الشاعرة الدكتورة أحلام الحسن تكتب قصيدة :خاويه ..

كُفّي البُكا يا باكيهْ 
مامن قلوبٍ واعيَهْ

لا تسألي عن مُهجةٍ
باعت وليست وافيه

بعضُ الأيادي استَنزَفَت
تلكَ المعاني الغاليه

عادت وفي أشعارها
نَزفُ الجراحِ الدّاميَه

سهمٌ ومن أوجاعِهِ
باتت وما من عافيه

كلُّ الوعودِ استوطَنَت
قصرًا لها بالهاويه !

مامن خليلٍ مُخلصٍ
غير الذي في النّائيَه

من أين يأتي حُبّها
والرّوحُ مِنهُ خاويَه

تحكي وما في حكيَها
طعمٌ ولا من شافيَه

تلك الخصالُ استُبعِدَت
والكِذبُ داءُ النّاصيَه

ما إن بدت ريحانةٌ
تأتي الجمارُ الكاويَه

من جَهلِهِم قد أدمنوا
عشقَ النّفوسِ الباغيَه

فوقَ الحبالِ استُرقِصَت
أفعالُهم والقافيَه

كُفّ القصيدَ المُرتَمي
حَُضنًا لهُج بالعاتيَه

أدميتَهُ لا ترمِهِ
أقصى محالِ القاصيَه

كم ضربةٍ أسيافُها
في غمدها كالقاضيَه

يا حسرةَ النّفسِ التي
ظنّت نوايا صافيَه

ضاعت ظُنونٌ لم تعد
من بعدها من حانيَه

عجبًا لمن يشري الهوى
ينسى الدّيارَ الباقيَه

كُلّ الأماني غادرت
ما من هنا من ساقيَه

حاشا لها أن يَجتَمِع
طهرٌ بها والباغيَه

ما من زُهُورٍ أينَعَت
بالقاحلاتِ الخاليَه

زهرٌ سُقي من كوثرٍ
غير الذي من حاميَه

عجبًا لمن يشري البغا
من فاسقٍ من باغيَه

ربّاهُ أدرك لوعةً
هذي البلايا آتيَه

من شرقها من غربها
لا لم تدع من زاويَه

وجهانِ في وجهٍ لها
بئسَ القلوبُ الخاويَه

ملحٌ أُجاجٌ طعمُهُ
في الشّهدِ يبقى داهيَه

من سَنّةٍ أو شيعةٍ
فينا النّفوسُ الباليَه

إن حدّثوا لم يصدقوا
إن واعدوا فالنّاعيَه

سادت معاصٍ بالهوى
كيف القلوبُ النّاسِيَه

أبكي على أجدادِنا
أهلُ النّفوسِ الزّاكيَه

أهلُ العفافِ الأتقيا
أهلُ الخصالِ العاليَه

ساعاتُ عمري ليتها
كانت لهم مُلاقيَه

ياليت لي من شربةٍ
فيها دواءُ العافيَه

حدود الدقهلية بالزرقا مرتعاً لتجار المخدرات

كتب:إبراهيم البشبيشي .
اصبح مركز الزرقا بمحافظه دمياط مهددا بسموم المخدرات التي تأتي عبر حدودها مع محافظه الدقهليه و التي تحيط بمركز الزرقا من مختلف الاتجاهات .
الناحيه الغربيه و قريه الضهريه التابعه لمركز شربين و التي يفصلها و مركز الزرقا نهر النيل و يربطهما معديات صغيره لكنها اصبحت وسيلة سهله لمروجي المخدرات و المتعاطين لجلب الكيف بمختلف انواعه من بانجو و حشيش و حبوب مخدره لكن اخطرهم مخدر الهروين الذي انتشر وزاد و دمر شباب و اطفال و شرد أسر باكملها و رفع من معدل الجريمه خاصه السرقات .
و الناحيه الشرقيه و مركز منيه النصر الذي يعتبر منبعا للمخدرات عبر السنين خاصه قريه النزل التي اصبحت اخطر قري مركز منيه النصر و تعتبر سوقا كبيرا ايضا لتجارة المخدرات لكنها ليست بخطوره باطنيه قريه الضهريه .
الزرقا تحت حصار المخدرات حيث تمتلئ الشوارع والاركان بسرنجات المتعاطين ولم يقتصر الامر علي ذلك بل نجد السرنجات تملئ دورات المياه العموميه حيث رصد عدد كبير من سرنجات المتعاطين داخل دورة المياه العموميه بجوار موقف النزل المقابل لنادي الزرقا و ايضا بدورة المياه العموميه لموقف دمياط بجوار محطه الاتوبيس القديم ، حيث تنتشر السرنجات داخل تلك الاماكن و بكثرة .
ولم يكتفي الامر علي ذلك فقط حيث رصد عدد من السرنجات وسط المقابر كما ان المصيبه الكبري هي رصد عدد كبير جدا من السرنجات امام مجمع مدارس الزرقا بنطاق المحطه .
مركز الزرقا كله مهدد بالادمان لكونه محاط باسواق المخدرات التي تعمل ليلا و نهارا ولم يتحرك رجال امن الدقهليه للقضاء علي هذا الوباء اللعين لكن رجال مباحث مركز شرطة الزرقا دائما ما يتحركون و يشنون حملات علي المعديات التي تربط الزرقا بباطنيه الضهريه لكن ما الجدوي واننا نجد في المقابل رجال الشرطه بالدقهليه و تحديدا مباحث منيه النصر و مباحث شربين يكتفون بالمشاهده .
لكن الكارثه الكبري هي الاعتقاد الذي يتناثر بالشارع الزرقاوي و جعل كثيرون قانعون بان هذه الاوكار تدار بعلمهم وانها ليست اوكارا بل ” دواليب ” تدار من قبل بعض الفاسدين معدومي الذمه و الضمير من اجل سبوبه المال .
لذا نتوجه بالاستغاثه الي معالي السيد اللواء محمود توفيق وزير الداخليه لانقاذ آلاف الأسر من التشرد بعد تدمير أبنائهم من الخطر الواقع عليهم من اوكار المخدرات الكائنه بقريتي “الضهريه بشربين” و ” النزل بمنيه النصر ” حيث النشاط يوما بعد يوم يزداد و الشباب يدمر وعدد المتعاطين يزداد ، فالهروين أصبح كالسلع التموينيه متوفر في كل الاماكن و الاوقات و ضرب به الاطفال و الشباب و الفتيات و السيدات
فكيف لنا ان نبني لوطننا مستقبل و هناك جيل يدمر امام اعين البشوات .

أحزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : ظاهرة عسل الحب المر (3/3)

ونأتى لنوع آخر من أنواع الحب وهو “الحب العذرى ” واعتقد أن الأدب الإنساني مجدَ الحب العذري، وركز على عجز المحب عن الوصول إلى حبه، يعني الإنفصال المكاني أو الظرفي الذي يكون سببا في التهابات الشوق وتأجج الحب،5فمن صفات الحب العذري البراءة من الرغبة الجنسية، وتتحول الحبيبة إلى لوحة معلقة في قلب المحب لا تشبه بأي حال من الأحوال الحبيبة بلحمها ودمها.فالمحب هنا يعيش فى خيال رسمه بنفسه.

فيروى لنا الدب العربى قصة مروية عن “قيس وليلى” فيقال أنه وقع ذات  يوم  مغشيا عليه من شوقه إليها، فرقت لحاله وأتت تعالجه بحنان لكي يستفيق من غشيته ولما أفاق نظر إليها وقال:” استغنيت بك عنك.”

 الحبيبة في هذا المشهد مخلوق آخر صنعه الشاعر المحب، لكي يتغنى بجماله ويتعذب من فراقه ويعبرعن شوقه. أما جميل بثينة، فقد حولها إلى سر وجوده وتوأم روحه فكانت بثينة في شعر جميل، مصدر إلهام مستمر طالما أنه لم يرها ولم يلمسها ؛وفى إحدى حواراتى على راديو “الغزال ” بمارسليا مع الإذاعي اللامع “وناس الطالبى” سألنى :هل تستلهم أشعارك من محبوبتك؟فكانت الإجابة بنعم..ولكن الزواج يقتل “الحب”!!

والواقع أن الحبيب في الحب العذري هو صورة لذات المحب أكثر مما هو شخص الحبيب الذي أطلق شرارة هذه المشاعر، الحبيبة كانت مجرد مادة لصناعة الصورة، وقماشة رسمت عليها اللوحة، وذلك لأن المرأة التي يريدها أي رجل ليست موجودة في امرأة واحدة، وكذلك الرجل الذي تريده أي إمرأة، وإن كانت المرأة أميل للإخلاص لرجل واحد وأشد تغافلا عن عيوب الحبيب، لأن جهازها الإحساسي أرق، وجرحها من نهايات الحب أعمق، فضلا عن أنها مفطورة على منح الحب.

 المهم أن الفنان أو الشاعر العذري لا يجد ضالته إلا في المرأة التي تشبع شغفه للحب المطلوب في هذه الحالة لذاته لا لغيره يعني حب من أجل الحب لا من أجل الحبيب، ولذلك يصل بنا التحليل إلى أن الحب العذري على سمعته الحميدة بين الناس لما له من الفضل على الأدب والشعر وترهيف الأحاسيس، هو في الحقيقة نوع من النرجسية والوله بالذات التي ترفض ما تقدمه لها الحياة من علاقات طبيعية واقعية فيها النقص والكمال، وفيها العيب والجمال، وفيها الألم والسعادة.. فتنسج _نفس الشاعر_ من خيالها حبا وتجعل من حبيبها مادة لهذا الحب بصورته المثالية التي لا يشوبها أي نقص، وينتهي بها المطاف تعلقا بالخيال والمثال قد يكدره التعرف على الحبيبة التي تنال.

لقد أثر هذا الحب بما حظي به من ترويج في الأدب والقصص والأساطير والسينما والتلفزيون والمسرح، على الذوق العاطفي للمحبين، وجعل الرجل الذي يطلب الحب يلهث وراء صورة فارس الأحلام، والمرأة تلهث وراء صورة الحورية، أصبحت العلاقة متطلبة أكثر من اللازم مرهونة بطقوس رومانسية لا تكتفي بالوردة بل تبحث عن ألوان الإثارة، واختلط الحب الرومانسي بنزعة الاستهلاك ومستويات الشبق الجنسي بحثا عن صورة مثالية هي في الحقيقة من نسج الخيال.

ولأن هذا الحب بالذات يموت بعد الزواج، شاع أن الزواج نهاية الحب وكأنه النسخة الوحيدة والصيغة الفريدة للحب، فالمخلصون للحب الرومانسي يؤخرون الزواج أو لا يتزوجون أصلا إذا أمكنهم ذلك، والبعض أصبح يصرح بعد الخبرة أن الحياة الجميلة تعاش قبل الزواج فمن الأفضل تأخير هذا الهم.

 المسألة هنا أوسع من الإخلاص للحب الرومانسي، بل هي خلط عجيب بينه وبين الحب الجنسي والحب الإستهلاكي، ولأن سمعة الحب الرومانسي أفضل، تختبيء أشكال الحب الأخرى خلفه.

إلى هنا نصل إلى أن “الحب الواقعي” الذي أعتبره حلا لمشكلات العلاقات بين الرجال والنساء على مافي هذه الكلمة من تناقض ظاهري، فالحب في الأذهان يناقض الواقع ويتمرد عليه، ولكنه في العلم صورة من صوره ومشهد من مشاهده… هذا الحب بالذات لاهو اتصال إلى درجة الإستحواذ ولا انفصال إلى درجة النرجسية الرومانسية ، إنه اتصال مع فسحة من الحرية وانفصال مع جذبة تشد المحب إلى حبيبه طلبا للوصال.

فى النهاية بقى أن أقول ..ما اعنيه من سلسلة مقالاتى تلك هو أن ظاهرة ” عسل الحب المر”؛خلقناها بأيدينا وهى تشبه نوع من أنواع الحب وهو “الحب الاستحواذي “..  شكل مرضي من أشكال التعلق، وغيرة شرسة، ووساوس، ونوع من السلطة تمارس على الحبيب كي لا يبتعد ولا ينشغل ولا يغيب، فإذا غاب رن الهاتف وإذا حضر حوصر بالذراعين، وفى السياسة “الميديا ووسائل الاتصال ” لا تنقطع .. حب يكتم الأنفاس ويحول المحبوب إلى شيء مملوك بالكامل.

والواقع أن هذا الحب المرضى يخفي قلقا عميقا من الانفصال، وضعفا شديدا للثقة بالنفس، ويؤدي في نهاية المطاف بحسب قوة شخصية المحبوب السجين، إما إلى الهروب والإنعتاق الفعلي أو إلى نوع من الرياء والمداراة على حساب المشاعر الحقيقية..اعتقد كلامى مفهوم!! انتهى

أحزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : ظاهرة عسل الحب المر (2/3)

نستكمل معكم الكتابة عن ظاهرة ” عسل الحب المر” فقهر الإنفصال بين المحب والآخر ظهر كما كتبنا فى المقال الماضى بإنفصال “آدم عن حواء” وانفصال “الطفل عن أمه” فيما يعرف بـ”الفطام.

 وهناك نوع من سرقة الحب، نعرفه في المراهقين والشباب ورجال السياسة وكل منحى من ماحى الحياة، فعندما تكثر حركات الشخص أو يكثر من ادعاء “الهم”؛بمعنى أن يأتى ويدعى “القرف والهم والغم “ويفعل ذلك أمام محبوبته  استجلابا للاهتمام من شخص آخر واقع في حب آخر أو أخرى، ثم إذا نجحت اللعبة يتركز الاهتمام على هذا السارق للحب حتى تقع الفريسة في المصيدة..!!

   والمقصود بالسرقة هنا نقل المشاعر من شخص إلى آخر بالحيلة مع خبث الوسيلة والنية، لا بقصد تبادل المشاعر بل بقصد المنفعة المادية البحتة، الحب المدعى هنا بحد ذاته وسيلة لغاية مادية بحتة.

فالحب كما بينه فروم “قدرة” فيوجد من هم قادرون على الحب أقوياء منفتحون على التوحد، ويوجد من هم عاجزون، والعاجزون كما بين أكرم زيدان، يعوضون عجزهم بالتعامل مع الحب كسلعة تشترى وتباع وتسرق بالمال… الصورة التي يقدمها إريك فروم أقرب إلى المحبة منها إلى الحب، بمعنى الحب التوحيدي الجامع الذي يصل البشر ببعضهم البعض ويحل مشكلة القلق الوجودي عندهم ويفسر معنى الحياة، وهذا النوع من الحب نخبوي إلى حد بعيد مرتبط بأمثال فروم من الحكماء والعلماء الإنسانيين، وقد خبرناه مع الأنبياء والمصلحين كطاقة جبارة في حنانها، تصل المنفصل وتجمع المتشتت، وتبلسم الجراحات النفسية، هذا المستوى من الحب مرتبط إلى حد بعيد بالوعي العميق وبالقدرة عليه، إنه طاقة منهمرة من الأقوياء بالروح رحمة لبني البشر.

 ولذلك أفضل أن أضع قدمي على الأرض، وأنا أبحث عن شكل من أشكال الحب الواقعي الذي يصلح غذاء لأمراض العصر في علاقات المرأة والرجل بالدرجة الأولى، فقد لا حظنا أن الحب السوي هو الوقاية من التفكك الأسري والعلاج لأمراض التربية وانحرافاتها ومن هنا أقول:  في الحب الواقعي يسير الاتصال مع الانفصال بشكل تكاملي بدل أن يكون الاتصال ضدا ونقيضا للانفصال، ما المقصود بهذا المعنى؟. لن يتضح المعنى إلا باستعراض نماذج شائعة من الحب فيها إسراف في الاتصال أو إسراف في الانفصال

فيوجد الحب الاستحواذي ..  شكل مرضي من أشكال التعلق، وغيرة شرسة، ووساوس، ونوع من السلطة تمارس على الحبيب كي لا يبتعد ولا ينشغل ولا يغيب، فإذا غاب رن الهاتف وإذا حضر حوصر بالذراعين، وفى السياسة “الميديا ووسائل الإتصال ” لا تنقطع .. حب يكتم الأنفاس ويحول المحبوب إلى شيء مملوك بالكامل،

والواقع أن هذا الحب المرضى يخفي قلقا عميقا من الانفصال، وضعفا شديدا للثقة بالنفس، ويؤدي في نهاية المطاف بحسب قوة شخصية المحبوب السجين، إما إلى الهروب والإنعتاق الفعلي أو إلى نوع من الرياء والمداراة على حساب المشاعر الحقيقية..اعتقد كلامى مفهوم .

 فعندما ينقطع الأوكسجين عن مشاعر المحبوب تختنق هذه المشاعر وتموت وتستبدل بنفور علني أو بطلاق نفسي، وهكذا يتحول التوق المرضي إلى امتلاك الحبيب إلى مأساة. يحدث هذا الأمر بشكل درامي عندما يكون أحد الشخصين مازوخيا، لايجد لنفسه وجودا بدون الآخر ويصل أحيانا إلى حد التلذذ بالعذاب الذي يلاقيه من حبيبه.

وهذه المازوخية قد تلتقي بنزعة سادية لدى الآخر فنكون أمام مشهد جنوني يرتبط فيه الحب بفن التعذيب إذا تذكرنا أن السادي يتلذذ بتعذيب الآخرين. هذا من الناحية النفسية.

 ومن الناحية الفكرية لا يعدو هذا الحب أن يكون شكلا من أشكال الخلط المفهومي بين الحب التبادلي والتملك، فالحب التبادلي هو من الأساس ميل واختيار وتكامل وشوق وطلب.. وأيضا حرية يعني أن المحب يشعر بان ذاته تطلب الآخر بدوافع متحررة من القمع والدفع والإكراه، وإذا تحول الحب إلى واجب وفرض فإنه ينتهي حبرا على ورق.

وللحديث بقية

احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : ظاهرة عسل الحب المر (1/3)

منذ نيف من الشهور لم اكتب مقالاً واحداً ؛واكتفيت بعملى المهنى كمحرر أخبار أو محقق صحفي أو محاور ،ولكن سألنى متابعى جريدتنا وموقعنا الغراء “الزمان المصرى” عن السبب فى عدم كتابة مقالات ؟!

فكان ردى أن المناخ فى بلاط صاحبة الجلالة لا يسمح  بالإبداع !!فكان الأدب وخاصة الشعر النثرى بديلاً.

وأمام إصرارهم على مواصلة الكتابة والعدول عن قرارى ؛آثرت العودة مرة أخرى ..وكم أنا سعيد بأن هناك من يتابع كتاباتى “سواء المتفق والمختلف معى” ؛فقمة سرور الكاتب أن يحظى باهتمام قرائه .

واليوم اكتب عن ظاهرة جديدة أراها رأى العين ؛ولا أجد تفسيراً لها ؛وكلما اجتهدت فى تفسيرها أجد نفسى أمام تفسير خاطىء ؛وعندما عرضتها على صديقى الدكتور صلاح هارون أستاذ علم نفسى ؛ففسرها حسب رؤية علم النفس ؛ولكنى لم أقتنع بتفسيرها ..والظاهرة هى “عسل الحب المر..!!”

  ربما تستعجب من تلك الجملة المتناقضة “عسل الحب المر” ؛ولكنها كما كتبت ىنفاً موجودة بالفعل ؛ولنعود إلى “الحب” نفسه ، فعندما نسمعها يذهب بينا إلى “الحب بين فتى وفتاة” او انسان وآخر” وفى كلتا الحالتين أعنيهما ؛ولكن ما يعنينى اكثر “الثانية” “الحب بين انسان وآخر” .

    فما إن نطلق كلمة “حب ” حتى يرتجف القلب ويستقيل العقل، وينسحب العلمي والواقعي لمصلحة الخيالي والرومانسي، مما يصعب المعالجة الهادئة لهذه العاطفة الجياشة التي تسقي جفاف حياتنا رشحا، وتزرع دروبنا وردا، وتشبع جوعنا للتوحد مع الآخر وفيه.

        ومن جهة أخرى لا يجوز أن يترك الحب في صحراء الثقافة الاستهلاكية  تنهش من جوهره ومعانيه أحلى ما يميزه عن غيره من المشاعر والأحاسيس الوجودية، إلى درجة جعلت منه مسوقا أساسيا للسلع والمنتجات، ودلال السوق الذي يستدرجنا للشراء أكثر مما يدعونا للعطاء..وكما فى السوق كذلك فى السياسة “كرنفالات” بدعوى الحب تستدرجنا للشراء ولا تدعونا للعطاء ..باختصار ..شغل انتهازية وركوب الموجة!!

ولكن السمة الأساسية لهذا الشعور الجميل هي التمرد، فهو رقيق بقدر ما هو متوحش، وعصي على السجان مهما كان صاحب سطوة، والواقع أنه حير العلم وتجاوز الفلسفة بعدما أنهك الأدب، ولذلك يشعر الباحث الجاد بشيء من المهابة وهو يخوض غمار البحث العقلي في مسألة تأخذ بشغاف القلب وتقاوم الحياد والموضوعية والبرودة العلمية،  ولم أجد حلا لهذه المشكلة إلا المقاربات المتعددة الجوانب التي تحاول الإحاطة بالمحيط، والإبحار مع رغبة دفينة في أن تنكسر السفينة.

وهنا يحضرنى الحديث القدسي الذي تتجلى فيه ذات الباري تعالى حبا مطلقا ومحبة مطلقة يقول تعالى:” أنا عند المنكسرة قلوبهم.”..واعتقد أن سلفنا الصالح اكدوا ذلك بمثل وهو :”ربك عند المنكسرين جابر”.وكلنا منكسرين والله!!

واستحضر “هرم ماسلو” الشهير فى علم النفس  الذي يرتب الحاجات الإنسانية، فيأتي الحب في المرتبة الثانية بعد الحاجات الفيسولوجية، فهي بالترتيب من القاعدة إلى القمة:-

–       الحاجة إلى الغذاء والكساء والسكن.

–       الحاجة إلى الانتماء والحب.

–       الحاجة إلى الاحترام والتقدير.

  • الحاجة إلى تحقيق الذات.

وإذا كان “هرم ماسلو” أورد ذلك فالمولى سبحانه وتعالى أورده من قبله بآلاف السنون  فقال تعالى “الذى أطعمهم من جوع ومنهم من خوف” ،فالحاجة للمأكل والمشرب والمسكن والأمن ” فى المرتبة الأولى ،والحاجة إلى الحب والانتماء تأتى فى المرتبة الثانية .

ويظهر الحب عند العالم الكبير إريك فروم في كتابه “فن الحب”، الكتاب يبدأ بالحديث عن انفصال آدم وحواء عن الجنة، ثم بانفصال الولد عن أمه التي يراها رمزا لأنهار اللبن والعسل، ويتساءل فروم لماذا العسل مع اللبن؟، ويجيب أن اللبن للغذاء أما العسل فهو النظرة الإيجابية للحياة والسعادة، أو ما يمكن أن نسميه فلسفيا بفرح الوجود، وهكذا يصبح الحب عند فروم بحثا عن اتصال بعد انفصال، والجواب الصحيح عن مشكلة الوجود البشري لو أننا فهمناه بطريقة صحيحة باعتباره اهتماما بحياة الآخرين وشعورا بأننا جزء من كل، وأن نشترك في العمل من أجل سعادة البشرية…

ويضيف أكرم زيدان في كتابه “سيكولوجية المال” ملخصا نظرية فروم… وما كانت الأمراض النفسية والعقلية والسرقة والرشوة والاختلاس والانحراف والجناح والانتحار والدعارة والإدمان وغير ذلك من الأمراض النفسية والاجتماعية إلا لأنها جميعا مظاهر متنوعة لعجز الإنسان عن الحب وعدم القدرة على تحقيق أي نوع من التآزر بين الفرد والآخرين، الذي أدى في نهاية المطاف إلى الإحساس بالقلق والغربة والضياع والعبث.

 فالحب هو الذي يحررنا من فرديتنا وهوالذي يشبع ما في نفوسنا من حاجة إلى تحطيم الوحدة والانفصال، والحب في صميمه عطاء لا أخذ، وفعل لا انفعال، ولا يملك سوى أن يفيض ويمنح ويهب، لكن عبثا يحاول العاجزون عن الحب أن يحصلوا عليه بأي ثمن.

 فاعتقدوا أنه سلعة تباع وتشترى وتسرق، فكثيرا ما يحاول العاجزون عن الحب، الفاشلون في إقامة علاقات إيجابية مع الآخرين أن يشتروا الحب بالمال، ويبدو ذلك في البغاء والصدقة والتدليل الزائد للأطفال، والعلاقة بين الجنسين، وعلاقة الزوج والزوجة.

   وحتى في السياسة والانتخابات. أما بائع الحب فهو الذي يعد بالإخلاص وتحمل المسؤوليات كافة مقابل المال، وأما سارق الحب فهو يسرق أشياء لها قيمة رمزية عنده ليعوض فقدانه للحب.

وللحديث بقية