الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : على شفا حرب

   دخل جو بايدن إلى النصف الثانى من عام رئاسته الأول ، وجرى تنصيب “إبراهيم رئيسى” رئيسا جديدا لإيران قبل أيام ، ولكن من دون إشارات أكيدة على قرب التوصل لإعادة العمل بالاتفاق النووى الإيرانى ، الذى خرجت منه واشنطن زمن ترامب فى أواسط 2018 ، وبادلتها طهران خروجا بخروج ، وخرقت نصوص التقييد فى الاتفاق ، وبالذات فيما يتعلق بنسب وكميات تخصيب اليورانيوم ، وإلى أن قفزت بنسبة التخصيب إلى 20% بدلا من 3.67% الواردة باتفاق 2015 ، وزادت فى الكميات إلى 20 مثلا تقريبا ، وهو ما يجعل طريق العودة لمفاوضات فيينا شائكا ملغوما ، فقد يجرى تأجيل إضافى لجولة المفاوضات السابعة المنتظرة ، خصوصا بعد اتهام واشنطن لإيران بقصف ناقلة إسرائيلية تجارية بالطائرات المسيرة ، وقتل رجل أمن بريطانى وبحار رومانى كانا على متنها ، إضافة لمحاولات خطف سفن أخرى فى خليج عمان ، وهو ما يستدعى ردا جماعيا تعهدت به واشنطن ، إضافة لإطلاق يد إسرائيل فى الرد العسكرى الذى تريده ، وبضوء أخضر صريح معلن من جانب إدارة بايدن هذه المرة .

  والمعنى ببساطة ، أن علاقات واشنطن بإيران ، قد تنقلب موازينها ، سواء جرى الرد عبر هجمات إلكترونية واستخباراتية على منشآت إيران العسكرية والنووية ، أو عبر توجيه ضربات انتقائية مؤثرة على جماعات إيران فى العراق وسوريا ، وبما يستثير سلاسل ردود من إيران ، تبدو متحفزة إليها ، مع تولى “إبراهيم رئيسى” الموصوف بالتشدد ، وخطابه الحماسى فى حفل التنصيب ، وتأكيد طاعته لتعليمات المرشد الإيرانى على خامنئى ، وتعهده بعدم ترك مصير إيران رهنا لقرارات الأجانب ، فى إشارة ظاهرة لاحتمالات مضافة لتعثر العودة للاتفاق النووى ، واستمرار فرض الحظر على تصدير البترول الإيرانى ، وربما لجوء إيران إلى رفع نسبة التخصيب مجددا إلى نحو ستين بالمئة ، والاتجاه أكثر لتوثيق الصلات التحالفية مع بكين وموسكو ، والمضى قدما فى برنامج تصنيع القنبلة الذرية ، خصوصا بعد اعتذار الرئيس السابق حسن روحانى للشعب الإيرانى ، وإشهار ما يشبه النعى لجهود رفع العقوبات عن إيران ، وتأكيده على عجز الإعلام الإيرانى فى مواجهة الحرب النفسية ، التى يشنها أعداء طهران بحسب تعبيره ، وهو ما بدا معه روحانى الموصوف بالاعتدال ، وكأنه يتوقع مزيدا من إظلام الصورة الإيرانية ، مع عودة الانتفاضات والقلاقل الاجتماعية والعرقية إلى الداخل الإيرانى ، ومع عودة “التشدد” لحكم إيران ، وهو ما وصفه روحانى بأنه لا يفيد ، وكأنه يلقى بكرة النار إلى ملعب خلفه “رئيسى” ، وربما ضمنيا إلى ملعب المرشد خامنئى نفسه ، وكأن روحانى يغسل يده من متاعب ثقيلة تنتظر بلاده فى قابل الأيام .

  وعلى جانب واشنطن ، تظل القصة أكثر تعقيدا ، فالرئيس بايدن يبدو راغبا فى العودة لإتفاق 2015 ، الذى عقده رئيسه السابق باراك أوباما ، وحجته التى لا يفتأ يرددها ، أن نصوص الاتفاق أفضل طريقة متاحة لكسب الهدف ، وهو تعطيل اندفاع البرنامج النووى الإيرانى ، لكن بايدن يبدو مترددا فى دفع العجلات على طريق التفاوض ، الذى يجرى مع إيران على نحو غير مباشر ، وعبر شركاء الاتفاق الآخرين بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ، وقد جرى مرارا حديث عن تقدم فى المفاوضات ، وعن قرب الوصول لنهاية الشوط ، ولكن مع عقبات مزادة تتضافر تباعا ، تأتى غالبا من أطراف اللوبى الإسرائيلى عظيم النفوذ فى واشنطن ، ومن أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب فى الحزب الجمهورى ، الذين لا تفتر همتهم فى مطاردة بايدن وحزبه الديمقراطى ، خصوصا مع بدء العد التنازلى لمواعيد انتخابات التجديد النصفى لمجلسى الكونجرس فى نوفمبر من العام المقبل ، وعودة دعاية ترامب للانتعاش  مع إنشاء منصته الإلكترونية الخاصة ، وخلو ساحة الحزب الجمهورى من قيادة تطمح لخلافة ترامب ، الذى يخوض ويواصل معركته الثأرية مع بايدن ، وهو ما يؤثر بشدة على تصرفات الرئيس وقراراته ، وبالذات فى الموضوع الإيرانى ، ويجعل إرث ترامب ضاغطا عليه ، ويعوق فرص الإدارة الأمريكية الحالية فى استعادة اتفاق الصفقة مع طهران ، على نحو ما أشرنا إليه ، حتى قبل تنصيب رئاسة بايدن فى حفل البيت الأبيض يوم 20 يناير الماضى ، فقد نشرنا مقالا فى نفس هذا المكان بتاريخ 9 يناير 2021 ، كان عنوانه “لعنة ترامب الإيرانية” ، وقلنا فيه بالنص “صحيح أن بايدن أعرب عن استعداده المبدئى للعودة إلى الاتفاق النووى الإيرانى ، وصحيح أن إيران تستبشر خيرا بالإدارة الأمريكية الجديدة ، لكن لعنة ترامب التى أصابت اتفاق 2015 ، وانسحابه منه أواسط 2018 ، وفرضه لعقوبات الضغط الأقصى ، كلها مآزق مستحكمة ، تجعل العودة للاتفاق الأصلى احتمالا غير قريب ولا أكيد” ، وهو عين ماجرى فى المحصلة حتى اليوم ، وقد لا نضيف جديدا ، إذا توقعنا تدحرج فرص الوصول لاتفاق مع طهران ، ربما إلى نهاية عام بايدن الأول فى الرئاسة ، هذا إذا لم تنزلق التطورات الجارية إلى الاتجاه المعاكس ، وتزيد نذر التهديد بنشوب حروب جديدة ، تضع المنطقة كلها على شفا جرف مستعر .

   وبرغم غياب بنيامين نتنياهو عن المشهد الأمامى فى كيان الاحتلال الإسرائيلى ، وما بدا من ترحيب واشنطن الضمنى ، وتولى “نفتالى بينيت” رئاسة وزراء إسرائيل بأغلبية حرجة صنعت على عجل ، وإرهاب نتنياهو لرجله السابق “بينيت” ، وإشهار تحديه بمعارضة سعى واشنطن لتجديد الاتفاق مع إيران ، وهو التحدى الذى قبله “بينيت” علنا ، وبتواصل حثيث خفيض الصوت مع واشنطن ، ومضاعفة تفاهم وزير حربه “بينى جانتس” مع جنرالات واشنطن ، والحصول على “ضوء أخضر” من البيت الأبيض ، مفاده إطلاق يد “تل أبيب” فى مواجهة طهران ، ومواصلة التعاون الاستخبارى ، وتزويد واشنطن لإسرائيل بصفقات سلاح متطور جديدة ، وبالذات مع لجوء طهران إلى دفع جماعاتها لمطاردة الوجود الأمريكى بالعراق ، ثم خروج خطط واشنطن وتل أبيب إلى العلن ، بعد حادث الناقلة الإسرائيلية الأخير ، وبرغم إنكار طهران رسميا لمسئوليتها عن الحادث ، إلا أن تقارير المخابرات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية بدت متطابقة ، وكلها توصى بضرورة الرد المؤلم لطهرن ، ربما فى داخل إيران نفسها ، وهو ما تعهدت به واشنطن رسميا فى تصريحات وزير خارجيتها “أنتونى بلينكن” ، وقد تخرج لعبة التضاغط الخشن عن حدودها الحمراء ، خصوصا مع التهاب أعصاب صناع القرار بطهران ، وتهديدهم بإشعال حدائق النار ، من البحر المتوسط حتى ضفاف الخليج ، وبطول وعرض أقطار المشرق العربى من لبنان إلى سوريا فالعراق ، وهم الضحايا المفضلون المختارون لحروب التطاحن المحتملة ، ومن دون وجود كوابح فرملة أكيدة الأثر ، فاهتمامات الصين بالمنطقة تجارية واقتصادية غالبا ، واهتمامات روسيا محصورة فى حماية مناطق نفوذها بسوريا ، وموسكو ليست مستعدة للدخول فى صدام حربى دفاعا عن إيران ، والأخيرة تحظى بنفورشعبى ظاهر فى أغلب أقطار المشرق والخليج العربيين ، فالعرب هم وقود لحرب ، وليسوا صناعها ، وإن كانت بلادهم ملاعب مفتوحة لمبارزات حربية جرت أو تجئ ، والرءوس الحامية فى طهران محشورة فى مأزق ، قد لا تجد مخرجا قريبا منه ، سوى فى ألعاب نار ، قد يرون أنها تغير الموازين ، وتحسن فرص التوصل اللاحق لتسوية نووية .

“عيش” المصريين

  قطاع واسع من الرأى العام فى مصر ساخط هذه الأيام ومعه حق .

  السبب ـ  طبعا ـ اتجاه الرئيس السيسى المعلن إلى رفع سعر رغيف الخبز المدعوم شبه المجانى ، وبهدف تمويل برنامج وجبة غذائية يومية مجانية  لطلاب المدارس ، وبقيمة 8 مليارات جنيه سنويا ، وهو ما كان سهلا توفيره من موارد أخرى كثيرة ، أو بإنهاء تضخم ظاهرة المستشارين بغير لزوم فى الجهاز الحكومى المترهل .

  القصة ـ إذن ـ أبعد من تدابير مالية فى موازنة بلد تريليونية الأرقام ، وفيها تفاوت ثروات مرعب ، وكتلة متسعة من المواطنين تحت خط الفقر ، تقدرها المراجع الرسمية بنحو ثلاثين مليون مصرى ، لا تكفى برامج دعم الغذاء وبطاقات التموين وكفالة الخبز والحماية الاجتماعية وغيرها ، لا تكفى كل هذه الأساليب لانتشالهم من قاع الفقر ، ولا بديل عن تنمية إنتاجية عادلة ، تعطى اهتمامها الأول للتصنيع الشامل ونقل التكنولوجيا المتطورة ، خصوصا مع توافر موارد مالية هائلة ، جرى إنفاق ستة تريليونات جنيه منها ، أى نحو 400 مليار دولار ، على مشاريع عمران وطاقة وبنية أساسية ومدن من الجيل الرابع وأبراج وفنادق ومزارع وقليل من المصانع .

  الخلل ـ إذن ـ  فى انحيازات الحكم الاجتماعية لا فى الإنجازات المرئية ، وفى تحميل الفقراء والطبقات الوسطى غلاء وأعباء فوق الطاقة ، ليست قصة رفع سعر رغيف ” العيش ” المدعوم إلا نقطة مضافة فى فيض مظالمها .

المنسأة..بقلم :صالح علي الجبري

  يا طاير السعد خبر طائر الهدهد

و أنا على المنسأة فتشت لـ أوراقي

معي عصاتي و ربي فالسماء يشهد

ما صاحب إلا كبير الجهد عملاقي

ما صاحب الشوم و أرجع بعده اتنهد

غير الوفي و النبي ما أعطيه ميثاقي

أكتب وصايا على الأحجار بالمسند

معلقة في جدار البيت علاقي

أرسم حروف الهجاء في نطقها تمتد

و أحدد الكسر و الضمات ف الباقي

و أشرح لزين المعاني ما هو المقصد

و أكشف عن السر ذي مكنون بأعماقي

و أرفع بها المبتدأ لا به ألف يمتد

و أعطي لها من حروف العطف و ثاقي

تراقص الحرف في الإدغام هو و المد

تصبح حروف الهجاء في برجها الواقي

الحرف قد طاعني ما شيئ لحرفي صد

يحده النور من قبلة و مشراقي

عندي جماهير فـ الميدان لي تشهد

و ترتفع رايتي بالفوز خفاقي

لا تعتبرها حكاية ما لها مشهد

خذها على محمل التجديد ذواقي

او تعتبرها قصيدة من حروف أبجد

هذة كنوزي و هذا عذبي الراقي

يا صاحب الذوق و المعروف و أهل الود

أنا معكم بقول الشعر سواقي

يا ساهر الليل ما لليل هذا حد

وجهه عبوس زاد من ضيقي و فراقي

كسر مجاديف شعري  بالبلاء هدد

خلاني الليل امزق كل الأوراقي

……………………..

في 7/8/2021

رئيس ونائب جامعة قناة السويس يستقبلان الوفد الإندونيسي برئاسة الوزير بحر الله أكبر

كتبت / أ.د. أحلام الحسن رئيس القسم الأدبي

تحت رعاية أ.د. أحمد زكي حسين رئيس جامعة قناة السويس  ،  وإشراف وحضور  أ.د. ماجدة محمد هجرس نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث  ؛ تمت أمس الأول زيارة  الوزير أ.د. بحر الله أكبر  رئيس الهيئة العامة لمراجعة الحسابات بجمهورية إندونيسيا لمعهد الدراسات الأفرو آسيوية للدراسات العليا بجامعة قناة السويس وإلقاء محاضرة عن ”  الشفافية والوضوح حق للجميع  ” في إطار فعاليات برنامج إعداد 5000 دكتوراة للعاملين في الجامعات أو في الجهاز الحكومي بإندونيسيا كدفعةٍ أولي بالتعاون مع الإدارة العامة للبعثات في كافة التخصصات .

 وتم عرض وجهة نظر الجامعة من قبل أ.د.حسن يوسف على كيفية استقبال الدارسين وتسجيلهم في الفترة الحالية التي بدأت من أول أغسطس وحتي منتصف سبتمبر 2021  ، وحرص  أ.د. حسن يوسف على توضيح أن هناك إمكانية في تنوع التسجيل للدكتوراة  في مجال الاقتصاد والمحاسبة في كلية التجارة حسبما أشاروا  ، وتخصصات أخري كالهندسة والزراعة ،وطلب من الوفد المرافق زيادة حصة جامعة قناة السويس من الطلاب الوافدين لجمهوربة مصر  العربية  .

 وتم فتح باب النقاش لطلاب مركز البحوث والدراسات الإندونيسية الدارسين لدورات اللغة الإندونيسية حيث تعرف  الوزير الإندونيسي أ.د.بحر  الله أكبر والوفد المرافق علي أنشطة المركز ودوره في نشر الثقافة واللغة  الإندونيسية.

وأكد  أ.د. حسن يوسف عميد معهد الدراسات العليا الأفروآسيوية على  ضرورة تنفيذ عمل برنامج ”  اللغة الإندونيسية وآدابها  ”  ضمن قسم اللغات في المعهد بالتعاون مع السفارة الإندونيسية بالقاهرة وعدة جامعات في إندونيسيا  .

حضر اللقاء معالي أ.د. بامبانج سوربادي المستشار التربوي والثقافي في سفارة جمهورية إندونيسيا بالقاهرة والوفد المرافق من السفارة والهيئة  ، ووكلاء ورؤساء أقسام وأمين المعهد والهيئة الإدارية  ، وأ. تمرين  ، أ. عمران وعدد من طلاب مركز البحوث والدراسات الإندونيسية بجامعة قناة السويس  .

 وفي ختام اللقاء شكر أ.د. حسن يوسف دعوة   الاستضافة الكريمة التي تفضل بها الفريق / أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس للوفد  و ا.د. محمد التابعي عميد معهد الاستزراع السمكي بجامعة قناة السويس علي حسن استقبالهم وكرم ترحيبهم  .

جلجامش وعشبة الخلود :بقلم /عايد الطائي

  تناولت العديد من الحضارات والثقافات الكثير من القصص والأساطير القديمة سواء أكانت في بلاد الرافدين أو بلاد النيل أو بلاد أخرى مثل السند والهند والصين والاغريق والرومان وفارس وبيزنطة وأرض الجزيرة العربية والخليج وغيرها من البقاع.

  ومن الأساطير التي وردت في حضارة بلاد الرافدين هي إسطورة البحث عن الخلود وأبطالها الرئيسين هم جلجامش ملك أوروك أو الوركاء وصديقه الحميم أنكيدو.

 كان جلجامش وبحسب الاسطورة ذا جسم خرافي بهيئة مركبة نصفها جسم حيوان والنصف الآخر جسم إنسان فضلا عن قامته الفارعة وعضلاته المفتولة الكبيرة.

 كان جلجامش ملكا قويا لا يرعوي لأي معركة أو حرب فضلا عن قسوته المعهودة كي يحقق رغباته الشخصية ويقوي حدود مملكته الواقعة جنوب العراق وفي أرض سومر والتي تسمى أيضا بأرض شنعار.

  بعد ان شعر هذا الملك وبعد مدة من الزمن أنه أصبح على مقربة من الرحيل عن هذه الدنيا وخوفه من الموت والفناء ، فكر في طريقة للحصول على الخلود الأبدي ، إذ جمع مستشاريه والكهنة وأخبروه بأن هناك عشبة تسمى عشبة الخلود من يتناولها تمنحه الآلهة الخلود الأبدي ولكن بعد اجتيازه الكثير من الصعاب في الغابات حيث يمكث خمبابا الشيطان ويعبر عدة بحور ودون ان ينام وما إلى ذلك من الشروط .

  وبعد أن قرر هو وصديقه القوي أنكيدو الولوج في هذه المهمة الشاقة نفذاها وبصعوبة بالغة حتى وصلا عشبة الخلود .

 وحين العودة أخذهم النوم والسهاد جراء التعب والمشقة ، حتى جاءت حية تسعى فأخذت العشبة وأكلتها،  وبعد أن أفاقا لم يجدا العشبة،  حينها حزنا ورجعا متألمين نتيجة ذلك،  وحين وصلا الى أوروك بخفي حنين إستقبلهما الكهنة والعرافين وغيرهم وأقنعوهم بأن سر الخلود يمنح فقط للآلهة أما البشر فمصيرهم الفناء والرحيل الى العالم الآخر عالم اللارجعة.

*كاتب المقال

باحث في علوم الآثار والتراث

” ثقافاتٌ ورؤى ” ..الأستاذة الدكتورة أحلام الحسن تكتب عن : اعرف مرحلتك الخامسة أيّها الإنسان ” البرزخُ المرحلة الخامسة من حياتك .

البرزغ لغةً : هو الحاجز الّذي يفصل بين شيئين ، و يحول دون أن يختلطا .
البرزخ اصطلاحا : هي الفترة الزمنية التي بعد الموت مباشرةً ، و قبل البعث . وهي فترة افتراق الرّوح عن الجسد المحسوس .
أين تعيش الروح بعد الموت ؟
كما ورد في العديد من روايات أهل البيت عليهم رضوان الله وسلامه
أنّ هذه الأرواح تعيش بعد الموت في عالم البرزخ إلى يوم القيامة ، حين رجوعها لصاحبها بعد البعث في عملية تزاوج الروح بصاحبها ( وإذا القبور بعثرت) ( وإذا النفوس زوّجت ) ، ويسمي الله هذا الرجوع زواجًا وهي عملية اقتران الروح بالجسد المادي المحسوس لحمًا وعظمًا وتُعدُّ تلك المرحلة هي المرحلة السادسة واﻷخيرة من حياة الإنسان .
أمّا المرحلة الخامسة لمراحل الإنسان فهي الحياة البرزخية محور هذا المقال، حيث تعيش الرّوح في هذه الفترة ، فترة ما بعد الموت في القالب المثالي الجزء الثالث للإنسان ، وعلى صورة صاحبها تمامًا في جنةٍ أو نارٍ أو هي متروكة لأمر الله.
فهي أمّا مُتنعمة ، وأمّا مُعذبة ، و أمّا مؤجلة، حسب ما لصاحبها من أعمالٍ حسنة أو سيئة.
أين هو موقع البرزخ وهل هو موجود ؟
نعم هو موجودٌ فالبرزخ عالمٌ قائمٌ بذاته ، ليس من الدّنيا ، و ليس من الآخرة .
خصوصياته مختلفة جدا فهو فترةٌ زمنية تحيط بثلاثة مواقعَ مهمةٍ هي :
أولا : الجنة البرزخية .
ثانيا : النار البرزخية .
الثالثة : المتروكة والمؤجلة .
والدليل على هذا القول من شقّين :
الشق الأول : القرآن الكريم الآية وفي الآية الشريفة التالية ما يشير إلى هذا :
{{ حَتَّى إِذَا جاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قائلها وَمِن ورائهم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يتساءلون* فَمَن ثَقُلَتْ موازينه فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ موازينه فأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ في جَهَنَّمَ خَالِدُونَ* تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ* أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ* قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضالين* ربنا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ* قَالَ اخْسأوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ* إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِى يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَحِمِينَ* فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ* إني جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُواْ أَنَّهُمْ هُمُ الفائزون}} (99ـ111). سورة المؤمنون.
« فمن بعد الموت تأتي مرحلة حياتنا الخامسة في عالم البرزخ وقبل نفخة الصور »
ما هو البدن الذي يعيش فيه الإنسان في عالم البرزخ ؟
بما أنّ البرزخ هو مرحلة الحياة الخامسة للإنسان فإنّ المرحلة اﻷخيرة هي مرحلة البعث التام روحًا وجسمًا، وعليه فلا وجود للجسم المادي المحسوس في عالم البرزخ بل يبقى في قبره أو في عوالم الأجداث .
و على إثر هذا عليك أن تعرف أيها الإنسان بأنّك مركبٌ من ثلاثة أجزاءٍ وليس من جزءين كما يعتقد الكثير من روحٍ وجسدٍ فقط .
والثلاثة أجزاءٍ هي :
١- جزءٌ محسوسٌ و هو الجسم .
٢- جزءٌ غير محسوس وهو الرّوح .
٣- جزءٌ غير محسوس و هو الجسم المثالي الرّقيق الهوائي ،فهو ألطف من الريح خفة (( Perispery )) ، وهذا الجسم المثالي هو الهالة التي تحيط بكلّ إنسانٍ وقد أثبت العلم وجوده مؤخرًا وهي على هيئة صاحبها تماما.
قد يسأل أحدنا كيف يكون العقاب و التّنعم في الحياة البرزخية ؟!
وعلى أيّ ٍ من الأجزاء الثلاثة يقع العذاب أو التّنعم في عالم البرزخ ؟!
فالجسد المادي بالٍ لم يُبعث بعد !
والرّوح لا ذنب لها بذنوب صاحبها الإنسان !
هناك مؤشرات ، تشير إلى أن العذاب ، أو التّنعم ، يقع على الجسم الهوائي ، الشّفاف المثالي ، الّذي بصورة صاحبه ، دونما أن تتأذى الرّوح فسبحان الله العادل الحكيم { ولا تزر وازرةٌ وزر أُخرى }.
والتّألم أو التّنعم يكون أشدّ وقعًا من ألم الدّنيا ، والتّنعم فيها أكبر بكثيرٍ من التنعّم بالحياة الدنيا .
والدّليل على ذلك من الآيات القرآنية الكريمة ، و من الرّوايات ..
يقول الرسول عليه وعلى آله الطّاهرين وصحبه المنتجبين أفضل الصّلاة و السّلام
( القبر روضةٌ من رياض الجنة ، أو حفرةٌ من حفر النار )
ويقول (ص ) ( أعوذ بالله من عذاب القلب )
وعنه (ص) عندما استشهد جعفر أبن أبي طالب في غزوة مؤتة (( رأيته وله جناحان يطير بهما مع الملائكة في الجنة ))
كما أنّ رحلة الإسراء والمعراج للرسول الكريم ” ص” فيها من اﻷدلة مما يكفي لوجود الجنة البرزخية والنار البرزخية لما حدثنا به صلى الله عليه وآله وصحبه المتقين عمّا شاهده في تلك الرحلة في النار البرزخية .
هل سألنا أنفسنا أيّ جنةٍ تلك التي رأها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المتقين وأيّ نار ؟
إذن فهي جنة ونار البرزخ ، لا جنة المأوى ، حيث لم يحن بعد يوم القيامة ولا البعث.
وقد اتفقت الأمّة الإسلامية جمعاء ، على وجود الحياة البرزخية ، باستدلالات القرآن الكريم ، و الأحاديث النبوية الشريفة ، فلنستعد لها ولما فيها .
ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء ءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
الممصادر :
١- القرآن الكريم .
٢- الأحاديث النبوية الشريفة .
٣- كتاب الإنسان في مراحله الست .
٤- الإطلاعات الثقافية للكاتبة .