{  قراءةٌ في مقال د.عمر خلوف ” فاعلن فعولن }..بقلم/ أ.د. أحلام الحسن

كما هو المعروف أنّ دائرة المتفق تحتوي على بحر المتدارك  القائم على تفعيلته الخماسية فاعلن مكرر 4×2 .. وعلى بحر المتقارب فعولن مكرر 4×2 .

وكما ذكره مدحت الجيار أعلاه حول( فاعلن فعو .. فاعلن فعولن ) فلا خلاف في ذلك وهو عين الصواب ، ولا يستبعد أن يكون العقاد رحمه الله قد استحدثه ، ونرى فيه عملية التأخير والتقديم للوتدين والسّببين جليّةً ، والذي يؤكد أنهما من دائرة المتفق الخليلية .

أمّا قولكم :

(( والمتأمّلُ في هذا الوزنِ، يُمكنُ أن يَردَّهُ بسهولةٍ إلى المُشتقّات المستحدَثةِ من وزنِ (المقتَضَب) [1]:

فاعلاتُ مفعولن

فاعلاتُ مفعولْ

فاعلاتُ فعْلن

فاعلاتُ فاعْ

فاعلاتُ فعْ ))

[1]= أقول ففي هذا القول إعادة نظر ، ولو رجعنا إلى بحر المقتضب وفق دائرته العروضية نجده كما يلي :

مفعولاتُ مستفعلن مغعولاتُ مستفعلن

ولا يأتي إلّا مجزوءًا : مفعولاتُ مستفعلن

ولا يأتي المجزوء إلّا مطويًّا وجوبًا بحذف الرابع الساكن:  فاعلاتُ مستعلن أو مفْعلاتُ مفْتعلن ” والأدق مستعلن” .

أ : /٥//٥/.. /٥///٥

والحروف الساكنة فيه هي :

الثاني والخامس والثامن و الحرف اﻷخير .

أما المراقبة بين الطي والخبن في مفعولاتُ فهي واردة ،ففي حالة الطّي نجدها ” فاعلاتُ ” وفي حالة الخبن نجدها ” معولاتُ ” وهي قليلة الاستعمال ونادرة ،وعليه تكون كالتالي :

 معولاتُ مستعلن × 2

 والحروف الساكنة في الشطر الواحد كالتالي:

ب. //٥/٥/ .. /٥///٥

الثالث والخامس والسابع واﻷخير، ولا ينقص بحر المقتضب ولا يزيد عن إثنى عشر حرفًا في الشطر الواحد ، وهذا يثبت ما ذهب إليه مدحت الجيار بخصوص ( فاعلن فعولن ) حيث لا تزيد حروفهما عن عشرة حروفٍ بالشطر الواحد ممّا يُستعبد نهائيًا كونها من بحر المقتضب أو مشتقاته ” على حدّ القول أعلاه ” للأسباب الآتية :

أولًا – بحر المقتضب لا يأتي إلّا مجزوءًا ومطويًا والذوق السليم لا يقبل تجزئة المجزوء مرةً أخرى خاصةً بحر المقتضب .

ثانيا –  لا تزيد حروف بحر المقتضبِ ولا تنقص عن أربعة وعشرين حرفا في البيت الواحد ،بمعدل أربعة حروفٍ ساكنةٍ في كلّ شطرٍ أي ثمانية حروفٍ ساكنةٍ بالبيت الواحد لبحر المقتضب .

ثالثا – يبلغ عدد حروف تفعيلتي فاعلن فعولن عشرة حروفٍ فقط للشطر الواحد بمعدل أربعة حروفٍ ساكنةٍ للشطر الواحد فاعلن فعولن /٥//٥ .. //٥/٥

الثاني والخامس والأخير العاشر ..

 فأين هي من فاعلاتُ مستعلن ؟!!  /٥//٥/  /٥///٥ .

( فاعلاتُ مفعولن

فاعلاتُ مفعولْ

فاعلاتُ فعْلن )

أمّا هذه التركيبات وما تلتها لا يمكن حسابها على بحر المقتضب وليس للمقتضب النهائي المجزوء مجزوءات أخر، فهي تركيباتٌ غريبة ولو قطّعناها فسوف نجد فروقاتٍ عديدةٍ أهمها عدد الحروف وسواكنها حيث جاء في هذه التركيبات سكون الحرف العاشر منها وهذا مالا أساس له في بحر المقتضب .!!

نعم تساوت فاعلات فعْلن مع فاعلن فعولن في عدد حروف التفعيلتين وسواكنها لكنهما لا تتساويان مطلقًا مع بحر المقتضب لا بعدد الحروف ولا بموضع الحروف الساكنة في تفعيلته الثانية .

أمّا مصطلح ( مشتقات بحر المقتضب ) الوارد ذكره بالمقال أعلاه فهو مصطلحٌ أرى أنّ الصواب قد جانبه ، فلا يمكن أن نطلق هذا المصطلح عليها للأسباب الآتية:

١- لم يرد هذا المصطلح لدى الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله، فلكلّ بحرٍ جوازاته وأعاريضه وأضربه وكلّها قد تمّ ذكرها في العروض الخليلية ، وفي الحقيقة لو أردنا اطلاق مصطلح مشتقات البحر فلا يجوز اطلاقه إلّا على اﻷعاريض واﻷضرب والجوازات الوارد ذكرها في كلّ بحر، فما وافق أحد أعاريضه وأضربه كان من مشتقاته، وما خالفه فليس من مشتقاته .

٢- إنّ اعتبار ما ورد أعلاه  مصطلح ” مشتقات البحر ” يضيق الخناق على عدد أوزان البحور الخليلية العشرة وقد يصل بها إلى أقلّ عدد!!

ووفق هذا المصطلح ستردّ كلّ تفعيلةٍ أساسيةٍ إلى دائرتها !

وتُحصر اﻷوزان العشرة في خمسة أوزانٍ ، لكلّ دائرةٍ وزنٌ واحد تشتقّ منه بقية أوزان الدائرة !!

= فمن رأي المتواضع استبعاد مصطلح ” مشتقات البحر ” تمامًا عن كلّ مستحدثٍ، ماعدا ما ورد في أعاريض وأضرب كلّ بحرٍ وليس غير ذلك .

أمّا المشتقات التي ذُكرت أعلاه كامثلةٍ لهذه المشتقات لا يخفى على المتأمل فيها أنّ كلّ شطرٍ فيها يتكوّن من  عشرة حروفٍ، ممّا يبعدها تمامًا عن بحر المقتضب، وبعضها يتكوّن من اثني عشر حرفٍ تساوت في عدد الحروف بالشطر الواحد ،واختلفت بالوزن في تفعيلتها الثانية.

وممّا تمّ الاستدلال عليه في المقال أعلاه حول ما يُسمّى ب ” مشتقات بحر المقتضب هذه الفقرة أدناه، والتي سأتناولها ببعض الإيضاح :

( يقول أبو بكر بن رحيم:

مَنْ صَبا كما أصْبو

فهْوَ للصِّبا نَهْبُ

فاعلمْ أيّـها القلْبُ)

يلاحظ المتأمّلُ في الشطر اﻷول والثاني سكون الحرف العاشر ، وهذا مالم يرد في البحر المقتضب فهي حالةٌ شاذةٌ عنه، وانحرافٌ عن قاعدة بحر المقتضب .

فاعلمْ أيّها القلبُ

 أمّا هذا الشطر نراه يطير خارج سربه فتفعيلاته هي :

فعْلن – فاعلن – فعْلن .. فهو على وزن مجزوء المتدارك فأين هو من بحر الممقتضب أو مشتقاته يا استاذ عمر !!!؟

ويقول ابن عربي:

ما أرى مُحِبّاً**في هوى مُحِبِّ

إنّما هَواهُ ** أنْ يكونَ حِبّي

في هوى حبيبي**قد قضَيْتُ نَحْبي

بينما نرى الأبيات أعلاه تأتي على وزن فاعلن فعولن وكما جاء بها العقاد فهي خليطٌ من دائرة المتفق المتدارك والمتقارب في كلّ شطرٍ تفعيلتين خماسيتين

ولو أردنا لها تقطيعًا مختلفًا ستكون :

فاعلاتُ فعْلن

ولا يعني ورود تفعيلةٍ واحدةٍ من بحرٍ ما إثبات نسبته إليه مالم تكتمل صورة أحد جوازات أعاريضه وأضربه .

أمّا الاستدلال الثاني الوارد بالمقال أعلاه :

قول الكاتب : ( وجمع عبادة المرّي، وغيره، بينه وبينَ الأصل، هكذا:

مفعولاتُ فعْلن**مفعولاتُ مفعولن

هاتِها شَمولا ** في حدائِقٍ زُهْرِ

جَرّرَتْ ذيولا ** كلّ يانِعٍ نَضْرِ. )

= ولا أعتقد ورودها على الوزن أعلاه مفعولاتُ فعْلن .. مفعولاتُ مفعولن ، بل على الوزن الآتي :

هاتها شمولا : فاعلن فعولن أو فاعلاتُ فعْلن .

في حدائقٍ زهْرِ : فاعلن فعولاتن .. أو فاعلن مفاعيلن أو فاعلاتُ مفْعولن  .” علمًا بأنّ “حدائقٍ ” ممنوعةٌ من الصّرف “

جرّرتْ ذيولًا : فاعلن فعولن أو فاعلاتُ فعْلن.

كلّ يانعٍ نضْرِ : فاعلاتُ مفعولن .. أو فاعلن فعولاتن

ولا يخفى تسكين الحرف العاشر بالأبيات وهو مغايرٌ لبحر المقتضب

 المتحرك الحرف العاشر .

= أستاذي الكريم

أرى من اﻷفضل استغلال الوقت والعلم فيما ينفع المجتمع بالاستدلال بالقصائد الموزونة المعتبرة، وليس بالقصائد الهشة الركيكة اللغة، والمكسورة الوزن، وهذه هي قصيدة أبو بكر بن رحيم :

من صبا كما أصبو … فهو للصبا نهب وأعلم أيها القلب

لو أذابك الحزن ما حييت لا أسلو … أقض في الهوى عزمك لا يضرك العذل

وسباهم الحسن برحوا به قبل … أنني أرى كتمك للهوى هو الذّل

قل لكوكب الحسن … منتهى المُنى مَنّي بالوصال أو مُنّي

فمتى ترى تحنو وطباعك المطل … فهبني ولو حُلمك لا يكن به بخل

يا شقيقة القمر … أرفقي ولا تذري مهلا هكذا خبري

فالمعاطف اللّدن واللواحظ النجل … موت مغرم أملّك وحياته الوصل

ربّ غادة هويت … فدشت وقد شقيت بالذي به بليت

الأسيمر أذن الخلّ مرقلو … يا طوبى لمن ضمًَّك قد نال المنى كلو

= أناشد جميع اﻷخوة العروضين الإجابة على هذا السؤال :

إلى أيّ بحرٍ تنتمي تلك القصيدة ؟!!

وعلينا أن ندركَ جيدًا أنّ ليس كلّ قديمٍ أصاب الجودة ، وليس كلّ جديدٍ جانبه الصواب.

ا======================================

فاعلن_فعولن

وزنٌ_جديد أم: ضَربٌ_جديد

بقلم/ د.عمر خلوف

قد يجدُ الناظرُ لهذا الوزن: (فاعلن فعولن) أنه أمامَ وزنٍ جديدٍ، لم يذكرهُ أحد، ولا كُتِبَ عليه شعرٌ عربيٌّ بعد، مشتَقٌّ من دائرة (المتّفِق) الخامسة، التي تضمّ تفعيلتي (المتقارِب) و(المتدارَك) معاً.

وربّما سارَعَ أحدُهم -بتأثير نشوةِ الاكتشاف- إلى الإعلانِ عنه، والسَّبْقِ إليه، وخَلْعِ اسمهِ عليه، باعتبارهِ بحراً جديداً، يحملُ في ذاتِهِ إيقاعاً سَلِساً، جميلاً.

ولو عَرَضَهُ موسيقيٌّ على سُلّم الموسيقى، لأفتَى بأنه لحنٌ (عُشاريّ)، يُمكنُ تنصيفُه إلى إيقاعٍ (خُماسيٍّ) مُتَناظر: (سبب وتد : وتد سبب)، وقد يكونُ له ما يُقابله عنده من المسمّيات اللحنية والموسيقيّة.

ولقد قلنا سابقاً:

إنّنا في قضيةِ نسبةِ المستجدّاتِ إلى أوزانها، ننظرُ أولاً إلى ما يمكن أنْ يُشتَقَّ هذا الوزنُ منه، مُوافِقاً لهُ في بِداياته، ومُتَنامِياً معَهُ حتى نهاياتِه، حرفاً بحرف، ومقطَعاً بمقطع، فإنْ وافقَ وزناً معروفاً نسبناهُ إليه، قبل الحكمِ عليه بالجِدَّةِ الكُلّيّة.

وكانَ (مدحت الجيار) في دراسته العروضية لشعر العقاد قد قال: “بحرٌ لم نستطعْ تصنيفه. ووزنه: (فاعلن فعو**فاعلن فعولن)”، “يجمع بين بحري (المتدارك والمتقارب)”، “ولهذا فهو خليطٌ من تفعيلاتهما”!

***

والمتأمّلُ في هذا الوزنِ، يُمكنُ أن يَردَّهُ بسهولةٍ إلى المُشتقّات المستحدَثةِ من وزنِ (المقتَضَب):

فاعلاتُ مفعولن

فاعلاتُ مفعولْ

فاعلاتُ فعْلن

فاعلاتُ فاعْ

فاعلاتُ فعْ

وواضح تماماً أنّ (فاعلاتُ فعْلن) هو ذات (فاعلن فعولن).

والأصلُ فيها جميعها هو: (مفعولاتُ)، ولكن يندرُ أن تردَ (مفعولاتُ) على أصلها في المقتضب التام ومشتقاته.

***

وقد توصّلَ إلى استحداثِ هذه المشتقات عددٌ من الشعراء، فكتبوا عليهِ مقفّى على شطر واحد، أو على شطرين متناظرين.

فعلى الوزن: (فاعلاتُ مفعولن)، يقول أبو بكر بن رحيم:

مَنْ صَبا كما أصْبو

فهْوَ للصِّبا نَهْبُ

فاعلمْ أيّـها القلْبُ

وعلى الوزن: (فاعلاتُ مفعولْ)، يقول ابن مشرف:

مِنْ نَداكَ إيقاظْ

واللّسانُ لَمّاظْ

والسّهامُ ألْحاظْ

وعلى الوزن (فاعلاتُ فعْلن) أو: (فاعلن فعولن)، يقول ابن خاتمة:

أدِرِ الكُؤوسا

واجْلُها شموسا

يا لَها عَروسا

تُبهِجُ النفوسا

ويقول ابن عربي:

ما أرى مُحِبّاً**في هوى مُحِبِّ

إنّما هَواهُ ** أنْ يكونَ حِبّي

في هوى حبيبي**قد قضَيْتُ نَحْبي

وجمع عبادة المرّي، وغيره، بينه وبينَ الأصل، هكذا:

مفعولاتُ فعْلن**مفعولاتُ مفعولن

هاتِها شَمولا ** في حدائِقٍ زُهْرِ

جَرّرَتْ ذيولا ** كلّ يانِعٍ نَضْرِ

وغيره كثير.

هذا والله تعالى أعلم

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.