الشاعر كمال عبدالحليم ابن كوم النور ميت غمر

اعداد:عادل وليم
وقف إسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء المصري­ في عام ١٩٤٦م بادي الانفعال وبيده كتاب رفعه في وجه النواب صائحا:
هل قرأتم هذا الشعر؟ البلد في ثورة وأنتم نائمون.
لم يكن هذا الكتاب الخطير الذي زعزع اركان البرلمان المصري عام ١٩٤٦ سوى ديوان شعريا بعنوان” إصرار ” لشاعر شاب يدعى
كمال عبدالحليم يضم بين دفتيه أشعارا ثورية تدعو للتمرد والانتفاضة ضد الاستعمار والظلم والاقطاع وكبار الملاك،.
ولد كمال عبدالحليم عام 1926م فى قرية كوم النور مركز ميت غمر لأسرة ريفية رقيقة الحال ولكنها مهتمة بتعليم ابنائها، وقد كان كمال تلميذا نابها فى دراسته الابتدائية والثانوية،
ثم التحق بكلية الحقوق – جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأول) وتخرج منها عام 1950.
– تعرض كمال كشاعر ثورى، للسجن والاعتقال عدة مرات، وقضى فى السجون والمعتقلات، وملاجئ الهروب والاختفاء، الشطر الأطول من حياته.
وقد تعلق بالشعر منذ صباه الباكر، وبدأ فى كتابته منذ أن كان تلميذاً فى المدرسة الثانوية، ثم بدأ فى نشر أشعاره، وهو مازال طالباً فى كلية الحقوق بالصحف والمجلات اليسارية، كالفجر الجديد، والجماهير، وغيرها. وقد استقبل الناس، وخاصة جماهير اليسار أشعاره بحفاوة بالغة منذ بدأ فى نشرها فنال بذلك شهرة واسعة – كشاعر وطنى وثورى واعد.
– فى أواخر حياته وبعد أن تجاوز الثمانين من عمره أصدر له المجلس الأعلى للثقافة فى سنة 2007 ديواناً بأعماله الشعرية الكاملة
وقد عمل كمال عبدالحليم في بداية حياته بالمحاماة وقد أسس دار الغد للنشر عام 1984 غير أن نشاطها توقف عام 1992
ومثلما كان كمال عبدالحليم من الرموز الوطنية الكبيرة في اليسار المصري والتي ازدهر كفاحها منذ الأربعينيات ضد الاستعمار
كانت قصائدة تتميز بالبساطة والعمق والانحياز للفقراء والكادحين والمعدمين
حيث تفاعلت أشعار كمال عبدالحليم مع الأحداث الوطنية ولعبت دورا تحريضيا في إثارة الاحتجاج ضد الاستعمار والاستبداد. ولعل من أشهر قصائد كمال عبدالحليم تلك القصيدة التي غنتها فايدة كامل عام ١٩٥٦ أثناء العدوان الثلاثي علي مصر:
دع سمائي فسمائي محرقة….
دع مياهي فمياهي مغرقة ……
واحذر الأرض فأرضي صاعقة ..
هذه أرضي أنا وأبي ضحي هنا
وأبي قال لنا مزقوا أعدائنا
و له ديوان بعنوان: «إصرار» دار الفكر القاهرة 1955، وله مجموعة شعرية بعنوان: «الزحف المقدس» – دار الفكر – القاهرة 1958، وديوان بعنوان: «هذه أرضي أنا» – دار الكتاب بالإضافة إلى عده دواوين اخري وقصائد نشرتها صحف ومجلات عديده وقد توفي في عام٢٠٠٤

مصطفى منيغ يكتب عن :الخُبْز لُغْز الفَرْز

إذا أَحَبَّكَ الشَّعب، فَلِغَيْرِ الله لا تَهَاب، وإن عليك غَضَب ،عافَتْكَ حتى الذباب ، مع الوضع الأول اختارك عن أنبل الأسباب ، لتتبوأ مقام أعز الأحباب ، ومع الثاني يُلحِقُ حتَّى ذِكراكَ بمُسَيلِمةَ الكَذَّاب ، فكن وسطه مَنْ لصالحه يتعب ، وإن تَحَدَّثَ عن هَيْبَتِه أَََصاب ، إذ مهما أخْفَى بين سماكته  الضَّبَاب ، مهمَّته منتهية متى الهدَف على الغاية رَكَب ، لتدبيرٍ أسرارُهُ خلف باب ، لا يَقدر على فتحِها إلاَّ مَن تُدرِك طاعته (كما ينبغى) الأَلْبَاب ، ومهما كَثَّفَ من حجمه السحاب لا يمنع الرياح مِن نقله حيث شاء الوهَّاب ، بمن لحكمته يرزق بغير حساب.

الوقائع المُعاشة نسخة مُصغَّرة لأحداث كُبرى عَمَّرت منذ أعوام لمن باتقان تسخير الفكر عن يقين كَسَب ، مُستَعدّ مهما سَبَرَ أَغْوَارَ مرحلة عما يليها نَقَب ، فكل اسم لمصدر وثيق انتَسَب ، إن كان العمل نِيَّته مفعمة بدراية مرتبطة بمن سُئِلَ بالتضرُّعِ و الرجاء قَصْدَ بَسْط عنايته بتحديد معالم الطريق فأجاب ، إذ الصدفة في مثل المواضيع منعدمة ، ما دام نور الاستكشاف منبعث عن ترخيص الخالق له وليس المخلوق أنسب ، الحِبر وحده لا يُحاكم عمَّا به كُتِب ، بل ضمن الدوافع الملموسة غير المُكتَمَلَة في المحاكمة العادلة إلاَّ بشرط أَتَمِّ نِصاب ، مِن قَلَمٍ مُختصٍّ و يَدٍ محركة وعقلٍ يُمْلِي وضميرٍ يزكِّي الموقف المكتوب المساند الصواب ، المقروء بأجزاء طالت أعدادها سنوات ملتحمة بصدق الأوصاف وأحقية النشر وصلاحية التداول وجُرأة الأخبار وفاءً لشِيَمِ “مهنة المتاعب”  شاملة شرف تحمُّل المسؤولية عن مضامين تَرقََى لخدمة الحقيقة بتعابير دقيقة لا يشوبها عيب خِطاب ، ولا تكشر عن حقدها مهما كان صنفه بأشرس أنياب ، لحد انتباه الشعب أن له في المجال مَن يستحق الحب ليصبح وارادته أصحاب ، ومَن أحبه الشعب ، لغير الله لايخشى أو يهاب .

… أَيأمٌ تَسِيرُ بالدُّولِ صَوْبَ الوصول بِأََشَاوَى في تتبعها يمتزج الاستحقاق الزمني المُقَدَّر بالتطور المرحليِّ لعقول ساكنيها، لانبعاث نهضة على اساس مرتِّب لصلابة استقرارها، كمحرٍّك تلقائي طبيعي يفرز طاقات مضبوطة على قياس حاجة الأجيال المتعاقبة المكلَّفة طلائعها، باضافة ما ينمِّي السعادة في نفوس الآخرين ويزكي الإنتاج بما يتجاوز الإكتفاء الذاتي حرصاً على مسايرة نفس المستوي إن حدث ما يؤثر بالتوقف الاضطراري لمواجهة ما المفروض مواجهته برباطة الجأش، ومدخرات مهيأة مُسبقاً لتغطية حجم أي خصاص، وقبل هذا وذاك، إدارة يحترمها الشعب له معها مواقف تضامن قادرة على تخليص الإيجابي من السلبي بسرعة تنفيذ خطط انقاذ الجزء المصاب ، لتحديد الخسائر في الضيِّق، ومعرفة الخلل بالتفاصيل المسهبة، ووضع كفاءة بعض المسؤولين المعنيين على محك ما ينتظرهم آخر المطاف، خيراً كان أو عِقاباً مُستحَقاً عن انصافٍ مضمون، تفرضة دولة الحق والقانون .

… إن أردنا البحث عمَّا يُدْمِج بعض دول المشرق العربي بما سبق ذكره ، شدَّنا نُصْح العَقلِ باعفائها أصلاً من ذات المقارنة ، إذ للأخيرة معايير موضوعية وأسلوباً تتزعَّمه الصراحة المترفِّعة ومصدرها، عن محاباة أي كان مهما امتلأت جيوبه بالأوراق الخُضر المُخَصَّصة منحها بسخاء حَاتِمِيِّ، لمن يبيع الأوهام المجمَّعة في فانوس سِحريِّ، متى فَرَكَ أحدهم جانبه الأيسر نطق بجمل منمقة مصبوغة بمترادفات الاستحسان ، الدَّالة على “الأحسن مايرام” يشع بحُسْنِ حِسان، والكل في أمن وأمان، بحاضر مستقرٍّ ومستقبل أفضل منه ما كان، وطُرَّهات من نفس المقاسات التي تُبِيتُ النَّائِم عُرْيان، إن صدَّق بها أو لها اسْتَكَان، وكان الله في عون المملكة الأردنية الهاشمية الصامدة بما فيها ، فقد أضحت قادرة اعتماداً على نفسها، بعيدا عمَّن تعوَّدوا ابتياع مظاهر التقدم بالمال دون الانتباه أن التقدم يُصنَّع محليا إن تأسس على قاعدة سواعد مرتبط أصحابها بمقام وطنهم المزروع حبه في افئدتهم الخافقة بشيم تتقاسم فضلها الفاضلات مع الفضلاء وسط مجتمع فاضل لا يشتري بعرقه زينة التطاهر المتقلب الظرفي إذ له أصل  بقدر ما احترم نفسه حام حوله احترام المحترمين من دول العالم الأول .

… للأرد ينتسب أول خُبز صُنع في الدنيا من حوالي أربعة عشرة ألف سنة (14.000س) اكتُشِفَ في شمال شرق البلاد من طرف  مجموعة من الباحثين علماء الآثار سنة 2018 ، وفي ذلك رغبة أكيدة أصبحت لدراسة تاريخ حضارة المنطقة اعتمادا على سلسلة معطيات تبرزها دلائل تمنح لهذا البلد ما يستحق من ألفاب أقلها “وطن التعايش” بمفهوم توفير متطلبات الحياة الكريمة في ظل استقرار مستوفي لشروط قيام دولة تضيف لصالح العنصر البشري معرفة التدبير المحكم لمواصلة البقاء مهما فرض الزمان من تحولات تُعتبر طبيعية خلال مراحل جد موغلة في القِدم ، كانت القوة المنفذ الأساس لبناء ما يصمد ناطقاً بعد الآف السنين بعظمة مكان ، تَطَوَّر اسمه ليصبح الآن “المملكة الأردنية الهاشمية” . 

*كاتب المقال

سفير السلام العالمي

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي في سيدني-استراليا