لو كان حبا ..  لصمد ..قصيدة للشاعرة :نوره محمد حسن

لو كان حبا .. لصمد

ما بات يشكو سوء القدر

ما تغير لونه وصدأ

ما مال عُوده وانكسر

ما ابتلت مخادعه ..

من دمعٍ انهمر

ما عرف الندم طريق قلبه

واستكان فيه واستقر

لو كان حبا لصمد

لاجتاز له كل صعبٍ وَعر

لحافظ على العهد

حتى لو حارب جل البشر

لاستساغ الشوك ..

لجاء مجتازا  محيطا وبحر

ما بات قارّ العين

وعين عاشقه تشكو السهر

لو كان حبا .. لصمد

لأرسل مع النجمات للقمر

تحية وسلاما

بهمس وقبلات بعبق الزهر

لاشتاق وافتدى قربا

لكان هنا  .. لا تركَ ولا هجر

الدكتور عادل عامر  يكتب عن : دعوى استرداد الآثار المسروقة والمهربة للخارج 

كانت مصر قد كثفت في السنوات الأخيرة جهودها لاسترداد القطع الأثرية المسروقة، وقد اشتهر حواس بشكل شخصي في هذا المضمار. ويبحث المندوبون إمكانية دعوة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بإدخال تعديل على الاتفاقية الدولية لاستعادة الممتلكات والأثار التي هربت خارج البلاد بطرق غير شرعية بعد عام 1970 بحيث تشمل الآثار التي سرقت قبل ذلك التاريخ. يستقبل متحف أوديسا الأثري التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا وأقدم متحف أثري في أوكرانيا، الزائر، بمجموعة متنوعة من الآثار تشمل عصور وحضارات مختلفة. بدءا من آثار العصر البرونزي والتماثيل اليونانية عند بداية المتحف مرورا بمنحوتات الحدائق، حتى يتم الوصول إلى “الكنز”. كما يُطلق عليه إدارة المتحف وهي لمعروضات المصرية القديمة. ووفقا لحساب تقديري عن احتمالية قصف المتحف، فإنها مهددة بالخطر إثر الحرب المندلعة بين روسيا وأوكرانيا. 

تُعد مصر من الدول التى وهبها المولى عز وجل حضارة وموروث ثقافي، تنافست الدول الغربيــة على دراستــه، لمعرفـــة كيف استطاع المصريون القدماء بناء تلك الحضارة العظيمة وهذا التاريــخ العـــريق، فى وقت لم يكن هناك وجود لغالبية تلك الدول، وإذا كان هذا هو حال الدول التى تسعى لدراسة تاريخنا وحضارتنا، فما بالنا بالدور الذى كان يجب علينا تجاه تلك الحضارة التى إحترمها العالم وقدرها. 

الحقيقة أننا إرتكبنا فى حق تلك الحضارة المبهرة الكثير من المسالب، وعلى رأسها عدم السعى مبكراً لوضع أُطر قانونية لحمايتها والمحافظة عليها، إضافة إلى عدم إستغلالها الإستغلال الاقتصادي الأمثل الذى يليق بها، ويدر الدخل المناسب على أحفاد من صنعوا تلك الحضارة. في حين إهتم المجتمع الدولى بالحماية الدولية للآثار من عام 1885 حينما عقدت الاتفاقية العامة لحماية البعثات العلمية، وتطورت الحماية فى إتفاقيتى لاهاى 1899 ، 1928 ، ثم لاهاى 1954 والخاصة بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، إلى أن عقدت إتفاقية اليونسكو 1970 تحت مظلة الأمم المتحدة ووضعت التدابير الواجب اتخاذها لمنع وحظر إستيراد وتصدير ونقــل الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، وكانت هذه الإتفاقية المعين الذى إعتمدت عليه التشريعات الوطنية وأقرت العديد من نصوصه فى تلك الحقبة الزمنية. 

وتمـتلك مصر حسب السائد فى الأوساط العلمية المهتمة بالآثار، ما يقارب ثلث أثار العالم، إلا أن تلك الآثار تعرضت على مر سنوات عديدة لأعمال كثيرة سلبية كالسرقة، والنقل غير المشروع، والتعدى عليها بأساليب مختلفة، حتى أن بعض الحكام فى العصور الماضية جعلوا منها معيناً للهبات والهدايا، إلى أن تنبهت الدولة لأهمية حماية ذلك الموروث الثقافى حماية قانونية، فأصدرت قانوناً للآثار برقم 14 لسنة 1912م للعمل على حماية تلك الثروة، وإستمر هذا التشريع الذى لم يحقق الحماية الكافية، إلى أن صدر التشريع رقم 215 لسنة 1951 والذى لم يحقق هو الأخر الحماية الكافية للآثار، فصدر التشريع الحالى 117 لسنة 1983م والذى عُدل بالتشريع رقم 3 لسنة 2010م، وإستمر التطور التشريعى لحماية الآثار لمواجهة التحديات والسلبيات الناتجة عن التطبيق، إلى أن صدر التعديل الأخير رقم 91 لسنة 2018م، والذى يُعـد إنقـلاباً تشريعياً فى مجال الحماية القانونية للآثار، حيث غلظ العقوبات على الجرائم الأثرية بصورة لم تشهدها التشريعات السابقة عليه، وجرم أفعالاً جديدة لم تكن مجرمة وتوسع فى مفهوم الأثر ونص على إجراءات إدارية وقائية لحماية الآثار، ليحقق المصلحة المحمية المتمثلة فى المحافظة على الموروث الثقافى، وليؤكد القيمة الإقتصادية لهذا الموروث، فهى ذاكرة الأمة والدليل الشاهد على عظمته. 

وقد استحدث التشريع الأخير العديد من التعديلات التى تستحق التعليق عليها وتقييمها سواء فيما يتعلق بالتعـريفــات المرتبطة بالأثر أو ما يتعلـق بالتجريم والعقــاب، والذى نود الإشارة إليه فى هذا الصدد أن أى خلل أو إضطراب فى تشريع ما من شأنه أن يحول دون تمكين ذلك القانون من أداء مهمته وتحقيق هدفه فى تنظيم العلاقات المختلفة بين المخاطبين به، وكذلك عدم تحقيقه للحماية الجنائية الكافية للمصلحة التى يســعى لحمايتهــا، وهذا بدوره يــؤدى بصورة أو بأخـــرى إلى كـــثرة الأفعـــال التى تشكل جرائم مخالفة لهذا القانون فيتعرض السلام الإجتماعى إلى الإضطراب، وبالتالى فمن الضرورى تقييم التشريع ولا سيما بعد تطبيقه لمعالجة قصوره إن وجد وسد الثغرات التى يظهرها التطبيق العملى لنصوصه. 

من المعروف أن المتحف يعرض مجموعة الآثار المصرية القديمة المُقدر عددها بحوالي 800 قطعة. تصفه أوكرانيا بأنها مجموعة لا تقدر بثمن وأنها مفتاح أي بحث مصري. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن متحف أوديسا يضم 500 قطعة مصرية قديمة أخرى غير معروضة، منها: 4 مومياوات، 11 تابوتا، جزءا من جدار مقبرة، 8 مسلات جنائزية، 11 تمثالا، حوالي 100 قطعة من الأوشبتي، زخارف خزفية، تمائم، جعارين، أواني فخارية، صناديق لمستحضرات التجميل، مفتاح، مسند للرأس، أحذية جلدية، عينات من أنسجة وغيرها من المصنوعة اليدوية. هذه القطع لم يرها أيا من الزوار من قبل. إذ ظلت حبيسة مخازن المتحف لفترة تزيد عن اثنتى عشر عقد. مما يدفع بالشك في مدى أحقية المتحف في الحصول عليها. إذ أنه حال امتلاك المتحف أوراق ثبوت ملكيتها يمتلك الحق في عرضها، ولكنها حتى الآن لم تُعرض من قبل. بالإضافة إلى عدم التأكد من صحة بيانات المتحف عن عددها وهل هي تزيد عن 500 قطعة أم لا. وعند الوصول إلى إشكالية أوراق ثبوت ملكيتها كتب مدير المتحف عن بعض القطع: 

 “في عام 1894 تلقت الإمبراطورية الروسية 6 صناديق تحتوي على كنوز مصرية. من بينها 5 توابيت و49 قطعة أثرية، مرفقة بوثيقة تثبت شراءها. ولكن حتى الآن لم يتم عرض هذه الوثيقة سواء في المتحف أو عبر أي جهة أوكرانية. تمت ترجمة وإعداد الوثيقة للنشر والتعليق عليها في الثمانينيات من قبل عالم المصريات السوفيتي أود بيرلف، ولكنها محفوظة في أرشيف ولاية أوديسا ولم يتم نشرها بعد”. يضع هذا الجزء من التقرير الكثير من الاحتمالات، عن سبب عدم عرض القطع أو الوثائق حتى الآن، وهل وفي حالتي الحرب وامتلاك الوثائق، أو توقف الحرب وعدم امتلاك المتحف وثائق الملكية هل يحق لمصر المطالبة باستردادها. إذ يقدر عددها إجمالا حوالي 1300 قطعة آثار مصرية؟ 

، أن الجهة المسؤولة قانونا هي إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار. من خلال التعاون مع منظمة اليونسكو، والجهات المعنية في الدولة الموجود بها الآثار. 

أنه توجد حالتين يتم التصرف على أساسهما. ففي حالة خروج الآثار المصرية ووصولها بطريق غير مشروع. فإن المادة الثالثة عشر من اللائحة التنفيذية لقانون حماية الآثار تنص صراحة على عدم سقوط الحق في إقامة دعوى استرداد الآثار المهربة للخارج بالتقادم أيا كانت. وبمجرد نهائية الحكم الصادر باستعادة الآثار، يمكن التواصل مع جهات إنفاذ القانون بالدولة المعنية لتسليم الآثار المهربة إلى الدولة المصرية. ويتم تنسيق هذه العملية من خلال السفارة المصرية في الدولة المضيفة. 

أما عن الآثار المصرية الموجودة بالمتاحف الأوكرانية، أن استعادتها يحتاج لجهود دبلوماسية أكثر من النواحي القانونية. فعلى الرغم من حالة الخطر المحدق التي تهدد هذه القطع الأثرية بسبب النزاع المسلح الدائر هناك. 

 إلا أنه يمكن للدولة المضيفة أن ترفض إعادة القطع الأثرية تحت دعوى قدرتها على الحفاظ على هذه الآثار. أو عن طريق القول بأن المتاحف تلعب دورا مهما كمستودع للإنجازات الثقافية للجنس البشري. خاصة وأن موافقة الدولة الأوكرانية في هذه الحالة سيمنح مصر قرينة قانونية تمكنها من المطالبة بالآثار الأخرى المنتشرة في المتاحف الأوروبية. 

اتفاقية «لاهاي» 

ومع ذلك يمكن للدولة المصرية أن تستند إلى اتفاقية «لاهاي» المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية، المبرمة في عام 1907، التي قررت مبدأ حصانة الممتلكات الثقافية، حتى في حالة الحصار أو القصف. ويضيف المحكم الدولي أنه بإعتبار أن حماية الممتلكات الثقافية هو حق من الحقوق العالمية لحماية ذاكرة الشعوب وضميرها الجماعي وهويتها، ولكن أيضا ذاكرة وهوية كل فرد من الأفراد الذين يشكلونه، وهذا الحق له أصله في قواعد القانون الدولي الإنساني. 

فضلا عن الاستناد إلى اتفاقية «لاهاي» لحماية الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح التي تم إبرامها في عام 1954. ويوضح أن المادة الثانية عشر منها أجازت نقل الممتلكات الثقافية إلى إقليم آخر، بناءً على طلب الطرف المتعاقد صاحب الشأن، لوضع الآثار تحت حماية خاصة وفقا للشروط المنصوص عليها في هذه الاتفاقية. 

وفي حالة رفض الدولة المضيفة التي تقع الحرب على أرضها عقد اتفاقية خاصة لنقل الآثار وحمايتها. فيمكن للدولة المتضررة في هذه الحالة أن تطلب حل النزاع بطريق التوفيق، أو أن تطلب معاونة هيئة اليونسكو. 

من المتفق عليه أن الجرائم التى ترتكب على الآثار قـد تأخذ الطابع الدولى بأن ترتكب بأشخاص ينتمون لأكثر من دولة، ويشكلون فيما بينهم عصابات إجرامية غرضها إرتكاب هذا النوع من الجرائم التى تحقق لهم أرباحاً طائلة، وتأليف وإدارة تلك العصابات أمر يتسم بالسرية ويحتاج مواجهته قبل تنفيذه لأغراضه الإجرامية، مما يستدعى تجريم أفعال التأليف والإدارة لتلك العصابات إذا إنصب غرضها الإجرامى على سرقة أو تهريب الأثار أو إرتكاب أياً من الجرائم الأثرية المنصوص عليها في هذا القانون وسواء ارتكبت أفعال التأليف والإدارة داخــل البلاد أو خارجها على غـــرار ما ورد بتشريع مكافحة المخدرات حينما جرم المشرع أفعال تأليف العصابات التى تعمل في مجال المخدرات في مصر أو الإشتراك في تأليفها أو إدارتها إذا كان الغرض منها الإتجار في المخدرات أو إرتكاب جرائم المخدرات على الأراضى المصرية وذلك في المادة 33 فقرة (د) من قانون المخدرات. 

على أن يكـــون النص المقــترح بالنسـبة لقانـــون حمايــة الآثــار كالتالي ” كل من قام ولو في الخارج بتأليف عصابة أو إدارتها أو التدخل في إدارتها أو في تنظيمها أو الإنضمام إليها أو الإشتراك فيها وكان من بين أغراضها الإتجار في الآثار المصرية أو إرتكاب أياً من الجرائم المنصوص عليها في المواد 41، 42، 43 يعاقب ……….” . 

ويُعد هذا النص من قبيل المواجهة التشريعية الإستباقية قبل إرتكاب الجرائم الأثرية، فيكفى لقيام تلك الجريمة إرتكاب أفعال التأليف والإشتراك والإنضمام والتنظيم طالما كان الغــرض هو إرتكاب جريمة أثريــة، فالأثـــار السلبية للتعــدى على الآثـــار، لم تعد غائبة على أحد، مما يستدعى تحقيق أكبر قدر من الحماية القانونية لها، لأن جريمة الآثار من الجرائم التى أصبح مرتكبوها ينتمـــون لعــــدة دول وتشكلت عصابات إجـراميـــة متعــددة تعمــل في هـــــذا المجـــال، كما يجـــب على المشــــرع إقــــرار قاعــدة إســناد موضوعية تمنح الإختصاص في هذه الجرائم للقانون المصرى، بإعتباره قانون بلد الأصل للأشياء الأثرية، وتجاهل أى قانون أجنبى يتزاحم معه في حكم العلاقة محل النزاع، وهــنا تتخلــى قاعــدة الإســناد عن طابعها الحــيادى بترجيــح مصلحـــة دولـــة معينــة للوصـول لهـــدف محـــدد، إضافـــة إلى ضـــرورة الإســتفادة من الإتجــــاه العالمـــى المتعاظـــم بتطبيق مبدأ عالمية القانون الجنائى بالنسبة للجرائم الأثرية واعتبار جريمة الآثــار بمثابة جريمة دولية مثــل جــرائم المخدرات والقرصنة والإرهــاب والهجــرة غير الشرعية، فهى لا تقل خطورة عن تلك الجرائم. 

نظراً لما تمثله الأفعال المرتكبه ضد الآثار من خطورة إجراميه ليس على الصعيد الوطني فحسب بل على الصعيد الدولي ككل، لكونه إرثاً إنسانياً للبشرية جمعاء، لذلك حظيت الآثار بحماية جنائية دولية بالغة الأهمية فالجرائم الأثرية تتسم بخصائص عدة تتمثل فى : 

1. أنها جريمة دولية : فتهريب الأثار مثلاً – تبدأ في إقليم إحدى الدول وهي الدولة منشأ الآثار، ثم تتجاوز الحدود الدولية لتلك الدولة لتصيب هذه الجريمة بأضرارها أنظمة وقوانين دول مجاوره، إبتداء بالتهريب الجمركي، ومروراً بالحيازة غير المشروعة التي تصيب خطرها خروقات في القوانين الوطنية وإخلالا بسيادة الدولة في بسط قانونها على إقليمه 

۲- إن جـرائـــم الآثار لا يقتصر ضررهـــا على إنتهـــاك قـوانيــن الدول صاحبـــة الأثـــر أو القوانين الوطنية فحسب، بل تمثل إنتهاكاً للقوانين والإتفاقيات والمعاهدات الدولية. 

٣- إن الإعتداء على آثار دوله معينه إنما هو إعتداء على حلقة من حلقات التراث العام للبشرية جمعاء، كونها تعد تراثاً مشتركاً للإنسانية. فالإعتداء عليه يُعد إفساد وإنكار للتراث العالمي، الذي يُعد مصدراً للحضارة الإنسانية. 

4- تتجاوز مخططات السطو على الآثار وسرقتها أو تدميرها السلوك الفـردى بل قد ترتكب بسلوك ترتكبه الدول، كما هو الشأن فيما يخطط له الكيان الصهيوني، ومنذ زمن بعيد على سرقة أهم الآثار العربية، كما فعلت إسرائيل عند إحتلالها لسيناء، وكذلك سرقة وتدمير الآثار الفلسطينية، بل وتهويده. 

**كاتب المقال

دكتور القانون العام والاقتصاد

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

الأديب عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن :  أحلام وَنّوسية

من المفترض أن يسعى الأدب إلى التعبير عن لسان حال الشعوب وبث شكواها وتجسيد أحلامها وتطلعاتها، لا أن يكون مجرد أداة للإلهاء وتزجية فراغ الناس، لكن المتابع للحركة الأدبية في بلادنا يجد أنها تسعى في مجملها لمراوغة الرقيب والدق فوق فواصل الحروف تحاشيا للوقوع في كمائن السياسة تارة، وتجنبا للتصنيف الوطني أخرى، حتى فقد الأدب في بلادنا، أو كاد، روحه المتمردة التي تعمل إلى إعادة تشكيل الواقع لا تكريسه، والنهوض بالمواطن لا تضليله. لكن يبقى الأدب الحق يعلن عن نفسه رغم مرور الزمن، لأن القضايا الإنسانية بسيطة رغم تعقيدات طرحها، ومتشابهة رغم اختلاف ملابساتها. ومن الأعمال التي قرأتها مؤخرا فأثارت إعجابي رغم بساطتها المتأنقة، ورغم مرور أكثر من نصف قرن على كتابتها وتتابع عقود على رحيل مؤلفها السوري الكبير سعد الله ونوس مسرحية “الفيل يا ملك الزمان!”.

في بداية المسرحية، يجتمع الناس في حارة ضيقة تمثل ضيق حالهم وهوانهم ليتبادلوا الصمت الحزين والآهات المكتومة على طفل كان في الرابعة قبل أن يضع فيل الملك نهاية لحياته. لم يكن دهس الطفل أول سابقة للفيل، فقد سبق وهدم بيت محمد إبراهيم وكاد أن يسفك دم أبي محمد حسان، كما قتل الماشية وأهلك الزروع والنخيل، ولم يسلم من شر خرطومه العابث حي ولا جماد. لكنه في النهاية فيل الملك، وللخرطوم حصانة تحميه ولو كره المتنطعون. وهنا يتقدم البطل الشعبي الذي تخبئه الأقدار غالبا في ثنايا السرد ليقدم نفسه كبش فداء لأمة لا تستحق.

يتقدم زكريا معلنا رغبته في توحيد الصفوف وترتيب الحروف استعدادا لرفع المظلمة للملك. لكن الحرافيش (والذين يكتفي ونوس بترقيمهم) يتورعون كعادتهم عن التحرش بالبلاط، فيذكرون فتوتهم المتحمس بما يتناقله الحرس عن حب الملك المفرط لفيله، وأنه كان على وشك أن يطلق الملكة من أجل فلطحة أذنيه. لكن زكريا الذي لم يرد أن يسمع مزيدا من المبررات الكاذبة صم أذنيه، وقادهم إلى ساحة القرية ليتفق معهم على نص الدعوى. وكمايسترو هاو، وقف الرجل يلقن حوارييه الجملة تلو الجملة حتى يرصف نشازهم ويوحد نغمتهم إذا ما سمح لهم الملك بعرض شكواهم.

وذات جرأة، اجتمع معذبو القرية أمام قصر الملك مطالبين الحراس بالدخول. ورغم فظاظة الاستقبال، سمح الحراس للحرافيش، الذين نسوا لهول الصدمة نص الدعوى، بالمثول أمام الملك. مسح الحواريون أحذيتهم ببلاط الشارع وارتعدت فرائصهم وهم يتقدمون عبر بهو ذهبي إلى بوابة عملاقة ما لبثت أن كشفت عن ساقيها، لتتبدى لهم أنوار العرش وليحنوا رؤوسهم طويلا أمام ملكهم. طلب الملك منهم أن يعرضوا شكواهم، فتقدم زكريا وهو يحلق في سماوات من التيه ليبدأ عرض دعواه.

تقدم زعيم الحرافيش جوقة المستائين، وبدأ في عزف أحزان قريته المظلوم أهلها: الفيل يا ملك الزمان … . لكن أحدا لم يكمل: “قتل ابن محمد الفهد”. فأعاد زكريا: الفيل يا ملك الزمان … . لتكمل طفلة رافقت أمها ضمن الحشود: “قتل ابن … .” قبل أن تخمد أمها صوتها الواهن بكفها الغليظ. كرر زكريا عبارته: الفيل يا ملك الزمان … . لكن أحدا لم يكمل: “كاد أن يقتل أبا محمد حسان، وأن يهدم بيت محمد إبراهيم.” لم يقل أحد من الرعية أنه يخشى غدرة الفيل أو يخاف بطشته. وهنا طرأت على ذهن زكريا فكرة عبقرية للخروج من أزمته الطارئة.

قال زعيم الثوار أنه وقومه يحبون الفيل كما يحبه الملك، وأنه يقترح على جلالته أن يبحث للفيل عن عروس حتى تملأ ذريته الأزقة والحواري فتنهض البلاد ويسعد العباد. فتح الحرافيش أفواههم عن آخرها، لكنهم كالعادة لم يقولوا شيئا. استحسن الملك فكرة زكريا وجعله حارسا شخصيا لفيله المفدى، وأصدر أمرا ملكيا بالبحث عن عروس للفيل. وهنا طرح ونوس سؤالا حائرا على النظارة تحت الخشبة على لسان ممثليه: “هل عرفتم الآن لماذا تتكاثر الفيلة؟” ليتحول الممثلون فجأة إلى نظارة، ويرتبك المشاهدون فوق كراسييهم بعد أن عقدت دهشة السؤال ألسنتهم، ليتحولوا إلى جوقة من البكم الذي لا يجيدون رفع أصواتهم في حضرة الحياة.

هل أراد أن يرفع ونوس بصمت النظارة الحرج عن صمت ممثليه الذين أنستهم أضواء القصر وحراسه ما وطنوا أنفسهم للدفاع عنه؟ وهل أراد أن يرفع إصبعه في وجه الناس جميعا متهما ومحذرا؟ وهل يتوقع أن يستجيب أحد لنداء ونوس، أم أن مصير ثورته العرجاء سيكون تدليسا موشى بالأكاذيب المنمقة كما فعل زكريا ذات غضب؟ وهل يستمر جلد الذات هذا إلى ما لا نهاية بين شعوب لا تستطيع أن ترفع أصواتها في حضرة السلطان، لكنها لا تكف عن البكاء والعويل في السرادقات والأزقة الضيقة؟ أسئلة لا تكف عن الدوران في أذهان أناس لم يشهدوا من الهزائم العربية ما شهد ونوس، لكنهم عاصروا من الثورات الفاشلة ما لم يعاصر ونوس. فهل يحاول أحد أن يحيي الجهود الونوسية بعد أن تزوج فيل الملك وامتلأت البلاد العربية بالأفيال من كافة الأجناس والفصائل لتعيث في حياة الناس فسادا وتأتي على كل أخضر ويابس؟ أم أن النجاح الذي حققه زكريا حين ركب حمار الثورة بالمقلوب قد أقنع الجميع بأنه النموذج الأصوب للزمن الباطل؟

Shaer1970@gmail.com

الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب  عن :عام التحفز الحربى

  على منحنى هذه الليلة واليوم التالى ، يعبر العالم من سنة حرب أوكرانيا إلى عام التحفز الأوسع فى 2023 وما يليه ، كانت المقدمات لاهثة ، ومترافقة مع تغييرات جوهرية سبقت ، أعيد  فيها  وبها توزيع موازين السلاح والاقتصاد والتكنولوجيا ، وفى وهج نيران الحرب المتصلة فى أوكرانيا ، تبدو المصائر معلقة، وتتسع ميادين الصدامات المفترضة ، وترسم خرائط حروب باردة مرشحة لانفجارات ساخنة .

  فى نقطة الفوران الأوكرانية ، لاتبدو النهايات قريبة ، ولا مفاوضات السلام دانية القطوف ، فقد تطور الطابع العالمى للصدام بالنار فى الميدان الأوكرانى ، وصارت المبارزة حدية أكثر بين موسكو وواشنطن ، ووصلت إلى صيغ تهديد بضربة “قطع الرأس” من دوائر فى “البنتاجون” ، فهمتها روسيا على أنها خطط أمريكية لاغتيال الرئيس “فلاديمير بوتين” ، وردت موسكو بأن علاقات البلدين تقترب من حافة الصفر ، وأعلنت عن تغييرات فى عقيدتها العسكرية ، تتوسع فى حالات اللجوء الأول لاستخدام السلاح النووى ، مع التأكيد على دخول صواريخ “أفانجارد” و”بولافا” و”سارمات” إلى الخدمة بأعداد كبيرة ، وهى الموصوفة غربيا بأنها صواريخ “الشيطان” و”يوم القيامة” ، وكلها تفوق سرعة الصوت بعشرات المرات ، وأى إطلاق لها يدمر “الدول غير الصديقة” بالتعبير الروسى فى نصف ساعة ، ولدى روسيا كما هو معروف أكبر ترسانة نووية فى العالم ، وعلى مدى عشرة شهور سابقة منذ بدء الحرب ، لجأ “بوتين” على الدوام إلى تكتيك التلويح بالحافة النووية ، وعلى قاعدة نظرية حليفه الفيلسوف القومى الروسى “ألكسندر دوجين” ، وقوله أنه لا معنى للعالم بدون روسيا عظيمة ، وإن كان “بوتين” المسئول سياسيا ، لا يقول صراحة أنه سيشن حربا نووية ، يعرف أن كل الأطراف فيها خاسرون مع الآخرين ، ففى العالم مخزون أسلحة نووية ، يكفى لتدمير العالم 14 مرة ، وتحت سقف الحرب النووية غير المحتملة ، تضاعف سباق السلاح التقليدى ، وزادت واشنطن ميزانيتها العسكرية إلى 850 مليار دولار سنويا ، بينما قررت موسكو مضاعفة إنفاقها الحربى لعام 2023 ، ودارت مصانع سلاحها بطاقتها القصوى ، وقال “بوتين” أنه يستعد لحرب متطاولة الزمن فى أوكرانيا ، قد تتطور فيها أهدافه المعلنة ، وتتجاوز قراره  بضم المقاطعات الأربع فى شرق وجنوب أوكرانيا ، والانتقال من مرحلة استنفاد مخزونات السلاح السوفيتى القديم ، وإدخال الأسلحة الأحدث الأكثر تطورا ، والتعهد بتدمير منظومات صواريخ “باتريوت” ، التى قررت واشنطن مؤخرا منحها لجيش الرئيس الأوكرانى “فولوديمير زيلينسكى” ، الذى يصادف أياما ومعارك “صعبة ومريرة” على حد وصفه ، فالروس لا يحاربون على منوال “الصدمة والرعب” ، ويتقدمون مترا  فمتر ، ولا يبدون فى عجلة من أمرهم ويتحركون بنفس متمهل ، فى غارات لتدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية لأوكرانيا ، قد يلجأون بعدها إلى هجوم عاصف فى خلال الشتاء أو فى نهاياته ، ويعتمدون بالتوازى على تكتيكات استنزاف اقتصاد الغرب وأوروبا المنهكة بالذات ، بعد أن بلغت التكاليف المالية المعلنة لدعم أوكرانيا من الأمريكيين والأوروبيين إلى ما يجاوز 120 مليار دولار حتى اليوم ، ثم مضاعفة الأعباء والتكاليف الغربية ، بعد قرارات تسقيف أسعار الغاز والبترول الروسى ، فإضافة إلى تنامى الأسواق البديلة لموارد الطاقة الروسية ، صدم “بوتين” الدوائر الغربية بإعلان وزرائه عن خفض إنتاج البترول ، بما يشعل الأسعار فى السوق ، مع حظره لتصدير البترول الروسى إلى دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبى واستراليا ، مع منح الرئيس الروسى فرصة للمناورة ، وحقوقا لاستثناء من يريد وقت الحاجة ، وتهيئة الاقتصاد الروسى لتحمل عواقب 12 ألف صنف من العقوبات الغربية ، وتمتين التحالف مع الصين ، وتطور مظاهر وجواهر عمل القطب الصينى ـ الروسى متعاظم التأثير ، من قلب أوروبا إلى المحيط الهادى والقطبين الشمالى والجنوبى ، ومطاردة الهيمنة الأمريكية الغربية فى عوالم آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وتعالى حدة صرخات الأوروبيين من استغلال أمريكا لظروفهم ، والمغالاة الفلكية فى أسعار الطاقة البديلة للموارد الروسية ، وتضاؤل ثقة حلفاء أمريكا الأطلنطيين وغيرهم فى مقدرة واشنطن على ضمان حمايتهم وأمنهم الاستراتيجى .

  وفى مجرى دراما تغيير العالم ، والتحول المطرد من مرحلة القطب الأمريكى الحاكم الأوحد إلى دنيا تعدد الأقطاب ، يبدو “مكر التاريخ” حاضرا بوضوح ، فكثيرا ما يحدث فى حياة الأفراد والجماعات والدول وحتى النظام الدولى ، أن طرفا ما يتصور أنه ذاهب ليبنى قصرا ، فإذا به يكتشف فجأة ، أنه ذهب ليحفر قبر النهاية لا قصر الخلود ، والمثال صالح لإضاءة حالة أمريكا اليوم ، فهى تتصرف بشراسة “حلاوة روح” الثيران فى أوان الذبح ، وتضرب عشوائيا ، ربما تلبية لخوف غريزى من فقدان تحكمها فى عرش العالم اقتصادا وسلاحا وتكنولوجيا ، صحيح أنها مؤهلة للبقاء كقوة عظمى بين متعددين فى العالم الزاحف بتوازناته الجديدة ، لكنها بالتأكيد لن تظل “القوة العظمى” بألف ولام التعريف ، ولن تكون الأولى بين الأقوياء المتعددين القدامى والجدد ، وحلفاؤها وتابعوها منذ نهاية الحرب “العالمية” الثانية ، لم يعودوا فى حال اطمئنان لسلام دائم تفرضه القوة الأمريكية ، والأمثلة ظاهرة ، بدءا من أوروبا الحليف الأوثق ، ففرنسا تواصل احتجاجها ، وربما تمردها ، على ضمانات المظلة الدفاعية الأمريكية ، وتسعى لمظلة دفاعية أوروبية ، وألمانيا الأثقل وزنا فى الاقتصاد ، تتطلع للتخلص من تدابير أمريكية فرضت عليها بعد هزيمة النازية ، كانت تمنعها من تضخيم جيشها وقوتها العسكرية ، وقررت قيادتها تخصيص 120 مليار يورو سنويا لتحديث جيشها ، مع نمو ملحوظ للنزعة النازية واستعادة مجد “الرايخ الرابع” فى أوساط الجمهور الألمانى ، واليابان على الجانب الآخر من العالم ، تواصل عملية فك القيود عن تسليحها العسكرى ، التى كانت فرضت بمقتضى دستور الجنرال الأمريكى “ماك آرثر” ، بعد سحق طوكيو وقصف “هيروشيما” و”نجازاكى” بالقنابل الذرية الأمريكية ، وتحرر اليابان وألمانيا من عقود “الإخصاء العسكرى” ، يلقى ترحيبا ظاهرا اليوم من واشنطن ، برغم مغزاه الصارخ فى خرق وإطاحة ترتيبات النظام الدولى الذى صاغته أمريكا ، وتقبل واشنطن التراجع عن ما كان، يبدو تعبيرا بليغا عن عجزها منفردة فى حماية الحلفاء والتابعين ، وعلى ظن أن تزايد قوتهم فى صالحها وقتيا ، لكن جوهر ما يجرى فيما نظن ، أن عودة اللباس العسكرى الألمانى واليابانى ، وما يصحبه من عودة الروح القومية فى البلدين بعد طول انقطاع ، يعيد رسم حدود التمايز فى المصالح ، على نحو ما ذهبت إليه القيادة الألمانية فى عصيان الأوامر الأمريكية بضرورة حصار المنافس الصينى الأكبر ، وتفضيل “برلين” للتوسع فى علاقاتها الاقتصادية مع “بكين” ، مقابل حرص واشنطن على فرض جمارك مضافة على واردات المنتجات الصينية ، وحظرها لنشاط شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى ، والضغط على الحلفاء والتابعين الكبار والصغار لقطع التواصل مع الصين ، التى صارت مصنع العالم الأول ، وصاحبة أكبر فوائض تجارية مع أغلب مناطق العالم ، بما فيها أمريكا نفسها ، وهو ما يغذى ميول القلق وشق عصا الطاعة لأمريكا فى جهات الدنيا الأربع ، وبما يدفع واشنطن لإشعال الحرائق وبؤر التوتر الحربى ، على نحو ما حدث ويحدث فى صدام “كوسوفو” مع “صربيا” ، وفى شرق آسيا من حول قضية “تايوان” ، التى تصر الصين على استعادتها فى اللحظة المناسبة ، وتواصل استعراض قوتها على شواطئها وفى أجوائها ، وتضاعف وتيرة مناوراتها العسكرية المشتركة مع روسيا ، وترخى الحبل لكوريا الشمالية فى التجارب النووية والصاروخية ، وتحمى نشاط “بيونج يانج” بضمانات “الفيتو” الصينى والروسى فى مجلس الأمن الدولى ، وإلى حد أن أطلقت “كوريا الشمالية” طائرة عسكرية مسيرة أخيرا  فى سماء عاصمة الجنوب “سول” ، ومن دون أن تتمكن دفاعات “كوريا الجنوبية” المدعومة أمريكيا من إسقاط الطائرة المغيرة ، وبما دفع وزارة الدفاع فى “كوريا الجنوبية” إلى تقديم اعتذار لشعبها عن الحادث ، وهو ما يوحى لحلفاء أمريكا فى المحيط الهادى وحول بحار الصين الشرقية والجنوبية ، أنه لم يعد من عاصم أمريكى ضد الخطر ، وأن الحروب التى تعجل بها واشنطن ، ليست مضمونة النتائج لصالحها ، وأن الذهاب لحروب عسكرية مستعجلة مع الصين ، قد يحفر قبور النهايات لاقتصادات ، تهمها المصالح التجارية بالأساس ، وقد تكتشف أن بناء الجسور مع الصين أكثر أمانا وأقل كلفة ، وشئ من ذلك يحدث فى نطاقنا الإقليمى الأقرب ، وقد لا يصح معه إغفال نذر حرب واردة ، تهدد بها واشنطن و”تل أبيب” ضد إيران ، بعد انتكاس مفاوضات تجديد الاتفاق النووى الإيرانى ، خصوصا بعد عودة “بنيامين نتنياهو” بحكومة هى الأشد تطرفا وعدوانية ، وخطته لجر أطراف عربية إلى حرب مع طهران ، والاحتمالات الراجحة بانفجارات أفدح دموية على الجبهة الفلسطينية ، فى سنة جديدة مثقلة بدواعى التحفز على النطاق العالمى كله .

Kandel2002@hotmail.com

أنتظرُ كحصاة..قصيدة للشاعرة الكبيرة : اعتماد الفراتي

تخيَّل..

وقفتُ أمامي

حطمتُ جميع جدراني

جعلتَني كالجلمود

بقلب صَلدٍ هَدَّ أركاني

 و رغماً عني..

يتدحرجُ كحصاة

برأس أشعث

و عينَيْن غائرتين

يتطايرُ و الغبار

ينقشُ ..

خطوكَ على الطرقات

بوهج النار

فأنت وأنا ..

لم يقتلنا الغياب

إلا إنه..

أغرقنا بكلّ أسباب الموت

واستنزف الأحلامَ

مقتولةً باللقاء ..

قَد قالها ..

الدرويشُ قبلنا:

(لم نفترق..

لكنّنا لن نلتقي أبداً)

كشمسِ الغروبْ..

تَرحَلُ بهدوء، تضيءُ بخفوتْ

وتموتُ بصمتْ!

و على الأطلال

 أقفُ..

مشدوهةَ البالِ

أتأملُني ..

هناكَ في الطرف

القصيِّ  من الخيال

دون أَن يتسنى ليَّ..

أَن المحَ صوتكَ أو ظلَّكَ

أناديكَ فيجيبُ الصدى

و يتسعُ ترددُ المدى

بصمت مطبق

أنصهرُ..  فيبتلعُني الشفق

أغرق و الغسق

و بمياة غيابكَ

أنتظرُ كحصاة.