العثور على عشرات الآلا ف من الدولارات واليورو بالسيارات المستوردة من الدول الآسيوية

ليبيا- طرابلس: اسعد امبية ابوقيلة

 تداولت  انباء  في الشارع الليبي وخاصة في العاصمة الليبية طرابلس  تفيد بوجود ظاهرة عجيبة تحدث في ليبيا وهي وجود عشرات الآلاف من الدولارات الاميركية  وعشرات  الآلاف من عملة اليورو مخفية  في عدد من السيارات المستعملة والتي يتم استيردها من عدد من الدول  الاسيوية والاوروبية واميركا عبر المواني الليبية وفي مرات عديدة يتحدث  عدد من المواطنيين عن وجود تلك المبالغ المالية عند اشتراء تلك السيارات المستعملة

ويتم وضع  تلك الاموال مخفية  وهي عشرات الالاف من  الدولارات الاميركية  وعشرات  الآلاف من عملة اليورو في درج السيارة الامامي او الخلفي او حتي تحت  مقاعد السيارات المستعملة

وحسب وجهة نظرمندوبنا بالعاصمة الليبية كاتب هذه السطور.. ربما تكون تلك الاموال مصدرها عدد من الجمعيات  الخيرية الاوروبية الحكومية او الاهلية والتي  تهتم بالدول التي تشهد عدم الاستقرار الامني وتدني في مستوي دخل المواطن وتتعمد تلك الجمعيات الخيرية الاوروبية بتخزين تلك الاموال في السيارات المستعملة لرفع المعاناة عن الطبقة الكادحة والتي تشتري السيارات المستعملة

للعلم تعتبر ليبيا اكبر مستورد لي  شحنات السيارات المستعملة اليابانية و الكورية والاوروبية والاميركية وغيرها من السيارات المستعملة

القول السردي في رواية سيبندية للروائي شوقي كريم حسن..للناقد الكبير / طالب عمران

حرصت الاجناس الادبية الحداثية  جميعا على تفاعل الذات مع الآخر ومن ثم الذات مع نفسها فيتحقق الانفتاح والابداع ، انفتاح على الذات الموغلة في العزلة، ، وجاء تيار الوعي ليبرز في ميدان الرواية الحديثة شكلا جديدا يعبر عن هذه الازمة التي تعيشها الانسانية في شرنقتها ،فاطلق العنان لتدفق الافكار والمشاعر والثورة على المألوف والسائد استنكارا للمواصفات اللاأخلاقية وهذا ما نلمسه في رواية (سيبندية) للروائي شوقي كريم حسن في طبعتها الاولى  الصادرة عن دار العرب ،2023 .

وأنا أقرأ رواية (سيبندية ) أقف عندها  من حيث كيف يبني الروائي مادته الروائية؟، وما هي تقنياته السردية ،من يروي؟ وكيف يرى الراوي الى ما يرويه ؟ وما هي علاقته بمن يروي عنهم ؟ فقد تناول النقاد مضمون الرواية  وتناولوا موضوعة القيم النبيلة والرذيلة والمرحلة الزمنية لأحداث الرواية التي شكلت وثيقة تؤرخ مرحلة بدأً من مقتل الملك الشاب فيصل ومجزرة العائلة المالكة  وما بعدها من صراع سياسي الذي اتسم بالفوضى  والتخبط ..

ان ما يقدمه الروائي  من تكنيك من حوار ووصف وتيار وعي واستبطان ذاتي وتقنية الفلاش باك  فضلا عن استخدام المونتاج السينمائي والقطع والتنقل المشهدي ، يعطي للرواية قوتها ومتعتها وان كانت الفكرة مطروقه..

“وقفت أمي تنتظر حيرتها، مبصرة من عند باب الحوش، صرخات الاستغاثة ودوي الرصاص وتوسلات حناجر تخرخش بفتور خائف يشوبه وجل ممتحن لا تعرف كيف تجتاح وجودها، وبين يديها ولد يتبرغث من الوجع حين ابصرت المسلّحة العسكرية، تحاول اجتياز الرصيف اندفعت مؤشرة بالوصول اليها ثمة آخر يتعلق بأذيالها. صبي مراقباً المشهد الصاخب بحذر ظل يصاحبه طوال حياته، قال الرجل المعلم بخرقة خضراء موشومة (بحاء قاف) لاعقاً شفتيه بابتسامة وقحة جعلت الأم تتراجع مهزومة إلى داخل خيبتها”1

“طريقة في الكتابة تقدم مدركات الشخصية وأفكارها كما تطرأ في شكلها العشوائي وهذا التكنيك  يكشف عن المعاني والاحساسات دون اعتبار للسياق المنطقي او التمايز بين مستويات الواقع المختلفة (النوم ، اليقظة..) او بناء الجملة من حيث ترتيب كلماتها في اشكالها وعلاقتها الصحيحة” 2

عتبة العنوان(سيبندية ) التي جاءت بصيغة الجمع والتي من خلالها استطاع جلب الاهتمام والانظار لمفردة تعني المنحرف الذي لا أخلاق له بمعنى اناس افسدوا وقد وظفوا كل الوسائل الدنيئة والخسيسة فهي مباحة لهم ومشروعة  من اجل الوصول الى غاياتهم.

 كتبت رواية سيبندية بطريقة وبتكنيك يكشف عن المعاني دون اعتبار للسياق المنطقي ولم تعد تعني بالترتيب المنطقي النمطي للعقل المنسق ببداية ووسط ونهاية فنراه يقوم بتكسير القوالب النمطية والثورة على الجمود والرتابة .

قسم الرواية الى عشرة فصول كل فصل اطلق عليه مدخل لأبجديات عشرة كعتبات ومناصات  (عنونة داخلية )فيها عنوان اصلي واسفلها عنوان فرعي جاء على شكل جملة او عبارة (مقولة ) للروائي مفتاحا وعتبة للدخول لعالم روايته تكشف العلاقة بين الراوي(الكاتب ) وبين المروي  ” أبجدية اليتم”( المساحة واسعة بين القيم والرذيلة )، “أبجدية الأثم”،(الخطيئة اشد فتكاً بالضمائر التي تعدّها جسراً تعبر من خلاله الى ملكوت الرب )، “أبجدية القحط”،(من وصايا العارفين.. لا تترك خطاك تقود كلك إلى مرابع التفاهات)،”أبجدية القسوة “( قيل لمجنون ما الحكمة ؟ قال أن تبصق بوجه الحاكم من دون أن يعترض )،”أبجدية النهاية”( النهايات مشروع بدايات غير واضحة المعالم)،”ابجدية الرفض “(الاحلام أخطر اختراعات العقل الانساني وأشدها فتكاً)،” أبجدية الهذر”(لاتعادٍ الصمت في الاوقات الحرجة التي تحتاج بها اليه)، “أبجدية الازاحة”(ربة الوقاحة فاجرة، ما دارت مفتاحها يوماً لعارف)،”أبجدية الرغبات (………………)،”أبجدية الافتضاح”(لاشيء أقبح من الاعتقاد بأن الكذب فضيلة). 

ربما اراد الكاتب ان يجعل من كل فصل ومدخل مسرودات لا متناهية،  باستهلال داخلي الذي يتصدر كل مدخل في الرواية تعين المتلقي وتمكنه من “ربط العلاقة بين العناوين الداخلية وفصولها من جهة والعناوين الداخلية وعنوانها الرئيسي من جهة أخرى … “3

بدأ باستهلال  افتتاحي / بدئي قبل القول جاء على شكل تنبيه كمؤشر لفهم السياق الذي تنخرط فيه الرواية :

تنويه

ذات حكاية.. سمعت حكيماً خبر الدنيا وخفاياها يقول :

– محال تغطية الحقيقة بغربال.. وهذا ضرب من ضروب المستحيل. فطنت الى المعنى وما أريد منه، وما الحقيقة التي تحتاج منا الى اعادة كشف. لذا ما جاءت به المسرودة حقيقة من المنبوشات بين اطمار ماض قريب مسكوت عنه، رغم اهميته في تأسيس ما بعده من حروب وفواجع وانتهاكات انسانية ماتزال مستمرة حتى الساعة… قد لا نصدق ما قيل ودوّن كونه ضرباً من الخيال.. ما أقبح الواقع الذي ينافس الخيال ويتغلب عليه.

في تقنية فنية تعبيرية وجمالية وظف الروائي تناصاً يعقب التنبيه مقطع من مسرحية شكسبير.. بهلوان الملك لير جاء على شكل نبوءة:

سأنطلق بنبوءة قبل ان اذهب.

إذا امتثل الكاهن لفظاً دون معنى

إذا غشّ الخمّار الخمر بالماء

إذا أضحى النبيل معلماً للخياطة

وسلم الزنديق من نار عقبى دون طلاب النساء

إذا كانت كل دعوة في الشريعة صائبة.

وما من سيّد، او فارس بالفقر يوما مبتلى

إذا الغيبة هجرت كل لسان

وأحجم النشالون عن الجموع.

إذا راح المرابون يحسبون الذهب في العراء.

وراح القوادون والبغايا يبتنون الكنائس،

عندما يحل في البلاد شغب وفوضى

عندها يأتي زمان من عاش رآه

يصبح السير فيه على الأقدام جريمة.

هناك تكنيكات اخرى توظف مع رواية التيار كالمنولوج الداخلي والفلاش باك والاسترجاع الحدثي والمكاني والزماني واستحضار المواقف أو الشخصية أو اللقطة وتداعيات الصور والاخيلة وكذلك الشعرية.

مقولة نمط السرد

اعتمد الكاتب اساليب متعددة  في سرده من حيث علاقة الراوي بأصوات الشخصيات  ، “اسلوب يتصف بالمباشرة، اسلوب يتصف  باللا مباشرة ، او نمط اسلوبي لا مباشر حر” 5 .

اسلوب يتصف بالمباشرة

نرى في هذه الحالة ان الراوي يترك القول في سياق سرده بصوته الى الشخصية او لصوتها يدعها تنطق مباشرة بصوتها الذي بإمكان القارئ ان يميزه عن سياق القول السردي للراوي عن طريق الحوار ففي هذه الحالة يقطع الراوي سرده فيتقدم صوت الشخصية المباشر محاورا المخاطب:

“ضحك (حسان ثابت) بصوته المجلجل،آخذا(دنوش) الى صدره، مقبلا جبينها الذي أضاء بفرح كان دفين اعماقها منذ رحلة الوالدين الابدية.

قال- لا تخافي .. كل ما ترينه محسوب الحساب.. حتى ان فتحوا الباب لن يجدوا لك مكاناً.

صاحت مديحة- أنت ليشر راسج يابس.. افتحي الباب تره للصبر حدود. أنت ما تعرفين شراح يصير بيج اذا اشتغلت الغدارة.

قال حسان – خذي  ما ترغبين به وسأكون معك لا تنتظري انتظارك قد يخسرك جولة رهان.

قالت نادية – وأمي هل نتركها وحيدة؟ ص103

اسلوب يتصف باللامباشرة

نرى في هذه الحالة يبقى الكلام بصوت الراوي وان بدا لنا بشكل واضح انه لشخصية من الشخصيات كما المقطع السردي في ابجدية اليتم ص 7 :

وقفت العجوز، التي نسميها (حبوبتنا) المثقلة بالهموم المجللة بثياب سود لم ارها تغيرها منذ مقتل الزعيم، فقدت بهجتها، تتأمل صورة ابن كيفية. كما تسميه متفاخرة ذارفة بقايا احزانها المتلاحقة الدافعة إلى التأمل، اخذت الصورة إلى صدرها، موقنة أن ما حدث اخفى الزعيم الى الأبد، قبلت بدلته العسكرية، وتناوشت جبينه بسيول هرمة من القبل الفيّاضة بالتقديس هامسة بحزن

– ألم أقل لك حاذر، تركتنا نصارع اليُتم… طيبتك رمت بك وبنا الى التهلكة.. ما عسانا نفعل ووحوش الموت بدأت تملأ الطرقات ألم أقل لك إن الحذر غلب القدر ؟

اسلوب لا مباشر حر:

يبدو في هذا الاسلوب محيرا وملتبسا يتداخل بين صوت الراوي وصوت نطق الشخصية بين ان يكون منقولا بصوت الراوي وبين ان يكون منطوقا بصوت الشخصية مباشرة في هذه الحالة الراوي لا يضع كلام الشخصية بين مزدوجين  وهذا الالتباس يضفي على النص طابع البساطة والعفوية كما نلاحظه في المقطع :

– لا أظنّه يكذب، قال سأجيئ، أخبري المحبين بعودتي. فما الذي حصل؟ غيابه يبعد المسافة ويقلل الاحتمال… كرومي ماذا تقول.. وتلك الكتب التي تقرأ هل اخبرتك عنه بشيء، أخبرني اثق بما تقول.. لأنك الأحب إلى روحي والأقرب اليها. لا شيء يشير الى عودته، حبوبتي.. كل هذه الكتب تتحدث عن أمور لا تخصه!!” ص15

مستويات السرد

على مستوى تنوع ضمير الراوي اختار شوقي كريم حسن لروايته (سيبندية) طريقة تعدد الاصوات وهذه الطريقة متأتية من المجتمع المتعدد الفئات ومتنوعة الافكار حملت كل شخصية طريقة سرد خاصة بها ..

يؤكد الراوي ذلك في عدة مقاطع توضح الآراء المختلفة ووجهات النظر المتباينة في النظر الى ذلك الماضي يفصح عن تركيبة اجتماعية غير متجانسة:

“حبوبتنا” نقلت هذا الحب الى زغب احفادها الذين يتأملون الصورة المخفية بين طيات نضد الافرشة، أصرت على تسميتي (عبد الكريم)

” رغم اعتراض والدي ، الذي يكره كرومي دون تبيان الاسباب، يتعمد اغاضتها، حين يعلن امام همومها ” أرعن تافه.. غره تصفيق اناس يتبعونه مصالحهم.. تخلو عنه فور انطلاق اولى الرصاصات ، ماذا يخسر لو اسس حزباً واستند اليه ، الفقر لايحمي كرسيا، والقلوب لا تواجه الرشاشات” ص8

“- هل ما زلتم ترددون في صفوف الصباحات الباردة.. عبد الكريم رب العباد يرعاك فلم تخلى عن رعايته الرب الذي كنا نتوسل اليه أن يرعاه؟ لا اعرف ما الذي حصل أنت كرومي اعلمني ان كنت تعرف. الرب الذي طالبناه برعايته لِم لمْ ينصت لتوسلاتنا ؟”

يقدم الروائي مبناه الفني على طرق سرد متداخلة ، الراوي تارة الشخصية الحكائية اي الشخصية التي تتولى الحديث عن شخص محوري يتقمص هويته ويتكلم بلسان حالها، و” قد يكون الراوي مزيجا من المؤلف والشخصية المحورية مزيجا من ان يكون راوياً وان يكون مروياً عنه”.4

المصادر

1- شوقي كريم حسن ، سيبندية (رواية)، ط1،دار العرب،دمشق-سوريا،2023 .

2- ابراهيم فتحي معجم المصطلحات الادبية التعاضدية العمالية للطباعة والنشر، صفاقس،1986،ص116

3- بلعابد، عبد الحق، عتبات (جيرار جينيت من النص الى النص)ط1،دار العربية للعلوم ناشرون ،منشورات الاختلاف، الجزائر،2008 .

4- النصير، ياسين، ما تخفيه القراءة،ط1،دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، سورية، 2022.

5- العيد، يمنى، تقنيات السرد الروائي،ط3 ، دار الفارابي ،بيروت- لبنان ،2010 .

زمان الشوق ومشاعر اليوم ..بقلم: منى فتحي حامد

المرأة ومشاعرها الرومانسية وأحلامها الخيالية التى تحلق بها إلى فضاء جنات أمانيها، هل هذه المشاعر بداخل نبض وعقل واحساس كل أنثى أم تختلف ما بين إمرأة وأخرى، و هل يكون الوصول والتمني هدفآٓ لكل منهن، أم يتطلعن إلى عالم آخر مكسوا بالغيب وليس الاهتمام بمسيرة الحياة في هدوء وعشق ورومانسية ..

المرأة ما أجملها من إنسانة ذات مشاعر وعواطف تستقطب الأشواق والمحبة تجاه دنياها، لكنها أحيانا تواجه العديد من التغيرات التى تتحدى هذه النشوة بداخلها وأحيانا تكون هذه طبيعة بداخلها ،من نقص وفقدان للمشاعر والعواطف والأشواق إلى نصف روحها الآخر ..

لكنها أولا وأخيرا امرأة نحتويها ونلتمس لها الأعذار مهما تنوعت واختلفت مآسي الحياة معها ..

هي ابنة وأم وحبيبة وزوجة وصديقة وأخت، لها المكانة داخل شريان الحياة والروح والقلب، يجب أن تنعم بكل ما به رغد وسعادة وغرام ودفء ..

لكن كيف وأحيانا تطوقها أزمات الحياة وصعوبات من أجل البحث عن مصدر الرزق، أو تنحني أمام قلوب قاسية تسلب منها نسمات الحياة مقابل تربية أبنائها والحرمان من الإرث، في حين آخر قد يكون تجنبها للأحاسيس وللمشاعر، عدم اللقاء مع الصدق والوضوح وألق الحنان بالتعامل وبالثقافة مع نصف روحها الآخر، أي الحبيب والصديق والزوج والعاشق ..

فنتساءل هل هي امرأة الرومانسية، سندريلا العشق الأفلاطوني بتلك الزمان، أم إمرأة جاءت على عالمنا من كواكب أخرى، تزينها أكاليل الزعفران وتتوجها نسمات الأقحوان …

أم العيب في هذا التوقيت وفي ذاك الزمان، بما يحتويه من صراعات وغزوات، ورؤية الإناث

جسديا ولإشباع الرغبات، لا للعقل والنضوج والثقافة والوعي والإتزان، تجاهل متطلباتهن واحتياجاتهن ورغباتهن بالحياة والإلتفات إليهن فقط للاهتمام بالسكن من رعاية وما بين كلمتي حاضر ونعم بلا نقاش أو جدال مع الاهتمام بتربية الأبناء ..

فهل المشاعر الأنثوية سوف تتحدى الجهل وغدر الزمان، هل العشق قائماً ومتواجدا بصدق ووفاء ومحبة واخلاص، متحديا قسوة الزمان وتباعد المكان ..

المفكر العربي الكبير طارق فايز العجاوي يكتب عن :  الهروب من المواجهة . . . أرباب الفكر

الحقيقة أنّ كثيرا من المفكرين العرب يتهربون من طرح قضايانا ومناقشتها وهي قضايا حيويّة لا يتم النهوض إلا بها وسبب نفورهم من طرحها ومناقشتها هو خوفهم من سخط أصحاب القرار عليهم وربما سخط الجماهير.

وأنا أقول : إذا كان حاجز الخوف هو المانع لابد من تحطيمه فهي قضايا هامة ومهمّة تتناول واقعنا بكل أبعاده الاجتماعية والثقافيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والعلميّة…

فلا يجوز تركها دون البتِّ بها كي نبدأ مرحلة النهضة المنشودة التي بها نثبت وجودنا ونسهم في بناء المدنية الحديثة كي نلحق بركبهم ونضع بصماتنا ونحن أوائل في صدر الحضارة الإنسانية ومنارة لأمم الأرض والتاريخ هو الحكم والفيصل لمن يدعي غير ذلك،ولكن أسباب التخلف التي رانت على أمتنا ما يستطيع أحد تجاهلها أو نكرانها، فهي السبب الذي جعلنا نغرد خارج ركب الحضارة الإنسانية ومهما يكن حضارتنا تركت أجل الأثر وتركت بصمة لا يمكن إنكارها، فعلينا العمل الجاد لإعادة الألق لوهج حضارتنا العريقة التي أمدت البشرية بكل ما هو خيّر ومفيد.

ومن أهم هذه القضايا التي يجب أن تطرح ويبت فيها هي مفهوم العرض في الثقافة العربية والإسلامية ،والعلاقة بين العلم والدين، ووضع المرأة، وقضية استقلال العلم واستعمال الاجتهاد، وهذه القضايا تجعل مفكرينا بحالة توجس وخوف وقلق من الجانب الرسمي وغير الرسمي، ولكن أعتقد هي قضايا حيوية يتوجب علينا البت بها وطرحها للمناقشة كي نخرج بالنتائج التي تفضي إلى حلول كي لا تبقى عالقة.

على كل الأحوال فإن الشعوب النامية والمتقدمة النمو تعيش أزمة فكرية واجتماعية ونفسية عميقة وأنا لا أرى أن طرح هذه القضايا ليس من باب الترف الفكري بل ضرورة وضرورة ملحّة فهي قضايا خلافية يجب البتّ بها كي نصل بالنهاية إلى حلول تمكننا من مواكبة التطور الحضاري وركب بقية أمم الأرض التي نالت التقدم وكان لها النصيب الأكبر منه.

وأنا أرى أنّ على رأس هرم هذه القضايا هي قضية سلامة أو صحّة الإصلاح التوفيقي التصالحي الذي يضمن التكيف (الموائمة)، والذي يتصف بالاعتدال وهذا الاتجاه أيّده كُثر من المفكرين العرب على اعتبار أنه الأداة المثلى لتحقيق نهضة الذات العربية والإسلامية الحضارية .

فمن المؤكد أنّ أمتنا العربية لا تستطيع أن تُقيم الجسر الذي تبغي تحقيقه دون أن تؤمِن وتقر باستقلال العلم ودون إطلاق الفكر بما في ذلك الفكر الفلسفي وإتاحة الإبداع الفكري وإحقاق حقوق الإنسان بما في ذلك المرأة –أقصد حقوقها-، ومن القضايا الملحة والمطروحة على الساحة بقوة هي قضية استمرار النظام الأبوي الذكوري (الباطرياركي)، فلا يزال مجتمعنا العربي رجاله ونساؤه منذ قرون كثيرة يعاني من سطوة النظام الهرمي الأبوي الذكوري، لقد أسهم هذا النظام وما زال يسهم في الحيلولة دون نشوء التفكير المستقل والشخصية المكتفية ذاتيا والمستقلة فكريا،وبتأثير سطوة هذا النظام تم تجاهل الكثير من الرجال النوابغ المفكرين والعلماء وأيضا ت طمس الآثار الجليلة للنساء النابغات العالمات المفكرات والشواهد كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.

وأنا أرى أنه مهما بلغت الحواجز من قوة أمام الإبداع الفكري الذي هدفه طرح قضايانا ومعالجتها يجب على الكاتب أن يقول رأيه دون مواربة أو مجاملة أو وجل أو تردد فلو سخطت عليه أجيال الحاضر ربما وجد هناك آذان صاغية فيما طرحه في الأجيال القادمة وعندها سيتم الكشف عن قيمة أفكاره ووجاهتها بالنسبة لكل ما يمس الأمة..فربما عزاؤه الوحيد هو احتمال تعاطف الأجيال القادمة معه.

وحقيقة يتوجب على كل صاحب قلم حر أن يعالج دون خوف أو تردد القضايا التي يحترس أناس من طرحها وتناولها مثل القضايا التي تهم الأمة في حاضرها ومستقبلها حتى لو تحمل الأذى في سبيل ذلك فالبعض لا يرى أبعد من أنفه وغايته مصلحته الفردية –وما أكثرهم- كتولي منصب أو جني فائدة مادية، إذاً لا بد من إعتاق الفكر وضرورة المناقشة الصريحة والجريئة لقضايانا من أجل الحفاظ على الوجود المادي والحضاري.

ولابد ونحن بهذا الصدد أن نذكر أمراً هاما والمتمثل في عيوب كتابات عدد كبير من المفكرين في العالم عموماً وعندنا خصوصاً ومنها حدة النبرة التقريرية والتي لا تدعمها الحجج والبيّنات وأيضاً نجد أن بياناتهم تشوبها النزعة الانتقائية وأسباب وجود هذه النزعة(التقريرية الانتقائية) هي حضور العاملين الذاتي والأيديولوجي في طروحاتهم والتي يصفونها خطاءاً –قصدا أم جهلا- لأنها عملية موضوعية لذلك قلنا عن للعاملين الذاتي والأيديولوجي حيزاً كبيراً في فكرهم وهذا الحضور –للعاملين- يفسد عليهم الطرح المنتظم فلسفياً وعلمياً وفكرياً وبالتالي لا يمكن وصفه بالطرح المتسق، فهم وعن طريق طرحهم التقريري والانتقائي المتعمد وغير المتعمد يراعون العامل الذاتي والاعتبار الايديولوجي ويسوقون في نفس الطرح البيانات التحليلية العلمية، ولذلك لا ترقى طروحاتهم إلى مرتبة الطرح النظري العلمي المنتظم والذي يتصف بالاتساق.

ولا شك في أن أحد أهم أسباب النزعة الانتقائية والتقريرية هو افتقار بعض الكتاب إلى القدرة على الطرح النظري العلمي المتسق أو إلى التقدير لقيمة هذا الطرح وأهميته لدا من يريد الأخذ بالمنهج العلمي كأساس لتحسين ظروف معيشة أبناء أمته، السبب الثاني هو خوف المفكرين من أن يساء فهمهم لذا توخوا في كتابتهم الاتساق الفكري والعلمي أو الانتظام في الطرح فبهذا الاتساق تستبعد نقاط أيديولوجية لا صلة لها بالعرض الفكري الموضوعي العلمي وأنا أرى أنّ مراعاة الجانب الأيديولوجي يفسد الطرح الفكري الموضوعي وعندها لا يعود الكاتب متسق في طرحه الفكري .

ولكي نضع الأمور في نصابها يجب مجانبة الهوى والميل ونقف فقط بجانب وبصف الحق والحقيقة بغض النظر عن اعتقادنا أو التزامنا بنهج ما ويكون فقط العلم للعلم لا لترجيح كفة على حساب الأخرى فالكارثة الحقيقة أن تكون المعرفة بلا قيم.

والله من وراء القصد .

  كاتب الومضات القصصية عاشور زكي  فى حواره مع “الزمان المصرى” عن القصة الومضة ..القصة الومضة تتربع على عرش الأدب العربي في العقد الأخير بعد ثورات الربيع العربي

*القصة الومضة سحرت الكتاب العرب فعادت أقلامهم للحكمة

*القصةالومضة(حكمة في ثوب القص) يحاول الكثير من الكتاب ارتدائه

* الومضة القصة لها كتابها المتميزون بالخبرات الحياتية ويتصفوا بالحكمة.

*القصة الومضة هي فن أدبي حديث مزج بين التوقيعات الأدبية وبين الحكمة

* الآمال كثيرة معقودة على الومضة القصصية في أن تكون القاطرة التي تدفع الجمهور العربي للقراءة

اجرى الحوار: مصطفى عمار

“القصة الومضة” دار حولها كثير من الخلاف والجدال فى الساحة الأدبية فمنهم من يفهمها على أنها آخر حبة في عنقود “القصة القصيرة جدا” ومنهم من يفهمها على أنها “قصة قصيرة جدا” وخلطوا بينها وبين “القصة و القصيرة جدا ” لوجه التشابه بينهما ومنهم من قال أنها “ومضة” حاذفا منها وصف “القص” ومنهم من قال أنها “جنس ادبي قديم لكنه تطور”.وسبب الخلط هذا حدث الاسم فتسميتها “بالقصة الومضة” هو كما يقولون (مربط الفرس)  لأن اسم القصة الومضة موجود منذ القدم وكان يطلق على القصة القصيرة جدا..لذلك حدث الخلط… فربما لو سميت (بالقصة الحكمة) أي حكمة في ثوب القص لما حدث هذا الجدال عليها…والاختلاط

“الزمان المصرى” تحاورت مع الكاتب المصري عاشور زكي وهبة

كاتب ومضات قصصية  من مدينة مغاغة/المنيا/مصر لمعرفة  حقيقة القصة الومضة أو القصة الحكمة

* ظهرت في الآونة الأخيرة أشكال أدبية حديثة، منها على سبيل المثال: قصيدة النثر ـ الهايكو العربي ـ القصة الشاعرة ـ القصة الومضة… إلخ؛ فهل ترى أن الأدب العربي بقوالبه الأدبية التقليدية في حاجة لمثل هذه القوالب الأدبية الجديدة؟

**الإبداع الأدبي لا حدود له ولا ضفاف.. بالنسبة للقوالب الأدبية الحديثة التي نسميها مجازا بالأدب الوجيز نثرا وشعرا، وهي في النثر أكثر لها أسبابها، أذكر منها مثلا أننا في عصر السرعة، وقد طغت نماذج ثقافية أخرى على القراءة مثل السينما والمسرح التي تخاطب النسبة الكبيرة من الجمهور.. فكي يعود الجمهور إلى القراءة كان من المناسب لجذبه استخدام الأدب الوجيز من ومضة هايكو متلازمة.. إلخ تخاطب عقله في كلمات معدودة لا تأخذ من وقته الكثير؛ ولكن تدفعه للتفكير في هذه المفردات الوجيزة: ماذا يعني الكاتب؟!

وكلما كان الكاتب موفقا في الاقتراب من هموم المواطن العادي، ومجيدا في أسلوبه وجذب الجمهور البسيط للتفكير، كان ناجحا وبلغ مراده في التحفيز على القراءة

 *إذا ما قصرنا الحديث الآن عن (القصة الومضة) تحديدا؛ ماهي القصة الومضة في وجهة نظرك وما مفهومها ومتى بدأت؟!هل ترى أن بناءها الفني له خصوصيته وشروطه وعناصره التي تميزه عن غيره؟ وماهي تلك الشروط والعناصر؟وهل ترى أن ثمة علاقة تماس بين (القصة الومضة) وبعض الفنون الأدبية العربية؟ أم أن الأدب الغربي له السبق في تلك العلاقة؟ 

**بالنسبة للومضة القصصية أو القصة الومضة، لن اختلف على التسمية فلها خصوصيتها وشروطها وعناصرها التي تميزها عن غيرها من القوالب الأدبية الأخرى.. وقد تحدث عن ذلك الكثيرون الذين يجيدون كتابة الومضة القصصية.

ومن أهم عناصرها التكثيف فهي لا تتعدى ثماني كلمات.. لها عنوان يوضع منفردا في الأعلى يكون في الغالب كلمة واحدة لا يدخل في متن الومضة، أي ليس جزءا منها؛ لكنه مدخل لها يعبر عن مكنونها ومضمونها، على ألا يكون كاشفا لها.

العنصر الثاني المهم المفارقة، وحياتنا المعاصرة مليئة بالمفارقات…

إذ أن الومضة القصصية تتخذ سمات عملية سقوط الغيث من السماء.. تكثيف.. رعد.. برق.. ومنها جاء اسم الوميض.. صادمة للعقل تشحذه على التفكير في هذه المفردات الوجيزة لما لها من مفارقة وإدهاش.

وهذا هو الغرض من المطر.. وجعلنا من الماء كل شىء حي..

وحياة الإنسان المعنوية قبل المادية في التفكير الناقد للحياة، وما بها من مفارقات غير منطقية… هدف الومضة القصصية.

الومضة القصصية تتبع النثر؛ لكن لا يعني ذلك أنها بعيدة عن لغة الشعر في المحسنات البديعية كالشجع بين شطري الومضة والجناس والطباق والتضاد… إلخ.

والومضة القصصية ابنة شرعية للقصة القصيرة جدا التي تشترك مع الومضة في الكثير من العناصر: التكثيف/المفارقة/الإدهاش.

*اختلفت الآراء حول بداية (القصة الومضة) وعن اسم منشئها؛ فهل ترى لها بداية محددة وروابط ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي بعينها تخصصت في نشر إبداعات الكتاب فيها؟ اذكر أسماء بعض هذه المجموعات التي تابعتها أو شاركت فيها أو سمعت عنها على مواقع التواصل الاجتماعي؟

**للومضة القصصية جذور في الأدب العربي القديم: أدب التوقيعات أو الحكمة.. إذ تكون الومضة إيجازا لحكمة او مثل بليغ يود الكاتب إيصاله لعقل المتلقي..

بالنسبة لعلاقة العبد لله بالومضة:

تعلمت الومضة القصصية أولا خلال تواجدي في مجموعة كتاب ومبدعو القصة القصيرة جدا لرائدها الفلسطيني عماد أبو حطب، وكان هناك حديث أسبوعي عن الومضة القصصية برعاية الكاتب الأردني حيدر مساد.. 

ثم اشتركت في مجموعة الرابطة العربية للومضة للرائدة سماح عبد الحليم، ثم مع الأستاذ حمدي عليوة وفن القصة الومضة، وجاءت مشاركتي في مجموعة المسابقة اليومية للومضة القصصية لرائدها أستاذنا الأديب مجدي شلبي الذي حببني في فن الومضة القصصية، وكان له بالغ الأثر في التشجيع للكتابة فيها للكتب القيمة التي أفردها لها، وهذا لا يقلل من دور السابقين في التركيز على هذا الفن الأدبي الوجيز.

*هل ترى أن كتاب القصة الومضة قد استطاعوا التعبير عن حالة التجديد والتجدد التي هي من سمات الإبداع ذاته من خلال نصوصهم التطبيقية؟ وما أسماء هؤلاء الذين تركوا بصمة إبداعية في هذا المجال، وأصبحوا فيه أعلاما؟

**الأدب في تجدد دائم، لكن الومضة القصصية تعتبر اللبنة الأخيرة في البناء القصصي، لما تحمله من فكر وتكثيف وإدهاش ومفارقة.

وقد ذكرت بعضا ممن أثروا في العبد لله تحديدا في التشجيع والتحفيز للكتابة في الوميض.. بجانب الأساتذة: أيمن خليل، خيري الأزغل، مصطفى الخطيب، مصطفى عمار، أنور السياري، بهية إبراهيم الشاذلي، إبراهيم الشابوري، مهاب حسين مصطفى.. وغيرهم الكثيرون لا تسعفني الذاكرة لذكرهم.

*كيف تجد القصة الومضة العربية قياسا للقصة الومضة العالمية؟!

**حاضر الومضة القصصية: آمال وآلام.

الآمال كثيرة معقودة على الومضة القصصية في أن تكون القاطرة التي تدفع الجمهور العربي للقراءة بعد أن أصبحنا:( أمة اقرأ التي لا تقرأ).

لدى الكثيرون مت البسطاء أصدقائي في العالم الأزرق تعجبهم ومضاتي.. حتى أنهم حينما يروني في الواقع يسألونني عن أخر ومضة.. وإذا لم يسعفه تفكيره في معرفة المغزى أشرحه له ببساطة تناسب طبيعة تفكيره.. أليس هذا هدفا نبيلا من وراء الومضة القصصية: أن تجعل الإنسان العادي يقرأ هذه الكلمات الوجيزة التي لن تأخذ من وقته إلا ثوان معدودة، تدفعه للتفكير لما تعنيه في دقائق ويفسرها حسب تفكيره.

بعد طغيان الصور المتحركة في وسائل التواصل الاجتماعي  والأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية على الاستحواذ على الجمهور العربي، كان للومضة القصصية دور في شد وجذب هذا الجمهور إلى القراءة.

وكما لكل شىء في الحياة مزايا وعيوب.. فإن للومضة القصصية مزايا ذكرت إحداها بأن تكون جذب المواطن العادي للقراءة في الأجناس الأدبية الحديثة كالقصة والرواية.

فإن قلة مفرداتها جعلت الكثيرون يخوضون فيها دون روية في أنها من جنس الأدب السهل الممتنع.. تحتاج إلى كاتب مطلع خبير، وليس كاتبا يرص بعض مفردات تقريرية كالخبر الصحفي لا إدهاش ولا مفارقة.

وقد شجعت بعض المجموعات الأدبية على ذلك بنشر لنصوص ليست من جنس الومضة القصصية، وتعطي شهادات تقديرية حتى أضحى الأمر إسهالا واستسهالا في الكتابة لفن الومضة القصصية أخرجها من فحواها وهدفها في الرقي بالأدب عموما والنثر خصوصا.

* ما رأيكم في حاضر (القصة الومضة): مزاياها وعيوبها، وكيف ترون مستقبلها؟

**المستقبل للومضة القصصية بإذن الله.. لأنها فن السهل الممتنع.. ولا يصح إلا الصحيح، والجمهور المتذوق للأدب يفرق بين الومضة القصصية الراقية من الكلام الخبري المرصوص في كلمات وجيزة..