كارثيّ بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى بسبب غياب الوكيل الأدبيّ
  • لدي مخطوطتان جاهزتان للطّبع، وستريان النّور قريباً
  • الصّحافة تؤثّر على عمل الأديب والمبدع وتأخذ الكثير من وقته وباتتْ عاملاً سلبيّاً على المبدع بدرجة ما
  • أثبتت الشعلان أنّه يمكن فعل الكثير على الرّغم من تقاعس المؤسّسات الرّسميّة وغير الرّسميّة عن دعم الثّقافة والإبداع
  • المجاورة  الثقافية ليست رحلة سياحيّة أو التقاء كاتبين أو صديقين مبدعين  بل هي معرفة على المستوى الإبداعيّ والثقافيّ
  • لدينا الكثير من المشاريع المشتركة بينى وبين الشعلان سترى النّور قريباً
  • الأردن قفز قفزة كبيرة ومهولة في مجال العمران والبُنى التّحتيّة واستخدام التّكنولوجيا.

أجرى اللّقاء في الأردن: الأديبة د. سناء الشّعلان

بعدسة الباحثة: آية القيسيّ

 

قاص وناقد عراقيّ، ولّد في عام 1962م في العراق، بدأ مع المسرح وعمل في مجال الصّحافة الأدبيّة، نشر كتاباته القصصيّة والنقديّة في عام  1982 في مجلّة الطّليعة الأدبيّة ومجلّة فنون، ثمّ غادر العراق في  عام 1991.هو مقيم في فنلندا منذ عام 1993.

لديه عدد من الإصدارات القصصيّة والنقديّة، كما عمل محرّراً ومستشاراً لبعض المجلّات الفكريّة والأدبيّة، ومراسل لجريدة “بانوراما” في اسكندنافيا. وهو عضو اتّحاد الكتّاب والأدباء في العراق، وعضو نقابة الصّحفيين الوطنيّة  في العراق. كما هو عضو في أكثر من جمعيّة  ثقافيّة في أوروبا والمشرق العربيّ، وهو مؤسّس ومدير مركز التّنور الثّقافيّ في فنلندا – تامبرة.

في زيارته الأخيرة للأردن قادماً من فنلندا التي اختارها مهجراً له، أو اختارته لذلك، تحاورت معه “الزمان المصرى” وكان هذا اللّقاء معه.

 

  س- أين تقف الرّواية العراقيّة الآن؟ وما التّجارب والتّيارات الجديدة التي تميزها؟ وماذا عن النّقد؟ هل هو متقدم أو متأخّر على الفن الرّوائيّ في العراق؟ وهل تعاني الرّواية العراقيّة من المشاكل؟

الرّواية هي الجنس الأكثر استيعاباً للتّحولات التّاريخيّة والإنسانيّة، فما حدث بعد الاحتلال الأمريكيّ صدّر ما يقارب ألف رواية لكتّاب عراقيين، وشبهه البعض “بالانفجار الرّوائيّ”، وإنْ تربّعت الرّواية -بوصفها جنساً أدبيّاً- على المشهد الإبداعيّ، وهذا دفع بعض المهتمّين والنّقاد إلى صفها بـ”ديوان العصر” والمشهد الرّوائيّ في العراق أصبح لافتاً للنظر كمّاً وكيفاً، وحصدت الرّواية العراقيّة العديد من  الجوائز، وتُرجمتْ إلى لغات عديدة.

أمّا النّقد في ظلّ غياب المجلّات المتخصّصة والمجاملات الإخوانيّة والشّلليّة، فقد بات المشهد النّقديّ رماديّاً، وهذا ينطبق على الجامعات؛ فكثيراً ما تنحاز في تناول الإعمال الرّوائيّة إلى منطلقات بعيدة كلّ البعد عن القيمة الرّوائيّة التي تُعدّ عملاً جماليّاً فنّياً قائماً بذاته ولذاته، وتخضع أحياناً للمناطقيّة والطّائفيّة والأجندات السّياسيّة، ويجب على النّاقد كقارئ حصيف التّمتع بأعلى درجات النّزاهة الجماليّة ليكوّن موقفه الجماليّ الذي يضع الخلاصة للقارئ؛ لأنّ مفهوم النّقد اليوم هو إبداعٌ على ابداعٍ، ونصٌ على نصٍ.

وعن الشّقِّ الثّاني من السّؤال حول إن كانت الرّواية العراقيّة والعربيّة تعاني من مشاكل ما، فأقول نعم، وعموماً الرّواية العربيّة  تعاني من استسهال الكتّاب  في الكتابة وفوضى النّشر وعدم وجود خبراء في دور النّشر للتّقييم والتّحرير، وأصبحت العمليّة تجاريّة منفلتة دون وجود أدنى المعايير في بعض دور النّشر.

 س-بماذا تميّز الأدب العراقيّ بعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق  2003م؟

بعد زوال مرحلة الاستبداد على يدّ الاحتلال الأمريكيّ للعراق ظهرت الطّائفيّة والعنف الدّمويّ، وبطبيعة الحال الأدب هو مرآة صادقة لبيئته، فنلاحظ بجلاء في الرّواية العراقيّة صعود الهويات الفرعية وتراجع الهويّة الوطنيّة، وإضافة إلى تماثلات العنف الدّمويّ والخوف، ولتقديم تأمّل خاصّ للمشهد الرّوائيّ العراقيّ  بعد 2003م، يلزم المزيد من الوقت؛ لأنّ الرّواية عالم يعجّ بالحالات الإنسانيّة الموغلة في واقع تاريخيّ، وعلينا رصد صيرورتها من زاوية التّخليق والتكوين والإكراهات التي فرضها الوضع الجديد.

  س- ما المسوّغات الموضوعيّة لظاهرة القصّة القصيرة جدّاً وانتشارها؟ ولماذا توليها الكثير من الاهتمام وتبدو شغوفاً بها؟

القصّة القصيرة جدّاً إشكاليّة في التّعريف والنّشأة، ويبقى الجواب على هذا السّؤال في نفس الدّائرة؛ فتحوّلات الحداثة الصّلبة إلى سائلة واقتصاد العولمة وروح الابتكار الرّقميّ فرضتْ علينا هذه الحكاية المدهشة التي تتلاءم وروح العصر، وقد لخصّها الرّوائيّ البرتغاليّ “خوزيه بيكسوتو” في قوله: ” نمرُّ بسرعة من الدّراما الكتاكاليّ التي يدوم عرضها ثلاثة أيام إلى التّراجيديا الإغريقيّة التي تدوم ليلة كاملة إلى الأوبرا التي تستغرق ساعات إلى الفيلم ثم الفيديو كليب والوصلة الإعلانية من عشرين ثانية وصولاً للقصّة القصيرة جدّاً من ثانية واحدة.

شغفتُ بالقصّة القصيرة، وأدمنتها “وأكتب كلّما حكَّتني يدي” كما يقول “جورج اوريل”. من هنا أعتقد أنّ عمليّة “قول الأكثر بالأقل؛ لأنّ الأقل هو الأكثر” يتحقّق من خلال القصّة القصيرة جدّاً المبنية على الاختزال والتّكثيف والمفارقة والدّهشة، وباتت القصّة القصيرة جدّاً طاغية الحضور، لا يخلو التّعاطي بكتابتها من قبل البعض والطّارئين عليها من الخلط مع أجناس وأنواع نثريّة أخرى، وهذا يحتاج إلى ورش نقديّة دؤوبة وفرز دائم بعيداً عن التعميمات الفضفاضة والأحكام الجاهزة.

س-  في مجموعتكَ القصصيّة البكر (خطى فراشة) عودة إلى أماكن الطّفولة والحنين لها، وفي مجموعتكِ الثّانية (مزامير يوميّة) يطغى عليها الاغتراب والإحساس بالعزلة والحنين للوطن. فما تسويغكَ لذلك؟

أعتقد أنّ البشريّة اليوم مصابة بمرض “النوستاليجيا” الشّوق أو الحنين للماضي لأسباب عديدة؛ منها اغتراب الذّات الإنسانيّة وصعود اللّيبراليّة الجديدة واستخدام العولمة للهيمنة من خلال شركات النّهب متعدّدة الجنسيّات، وأنا على المستوى الشّخصيّ يمثّل لي البوح الحكائيّ تعويضاً موضوعيّاً؛ فـ “خطى فراشة” وبعض قصص “مزامير يومية” هي تعبير صارخ عن الشّوق المبرح للخلاص من المنافي وتعمياتها القاتلة من الأسى والاغتراب، والبحث عن وجودنا الإنسانيّ السوي؛ فالعودة للذّاكرة والتّذكّر لأماكن الطّفولة وغوايات المراهقة الأولى نتيجة الحرمان والفشل ولو بزيارتها ولم يحصل.

إنّ الصّراع الدّامي في العراق على السّلطة أفسد علينا العودة إليها ثانية، فنخلقها على الورق يكون معادلاً موضوعيّاً لشحنات متضاربة من المشاعر والأحاسيس وإحالات الذّاكرة خوفاً من النّسيان الذي يمثّل المحو والموت. وهذا شيء مؤلم.

وفي مزامير خطاب إنشاديّ عن البؤس وخيبات الأمل وانكسار الإنسان العراقيّ المترع باغتراب عجيب غريب عبرت عنه دلالات القصص القصيرة جدّاً،  نتيجة ما جرى، ويجري من قتل ودم وفوضى واستباحة لمقدّرات بلد عريق. إنّ الحنين للوطن هو ليس مجرد الحنين للمكان، بل هو انتماء وهوية، وهو من عناصر الكينونة الإنسانيّة كما يقول الفيلسوف “غاستون باشلار” هو :” طبوغرافيا وجودنا الحميم”.

س- في لقاء سابق معكَ على بعض المواقع الإلكترونيّة دافعتَ عن الكتاب الورقيّ والمجلّات الأدبيّة الورقيّة المتخصّصة على الرّغم من أنّنا نعيش ثورة رقميّة لا نعرف آفاقها، وهي تبدو أغرب من الخيال. ماذا تقول في هذا الشّأن؟

انطلاقاً من معايشتي وتجربتي الشّخصيّة في أوروبا لم أجد تراجعاً للكتاب الورقيّ على العكس، فقد أضافت التّقنيّة الرّقميّة رواجاً للكتّاب والمجلّات الورقيّة المتخصّصة، ما سيختفي هي الصّحافة الورقيّة ووجود الكتاب الإلكترونيّ والمسموع هو إضافة مختلفة تماماً، ولها متعتها، وسهّلتْ علينا الكثير، وإن كان البعض لا يوليها اهتمام الكتاب الورقيّ أو العكس، ولا أعتقد أنّ الانترنت سحب البساط من تحت المطبوع الورقيّ تماماً كما يروّج لهذا الرّأي.

سيبقى للورق سحره ومتعته ورائحته؛ ففي أمريكا وأوروبا نجد كتاب الجيب ومطبوع الطّفل والمجلّات الثقافيّة والموضة في المولات ومحطات الوقود وسفن نقل المسافرين  والمقاهي.

س- يلحظُ اهتمامكَ بحقوق الملكيّة الفكريّة وحقوق المؤلّف وما يجاورها، ولكَ العديد من النّدوات، ومؤخراً كان لكَ حوار مفتوح في جمعية الفيحاء الثقافيّة في العاصمة الأردنيّة عمان حول الأمر ذاته. فماذا تقول حول ذلكَ؟

وضع حقوق الملكيّة في الوطن العربيّ وضع كارثيّ بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى بسبب غياب الوكيل الأدبيّ الذي يتولى مسّؤولية الدّفاع عن المؤلّف، وغياب التّشريعات القانونيّة في بعض الدّول العربيّة، والتّعامل باستخفاف من قبل المحاكم المحليّة واتّحاد الأدباء والكتاب بموضوع حقوق المؤلّف، وسبق وأنْ طرحت مبادرات بهذا الموضوع في العراق، لكن للأسف حتى أصحاب الحقّ سكتوا عن حقهم.

أكاد أجزم أنّ معظم المبدعين لم يطّلعوا على مفهوم حقوق المؤلّف والحقّوق المجاورة، وأتمنى أن تلقى مبادرتي الأخيرة طريقها للتّنفيذ من قبل رئيس جمعيّة الفيحاء الثقافيّة ووزارة الثّقافة الأردنية ليكون الأردن في مقدمة الدّول في هذا المجال الحقّوقي، والاهتمام لطالما يوجد في الأردن حركة ثقافيّة وإبداعيّة مائزة  في كلّ المجالات والفنون.

س-  ما آخر مشاريعك الإبداعيّة؟ وحدثنا عن سبب توقفك عن الكتابة لمدة 17 عام بين  1993-2010م، وما الصّعوبات التي واجهتها في العودة إلى الكتابة؟

لدي الكثير من المشاريع لكن وجودي في بلد الصّقيع والثّلج والعزلة القاتلة وعدم وجود مردود أو دعم ماديّ يؤخّر إنجاز الكثير من الأعمال، لكن لدي مخطوطتان جاهزتان للطّبع، وستريان النّور قريباً، ومجموعة قصص قصيرة جدّاً “الحبّ قويّ كالموت” مخطوطة إضافة إلى أفكار أخرى مدونة.

أمّا عن توقّفي عن الكتابة بسبب ظروف العيش والاشتغال بعيداً عن الهمّ الإبداعيّ بسبب المنافي والاستقرار (قلق كأنّ الرّيح تحتي)، بعد العودة أعدّها  مرحلة موت سريري، وهذا شيء مؤلم وقاسٍ جدّاً لا يعرفه إلاّ من جرّبه وتجرّعه.

 س- في العقد الأخير برزتْ ظاهرة الجوائز الأدبيّة للرّواية وسائر الأجناس السّرديّة، ما قراءتك لها. وهل ساهمتْ في ترسيخ المشهد الإبداعيّ؟

كتبتُ كثيراً في هذا الخصوص، وأنّي –دائماً- أرى الكأس نصف ممتلئ؛ فالجوائز والمسابقات قدّمت الكثير للمبدع العربيّ، وإنّ الجوائز الأدبيّة حديثة العهد عربيّاً، وليس بالضّرورة أنّ الأعمال الفائزة هي الأفضل فنيّاً وجماليّاً، لكن الجوائز ساهمتْ بتحسين وضع الإنتاج الثقافيّ والأدبيّ، ولا أغفل مسألة مهمّة؛ فهي تخضع لاعتبارات سياسيّة ومناطقيّة وأجندات مختلفة وصولاً لجائزة نوبل العالميّة، هناك روائيون عرب وصلوا إلى العالميّة، ومنذ ثلاثين عاماً أسماؤهم على قائمة نوبل، ولم يحصلوا عليها، وهم يستحقونها بجدارة.

س- لكِ حضور في الصّحافة الأدبيّة والسّياسيّة، وعملتُ في أكثر من مجال فيها. حدّثنا عن تجربتكَ هذه.

الرّأي السّائد وأنا معه هو أنّ الصّحافة تؤثّر على عمل الأديب والمبدع، وتأخذ الكثير من وقته، وباتتْ عاملاً سلبيّاً على المبدع بدرجة ما. لكن للصّحافة غوايتها الآسرة وللعمل الصّحفيّ لذة مختلفة في التّعبير إزاء الأحداث الآنيّة وقضايا المجتمعات والثّقافة، ومعظم كبار الأدباء والأكاديميين مارسوا الصّحافة إلى جوار  أجناس الكتابة الأخرى، ولهم بصمتهم التي لا يغفلها القرّاء، وأحيانا تمثّل الصّحافة مصدر رزق للكثير من الأدباء نتيجة عدم وجود منح، أو إجازات تفرّغ للكتابة، إضافة إلى عدم وجود مؤسّسات متخصّصة تتبنّى المنجز الإبداعيّ  في عالمنا العربيّ ، فيضطر البعض إلى العمل فيها؛ لأنّها تبقيه في دائرة الكتابة والإبداع .\

س- منذ شهر ونيف تعيش مجاورة ثقافيّة في الأردن مع الأديبة د. سناء الشّعلان في الأردن. ماذا تقول عن هذه المجاورة من ناحية الفكرة وتبلورها، وتطبيقها على أرض الواقع؟

في البدء فكرة المجاورة الثقافيّة طُرحتْ من قبل الدّكتورة سناء الشّعلان، وهي من لدن مشاريعها الثقافيّة والإبداعيّة، وهي فكرة ليستْ مستحدثة، لكنّها في حاجة إلى جهد جهيد ودعم ماديّ للأسف لم يتوفر من أيّ جهة.

فتحمّلنا معاً أعباء هذه المجاورة، فكانتْ فعاليّة ناجحة، سال لها لعاب الكثيرين بعد أنْ لاقت أصداء طيبة جدّاً، وبصراحة ودون مجاملة حرّكت المشهد الثقافيّ، وهي غير مسبوقة عربيّاً، وكانتْ تقتصر على الجامعات الأكاديميّة إلى حدّ ما.

إنّها صرخة في وجه بعض المتقوقعين والمتعاطين النّمطيين للثّقافة ودحر مقولة “ليس بالإمكان أحسن مما كان” بل أثبتت الشعلان أنّه يمكن فعل الكثير على الرّغم من تقاعس المؤسّسات الرّسميّة وغير الرّسميّة عن دعم الثّقافة والإبداع .

 س- ما انطباعكَ عن زيارتكَ هذه للأردن لا سيما فيما يخصّ النّقلات الحضاريّة فيها وشكل المشهد الثقافيّ فيها؟

أقول وبصراحة وموضوعيّة أنّ الأردن قفز قفزة كبيرة ومهولة في مجال العمران والبُنى التّحتيّة واستخدام التّكنولوجيا. عدتُ إلى الأردن بعد 28 عام من مغادرته، وكان التّغيير الحاصل صادماً بالنّسبة لي على الأصعد كافّة، ومنها الثّقافيّة، فلم يمرّ يوم دون نشاط ثقافيّ وإبداعيّ إضافة إلى ذلك زيارتي لبعض الجامعات التي تُعدّ الرّافعات الحقّيقيّة لتطوّر أيّ مجتمع، والأردن باتْ مركز استقطاب للتّعليم الجامعيّ بكلّ فروع المعرفة العلميّة والإنسانيّة.

وعمان مدينة كوزوموبوليتانية يعيش بها الجميع بحبّ وسلام وأمان بائن للعيان، ولاتخطؤه عين أيّ زائر أو مقيم من خارج الأردن ومن كلّ أقطار المعمورة.

 س- لقد كان لكَ نشاطاً ووجوداً ظاهريّاً في المشهد الثقافيّ الأردنيّ العراقيّ طوال مجاورتكَ الثّقافيّة في الأردن. ماذا قدمتَ لها المشهد؟ وماذا قدّم لكَ؟

حاولتُ جاهداً أن أكون متواجدّاً قدر الإمكان في المناسبات الثّقافيّة والاجتماعيّة كلّها، وأنا أسلّط الضّوء، وأتحدّث عن الحياة الثقافيّة في العراق لاسيما ما بعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق عام 2003م. وأعتقد من خلال التّغطيات الإعلاميّة بات جليّاً ما قمنا به والدّكتورة سناء الشّعلان من نشاط واضح لكلّ المهتمين بالشّأن الثّقافيّ العربيّ مما دفع البعض أن يحسدنا أو يغبطنا على ذلك. ولكلّ امرئ على دهره ما تعود في قراءة تجارب ومغامرات الآخرين من منطلق التّقييم والرّصد.

وأجزم أنّ البعض مصاب بالعنّة الفكريّة والإنسانيّة، وجلّهم من أتباع السّلطة، ويحاولون تجميل تخادمهم الفجّ، وهؤلاء كمن يطلق الرّصاص على قدميه بتفاهاته وتركيزه على الأمور الشّخصيّة بعيداً عن المنجز الإبداعيّ.

أنا شديد القلق من الأدلجة والشّخصنة المهيمنة على الثّقافة والإبداع. أؤمن بمقولة مايثو أرنولد: “ما عادت الثّقافة نقداً للحياة، بل هي نقد يوجّهه الشّكل الهامشيّ من الحياة للشّكل المهيمن”.

من هذا المنظور أرى يجب على المجاورات الثقافيّة “أنْ تتحوّل من حالة فرديّة هامشيّة إلى حالة تطّور فكريّ للمجتمع ككلّ بما تنتجه من حراك ثقافيّ وتلاقح إبداعيّ”.

 س- عمّ تمخّضت المجاورة الثقافيّة بينك وبين د. سناء الشّعلان؟ وما هي المراحل المستقبليّة منها؟

بلا أدنى شك هذه المجاورة الثقافيّة عرفتني على الكثير من القامات الأكاديميّة والإبداعيّة الأردنية المشهود لها عربيّاً وعالميّاً، وأعادتني من جديد إلى مقاعد الدّراسة مع طلبة الجامعة الأردنية التي تحاضر الشعلان فيها أستاذة للأدب الحديث. كما حالفني الحظّ للتعرّف على جوانب أخرى من اهتمامات الشّعلان بوصفها ناشطة حقوقيّة وإنسانيّة.

لقد تبلورتْ عندي معرفة عميقة ودقيقة للدّكتورة سناء الشعلان عن كثب عبر معرفتي لتفاصيل كلّها، ويومياتها جميعها، وليس عبر منجزها الكبير في الرّواية والقصّة والمسرح والنّقد فقط. وهناك جانب إنسانيّ عظيم في شخصيتها لا يمكن معرفتها إلاّ بالمعايشة كاهتمامها بالطّفولة والمرأة والإنسان والغرباء والمستضعفين، وشهدتُ بعض نشاطاتها في هذا الجانب الذي لا تفصح عنه لخصوصيته عندها، والأمر متروك لمن عرفها عن كثب، وشاركها ببعض هذه النّشاطات الإنسانيّة للحديث عنه بالتّفصيل.

مستقبلاً لدينا الكثير من المشاريع المشتركة التي سترى النّور قريباً، بعضها منجز، والبعض الآخر ربما يصدر –في القريب- في كتاب عن هذه التّجربة التي أعدّها رياديّة في الوطن العربيّ لما لاقت من زخم إعلاميّ  واهتمام غير مسبوق.

 س- في ضوء تجربتك هذه هل تنصح الأدباء العرب بتعميم تجربة المجاورات الثّقافيّة والأكاديميّة والإبداعيّة بينهم؟

أعتقد أنّ المجاورة ليس رحلة سياحيّة، أو التقاء كاتبين، أو صديقين مبدعين  كما يتصوّر البعض، بل هي معرفة على المستوى الإبداعيّ والثقافيّ بمعنى آخر “هي دينامية علاقات الذّات والآخر مركزيّة؛ لأنّها تمكّننا من معرفة أحدنا للآخر، فلا بدّ من شجية تربطنا كبشر وأداء يرسخ هويتنا الإنسانيّة كلّ هذا يعتمد على الثّقافة والإبداع”.

وأتمنى على من يريد خوض هذه التّجربة أن يبتكر أسلوبه الخاصّ كما فعلت الدّكتورة الشّعلان التي صنعتْ من هذه الفعاليّة تجربة متفرّدة بامتياز، وبذلتْ جهداً شاقّاً وملحوظاً أستطيع أنْ أجزم وأقول سيستفيد منها كلّ من يريد خوض التّجربة مستقبلاً لتكونَ أكثر إمتاعاً وغنى.

  س- هل لكَ أن تذكر لنا بعض القصص القصيرة جدّاً التي شُغفت بها، وبقيتْ عالقة في ذاكرتكَ من هذا الكمّ  اللامحدود والمهول المنشور في الصّحف ومواقع الانترنيت؟

لدي أرشيف كبير للقصّة القصيرة جدّاً نقداً وكتابة، واحتفظ بكلّ قصّة تعجبني. والقصص المختارة تخضع لذائقتي  كقارئٍ شغوفٍ بالقصّة القصيرةِ جدّاً.

أ- التّعاون مع ذبابة:

أضع الكلمة على الصّفحة، تضع الفاصلة

ليديا ديفس – أمريكا الشّماليّة

ب- مسير:

في طريقي إليكَ لاحظتُ أنّ حذائي بالٍ “جدّاً”..

فعرفتُ أنّي على هذا الطّريق منذ وقت طويل..

فعدتُ أدراجي، وتركتُ حذائي يواصل مسيره إليك.

مطيعة محمد أحمد – السودان

ج- أيّها القناع الصّغير، أعرفك جيداً

الفكاهة والحياء يسيران سويّة بصورة عامة، ولن تكون أنت استثناء. فالفكاهة قناع والحياء قناع آخر.

فلا تدع أحداً ينتزعهما منكَ دفعة واحدة.

أوغستو مونتيروسو – غوانتيمالا

د- الصّاعقة التي ضربت مكاناً مرتين:

ذات مرة ضربتْ صاعقة مكاناً واحداً مرتين، لكنّها اكتشفتْ في المرّة الثّانية أنّها تسبّبت في المرة الأولى بما يكفي من الأضرار؛ لذلك صكّت أسنانها مزمجرة أسفاً.

إدوردو غاليانو – الاورغواي

16- كلمة أخيرة تودّ قولها؟

 

لم يُخلَقْ بعدُ مَنْ يفكُّ مغاليقَ الوجود

كلُّ ما هو مطلـوب منِّا

أغنيةً من القلبِ

لكلِّ الفصــول

  

المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :كمامة مطلوبة..!؟


فيروس كورونا ؛ استدعى احتياطات للنجاة ، منها (كمامة ) ؛
وأحسب أن تدني الأخلاق فى مصر بلغ إلى حد يستوجب
استخدام ( كمامة) ايضا لاعتزال فحش القول ، وغيبة ونميمة المجالس ، وكيد المنافقين، وظلم الظالمين ، واستبداد المتكبرين ، وتنطع المتفيقهين؛ ….
فخطر هذا الانحراف الاخلاقى على سلامة المجتمع وتقدمه
أشد فتكا من فيروس كورونا المنتشر الآن بما يشبه
الوباء ..؟! باعتبار ذلك مدمر لحياة الإنسان السوية ..!؟
فسلوكيات الناس المعوجة فى ضوء تدني التعليم فى ازدياد ؛
فانظر مثلا للزواج والطلاق وما بات يعانيه المجتمع فى الحالتين ؟!
ولنتامل أحجام الشباب عن الزواج ؟!
ولنتامل العنوسة والمطلقات ومشاكلهم الموجعة و المؤرقة !؟
ولنتامل المدارس والجامعات وسلوكيات التربية والتعليم وما ال إليه الحال … ؟!
تقريبا كل الأحوال دون المسار المطلوب وتحتاج إصلاح جذرى وشجاع وصادق وأمين ولنبد أن نبدأ وبواقعية ومنهجية وموضوعية. .. ؛
حتى الإعلام الذى أملنا أن يقود مع الثقافة مشعل التنوير أصابنا حتى الآن بالشلل وما سلوك تلفاز مصر مؤخرا بشأن استضافة أحد الفنانين رغم دوره المسموع فى إلافساد وكأنه قدوة إلا دليل على عشوائية أصحاب القرار وغيبة الرؤية لديهم ؛
الم أقل سادتى …. أننا فى حاجة إلى ((كمامة)) للنجاة من هذا الانحراف والشذوذ الاخلاقى ؛
فياليتنا نواجه هذا الفيروس باعتباره مدمر للمجتمع وتقدمه
بخطة واضحة ومتكاملة ومتناسقة لإيجاد شخصية ذات أخلاق كريمة بهوية مصرية أصيلة وعندها فقط سنحقق
التقدم المنشود ..؟!
23/2/2020