الدكتور عادل عامر يكتب عن : الإفادة الاقتصادية للقطار الكهربائي للصعيد 

أن حجم الطب مبدئيا لن يُحقق الاستفادة القصوى، مرُجعا ذلك لوجود أزمة راهنة في الاستيراد والخامات ومستلزمات التشغيل، وكذلك ارتفاع العُملة، في حين أن الخطوط الإنتاجية أيضا لم تعمل بالطاقة القصوى، 

 أن الوضع الراهن لم يستمر كثيراً: «مجرد أن نبدأ في دوران الإنتاج سنُحقق فرصا تصديرية مرتفعة”. ان عملية نقل البضائع من خلال القطار الكهربائي السريع لخط الصعيد  لن يكون منافسا للشاحنات والسفن العاملة في الموانئ العربية والمحلية، لأنه  يُغطى جزءا من منظومة النقل بمصر، ومكمل  لوسائط النقل المُتعدد، في حين أن هناك شاحنات منتظمة بعملها ومستمرة بصفة دائمة ولديها نوعية محددة من البضائع ستنقلها. تحتل البنية التحتية في قطاع النقل أهمية كبيرة 

وتعتبر ركيزة أساسية لتنفيذ منظومة النقل متعدد الوسائط، كما أن تجارب التنمية الناجحة أوضحت أن إنشاء طاقة كبيرة من البنية التحتية من طرق وموانٍ ومطارات وسكك حديدية يعد مطلبًا رئيسًا للتنمية، وقد نفذت الحكومة المصرية مشروعات قومية كبرى في قطاع النقل بمختلف وسائطه، فقد أضاف المشروع القومي للطرق نحو 7000 كم طرق جديدة، 

بالإضافة إلى تحسين جودة ورفع كفاءة الشبكة القائمة، وإنشاء الكباري للربط بين ضفتي النيل في جنوب مصر، كما اهتمت بتحسين الطرق الداخلية، ولم يغرب عن بالها الربط الطريفي الإقليمي، سواء من خلال الطريق الساحلي الدولي الذي يربط دول المشرق بدول المغرب، أو طريق القاهرة كيب تاون، واهتمت بالربط الطرقي مع السودان وتشاد، وهذه استثمارات ضخمة وغير مسبقة، أدت إلى تحسين ترتيب مصر في مؤشر جودة الطرق، حيث قفز من 118 عام 2014 إلى 28 عام 2020، ويتطلب الأمر صيانتها وإداراتها بكفاءة ومنع مرور الحمولات التي لا تتناسب مع طاقة الطريق، كذا إنشاء حارات خرسانية على محاور الطرق تسمح بمرور الشاحنات ذات الحمولات الكبيرة. 

 أما فيما يتعلق بالبنية الأساسية في السكة الحديد فتتبنى الحكومة مشروع تنفيذ منظومة متكاملة للقطار الكهربائي السريع، يبلغ إجمالي طولها نحو 1000 كم، بسرعة تصميمية 250 كم /ساعة، وبتكلفة إجمالية تقدر بنحو 360 مليار جنيه، وتشمل شبكة متكاملة تربط الجمهورية كلها حتى الصعيد وكل الموانئ المصرية بالمناطق الصناعية والتنموية والمدن الجديدة، ستهدف الوزارة إحلال وتجديد الأسطول الحالي، كما تشجع القطاع الخاص على تملك وتشغيل سفن النقل النهري. 

ولعل من المناسب أن نذكر أن تنفيذ منظومة النقل متعدد الوسائط يتطلب الاستثمار في البنية المعلوماتية وشبكات الاتصال اللازمة ونظم تتبع البضائع والتبادل الإلكتروني للبيانات. وثمة جانب مهم أيضًا للاستثمار هو إعداد الكوادر البشرية المؤهلة لتنفيذ وإدارة المنظومة، 

ولا شك أن الاستثمار في البنية الأساسية للنقل متعدد الوسائط سيحسن من ترتيب مصر في عدد من المؤشرات الدولية، مما يعزز ترتيبها في مؤشر التنافسية. وهذا الخط سيحدث تنمية اقتصادية وصناعية كبيرة، وذلك من خلال ربطه بين الموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط، وكذلك الموانئ الجافة والمناطق الصناعية على جانبيه. فالقطار السريع سيحدث طفرة كبيرة في نقل البضائع والركاب بسرعة. ومن المخطط أن يتم نقل 8.5 مليون طن بضائع عبر القطار السريع، وهو ما يتفوق على خطوط السكة الحديد التي تنقل 4.5 مليون طن فقط سنويًا ومن المستهدف أن يصل حجم نقل البضائع إلى 22 مليون طن في عام 2040. 

 ومن فوائد المشروع الجديد أنه سيسهم أيضا في تخفيف العبء على الطرق البريّة لأن نقل البضائع يعتمد بنسبة 99% على الطرق البريّة وذلك لعدم وجود أدوات نقل أخرى. بصفة عامة ستساهم المنظومة الجديدة في تخفيض واختصار زمن الرحلات بين المحافظات لأكثر من نصف الوقت الذى يستغرقه المواطن حاليا سواء عبر شبكة القطارات القديمة أو عبر الطرق الحالية الرابطة بين المحافظات، كما أن مشروع القطار السريع سوف يساهم في إنشاء مناطق لوجستية جديدة تخدم جميع المناطق الصناعية والزراعية المار بها لنقل المنتجات منها أو نقل الخامات إليها وهو ما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. وسيعمل على الخط عدد 6 قطارات سريعة بسرعة، وعدد 16 قطار إقليمي، وعدد 6 قاطرة بضائع. يبلغ عدد محطات الخط 5 محطات منها 3 محطات للقطار السريع ومحطتين للقطارات الإقليمية وهي: «قنا، شرق سوهاج، الغردقة، سهل حشيش، وسفاجا». 

 المشروع سيساهم في تخفيض واختصار زمن الرحلات بين المحافظات لأكثر من نصف الوقت الذى يستغرقه المواطن حاليا سواء عبر شبكة القطارات القديمة أو عبر الطرق الحالية الرابطة بين المحافظات. أنّه سيكون له دور ملموس وجدوى فنيّة واقتصادية، ويساعد على تشجيع الزحف العمراني، مفسّرًا ذلك بأنّ أي منطقة غير مأهولة بالسكان سبب رئيسي في هجرتها هو عدم وجود وسائل نقل ومواصلات. 

“وجود قطار كهربائي سريع ينقل ركاب وبضائع ويمر بمناطق غير مأهولة سيعتبر شريان للتنمية، من خلال إقامة مجتمعات تنموية، ومناطق صناعية، وإحداث خلخلة في الكثافات السكانية والانتقال إلى مساحة أكبر بدلًا من التركيز على 6% من المساحة الكلية لمصر”. 

بالنسبة لتخفيف العبء على الطرق البريّة؛ فشدد على أنّ القطار سيحدث نقلة نوعية في نقل البضائع ويخفف من الضغط على النقل البري لأن نقل البضائع يعتمد بنسبة 99% على الطرق البريّة وذلك لعدم وجود أدوات نقل أخرى”.أنّه من المتوقع انتهاؤه خلال عامين، أي بداية 2023، خاصة في ظل اهتمام الدولة بالقطار الكهربائي السريع، لتخفيف الأحمال على الطرق البريّة. إن قطاع النقل يلعبُ دورًا رئيسًا في التطوّر الاقتصادي والاجتماعي للدولة، ويُشكّل دُعامة أساسيّة للنمو الـمُستدام، فشبكات النقل بكافةِ أنواعِها سِكَك حديديّة وطُرُق بريّة وقنوات ملاحيّة هي بمثابة شرايين الحياة التي يتدفّق عبرها النشاط الاقتصادي والاجتماعي لنشر الرخاء والعُمران في كافة أنحاء البلاد، كما أن الـموانئ البحريّة والجويّة والبريّة (الجافة) تُعتبر الـمنافذ الرئيسة لنقل التجارة الخارجيّة ودعم ميزان الـمُعاملات الجاريّة. وبذلك، تُحقّق شبكات النقل كلًا من الـمنفعة الـمكانيّة والـمنفعة الزمانيّة من تدفّقات السلع والخدمات، فضلًا عن الـمنفعة الـمعرفيّة والتقنيّة الناتجة عن تنامي الأسواق والعلاقات الاقتصاديّة الدوليّة. وأضافت السعيد أن الرؤية التنموية للقطاع تتخطّى مُجرّد تطوير آليّات نقل الركّاب والبضائع إلى الـمُشاركة الفاعلة في ترسيخ مفهوم التنمية الـمُستدامة، وذلك من خلال توفير نظام نقل يُحقّق أهداف التنمية الـمُستدامة، ويرتبط ارتباطًا جوهريًا مع مُتطلّبات التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة القوميّة الـمُستقبليّة، ويُدعّم في الوقت ذاته دور النقل على الـمُستوى الإقليمي والدولي، موضحة أنه من الـمُقدّر أن يبلُغ إجمالي الاستثمارات الـمُستهدفة لقطاع النقل نحو 307 مليار جنيه في عام الخِطّة، مُقابل 240.7 مليار جنيه في العام السابق.وأشار تقرير وزارة التخطيط إلى الـمُستهدفات التنمويّة للقطاع موضحًا أنه من الـمُستهدف أن يصل إنتاج قطاع النقل بالأسعار الجاريّة خلال عام 22/2023 إلى 672.4 مليار جنيه، مُقارنة بنحو 586.5 مليار جنيه في سنة الأساس (21/2022)، بنسبة زيادة 14.7%، بينما يستهدف الإنتاج الحقيقي للقطاع زيادة بنسبة 4.8%، حيث من الـمُقدّر ارتفاعه ليصل إلى 614.6 مليار جنيه، وفيما يخُص ناتج القطاع، من الـمُستهدف أن يرتفع من 380.6 مليار جنيه في عام 21/2022 ليصل إلى 442.4 مليار جنيه عام 22/2023 بالأسعار الجارية، مُحقّقًا مُعدّل نمو 16.2%.واستعرض التقرير التوجّهات الاستراتيجيّة لخِطّة عام 22/2023 بقطاع النقل وتتمثل في تحقيق التوازن والتكامُل بين وسائل النقل الـمُختلفة، مع التركيز على تنمية منظومة النقل مُتعدّد الوسائط لضمان الاستخدام الأمثل لكل وسيلة نقل، تطوير قطاع السِكَك الحديديّة وزيادة مُساهمته في نقل البضائع لتحسين اقتصاديّات القطاع وتوفير وسيلة نقل رخيصة، وتخفيف العبء عن شبكة الطُرُق، إلى جانب تدعيم الدور الحيوي للنقل البحري ولخدمات الـموانئ الـملاحيّة واللوجيستيّة في تنشيط حركة التجارة الدوليّة وانتقالات الأفراد، والرحلات السياحيّة، فضلًا عن مُواصلة تفعيل برامج التحوّل الرقمي وميّكنة كافة الخدمات بالـموانئ البحريّة والبريّة، وتوفير آليّات حجز التذاكر الإلكتروني، وتطبيق الـمحمول والبوّابات الإلكترونيّة بقطاعات السِكَك الحديديّة والأنفاق، وتعزيز التكامُل مع الجهات الـمعنيّة من خلال أنظمة الشباك الواحد والإفراج الجُمركي الـمُسبق، وتطبيقات أنظمة النقل الذكيّة، وخدمات الـمراكز اللوجيستيّة والـموانئ الجافة. وتتضمن التوجهات أيضًا 

إعادة الهيكلة الـماليّة والإداريّة للهيئات والإدارات التابعة، والنهوض بالكفاءات البشريّة للارتقاء بمُعدّلات الأداء وتعظيم العائد من استثمارات النشاط، تعميق التصنيع الـمحلي لبعض مُكوّنات النقليّات، مثل عربات السِكَك الحديديّة، وبعض مُستلزمات مركبات النقل، تعزيز مُشاركة القطاع الخاص في تطوير منظومة النقل والارتقاء بالجودة، والدخول في مشروعات بنظام الشِراكة مع القطاع العام، تحقيق مُستويات عالية من الأمان والسلامة في قطاع النقل، والارتقاء بمُستوى جوّدة الخدمات الـمُقدّمة للمُواطنين، وللقطاعات الـمُستخدمة لوسائل النقل، علاوة على التحوّل التدريجي لـمركبات النقل الكهربائيّة للحد من التلوّث البيئي للهواء وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (الناجم عن وسائل النقل العام). وأكد التقرير أن قطاع النقل حقق إنجازات ملموسة خلال الأعوام القليلة الـماضية، 

ساهمت بصورة فاعلة في تطوير منظومة النقل والارتقاء بجوّدة خدماتها، ذكر منها زيادة أطوال شبكة الطُرُق الرئيسة بنسبة 112% بين عامي 2013 و2020، زيادة أعداد الكباري العلوية من 2370 كوبريًا عام 2013 إلى 4159 كوبريًا عام 2020، بنسبة نمو 75%، إلى جانب زيادة أعداد الكباري الثابتة من 208 كوبريًا عام 2013 إلى 1848 كوبريًا عام 2020، بنسبة نمو 790%، تطوير عدد الـمحاور على النيل من 38 محورًا عام 13/2014 إلى 49 محورًا عام 20/2021، بنسبة نمو 29%، علاوة على خَفض ازدحام المركبات الـمُرخّصة لكل كيلومتر من 302 مركبة عام 2019 إلى 219  مركبة، بنسبة تراجُع 27%، انخفاض حوادث الطُرُق بنسبة 10% من 2.2 حادثة لكل ألف مركبة عام 2013 إلى 0.8 حادثة/ألف مركبة عام 2021. وقد ساهمت الإنجازات الـمُحقّقة في الارتقاء بشبكات الطُرُق والكباري، والإشادة الدوليّة بما يجري إنجازه، ومنها ارتقاء مصر بالتصنيف العالـمي لجودة الطُرُق 85 مركزًا، لتقفز مصر من الـمركز  113 إلى الـمركز 28 عالـميًا عام 2020. 

*كاتب المقال

دكتور القانون العام والاقتصاد

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

شركة أبو ربيع ..أكثر من 6 عقود من الريادة في صناعة اللوحات الإعلانية

فلسطين / الأردن / الزمان المصرى : خاص

بمناسبة مرور 67 عام على تأسيسها في فلسطين 1956 ، علـى يد حافظ ابـو ربيع ، وتأسيس فرع للشركة في الأردن عام 2000 ، تحت العلامة التجارية ” power print ” بإدارة المهندس بسام ابو ربيع وشركاه ، احتفلت الشركة بتركيب اكبر واحدث ماكينة طباعة في العالم نوع  (  EFI VUTEk  ) لتكون الشركة من الأوائل  في الشرق الأوسط ، بهذا الانجاز، ونقطة تحول رئيسية في مسيرة الشركة ، وأدى هذا الإنجاز إلى تحسين جودة العمل ، من خلال اعتماد الابتكارات والتقنيات الجديدة ، واستخدام الآلات المتقدمة ، تنفيذا لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم ، التي طالما أكد عليها بهدف تطوير القطاع الصناعي في الأردن ، لفتح مجال أكبر لتشغيل الشباب .

المهندس بسام ابو ربيع مدير عام الشركة ، قال بهذه المناسبة ، ان الالتزام بأعلى معايير الجودة يحجز لنا  مكان ريادي في الاردن والعالم العربي ، ونحن نعمل ضمن معايير جمالية وفنية عالية الدقة في مجال صناعة وطباعة اللوحات الاعلانية الداخلية والخارجية ،بالإضافة الى تجهيز المعارض وصناعة الملصقات الإعلانية للسيارات ، إذ تقدم الشركة منذ تأسيسـها فـي فلسـطين عام 1956 علـى يد حافظ ابـو ربيع خدمات ذات أثر إيجابي ملموس للأعمال الصغيرة والمتوسطة والكبيرة .

وفي هذا الإطار، كشف مدير عام الشركة المهندس بسام ابو ربيع ، ان الشركة وبعد مرور أكثر من 6 عقود على تأسيسها ، مرتبطة بالنظام البيئي وهي جزءٌ لا يتجزأ من تكوينها ، والقوة المحركة لشركتنا ، مؤكدا ان استلهام فكر وفلسفة  الآباء واستمرار الأبناء في هذا العمل ،  ألهمنا بمواصلة مشوار الريادة ، بذات الكفاءة والدقة لكونها فلسفتنا التي نعتمد عليها .

الدكتور عادل عامر يكتب عن :  قمة أبو ظبي التشاورية وأهميتها للأمن القومي العربي 

تعتبر قمة تشاورية لتعزيز العلاقات بين دول الإخوة المشاركين وسبل وبحث مسارات التعاون والتنسيق المشترك في جميع المجالات “في ظل وجود الأزمة الاقتصادية التي ضرب العلم ومن بينهم الوطن العربي الكبير الناتجة من تبعيات الحرب الروسية الأكرانية فضلاً عن التعاون بشأن تعزيز آليات العمل المشترك لصالح الشعوب العربية حيث ستهدف قمة أبو ظبي إلى التشاور والتنسيق بشأن تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. 

وما هي الاحتمالات الثلاثية لانعقادها بهذه العجالة ؟ 

في الشكل، كانت تلك اللقاءات تبدو لمن اعتاد على الصدى الإعلامي والبروتوكولي التي كانت تتركها اللقاءات العربية الجماعية، محبطة، حيث اعتبرها هؤلاء نوعاً من التكريس لحالة الانقسام العربي الموروث عن الاضطراب في المشهد العربي منذ اندلاع عاصفة الربيع العربية التي خلخلت النظام العربي وتركته نهبًا لمواقف سياسية، وإحباطات اقتصادية، واختلالات اجتماعية وأمنية. 

لكن المفاجأة، أن التصدع الذي شهده النظام العربي التقليدي، ظل محصورا في العواصم الكبرى التي كانت تقود مسيرة العمل العربي للدرجة التي انشغلت فيها تلك العواصم عن الدور الذي كانت تلعبه كحاضنة، أو قاطرة لتلك المسيرة. 

وفي موازاة ذلك، ظهرت العواصم العربية الصغرى التي كان يُنظر إليها في مؤسسات العمل العربي المشترك، ككماله عدد، تُرجح فيه كفة التصويت، أو تُفرَض عليها الإتاوات العينية والمالية، دون أن يكون لها موقع فعلي في صياغة القرارات، وفي تحديد الوسائل، ورسم النتائج. 

ولم يكن تنامي دور الدول العربية الصغيرة حجماً تنامياً سهلاً أو مرحباً به، إذ ظل هناك كثير من الدول العربية مَن يعتبر تنامي هذا الدور وزيادة تأثيره نوعاً من التطاول، وظل معيار الحجم الجغرافي والديمغرافي هو الأساس في التقييم، فاستكثرت وأنكرت عواصم القرار العربي التقليدي على الدول العربية الأصغر دورها الجديد، وقامت لفترة طويلة بمقاومة هذا الدور وعطلت بأكثر من شكل جهود هذه الدول في تصحيح مسار العمل العربي وتجديد أولوياته. 

ودور العمق ومتانته من حيث التشاور والتنسيق مع الدول العربية والتي تمر بها المنطقة والعالم كلفي إطار هذا الفهم للدور الذي أخذت دول الخليج تلعبه منذ بعض الوقت، وفي ظل حالة الاستقرار الذي تعيشه هذه الدول، إن على الصعيدين الأمني والاقتصادي، وفي سياق المكانة الاقتصادية والاستثمارية، التي أخذت تحتلها في الخريطة العالمية تأتي قمة أبوظبي الخليجية العربية لتأسيس شكل جديد من العمل العربي المشترك القائم على فهم ناضج لأوضاع المنطقة وللتحديات التي تواجهها في هذه المرحلة.. 

عنوان هذا الشكل الجديد هو الحرص المشترك على أمن واستقرار المنطقة، لا في مواجهة التحديات الخارجية فحسب، بل إزاء التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بعض الدول العربية في الداخل، وفي مقدمتها مصر التي تشكل بحجمها وموقعها الجغرافي وثقلها البشري حجر الزاوية في الأمن العربي ثم الأردن الذي يشكل بموقعه ودوره التاريخي، بوابة من بوابات الاستقرار الإقليمي. 

وضمن هذا الإطار، يمكن أن نفهم معنى قمة أبوظبي التشاورية، ونقدر في ذلك الإطار النتائج التي يمكن توقعها وتقديرها، فكلا البلدين العربيين مصر والأردن يواجهان وضعاً اقتصادياً دقيقاً، يحتاجان معه إلى حزمة من الدعم الاقتصادي والمالي العاجل.. 

صحيح أن الدول العربية الخليجية لم تتأخر في السابق وعبر اتفاقات ثنائية، عن تقديم الدعم والمساندة لمصر والأردن، إلا أن الواضح أن ما يحتاجانه حالياً يتجاوز الإسعاف العاجل، إلى وضع خطط دعم متوسطة وطويلة الأجل وبتمويل جماعي، لا بهدف مواجهة الاستحقاقات العاجلة، بل وضع صيغ عمل إنقاذيه تخرج اقتصادات البلدين من أزماتها ومشكلاتها المستعصية. 

دول الخليج العربية التي لم تتأخر منذ السبعينيات، وحتى الآن، عن تقديم المساعدة والدعم المالي والاقتصادي للدول العربية، لديها اليوم النموذج التنموي الناجح الذي يمكن أن تطوعه لخدمة الاقتصادات العربية المتعثرة، وهي في جهودها هذه لا تنظر لدعم الاقتصادات العربية على أنها مسؤولية سياسية وأمنية فقط بل إنها يمكن أن تشكل عمقاً للإمكانيات الخليجية التي تتطلع للأسواق الخارجية، سواء في الإقليم أو في العالم كحاضنة توفر للاقتصاد الخليجي استمرار النماء والتطور. 

وعن أهمية الالتزام القواعد  ومنع الدخلات في شؤن دول الجوار 

الأمر المهم هنا أن التكاتف والتعاون العربي ضرورة أساسية للتنمية والتقدم في كل دولة عربية على حدة، وعلى المستوى العربي العام.  أماعلى صعيد قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة، نعلم جميعا التحديات الهائلة التي تواجهها الدول العربية في هذا الصدد، وهي تحديات لها مصادر وأسباب شتى. 

هناك التهديد الإيراني لأمن واستقرار الدول العربية، وهناك الأوضاع الداخلية المنهارة في عدة دول عربية، والتي تؤثر على الوضع العربي العام. وهناك التحديات الكبرى المرتبطة بالتحولات في ميزان القوى العالمية وتغير مواقفها من التحالفات وقضايا الأمن في المنطقة، وهناك الحكومة الإسرائيلية الجديدة الشديدة التطرف التي تهدد بمواقفها وتصرفاتها العدوانية الشعب الفلسطيني كله، وهو التطور الذي استدعى عقد قمة سبقت قمة أبوظبي بيوم في القاهرة ضمت قادة مصر وفلسطين والأردن.. وهكذا. 

هذه التحديات سواء على مستوى التنمية والوضع الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى الأمن والاستقرار، تستدعي بداهة أقصى درجات التعاون والتنسيق العربي.وعلى الرغم من أن قمة أبوظبي لم تصدر قرارات، ولا نعرف بالطبع كل ما دار فيها وما تم الاتفاق عليه، لكن بيانها العام أكد مبادئ أساسية في التعامل مع هذه التحديات. 

 هذهالمبادئ تتلخص في: 

1 – الأهمية القصوى لتنسيق المواقف بين الدول العربية في مواجهة هذه التحديات. 

 هذاأمر أساسي، كما كتبنا مرارا، لا يمكن للدول العربية أن تواجه أي تحديات من دون مواقف موحدة وتنسيق مشترك. 

2 – تأكيد أهمية تعزيز العمل العربي المشترك في التعامل مع التحديات. 

وهذا أمر بديهي، فما لم تعمل الدول العربية على تعزيز العمل المشترك سعيا نحو التكامل ونحو بناء قوة موحدة لا يمكن التعامل مع التحديات. 

3 – وضع مبادئ أساسية في التعامل مع الدول الإقليمية والعالمية والعلاقات معها في مقدمتها على الإطلاق، الالتزام بقواعد حسن الجوار واحترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. 

عموما، يعتبر عقد مثل هذه القمة التشاورية حدثا مهما. مجرد أن يلتقي القادة ويتفقوا على مواقف عربية موحدة ويقرروا التعاون والتنسيق أمر له أهمية حاسمة في مواجهة التحديات. 

وانعقدت قمة أبو ظبي التشاورية في سياق مجموعة من الملفات العربية والإقليمية الملحة التي تتطلب تنسيقًا بين هؤلاء الزعماء العرب بشأنها؛ للوقوف على تقديرات الوضع الراهن لها، ورسم خطط التعامل والتحرك بشأنها خلال الفترة المقبلة، 

 ويمكن الإشارة إلى هذه الملفات في التالي: 

القضية الفلسطينية: تقع القضية الفلسطينية دائمًا كأولوية أولى للسياسة الخارجية المصرية، وقضية مركزية للعرب بشكل عام وأول مقومات الحفاظ على الأمن القومي العربي، ولذلك تحرص مختلف اللقاءات والقمم التشاورية والرسمية التي يعقدها القادة العرب على مناقشة آخر تطورات الأوضاع في الأراضي المحتلة، والتأكيد على ضرورة حل القضية الفلسطينية بناء على أسس ومقررات الشرعية الدولية، فضلًا عن التحذير من خطورة استمرار غياب الأفق السياسي للقضية، وهو ما كان محور نقاش كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس في القاهرة في 17 يناير قبل يوم واحد من قمة أبو ظبي. 

وتشهد القضية الفلسطينية في الوقت الراهن عددًا من التحولات المهمة، يأتي في مقدمتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، والمنحى اليميني الواضح المسيطر على توجهات هذه الحكومة وما يحمله ذلك التوجه من تحدٍ لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة مع استمرار الممارسات والإجراءات الإسرائيلية الأحادية اللا شرعية التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام العادل والشامل،  والتي تمس المقدسات الإسلامية في القدس ومنها اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير لباحات المسجد الأقصى في 3 يناير 2022، بالإضافة إلى استمرار الممارسات الاستيطانية في الأراضي المحتلة. وهو كله ما يتطلب نهجًا عربيًا موحدًا للتعامل مع هذه التحديات، بما يضمن الدفع قدمًا بعملية السلام. 

 الأزمات العربية: شهدت الأشهر الأخيرة العديد من المتغيرات فيما يتعلق بالأزمات العربية المشتعلة في كل من سوريا وليبيا واليمن بما يتطلب تنسيقًا مشتركًا للتعامل معها ووضعها في إطار عام يسهم في التوصل إلى حلول لهذه الأزمات بما يحفظ الأمن القومي العربي ككل لا يتجزأ. ففي الملف السوري، تسعى تركيا إلى التقارب مع سوريا بما يسمح بحلحلة الملفات الخلافية بين الجانبين، وهو ما انعكس في اللقاء الذي جمع وزراء دفاع تركيا وسوريا وروسيا في موسكو في 28 ديسمبر 2022. 

أما في الملف الليبي، فاستطاعت القاهرة التوصل إلى صيغة تفاهم بين مجلسي النواب والأعلى للدولة في 5 يناير 2023 بشأن الملفات التشريعية التي تعوق إجراء الانتخابات. وفي اليمن، تبذل سلطنة عمان جهودًا وتقوم بزيارات للوساطة بين الأطراف المتصارعة في البلاد بما يسمح بتجديد الهدنة الإنسانية التي انتهت في أكتوبر 2022، وهو ما قد يفسر حضور سلطان عمان للقاء التشاوري في أبو ظبي كأول محفل دولي يشارك فيه منذ توليه الحكم في يناير 2020. ذلك فضلًا عن ما يتصل بالملف اليمني من تأمين الممرات البحرية الدولية؛ بالنظر إلى موقع اليمن المحوري المطل على مضيق باب المندب، وتولي مصر قيادة قوة المهام المشتركة (153) كأحد أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة بكافة أنماطها. 

الملف النووي الإيراني: يأخذ الملف النووي الإيراني منحى تصاعديًا بين إيران والقوى الكبرى المتفاوضة معها، وذلك بفعل تعثر المفاوضات في فيينا مع الردود المتعارضة على مسودة الاتفاق التي طرحها الأوروبيون في أغسطس 2022، بالإضافة إلى اندلاع الاحتجاجات داخل إيران والموقف الغربي الداعم لها، علاوة على الدعم العسكري الإيراني لروسيا بالطائرات المسيرة في حربها في أوكرانيا، وهي كلها عوامل أدت إلى توقف المفاوضات حتى مع إبداء إيران رغبتها في استئنافها مثلما جاء على لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان في مؤتمر بغداد2، ومن ثم يطرح عدم التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي لإيران، واستمرارها في الوقت ذاته في أنشطتها النووية، وتولي حكومة يمينية في إسرائيل؛ احتمالًا لنشوب تصعيد يستلزم بحثه من جانب القادة العرب. 

الأزمة الاقتصادية: ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بتداعيات اقتصادية عميقة على العالم بأسره والمنطقة العربية على وجه الخصوص، لا سيّما فيما يتعلق بأمن الطاقة والأمن الغذائي وارتفاع مستويات التضخم. ولذلك كانت الملفات الاقتصادية على رأس أولويات النقاش والبحث بين القادة العرب في مختلف اللقاءات السابقة، وخلال لقاء أبو ظبي؛ لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، بما يضمن تحقيق أمن اقتصادي مستدام يحد من التأثيرات والأعباء الاقتصادية التي أنتجتها الحرب في أوكرانيا وقبلها جائحة كورونا، ويضمن عدم التأثر الكبير بأي أزمات مستقبلية. وتظهر أحد ملامح هذا التعاون المشترك في “الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة” التي أطلقتها مصر والإمارات والأردن في 29 مايو 2022، وانضمت إليها البحرين في 25 يوليو 2022، وتركز على تعزيز الشراكة بين الدول الأربع في عدد من القطاعات ذات التأثير مثل الزراعة والأسمدة والأدوية والمعادن والبتروكيماويات. إجمالًا، تشير اللقاءات التشاورية متعددة الأطراف التي يعقدها القادة والزعماء العرب ومنها قمة أبو ظبي التشاورية إلى أن هناك توجهًا عربيًا لإعادة ترتيب البيت العربي وتعزيز وحدة الصف والعمل العربي المشترك في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية والدولية لإعادة التوازن في المنطقة، والنأي عن أي اصطفافات أو انحيازات لا تراعي المصالح العربية، في ظل الأهمية الجيوسياسية المطلة على أكبر الممرات العالمية، فضلًا عن تعزيز تبني مقاربة مواجهة مهددات الأمن القومي العربي، والانخراط النشط في حل الأزمات العربية سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي. مصر وحرصها على تدعيم وتطوير أواصر العلاقات المتميزة مع جميع الدول الشقيقة؟ 

وأسباب غياب السعودية عن قمة أبو ظبي التشاورية 

فقد تكهن سياسيون بوجود خلافات بين السعودية وحليفتها الأولى الإمارات، في حين أكد آخرون أن السعودية غابت لوضعها شروطا جديدة في ملف المساعدات للسلطات المصرية، فيما لفت فريق ثالث إلى أن الاجتماع بحث التهديدات الإيرانية في المنطقة بعيدا عن أية خلافات خليجية. غياب أمير الكويت عن القمة التشاورية ربما يكون مفهوما، ويعود في بعض جوانبه إلى تبني مجلس الأمّة الكويتي (البرلمان) قرارا بمنع حكومة بلاده من تقديم دولارا واحدا كمساعدات لمصر، ووجود أزمة داخلية متفاقمة بين الحكومة والبرلمان هذه الأيام، مضافا إلى ذلك تدهور العلاقة بين البلدين بسبب ترحيل العمالة المصرية من الكويت، ولكن ما هو غير مفهوم حتى الآن هو غياب الأمير بن سلمان ولي العهد السعودي عن القمة التشاورية الطارئة، والعلاقات البينية الخليجية ليست في أفضل أحوالها هذه الأيام، فاذا كان الاستقبال الحار، والباسم، من قبل الشيخ محمد بن زايد للأمير تميم بن حمد أثناء مُشاركته بهذه القمّة قد صعّد الآمال بتخفيف حدّة التوتّر بين البلدين، فإن هناك تسريبات إخبارية 

تؤكد أن العلاقات السعودية الإماراتية تعيش حالة من التأزّم على أرضية الخلافات في الملف اليمني وقضايا إقليمية أخرى، وربما هذا التأزم هو الذي أدّى إلى حدوث انفراجه في العلاقات القطرية الإماراتية، أما إذا انتقلنا إلى العلاقات المصرية السعودية فإنها تعيش حالة من التوتر غير مسبوقة منذ سنوات انعكست في توارد أنباء في الصحافة الغربية (موقع أكسيوس الأمريكي)، 

 عن وقف السلطات المصرية الإجراءات العملية لنقل ملكية جزر تيران وصنافير الي السيادة السعودية، مضافا إلى ذلك شن الإعلام الرسمي المصري هُجوما شرسا على قناة “أم بي سي السعودية ـ مصر” والمذيع عمرو أديب الذي يقدم برنامجا يوميا عن الشؤون المصرية فيها، واتّهامه بالعمالة للسعودية وسط مخاوف من احتمال إغلاق المحطّة التي تبث من مصر. 

*كاتب المقال

دكتور القانون العام والاقتصاد

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

 د. عبد الحليم قنديل يكتب عن : قمم مضغ الهواء

   هل تفيد القمم العربية الأخيرة فى نصرة الحق الفلسطينى؟، “قمة أبو ظبى”  أعقبت مباشرة “قمة القاهرة” الثلاثية ، وبدت الأخيرة معنية أكثر بالوضع الفلسطينى، ولها سوابق جمعت أطرافها، الرئيس المصرى وملك الأردن ورئيس السلطة الفلسطينية ، وصدرت عنها نسخة محدثة من البيان الختامى المعتاد ، الذى يصدر دائما عن القمم العربية الشاملة أو الجزئية ، يعيد ويزيد فى طلب سلام عادل شامل لا وجود له ، وفى المطالبة بدولة فلسطينية على حدود 1967 ، والالتزام بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ، وفى دعم وصاية المملكة الأردنية الهاشمية ، وإشرافها على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس المحتلة ، وفى الدعوة لمفاوضات ، يعرف الموقعون أنه لم تعد من فرصة ولا شبه فرصة لاستئنافها فى المدى المنظور .

  وقد يكون من أثر معنوى لمثل هذه البيانات على السلطة الفلسطينية بالذات ، يشعرها بأنها ليست وحيدة فى مواجهة اقتحامات وعقوبات حكومة الاحتلال الإسرائيلى الأكثر تطرفا ويمينية وعدوانية ، من نوع خصم عشرات ملايين الدولارات من حصيلة الضرائب المستحقة لموازنة السلطة ، التى تجمعها حكومة الاحتلال بحسب اتفاق “باريس” الاقتصادى ، وسبق أن حجبت سلطات الاحتلال عشرات الملايين الأخرى ، بدعوى أن السلطة تدفعها لعائلات الشهداء والأسرى ، وجرى تبرير الإجراء الأخير بتعويض عائلات الضحايا الإسرائيليين فى العمليات الفدائية الفلسطينية ، مع سحب بطاقات التنقل من بعض المسئولين الفلسطينيين عقابا لهم على سعيهم لقرار أممى صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، يطلب رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية فى ماهية وجرائم الاحتلال .

  وقد لا يكون من جدال كثير فى جدوى الدعم العربى الرسمى للسلطة الفلسطينية ، فأصوات المجموعتين العربية والإسلامية فى الأمم المتحدة بالغة الأهمية وحجر أساس ، يضم إليه دوائردعم من أصوات كتل عالمية أخرى ، تضمن تمريرا مريحا لقرارات الجمعية العامة الداعمة معنويا للقضية الفلسطينية ، وقد صدرت لصالح القضية مئات القرارات الأممية ، تحولت كلها إلى حبر يجف فوق الورق ، ربما باستثناء قرار منح فلسطين صفة العضو المراقب ، وما ترتب عليه من انضمام فلسطين إلى هيئات دولية ، تمكنها من عمل دبلوماسى فى مطاردة جرائم الاحتلال ، ولكن من دون حصاد فعلى مؤثر ، ولسبب ظاهر جدا ، هو “الفيتو” الأمريكى الجاهز دائما لدعم كيان الاحتلال فى مجلس الأمن الدولى ، وهو ما يعطى “إسرائيل” صفة الحصانة العملية المتجاوزة لأى قانون دولى أو قرار أممى ، إضافة لدهس حكومات الاحتلال لغالب التزاماتها بمقتضى “اتفاق أوسلو” وتوابعه عبر ثلاثين سنة مضت ، واستشراء التهويد فى القدس والضفة الغربية ، وتأييد واشنطن لقرار إسرائيل بالضم النهائى للقدس المحتلة ، وتفاخر الرؤساء الأمريكيين بولائهم الحار للصهيونية وكيانها ، وقتل الوقت بتظاهر دبلوماسى عن دعم “حل الدولتين” ، تحول عمليا إلى منح وقت كاف لآلة القتل الإسرائيلية ، تنفذ فيه خططا متدرجة ثم طفرية لضم الضفة الغربية بكاملها ، وتحويل الوجود الفلسطينى فيها إلى كانتونات منفصلة متباعدة ، وإلى تذويب الحضور الفلسطينى فى حمض كبريتيك توحش استيطانى ، يسعى لهدم المسجد الأقصى فى أقرب وقت ، وبالذات مع حكومة المجرمين وأرباب السوابق بقيادة “بنيامين نتنياهو” و”إتماربن غفير” و”بتسلئيل سموتيريتش” وأشباههم .

  والمعنى مع ذلك ، أن العمل الدبلوماسى قد يكون مفيدا فى نطاق رمزى ، لكنه لا يعيد حقا ، ولا حتى يفتح طريقا سالكا لاستعادة الحقوق ، بينما كيان الاحتلال لا يعول سوى على منطق القوة والفرض والعصف بالوجود الفلسطينى ، فيما يشتعل الشارع الفلسطينى بالغضب وبالمقاومة ، ويبذل الدم بلا حدود ، ويواجه صلف العدو بتحديه ، فيما تبدو مواقف القمم العربية المعنية فى واد بعيد ، ولا تتحرك حتى لرفع وصمة وعار التطبيع عن نفسها ، وهو أضعف الإيمان فى هذه الظروف ، فلم نسمع ولا نرى أن أحدا من حكام القمة الثلاثية مثلا ، قرر طرد السفير “الإسرائيلى” كتحرك احتجاجى ضاغط ، ولا حتى سحب السفراء بصورة دائمة أو حتى موقوتة ، وكذا بعض حكام الخليج المشاركين بقمة “أبو ظبى” الأخيرة ، وبينهم شركاء بارزون فى رذائل اتفاقات “إبراهام” ، وفى التعاون العسكرى والاستثمارى مع الكيان الإسرائيلى الإجرامى ، وغياب أبسط تحرك فى هذه العواصم وغيرها ، يدحض دعوى التعاطف أو التضامن مع الحق الفلسطينى ، ويكشف مدى التدهور الحادث فى الوضع العربى بعامة ، وفى التعامل مع قضية فلسطين “المركزية” بحبر بياناتهم ، وكان يجدر بهم أن يكونوا أكثر صراحة ، فأفضلهم يفاخر بأدوار وساطة جزئية بين فصائل الشعب الفلسطينى وعدو الأمة كلها ، وآخرون يضعون توقيعاتهم على بيانات التضامن اللفظى دفعا للعتب والحرج ، بينما يمضون عمليا فى طريق آخر ، لا يبالى أصلا بفلسطين ولا بالحق الفلسطينى ، ولا يعتبر فلسطين قضيته “المركزية” ، بل يجعل “إسرائيل” قضيته “المركزية” الأولى ، ويتنقل بخفة من موقف عملى يتجاهل فيه الحق الفلسطينى ، ويقفز مباشرة إلى مركب “إسرائيل” ، ويقدم واجب التحالف العملى معها على سواه ، وفى موقف مخز كهذا ، لا تعدو بياناتهم على الحبر والورق ، سوى أن تكون وسيلة لحرق الوقت ، وإضافة فرص لحكومة الاحتلال ، تنفذ فيها خططها لابتلاع فلسطين بغير إزعاج يذكر ، وهو ما يعنى بالقصد وبالتراكم ، أن حكومات القمم المعنية ، تتبع الموقف الأمريكى الحاضن بدوره لكيان الاحتلال ، وتردد فى العلن خطاب واشنطن نفسه ، حتى وإن اختلفت الألفاظ فى النطاق المسموح به ، ربما عن رغبة ظاهرة مزمنة فى كسب عطف أمريكا ومودة “إسرائيليها” ، وتغطية الوجوه بأقنعة خداع مكشوف ، يعرفه الرأى العام العربى عموما ، ويعانى منه الشعب الفلسطينى ، الذى صار يدرك يقينا ، أن قضيته عادت إلى عصمته وحده ، ومن دون انتظار عون يأتى حتى من أشقائه ، وأن ما أخذ ويؤخذ بالقوة لا يسترد بدونها ، وأن قوة وصلابة الشعب الفلسطينى هى العنصر الحاسم فى معادلات الوقت ، وأن أسلحة البطش الهائلة التى يملكها العدو ، لن تنفعه أبدا فى إدامة احتلاله مهما طال الزمن ، فالشعوب تملك دائما أسلحة أمضى ، تملك سلاح الوحدة والصمود ، وتملك أسلحة المقاومة والفداء ، ولم يحدث أبدا فى تاريخ أى شعب وقع تحت احتلال وغصب ، أن امتلكت مقاومته نفس قوة سلاح المحتلين المادية ، لكن المقاومة كانت دائما تبطل أثر سلاح المحتلين ، وتستنزفه فى معارك ومواجهات وانتفاضات صغيرة وكبيرة ، تزيد فى تكلفة بقاء الاحتلال ، وإلى أن تجعل هذه التكلفة فوق فوائد إدامة الاحتلال ، وفى الصراعات الطويلة المريرة مع الاحتلالات بكافة صورها ، كانت خطط إنهاك الاحتلال طريقا للنصر فى النهاية ، والكفاح الفلسطينى ليس استثناء فى التاريخ ولا فى الجغرافيا ، والشعب الفلسطينى المبدع فى كفاحه ، وفى رقى وتعلم أبنائه ، وفى طاقات الصبر وتحمل التضحيات ، يدرك بضميره الجمعى هذه الحقيقة تماما ، وتوالت انتفاضاته الصغرى والكبرى قبل الاحتلال الاستيطانى ومن بعده ، من انتفاضة 1936 إلى انتفاضة الحجارة إلى انتفاضات القدس وسيفها ، وواجه خيانات وخيبات لا تحصى ، من داخله وفى محيطه القريب والبعيد ، لكن لم يحدث أبدا ، أن تحررت قطعة أرض فلسطينية ، أو جلا عنها العدو ، إلا بإنهاك الاحتلال ومضاعفة تكلفة بقائه ، على نحو ما جرى فى انتفاضة الأقصى التى اندلعت فى 28 سبتمبر2000 ، وأجبرت كيان الاحتلال على ترك “غزة” من طرف واحد عام 2005 ، وتفكيك سبع مستوطنات إسرائيلية كانت على أراضيها ، وبرغم قيود ثقيلة تحاصر “غزة” اقتصاديا ، إلا أن قطعة الأرض الصغيرة المحررة تحولت إلى قلعة مقاومة ، نمت وتطورت مع الوقت والجهد الدءوب ، وأعجزت كيان الاحتلال الإسرائيلى عن أى نصر فى أى حرب دارت مع “غزة” وحدها ، أو فى التحامها مع بؤر المقاومة الشعبية فى القدس وبالضفة وبالداخل المحتل منذ نكبة 1948 ، وقد زادها إلهام “غزة” رسوخا وجرأة  فى السنوات الأخيرة ، برغم التمزق الجارى فى انقسامات الفصائل وصراعاتها وتنسيق بعضها مع العدو ، فلكل شعب خونته ومقاوموه ، والمقاومة الفلسطينية برغم قساوة الظروف ، نجحت فى زرع شتلاتها الجديدة بمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية  وفى الداخل ، وفى قلب القدس من حول رمزية “المسجد الأقصى” و”كنيسة القيامة” ، ولم يتراجع الشعب الفلسطينى خيفة القتل الهمجى ، وقدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى والأسرى فى العام الفائت وحده ، أضاف إليهم عشرات الشهداء ومئات الأسرى مع مطالع العام الجديد الجارى ، وخلق من شبانه وشاباته ونسائه وشيوخه وأطفاله جيشا لا يهزم ، لا يرد ذكره ولا دعمه فى البيانات المحنطة للقمم العربية إياها ، وكلها نصوص فاترة غائبة مغيبة عمدا ، وما من وظيفة لها غير إضاعة الوقت ومضغ الهواء ، وحجب الحقيقة الفلسطينية المضيئة المنتصرة بإذنه تعالى .

Kandel2002@hotmail.com

ورحل مدير مكتب الزعيم جمال عبد الناصر ..سامى شرف في ذمة الله

كتب: عمرو صبيح

سامي شرف .. سيرة موجزة…اسمه مركَّب، عبدالرؤوف سامي عبدالعزيز محمد شرف، والشهرة سامي شرف.

من مواليد مصر الجديدة يوم 20 ابريل سنة 1929.

أتم تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس مصر الجديدة والمنيا والمنصورة فمصر الجديدة التي حصل منها على شهادة إتمام الدراسة الثانوية سنة 1945.

التحق بالكلية الحربية فى عام 1946 و تخرّج ضابطاً برتبة ملازم ثانٍ في أول فبراير سنة 1949 حيث نال بكالوريوس العلوم العسكرية، وكان ترتيبه السادس عشر على الدفعة البالغ عددها 261 طالباً.

خدم في مدرسة المدفعية في ألماظة.

خدم في سلاح المدفعية باللواء الأول المضاد للطائرات في ألماظة.

عمل مدرِّساً للرادار المضاد للطائرات على مستوى اللواء.

عمل كأركان حرب لآلاي (لواء) مدفعية.

في أول يوليو 1952 رُقيّ إلى رتبة اليوزباشي (النقيب).

نُقل إلى مدرسة المدفعية مدرِّساً للرادار المضاد للطائرات، ولكنه لم ينفذ هذا النقل لقيام ثورة 23 يوليو 1952 فبقي في وحدته الأصلية حيث عهد إليه الرئيس جمال عبد الناصر بالإشراف الأمني والسيطرة على هذا الآلاي حيث كان عضواً بتنظيم الضباط الأحرار في خلية من سلاح المدفعية كانت تضم أحمد الزرقاني حطب وكمال الغر وإبراهيم زيادة وعبدالحميد بهجت، ثم انتقل بعد اندلاع الثورة إلى خلية يترأسها الصاغ كمال الدين حسين وكان من بين أعضائها عماد رشدي وسعد زايد وأحمد شهيب ومصطفى كامل مراد ومحمد أبوالفضل الجيزاوي وعبدالمجيد شديد وأبواليسر الأنصاري وكان يسدِّد الاشتراك الشهري 25 قرشاً بانتظام.

في 26 يوليو 1952 انتُدب للعمل في المخابرات الحربية وكُلِّف بالإشراف على رقابة البرقيات الصادرة للخارج عن طريق مصلحة التليفونات (هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية) للمراسلين الأجانب.

في أوائل أغسطس 1952 كُلِّف بالعمل ضمن مجموعة من الضباط الأحرار ممن كانوا في المخابرات الحربية، وشكّل منهم ما سُمِّي بهيئة مراقبة الأداة الحكومية وتتبع رئيس مجلس قيادة الثورة مباشرة (وهي تعادل الرقابة الإدارية اليوم).

من مؤسِّسي جهاز المخابرات العامة والمباحث العامة .

في ديسمبر 1952 انتُدب للعمل في القسم الخاص بالمخابرات الذي كان مسؤولاً عن الأمن القومي الداخلي وكان مقره في بداية تكوينه مع بداية تكوين المباحث العامة أيضاً في مبنى مجمع التحرير ثم انتقل مع هذه الإدارة إلى مبنى وزارة الداخلية في لاظوغلي.

في ابريل 1955 اختاره الرئيس جمال عبدالناصر للعمل سكرتيراً لرئيس الجمهورية للمعلومات واستمر في هذا المنصب حتى 28 سبتمبر 1970. وتلقى دورة في البيت الأبيض في واشنطن “كيف تخدم الرئيس”، كما درس أساليب العمل في كل من الكرملين ورئاسة الجمهورية في مكتب الرئيس تيتو وفي الهند والصين الشعبية وفرنسا.

نُقل إلى الكادر المدني في رئاسة الجمهورية سنة 1956 (الدرجة الثانية) وفي يونيو 1960 صدر القرار الجمهوري رقم 1055 لسنة 1960 بترقيته إلى درجة مدير عام برئاسة الجمهورية، وتدرج في التسلسل الوظيفي الطبيعي من دون أي استثناء حتى رُقيّ إلى درجة وكيل وزارة مساعد برئاسة الجمهورية بالقرار الجمهوري رقم 2748 لسنة 1962 في 16 سبتمبر 1962 ثم وصل إلى منصب مستشار رئيس الجمهورية بدرجة نائب وزير بالقرار الجمهوري رقم 3404/ 65 بتاريخ 6 أكتوبر 1965.

شارك في دورتين للأمم المتحدة في نيويورك عامي 1958 حيث شارك في اجتماعات مجلس الأمن أثناء بحث شكوى لبنان ضد الجمهورية العربية المتحدة و1960 ضمن وفد مصر برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر.

تعرف سامي شرف على الرئيس جمال عبد الناصر فى شهر يناير 1951 حيث كان الرئيس عبد الناصر يدرس له مادة التحركات والمخابرات العسكرية ،ولاحظ الأستاذ على تلميذه علامات الذكاء والتفوق فقربه منه وضمه لتنظيم الضباط الأحرار،وفى ليلة 23 يوليو 1952 كلفه الرئيس عبد الناصر بتأمين طريق القاهرة-السويس عند الكيلو 4,5 ، وبناء على أوامر عبد الناصر تم ضمه إلى المخابرات الحربية وعمل فى مكتب تابع لجمال عبد الناصر شخصيا ، وفى يوم 18 مارس 1955 كلفه الرئيس عبد الناصر بإنشاء سكرتارية للمعلومات برئاسة الجمهورية وهى المهمة التى قام بها على أحسن وجه وبأحدث الأساليب العلمية وقتها، كانت سكرتارية الرئيس للمعلومات تتلقى كل المعلومات الواردة من الوزارات والمؤسسات وجميع أجهزة الدولة لتلخصها وتبوبها وتعرضها على الرئيس ،وفى نفس الوقت تقوم السكرتارية بإبلاغ قرارات وتعليمات وأوامر الرئيس لكل الجهات فى الدولة.وهكذا كان سامى شرف الرجل الذى يرأس هذه السكرتارية هو رجل المعلومات الأول فى مصر، الرجل الذى تعبر منه المعلومات كل المعلومات للرئيس عبد الناصر ،ورغم ذلك ينفى سامى شرف بشدة أن يكون هو ومكتبه هما مصدر معلومات الرئيس عبد الناصر فقط بل يؤكد أن الرئيس كان مفتوحا على الجميع ويسعى لمعرفة المعلومات من أكثر من مصدر.

ظل سامى شرف يعمل مع الرئيس عبد الناصر حتى الوفاة المفاجئة للزعيم يوم 28 سبتمبر 1970 ،طيلة تلك الفترة كان سامى شرف أحد أقرب رجال عبد الناصر إليه إن لم يكن أقربهم على الإطلاق ، يكون فى مكتبه قبل استيقاظ الرئيس ولا يغادره إلا بعد التأكد من نوم الرئيس عبد الناصر.

قام سامى شرف بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر منذ ابريل 1955وحتى يوم 13مايو1971 بتسجيل وتفريغ جميع جلسات مجلس الوزراء وكل اللقاءات والاجتماعات التى عقدها الرئيس مع الرؤساء والملوك وكذلك جلسات اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي واللقاءات الصحفية سواء مع الصحافة المصرية أو مع وسائل الإعلام الأجنبية حتى تكون تسجيلا حيا و أرشيفا موثقا للأحداث ولتاريخ مصر الثورة وكانت كل هذه التسجيلات محفوظة حتى يوم 13 مايو 1971 فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكري.

ومن المهام التى كلفه بها الرئيس عبد الناصر ويعتز بها مهمة التخطيط والتنفيذ لتهريب السيد عبد الحميد السراج من محبسه فى دمشق وتهريبه للقاهرة وقد تم ذلك بالتعاون مع السلطات اللبنانية وبعلم الرئيس اللبناني فؤاد شهاب والمخابرات العامة المصرية وسفارتنا فى بيروت وهى المهمة التى تمت بنجاح باهر.

كما كان مسئولا عن الملفات التالية ملف لبنان وملف المملكة العربية السعودية بعدما قرر الرئيس أن ينحي السادات عنه، كما تولى سامى شرف مسئولية ملف العلاقات المصرية الليبية بعد ثورة الفاتح من سبتمبر.

سامي شرف من مؤسسي إدارة المعلومات بوزارة الخارجية المصرية مع السفيرين إبراهيم يسري وأسامة الباز،كما أنه شارك فى تأسيس هيئة الرقابة على الإدارة الحكومية قبل أن يكلفه الرئيس عبد الناصر بإنشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات،كما تم انتخابه أمينا للجنة التنفيذية للاتحاد القومي عن دائرة مصر الجديدة بعدما حاز فى الانتخابات على ما يزيد عن خمسين إلف صوت من أبناء الدائرة التى ولد فيها ومازال يقطن بها حتى اليوم،وكان واحد من 5 رجال أنشأوا التنظيم الطليعي ( الرئيس عبد الناصر – عباس رضوان – احمد فؤاد- – محمد حسنين هيكل – سامى شرف) ،كما كلفه الرئيس عبد الناصر بمصاحبة المشير عبد الحكيم عامر فى مهماته خارج مصر كمستشار سياسي له ،كما تولى مسئولية التنظيم الطليعي عن منطقة شرق القاهرة،وسامى شرف هو مؤسس نادي الشمس الرياضي بمصر الجديدة.

خلال مشواره عمله تقدم سامى شرف باستقالته مرتين للرئيس عبد الناصر،كانت المرة الأولى عندما تم اتهام أحد أشقاءه بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين ، وكانت المرة الثانية عندما تم اتهام شقيقه الأصغر بالاشتراك فى محاولة لقلب نظام حكم عبد الناصر، وفى المرتين رفض الرئيس عبد الناصر استقالة سامى شرف ،وكلفه بالاستمرار فى عمله كالمعتاد.

وفى عهد الرئيس السادات تقدم سامى شرف باستقالته أربع مرات للرئيس السادات كانت المرة الأولى ليلة وفاة الرئيس عبد الناصر ، وكانت الثانية يوم 14 نوفمبر 1970 عقب انتخاب أنور السادات رئيسا للجمهورية ، وكانت الاستقالة الثالثة يوم 15 يناير 1971 ، وقد رفض الرئيس السادات قبول تلك الاستقالات بل ووعد سامى شرف يوم 15 يناير 1971 بمنحه وشاح الجمهورية وهو من أعلى الأوسمة المصرية ونقله للمكان الذى يختاره ولكن بعد شن معركة تحرير الأرض، ثم جاءت الاستقالة الرابعة والتي قبلها الرئيس السادات يوم 13 مايو 1971 بعد إحساس رجال الرئيس عبد الناصر أن الرئيس السادات يماطل فى تحديد موعد شن معركة التحرير التى كانوا قد اتفقوا على شنها اعتبارا من الأسبوع الثالث من شهر أبريل 1971 وحتى منتصف شهر مايو من نفس العام، فتقدموا جميعا باستقالاتهم للرئيس السادات فقبلها وألقى القبض عليهم وحاكمهم وسجنهم فى القضية المعروفة بمراكز القوى.

فى عهد الرئيس مبارك شارك سامي شرف فى تأسيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري كما أصدر جزءين من مذكراته ، وبعد قيام ثورة 25 يناير 2011 قام بإصدار مذكراته كاملة فى 7 أجزاء كما كان يكتب مقالات عن الشئون الجارية فى جريدتي الأهرام والمصري اليوم.

فاضت روح سامي شرف إلى بارئها في 23 يناير 2023 بعد صراع طويل مع المرض.

رحم الله الرجل الوطني سامي شرف وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه جميل الصبر والسلوان.