الناقد عبد البارى المالكى يواصل كتابة رسائله.. (العاشرة )

أميرتي النبيلة … ولقد سمعت ُ ذات يوم من ( حكواتي ) انه قال :- ( فبينما انت َ هناك على عرش من زمرد ٍ خضر ، ويواقيت َ حمر ، في غابر السنين ، اذ ْ أطلّت ْ عليك َ من بين سبع سماوات ْ، ما اختلف عليها الرواة ْ ، أ كانت حسناء َ إنسية ؟ ، ام حوراء َ جنّية ؟ ، فما إن ْ أجلستَها بين يديك َ ، حتى استأذنتك َ ان تحكي َ لك الف حكاية ، وبينما انت بالليلة الأخيرة ( الألف ْ ) ، وقد انتهت هي من الإنشاد والعزف ، اذ ْ عزمت ْ على الرحيل عند صياح الديك ، فاستمهلتَها لليلةٍ اخرى ، رجاء ً منك َ اليها ، ، ولعادة ٍ اعتدتَها انت َ عليها ، ولشوق ٍ اشتقت َ فيه الى صوتها ، فما عدت َ تألف الرقاد ، حتى اصبحت َ وامسيت َ كالرماد ، تذروه رياح ُ حكاياها الممتعة ، حينها عرفت َ أنك تعشقها عشق َ المداد للحرف ، وعشق النديم الى الخمر ، وقد تلظى قلبك َ وتشظى الف شظية ، و تهشمت اضلاعك الى الف جزء ، وعيناك َ لاتنفكان ِ عن النظر الى ساحة نبلها و قدسِها … ومنذ ذلك الحين والى الآن وانت تستصرخها بالعودة الى قصرك َ الزمردي ْ … و لا جواب ْ … ) والسلام .

” فؤادي “..قصيدة معارضةٌ لقصيدة ” أراك عصي الدمع ﻷبي فراس الحمداني رحمه الله..بقلم الشاعرة الدكتورة أحلام الحسن

 

” مولاي هبت رياح العصف وتحيرت بنا السبل وليس من منقذٍ سواك فأدركنا يا مُدرك الهلكى.
القصيدة معارضةٌ لقصيدة ” أراك عصي الدمع ﻷبي فراس الحمداني رحمه الله على وزن بحر الطويل، تحكي القصيدة ما آلت إليه أحوال الناس من جائحة كورونا ومدى تأثيرها السلبي على إداء المناسك وصلة الأرحام وقطع الأرزاق وغيرها من السلبيات
أجارنا الله وأجاركم منها ومن غيرها ومن كلّ بلاءٍ ومن سوء القضاء.

أراكَ غزيرَ الدّمعِ قد هزّك القَهْرُ
فلا للقريبِ اليومَ وصلٌ ولا أمرُ

حَنَنتَ إلى تلك الدّيارِ بلوعةٍ
وليتَ نهاياتِ الحنينِ بها جبْرُ

مصيرٌ وقد فاضت لياليهِ وحشَةً
وأعياهُ همٌّ من وباءٍ لهُ غَدرُ

فهذي حياةٌ بالشّقاءِ تَلوّنَت
وما من بديلٍ عن زمانٍ بهِ وَعْرُ

عيونٌ على وجدٍ تباتُ وترتجي
لقاءً مديدًَا فيه يصفو لنا الدّهرُ

وما حاجتي غيرَ الوصالِ أطولُهُ
إلهي أجبني قبل أن ينجلي العمرُ

وهل كان للمحرومِ لولاك مُنقذٌ
فأحسن أيا مولايَ قد صابنا الضّرُّ

فوِلدي وأحبابي ورُحمي جميعهم
لعمري ثُريّاتٌ ومن دونهم صِفرُ

ومن خانَ عهدًا لم يَصُنهُ لرُحمهِ
فليس بإنسانٍ وليس لهُ ذِكرُ

ومن لم يجد أهلًا ينامُ بهضمهِ
فلا للودادِ اليومَ ليلٌ ولا فجرُ

فتبكي لهُ عينٌ وتُضني فؤادَهُ
ليالٍ وقد طالت أحاط بها الكسرُ

فَقَلّبتُ طرفي بين وصلٍ ودونهِ
وبين فؤادٍ شوقُهُ مالهُ أمرُ

تمرّ الليالي عاتياتٌ رياحُها
وليس بأيدينا النّجاةُ ولا الفرُّ

وتاهت عقولٌ دون رأيٍ ولا هُدَى
فألهم أيا ربّي قلوبًا بها ذِكرُ

أيا مُلهمَ العذراءَ منهُ بصيرةً
بصومٍ بلا نُطقٍ بلاغًا بهِ سِفرُ

ويا مُنجيًا موسى رضيعًا ورادهُ
ﻷمّ ٍ بها حُزنٌ، ومن وحيِهِ النّصرُ

ويا مُوحيًا للنّحلِ سلكَ سبيلهِ
إلهي بعفوٍ جُد ومن قَبلِهِ العُذرُ

أغِثنا أيا مولايَ غَوثًا يُجيرُنا
فنحنُ عبيدٌ مَن سواكَ لنا الذّخرُ

لقد ضامنا الدّهرُ الخؤونُ مرارةً
إذا ما مضى شرٌّ أتى بعدهُ شرُّ

وباتَ الخليلُ اليومَ يجفو خليلَهُ
يفرُّ بعيدًا عنهُ إن صابهُ الضّرُّ

وتلك اﻷماني كُلّها قد تحطّمت
بقطعٍ ﻷرحامٍ ورِزقٍ بهِ عُسرُ.

حَجيجٌ بلا حجّ ٍ وعيدٌ مُزمّلٌ
قرارٌ خطيرُ اﻷمرِ في كُلّهِ بَترُ

وباتت صلاةُ النّاسِ دون جماعةٍ
أطَردٌ ومِن وزرٍ أثيمٍ بهِ سرُّ

إلهي لعفوٍ مِن لدُنكَ فضُمّنا
وباءٌ غدا صَدعًا يجولُ فما اﻷمرُ

إلهي بمن أنجيتَ نوحًا وركْبِهِ
فلا مسّهم شَرٌّ ولا ضَرّهم بحرُ

لقد جاءنا الحالُ الصّعيبُ بمَكرِهِ
فمنك نجاةُ الخَلقِ والنّصرُ والظّفرُ

تأنُّ الصّلاةُ اليومَ مثل يتيمةٍ
على خدّها صَفعٌ يأُنّ لهُ الصّبرُ

بفجرٍ حزينٍ صابهُ خَطبُ لوعةٍ
وظُهرٍ بئيسٍ ليس في شَمسِهِ بُشرُ

وفَضلٍ لعصرٍ لم تعد فيهِ بهجةٌ
كمثل الثُّكالي بات في حُزنهِ شَترُ

فيا مغربَ الحُبّ الذي كان خيرُهُ
يطيبُ بهِ وقتُ المصلّينَ والعُمرُ

تزلزلتِ اﻷحوالُ ربّاهُ ما رعت
قلوبًا نفوسًا بالعشاءِ لها ذِكرُ

كمثل سجينٍ يحفرُ الصّبرُ قلبَهُ
فأيّامُهُ أضحت رمادًا بها غبرُ

لبسنا رداءَ الوَيلِ والوَيلُ قاهرٌ
إلهي فأدرك حالَ من صابَهُ العُسرُ

وضاقت بنا الدّورُ التي كانتِ المُنى
كمن زُجّ في قبرٍ مساحاتُهُ شِبرُ

شكونا ولا نشكو ضياعًا لغيرهِ
لطيفٌ رحيمٌ بالعبادِ لهُ الشّكرُ

صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : ورحل طبيب الغلابة

رحل الدكتور والانسان / محمد مشالي طبيب الغلابه والفقراء بعد رحله طويله وممتده كان حكيما بجد .رحل ابن محافظه الأخيره والذي استقر به المقام ليكون في مدينه طنطا قريبا من القطب الكبير سيدي أحمد البدوي .. حتي اللحظات الأخيره في مشوار حياته كان الكشف جنيهات معدودة مع إعفاء غير القادرين عشرات الآلاف من الغلابه كان الدكتور / مشالي حانيا عليهم قريبا منهم رجل بسيط وابن ناس فعلا قدم ولم ينتظر الجزاء الا من الله الذي لا تضيع عنده،الودائع لم يبحث الراحل الكريم عن الشهره ولو أراد لتحقق له،ما أراد لكنه أثر أن يكون في صف وخندق الفقراء والغلابه. الدكتور / مشالي الذي تعلم في مدارس جمال عبد الناصر نصير الفقراء لم ينسلخ عن هذه الشريحه الكبيره والعريضه في المجتمع.

في احد اللقاءات التليفزيونية قال الراحل وهو يبكي أنه يتألم

عندما يري طفلا مريضا ويزداد الألم عندما يعجز والديه عن علاجه . لقد كان طبيبا بدرجه انسان . مصر فيها مثل هذا البنت الطيب وهم كثر يقدمون العطاء دون مباهاه أو مفاخره.

والنماذج متعدده رحم الله الدكتور/ أبراهيم بدران وزير الصحه الأسبق كان نموذجا في العطاء ورعايه المرضي من الفقراء والمساكين في عالم الطب هناك حكماء انا وانت نعرفهم ونقف علي أقدارهم منهم النبيل المحترم الدكتور / محمد غنيم مؤسس مركز جراحات الكلي والمسالك البوليه بالمنصورة والذي رفض حتي الأن أن يفتح عياده خاصه به،

ولو أراد المال لسيق اليه . هذا المركز الذي يعد،ومازال مفخره في منطقه الشرق الأوسط.ويبقي الدكتور / محمد مشالي نصير وطبيب الفقراء احد الحكماء الذين حفروا لأنفسهم مكانه في تاريخ الأطباء الناصع ستظل سيرته نبراسا وطريقا

لكل النبلاء والأفياء . يظل عنوانا لمهنه الطب التي لوثها سلوك بعض الأطباء الذين تناسوا أنها رساله ولابد أن تتوج بالرحمة

والعطف علي الناس بالتخفيف عليهم والأخذ بأيديهم الي بر الأمان..

ولولا جمال عبد الناصر صاحب قرار مجانيه التعليم لكان الدكتور/ مشالي في كليه اخري هذا ماشهد به الراحل النبيل

وكم من مشالي قدموا وادخلوا الفرحه والسعادة علي قلوب الفقراء ..

رحم الله حكيم الغلابه الدكتور / محمد مشالي

 *كاتب المقال

كاتب وباحث

قريبا يصدر عن دار المتن للطباعة والنشر والتوزيع كتاب ..التجديدية في الشعر العراقي.. دراسة نقدية للناقد العراقى الكبير سعد الساعدى

بغداد -الزمان المصري: خاص
يصدر قريباً في بغداد عن دار المتن للطباعة والنشر والتوزيع كتاب جديد عن الشعر بعنوان: (التجديدية في الشعر العراقي/ دراسة نقدية) للناقد الاعلامي سعد الساعدي. تتناول الدراسة خصائص القصيدة الشعرية التجديدية، والشعر العراقي عموماً بعد مرحلة ما بعد الحداثة التي اسماها الكاتب مرحلة التجديدية.
تأتي الدراسة على ضوء نظرية الكاتب النقدية الجديدة: “نظرية التحليل والارتقاء، مدرسة النقد التجديدية” الموثقة عالمياً في أكاديمية العلوم التربوية الامريكية في واشنطن مؤخراً، حيث تعرَّضت الدراسة الى نماذج بحثية من أشعار أربعين شاعراً وشاعرة من جيل الشباب والمخضرمين كنماذج ليست حصرية، لكن ضرورة البحث اقتضت ذلك بما توفر من دواوين ومجاميع وقصائد شعرية بين يدي الباحث.
كشفت الدراسة التي جاءت بمقدمة وخمسة فصول مع مباحثها الفرعية أنّ أهم المرتكزات التي لابد للناقد عدم اغفالها هي اللغة والمعنى والجمال مجتمعة، التي تغلف العمل، بلحاظ دلالات ذلك في الشعر العراقي التجديدي. وأن الشاعر العراقي هو كاتب ناقد قبل أن يكون شاعراً متمرساً، وتبين أن الشعر العراقي التجديدي يتضمن بؤراً عديدة متنوعة ليست واحدة فقط، اضافة لدلالات وألفاظ لغوية أخرى، وأيضاً كشف البحث خاصية مهمة في القصيدة التجديدية وهي أنها ولادة جديدة، تتمازج وتتخذ في أزمنة كثيرة من صراعات الشاعر الداخلية بكل عنفوانها الجمالي النفسـي، والبنائي الشعري المتّقد، لحياكة حبكة قصيدية شعرية تنتج قصيدة مثالية نادرة.
وظهر خلال الدراسة انَّ هناك مضامين كثيرة في القصيدة التجديدية العراقية، بدءاً من العنوان، دخولاً لتفرعات النص أو التشكيل المنتج، ومن مجموع كل تلك المضامين وتحليلها جزئياً يتشكل لدى الناقد التجديدي تحليل شامل للمضمون العام، انتجه (الشاعر/ الشاعرة) ليكشفه هو كمحلل.
يذكر أنَّ نتائج عديدة أخرى ظهرت للباحث في الدراسة المؤلفة من مائتين وثمانين صفحة من القطع الكبير اعتماداً على المصادر العامة، وبحوث للكاتب منشورة بكتب ومقالات عربية وأجنبية، لكن بعيداً عن استخدام أي مصطلح غربي في الاستشهاد حسبما يتبناه الكاتب في نظريته النقدية الداعية للابتعاد عنها كون اللغة العربية هي مصدر ألهام الشاعر، ومنهجية الناقد التجديدي حين يبتعد عن خنق نفسه بين المناهج النقدية الغربية وكثرة تعقيداتها.

الدكتور عادل عامر يكتب عن :السدود وتحديات الامن القومي العربي والمصري

ان أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا تشهد تطورات خطيرة متسارعة ، وهي أزمة ذات طابع سياسي واستراتيجي بالغ الأهمية ، وعلى القوى الدولية الكبرى أن تتحرك بفاعلية للبحث عن حلول وتسويات عادلة لهذه الأزمة قبل أن تفاجئ بصراع قد يكون الأخطر والأكثر تأثيراً في القرن الحادي والعشرين. فقضية المياه تمثل تحدياً جدياً للأمن القومي العربي في العصر الراهن لا يقل خطورة عن تحديات الارهاب والأزمات الأخرى المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط .

إن هذه اللهجة التي اتسم بها الخطاب الإسرائيلي تدل على أن الأطماع الإسرائيلية في الأراضي العربية ما زالت قائمة، وأن حكام إسرائيل مهما اختلفت اتجاهاتهم السياسية، ما زالوا يمضون في تنفيذ المبادئ والأفكار الصهيونية التي نشأت منذ زمن، ولعل أهم ما تدعو إليه هذه المبادئ هو أن السيطرة على الأراضي يجب أن تكون مصاحبة للسيطرة على المياه، ولهذا فإن المحاولات الصهيونية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين كانت تقوم دائماً على المزج بين الخريطة المائية والخريطة الأمنية، أو بمعنى آخر كانت تضع مصادر المياه في اعتباراتها عند تخطيط الحدود.

لقد أثار الكيان الإسرائيلي ومازال هاجس الأمن المائي العربي – الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي – ولكنه لم يتبع أسلوب المواجهة المباشرة مع العرب في هذا الشأن لعدة أسباب منها     أ) أن هذا الكيان يشارك في بعض أحواض الأنهار العربية – بشكل مباشر أو غير مباشر – مع أطراف عربية لا تزال في حالة حرب معه.

ب) أن القدرة العربية علي الردع لا تزال فعالة في مجال الأمن المائي بحكم مرور مسافة طويلة من الأنهار بأراضيه ، ولعلاقته القوية بدول الجوار ، وبالتالي يصعب استخدام هذه الورقة لتهديد العرب بشكل مباشر في أية مواجهة قادمة.

جـ) أن دول الجوار الاستراتيجي – أثيوبيا ، تركيا – وان كانت أهدافها الاستراتيجية تختلف مع الدول العربية المشاركة في أحواض الأنهار. إلا أن ما يربطها بهذه الدول أقوي مما يربطها بالكيان الإسرائيلي من علاقات جوار ومصالح حيوية وامن متبادل.

لذلك ابتعد الكيان الإسرائيلي من سياسة المواجهة المباشرة إلي استخدام أسلوب الحرب الباردة طويلة الأمد ضد العرب ، والتي لم تتضح خطورتها إلا في السنوات الأخيرة باستخدامه للدول الأخرى المشاركة في أحواض الأنهار العربية كخط هجوم متقدم ضد الدول العربية – حرب الإنابة – حيث تقوم دولة الجوار الاستراتيجي بإتباع استراتيجيات تتفق مع ما يطالب به الكيان الإسرائيلي تحت ستار مفان مشكلة المياه بإبعادها الاستيطانية الاستعمارية أساسا ، الاقتصادية هامشيا ، تصبح أكثر وضوحا وعلاقة بالأمن القومي للكيان الإسرائيلي. فالخط الأحمر الذي وضعه الكيان الإسرائيلي لمسألة المياه ، لا يقل خطورة

عما يمكن أن يؤدي إليه تحريك قوات أو أسلحة إلي مناطق منزوعة السلاح ، حيث عد هذا الكيان المياه موردا استراتيجيا من الدرجة الأولي ، وعد أي تهديد لمصادر المياه مؤديا إلي استنفار الجيش . مما سبق نجد إن هناك علاقة طردية بين تحقيق الأمن القومي للكيان الإسرائيلي من جهة ، وبين سيطرته ثم تحكمه في مصادر المياه في المنطقة من جهة أخري ، لان ذلك يحقق له أهدافه الاستراتيجية والقومية صالحها القومية وخططها التنموية

استغلت إسرائيل تقاربها مع أثيوبيا في عهد الإمبراطور هيلاسيلاسي وقامت بتوظيف هذه العلاقة من أجل تهديد مصر من زاوية المياه، لأن 85% من احتياجات مصر المائية تنبع من أثيوبيا، حيث بلغت حصة مصر من مياه النيل 55.5 مليار م3 ارتفعت إلى 70 مليار م3 عام 2000، ما شكل عجزاً مائياً بمقدار 14.5 مليار م3، أما السودان فحصتها 18.5 مليار م3، وتهدف السودان إلى زيادة مساحة الرقعة الزراعية من 4.5 مليون فدان إلى 9 مليون فدان،

 وهذا يحتاج إلى 14.8 مليار م3، وبذلك يكون العجز المائي عند مصر والسودان 38 مليار م3 من المياه، وهذه الكمية لا يمكن تدبيرها إلا بعد الانتهاء من مشروعات أعالي النيل التي تتولاها مصر والسودان معاً.

وتلعب إسرائيل من خلال علاقتها مع أثيوبيا والدول الأفريقية في حوض النيل دوراً تحريضياً ضد مصر والسودان، بحجة أنهما تستهلكان كميات كبيرة من المياه دون الحاجة إليها على حساب الدول الأخرى وفي ضوء هذا التحريض سيطرت الشركات الأمريكية والإسرائيلية على معظم المشاريع المائية في المنطقة، وتولت الأبحاث العلمية الخاصة بموارد المياه، وأسفرت العلاقات الأثيوبية الإسرائيلية عن تهجير أعداد كبيرة من يهود الفلاشا،

 كما قامت إسرائيل بإنشاء ثلاثة سدود مائية كجزء من برنامج أمثل يستهدف بناء 26 سداً على النيل الأزرق لري 400 ألف هكتار، وإنتاج 38 مليار كيلو وات ساعة من الكهرباء، وهذه المشاريع ستحرم مصر من 5 مليار م3 من المياه

إن الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية هي جزءٌ من مخططاتِها لبناء دولتها الكبرى من النيل إلى الفُرَات، وحماية أمنها القَومِي من أي تهديدات عربية، كما أن هذه الأطماع هي شكلٌ آخر من أشكالِ الصراعِ العربي الإسرائيلي، فالمخطَّطات التي وضعها الاستعمار الغربي للمنطقة العربية يتم تنفيذُها حاليًّا من قِبَل إسرائيل خطوةً خطوةً؛ لتجزئة المنطقة العربية،

 والاستيلاء على كل مصادر المياه العربية، في كل من: سوريان والأُرْدُن، والأراضي الفِلَسطِينية المحتلَّة، وجنوب لبنان، مما سيمنع من قيام أي مشروع نَهْضَوِي سياسي عربي ضد الأمن القَومِي لإسرائيل، وبالتالي سيكون التحكم الإسرائيلي ورقةَ ضغطٍ رابحةٍ لإسرائيل؛ لفرض سياسة الأمر الواقع تُجَاه الدول العربية؛ لفرض تسويات سلمية تضمن حمايةَ الأمن القَومِي الإسرائيلي على حساب الأمن القَومِي العربي

أن ملف سد النهضة تعرض لإهمال کبیر خاصة فى السنوات الأخیرة من عهد مبارک ، وتبعه إهمال وعدم خبرة فى فترة مابعد ثورة 25 ینایر 2011 إلا أنه منذ 30یونیو 2013 والدبلوماسیة المصریة تقوم بعملیة إنقاذ بوتیرة سریعة للأمن المائى المصرى وقد توصلت الدراسة للنتائج التالیة  بالرغم من أن الدبلوماسیة المصریة  (Nile Diplomacy) تقوم على التمسک بثوابت وحقوق تاریخیة مکتسیة محددة تشمل حصة مصر المائیة الحالیة( 55.5 ملیار متر مکعب – التى أقرتها إتفاقیتى 1929- 1959) کما تلتزم بقواعد القانون الدولى المتعلقة بالمجارى المائیة ، بالتوازى مع معارضة الخطوات الأحادیة لأى من دول المنابع سواء أثیوبیا أو أى من دول الهضبة الإستوئیة ، مع الترکیز على إقامة علاقات تعاون مع کافة دول الحوض وربط مصالح دول الحوض بمصر من خلال صفقات ومشروعات تعود بالفائدة على الجمیع ،   إلا أن الدبلوماسیة المائیة فى حوض النیل بالثوابت سالفة الذکر،  تواجهه تحدیات کبیرة ومتعددة :

–  أن هناک  ثوابت أفریقیة مضاده للثوابت المصریة ،لدى معظم دول المنابع ومعهم دولة جنوب السودان ، تؤثر بشکل قاطع على مفاوضات سد النهضة فهذه الدول تتبنى مبدأ نیرى – الرئیس الأول لتنزانیا بعد الإستقلال – والذى یرفض الإعتراف بالإتفاقیات السابقة والمتعلقة بمیاه النیل نظرا لتوقیع تلک الإتفاقیات فى الحقبة الإستعماریة.

– أن المماطلة الإثیوبیة فى المفاوضات ، وعدم الشفافیة فى التعامل مع مصر بصفة خاصة وهو مابدى واضحا على سبیل المثال فى اللجنة  التى شکلت لدراسة مخاطر السد ، فماهى إلا خدعة للتسویف وکسب الوقت ا للازم  لتنفیذ المشروع وجعل السد حقیقة قائمة تحد من خیارات مصر فى التعامل معه، والسعى لتحجیم رد الفعل المصرى وحصره فى مفاوضات لاطائل منها لمصر لحین فرض أمر واقع.

–  إستثمار إثیوبیا أعمال تلک اللجنة فى تجاوز شرط الإخطار المسبق عن تنفیذ مشروعات تنمویة على مجرى النهر والسعى للحصول على التمویل اللازم لإنشا ء السد من خلال إظهار حالة من التوافق مع دولتى المصب والىتى تشترط الجهات المانحة توافقها حول مشروعات التنمیة فى دول المنابع.

– تحول السودان من شریک إستراتیجى لمصر إلى  وسیط بین مصر وأثیوبیا مما یجعل مصر تقف منفردة أمام إثیوبیا ودول المنابع الأخرى.

– صعوبة إثناء إثیوبیا عن بنا ءالسد أو تغییر مواصفاته من خلال المسار التفاوضى فقط.

أولا : على المستوى الداخلى :

  یجب وضع خطة محکمة لترشید إ ستخدام المیاه.وهو مابدأته الحکومة الحالیة حکومة مصطفى مدبولى .

–     العمل على الحد من الزیادة السکانیة والتى تمثل تهدید داخلى للأمن المائى المصرى

–    العمل على خلق ثقافة الترشید والمحافظة على المیاه والتأکید على دور الإعلام فى ذلک.

–   التثقیف والتوعیة بزراعة المحاصیل التى لاتحتاج کم کبیر من المیاة وذلک خلال فترة الملىء.

–    إعزاب میاة البحر (التحلیة) باستخدام طرائق متعددة (التناضح العکس أو الومیض المتعدد والمراحل أو الضرر الغشائى أو غیرها.

–   تنقیة میاه الصرف الصحى بإستخدام إحدى الطرائق المناسبة مثل (الترقید – الأوزون – الکلور).

 

تنقیة میاه الصرف الزراعى، أو ما یعرف بالبزل الصناعى.

– الاستمطار، وذلک بالإفادة من حالات التغیم فى زیادة الهطل المطرى باستخدام المواد والأدوات المناسبة (نترات الفضة، الطائرات، الصواریخ)

ثانیا : على المستوى  الخارجی:

– إستمرار مصر فى إتباع النهج التعاونى( سیاسیا- أمنیا- إقتصادیا – ثقافیا ) مع دول حوض النیل خاصة  ، وإفریقیا بصفة عامة بإعتبارذلک من رکائز الأمن  المائى والقومى المصرى.

العمل على التاثیر الخارجى على الجهات المانحة (البنک الدولى ) بإقناع دول المنابع باللجوء إلى قامة سدود صغیرة لتولید الطاقة وتخزین المیاه للزراعة على المستوى المحلى المحدود ، وتجنب مشکلات  السدود الکبیرة سواء من الناحیة الجیولوجیة – الإقتصادیة – السیاسیة.

العمل على الإستفادة من مشروع أنجا العملاق فى الکونغو الدیمقراطى الذى سیولد من الطاقة مایکفى لإفریقیا کلها.

فى حال  الإضرار بحصة مصر من میاه النیل ، وکذا قیام دول المنابع بتفعیل الإتفاق الإطارى دون حل النقاط الخلافیة فیه فلابد من  لجوء مصر للقضاء الدولى (اللجوء لمحکمة العدل الدولیة) وهنا تلجا مصر للمحکمة کجهة اختصاص قضائى وخاصة ان اثیوبیا قد اقامت بالفعل السد بالرغم من توصیات اللجان الدولیة الإستشاریة بخطورته على مصر وهناسیتم إعمال الإختصاصین الإفتائى والقضائى للمحکمة ، فعلى مستوى الإختصاص الإفتائى للمحکمة وهو إختیارى ولایلزم موافقة کل أطراف النزاع ، إذا جاء لصالح مصر

 فإنه سیکون بمثابة ورقة ضغط على إثیوبیا ویشکل مزید من التطویق إقلیمیا ودولیا لها ،أما الإختصاص القضائى وهو الذى یتطلب موافقة کل أطراف النزاع للذهاب طواعیة للمحکمة ، فإذا رفضت أثیوبیا مع وجود الحجج والمستندات القانونیة الداعمة للموقف المصرى ( الحقوق التاریخیة المکتسبة لمصر والسودان والتى أقرتها الإتفاقات الدولیة وهى  لاتسقط بالتقادم1929–1959 – لرأى الخبراء الدولیین المحایدین الذین شارکوا فى صیاغة تقریر اللجنة الدولیة لبحث أثار سد النهضة وهم شهود عیان على تعنت الجانب الأثیوبى

وعلى الأثار البالغة الخطورة من السد على مصر والسودان بل على إثیوبیا ذاتها ( الزراعة – التعدین –الکفاءة الکهربائیة المتدنیة للسد) فسیکون ذلک فى صالح مصر أمام المجتمع الدولى وسیکون الموقف الإثیوبى ضعیف جدا لعدم قبولها للتحکیم الدولى  وفى حالة ذهاب أثیوبیا للتحکیم الدولى وصدور قرار یؤید موقف مصر سوف یتم حسم الخلاف والنزاع ، ولایقع ضرر على حصة مصر والسودان من میاه النیل.

  على الدبلوماسیة المصریة أن تستغل معارضة سکان المنطقة التى یبنى فیها السد   (بنى شنقول) – والمعرضون للتهجیر بسبب بنائه- دولیا ضد الموقف الأثیوبى ،  فقد جرى العرف الدولى فى مسألة بناء السدودعلى رفض السدود التى تلقى معارضة من السکان المحلیین.

–          العمل على کسب ود وتأیید الجانب السودانى کشریک إستراتیجى فى المفاوضات ،، وکعمق للأمن القومى المصرى ، وخاصة أن جنوب السودان مؤید لبناء سد النهضة

ضرورة وجود رؤیة متکاملة لتنمیة إیرادات الحوض، من خلال إحیاء مشروعات مشترکة وتنمیة الحوض، مثل تنفیذ مشروع نهر الکونغو الذی طرح فی فترة السادات، والذی یقوم على ربط نهر الکونغو بنهر النیل، و‏مراده التحکم فی الموارد المائیة بالبلدان المستفیدة، وهی مصر والسودان وجنوب السودان والکونغو. وذلک باستغلال جزء من فواقد نهر الکونغو، التی تصل إلى 1000 ملیار متر مکعب سنویًّا تلقی فی المحیط الأطلسی، وذلک عن طریق إنشاء قناة حاملة بطول 600 کیلو متر لنقل المیاه إلى حوض نهر النیل عبر جنوب السودان إلى شمالها، ومنها إلى بحیرة ناصر.

يجب الاخذ والإستفادة من التوصیات التى انتهت إلیها جلسة حوکمة المیاه العابرة للحدود والمنافع المشترکة التی عقدت خلال فعالیات (أسبوع القاهرة للمیاه  فى  أکتوبر2018) والتى إننتهت لمجموعة مجموعة من التوصیات للتأثیرات المحتملة لسد النهضة على دول المصب، من أبرزها :

        أنه إذا تم الإتفاق على الحفاظ على منسوب تخزین یراعی فترات الجفاف التی یمکن أن تتعرض لها دول المصب، فقد تکون هناک فرصة لجعل سد النهضة ذی فائدة لکل الدول إذا تم وضع خطة إدارة إقلیمیة تعاونیة مستدامة لإدارته بالتنسیق مع دول المصب، بحیث یوفر الطاقة التی تحتاجها إثیوبیا دون التأثیر على دول المصب.

    ضرورة توافر إرادة سیاسیة جادة ودراسات اقتصادیة واجتماعیة وخطط طموحة وواضحة للوصول إلى تحقیق الإدارة العابرة للحدود للمیاه المشترکة من خلال بحث احتیاجات کافة الأطراف، والنظر بشأن الفوائد المتوقعة وکیفیة الاستفادة منها بشکل یرضى جمیع الأطراف.

  کما تم عرض لتجربة إدارة حوض نهر کولورادو الذی کان یتعرض لمشکلات الترسب فی مناطقه السفلى بشکل یعوق حرکة الملاحة وعدم توافر میاه للری خلال فترات الجفاف، وتم إنشاء سد (جلین کاریون) وتشغیله من قبل مکتب استصلاح الأراضی الأمریکی فی محاولة للتغلب على المشکلات السابقة، ونجح السد فی توفیر المیاه والطاقة للولایات فی الجنوب الغربی ومنح مجالات للسیاحة والتنمیة الحضریة.

**كاتب المقال

دكتور القانون العام

محكم دولي معتمد

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان