من أجل إبعاد العفاريت ..قصة قصيرة ..بقلم : الأديب / حسين عبد العزيز

كنا نحن  الأخوة والأحفاد نجلس حول الحاج بعد فطار كل يوم قبل أن نتسرب من حوله كل واحد إلى عالمه . لكن اليوم  اجده  ينظر إلينا وعلى وجهه ابتسامة عريضة  . فقد فرعنا من  تناول فطار سابع يوم من رمضان،  وكل واحد منا الآباء أو الأبناء لديه برنامج للسهره  مثل كل ليلة . كيف نتصرف والحاج فى مكانه يجلس وينظر أن يأتي كوب الشاى الذى يحب شربه رغم أنه يحذر الأحفاد من شربه لأنه بينشف الدم ، كل هذا وكل واحد منا مشغول  بعالمه الذى يريد أن يذهب إليه ، لكن كيف ويضع سناريوهات للقاء الاصدقاء وسهر حتى قدوم المسحراتية.

 هذا السؤال الذى يدور فى عقولنا جميعا ، فجأة ظهر الطفل يزن ابن اخى حسان نظر إليه الجد وطلبه  ، فتقدم منه الفتى و هو يحس بالقلق ، وقف أمامه مباشرا ، فأشار له أن ينحنى فنحنى الفتى فرفع الشيخ يده وامس بإذنه وقال له منبها له ولنا جميعا

_ اخر مره لا تفطر معنا ياابنى فطار رمضان العائلى لا يقدر بثمن ولا يعوض . وحافظ على تلك العادة ، ولا تجعلوها تنقطع فالواحد منا يعرف بعادته .ورمضان ما هو إلا عادات وتقاليد .

فجأة صمت الأب عن الكلام وأخذ يشرب فى كوب الشاى الذى قدمه له اخى سعيد

اخذنا ننظر إلى بعضنا البعض وقدم مات داخلنا جميعا فكره الانصراف إلى عوالمنا الخاصة .

وفجأة   انتبهنا إلى قول الحاج

_ إن صيام آدم وحواء كان بالأمتناع عن الأكل  من شجرة معينة حددها ( الله سبحانه ) ولا يجوز تغيرها الى اخرى   لأن الأمر من الله سبحانه وتعالى    .. ولما ضعف آدم وأكل من الشجرة ، فشعر  بالندم  والغضب من نفسه لما قام به .

وما قام به

 بسيط فى ظاهره لكنه خطير فى معناه..وقد كان الندم عظيما الذى شعر به آدم

والندم  هذا هو نفس الشعور الذى يشعر به المفطر فى رمضان وخصوصا الصغار ، فجدتى  ياولاد “ست الستات” كانت تطلب منى وانا صغير لم اتعدى السادسه أن افطر الظهر وخصوصا فى أيام الحر ،والحر فى تلك الأيام كان يأتى فى ايام مواسم الحصاد وخصوصا حصاد القمح . لأنه لا يتم حصاد القمح إلا فى الحر ،وهنا تحدث الإشكالية .. الحر لا مفر منه والصوم شىء بطولى لطفل صغير مثلى يعمل فى حصاد  القمح ودراسه وهو عمل شاق جدا من جربه منكم يمكن أن يحكيه لأولاده وأحفاده حتى يتخيلوا مدى التعب الذى كنا نجده فى الصيام وفى الحياة عموما .

لكنه تعب يوجد السعاده كما الفلوس الذى يتحصل عليه الواحد منا بعد كل عمل شاق .

إن العمُر يمر بكل ما به والذكى  هو من يتفاعل مع أيامه ، مثل الطالب الذى يتعب فى المذكره لأنها أيام معدوده كما الصيام . والنجاح والتفوق بعد تعب المذاكره مثل الذى يمارس حياته وعمله دون  هواده .. كما  الصيام وتعبه .

 كذلك كان العمل فى الغيط ونحن صغار  لا يمكن الفرار منه ، وإن حاول أحدنا أن يهرب “هيروح فين والليل آتى ”   والأب موجد ونحن نلتف حوله من أجل الفطار وأيضا من أجل سمع الراديو  ومسلسلاته الجميله وخصوصا بتاع شهريار .

هنا وجدتنى أقول

_ مسلسل الف ليلة وليلة  ياحاج

 فنظر إلى بطرف عينه معقبا بتلك النظره ، ففهمت المعنى والهدف لكنى لم انفذ الهدف من تلك النظره الحادة

وأستمر الأب فى حكيه اللذيذ عن ثقافة رمضان التى كان يمارسها بإستمتاع حرمنا نحن منه ؟!

ويقول

_ فقد كنا  نندم عندما  كنا نسمع كلام الجده الذى كانت تقوله حيث تطلب منا فى الحر الشديد والتعب الذى لا بعده تعبا فتطلب منا رفقا  “بأن نشرب ونأكل ”  فنرفع القلة للشرب  ، وما ان تهبط اول قطرات من المياه حتى كنا نشعر بالندم ونترك القله بسرعة والطفل منا كان  يتمنى الموت فى تلك اللحظه لانه حرم من متعة الصيام إلى اذان المغرب ..

 واللعب ما قبل الأذان كان له متعه لا توصف أو تقدر ،  حيث كنا نحن الأصدقاء نجتمع بجوار الدار لنصنع مجسما من الطوب اللبنى ، وما ان نسمع الرجل يقول بصوته المميز والخارج من المذياع( مدفع الإفطار أضرب ) حتى يقذف كل واحد منا مجسمه بنصف قالب طوب فتقع المجسمات ، ونحن نجرى كل واحد الى داره .. ومن الجميل أننا كنا نفعل تلك المجسمات  بجوار بيت الحاجه فاطمة درويش  والمدفع فى أصله يحمل اسم مدفع فاطمة أو الحاجة فاطمة  كما هو مسجل فى التاريخ.

 .. واثناء الفطار كان يحلو سماع الرديو الفيلبس الخشب والمعلق على الجدار ونسمع برامج ومسلسلات نسعد بها إلى الان ، ونحن نترحم على تلك الايام .

وبعد الفطار يحلو اللعب والالعاب كثيرة واشهرها ( الاستغماية ) تلك اللعبة المشهور للغايه  ولعبه اسمها (بلتك) والعاب اخرى نسيتها والذاكرة لا تساعدني على تذكرها

وكانت متعتى الكبرى والتى الى الان لا اجد لها تفسيرا هو ان اسير وراء المسحراتية  ..وهم كانوا  مجموعة من الرجال والشباب  واقرانى من الصبيه تسير معهم حبا وفرحا ..وعندما يظهر  الشارع الجانبى الذى كان يوصلنى الى دارنا كنت اعرج اليه لكى أعود وانا انظر فى الارض خوفا من الخوف حيث حكايات العفاريت التى كنا مشبعين بها ..

واقف أمام شباك جدتى واطرق عليه طرقا خفيفا ،خوفا من أن يستيقظ ابى من نومه ..فتكون حكاية فى شكل مشكلة..

وترد جدتى بصوتها المميز وكلمتها الثابته ( حاضر يا حبيبى  ) وتفتح الباب لادخل كاللص ..تحسبا ان يكون  ابى مستيقظا ..فيحدث ما لا احبه ولا اتمنه..

ويأتى يوما جديدا ليحدث فيه ماحدث فى اليوم السابق ..

الا فى اخر يوم فى رمضان حيث أجد جدتى   تطلب منى  قبل مغرب اخر فى رمضان .. أن أصعد  إلى سطح الدار ومعى علبة صفيح وعصى لكى أطرق عليها طرقات مزعجة  حتى ابعد العفاريت عن دارنا  عندما يفتح لها ؟

لما الصيام..؟

والآن نعود إلى أول المقال لنرى ونعرف علة

شهر الصيام ..وهى الاتزام بما يطلبه منك  خالقك  ومن نبيك ومن حاكمك .. ومن امام مسجدك .. ومن مدرسك ..ومن ابيك ..

اقول هذا لأن  شيئا غاية فى الأهمية قد حدث عندما تحدثت أحدهم معنى عن توقف الحج ، بسبب كورونا ..فقلت له ماهى الغاية الكبرى من الحج…فاخذ يعدد الايات التى تدعو الى الحج ..فقلت له تلك لسيت غاية الحج ، ولما فشل ، قلت له ان الغاية من الحج والذى عباره عن ” فن التعامل مع الجبال والصخر ، وكل هذا من اجل يغسل المتكبر من تكبره ومريض النفس من مرضة النفسى عندما يفعل فعل البسيط والفقير ، فهنا يعلم ان الكل ولد ادم

اى الكل واحد . كما أن الإله واحد “

فيعود الى بيئته  وهو انسان ولد من جديد .انسان كله انسانية .

وما قيل عن الحج ،يقال الزكاة ،ويقال عن الصلاة ، ويقال عن الصيام ..

واقول قولى هذا وادعو الله لى ولكم .

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.