الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن : وقفُ التنسيقِ الأمني عزةٌ وكرامةٌ

أياً كانت حقيقة نوايا السلطة الفلسطينية، وبغض النظر عن خلفيات قرارها، وما إذا كانت صادقة في موقفها، وحازمة في خيارها، ومصرة على تنفيذ تهديدها، وغير عابئةٍ بالعقوبات ولا خائفة من التهديدات، ولا تقلقها التصريحات الإسرائيلية، ولا تعنيها المواقف وردود الفعل الأمريكية، ولا تبالي بتهديدات فريدمان ولا تصريحات غرينبلانت، وتصر على المضي قدماً في الانسحاب من قيود التنسيق الأمني، وبراثن الارتباط مع الكيان الصهيوني، والتحلل من خارطة دايتون التي رسم خيوطها بدقةٍ، وحبك عقدها بطريقةٍ تجعل من السلطة الفلسطينية عيناً إسرائيلية، وأذناً تسمع وتراقب، وتدون وتسجل، وتضبط وتقمع، وتضرب وتبطش، وتعتقل وتعذب، وتسيء إلى الشعب الفلسطيني وتظلم.

 

وأياً كان الدافع وراء قرارها المتكرر وتهديدها الدائم، الذي أخذته بنفسها بناءً على قناعاتٍ راسخةٍ، وحقائق دامغةٍ، أو نتيجة يأسٍ وقنوطٍ، وانعدام الفرص وانسداد الطرق، بعد فوز اليمين الإسرائيلي مجدداً برئاسة نتنياهو المتحالف مع اليمين المتطرف والجنرالات الحاقدين.

 

وسواء كان القرار استراتيجياً ثابتاً، أو تكتيكياً مؤقتاً، فإنه يبقى قراراً صائباً وموقفاً لازماً تأخر صدروه، وتعطل تنفيذه، وحلم الشعب الفلسطيني كله كثيراً باتخاذه، وتمنى صدق سلطته في تنفيذه، فقد تأذى من معرة التنسيق الأمني كثيراً، وتضرر بسببه نضاله وعانت منه مقاومته، وأساء إلى تاريخه المشرف وإلى قضيته الوطنية، وشوه صورته البهية ولطخ سمعته الطاهرة، وأطلق العنان للأصوات الشاذة والأنظمة المنحرفة، لتتخذ منه وسيلةً للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ومبرراً للانفتاح عليه والتعاون معه.

 

يكاد الفلسطينيون لا يصدقون أن سلطتهم قد مضت في قرارها، والتزمت بوعدها، وانسحبت من مراكز الارتباط والمواقع الأمنية المشتركة، وكفت عن إفساح الطريق لجيش العدو ليقتحم، وامتنعت عن تزويده بالمعلومات ليعتقل، وتوقفت عن القيام بمهامه القذرة بالإنابة، فتنفس الفلسطينيون الصعداء، وحمدوا الله عز وجل إذ تخلصوا من سبة التنسيق، وتبرأوا من تهمته، وتطهروا من رجسه، وانعتقوا من ربقته، وتحرروا من قيده، وثاروا بشرفٍ على ذله وهوانه، فهذا التنسيق ليس إلا وصفاً مخففاً أو اسماً مزوراً للعمالة والجاسوسية، التي يبرأ منها الشعب الفلسطيني ويستعيذ بالله السميع العليم من شرورها وآثامها.

 

صُدمَ العدو الصهيوني بجدية موقف السلطة الفلسطينية وارتبك، وشكا إلى الإدارة الأمريكية وطلب منها التدخل، وأرسل إلى رئاستها رسائل عديدة، عربية ودولية، مباشرة وغير مباشرة، خشنة وقاسية، وناعمة ورقيقة، اقتصادية واجتماعية، وسياسية وأمنية، يدعوها للتراجع عن قرارها، والعدول عن موقفها، والعودة إلى مربعات التنسيق الأمني والتفاهم الثنائي، ولعله سيستمر في محاولاته لي عنق السلطة وثنيها عن قرارها، مخافة أن ينكسر عنقه، ويفقد حياة التائهين من جنوده، والمتجاوزين من مستوطنيه.

 

شعر العدو الصهيوني بأن يده قد قطعت، وأن عينه قد فقئت، وأنه بات عاجزاً عن القيام بما اعتاد عليه، بعد أن أصبح في مواجهة الشعب وعلى تماسٍ من رجال المقاومة، الذين ربما تصلهم أسلحة جديدة وعتاد عسكري، أو قد يمتلكون قدرات قتالية نوعية، توفرها مخازن الأجهزة الأمنية ومقراتها، ويتبرع بها رجالها ويقدمها بحماسٍ عناصرها.

 

بات العدو في ظل هذا القرار محتاراً بين الأمن والمواجهة، التي كان لسنواتٍ طويلةٍ في مأمنٍ منها، إذ كفته السلطة مؤونة الاشتباك مع الشعب والاصطدام مع عناصر المقاومة، الذين ينتشرون في مناطق الضفة الغربية، ويتوزعون في قراها ومدنها، ويحلمون بالمواجهة، ويتطلعون إلى الاشتباك، ويتلمظون بشغفٍ للانقضاض، ولعلهم يملكون القدرة على الفعل والمبادرة لولا عيون أجهزة أمن السلطة وسجونها المفتوحة.

 

إنها فرصة فلسطينية كبيرة، وخطوة وطنية متأخرة، لا ينبغي التراجع عنها مهما كانت الأسباب، ولا يجوز العبث بمشاعر الشعب الفلسطيني وروحه الوطنية، الذي فرح بهذا الإجراء، وسعد كثيراً بهذا القرار، فالعدو الإسرائيلي هو المتضرر والخاسر الوحيد، وهو الذي انقطعت به السبل وغرقت به السفن، فلا تنقذه السلطة، ولا تمد له طود النجاة، إذ لن يصبر على التيه والعمى، والعجز والشلل، وغياب الأمن وهاجس المقاومة، وسيجد نفسه مضطراً بالقيام بوظائفه كسلطة احتلالٍ تجاه شعبٍ يحتل أرضه، وفقاً لكل الاتفاقيات الدولية التي تحكم العلاقة بين قوى الاحتلال والشعوب الخاضعة له.

 

ولتعلم السلطة الفلسطينية أن شعبها حرٌ عزيزٌ، أبيٌ كريمٌ، شريفٌ أصيلٌ، لا يقايض شرفه بكسرة خبز، ولا يستبدل جوعه بفتات طعامٍ، ولا يذله الحصار، ولا تخضعه ممارسات الاحتلال، ولن يسكت عن نوايا الضم وقرارات حكومة التوسع والاستيطان، وسيسقط بقوته سياسات الاحتلال وسينتصر عليه، وسينال منه ما يتطلع إليه ويصبو له، وهو يثق بعد الله عز وجل بقوته ومقاومته، وثباته وصموده، ويقينه وإصراره، فلا تخذله سلطته، ولا تغدر به قيادته، ولا تعبث بقضيته وتتلاعب بمصيره، ولتمض في موقفها، ولتراكم عليه الجديد الأفضل، تنسيقاً مع القوى الفلسطينية، والتفاتاً إلى مصالح الشعب الفلسطيني وانحيازاً له، فذاك هو سبيل النجاة، والخطوة الأولى نحو استعادة القرار الوطني الفلسطيني الحر والموحد.

 

بيروت في 2/6/2020

مصطفى منيغ يكتب من برشلونه عن :إبْتِكَارٌ رائِع لسياسة الزَّمَن الرَّابع

مَا مَضَى الأَجْمَل إِن الأسْوَأ أَقْبَل ، وإن التشابه بينهما أَحَلّ ، فقد أصاب التمييز فينا الخَلَل ، وعلينا استبدال الحال بأنجع حَلّ ، حتى لا نُصاب بخيبة الأمل ، فَيَنْأَى عنَّا المُراد الحلال، لجهة لا تعتمد على الخيال ، إرادتها أقوى وهدفها أنبل ، وما يَتَصَوَّر لها في البال ، تُدركه بعزيمة لا تتبدَّل ، بمجرد طائشة سياسية ترتدي لباس الفكر المُهَلْهَل، المُشَجِّع مَلْء البطن بأي مَال ، فالإنسِياق لإغراءات الضلال، ثم الاكتفاء بمُخَدِّر المِزاج أينما مَرَّ اللَّهْو لمُجونه مَال ، غَير مُبالي بحاضرٍ ولا مستقبل ، فقط بنومٍ أبَدِيٍّ يريحه من الاجابة عن أصعب سؤال ، أكان الحرمان السبب أم سياسة القيل والقال، المَنْثُورة سموماً أصابت بعض رِجال ، كان فيهم لزمن قصير كالأول ، ثم الثاني فالعاشر ليستقر مع الصفر لأمد أَطوَل ، ومهما حاول القاء المسؤولية على أحد المستقطِبين له بخطاب علني وجدَ نفسه مُلقََى على الأرض مضروباً من الخلف بمِعْوَل،

ما مضى أَلْعَن إن الآتي ألْيَن ، فإن تقاربا في توأصل أرعن ، شبَّت مقاييس تحليلنا تصدعات لا تُقارَن . فما العمل إذن إن لم نجعلها فرصة لابتكار زمن رابع لمشروع “سياسة” تُخرِجُنا من حَيْرَةِ أحاطتنا بجملة أهوال تشع بمحن ، ما ترتَّبت إلا لقهر الطموح فينا بإيعاز من ضعف امكانات عقول ألفت الاسترخاء حيث اراد لها العجز أن تقف عن ممارسة ما هي قادرة عليه خارج التعلُّق بحساباتِ سياساتٍ أكَلَ الدهر عليها وشرب قيَّدت الاندفاع الفكري المشروع عن مواصلة الاجتهاد لاضافة الأرْقَى للرُقِيِّ المُكتسب من قرون ضاربة في القِدَم أنطلاقاً من “أثينا” أمّ فلاسفة الإغريق ، مروراً ببذور حضارة تنظيم المشتت في جمع مبارك بين صحاري شبه “الجزيرة العربية” ، استحضاراً لانجازات فراعنة “مصر” المُحَيِّرَة حتى الآن جَهَابِذَة الهندسة المعمارية الذين مهما اجتهدوا اكتشفوا أن اجتهادهم في حاجة لاجتهاد أزيد وهيهات أن يصل لاستكشاف ولو ربع الاسرار العلمية لتلك المعالم الباقية لآخر يوم تنتهي فيه الأرض إلى مصيرها المعلوم . الزمن الرابع يمزج الماضي بالحاضر لتنمية المستقبل باضافة جانب تحاول فيه الارادة السياسية المقترحة فرض حلول لمعالجة مشاكل من صنع “قلة” عبر المغمور لم تحسن التصرف في ايجاد سياسة توقظ الواقع كلما أصابه الوهن بفعل فاعل غلبه الاحتفاظ برؤى واحدة غير صائبة حيال ضرورة التطور كما شاءت سُنَّة حياة البشر ، سياسة تنصح ولا تَسْتَحْوِذ ليعم السلام بين العرب وغيرهم ، بدءا بمراجعة المملكة العربية السعودية دورها المشوب بالمخاطر أصبح بعد مرحلة مستقبلية قصيرة لا تتجاوز نهاية هذه السنة ، والسبب تواجدها في اليمن بشكل لم يُخَطَّط له جيِّدا ، أو بالأحرى غيَّب الجانب التاريخي لماضي لا زال يؤكد للحاضر بمزج الوقائع بعضها ببعض ممَّا يجعل اليمن لا يُهزَم أصلا مهما تجمَّعت ضده النوازل واقتحمت قوى الغزو أرضه طمعاً لاحتلالها وجعل سكانه عبيدا أذلة، مثل اجتياح الحبشة بمساعدة الروم ساعتها المنتهي كان بتبديد ذاك الحلم الخارج عن تعايش الدول واحترام حدود بعضها البعض، حتى محاولة “أبْرَهَةَ الأَشْرَمْ” التنصل من طاعة حكامه الحبشيين بنية استمالة اعيان القبائل اليمنية  ليعيٍّن نفسه ملكاً عليها لم تجديه نفعاً ، فاليمن هو اليمن، الأرض والانسان الملتصقان جذورهما الأصلية الأصيلة على مر الأزمان ،اما الطرف الثالث فلن يكون سوى ضيفاً معززاً مُكرماً أو رسول بلاد يقيم اواصر التعاون المبني على تبادل المصالح المشتركة الطبيعية الند للند . لم تكن المملكة العربية السعودية في حاجة لصبغ  سفوح رواسي جهات محددة بدماء اليمنيين لفرض ما شاءت فرضه بالقوة لاستحالة استدراجهم للخضوع لما لا يحبون ، المتنافي مع كرامتهم وتشبثهم بشرف الاحتيار الحر لما يناسب بيئتهم المميَّزة عن قناعة أن وطنهم لن يكون السعودية واستئصالهم منه ضرب من سابع المستحيلات إن لم يكن أولها . وهكذا ستحصد اغنى دول الاسلام ما حصدته أمريكا من حربها في “فتنام” إن استمرت في عناد لن يُلحقها البتة لما تهدف إليه .

… سياسة الزمن الرابع تُمكِّن من اخراج شوكة الحكام السعوديين من جسد الأزمة المعقدة باقتراحات مقنعة نستطيع رفعها إلى المعنيين المالكين حق اصدار القرار إن اظهروا استحسان مثل الطريقة الجاعلة قطف ثمرة الصلح (المؤدي لسلام دائم يحفظ لكل جانب حقه بالعدل ولا شيء غيره) بالأمر الممكن. 

*كاتب المقال

سفير السلام العالمي

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي في سيدني-استراليا

الدكتور عادل عامر يكتب عن:العلاقة بين فساد الآباء وإجرام الأبناء

 

أن فساد نظام الأسرة يرجع في الغالب إلى عدم مبالاة الآباء أو إهمالهم. ففي كثير من الأسر لا يبذل الآباء جهداً كافياً في سبيل تهذيب أبنائهم والإشراف عليهم، وبمجرد أن يصبح الأبناء قادرين بدنياً على الاعتماد على أنفسهم فإنهم يتركونهم وشأنهم دون رقابة أو توجيه.

ونتيجة لذلك يجد الأبناء أنفسهم على اتصال بأشخاص خارج المنزل ويصبح صيرورتهم مجرمين أولاً متوقفاً على نوع النماذج التي يصادفونها في المجتمع الخارجي. وهذا الإهمال من الآباء في تربية أبنائهم يصاحبه في الغالب سلوك إجرامي من جانب الآباء أنفسهم، ومن المحتمل كذلك أن يتحقق هذا الإهمال في الأسر التي تنتمي إلى أدنى المستويات الاجتماعية والاقتصادية وتقيم في المناطق الموبوءة المكتظة بالسكان أكثر مما يتحقق في عائلات الطبقة المتوسطة.

وتبعاً لذلك فإن احتمال ارتباط الطفل ـ الذي يهمل آباؤه تربيته ـ بكثير من نماذج السلك الإجرامي يكون احتمالاً كبيراً. وثمة مشكلة أخرى تنصل بنظام الأسرة وتربية الأبناء وتبدو في عائلات المهاجرين.

فالآباء الذين يكونون ناجحين في معاملة أبنائهم وتهذيبهم في المجتمع الريفي، يجدون أنفسهم عاجزين عن ذلك متى هاجروا إلى مجتمع حضري. ويرجع السبب في ذلك من ناحية إلى جهل الآباء بظروف الحياة الاجتماعية في المدينة وسرعة إدراك الأبناء لهذه الظروف الأمر الذي قد يحمل الأبناء على النظر إلى آبائهم نظرة استخفاف أو سخرية.

 ومن ناحية أخرى إن افتقاد المهاجرين مساندة العائلة الكبيرة والجماعة التي يستعينون بها في مجتمعهم الأصيل يضعف من مدى وفاعلية رقابتهم لأبنائهم.

 ونتيجة لهذه الصعوبة التي تواجهها الأسرة المهاجرة في تربية أبنائها والإشراف عليهم، فإن هؤلاء الأبناء سوف لا يحظون بمساعدة فعالة في توجيه سلوكهم ويجدون أنفسهم على ارتباط بكثير من النماذج الإجرامية التي يصادفونها في المجتمع الحضري.

كذلك من المشاكل التي تتصل بتربية الأبناء مشكلة الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات الرعاية كالأيتام واللقطاء. حيث أنه من بين 84 من الأطفال الذين حرموا من آبائهم في سن مبكر وبلغوا سن الثامنة عشرة دون إيداعهم في ملاجئ للأيتام لم يحظ 18% منهم فقط بتقويم كاف، في حين أن 34% من بين 96 طفلاً من نفس النوع سبق إيداعهم في ملاجئ للأيتام لمدة خمس سنوات أو أكثر لم يحظوا بهذا التقويم.

والواقع أن الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات الرعاية لا يكتسبون في الغالب الشعور بالطمأنينة والثقة بالنفس، كما أن الكثيرين منهم يزجون بغير تحصين كاف في ارتباط مع المجرمين والنماذج الإجرامية. ويسود الاعتقاد كذلك بأن الأطفال الذين يحرمون من آبائهم ويتولى الغير تربيتهم يميلون إلى الإجرام أكثر من غيرهم من الأطفال. غير أنه من المتعذر التحقق من مدى صحة هذا الاعتقاد نظراً لعدم وجود المقارنات الصحيحة بين الأحداث في خصوص هذه المسألة، وقد يكون من العسير للغاية اختيار العينات الملائمة التي تجري عليها هذه المقارنات.

ومن المحتمل أن يكون هذا الاعتقاد مبنياً على ملاحظات عارضة خاصة بأطفال حرموا من آبائهم وأصبحوا مجرمين. حقيقة الدور الإجرامي للبيئة العائلية: من التحليل السابق لظروف البيئة العائلية وعلاقتها بالإجرام يمكننا أن نستخلص خمس حقائق رئيسية في شأن الدور الإجرامي لهذه البيئة، نوجزها فيما يلي:

 1 ـ إن الطفل يمكنه أن يستوعب أثناء وجوده بمنزل أسرته عن طريق ملاحظة الآباء وغيرهم من الأقارب بعض التصرفات الإجرامية ونماذج السلوك الإجرامي. وهو حينئذ يصبح مجرماً لأنه تعلم أن يكون كذلك في بيئته العائلية.

 2 ـ إن الآباء يحددون على السواء الموقع الجغرافي للمنزل والمستوى الاجتماعي للأسرة. وموقع المنزل له أهميته الكبيرة في تحديد نماذج السلوك التي قد تحيط بالطفل. فإذا كان المنزل في منطقة ترتفع فيها نسبة الإجرام فإن احتمال مواجهة الطفل لنماذج عديدة من السلوك الإجرامي يكون أكبر مما لو كان المنزل في منطقة تنخفض فيها نسبة الإجرام. وبالمثل إن انتماء الطفل إلى أسرة ذات مستوى اجتماعي واقتصادي منخفض قد يؤثر كثيراً على إنكاره أو تقبله للقيم السائدة في المجتمع.

 3 ـ إن أسرة الطفل قد تحدد له المكانة الأدبية لمختلف الأشخاص وكذلك أنماط الأشخاص الذين تربطه بهم فيما بعد علاقات وثيقة فقد يتعلم الطفل في أسرته الابتعاد عن الغرباء أو تجنب أفراد أقليات معينة أو رجال البوليس أو غيرهم. وقد يتعلم أن يقدر الناس بحسب مظهرهم وملبسهم ولهجتهم أو مهنتهم، وهذا التقدير يؤثر فيما بعد على مدى تقبله أو طرحه لنماذج السلوك التي يواجهها في المجتمع.

 وبتعبير آخر إن الطفل يتعلم في أسرته عدم المبالاة بما يبديه بعض الأشخاص من نماذج للسلوك إجرامية كانت أو غير إجرامية وأن يهتم بالعكس اهتماماً كبيراً بتلك النماذج التي تصدر عن أشخاص آخرين.

4 ـ إن الطفل قد يجد نفسه مضطراً إلى هجر أسرته بسبب ما يواجهه فيها من ظروف أو خبرات غير مرضية، وقد يجد نفسه رغم بقائه في منزل أسرته مضطراً إلى الانعزال عن أفرادها والانطواء على نفسه بسبب تخلف الخبرات السارة. فقد يهرب الطفل من منزل عائلته أو يبقى فيه ولكن في شبه عزلة عن أفرادها رغم استمراره في تناول الطعام والنوم معهم.

 وهذه العزلة عن العائلة من المحتمل أن تؤدي إلى زيادة ارتباطات الطفل بالنماذج الإجرامية وتقلل من ارتباطاته بنماذج السلوك القويم. ومع ذلك فمن المتصور في بعض الحالات أن تؤدي هذه العزلة إلى نتيجة عكسية، فقد تكون البيئة العائلية ذات طابع إجرامي وحينئذ يؤدي انعزال الطفل عنها إلى زيادة ارتباطاته بالنماذج غير الإجرامية.

 5 ـ إن الأسرة قد تفشل في تدريب أبنائها على علاج المواقف التي تواجههم في المجتمع بكيفية تتفق مع القانون. فقد لا توجد في البيئة العائلية نماذج إجرامية، ولكن تتخلف فيها في نفس الوقت النماذج غير الإجرامية.

وهذا الفشل في تقديم نماذج غير إجرامية يرجع إلى نقص في الإشراف على الأبناء وتوجيههم إما بسبب عدم وجود الأبوين أو بسبب عدم اهتمامهم، وأما بسبب حمايتهم المفرطة لأطفالهم في صورة عدم إطلاع الأبناء وإفهامهم لأنواع السلوك الإجرامي التي من المتوقع أن تواجههم في المجتمع فيعملوا على مقاومتها، الأمر الذي يكون من نتيجته أن يفشل الطفل في تنمية العوامل التي تحول بينه وبين الإجرام تلك العوامل التي من المفروض أن ينميها في بيئته العائلية. والواقع أن معظم العوامل التي تساهم في إجرام الأحداث يمكن إرجاعها إلى الحقيقتين الرابعة والخامسة السابق شرحهما.

 فاشتغال الأم خارج المنزل، ووفاة الأب، وعدم مصادفة الطفل للظروف الملائمة في منزل العائلة، وعدم مبالاة الآباء بسلوك أبنائهم أو صرامة النظام الذي يفرضونه عليهم وقسوته، كل هذه العوامل تدخل في إطار الحقيقتين الرابعة والخامسة.

وهاتان الحقيقتان تبدو أهميتهما في أن انعزال الطفل عن أسرته أو عدم مواجهته في بيئته العائلية بقدر كاف من نماذج السلوك غير الإجرامي من شأنه أن يضاعف من احتمال اتصاله بالمجرمين والتمثل بنماذج السلوك الإجرامي. ويمكن القول بأنه إذا كانت الأسرة تقيم في وسط لا توجد به نماذج للسرقة فإن أبناءها لن يرتكبون هذه الجريمة مهما بلغ إهمال الآباء لهم وبالرغم من كون الظروف في المنزل غير مرضية.

وهناك بعض الأحياء المنعزلة يهمل فيها الآباء مراقبة أبنائهم، ويسيئون معاملتهم، ويكونون في حالة فقر مدقع، ويدمنون على السكر، ورغم هذه الظروف العائلية السيئة لا يسلك الأبناء سلوكاً إجرامياً. عقدة أوديب وعلاقتها بإجرام الأحداث:

وبالإضافة إلى الحقائق الخمس السابقة هناك حقيقة تبدو لها بعض الأهمية في تحديد السلوك الإجرامي للحدث، هي أن الطفل قد يتعود في الأسرة عدم الطاعة، والنفور من السلطة.

 ويفسر علماء النفس اعتياد الطفل على عدم الطاعة بعقدة أوديب ويعتبرونها السبب الرئيسي في الإجرام. وتتكون هذه العقدة من كراهية الابن لأبيه بسبب منافسته له في محبة أمه وتودده لها وكونه السلطة العليا في المنزل.

 ويحول الابن كراهيته لأبيه إلى كراهية للسلطة والنفوذ وميل إلى عدم الطاعة حينما يصبح له نشاط في المجتمع الخارجي. غير أنه من العسير أن نحدد مدى التحول المذكور في إحساس الطفل، إذ من الملاحظ أن كثيراً من الأطفال الذين يعلنون التمرد والعصيان في منزل عائلتهم يسلكون سلوكاً قويماً في منازل الجيران أو في المدرسة. التوتر النفسي والاضطرابات العاطفية: إن التوتر النفسي والاضطرابات العاطفية في منزل العائلة تساهم في إجرام الأبناء.

 فمما لا شك فيه أن التوتر النفسي الذي ينتج من المحاباة أو النبذ أو عدم الطمأنينة أو الشدة البالغة في المعاملة أو الإثارة أو غير ذلك من الظروف المماثلة أمر يميز كثيراً من الأسر ويؤثر على كثير من الأطفال. ويذهب علماء النفس إلى أن المجرم مصاب باضطراب عاطفي مرجعه اضطرابات عاطفية في الأسرة، وهم بهذا الاضطراب يفسرون عادة إجرام الأحداث. وإذا تساءلنا عن العلاقة بين التوتر النفسي للمجرم واضطرابه العاطفي وبين ارتكابه الجريمة لوجدنا الإجابة على ذلك في إطار الحقيقتين الرابعة والخامسة السابق إيضاحهما.

 فهذا التوتر النفسي والاضطراب العاطفي للأبناء إذا كان من المحتمل أن يدفعهم إلى الإجرام فإنما يكون ذلك في حدود ما قد يترتب عليه من انعزال الطفل عن أسرته وتبعاً زيادة ارتباطاته بنماذج السلوك الإجرامي وفشل الأسرة في إفهامه للنماذج الإجرامية التي من المتوقع أن يقاومها وتحصينه ضدها.

 ولكن التوتر النفسي للطفل واضطرابه العاطفي لا يؤدي بالضرورة لصيرورته مجرماً. ويكفينا تأييداً لذلك أن نلاحظ أن الفتاة التي لا تجد عطفاً وحنواً في منزل أسرتها قد تصادف هذا العطف والحنو في علاقات غير مشروعة مع الصبية.

ولكنها قد تصادفهما أيضاً خلال مباشرتها لأوجه النشاط المشروع في المدرسة أو في المجتمع. وعليه نعتقد أنه إذا كان من المحتمل أن يكون للتوتر النفسي والاضطراب العاطفي الذين يصيبان الطفل نتيجة للظروف الشاذة في منزل الأسرة أهمية في تسبيب الجريمة فإن ذلك لا يكون إلا في إطار الحقيقيين الرابعة والخامسة السابق شرحهما ولكن لا باعتبارهما سببين قائمين بذاتهما.

*كاتب المقال

دكتور القانون العام

محكم دولي معتمد

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

الزراعة تتخذ كافة الاجراءات الاستباقية لمنع دخول الجراد الصحراوي الحدود المصرية

كتب: ناصر البدراوى

تلقى السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى من د عباس الشناوي رئيس قطاع الخدمات والمتابعة التقرير الذي أعده د عصام ياسين رئيس الإدارة المركزية لمكافحة الآفات الزراعية بشان الاجراءات الاستباقية التى تتخذها وزارة الزراعة لمواجهة اسراب الجراد الصحراوى ومنع دخولها الحدود المصرية وجاء في التقرير أن لجان المسح والمكافحة التابعة للادارة العامة للجراد تنتشر بالمناطق الحدودية بالصحراء الجنوبية الشرقية وساحل البحر الاحمر ( سفاجا – القصير – مرسى علم – الشيخ الشاذلى – حماطة – الشلاتين – ابو رماد – حلايب ) والعلاقى شرق بحيرة ناصر والصحراء الجنوبية الغربية ( جرف حسين – ابو سمبل – توشكى ) وشرق العوينات والوحات البحرية وفى الشمال الغربى سيوة والسلوم

وهذه اللجان مزودة بسيارات دفع رباعى للعمل فى الوديان والاماكن الوعرة بالمناطق الحدودية وآلات رش ومبيدات ومهندسين زراعيين وسائقين وعمال مدربين على أعلى مستوى لأعمال المسح والمكافحة لحشرة الجراد الصحراوى ومزودة بجهاز ELocust لارسال تقارير المسح والمكافحة لغرفة المعلومات بالدقى لتحليلها واتخاذ القرار المناسب فى أعمال المكافحة.

التقرير أفاد بأن هذه اللجان في حالة استعداد دائم طوال العام ثم تعلن حالة الطوارئ في شهر سبتمبر اى قبل موسم التكاثر الشتوى والهجرة الطبيعية لحشرة الجراد الصحراوى والذى تتأثر به الحدود المصرية حيث يبدأ موسم التكاثر الشتوى من اكتوبر الى ابريل من كل عام أى أن اللجان بالصحراء تكون مستعدة قبل موسم التكاثر الشتوى بشهر كامل للوقوف على حالة الجراد الصحراوى والحالة البيئية من كساء نباتى ورطوبة تربة وسقوط الامطار

وأن هناك غرفة عمليات بالوزارة برئاسة رئيس الادارة المركزية لمكافحة الافات وعضوية مدير عام الادارة العامة للجراد ومدير ادارة الجراد ومدير ادارة البلاغات والتوصيات لمتابعة تقارير اللجان المتواجدة بالصحراء وتحليلها واتخاذ القرار المناسب بناء على هذه التحاليل ومتابعة الموقف ساعة بساعة كذلك تعمل غرفة العمليات على توفير مواد الوقود اللازمة لسيارات المسح والمكافحة وكذلك توفير المبيدات اللازمة لاعمال المكافحة.

التقرير أشار إلى وجود تنسيق مع كافة الاجهزة المعنية بالدولة بالإضافة الى التواصل المستمر مع منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو ) للوقوف على موقف الجراد الصحراوى بالدول المجاورة مثل ليبيا والسودان واليمن والسعودية و الاستفادة من النشرة الشهرية التى ترسلها الفاو للدول الاعضاء.

وانتهى تقرير الإدارة المركزية لمكافحة الآفات الزراعية ان الوضع هادئ تماما في مصر وهذا ما يؤكده أيضا موقع الفاو ولايوجد أى نشاط للحشرة على مستوى المناطق الحدودية والداخلية من البلاد.

وأن لجان المسح والاستكشاف تواصل عملها بالصحراء والمناطق الحدودية للوقوف على حالة الجراد الصحراوى لهذه المناطق والقيام بأعمال المكافحة لاى تجمعات أو اسراب تهاجم البلاد.

مجلس الوزراء يستعرض جهود مواجهة فيروس”كورونا” فى اجتماعه اليوم

كتب: حافظ الشاعر

ترأس الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الاجتماع الاسبوعى لمجلس الوزراء الذى عٌقد اليوم عبر تقنية “فيديو كونفرانس”، لمناقشة عدد من الملفات المهمة، هذا إلى جانب متابعة جهود مختلف جهات الدولة فى التعامل مع أزمة فيروس “كورونا” المستجد.

وخلال الاجتماع، قدمت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، عرضاً حول آخر المستجدات المتعلقة بموقف حالات الاصابة والوفاة نتيجة فيروس “كورونا” المستجد، وكذا اجمالى الحالات التى تم شفاؤها وخرجت من المستشفيات، هذا إلى جانب موقف الحالات التى تحولت نتائج التحاليل الخاصة بها من ايجابية إلى سلبية، منوهة إلى توزيع الحالات الايجابية على مستوى الجمهورية وأماكن تواجدها سواء كانوا يخضعون للعلاج داخل مستشفيات العزل، أو نُزل الشباب، أوعن طريق العزل المنزلى لتلك الحالات، مشيرة إلى أن إجمالي عدد الحالات التي تم تحويلها إلى نُزل الشباب بلغ 5894 حالة، فيما سجلت الحالات التي تم عزلها بالمنزل 5484 حالة.

وأكدت وزيرة الصحة أنه بتتبع معدلات الاصابة بفيروس “كورونا” على مستوى الجمهورية، وجد أن المحافظات السياحية، ومنها محافظات: مطروح، وجنوب سيناء، والبحر الاحمر، والوادى الجديد، سجلت أقل عدد حالات إصابات، فيما سجلت محافظات القاهرة الكبرى، معدلات إصابة أكبر عن باقى المحافظات، وهو ما دعا إلى إتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة عدد المستشفيات داخل تلك المحافظات الأكثر إصابة، بما يسهم فى تقليل الإختناقات وتخفيف الضغط على مستشفيات العزل الموجودة بها.

كما أشارت وزيرة الصحة إلى الجهود التى تم بذلها فى إطار مواكبة زيادة اعداد الاصابات بفيروس “كورونا” التى تمت مؤخراً، وخاصة فيما يتعلق بزيادة عدد الأسرة الداخلية بالمستشفيات، وكذا عدد أسرة الرعاية المركزة، فضلاً عن أجهزة التنفس الصناعى، وذلك سعياً لتقديم كافة أوجه الرعاية الطبية اللازمة لمصابى الفيروس على مستوى الجمهورية، موضحة أن اجمالى عدد المستشفيات المتعاملة مع أزمة فيروس “كورونا” وصل إلى 340 مستشفى على مستوى الجمهورية بعد إضافة 320 مستشفى فرز وعزل على مستوى الجمهورية، تضم 35152 سريراً داخلياً، و2218 جهاز تنفس صناعى، و3539 سرير رعاية مركزة، مضيفة أنه جارٍ العمل على تجهيز 36 مستشفى أخرى، ليصبح إجمالى عدد المستشفيات التى تتعامل مع مصابى فيروس “كورونا” 376 مستشفى على مستوى الجمهورية.

وتطرق العرض إلى أعمال التطوير التى تشهدها مستشفيات الحميات والصدر، وخاصة مستشفى صدر العباسية، ومستشفى حميات إمبابة، ومستشفى القاهرة الفاطمي.

واستعرضت الدكتورة هالة زايد، عمليات إصدار التحديث الدوري لبروتوكول العلاج الخاص بفيروس “كورونا” المستجد، موضحة عناصر استمارة متابعة مصاب الفيروس، والذى يتلقى العلاج بالمنزل، والتي تتضمن بيانات تفصيلية عن المريض، وتاريخ بداية الأعراض، وتاريخ الانتهاء منها، ووجود مرض مزمن من عدمه، وعدد المخالطين للمريض بالمنزل، فضلا عن جدول يتضمن جرعات العلاج التي تسلمها وزارة الصحة للمصابين موزعة على الأيام المحددة للعلاج، موضحة أن بروتوكولات العلاج المعتمدة للحالات المصابة، طبقا لمستوى خطورة الإصابة، تم تقسيمها إلى أربعة مستويات، تتضمن الحالات البسيطة والمتوسطة والمتقدمة والشديدة.

وأشارت الدكتورة هالة زايد إلى أن الوزارة تقوم بتوفير الادوية وفقاً لبروتوكولات العلاج المعتمدة، حيث تم توفير 500 ألف جرعة للحالات الحرجة المحجوزة بالمستشفيات، هذا إلى جانب 8 ملايين جرعة للمخالطين للحالات الإيجابية، وكذا 2 مليون جرعة للحالات الإيجابية التي تخضع للعزل المنزلي.

وتطرقت الوزيرة إلى عملية تجهيز جرعات العلاج وتوزيعها عن طريق القوافل العلاجية والوحدات الصحية على حالات العزل المنزلي والمخالطين، موضحة أن إجمالي عدد وحدات الرعاية الصحية الأساسية علي مستوى الجمهورية التي تقوم بتوفير العلاج للمخالطين وحالات العزل المنزلي تبلغ 5013 وحدة.

كما تناولت الوزيرة خلال العرض بياناً حول أعداد المعامل التابعة للوزارة التي يمكن من خلالها إجراء تحليل فيروس “كورونا” على مستوى الجمهورية، مشيرة إلى أن عدد المعامل وصل إلى 32 معملاً موزعة على المحافظات، موضحة أنه جارٍ العمل على إضافة 8 معامل للتحليل أخرى قريباً، بما يسهم فى زيادة القوى الاستيعابية للمعامل، منوهة إلى عدد المعامل التابعة للمستشفيات الجامعية على مستوى الجمهورية، والتى بلغت 17 معملا، ليصبح إجمالي المعامل التي يمكن من خلالها إجراء تحليل فيروس “كورونا” 57 معملاً على مستوى الجمهورية.

كما أشارت وزيرة الصحة إلى التحديثات الجديدة التي تم إصدارها على تطبيق “صحة مصر”، الذي تجاوز مستخدموه مليون شخص منذ انطلاقه خلال شهر إبريل الماضي، والتى شملت خدمة الرد الآلي عبر الواتساب على رقم 01553105105 .

#رئاسةمجلسالوزراء