سنديانة الادب العراقي.. الأديب.. الألمعي.. شوقي كريم حسن فى ضيافة موقع “الزمان المصرى”.. أنا نباش تواريخ أهلي الفقراء ومعلن حضارتهم وإنسانيتهم

حاوره/ ياس الركابي

* أصدرت فرمانا سلطانيا يعلن شوقي كريم موظفاً كاتباً لكل الأجناس الأدبية المعنية بالجمال

* وقفت حائراً بين تشيخوف وسارتر كانت حيرتي كبيرة كيف تكتشف انك خلقت لتكون كاتبا

* اسكن ارض الفواجع والحروب والموت والمزايدات منذ الأزل ورحت ابحث عما يؤكد حقيقة وجودي كفرد يمتهن الحياة

*صرت عنواناً في المسرح الإنساني حتى أن مسرحيتي “خرابيط “كادت أن تقتلني

     * لايوجد نقد منهجي عراقي.

*” السياب” تجربة شعرية لولا امتلاكه لغة قراءة أخرى لظل حبيس تجاربه البسيطة

* مشكلتنا بعد التغيير في الثقافة ازدادت سوءاً وخاصة بعد ظهور التواصل الاجتماعي غاب الرقيب الوجداني

* إذا لم يكن الجمال والعفة والأخلاق موجدة فكل شيء مباح من اصغر الخطايا حتى اكبر الجرائم

* الفقراء الذين انتمي إليهم هم صناع الحياة ولهذا رحت انبش في عمق تلك الحيوات كاشفاً عن المستور عنها

* لا أريد لمفاتيح رواياتي ان تكون شبيهة مفاتيح زنزانات السجون

* قل لي ماذا يعني وجود عشوائيات في وطن يقف على ابار من النفط ويعلن حكامه ليل نهار أنهم ينتمون لمدرسة الإمام علي بن ابي طالب؟

* القاع ضحية ولا أريد ان ابتعد عن الضحايا الذين انتمي اليهم مهما حصل!

*  الشعراء الشباب في العراق من جيل الثمانينيات وما بعدها تأثروا باودونيس وسعدي يوسف وانسي الحاج  وسركون بولص وغيرهم

* الدراما بالنسبة لي أهم وسائل التعبير من خلال الصورة والصوت تستطيع أن تقول كل شيء

*انا موظف كاتب لكل الاجناس الادبية المعنية بالجمال.

* الخلاص الذي ارجوه هو الخلاص الجمعي الذي لايحققه الأدب لوحده.

* نحتاج فعلا إلى هبوط الشعراء إلى الوسط الإنساني بعيداً عن المهرجانات والندوات

* الاتحاد المعرفي هو القادر على تغيير المحال بعد الدخول في معتركات الناس واثبات الوجود الجمعي

* مايضحك فعلاً حكومات فاسدة تذر الرماد في العيون فتقيم مهرجانات مسرحية باطلة المفعول ومهرجانات شعرية لاينصت اليها سوى  

* الشاعر محمد مهدي الجواهري كان مداحاً للملك والشاعر بدر شاكر السيّاب جعلته الإنتماءات الحزبية يتخبط بين الأحزاب.

*عوائل الشهداء تجوع اليوم والدولارات تنهمر ببذخ على رؤوس الراقصات.

* بعض الأدباء يبيع مايكتبه لقاء مبالغ بخسة

* الخراب الذي عم البلاد بعد الاحتلال وغياب الرقابة الثقافية الحقيقية واستسهال الطباعة بنسخ محدودة لغرض التقديم لاتحاد الأدباء أو غيره افسد الأدب والفن وكل الاشتغال الجمالية الأخرى

* غياب الموزع والمروج والجهات الدعائية ودور النشر وتهديم المكتبات العامة فصارت الثقافة بكل مسمياتها أسهل المحطات وجوداً

* من المضحك ما نراه أن تصبح عضو في منظمة أو جهة ثقافية وتمنح الجوائز والشهادات التي صارت أسهل من شرب قدح ماء لتصبح أديبا

* محنة الثقافة مختصرة الطاريء هو السائد ولربما الفاعل أيضا.

* القليل من الذين يسمون أنفسهم نقاداً يمارسون ما يسمى عالمياً بالعروض الكتبية

*الناقد العراقي يمارس دور العارف بكل شيء فنراه يكتب نقدا في الشعر وهو لايعرف عدد بحور الشعر ولا يعرف الفرق بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر وثالث يكتب عن الهايكو وهو لايعرف كلمة يابانية واحدة تدله على المنبع الشعري وضرورته

عندما أقدمت انا كاتب هذه السطور على اجراء حوار مع سنديانة الدب العراقى القاص شوقى كريم حسن ؛شعرت بالعجز عن تقديم الذي قال فيه نقاد العراق ومنذ على جواد الطاهر حتى اليوم…قولتهم..هذا هو إمامكم فلقد جاء بما لم يجرؤ أحد من الإتيان به منذ عقود.

*على مدى سنين وأنا اتابع مسيرتك الأدبية منذ انطلاقتها الأولى مطلع سبعينات القرن الماضي وما لفتني أن لا احد سواك إطلاقاً قد قاربَ كل أبواب التواصل الاجتماعي فناً وأدبا على كافة منحنيات الأدب ومحاوره ….واليوم لابد أن أتساءل معك اخ شوقي هل ترى ضرورة في أن يُشَطِّر المبدع خامته الذهنية الوقادة إلى اسأليب متعددة تلك التي يخاطب بها المجتمع؟ وما الغاية التي تبغيها وأنت تخترق الكتابة بعموميتها المسرحية والقصصية والروائية  والنقدية والسمعية والمرئية علاوة على اهتماماتكم القيادية على مستوى إدارة إتحاد الأدباء ولأكثر من خمس عشرة دورة… فهل انت على قناعة اليوم بأن تجربتك أثمرت ما كنت قد أسست لها منذ أكثر من نصف قرن؟

**الأدب بكل مسمياته مهنة بالنسبة لي وأتذكر قولا عربياً قديما يقال للرجل الذي يشتغل بالأدب أن قد أدركته حرفة الأدب ولا تقال كلمة إدراك لسوى الموت وامتهان الأدب ومنذ الوعي الأول والذي كان مرتبطاً بالمسرح وجدت أن للكلمات رنيناً خاصاً وبهجة نفسية لا تدانيها بهجة لكن الخوف أخذني إلى عمق الحكايات الشفاهية أولا ارقب ما يقال واحلل كل ما أنصت إليه مطلقا فيوض اهاتي من اين تجيء هذه الغرابة والى أين تمضي؟

الإجابة صعبة وتحتاج إلى مفاتيح قوية تفتح القول على مصراعيه، وساعة وقفت حائراً بين تشيخوف وسارتر كانت حيرتي كبيرة كيف تكتشف انك خلقت لتكون كاتبا كما يقول سارتر وكيف تتمكن من هتك أسرار الإدهاش في القص،ومع القص أسرار الصناعات الجمالية الأخرى يقول ماركيز العالي الشأن أنا موظف كتابة، قالها بكل ثقة،في رائحة الجوافة قرأت سيرة الكاتب وصنعة الكتابة فأصدرت فرمانا سلطانيا يعلن شوقي كريم موظفاً كاتباً لكل الأجناس الأدبية المعنية بالجمال وبما أنني اسكن ارض الفواجع والحروب والموت والمزايدات منذ الأزل رحت ابحث عما يؤكد حقيقة وجودي كفرد يمتهن الحياة،صرت عنواناً في المسرح الإنساني حتى أن مسرحيتي “خرابيط “كادت أن تقتلني وصرت كاتباً إذاعيا سمي الدرامي الأول ونافست كبار كتاب الدراما الإذاعية العرب ونلت الجوائز المعتبرة أيام كانت المهرجانات مجداً لا أكاذيب ومجاملات وامنحني جائزة وشهادة لادعوك وأمنحك مثلها،وأثارت مسلسلاتي التلفزيونية التي نبشت القاع بضراوة كراهيات البعض حتى هددت بالقتل وتلك ضريبة اعتز بها وفي الرواية أقحمت ذاتي الكتابية في المسكوت عنه لهذا جاءت شروگيه كمفتاح تلاقفته السردية العراقية  ساعية إلى تقليده ثم انتجت ثلاثيتي “هتلية وخوشية وهباشون” واتممتها هذه الايام بسيبندية،اكتشاف القاع السياسي التافه وما آلت إليه حياة الإنسان الذي لايشكل لدى ساسة البلاد وأحزابها رقماً سمعت يوماً من يهمس في أذني إذا لم يكن الجمال والعفة والأخلاق موجدة فكل شيء مباح من اصغر الخطايا حتى اكبر الجرائم،،ذاك هو انا يوماً قال لي معلمي “بهنام ابو الصوف” كم تمنيتك مكتشفاً للآثار،،فضحكت بعلو الصوت،،وقلت أنا نباش تواريخ أهلي الفقراء ومعلن حضارتهم وإنسانيتهم وسأظل ملتصقاً بهمومهم ما حييت الفقراء أحلام الحكايات التي دون خطايا

*عندما أعاين المشهد النقدي الشعري ألحظ دونما عناء وعلى مدى الخمسين سنة الماضية بأن النقاد شخصوا المسار الشعري وفق مراحل ليصفوا الثمانيني بأن الشعرية فيه كانت مفرطة بمغالاتها وتباهيها وبدا الشعراء محلقين في طوباويتهم متأثرين بإندونيس وأنسي الحاج والماغوط ومحاكين السياب هنا وهناك..ثم الشعر التسعيني الذي غاص حتى ركبتيه بواقع العوز الاغبر لتنضج ادوات الشعراء  مطلع الألفية الثالثة من حيث التقنية والتشكيل الصوري ليجسدوا نبض الشارع بمصداقية و لينفتحوا على الآخر.هل لكُم اخي شوقي أن ترسم لي وجه مقاربة ومقارنة بين ماذكرتُه أعلاه وبين معترككم في القصة والرواية والمسرح ولنفس الفترة الزمنية ؟

** ليس ثمة ما نسميه نقدا منهجياً في العراق،هذا قول قلته من زمان هناك محاولات تأخذ من الأخر منذ الواقعية الاجتماعية وعيوبها حتى المدارس النقدية المؤدلجة ومنها الواقعية الاشتراكية التي أهملت الكثير من الإبداعات في الشعر والقصة لأنها لاتتفق وماركسيتها أو شيوعيتها كانت الكتابة عيباً أن لم تكتب ضمن لوائح الادلجة وسذاجاتها الموجهة حتى وصل الأمر بذنون أيوب ان يفكر بالجمع بين القصة والمقالة في جنس هجيج اسماه المقاصة،مالبث أن قتل في مهده لانه لم يستطع الخروج من ادلجته المسكينة،السردية العراقية منذ تأسيسها بدايات القرن المنصرم ارتبطت بمزاد حيوات الفقراء لتقدمهم كنموذج  يدين الإقطاع لأننا آنذاك ما كنا نملك طبقة عاملة،،صارت حياة أجدادنا مزاداً علنياً لصراعات ادلجتهم اتذكر شاعراً كبيراً قص شعر خادمتهم لأنه جميل وهي الاتية من الريف وهو الذي يصرخ ليل نهار مطالباً بالعيش الكريم..يقرأ الشعر التحريضي نهاراً ويحتسي كؤوس الطلا ليلا برفقة الوصي والزعيم وغيرهم أية ازدواجية هذه.

” السياب” تجربة شعرية لولا امتلاكه لغة قراءة أخرى لظل حبيس تجاربه البسيطة وقبل تخلصه من الادلجة التي أهانته ما كان ليكون السياب الذي نعرفه الانتماءات الحزبية جعلته يتخبط بين هاتيك الأحزاب ساباً عبد الكريم قاسم ثم ذهابه مسرعا إلى الجناح القومي،مالذي يفيد الشاعر ،ومالذي أفاده السياب وسواه، نحن منذ بدايات الحركة الستينية لانتوافر على شعر خالص لوجه الشعر إلا النزر اليسير كل الشعر يكتب بإيحاء الادلجة والا كيف تفسر شاعراً يدعي الإنسانية يخاطب سياسياً بقوله(سنجعل من رؤوسهم منافض للسجائر)وبشاعر آخر يحرض السياسي صارخاً..اعدم وبثالث يقول ان المشانق للعقيدة سلم،،ولأمثلة كثيرة ومتشعبة ..

يوميء السياسي بحفنة دنانير فيركض الشاعر ممجداً،،مشكلتنا بعد التغيير في الثقافة ازدادت سوءاً وخاصة بعد ظهور التواصل الاجتماعي غاب الرقيب الوجداني وامتهنت الكلمات وغدا كل شيء بسهولة الحصول على ورقة انحدر الشعر بشكل مخزٍ سوى القليل منه ،وغدت الروايات بسعر رخيص تباع وتشترى اعرف احدهم انتج ثمان مجاميع شعرية خلال أعوام كيف،،وهناك من يكتب رواية كل شهر أو بضع شهر تلك علة تراجعت بالأدب وأبعدت متلقيه،البقية الباقية منا تحاول ترميم ما انهزم امام التواصل وسهولته في ما ينتج ويقدم زاداً جمالياً يستطيع ان يرضي الشارع ويجعله يطالب بالمزيد،،إذا لم تنجح هذه المهمة فسينتهي كل شيء خلال السنوات القادمة،،أقول كل شيء

*راهنتَ كثيراً على البيئة العراقية المضطهدة هيكلياً وعلى مستوى الناس الفقراء وما هم عليه من بؤس وحرمان وأنت تجلد بهم من خلال النص وتشكيلاته اللغوية وقبل ذلك ما أحلتهم إليه من عناوين لمنجزاتك..يرى عديد المهتمين بالنقد الثقافي بأن شوقي كريم قد تماهى كثيراً بما لايتوافق مع متطلبات الجَمال الذي هو مشكلة الأدب..اليوم هل يرى شوقي كريم بأن قصصه وروايات التي مثلت مشروعكم على مدى عقود كان لها وقْع على مستوى التغيير الذي ينشده الروائي والقاص وأنت تؤرخ لواقع عراقي المزري؟

**اكتب وأتحدث وأدون ما اعرفه عن أهلي وناسي ، ولأني ابن القاع سكنت بيوت الفقر وأنصت إلى حكايات كوانينهم وحلمت بما يحلمون وارتبطت ذهنيا وإنسانيا بكل مايرونه محفزاً لحيواتهم آمنت بإطلاق أن خفايا القاع ومسالكها تتوافر على أفعال جمالية مدهشة مثلما تحمل الضيم والقهر،شخوص  هذه الدنيا السفلية هي من تصنع الحياة العلوية ومن دونها لظهرت حياة الاخرين الذين يعتبرون أنفسهم الطبقة  البرجوازية آو الأرستقراطية دون معنى لخاصوا في وحول قذاراتهم..الفقراء الذين انتمي إليهم هم صناع الحياة ولهذا رحت انبش في عمق تلك الحيوات كاشفاً عن المستور عنها،مستور يحمل الكثير من الخطايا والآثام لكنه ينتج حكايات تتوسل الرب الخلاص،تحلم بأن ثمة مخلص ات لهذا ترتكب الموبقات للتعجيل بالمجيء ولايمكن ان أقدم ما تعرفت عليه في الحياة بمنصات عنوانية لاتقترب منه وتحايثة،مخز بان تكتب عن الفقر وخفاياه وتعنونه بعنوانة رومانسية لاتمت له بصلة ساومني البعض على عنوان روايتي شروكية ولكني رفضت وكذاك ساومني سياسي معروف على مدخل روايتي هتلية لكني طبعتها على حسابي الخاص بمساعدة بعض الاحبة،ثريا النص كما يسميه الراحل محمود عبد الوهاب هو المفتاح ولا أريد لمفاتيح رواياتي ان تكون شبيهة مفاتيح زنزانات السجون،، ما يرتبط بانسان الفقر والعوز هو المدخل المهم عالم لايتقن الدخول اليه سواي،،هو ملاعب ايام حياتي كلها ولاتزال،،النزف العراقي اليوم لابد من تدوينه من خلال ماوقع على ضحايا الساسة لا من خلال الساسة الذين امتهنوا الكذب وامنوا بالرذيلة،رأيت بأم عيني كيف تنهمر الدولارات على رؤوس الراقصات ببذخ تام فيما يجوع سكان المخيمات وعوائل الشهداء،،قل لي ماذا يعني وجود عشوائيات في وطن يقف على ابار من النفط ويعلن حكامه ليل نهار أنهم ينتمون لمدرسة الإمام علي بن ابي طالب؟

هل ثمة من يفسر ليَّ هذا الامر ان استطاع!!

القاع ضحية ولا أريد ان ابتعد عن الضحايا الذين انتمي اليهم مهما حصل!

*توافرت مسيرتك إثراءًا لتتجاوز مخرجاتك على مستوى الدراما التلفزيونية والإذاعية الخمسمائة عملا جاء اغلبها تحت مظلة حكم البعث إلا أننا لم نسمع يوماً بأن سلطة ذلك النظام قد أصابت فيكم ما ابعدكم عن المشهد الثقافي وأنت اليوم أمام عراق نازف لابل منهارة اغلب أساساته فكرياً وإقتصادياً أو على وشك الانهيار.. ماالذي إستلهمته من مرحلتين خضت غمار تجربتك الإبداعية خلالهما وما هو تقييمكم لهما اليوم وهل أنت مع الداعين إلى أن يتصدى المثقفون  للتغيير في هذه المرحلة حتى لو تطلب الأمر التصادم الفكري المعلن وأنت الذي تقول بأن مشروعك في هذه الحياة التغيير وليس سواه.. ؟

**ما كانت الثقافة قبل التغيير كلها مؤدلجة وموجهة تماماً ثمة الكثير من السرديات والشعر اشتغلت متأثرة بامتدادات الشعر العربي الشعراء الشباب في العراق من جيل الثمانينيات وما بعدها تأثروا باودونيس وسعدي يوسف وانسي الحاج  وسركون بولص وغيرهم أكثر منا اثر بهم حميد سعيد وسامي مهدي ومحمد جميل شلش وعلي الخلي وغيرهم،في الفترة تلك اخذ الانفصام يشكل ملمحاً مهما انتبهت إليه الحكومة لكنها غضت النظر لكي لاتصنع لها الأعداء مادامت قصائد هؤلاء الشباب لاتجدي نفعاً ولا تؤثر في الشارع العراقي،لاصوت شعري من الشباب استطاع الوقوف أمام صوت عبد الرزاق عبد الواحد،لهذا عملت وضمن لعبة أظنها ذكية قادها معي كبار المخرجين منهم مهند الأنصاري وحافظ مهدي ومحمد زهير حسام وعلي الأنصاري وغيرهم في ان نقدم للمستمع العزيز أمرين مهمين التاريخ بوصفه حكاية تحريضية و اعني بالتاريخ ذاك الموغل بالقدم منذ جلجامش حتى ثورة ١٩٥٨ وتوقفت وكان تاريخاً عراقياً خالصاً حتى أني كتبت مسلسلاً أسميته الليلة الأخيرة لشهرزاد مثله سامي قفطان وهند كامل وأخرجه حافظ مهدي تنبأت به بسقوط بغداد ولا اعرف من أين اتاني هذا الهاجس،والأمر الثاني الهموم اليومية التي تناولتها الرواية العراقية أعددت روايات عبد الخالق الركابي وناطق خلوصي وغائب طعمة فرمان ومنير عبد الامير وخضير عبد الامير وسواهم وثالث الخطوات ما كتبته أنا وكان عراقياً وليتك تتذكر الحوت والجدار الذي لايزال يبث حتى اليوم الدراما بالنسبة لي أهم وسائل التعبير من خلال الصورة والصوت تستطيع ان تقول كل شيء..المثقف العضوي كما يقول غرامشي لايمكن أن يكون فاعلاً مؤثراً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فقط عليه قراءة الشارع المقهور وتحديد مديات الانتماء إليه،ولكن وأقولها بكل جرأة وهذا ما رايته حين يدخل سياسياً ما مكاناً يركض إليه المثقف متخلياً عن مكانة،ورأيت البعض يتملق القتلة ويصفهم بأجمل واحلي توصيفات النضال،جاعلاً منه المخلص الذي ننتظر تلك محنة الثقافة العراقية التي دخلت اعماء القول وتخلت عن التحريض الحقيقي ووقفت ولا اقول عن الجميع عند الابواب تستجدي رحمة المسؤول والسياسي،،وهذه اللحظة اقسي واقبح لحظات الخيانة للناس ولفقرهم ولهتك الوطن وسرقته!!

*مذ ما قبل الإسلام بقرون وحتى اغتيال ملك العراق فيصل الأول ظل الشعر هو الحسام الضارب واللهب الحارق لكل من سولت لهم أنفسهم من زعامات سياسية وثقافية فأمسى هو الديوان ولكن اليوم وأمام كل سورات النكد والذل والحرمان الذي نحياه كشعب نرى بأن جلباب وطننا واسعاً وجسده هزيلاً ونحن أما قصاصين ورواة وشعراء وفنانين وكتاب روزخونيين وعلمانيين والخراب الثقافي سائر الى الظلامية و الإخوانيات والصالونات والتبريكات والإحتفائيات بتوقيع المنجزات التي ثلاثة ارباعها لم تعدو كونها تراكماً لعبثيات من التعاشق اللفظي الفارغ من محتواه..هل للأخ شوقي أن يرسم لي خارطة طريق ثقافية تأخذ بمنحنيات الإبداع الحقيقي الى تصاعد وخارطة سياسية –وانت واحد من المتصدين لنصرة الفقراء –تأخذ بنا إلى الخلاص وسط هذا الموج المتلاطم من آيديولوجيات لمراكز قوى سياسية متعددة المرجعيات المحلية والإقليمية؟

**منذ جيء بفيصل الأول ملكاً وبعد جفاف شعري استمر لأكثر من٤٠٠ عاماً أعاد العرش الفيصلي حكاية شاعر البلاط المداح،كان الرصافي شاعر بلاط ومثله الكثير وهناك من وقف بعيداً مسهماً بهموم الشارع وأحزانه مثل محمد صالح بحر العلوم ومحمد مهدي البصير ومثلهم كثر فيما وقف الزهاوي على تلة الفلسفة يضع ساقا هناك وأخرى هناك،وظل الجواهري وفياً لكل حلاوات البلاط يمدحه إن تكرم ويذمه إن ابتعد البلاط عنه وبعد مقتل فيصل الثاني تغيرت فكرة البلاط إلى مجموعة أفكار الادلجة مدح الجواهري قاسم وحين اختلف معه ذمه بأقذع السباب وهكذا أضاع الحكام فرصة جمع الشعراء إليه واستحوذت الأيدلوجيات على مسارات الشعر وموجهاته،وبهذا أضاع الشعر بوصلة الانتماء إلى الناس ماعادت القصيدة سوى ايهامات أو نضالات كاذبة وادعاءات بطولة كما عند البياتي أو مغالات واهمة كما عند حسين مردان أو اداعاءات تفاخر معرفي كما عند سعدي يوسف،

ليس ثمة شعر لوجه الشعر حتى اللحظة هناك من تجره الادلجة الموافقة والمعارضة وهناك من يقف على الأطلال ناعياً وجوده العاثر وآخر يوهم نفسه بأنه يكتب شعراً،،ذات مرة سالت مجموعة في مهرجاناً شعرياً محمد صالح بحر العلوم اسقط الوزارات في شعره فهل يمكن لجميعكم إسقاط وزير التجارة الذي سرق قوت الشعب؟! في خضم هذا الاضطراب العدواني نحتاج إلى فهم لحقيقة الأدب لم يعد للإبهام من أهمية ونحتاج فعلا ولو في هذه المرحلة إلى هبوط الشعراء إلى الوسط الإنساني بعيداً عن المهرجانات والندوات مادام المواطن لايصل الصالون والمؤتمر ما المانع من ان يتنازل الشاعر ويذهب اليه؟

الخلاص الذي ارجوه واسعي اليه يجب ان يكون خلاصاً جمعياً،لايمكن للأدب وحده تحقيق هذا الخلاص ولا الفن وحده.. الاتحاد المعرفي هو القادر على تغيير المحال بعد الدخول في معتركات الناس واثبات الوجود الجمعي،،وان كان ما أقوله يبدو ضرباً من ضروب المستحيل،،لاتنسى الإشارة الأساس أن الادلجة توسعت وأخذت من جرف الأدباء وسواهم الكثير مايضحك فعلاً حكومات فاسدة تذر الرماد في العيون فتقيم مهرجانات مسرحية باطلة المفعول ومهرجانات شعرية لاينصت اليها سوى الشعراء ويغادرها المسؤول بعد لحظات مجاملة لأنه لايصدق ان هذه الهذيانات شعراً!!

*لقد تهافت المتهافتون خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة على ناصية الروي لا لشئ سوى توهمهم بأن نيلهم لهذا العنوان سيخلق منهم رقما على شاهدة الحركة الأدبية العراقية وأنت ياشوقي كريم انا وسواي  نعِدّك من أرباب القص العراقي ومن سدنة رويه  ندعوك راجين متوسلين أن تعلن للعامة من الأدباء وبمثل ماعهدناك من جرأة ….مَن هو القاص ومَن هو الروائي وما هي أدوات القاص وماهي أدوات الروائي وماذا تقول للذين تسللوا إلى فضاء الرواية  ونجحوا في ان ينالوا من وراء ذلك عنوان الروائي زوراً وبهتاناً و…مَكرا؟

**الخراب الذي عم البلاد بعد الاحتلال وغياب الرقابة الثقافية الحقيقية واستسهال الطباعة بنسخ محدودة لغرض التقديم لاتحاد الأدباء أو غيره افسد الأدب والفن وكل الاشتغال الجمالية الأخرى،،اليوم وصل عدد الروايات والمجاميع القصصية إلى أرقام غير معقولة ،لو ذهبت إلى اي بلد آخر لما وجدت مثل هذا العدد،،والسؤال الذي يحيلني إلى الجنون إذا كنا نكتب هذا الكم من الروايات والقصص والمسرحيات والأفلام السينمائية ونحن لانمتلك سوى صلات عروض في المولات البغدادية،فأين تأثيرها ومالذي قدمته لفقراء الناس وحتى لطبقات المجتمع الراقية سألت مجموعة من الأطباء كم رواية عراقية قرأت فكان الجواب مخجلاً حقاً..وقلت لبعض الفنانين كم ديوان شعر عراقي قرأت فكانت الصدمة عظيمة،،وسالت مجموعة من كتاب السرد كم معرضاً تشكيليا رأيت فكانت إجابته صرخة مدوية،وقلت لبعض الذين يمتهنون الفن ماذا تعرفون عن الشعر العراقي والرواية العراقية بعد التغيير،فكان الجواب لاشيء

تلك هي الصدمة التي يجب أن يعرفها الكثير هذا غيب غياب الموزع والمروج والجهات الدعائية ودور النشر وتهديم المكتبات العامة التي كانت رافدا مهما برغم هذا الخراب صارت الثقافة بكل مسمياتها أسهل المحطات وجوداً،،البعض يبيع مايكتب لقاء مبالغ بائسة لتظهر بأسماء أخرى ما تلبث أن تصبح عضوة في منظمة وجهة ثقافية وتمنح الجوائز والشهادات التي صارت أسهل من شرب قدح ماء،اعرف احدهم على قنوات التواصل ينال كل يوم ثلاث او أربع شهادات دكتوراه وهو لايعرف سوى أن يدفع لتكتب له القصائد ولكم تمنيت ان يقوم اتحاد الأدباء بسلسلة اختبارات كتابية قبل أن يمنح عضويته لهذا الفرد الهجين،تلك محنة الثقافة مختصرة الطاريء هو السائد ولربما الفاعل ايضاً.

*وأنت الذي قال فيك ابو النقد الثقافي العراقي الراحل علي جواد الطاهر لا بل وبشّر بك…ويتفق اليوم أولو الأمر ممن يعاينون المشهد الأدبي بعامته وبنظراتهم الإسقاطية عليه انه ومنذ رحيل الطاهر لايوجد نقد ثقافي في العراق فهل لمثل شوقي كريم (الناقد)ان يدلنا على بيان احترافي بِمَن هو الناقد الأدبي ومَنْ هو الناقد الثقافي وماهو ردّكم على القائلين بلاجدوى نقد ولا نقاد وسط غياب مدرسة نقدية عراقية تاخذ على عاتقها تحديد المسؤوليات التي من شانها ان تأخذ بالادب العراقي بكافة محاوره الى خط شروع صحيح؟

**يبدو أن في هذا السؤال بعض الظلم حقاً،،قلت بغياب المدرسة النقدية العراقية الخالصة برغم محاولات الدكتور علي جواد الطاهر الاتكاء على المدرسة الانطباعية التي وجدها نافعة كما وجدها محمد مندور في مصر لكن السيول النقدية الآتية من الآخر أوقفت هذا الحلم الطموح وفعلت تلك المدارس النقدية أو الايهامات النقدية على تشظي النقد وجعله مايشبه الهذيانات غير معروفة كل حاول لي رقبة المنهج النقدي وجعله صالحا للمنتج المعرفي العراقي وهذا ضرباً من المستحيل في ما تخلى البعض عن متابعة المنتج المعرفي أخذا نفسه إلى تنظير يتكيء على الآخر والأمثلة كثيرة ومشخصة ،فيما عمدا البعض من النقاد إلى اللهاث وراء الأتي فتراه مرة مؤدلجاً وواقعياً اشتراكياً فيما تنظر إليه يقف بالقرب من التفكيكية والشكلانية الروسية و أرى البعض يقبل أصابع جومسكي للدنه متوسلاً أن يضمه إلى صفوف عظمته.

القليل من الذين يسمون أنفسهم نقاداً يمارسون ما يسمى عالمياً بالعروض الكتبية وثمة مجلات تعرف بهذا النوع من الكتابة،وهي مفيدة لأنها تعرف المتلقي بماعليه الرواية أو القصة،والغريب حقاً أن الناقد العراقي يمارس دور العارف بكل شيء فنراه يكتب نقدا في الشعر وهو لايعرف عدد بحور الشعر ولا يعرف الفرق بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر وثالث يكتب عن الهايكو وهو لايعرف كلمة يابانية واحدة تدله على المنبع الشعري وضرورته،واعرف نقاداً لم يطلعوا على بعض من المنجز السردي الإنساني وان سألته يقول أنا اكتب بحسب ما اعرف ولايهمني سوى ما أريد قوله،،واليوم أصبح النقد يباع ويشترى لقاء مبالغ بخسة وحقيرة،،كائن غير متعلم يغوي البعض بالكتابة عنهم لقاء مدفوعات وقد نال عضوية اتحاد الأدباء من باب الشفقة،،تلك هي ورطة الثقافة العراقية بكل جوانبها!!

قصيدة نثرية..عشق ..بقلم :حافظ الشاعر

نبشت عليك في عالمي

لتري عيونا فارقها الحنين

منذ ذاقت فراقك أعوام

منذ ضاع الطريق

وبأعلي صوتى

بنبض الحنين بين ضلعى

 فأسمع أنين حبى

 ‏ فهام عشقى بين انفاسك

 ‏واحتضن آهات قلبى

الصحفي اسعد ابوقيلة  بعد ان كانت ليبيا دولة واحدة في عهد الملك  ادريس والقائد  القدافي  شبح التقسيم والانفصال يخيم علي ليبيا و غوتيريش يقول ان ليبيا مهددة بالتقسيم 

ليبيا- الزمان المصرى: خاص

اكد ﺍﺳﻌﺪ ﺍﻣﺒﻴﺔ ﺍﺑﻮﻗﻴﻠﺔ  ﺻﺤﻔﻲ ﻭﻛﺎﺗﺐ ﻟﻴﺒﻲ فى تصريح خاص لـ”الزمان المصرى”

   من وجهة نظري الشخصية ومن خلال متابعتي للأخبار  يبدو أن هناك مؤامرة استعمارية لتقسيم ليبيا و ان كل الخيارات مطروحة أمام مجلس الأمن الدولي  لحل الأزمة الليبية وخاصة إذا فشلت الانتخابات في انقاذ البلاد من الفوضي والحروب وابرز  الحلول هو الانفصال والتقسيم وللأسف الشديد المتابع للمشهد الليبي يشاهد مظاهر التقسيم تظهر في شرق ليبيا وهناك أصوات تنادي علنا بالانفصال وإعلان دولة إقليم برقة بعد ان كانت ليبيا دولة واحدة في عهد  الملك  ادريس السنوسي الله يرحمه  وفي عهد القائد  معمر القذافي الله يرحمه.

  لقد أصبح شبح التقسيم والانفصال يخيم علي ليبيا  وهذا ما صرح به  الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  الجمعة الماضية   أمام اللجنة الإفريقية  رفيعة المستوي  اللجنة  المعنية بليبيا التي عقدت   اديس أبابا عاصمة دولة اتيوبيا.

  وقال أنطونيو غوتيريش نصاً  بدون الانتخابات ليبيا  مهددة بالتقسيم وتفاقم انعدام الأمن الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي وتجدد الصراع و يجب اقتراح آليات بديلة في حال عدم التوصل لاتفاق دستوري في ليبيا بنهاية فبراير، فلا بديل عن الانتخابات في ليبيا

وأشار أبو قيلة إلى أنباء متداولة تقول أن ﺑﻌﺾ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻭﺷﻴﻮﺥ ﺍﻗﻠﻴﻢ ﺑﺮﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ هددوا ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻋﻼﻥ ﺩﻭﻟﺔ برقة  ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ للعلم ترفع بين الحين والاخر  اعلام  ﺍﻗﻠﻴﻢ ﺑﺮﻗﺔ علي عدد من المباني الحكومية ويرفع علم برقة في عدد من مدن شرق ليبيا  وخاصة في  ﺷﻮﺍﺭﻉ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻨﻐﺎﺯﻱ

قصص شوقي كريم “عراقوش”.. اغتراب لساني لنسق الميتا ..بقلم :  محمد يونس محمد

لابد أن نقر بأن فلسفة الزمن تلعب الدور الاساس في بنية الكتابة الأدبية, وتحول الكتابة من نمط الى اخرو لابد من توفر عوامل تأهيل, وعلى وجه الخصوص التحول في المسار الزمني من مرحلة الحداثة الى مرحلة ما بعد الحداثة, فالحداثة هي الاصول التي ثبتت الكتابة الادبية معياريا, واوجدت اطار للكتابة تملكها مقدرة التعيين, ومن هناك انطلق الجنس الادبي وتبلور الموقف التجنيسي, لكن ذلك لم يعارض تنوع المضامين الادبية, والكتابة الادبية انقسمت ما بين الخيال الحر والذي يمثله الشعر اساساً, وفي الفنون التشكيلة او الرسم, واما الخيال المقيد فتمثل في القص القصير والرواية والسينما, وقد اهتم الذوق الادبي بالسعي لمعالجة ادبية للحكاية والتاريخ, والقصد هنا ليس لأبعاد الذاكرة او ازاحتها, لكن كي يكتسب الاثر المكتوب حسا ادبيا, وبما أن الحكاية هي مادة التاريخ, فكان أن تكون القصة مادة الادب, والتي اعتمدت اساسا على الوحدات السردية من اجل اعادة انتاج الحكاية ادبياً, والقصة لا تعود بنا من خلال الحكمة الا لهرمس, ومن خلال المفارقة الى اشعب, ومن خلال تلاقي القيم الجوهرية بين المتخيل والحقيقي في الف ليلة وليلة, والتي تعتبر  الصيرورة الباهرة لفن القص, والتي تمنى بورخيس وقبله الفيلسوف الفرنسي فولتير الى نسيانها لإعادة قراتها من جديد, وما كان نجاح رواد القصة العالمية من مثل موبسان, ومن بعده الطبيب الملهم بكتابة القصة, واتجاها الى ساحر الحكايات بورخيس, والذي اصبح بؤرة او نقطة التقاء المواهب, وهو صراحة اهم من برعم في خلق حكايات ساحرة تخرج من رداء الواقعة للتوجه الى الفلسفة ومن ثم الى التاريخ, ولقد تطور فن القصة تقنيا ولسانيا ايضا, واستوقفنا شوق كريم امام صناعة متفوقة جدا عبر الكتابة القصصية الجديدة لدية, وكانت المسرودات القصصية – عراقوش – لحظة فاصلة في هذا الفن السردي .

شكلت تجربة الكتابة عند شوقي كريم في مجموعة – عراقوش – اولا بلوغ الوعي الادبي اقصى مراحله, وثانية نمط من التجارب التي تقدم لنا مفهوم النص اولا و ثانيا تقدم مفهوم الجنس او القص, وثالثا يتمثل في مشتركات عدة من مما  تتصف به ظاهرة ما بعد الحداثة, ومنها من يرتبط بفقدان مؤشر الواقعية, ليكون المفترض القصصي نوع من التخمينات الواقعية, وايضا هناك العامل النفسي ازاء انهيار مؤشر الواقعية وتغير فكرة الحقيقة وتوسع موقف الزيف, والقصة تهدف الى بلوغ حد من التفسير على إنها تلك الكينونة التي تمثل حقيقتها بصدق ادبي, وليست تعنى الا بالمفارقة التي برزت بتميز في تمثيلها للواقع العام, والتي هي تدخل في توصيف يعني وجود اشكال لساني في الجملة القصصية او فعل القص, ونحن تصدينا الى ذلك في عدة كتب في المعرفة اللسانية, وهنا في تفسير الموقف اللساني في القصص نتناولها واحدة بعد اخرى, وفي اول القصص – كوميديا الوجوه – هناك ازاحة اولى ابدتها العنونة, وبذلك قد وجهت المتن القصصي الى اقصى مستويات التفسير, وانسياب نفس الحكي في دخوله في جمل القص يدخل في مجال التصنيف اللساني من جهة قيمة اللغة, ومن جهة المعنى الادبي في بنية القصة هو ايضا قد دخل في افق التعدد السيميائي وتداخل التواريخ, ففي المستهل القصصي وجهنا جملة  تؤكد وجود زمن يمحو ما سبقه من زمن, ووجود معنى جديد يقوم بإلغاء المعنى السابق, وتشكل جملة المستهل (السيناريو لعبة تتكرر عبر الازمان دون طلب من أحد ) ذلك التعريف المعرفي وليس البياني القصد, وهنا يتضاعف افق التفكير ويتطور, وهذا يعني عند البنية الظاهرية هناك عدة مستويات صوتية مختلفة زمنيا .

تشكل الجمل السردية عدة افعال مختلفة في بنية القصة, وايضا يختلف المستوى الصوتي للجمل السردية ومنسوب التاريخ ايضا, لكن بنية النص القصصي بقيت متماسكة بالرغم من انتفاء مؤشر الواقعية, وتداخل التواريخ وتعدد الازمنة, والقصة اتجهت الى استدراج مضمون فلسفي لعدة افكار وردت مسرودة, وبذلك تمكنت من الغاء اهمية مؤشر الواقعية الى حد كبير, وجذبت نحوها نماذج من الحقائق الكبرى,  فمسألة القربان التي افضت الى نتائج من الكوميديا السوداء, وكذلك ازمنة وافعال سرد كل من المدون وشخصية ياكو وكاتبها شكسبير, والذي اهلته بنية القصة المتداخلة التواريخ, الى الدخول ككيان مكتوب وشخصية ورقية خارج توصيفه التاريخي المعروف, وكذلك الشخصيات المرقمة بالأول والثاني والثلث والرابع والخامس وصاحب الكرش المكدور, وتلك الشخصيات دخلت الى بنية النص بالشكل المسرحي الذي عهدت عليه, وقد لعب صاحب الكرش المكدور الدور الاساس في التمثل كبؤرة جذب, وكانت جميع الشخصيات المرقمة تنجذب اليه مؤتمرة وممتثلة مطيعة,  ذلك ما فتح افاقاً مضافة لواقع وفضاء النص القصصي, وقد تعددت وتنوعت بذلك ايقاعات الفعل السردي, و انتهت اللعبة بعدما تأكد انحدار مؤشر الواقعية الى ادنى مستوياته, وذلك بعد تلك الدعوة الى الحاجة الى الكثير من الاقنعة, والقصة تنبهنا بأن مفهوم الحقيقة ضاق افقه, فيما مفهوم الزيف قد توسع كثيراً .

يتواصل نسق السرد في القصص لتغريب مؤشر الواقعية من اجل توسيع افق الاستدلال, وعدم تحنيط المعنى, بل استغلاله في افكار عدة, سيان متفقة او متعارضة, ليكون لبنية النص القصصي الكبرى  وحدات نصية تمازجت عبر تأهيل الوعي القصصي له, وفي قصة – كوميديا الشيطان – هناك عدة محاور وزوايا سرد تتبدل من خلال الشخصيات, فمن رضيوي حمار البيت الى فرج الدسم, ومن ثم الى المله رشك السفاط, ونعود اولا الى لسانيات اسماء الشخوص, فهي ليست الا تحيل التلقي الى التأمل او البحث عن تفسير لتلك المسميات, والتي بدورها تجعل تدني مؤشر الواقعية ينخفض اكثر, وهذا

 الذ ي نسميه – الاغتراب اللساني – لواقع النص واسماء الشخوص, ويستمر ذلك الاغتراب اللساني بالاتساع  المؤدي الى احاطة ميتا من جهة تعدد المتون السردية, ومن جهة دعم تدني مؤشر الواقعية وانخفاضه, ففي قصة – كوميديا الفائز – نواجه المستهل بعنونة تشير الى – مشهد الحكاء ذرب – ومن الطبيعي يتضاعف الاغتراب اللساني اذا تستهل القصة بهذه الجملة المتطرفة لسانيا, لكن المعالجة عدلت في القسم الثاني من القصة, فكانت العنونة – مشهد الفعل وخرجه – وهي بحد ذاتها احد موجهات رولان بارت النظرية, لكن في بنية القصة ومضمونها اتجهت الى معنى مختلف وقصد اخر, ومركز القصة هو الكهانة, لكن المعنى القصصي ارتبط بالهموم والقهر والألم, وف قصة – كوميديا التوحش – نقف عند المفردة الأولى التي تكررت في عتبات القصص السابقة وستتكرر ايضا, فهي بنفس يختلف عن لون الرداء التي تتلفع به, فالرداء اسود او كالح, ويحيلنا الى الحزن والقهر والألم .

نقف على بنية القصة التراكبية في قصة – كوميديا الممثل – هناك ثلاثة نصوص بثلاث عتبات داخلية, والشخصية المحور هي شخصية الممثل, والتي تدور حولها التفاصيل والمعاني, وعندما تكون الشخصية المحورية كيان ممثل, وهذا يعني دخلت حقيقة النص في مجازات متعددة الوجوه, وهذا ما يفتح افاقا مع الوعي القصصي, وتجربة شوقي كريم مؤهلة عضويا لبلوع تلك الافاق واستثمارها, وهناك نتجت من القصة ثلاثة نصوص تتجه جميعا نحو شخصية الممثل بكل المقومات الواقعية والنفسية, وعلى وجه الخصوص ذلك المحمول الهائل للألم, فلبس الممثل الاقنعة, واكتظاظ المسرح بالمصابين بالعمى, وتلك الصيحات السرية من شدة القهر والألم, وصراحة تقنيا ومنهجيا ومعرفيا ولسانيا نحيل بنية النص الى مقاربة نوعية مع مسرح العبث, والتي استغلها في بنية السرد شوقي كريم بالشكل المناسب, وتشترك ايضا في الغايات الفنية قصة – كوميديا الارباب – لكن هنا بدلا من شخصية الممثل الذي يقدم لنا المفترض على أنه حقيقة, هنا شخصية العارف, والذي هو كتلة من النور المتدفق جوهريا, والذي يصعد بهذا النور من مرتبة الى اخرى, والذي  يتطلب مواكبة نوعية في بناء هكذا شخصية, و هنا لابد من الاشارة الى الحس الايديولوجي للوعي القصصي, لكن على مستوى الاحتجاج وعارضة تلك الفوضى التي تسير بنا ليس فقط الى الوهم بل الى الضياع, وفائض الحقيقة الجوهرية انقلب هنا الى فائض المعنى . يستمر تدفق مسميات وجمل وافعال وسرد نمط الاغتراب اللساني, والذي هو احد مفاهيمنا الجديدة, وقد برع في ذلك النمط ادغار الان بو ومن ثم بورخيس, واستطاع بو اعطائه معنىً مهما في سياق الكتابة القصصية, وكما اعطاه بورخيس ميزة تحرير الزمن من الاستقامة والتوجه الواحد, فكيف بنا ونحن نسمع ساعة القتيل في قصة ادغار الان بو, وكيف بنا ونحن ندخل من مفهوم فلسفي بعد أن خرجنا من اخر في مكتبة بابل, فاللحظة الزمنية ايضا قد استغلها شوقي كريم, وابتعد عن الواقع المشهود الى واقع متخيل, ومن لغة مدركة الى لغة لسانيا الى تأمل ومفارقة, ففي قصة – كوميديا العاشق – اولا المستهل اوقفنا من جديد على الشخصية التي يتدفق من خلالها النور والتحرر من الزمن العضوي, ومن البداية نجد هناك ميتا, او حسب مقتضبات لغتنا هناك احاطة نص باخر, فقد دس العارف بيد شخصية السارد مخطوطة قديمة, ومن ثم تتجه بنية القص الى حوار الجوهر والاقع, لكن التفسير اللساني لجمل الحوار يحيلنا الى ذات المعنى الادبي الذي تتصف به لغة العارف, ومن ثم تلوح لنا لافتة المقطع الثاني, ويتطور مجاز اللغة, فالجد عاد من حرب البلقان, والذي زرع سدرة التي هي المثال النباتي لخطوات ادم, وفي المقطع الثالث يكون هناك جدل بين قدرة الرؤية لاستيعابها الرؤيا, وفي المقطع الرابع تكون المرأة هي النخلة البشرية, والتي تتميز بواقع اغتراب لساني بصفاتها ومعناه, ولكن هي تتمكن من تحيد الوجهة .

من الصعوبة في هكذا نوع من الكتابة القصصية, تكون مسألة تحيد نسق خطاب القص بيسر, فأنت امام نص دائري زمنيا, وفي التحديد العضوي ثمة صعوبة اولى تتمثل في نسق اللغة, فاللغة تسير في مسار الواقع قبل لحظة الدهشة, ومن ثم تتخلى عن ذلك المسار لتظهر جنحي الفراشة ومرة تحلق في فضاء الرؤيا والحلم, ومرة اخرى تكون في فضاء النور خارج الزمن العضوي, ولا تحتاج هنا حتى الى جنحي الفراشة, وليس من السهل أن يحتمل نص الكتابة تلك الصيغ الفنية للغة والتفاصيل والافكار والحدث القصصي, لكن للغة ملكة كما يرى جومسكي ونرى, من الممكن أن تؤهلها الى اقتباس اي افق دلالي, حتى لو كان هناك صلابة عضوية, وقد اهل الاغتراب اللساني لغة القصة لقلب البلاغة حتى وانتاج بلاغة جديدة, ففي اخر القصص – كوميديا الخنفساء – والتي هي عبارة عن خلطة متجانسة لمعان تختلف الواحدة عن الاخرى, وتبل حتى التعارض في المضامين, فصياح احدهم الذي يأتي من بعده صياح احدهم المختلف, منح القصة طاقة جدلية مهمة, وذلك الجدل يصب في الخيط الخفيف الذي تمتد به صراخ الاحتجاج الى ما لانهاية, وتنمو داخلها معاني الألم والقهر, وكذلك ابدت تلك المشاعر والاحاسيس المتعددة الوجوه والمقاصد والغايات, والتي منها ما هو متعارض, رسمته لنا اللغة بصيغ تعبيرية دالة, ومنها ما هو يتفق ولا يضع لصرخة الاحتجاج من حد معين .

كوميديان السرد.. قراءة في مسرودات عراقوش للقاص شوقي كريم حسن..بقلم :الناقد/ طالب عمران المعموري

استخدم الحداثيون اللهو والسخرية التي تعد  هذه التقنيات في الأدب سمات محورية في العديد من أعمال ما بعد الحداثة، وان العديد من الروائيين الذي يُعتبرون اليوم ما بعد حداثيين على أنهم من مستخدمي الكوميديا السوداء.

الكوميديا السوداء كما تعرفها موسوعة وكيبيديا «هيّ نوع من الكوميديا والهجاء تمتاز بأنها تدور حول مواضيع تعتبر عموماً تابوهات أو أموراً محرما الخوض فيها، بحيث يتم التعاطي مع تلك المواضيع بشكل فكاهي أو ساخر مع الاحتفاظ بجانب الجدية في الموضوع. بمعنى انها تعتمد على شيء يؤلمك ويدفعك للضحك ، لذا فهي كوميديا ليست بالسهلة ولا بد ان يكون المختص  بتناولها شخص متمكن1

هذا ما نلمسه في مسرودات عراقوش  القصصية للقاص والروائي والسينارست شوقي كريم حسن  الصادرة عن دار الصحيفة العربية، بغداد  في طبعتها الاولى  2022.

بدءا  من العتبات والمناصات وقبل الدخول الى مسرودات شوقي كريم  اقف عند غلاف المجموعة   الذي يظهر فيها شكل لرجل   يرمز لبطل الكوميديا بقبعته وعصاته  المعقوفة  الممثل  شاري شابلن وكذلك  الصورة الشخصية للقاص التي وضعها في ظهر الغلاف  ، معتمدا في ذلك على ما يميز شخصيته من طابع كاريكاتوري نرى بشكل واضح وجلي الكوميديا الساخرة وهي  مظهر من مظاهر الكوميديا السوداء .

يتربع اعلا ايقونة الكتاب عنونة المسرودات بالخط الاحمر العريض  (عراقوش) عنونة لافته وردت دون مصاحبات استعسر رسم حدود معناه ابتداءً ، فيتضح لنا معناه  الظاهر من خلال عتبة الاهداء الذي جاء فيه اضاءة وتوضيح للمعنى ..

 الى / قرقوشات أرض السواد..

من اجل تخليدهم نحت كلمة لاوجود لها من قبل ..عراق وهو البلد الذي لم يعد ذا معنى وقوش وهي نصف اسم الوزير قراقوش، والذي يعني اسمه(النسر الاسود)

وبذا صارت عراقوش .. البلد الاسود! 2

نستنتج ان المعنى لا ينحصر في البنية السطحية فثمة بنية عميقة اخرى خلفه  تتمثل في المعنى الايحائي يهدف الى استمالة القارئ والتأثير فيه  وتؤجج رغبة الاستطلاع ،

فضلا عن  الاستهلال الذي قدمه  بعنوان (سؤال الهامش)  نرى صورة واضحة لكوميديا الساخرة  على لسان سارد كوميدي

” تزوجت أمي ، بعد أن أكلت الحرب أبي المسكين،  برجل كثير الضحك، وأمرتنا بأن نناديه ، باحترام وأجلال بعمي ، عمي هذا، أوصاني في لحظة صفاء وتجل، اضحك تضحك لك الدنيا !!

فرحت أضحك .. وأضحك ..وأضحك.. ولكني مع خيبة أمل كبيرة لم ار هذه الدنيا تضحك.. بل تزداد حزناً وقتامة

وأوصاني معلم مدهور بالسياسة – الضحك بلا سبب من قلة الادب !!

بحثت بجد عن الادب بكل الوانه وفنونه ، ورأيت ما رأيت ، فهل يحق لي الآن أن أضحك .. أضحك .. أضحك

وأن كان ضحكا كالبكاء ؟ ص5

مسرودات شوقي كريم  القصصية جاءت بعنونة مختلفة جملة اسمية من مقطعين  مبتدأها كوميديا  ..وخبرها تجسيد لها  ..وتمثلات تلك الكوميديا وبؤرها السردية في .. كوميديا..

(الوجوه،الشيطان،الفائز،التوحش،النفايات،المقهى،الواهم،الهبش،التائه،التشظي، الكتاب، القاع، الشبيه، الممثل، الحارس، الارباب، الميت، القصب، الوقحة، الاثم، العاشق، الملاك، الحجر ، الخنفساء)

قصص ممسرحة

ولكون الكاتب عمل في المسرح  والسيناريو وظف كل طاقاته   في عراقوش المتمثلة في طريقة عرض الكوميديا من شخوص ورموز مسرحية وتوظيف ، اللغة المسرحية ومفرداتها من ( مخرج ، سيناريو، مسرح وجمهور وممثلين ، الاقنعة، الوجوه) نلاحظ ذلك في  مطلع  اولى مسروداته في (كوميديا الوجوه) :

” السيناريو لعبة تتكرر عبر الازمان دون طلب من احد.. ” ص9

ففي هذه المسرودة تجليات الكوميديا السوداء في ثيمتها الوجوه والاقنعة على لسان سارد كوميديان:

“كوميديا الوجوه المستنسخة المضحكة المبكية، لا دخل للأرباب بالأمر فليس ثمة وصايا وجدت منشورة على رقّم وألواح، ولا اثبات تاريخي على ان هذه الخصلة ارثية الوجود” ص9

يلمس القارئ  في مسرودات قراقوش اعتمد القاص اسلوب الحوار المسرحي ، حوار وفعل وحركة وقد يوظف اللغة العامية أحيانا كما في مسرودته كوميديا الشيطان: ص22

  • يمه.. يمه .. يمه!
  • ها يمصخم الوجه شبيك؟!
  • يمه دك عليه الشيطان!
  • فلك صابك انت وين والشيطان وين.. ياهو الدلاك على درب الشيطان
  • آني شعليه رحت أنام لكيته متمدد مكاني .. كتلة كوم .. ما قبل وظل يضحك وأني أضحك .. وشفت نفسي بديرة ناسهه بس تضحك!!
  • روح .. روح ذب روحك بالشط وسمي باسم الله!!

شوقي كريم مسكون بثقل الهموم في حياة يصعب أن ينال الفرد حقه من الفرح وحتى الحلم وهو يحفر عميقا بذاكرة الهم والوجع العراقي عبر كل هذه العقود من الحروب الخاسرة والانكسارات والخيبات والثقافات الظلامية وهو قاص يمتلك ادوات القص الرائعة ولديه رؤى بعيدة تصل الى الفلسفة ، باسلوب التفاعل النصي مع نصوص غيره او  التناص غير المباشر الذي يشمل تناص الافكار أو المقروء الثقافي ، او الذاكرة التاريخية التي تستحضر تناصاتها بروحها او بمعناها أو لغتها كما في تناصه يقول:

يقول برنادشو وهو صانع اقنعة ايرلندي” كل انسان منا يحتاج الى الف قناع او اكثر لإتمام مهامه الحياتية ، وعلى الحكومات توفير مثل هذه الاقنعة بأسعار تعاونية  تسهل مهام  العيش وسط مدن تموج بالنفاق والاكاذيب.” ص13

يلمس  القارئ في نصوص شوقي كريم  أنه يبتدع الجديد ويبتكر ويتجاوز الشائع السردي وما جاء به السرد الكلاسيكي  كأنه يقول في لسان المقال انه صار لزاماً التغيير والتجديد من حيث ميكانزما بناءه السردي في بلوغ الابعاد التصويرية للنص  وفراسته في قراءة شخصياته والوصف الدقيق للملامح من حيث قسمات الوجه والايماءات والاشارات نلاحظ ذلك في مسرودته كوميديا المقهى:

” لحظة صاح ( عزيز الاسود) مات الدوشيش، تجمعت دكنة الوجوه  مبصرة الدوشيش وهو ينازع انفاسه الاخيرة..

ابتسم الاسود، شامراً يشماغه الذي أخذ من لون بركة ماء سوادها الاسن، الوانه ورائحته المذكرة بروائح السدر والكافور، وبحركة ماكرة اخترق الهواء طائرا الى علو، لوح بكلتا يديه استدار ملقياً فوق الرؤوس المراقبة لما يحصل بمرح وامتنان نثار حلواه الصبيانية  الماطقة بالاشتهاء.” ص45

شر البلية ما يضحك

الكوميديا السوداء قائمة على كوميديا الحوار، وكوميديا الشخصية، وكوميديا الموقف، وكوميديا الرؤيا. وغالبا، ما تنطلق هذه الكوميديا الصادمة من الأمثال الشعبية التالية: و ” شر البلية ما يضحك”…

 فإن الضحكة فيها لا يمكن أن تكون إلا صدى لشهقة مكتومة، ووسيلة يعلو بها هذا الإنسان على حدة الأوجاع

“بأسى مبالغ  فيه رميت الى حضنه ثمار قهري وجنوني، ودون كلام اخذت خطوي ناحية مكاني الخفي الذي امارس فيه حمرنتي بكل سعادة وسرور، اجلس مقرفصاً ناهقاً بلعنات عملت زمناً طويلا من اجل ابتكارها، والعمل على اشاعتها بين اوساط الحمير الرافضين بشدة لسلوكي الذي يتمسك ببعض انسنتي، وماتعلمته منها من توافه وشرور “ص 93

نلمس في المقطع اعلاه  في مسرودته ( كوميديا الشبيه) نموذجا ناجحا للكوميديا السوداء، ؛ حيث تصور القصة معاناة الإنسان المهمش والمقهور والمنخور في صراعه مع الواقع الزاخر بالتناقضات الجدلية هي تعبير صادق وحقيقي عن كوميديا الإنسان المقهور، وتوظف آليات السخرية والتغريب والفكاهة والانزياح والمفارقة.

يستعمل القاص لغة ساخرة في نقده للواقع بكل مستوياته السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية ، وتعريته فكاهيا وكاريكاتوريا، وتشخيص عيوبه المضمرة.

“نهق صاحب الكرش المكدور، بعد اصابته بهستيريا ضحكات خالية من المعنى والوضوح،

أيها السادة الاكارم لا يفكر غيرنا ان يحل محلنا.. مقصلة ودينار ، ولعبة اتقنا كيف تكون بدايتها عدلنا لاعدل سواه.. واقوالنا فعل لا رجعة منه!!” ص 15

لم تكن الكوميديا  التي يقدمها لنا  هي كوميديا ساذجة غايتها  التنكيت، والإمتاع، وإثارة الضحك، وتغليب جانب التسلية والترفيه وانما جاءت

كوميديا راقية تعتمد على الصراع الدرامي بين المواقف والشخصيات والقيم

تجمع  بين الجد والهزل.

القاهر والمقهور

ففي مسروداته  نلمس “الكوميديا الصادمة  يحيلنا على ثنائية قاهر ومقهور نموذجا متفشيا في كافة العلاقات: علاقة الرئيس بالمرؤوس، والرجل بالمرأة، ورب العمل بالعامل، والصغير بالكبير، والغني بالفقير، والقوي بالضعيف، والمعلم بالتلميذ، والموظف بالمواطن ، إلى المدى الذي يصبح فيه كل إنسان مقهورا ممن يعلوه، وقاهرا لمن يدنوه  3  :

  • “استاد.. استاد.. است..!!
  • انصتوا حمار بيت رضيوي يسأل..
  • المستحيل صار ممكناً في زمن الهشتك بشتك!!”

إن الشخصية التي تتكئ عليه الكوميديا السوداء هو الكوميدي المقهور الذي يتسلح بمجموعة من التقنيات الساخرة للدفاع عن ذاته المتفسخة

لذا تعتبر مسرودات عراقوش من الاعمال التجريبية المهمة في هذا الاتجاه. بل بفضل غناها وجرأتها في طرح قضايا حيوية،  و معاناة الإنسان البسيط في ظل مجتمع السلطة والقهر والقمع، مع نقد الكثير من الظواهر المتفشية في المجتمع،

مسرودات شوقي كريم حسن تحمل، في طياتها، شاعرية التعبير ، وهيمنة الطرح الفكري الفلسفي العقلاني، واستخدام الواقعية النقدية، ، والمزاوجة بين الجد والهزل. و القائمة على المفارقة الصارخة، والسخرية الانتقادية، والتناقض الجدلي. عبر صيغ جمالية وفنية متنوعة، كالترميز، والتلميح، والتعريض، والسخرية، والإيحاء.

المصادر

  • وكيبيديا ، الموسوعة
  • شوقي كريم حسن، عراقوش، مسرودات قصصية، ط1 ، دار الصحيفة العربية ، بغداد،2022 .
  • الكوميديا السوداء في المسرح المغربي  ، جميل حمداوي ، مطابع رباط نيت، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2011م.